الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

نموذج من كتاب «غرائب شعبة» وكلام الزين واللحام.

نموذج من كتاب ((غرائب شعبة)) وكلام د. الزين واللحام.

بقلم: أبي صهيب خالد الحايك.

 

قال ابن المظفر: حدّثنا أبو بكرٍ: محمّدُ بنُ عبدِ الله بنِ يوسُفَ ابن أبي أيوبَ البصريُّ المهريُّ، قال: حدّثني عمّي أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: حدّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، قال: حدّثنا شعبةُ، عن فَرقدٍ السَّبخيِّ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، عن عبدِ اللهِ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((كلُّ معروفٍ صدقة، لغنيٍ كان أو فقيرٍ)).

قلت: أخرجه أبو نُعيم في ((الحلية)) (7/194) من طريق المصنف، ثم قال: "غريبٌ. تفرد به مسلم عن شعبة! ولا أعرف لشعبة عن فرقد غيره".

قلت: يرى أبا نُعيم أن هذا الحديث غريب من حديث شعبة، ولا يُعرف رواه عنه إلا مسلم بن إبراهيم، واستدل لغرابته بأن شعبة لا يُعرف أنه يروي عن فرقد السبخي، ولهذه الغرابة أورده ابن المظفر في كتابه هذا!

· علة الحديث، وتحريف اسم "صدقة" إلى "شعبة"!

ثمَّ وجدت –والحمد لله- أن الحديث رواه الشاشي في ((مسنده)) (1/348) عن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: أخبرنا صدقة بن موسى الدقيقي، قال: حدثنا فرقد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، عن النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، قال: ((كلّ معروف صدقة)).

وأخرجه أبو نُعيم في ((الحلية)) (3/49)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم، قال: حدثنا الحسن بن المثنى، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا صدقة بن موسى، عن فرقد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل معروف صدقة لغني كان أو فقير)).

قال أبو نُعيم: حدثنا أبو الحسن سهل بن عبدالله، قال: حدثنا الحسن بن عبد العزيز المجوز، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا صدقة بن موسى، قال: حدثنا فرقد، عن يزيد بن أبي المهزم، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((السواك سنة فاستاكوا أي النهار شئتم)).

قال أبو نُعيم: "غريب من حديث فرقد تفرد به وبالذي قبله عن فرقد صدقة بن موسى ويعرف بالدقيقي بصريّ مشهور".

وأخرجه ابن عَدي في ((الكامل)) (4/76) من طريق عبدالصمد بن عبدالوارث عن صدقة بن موسى عن فرقد به. ثم قال ابن عدي: "هذا الحديث عن فرقد لا أعلم رواه عنه غير صدقة بن موسى".

قلت: وبهذا يتبيّن أن الحديث هو حديث صدقة بن موسى عن فرقد، وقد سمعه مسلم ابن إبراهيم منه، فيحتمل أنه أخطأ فيه فمرة حدث به عن شعبة عن فرقد!! وصدقة بن موسى هذا ليس بشيء.

والذي أميل إليه أن الخطأ ليس من مسلم بن إبراهيم؛ لأنه حدث به على الصواب! وكأن اسم "صدقة" تحرف إلى "شعبة" على أبي بكر محمد بن عبدالله بن يوسف أو على عمّه أحمد بن يوسف، أو على ابن المظفر نفسه! وهذا أولى من نسبة الوهم إلى مسلم بن إبراهيم والقول بأنه تفرد به عن شعبة، والله تعالى أعلم وأحكم.

· كلام د. الزين واللحام على هذا الحديث!

قال الدكتور حمزة الزين في تعليقه على هذا الحديث: "إسناده حسن. وفرقد السبخي هو ابن يعقوب، يحتمل حديثه إذا توبع أو كان له شاهد، والحديث هذا له شواهد كثيرة، صحيحة وحسنة... والحديث أخرجه الطبراني من طريق أبي عوانة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن ابن مسعود. وهذا إسناد صحيح على كلام في عاصم... والبزار... من طريق صدقة بن موسى عن فرقد. وصدقة فيه ضعف كما قال الهيثمي. لكن الهيثمي أورد له شواهد عند أحمد عن عبدالله بن يزيد الخطمي، وقال: رجاله ثقات. وعند الطبراني من حديث أبي مسعود الأنصاري. وقال: رجاله رجال الصحيح...".

قلت:

1- نظر الدكتور إلى فرقد ولم يتنبه إلى أن هذا الحديث عن شعبة خطأ؛ فالعهدة ليست على فرقد.

2- اعتمد الدكتور في تحسينه على ما أورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) ولم تصح كل هذه الأحاديث التي ذكرها الهيثمي، والهيثمي لا يُعتمد كلامه على الأحاديث، فليحذر من ذلك!! فكتابه مجمع الغرائب والمناكير والأباطيل!!! وأصل الحديث مشهور صحيح رواه البخاريّ من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: ((كلّ معروف صدقة)). وعند ابن أبي شيبة (5/221) عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: "كل معروف صدقة".

3- ترجم الدكتور لرجال الإسناد ليدلل على حسنه، ولم أنقله لأن ذلك لا يعنينا! فما الفائدة في الترجمة لمسلم بن إبراهيم وعلقمة؟! وترجم لأحمد بن يوسف، وقال بأنه: "أحمد بن يوسف بن خالد السلمي الأزدي. وثقه مسلم والدارقطني. وحديثه عند مسلم كما في التهذيب".

قلت: أحمد بن يوسف الذي في إسناد الحديث ليس السلمي كما ذهب إليه الدكتور! فهو آخر من الطبقة نفسها، ولو كان هو هو، لوجب أن يكون اسمه: "أحمد بن يوسف بن أبي أيوب المهري" والذي خرّج له مسلم هو: "أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية الأزدي المهلبي أبو الحسن النيسابوري المعروف بحمدان السلمي"، وكلاهما روى عن مسلم بن إبراهيم، وكأن هذا هو الذي دعى الدكتور أن يقول بأن أحمد الوارد في الإسناد هو شيخ مسلم المعروف بحمدان، وليس كذلك! والله أعلم.

4- حديث الطبراني الذي أشار إليه الدكتور هو موقوف على ابن مسعود (المعجم الكبير 9/207) وإيراده له يوهم أنه مرفوع!

وأما اللحام فإنه أحال إلى أن الحديث سيأتي تخريجه برقم (126)! وهذه إحالة خاطئة فإن الحديث عنده برقم (128)! وإحالته على هذا الحديث غير موفقة؛ لأن هذا إسناد آخر لا علاقة له بالإسناد الأول، ولم يفعل اللحام شيئاً! بل نقل بعض روايات هذا الحديث دون أن يتكلم على شيء منها، والله المستعان.

18 ذو الحجة 1428هـ.

 

شاركنا تعليقك