الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (37). قولُ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ في بعض الأَسانيد: «رِوَايَةً»!

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (37).

قولُ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ في بعض الأَسانيد: «رِوَايَةً»!

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

يَجيء في بعض الأسانيد بعد ذكر الصحابي «رِوَايَةً» فيقول: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً»!

وأهل العلم على أن هذا من قبيل المرفوع = يعني مرفوعاً.

وقد بوّب الخطيب في «الكفاية في علم الرواية» (ص: 415) قال: "بَابٌ فِي قَوْلِ التَّابِعِيِّ عَنِ الصَّحَابِيِّ: «يَرْفَعُ الحَدِيثَ»، و«يَنْمِيهِ»، و«يَبْلُغُ بِهِ»، و«رِوَايَةً»".

ثم أتى بأمثلة على ذلك، ثم قال: "كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كِنَايَةٌ عَنْ رَفْعِ الصَّحَابِيِّ الحَدِيثَ وَرِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ العِلْمِ أَنَّ الحُكْمَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَفِيمَا صَرَّحَ بِرَفْعِهِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ القَبُولِ وَالْتِزَامِ العَمَلِ".

وتبعه على ذلك ابن الصلاح في «مقدمته» (ص: 51) في علوم الحديث، وكلّ من صنّف في علوم الحديث.

وأهل العلم على هذا الفهم أن هذه اللفظة تفيد الرفع، وهو من باب التنويع في العبارة من بعض الرواة.

قال النووي في «شرح مسلم» (3/45) - وهو يُبيّن الاختلاف في رواية بعض الأحاديث -: "اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الفُصُولِ الَّتِي فِي أَوَّلِ الكِتَابِ أَنَّ قَوْلَهُمْ: رِوَايَةً أَوْ يَرْفَعُهُ أَوْ يُنْمِيهِ أَوْ يَبْلُغُ بِهِ، كُلُّهَا أَلْفَاظٌ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِإِضَافَةِ الحَدِيثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ. فَقَوْلُهُ: «رِوَايَةً» مَعْنَاهُ: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وقد بَيَّنَهُ هُنَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: «رِوَايَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَلَا يَضُرُّهُ هَذَا الشَّكُّ وَالِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الباقية، وأما قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ: «رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا» فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا رَفَعَهُ وَأَضَافَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرَ وَقَفَهُ عَلَى المُغِيرَةِ، فَقَالَ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالضَّمِيرُ فِي أَحَدِهِمَا يعود على مُطرِّف وابن أَبْجَرَ شَيْخَيْ سُفْيَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَأَلَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْآخَرُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ المُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلَ مُوسَى، ثُمَّ إِنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الحَدِيثَ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا".

وقال ابن حجر في «الفتح» (10/336) - وهو يشرح هذه اللفظة في حديث رواه البخاري -: "قَوْلُهُ: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةٌ» هِيَ كِنَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الرَّاوِي: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَوْ نَحْوِهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ: «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَبَيَّنَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ تَارَةً يَكُنِّي وَتَارَةً يُصَرِّحُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: رِوَايَةً أَوْ يَرْوِيهِ أَوْ يَبْلُغُ بِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ".

وأخذ كلامه هذا العيني وأورده في كتابه «عمدة القاري» (22/45).

وقال الكرماني في «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» (12/179): "ولفظ «رواية» أي على سبيل الرواية لا على طريق المذاكرة، أي قاله عند النقل والتحميل لا عند القال والقيل".

وفي مواضع أخرى قال: "أي عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال مُلا علي القاري في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (1/320): "«وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً»: بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ رَفْعِ الحَدِيثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا لَكَانَ مَوْقُوفًا".

وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لـ «مسند أحمد» (8/100) عن رواية أحمد عن سفيان: "وقوله في هذا الإِسناد هنا «عن أبي هريرة - إن شاء الله - عن النبي صلى الله عليه وسلم» - ليس شكاً في رفع الحديث، بل هو مرفوع على اليقين. إنما هو اختلاف عبارة من أحد الرواة، ولعله سفيان بن عيينة. ففي رواية الحاكم بالإسنادين الأولين، وإحدى روايات الخطيب: «قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم». ثم قال الحاكم: «وقد كان ابن عيينة ربما يجعله رواية»، ثم ساق الإِسناد الثالث: «عن أبي هريرة روايةً»، وهذا يكون مرفوع أيضًا، كما تقرر في علم المصطلح. وكذلك رواية الترمذي، جاء فيها «روايةً»، كرواية الحاكم الأخيرة. وفي رواية الخطيب (6: 366): «عن أبي هريرة، مرفوعاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم». وفي روايتيه (7: 306 - 307 و13: 17): «عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم»، وفي رواية ابن أبي حاتم: «عن أبي هريرة، قيل له: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم». والظاهر أن الذي سئل عن ذلك هو ابن عيينة. ففي مجموع هذه الروايات دلالة على أن سفيان بن عيينة هو الذي كان ينوع العبارة عن رفع الحديث بألفاظ مختلفة. كلها بمعنى واحد" انتهى.

قلت: قد وجدت أن كلّ هذه الروايات التي فيها هذه اللفظة هي لسفيان بن عُيينة مما يدلّ على أنه هو من كان يستخدمها فقط، وحتى نعرف أنه قصد بذلك الرفع كما فهم أهل العلم، وعليه نقل النووي الإجماع عليه، كان لا بدّ من جمع هذه الروايات والكلام عليها.

[1] روى عَلِيُّ بن حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيِّ في «الجُزْء الثَّانِي مِنْ حَدِيثِه» (25). وأبو داود في «سننه» (5/79) (3168) عن مُسَدَّدٍ. كلاهما (علي بن حرب، ومسدد) عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةُ: «مَن تَبِعَ جنازة فصلى عليها فله قِيراطٌ، ومن تبِعها حتى يُفرَغَ منها فله قِيراطان، أصغَرُهما مثلُ أُحُدٍ - أو أحدُهما مثلُ أُحدِ -».

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (12/13) (6659) عن أَبي خَيْثَمَةَ، عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَصْغَرُهُمَا - أَوْ أَحَدُهُمَا - مِثْلُ أُحُدٍ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/223) (1051)، وأحمد في «مسنده» (12/309) (7353). والبزار في «مسنده» (15/376) (8972) عن عَبدالأعلى بن زيد. وابن الجارود في «المنتقى» (526) عن ابن المُقْرِئِ، وَمَحْمُود بن آدَمَ. وأبو يعلى في «معجمه» (26) عن مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ المَكِّيّ.

كلهم (الحميدي، وأحمد، وعبدالأعلى بن زيد، وابن المقرئ، ومحمود بن آدم، ومحمد بن عباد) عن سُفْيَان، عن سُمَيّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنِ اتَّبَعَهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ أَمْرِهَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ» - بألفاظ متقاربة.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح عن أبي هريرة.

رواه سَعِيد بن المُسَيِّبِ، وعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، وغيرهما عن أَبي هُرَيْرَةَ، عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2] روى البخاري في «صحيحه» (4/43) (2929) عَلِيِّ بنِ المدينيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ».

قَالَ سُفْيَانُ: وَزَادَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ».

رواه الخطيب في «الكفاية» (ص: 416) من طريق إِسْمَاعِيلَ بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، عن عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ، عن سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «تُقَاتِلُونَ قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ ذُلْفَ يَعْنِي الْأَنْفَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ». قُلْتُ لِسُفْيَانَ: فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ: «نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ»؟ قَالَ: "أَرَاهُ قَدْ قَالَهُ".

ورواه أبو داود في «سننه» (6/360) (4304) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَابنُ السَّرْحِ، وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رِوَايَةً، قَالَ ابنُ السَّرْحِ: - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ، ذُلْفَ الْآنُفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ».

قلت: كأن أبا داود خلط بين الروايات هنا! فقد بيّن البخاري في روايته أن قوله: «صِغَارَ الْأَعْيُنِ، ذُلْفَ الْآنُفِ» من زيادات ابن عيينة عن أبي الزناد! ورواية ابن عيينة عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ ليس فيها هذا اللفظ، وقد اتفق كل الرواة عن ابن عيينة على عدم ذكر ذلك، ومنهم: الحُمَيْدِيُّ، وأحمد، وسَعِيدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُالجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ، وإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ ابن رَاهويه، وَابنُ أَبِي عُمَرَ العدني، وأَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ.

ورواه يُونُسُ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى تُقَاتِلَكُمْ أُمَّةٌ يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وُجُوهُهُمْ مِثْلُ الْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ».

فالذي يظهر لي أن هناك خلط في الرواية! وكأن هذا حدث لأبي داود لجمعه بين الروايات وعدم ذكره لبعضها؛ لأنه قال: "وغيرهما"! فهذا اللفظ هو لفظ حديث سفيان عن أبي الزناد، وهو الذي فيه: "رواية"، وليس حديث سفيان عن الزهري عن سعيد.

وعلى ما ذكر فتكون رواية قتيبة التي فيها: "رواية" هي رواية سفيان عن أبي الزناد، ورواية ابن السَّرْحِ، عن سُفْيَان، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ! وقد حصل خلط وربما سقط في هذا الموضع، والله أعلم.

وروى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21/138) (38507) قال: حَدَّثَنَا ابنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمَ الشَّعْرُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ».

ورواه ابن ماجه في «سننه» (5/220) (4096) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2233) (2912) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ».

فمسلم رواه عن ابن أبي شيبة لكنه ساق رواية ابن أبي عمر، فحمل رواية ابن أبي شيبة على رواية ابن أبي عمر! ورواية ابن أبي شيبة فيها: «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ».

وهذا اللفظ لا يوجد في الروايات السابقة التي سقناها عن سفيان بن عيينة، وأظنه حصل سبق نظر للنساخ، فإن ابن أبي شيبة ذكر بعد هذا الحديث حديث سفيان عن أبي الزناد، وفيه هذه اللفظة.

رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21/138) (38508) قال: حَدَّثَنَا ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمَ الشَّعْرُ، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الأَعْيُنِ ذُلْفَ الآنُفِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمَ المَجَانُ المُطْرَقَةُ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2233) (2912) عن أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، به.

ورواه ابن ماجه في «مصنفه» (5/221) (4097) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والمحفوظ في هذا عند ابن أبي شيبة: «يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فإما أن يكون ابن ماجه تصرف في اللفظ أو نقل هذا من الحديث الذي قبله وهو حديث ابن عيينة عن الزهري، فيكون في بعض نسخ مصنف ابن أبي شيبة هكذا على الصواب بخلاف ما وقع في المطبوع، والله أعلم.

والحديث رواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/261) (1133). ونُعيم بن حمّاد في «الفتن» (2/685) (1934). والبيهقي في «السنن الكبير» (9/296) (18593) من طريق الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، و(18594) من طريق مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ.

كلهم (الحميدي، ونُعيمٌ، والزعفراني، ومحمد بن عباد) عن سُفْيَان، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُونَ قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ ذُلْفَ الْأُنُوفِ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً.

[3] روى البخاري في «صحيحه» (7/160) (5889) عن عَلِيِّ بن المديني، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ -: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».

رواه ابن عيينة في «حديثه - رواية أَبي يحيى زَكَرِيَّا بن يحيى بن أَسد المروزِي» (11) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ».

ورواه أبو داود في «سننه» (6/262) (4198) عن مُسَدَّد، عن سفيان، به.

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/177) (965). وابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/293) (2059). ومسلم في «صحيحه» (1/221) (257) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٍو النَّاقِد، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ. والنسائي في «السنن الكبرى» (1/77) (9) عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ يَزِيدَ المُقْرِئ المَكِّيّ. وابن حبان في «صحيحه» (12/293) (5481) من طريق إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ ابن راهويه، و(12/293) (5482) من طريق سُرَيْجِ بن يُونُسَ.

كلهم (الحميدي، وابن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، وابن المقرئ، وابن راهويه، وسُريج) عن سُفْيَانَ، عن الزُّهْرِيّ، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».

ورواه أحمد في «مسنده» (12/203) (7261) عن سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: رِوَايَةً -: «خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً.

رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَسُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ نَمِرٍ اليَحْصُبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه مالكٌ في «الموطأ» (2/921) (3) عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْاخْتِتَانُ» - موقوف.

[4] روى البخاري في «صحيحه» (8/45) (6206) عن عَلِيِّ بنِ عَبْدِاللَّهِ ابن المديني، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ» - وَقَالَ سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ -: «أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ» قَالَ سُفْيَانُ: "يَقُولُ غَيْرُهُ: تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ".

ورواه عبدالغني المقدسي في كتاب «التوحيد» (17) من طريق هَارُونَ بن مَعْرُوفٍ، وأَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، وَغَيْرُهُم، قَالُوا: أنبأنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «أَخْنَعُ الأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاكِ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/431) (2837) عن مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُونٍ المَكِّيّ. وأبو داود في «سننه» (7/316) (4961) عن أحمدَ بنِ حنبلٍ. والبزار في «مسنده» (15/320) (8862) عن أحمد بن أَبَان، وخلف بن خليفة. وابن حبان في «صحيحه» (13/147) (5835) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ. والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (3/109) (1076) عن عَبْدالغَنِيِّ بنِ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيّ. وعبدالغني المقدسي في «التوحيد» (14) من طريق سُرَيْجِ بنِ يُونُسَ.

كلهم (ابن ميمون، وأحمد، وأحمد بن أبان، وخلف بن خليفة، وإبراهيم، وابن أبي عقيل، وسُريج) عن سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ». قَالَ سُفْيَانُ: "شَاهَانْ شَاهْ، وَأَخْنَعُ: يَعْنِي وَأَقْبَحُ".

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/273) (1161). وأحمد في «مسنده» (12/282) (7329). ومسلم في «صحيحه» (3/1688) (2143) عن سَعِيدِ بنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.

كلهم (الحميدي، وأحمد، والأشعثي، وابن أبي شيبة) عن سُفْيَانَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخْنَعَ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ» قَالَ سُفْيَانُ: «شَاهَانْ شَاهَ».

ورواه الحاكم في «المستدرك» (4/306) (7723) من طريق الحُمَيْدِيّ، ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ رَوَوْهُ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ".

قلت: بل خرّجاه كما سبق بيانه.

فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً.

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (3/1688) (2143) من طريق مَعْمَر، عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ، رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ، لَا مَلِكَ إِلَّا اللهُ».

[5] روى مسلمٌ في «صحيحه» (1/176) (189) قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ رِوَايَةً - إِنْ شَاءَ اللهُ - [ح].

وَحَدَّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بنُ طَرِيفٍ، وَعَبْدُالمَلِكِ بنُ سَعِيدٍ، سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يُخْبِرُ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ عَلَى المِنْبَرِ يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ.

وَحَدَّثَنِي بِشْرُ بنُ الحَكَمِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، وَابنُ أَبْجَرَ سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ، يُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ - قَالَ سُفْيَانُ: رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا، أُرَاهُ ابنَ أَبْجَرَ - قَالَ: «سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ، مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ، فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رَبِّ، فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»، قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] الْآيَةَ.

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/24) (779) قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حدثنا مُطَرِّفُ بنُ طَرِيفٍ، وَعَبْدُالْمَلْكِ بنُ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ، جَمِيعًا سَمِعَا الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى المِنْبَرِ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «أَنَّ مُوسَى سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَدْنَى مَنْزِلَةً؟...» الحديث.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/412) (989) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ الرَّمَادِيّ، عن سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ طَرِيفٍ، وَعَبْدِالمَلِكِ بنِ سَعِيدِ بنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ - رَفَعَهُ ابْنُ أَبْجَرَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ مُطَرِّفٌ - قَالَ: «قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً...» الحديث.

ورواه أبو عوانة في «مستخرجه» (1/142) (425) من طريق عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ، قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حدثنا مُطَرِّفٌ، وَابنُ أَبْجَرَ، سَمِعَا الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ وَهُوَ يُخْبِرُ النَّاسَ عَلَى المِنْبَرِ يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً...» الحديث.

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (16/446) (7426) عن عَلِيّ بنِ عَبْدِالحَمِيدِ الغُضَائِرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بنُ طَرِيفٍ وَعَبْدُالمَلِكِ بنُ أَبْجَرَ سَمِعَا الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ عَلَى المِنْبَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مُوسَى قَالَ: رَبِّ أَيُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَدْنَى مَنْزِلَةً؟...» الحديث.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وبيّن سفيان أن أحد شيوخه رفعه، والآخر وقفه.

وَقد سُئِلَ الدارقطني عن هذا الحديث في «العلل» (7/130) (1253) فَقَالَ: "يَرْوِيهِ ابنُ عُيَيْنَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِينِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَعُثْمَانُ بنُ يَحْيَى القَرْقَسَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُونٍ الخَيَّاطُ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المُغِيرَةِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ لُوَيْنٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: أَرَى حَدِيثَ مُطَرِّفٍ رِوَايَةً.

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الْأَيْلِيُّ وَعَبَّاسٌ البَحْرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُمَا، رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يَرْفَعْهُ الْآخَرُ.

وَرَوَاهُ يَحْيَى بنُ الرَّبِيعِ الْمَكِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُمَا مَوْقُوفًا.

وَرَوَاهُ أَبُو مُوسَى الهَرَوِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنِ أَبْجَرَ، وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المُغِيرَةِ، وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَزَادَ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مُجَالِدًا، وَلَمْ يَشُكَّ فِي رَفْعِهِ عَنْهُمْ.

وَرَوَاهُ ابنُ المُبَارَكِ، عَنْ مُجَالِدٍ مَوْقُوفًا، وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ مُجَالِدٍ، وَلَمْ يَرْفَعْ هَذَا الحَدِيثَ غَيْرُ ابنِ عُيَيْنَةَ، وَالمَحْفُوظُ مَوْقُوفٌ، وَرَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابنِ أَبْجَرَ مَوْقُوفًا" انتهى.

قلت: رواه عُبَيْدُاللهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ أَبْجَرَ موقوفاً.

رواه مسلم في «صحيحه» (1/177) عن أَبي كُرَيْبٍ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ أَبْجَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ: «إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَخَسِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْهَا حَظًّا»، وَسَاقَ الحَدِيثَ بِنَحْوِهِ.

[6] روى أبو داود في «سننه» (6/114) (3989) قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ، وإسماعيلُ بنُ إبراهيم أبو مَعمرِ الهذَلي، عن سفيانَ، عن عمرٍو، عن عِكرمة، قال: حدَّثنا أبو هريرة، عن النبي صلَّى الله عليه وسلم - قال إسماعيلُ: عن أبي هريرة، روايةً - فذكر حديثَ الوحي، قال: فذلك قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23].

ورواه البخاري في «صحيحه» (9/141) (7481) عن عَلِيِّ بنِ عَبْدِاللَّهِ ابن المدينيِّ، عن سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ قَالَ - عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ - فَإِذَا : {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} [سبأ: 23]».

قَالَ عَلِيٌّ، وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا.

قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ.

قَالَ عَلِيٌّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: قَالَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ: أَنَّهُ قَرَأَ: {فُرِّغَ}، قَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو، فَلاَ أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ؟ قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا.

ورواه ابن خزيمة في كتاب «التوحيد» (1/354) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالجَبَّارِ بنُ العَلَاءِ، وَسَعِيدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيُّ، قَالَا: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو - وَهُوَ: ابنُ دِينَارٍ -، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ المَخْزُومِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ فِي السَّمَاءِ أَمْرًا ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهَا سِلْسِلَةٍ عَلَى صَفْوَانَ...» الحديث.

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (1/222) (36) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنِ عكرمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عن قلوبهم قالوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: قَالَ الحَقَّ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. فَيَسْتَمِعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ الشِّهَابُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ، قَالَ وَهُمْ هَكَذَا بَعْضُهُمْ أَسْفَلُ مِنْ بَعْضٍ - وَوَصَفَ ذَلِكَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ - فَيَرْمِي بِهَا هَذَا إِلَى هَذَا وَهَذَا إِلَى هَذَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى الْأَرْضِ، فَتُلْقَى عَلَى فَمِ الْكَافِرِ وَالسَّاحِرِ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ فَيُصَدَّقُ، وَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا كذا وكذا فصدق».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/287) (1185) قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حدثنا عَمْرُو بنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا، خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سَلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا الَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُوا السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُوا السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ - وَوَصَفَ سُفْيَانُ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ -، قَالَ: فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكُهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيْكَذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَيَصْدُقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ».

ورواه البخاري في «صحيحه» (6/122) (4800) عن الحُمَيْدِيّ، به.

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/215) (3223) قال: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ فِي السَّمَاءِ أَمْرًا ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهَا سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} - قَالَ: وَالشَّيَاطِينُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ». [قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"].

ورواه سعيد بن منصور في «سننه» (7/106) (1767) قال: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو بن دينار: سمع عكرمة يقول: حدثنا أبو هريرة - رفعه - قال: «إن الله عز وجل إذا قضى الأمر من السماء...» الحديث بطوله.

ورواه ابن ماجه في «سننه» (1/134) (194) قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بنُ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره بطوله.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقد سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (8/263) (1560) عَنْ هذا الحَدِيث، فَقَالَ: "يَرْوِيهِ ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَفَعَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ عَنْهُ، قَالَ مَرَّةً: رِوَايَةٌ، وَقَالَ مَرَّةً: يُبَلِّغُ بِهِ.

وَقَالَ مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ: عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، الحَدِيثَ بِطُولِهِ مَوْقُوفًا.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، وَأَبُو مَعْمَرٍ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَا: عَنْهُ، عَنْ عمرو، عن عكرمة، قال: أنبأنا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَدِيثَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ" انتهى.

قلت: نلاحظ هنا أن الدارقطني فرّق بين هذه الصيغ الثلاثة، ورجّح صيغة الرفع المعروفة.

[7] روى البخاري في «صحيحه» (6/115) (4779) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]».

وحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ»، مِثْلَهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟ قَالَ: "فَأَيُّ شَيْءٍ"!

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/199) (3197) عن ابنِ أَبِي عُمَرَ العَدني. وابن حبان في «صحيحه» (2/91) (369) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ. كلاهما عن سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ...» الحديث. [قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"].

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/275) (1167) [ورواه البخاري في «صحيحه» (4/118) (3244) عن الحُمَيْدِيّ]. ومسلمٌ في «صحيحه» (4/2174) (2824) عن سَعِيدِ بنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيّ، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ. وأبو يعلى في «مسنده» (11/159) (6276) عن أَبي خَيْثَمَةَ زُهير بن حربٍ. واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (6/1261) (2247) من طريق بِشْرِ بن مَطَرٍ.

كلهم (الحميدي، والأشعثي، وأبو خيثمة، وبشر بن مطر) عن سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد رواه مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا، بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ».

وهو حديث صحيح، رواه أَبُو صَالِحٍ، وهَمَّامُ بنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن الله تعالى.

[8] روى أحمد في «مسنده» (12/227) (7282) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي إِنَائِهِ، حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي حَيْثُ بَاتَتْ يَدُ أَحَدِكُمْ».

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (10/372) (5961) عن أَبي خَيْثَمَةَ، عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، به، مثله.

ورواه ابن خزيمة في «صحيحه» (1/91) (99) قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالجَبَّارِ بنُ العَلَاءِ، وَسَعِيدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ».

هَذَا حَدِيثُ عَبْدِالجَبَّارِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً".

ورواه الشافعي في «مسنده» (ص: 10). وابن الجارود في «المنتقى» (9) عن ابنِ المُقْرِئِ، وَعَبْدِاللَّهِ بنِ هَاشِمٍ، وَمَحْمُودِ بنِ آدَمَ. والدارمي في «سننه» (1/592) (793) عن أَبي نُعَيْمٍ. ومسلمٌ في «صحيحه» (1/233) (278) عن أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٍو النَّاقِد، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ. والنسائي في «السنن الكبرى» (1/73) (1) عن قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيدٍ. وابن حبان في «صحيحه» (3/345) (1062) من طريق إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ ابن راهويه. والدارقطني في «العلل» (8/80) من طريق عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وَسَعْدَانَ بن نصرٍ.

كلهم (الشافعي، وابن المقرئ، وعبدالله بن هاشم، ومحمود بن آدم، وأبو نُعيم، وابن أبي شيبة، والناقد، وزهير، وقتيبة، وابن راهويه، وابن بشر، وسعدان) عن سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهو حديث صحيح، رواه مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بهذا الإسناد مرفوعاً. رواه مُحَمَّدُ بْن سِيرِينَ، وعَبْدُاللهِ بن شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.

[9] روى أحمد في «مسنده» (12/247) (7299) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً قَالَ: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/273) (1160). ومسلم في «صحيحه» (4/2108) (2751)، وأبو يعلى في «مسنده» (11/169) (6281) كلاهما عن أَبي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ. كلاهما (الحميدي، وأبو خيثمة) عن سُفْيَانَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهو حديث صحيح، رواه مُغِيرَةُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، وشُعَيْبٌ، ومَالِكٌ، كلهم عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي».

[10] روى أحمد في «مسنده» (12/320) (7362) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ أَوَّلُهَا».

ورواه الحُميدي في «مسنده» (2/213) (1030). والشَّافِعِيُّ [كما في «معرفة السنن والآثار» (4/179) (5806)]. وابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/205) (7712) عن مُعَاوِيَةَ بنِ هِشَامٍ.

كلهم (الحميدي، والشافعي، ومعاوية) عن سُفْيَانَ، عن مُحَمَّدِ بنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا».

هَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ بِالشَّكِّ في بعض الروايات، ولم يذكر الشك في رواية معاوية، وإنما ذكر فقط: "عن أبيه". وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، ولَيْثٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ.

وَقد سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (9/27) (1622) عَنْ هذا الحَدِيثِ، فَقَالَ: "يَرْوِيهِ ابنُ عَجْلَانَ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَسُلَيْمُ بنُ أَخْضَرَ، وَالوَلِيدُ بنُ كَثِيرٍ، وَعَبَّادُ بنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُاللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ المَدِينِيُّ، وَعَبْدُاللَّهِ بنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفهم ابن عيينة، فرواه عن ابن عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالصَّحِيحُ عَنِ ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، وَكَانَ أَبُو الْأَشْعَثِ حَدَّثَ بِهِ بِبَغْدَادَ، عَنْ يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ إِسْحَاقَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بنِ زُرَيْعٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ إِسْحَاقَ لَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ، وهو الصواب" انتهى.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[11] روى أحمد في «مسنده» (14/380) (8771) عن حُسَيْنِ بن مُحمد المروذي، عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَاهُنَا، مَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ خُشُوعِكُمْ، وَرُكُوعِكُمْ».

هكذا جاء في «المسند»! والظاهر أن ما جاء فيه: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم" مزيد من الرواة أو النسّاخ؛ لأنه لو كان معنى "رواية" الرفع لما احتاج أن يذكرها، فيُكتفى بها مجردة أو بذكر الرفع، والله أعلم.

ورواه أحمد في «مسنده» (12/286) (7333) قال: قُرئَ عَلَى سُفْيَانَ: أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرَى خُشُوعَكُمْ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/192) (991). وسعيد بن منصور في «سننه» (6/497) (1667). والبزار في «مسنده» (15/323) (8868) عن أَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ. ثلاثتهم (الحميدي، وسعيد بن منصور، وابن عبدة) عن سُفْيَانَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَذِهِ؟ فَمَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ، وَلَا خُشُوعُكُمْ، أَوْ رُكُوعُكُمْ، وَلَا سُجُودُكُمْ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح معروف عن أبي الزناد، رواه عنه جماعة، منهم: ابنُه، ومالكٌ، وشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، ووَرْقَاءُ.

[12] روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/133) (7478). والسراج في «مصنفه» (892)، و(1710) عن عَبْدِالجَبَّارِ. كلاهما (ابن أبي شيبة، وعبدالجبار بن العَلَاءِ) عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً، قَالَ: «إذَا أَتَيْتُمَ الصَّلاَة فَلاَ تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا».

ورواه أحمد في «مسنده» (12/192) (7250) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ": «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ، فَاقْضُوا».

ورواه البيهقي في «السنن الكبير» (2/422) (3626) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّانُ، قال: أنبأنا أَبُو سَهْلِ بنُ زِيَادٍ القَطَّانُ، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بنُ إِسْحَاقَ القَاضِي، قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، فذكره.

كذا فيه! وكأن الأصل: "عن أبي هريرة رواية"، فتصحفت إلى "يرويه" فقال بعض الرواة: "عن أبي هريرة يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم"! والله أعلم.

ورواه الشافعي [كما في «السنن المأثورة» (65)]. وابن الجارود في «المنتقى» (305) عن ابنِ المُقْرِئِ. والبخاري في «القراءة خلف الإمام» (114)، والدارمي في «سننه» (2/814) (1319) كلاهما (البخاري، والدارمي) عن أَبي نُعَيْمٍ. والبخاري في «القراءة خلف الإمام» (115) عن عَلِيِّ بن المديني. ومسلم في «صحيحه» (1/420) (602) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٍو النَّاقِد، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ أبي خيثمة. وابن حبان في «صحيحه» (5/517) (2145) من طريق أَبي خَيْثَمَةَ. والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/396) (2314) من طريق سَعِيدِ بنِ مَنْصُورٍ.

كلهم (الشافعي، وابن المقرئ، وأبو نُعيم، وابن المديني، وابن أبي شيبة، والناقد، وأبو خيثمة، وسعيد بن منصور) عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ لَهَا، مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بصيغة:

رواية، والرفع: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكذا رواه ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وقَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَاقْضُوا»!

ورواه إِبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه يُونُسُ بن يَزيدٍ الأَيليّ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عن أَبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقالوا في حديثهم: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».

قال أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النيسابوري: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: "لَا أَعْلَمُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ رَوَاهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ ابنِ عُيَيْنَةَ: «وَاقْضُوا مَا فَاتَكُمْ»!"

قَالَ مُسْلِمٌ: "أَخْطَأَ ابنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ". [السنن الكبير للبيهقي: (2/423)].

[13] روى أبو يعلى في «مسنده» (10/372) (5962) عن أَبي خَيْثَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ».

ورواه ابن خزيمة في «مسنده» (2/892) (1848) عن عَبْدِالجَبَّارِ بنِ العَلَاءِ، عن سُفْيَان، قَالَ: حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه النسائي في «السنن الكبرى» (2/289) (1753) عن قُتَيْبَةَ بن سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/184) (976). والدارمي في «سننه» (2/779) (1257) عن مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ. وابن خزيمة في «مسنده» (2/892) (1848) عن عَبْداللَّهِ بنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيّ، وَسَعِيدِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيّ. وابن ماجه في «سننه» (2/211) (1122) عن أَبي بَكْرِ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامِ بن عَمَّارٍ.

كلهم (الحميدي، ومحمد بن يوسف، وعبدالله بن محمد، والمخزومي، وابن أبي شيبة، وهشام) عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ عنِ الزُّهْريّ فِيهِمْ: يَاسِينُ الزَّيَّاتُ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيى الصَّدَفِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ وَغَيْرُهُمْ، عنِ الزُّهْريّ، مثله.

[14] روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11/383) (22632) قال: حَدَّثَنَا ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً، قَالَ: «إنَّ اليَمِينَ الفَاجِرَةَ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ».

ورواه أحمد في «مسنده» (12/243) (7293). والبيهقي في «السنن الكبير» (5/435) (10409) من طريق أَبي سَعِيدِ بن الْأَعْرَابِيِّ، عن سَعْدَانَ بنِ نَصْرٍ. كلاهما (أحمد، وسعدان) عن سُفْيَانَ، عَنِ العَلَاءِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اليَمِينُ الكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/228) (1060). والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (114) عن عَلِيِّ بن حَرْبٍ. والقضاعي في «مسنده» (1/177) (256) من طريق الشَّافِعِيّ، وسَعْدَانَ بن نَصْرٍ. كلهم (الحميدي، وعلي بن حرب، والشافعي، وسعدان) عن سُفْيَانَ بن عُيَيْنَةَ، عَنِ العَلَاءِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ يَعْقُوبَ الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال، مِثْلَهُ.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه إسماعيل بن جعفر، وشُعْبَةَ، وحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ، وعَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيمَ المدني القاصّ، وزيد ابن أبي أُنيسة، وعَبْدالعَزِيزِ بن الحُصَيْنِ. كلهم عن العَلَاءِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثله.

[15] روى ابن خزيمة في «صحيحه» (2/774) (1613) عن عَبْدِالجَبَّارِ بنِ العَلَاءِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، قال: حدثنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «إِنَّ الْإِمَامَ أَمِينٌ أَوْ أَمِيرٌ، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا، فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/191) (988). والسَّرَّاجُ في «مسنده» (2/167) (694) عن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ. كلاهما (الحميدي، وابن أبي عمر العدني) عن سُفْيَانَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِمَامُ أَمِيرٌ، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عُيينة بهذه الصيغ:

رواية، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد رواه مَالِكٌ، والمُغِيرَةُ الحِزَامِيَّ، وشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، كلهم عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ».

وهذا الصواب في هذه الرواية عن أبي هريرة، رواه عنه جماعة من أصحابه بهذا اللفظ.

ولفظ حديث ابن عيينة السابق الأشبه أنه موقوف على أبي هريرة من رواية أخرى، اشتبه عليه!

روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/61) (7216) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «الإِمَام أَمِيرٌ، فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».

ثم قال (7217): حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بنِ قَهْدٍ، قَالَ: اشْتَكَى إمَامُنَا فَصَلَّى قَاعِدًا أَيامًا فَصَلَّيْنَا بِصَلاَتِهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «الإِمَام أمير، فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».

قلت: سقط من كلا الإسنادين: «قيس» وهو: ابن أبي حازم شيخ إسماعيل بن أبي خالد الراوي عن قيس بن قَهد. وكأن هذا من النسّاخ لوجود قيسين في الإسناد «قيس عن قيس»، فذكروا واحداً!  

وقد رواه البخاري في «التاريخ الكبير» (7/142) (638) في ترجمة «قيس بن قهد» عن شهاب بن عبّاد العبدي الكوفي، عن إبراهيم بن حُميدٍ الرُّؤاسي. والبغوي في «معجم الصحابة» عن عبدالله بن سعيد الكندي الأشج، عن يَحْيَى بنِ عَبْدِالمَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ الخُزاعي الكوفي. كلاهما (إبراهيم، وابن أبي غنية) عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيسِ بن أبي حازمٍ، قال: أخبرني قيس بن قهد: «أنّ إماماً لَهُم اشتكى، قَالَ: فصلينا بصلاته جلوساً».

قال البغوي: "ولا أعلم روي عن قيس بن قهد غير هذا الحديث، ولم يُسنده".

ورواه ابن عيينة وغيره عن إسماعيل، واختلف عليه!

رواه عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (2/462) (4084) عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بنُ قَهْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ إِمَامَهُمُ اشْتَكَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَكَانَ يَؤُمُّنَا جَالِسًا وَنَحْنُ جُلُوسٌ».

فجعل الحادثة هنا أنها حصلت زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدّم أنها بعد لكلام أبي هريرة.

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/191) (989)، عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (2/462) (4083) كلاهما عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لِلْأَمِيرِ إِمَامَةٌ، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا».

ورواه السرَّاج في «مسنده» (2/282) (1177) عن يوسف بن موسى، عن مِهْرَانَ بنِ أَبِي عُمَرَ الرَّازِيِّ، عن إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ لِنُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ مَنْزِلِهِ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَؤُلاءِ أَنْسِبَاؤُكَ أَتَوْكَ لِيُسَلِّمُوا عَلَيْكَ وَتُحَدِّثَهُمْ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الأَمِير إِمَامٌ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».

قلت: مِهران هذا ليس بالقوي، سيء الحفظ، مضطرب الحديث!

وَسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (9/26) (1620) عَنْ حَدِيثِ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَمِيرُ الْإِمَامُ فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا»؟

فَقَالَ: "يَرْوِيهِ إِسْمَاعِيلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي رَفْعِهِ، فَرَوَاهُ ابنُ عُيَيْنَةَ، وَابنُ فُضَيْلٍ، وَمِهْرَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا.

وَخَالَفَهُمْ يَحْيَى القَطَّانُ، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو حَمْزَةَ السَّكَّرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي غَنِيَّةَ، رَوَوْهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ".

قال الدارقطني: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ الوَكِيلُ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أبو هريرة: «الأمير الإمام، فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا».

قلت: نعم، الصواب الموقوف على أبي هريرة، لكن راويه عنه هو: قيس بن قَهد الأنصاري، لا قيس بن أبي حازم، وإنما قيس بن أبي حازم يرويه عن قيس بن قهد، والله أعلم.

[16] روى ابن خزيمة في «صحيحه» (2/1051) (2199) قال: حَدَّثَنَا عَبْدالجَبَّارِ بنُ العَلَاءِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قَالَ: حَفِظْتُهُ عَنِ الزُّهْرِي. [ح].

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ عَبْدالرَّحْمَن المَخْزُومِيُّ وَعَمْرُو بنُ عَلِي قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، رِوَايَةً، قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (10/371) (5960) عن أَبي خَيْثَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

ورواه ابن الجارود في «المنتقى» (404) قال: حَدَّثَنَا ابنُ المُقْرِئِ، قَالَ: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. - قَالَ ابنُ المُقْرِئِ: وَقَالَ مَرَّةً: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

ورواه أبو داود في «سننه» (2/523) (1372) قال: حدَّثنا مخلَدُ بنُ خالد وابنُ أبي خلف قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، يَبلُغُ به النبي صلَّى الله عليه وسلم، مثله.

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/186) (980)، و(2/216) (1037). وأحمد في «مسنده» (12/225) (7280). والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (6/128) (2355) من طريق الشَّافِعِيّ. والبخاري في «صحيحه» (3/45) (2014) عن عَلِيِّ بنِ المديني. والنسائي في «السنن الكبرى» (3/127) (2523) عن قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ يَزِيدَ، و(3/128) (2525) عن إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ ابنِ رَاهويه. وابن خزيمة في «صحيحه» (2/914) (1894) عن عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفلاّس. وابن الأعرابي في «معجمه» (3/968) (2060) عن الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيّ. واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (5/987) (1653) من طريق إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُولٍ. وابن الدُّبيثي في «ذيل تاريخ بغداد» (1/468)، و(4/577) من طريق عليِّ بن حربٍ.

كلهم (الحميدي، وأحمد، والشافعي، وابن المديني، وقتيبة، ومحمد بن عبدالله، وابن راهويه، والفلاس، والزعفراني، وابن بهلول، وعلي بن حرب) عن سُفْيَانَ، عن الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا، وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

قَالَ عَبْدُاللهِ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: "سَمِعْتُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ مَرَّةً: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَقَالَ مَرَّةً: مَنْ قَامَ - وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (9/225) (1731) عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا»؟

فَقَالَ: "يَرْوِيهِ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّضْرُ بنُ شَيْبَانَ.

فَأَمَّا يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، فَرَوَيَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ».

وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ».

وَاخْتُلِفَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَرَوَاهُ ابنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ كَثِيرٍ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ».

وَاخْتُلِفَ عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ: فَرَوَاهُ عَبْدُالحَمِيدِ، وَسَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَادَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ»...".

[17] روى أحمد في «مسنده» (12/294) (7340) قال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً - قَالَ مَرَّةً: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (2/806) (1151). وأبو يعلى في «مسنده» (11/144) (6266). كلاهما عن أَبي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ».

ورواه أبو نُعيمٍ الأصبهاني في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (3/226) (2610) من طريق الحُمَيْدِيّ. ومن طريق أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ أبي يعلى الموصلي عن أَبي خَيْثَمَةَ، قَالا: حدثَنَا سُفْيَانُ، قال: حدثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ».

قال: "رَوَاهُ مُسْلِمُ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ".

قلت: جمع أبو نُعيم بين روايتي الحميدي وأبي خيثمة، وساق رواية الحميدي.

ورواه النسائي في «السنن الكبرى» (3/355) (3256) قال: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، وَإِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/219) (1044) قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حدثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عُيينة بهذه الصيغ:

رواية، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وفي رواية قتيبة: "يرفعه" = يعني مرفوعاً.

وأخشى أن تكون محرّفة عن: "رواية"! أو لفظة "رواية" التي في أحاديث ابن عيينة محرّفة عن "يرفعه"!!

والحديث صحيح رواه مَالِكٌ وغيره، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ. وَلَا يَجْهَلْ. فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ».

[18] روى أحمد في «مسنده» (12/208) (7267) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ، فَإِنْ كَانَ صَالِحًا، قَدَّمْتُمُوهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».

وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً، خَيْرٌ تُقَدِّمُوهَا إِلَيْهِ».

ورواه ابن عساكر في «معجمه» (2/1173) (1531) من طريق أبي بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول بن حسان الأنباري، عن بشر بن مطر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رواية، مثله.

ورواه الترمذي في «جامعه» (2/326) (1015) عن أَحْمَدَ بنِ مَنِيعٍ. وأبو داود في «سننه» (5/91) (3181) عن مُسَدَّد. والنسائي في «السنن الكبرى» (2/416) (2048) عن قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيدٍ. وابن حبان في «صحيحه» (7/315) (3042) من طريق سُرَيْجِ بنِ يُونُسَ. وأبو نُعيم الأصبهاني في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (3/27) (2112) من طريق إبراهيم بن بشّارٍ الرَّمَادِيّ. كلهم عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُنْ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/223) (1052). وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/220) (11378). وعليّ بن المديني في «الأحاديث المعللات» (120) [ورواه البخاري في «صحيحه» (2/86) (1315) عن ابن المديني]. ومسلمٌ في «صحيحه» (2/651) (944) عن أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ. وابن الجارود في «المنتقى» (527) عن ابنِ المُقْرِئِ. وابن ماجه في «سننه» (2/455) (1477) عن أَبي بَكْرِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ. والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/478) (2737) من طريق أَسَدِ بنِ موسى. والبيهقي في «السنن الكبير» (4/32) (6844)، و«السنن الصغير» (2/15) (1050)، و«معرفة السنن والآثار» (5/267) (7482) من طريق الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ. وابن الفرّاء البغوي في «شرح االسنة» (5/324) (1481) من طريق عَبْدِالرَّحِيمِ بنِ مُنِيبٍ. وأبو نُعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (3/27) (2112) من طريق قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيدٍ. والسمعاني في «المنتخب من معجم شيوخه» (ص: 168) من طريق بِشْرِ بنِ مَطَرٍ.

كلهم عن سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ، عَنِ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَسْرِعوا بِالجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُنْ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الترمذي: "حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

والحديث صحيح رواه مَعْمَرٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاشِدٍ، كلهم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وفي رواية مَعمر: "قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَ الحَدِيثَ"، كذا رواه جمعٌ منهم: الإمام أحمد، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ، عن معمر، وخالفهم الدَّبَري فرواه عن عبدالرزاق، عن معمر، مرفوعاً عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وهذا من أوهام الدبري.

وقد رواه مالكٌ في «الموطأ» (1/243) (56) عَنْ نَافِعٍ مولى ابنِ عُمر: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ، فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ، أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».

قال ابن عبدالبر في «التمهيد» (16/31): "هَكَذَا رَوَى هَذَا الحَدِيثَ جُمْهُورُ رُوَاةِ المُوَطَّأِ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ! وَلَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ من حديث نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ، وَهُوَ مَحْفُوظٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا".

ورواه أحمد في «مسنده» (16/221) (10332) عن إِسْمَاعِيلَ بنِ عُليّة، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره.

ورواه ابن عبدالبر في «التمهيد» (16/32) من طريق عَبْدِالوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال، فذكره.

وقال الدارقطني في «العلل» (9/146): "وَقَالَ عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ: عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقَالَ البَابَلُتِّيُّ: عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ نَافِعٍ نَحْوَ هَذَا القَوْلِ.

وَقَالَ غَيْرُهُمَا: عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.

وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي هريرة".

وَسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (11/153) (2189) عَنْ هذا الحَدِيثِ؟

فَقَالَ: "يَرْوِيهِ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ عَبْدُالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ ابنُ عُلَيَّةَ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَنَحَا بِهِ نَحْوَ الرَّفْعِ.

وَوَقَفَهُ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُالوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَرُوِيَ عَنِ ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا".

قلت: الراجح في حديث أيوب عن نافع الوقف كما رواه مالك عن نافع، والله أعلم.

[19] روى أبو يعلى في «مسنده» (11/144) (6267) قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً قَالَ: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ، وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ».

ورواه أحمد في «مسنده» (12/254) (7305) قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَلَقَّوْا الْبَيْعَ، وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ وَالْإِبِلَ لِلْبَيْعِ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا بِصَاعِ تَمْرٍ، لَا سَمْرَاءَ».

ورواه الدارقطني في «سننه» (4/47) (3074) قال: حدثنا يَعْقُوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ البَزَّازُ، قال: حدثنا بِشْرُ بنُ مَطَرٍ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكره.

كذا فيه! ولعلها: "يبلغ" لا: "يعني"! والله أعلم. أو أنه روى الحديث موقوفاً فزاد هذا بعض الرواة: "يعني: النبي صلى الله عليه وسلم"! والله أعلم.

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/227) (1058). والشافعي في «السنن المأثورة» (263). والنسائي في «السنن الكبرى» (6/17) (6035) عن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُورٍ.

كلهم عن سُفْيَانَ، قَالَ: حدثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصَرُّوا الْإِبِلَ وَالغَنَمَ لِلْبَيْعِ، مَنِ اشْتَرَى مِنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمُرَاءَ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهو حديث صحيح مروي من عدة طرق عن أبي هريرة مرفوعاً.

[20] روى البخاري في «صحيحه» (8/87) (6410) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ».

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (11/160) (6277) قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً قَالَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةٌ غَيْرَ وَاحِدٍ مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ».

ورواه أبو نُعيم في «تاريخ أصبهان» (1/423) من طريق عُثْمَانَ بنِ عَبْدِالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قال: حدثنا ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/274) (1164). ومسلم في «صحيحه» (4/2062) (2677) عن عَمْرٍو النَّاقِدِ، وَزُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، وَابنِ أَبِي عُمَرَ.

جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، عن أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ».

قلت: جمع مسلمٌ بين رواية عمرو الناقد وزهير بن حرب وابن أبي عمر، وبيّن أنه ساق لفظ رواية عمرو!

لكن إسناد رواية زهير بن حرب وهو أبو خيثمة سبق من رواية أبي يعلى وفيه: "رواية"! وهذه إشارة من الإمام مسلم أن هذه اللفظة تعني الرفع، والله أعلم.

وروى ابن قُدامة المقدسي في كتاب «التوحيد» (23) حديث أَبي يَعْلَى، عن أَبي خَيْثَمَةَ، وعطفه على حديث الحُمَيْدِيّ، قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «للَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةً غَيْرَ وَاحِدٍ، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ».

ورواية الحميدي فيها الرفع، وليس فيها: "رواية"، وهذه إشارة أنه يراها تعني الرفع.

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عيينة بهذه الصيغ الثلاثة:

رواية، ويَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهو حديث صحيح، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، مِنْهُمُ: المُغِيرَةُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، ورواه جماعة من أصحاب أبي هريرة - رضي الله عنه -.

[21] روى البزار في «مسنده» (15/87) (8341) قال: حَدَّثَنا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، قَال: حَدَّثنا سفيان بن عُيَينة، عَن ابنِ عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَبداللَّهِ بنِ الأَشَجِّ، عن عَجْلَانَ أبي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رواية قال: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلا يُكَلَّفْ مِنَ العَمَلِ إلا مَا يطِيقُ».

ورواه الشَّافِعِيُّ في «مسنده» (ص: 305). وأحمد في «مسنده» (12/322) (7364). وعَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (9/448) (17967). والحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/289) (1189). وابن حبان في «صحيحه» (10/152) (4313) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ. وأبو موسى المديني في «اللطائف من علوم المعارف» (ص: 879) من طريق عَبْدالرَّحْمَنِ بنِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وأَبي عَبْدِالرَّحْمَنِ الأَذْرَمِيّ، وَعَبْدالجَبَّارِ بنِ العَلاءِ، وَالحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ المَرْوَزِيّ.

كلهم عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عن ابن عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يَطِيقُ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عُيينة بهذه الصيغ:

رواية، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح، رواه أيضاً: سَعِيدُ بنُ أَبِي أَيُّوبَ، وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ، وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَطَارِقُ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثله.

ورواه عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، عن بُكَيْر بن الْأَشَجِّ، عَنِ العَجْلَانِ مَوْلَى فَاطِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثله.

[22] روى السرَّاجُ في «مسنده» (987) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالجَبَّارِ بنُ العَلاءِ وَبِشْرُ بنُ مَطَرٍ، قَالَا: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ من فَيح جنهم».

ورواه الشافعي في «مسنده» (ص: 27). وأحمد في «مسنده» (12/188) (7246). والحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/180) (971). وابن الجارود في «المنتقى» (156) عن ابنِ المُقْرِئِ. والبزار في «مسنده» (14/127) (7632) عن مُحَمد بن زياد، وَأحمد بن عَبدة. والبخاري في «صحيحه» (1/113) (536) عن عَلِيِّ بن عَبْدِاللَّهِ المَدِينِيّ. وأبو يعلى في «مسنده» (10/270) (5871) عن عَمْرٍو النَّاقِد. وابن خزيمة في «صحيحه» (1/170) (329) عن عَبْدالجَبَّارِ بن العَلَاءِ، وسَعِيدِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ المَخْزُومِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ. والنسائي في «السنن الكبرى» (2/191) (1500) عن قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ يَزِيدَ.

كلهم عن سُفْيَانَ، عن الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».

قلت: فهذا الحديث رُوي عن ابن عُيينة بهذه الصيغ:

رواية، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والحديث صحيح مشهور عن أبي هريرة مرفوعاً.

[23] روى الدارقطني في «سننه» (3/81) (2110) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حدثنا نُعَيْمٌ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً أَنَّهُ قَالَ: «زَكَاةُ الفِطْرِ عَلَى الغَنِيِّ وَالفَقِيرِ». ثُمَّ قَالَ: "أُخْبِرْتُ عَنِ الزُّهْرِيِّ".

كذا رواه نُعيم بن حماد عن ابن عيينة! وقد اختلف فيه على الزهري في إسناده ومتنه.

والمحفوظ عن أبي هريرة الوقف.

رواه عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (3/325) (5817) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ زَكَاةُ الفِطْرِ عَلَى كُلِّ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ».

ورواه أيضاً (3/311) (5761) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ وَأُنْثَى: صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ».

قَالَ مَعْمَرٌ: "وَبَلَغَنِي، أَنَّ الزُّهْرِيَّ، كَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ورواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/45) من طريق عبدالرزاق، وفي آخره: "قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهُ".

ورواه أحمد في «مسنده» (13/157) (7724) عن عَبْدِالرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، - وَكَانَ مَعْمَرٌ، يَقُولُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ -، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي زَكَاةِ الفِطْرِ: «عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ، صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ».

قَالَ مَعْمَرٌ: "وَبَلَغَنِي أَنَّ الزُّهْرِيَّ، كَانَ يَرْوِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قلت: قوله: "يرويه" مصحفة! والصواب: "يرفعه" كما سبق.

[24] روى ابن المديني في «الأحاديث المعللات» (68) قال: حدثنا سفيان، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة روايةً: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ، أَوْ لِيَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ».

ورواه أحمد في «مسنده» (12/243) (7294) عن سُفْيَانَ، عَنِ العَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/280) (1173) عن سُفْيَانَ، عن العَلَاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَكْظِمْ، أَوْ لِيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ».

قلت: في حديث ابن المديني: «رواية»، وفي حديث أحمد: «يرفعه» فهل أحدهما مصحفة من الأخرى أم أن معنى «رواية»: «يرفعه» أم أنّ كل واحدة لها معنى؟!

والحديث رواه إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ، ومَالِكٌ، وزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وغيرهم عَنِ العَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ».

[25] روى الترمذي في «جامعه» (4/344) (2680) عن الحَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوسَى الأَنْصَارِيّ. والحاكم في «المستدرك» (1/168) (308) من طريق عَبْدِالجَبَّارِ بنِ العَلَاءِ، وَمُحَمَّدِ بن مَيْمُونٍ. أربعتهم عن سُفْيَانَ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ العِلْمَ فَلاَ يَجِدُونَ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ».

والشَّافِعِيُّ فِي «القَدِيمِ» [كما في «معرفة السنن والآثار» (2/216) (2454)] عن سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضْرِبُوا آبَاطَ الْإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ».

وأحمد في «مسنده» (13/358) (7980) [ورواه الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، عن أَحْمَدَ كما في «المنتخب من علل الخلال» (67)] عن سُفْيَانَ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ تَضْرِبُوا - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ - أَكْبَادَ الْإِبِلِ، يَطْلُبُونَ العِلْمَ، لَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ أَهْلِ المَدِينَةِ».

وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (1/11) عن بِشْرِ بنِ مَطَرٍ الوَاسِطِيّ، عن سفيان بن عُيَيْنَةَ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - قِيلَ لَهُ: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ -: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ».

ورواه الحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (2/283) (1181). والبزار في «مسنده» (15/353) (8925) عن عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفلاَّس. وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/340) (3260) عن يَحْيَى بنِ عَبْدِالحَمِيدِ الحِمَّانِيّ. والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (10/186) (4016) من طريق هَارُونَ بنِ مَعْرُوفٍ، و(10/188) (4018) من طريق سَعِيدِ بنِ مَنْصُورٍ. ومحمد بن مخلد العطار في «ما رواه الأكابر عن مالك» (44) من طريق أَبي يَحْيَى مُحَمَّدِ بنِ سَعِيدِ بنِ غَالِبٍ العَطَّار، و(45) من طريق عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ. وأبو الشيخ الأصبهاني في «جزء ما رواه أبو الزبير عن غير جابر» (80) من طريق إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، (81) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ بَشَّارٍ الرَّمادي، و(82) من طريق عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ. والجوهري في «مسند الموطأ» (33) من طريق إِبْرَاهِيمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ. وابن عبدالبر في «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» (ص: 21) من طريق نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ. والحاكم في «المستدرك» (1/168) (307) من طريق مُسَدَّد. والخليلي في «الإرشاد» (1/209) (17) من طريق مُحَمَّدِ بنِ زُنْبُورٍ، وعَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وعَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.

كلهم (الحميدي، والفلاس، ويحيى الحمّاني، وهَارُون بن مَعْرُوفٍ، وسَعِيد بن مَنْصُورٍ، وأبو يحيى العطار، وابن مهدي، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وإبراهيم بن بشار، وعبدالرحمن بن بشر، والحزامي، ونُعَيْمُ بن حَمَّادٍ، ومُسدد، وابن زُنبور) عن سُفْيَانَ بن عُيَيْنَةَ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ آبَاطَ الْمَطِيِّ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ».

وَفِي لَفْظٍ: «يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ آبَاطَ الإِبِلِ يَلْتَمِسُوْنَ العِلْمَ».

وَفِي لَفْظٍ: «مِنْ عَالِمٍ بِالمَدِيْنَةِ»، وَفِي لَفْظٍ: «أَفْقَهَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ».

قال الترمذي: "وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا: سُئِلَ مَنْ عَالِمُ المَدِينَةِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ. وقَالَ إِسْحَاقُ بنُ مُوسَى: سَمِعْتُ ابنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: هُوَ العُمَرِيُّ الزَّاهِدُ، وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُوسَى، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: هُوَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ. وَالعُمَرِيُّ هُوَ: عَبْدُالعَزِيزِ بنُ عَبْدِاللهِ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ".

وقال سعيد بن منصور: قَالَ سُفْيَانُ: "إِنْ كَانَ فِي زَمَانِنَا أَحَدٌ فَذَلِكَ العُمَرِيُّ العَابِدُ العَالِمُ الَّذِي يَخْشَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ" - وَاسْمُهُ عَبْدُاللهِ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ.

وقَالَ أَبُو مُوسَى إسحاق بن موسى الأنصاري: بَلَغَنِي عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ إنه كان يقول: "نَرَى أَنَّهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ"، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: "إِنَّمَا العَالِمُ مَنْ يخْشَى اللَّهَ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَخْشَى لِلَّهِ مِنَ العُمَرِيِّ - يُرِيدُ بِهِ عَبْدَاللَّهِ بن عبدالعزيز".

وقال مُصْعَبُ بنُ عَبْدِاللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: "نَرَى أنَّهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ".

قَالَ مُصْعَبٌ: "وَكُنْتُ إِذَا لَقِيتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ سَأَلَنِي عَنْ أَخْبَارِ مَالِكٍ".

وقَالَ نُعَيْمُ بن حمّاد: قِيلَ لِسُفْيَانَ، فَمَنْ تَرَاهُ؟ فَسَمِعْتُهُ مرَارًا أَكثر من ثَلَاثِينَ مرّة: "إِنْ كَانَ أَحَدًا فَهُوَ العُمَرِيُّ".

وقال ابن أبي خيثمة: ذكر ليحيى بن معِين وَأَنا أسمع قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «يُوشك أَن يضْرب النَّاس أكباد الْإِبِل فَلَا يَجدونَ عَالما أعلم من عَالم المَدِينَة». قَالَ يحيى: سَمِعت ابن عُيَيْنَة يَقُول: "يظنّ أَنه مَالك". وَقَالَ سُفْيَان فِي عقب هَذَا الكَلَام: "من نَحن عِنْد مَالك، إِنَّمَا كُنَّا نتبع آثَار مَالك، وَنَنْظُر إِلَى الشَّيْخ إِن كَانَ مَالك كتب عَنهُ، وَإِلَّا تَرَكْنَاهُ".

وقال ابن عبدالبر: "وَهَذَا الحَدِيثُ لَا يَرْوِيهِ أَحَدٌ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ وَهُمْ أَئِمَّةٌ كُلُّهُمْ، سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ إِمَامٌ، وَابنُ جُرَيْجٍ مِثْلُهُ وَأَجَلُّ مِنْهُ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ حَافِظٌ مُتْقِنٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ أَحَدُ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِيهِ إِذَا نظر إليه: مَا يضر هَذَا إلا أَن يَكُونُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ".

·       الحكم على الحديث!

ورُوي عن ابن عيينة موقوفاً!

فلما رواه أحمد عن سفيان مرفوعاً، قال: "وَأَوْقَفَهُ سُفْيَانُ مرة، فلم يجز بِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ العِلْمَ، فَلا يَجِدُونَ أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ»". [المنتخب من علل الخلال: (67)].

قال البزار: "ولا نعلم روى أَبُو الزبير، عَن أبي صالح إلاَّ هذا الحديث، ولم يروه عَن ابن جُرَيج إلاَّ ابن عُيَينة".

وقال ابن عدي: "ولا أعلم هذا الحديث يرويه عن ابن جُرَيج غير ابن عُيَينة".

قلت: كأنهما يقصدان مرفوعاً، وإلا فقد رواه المُحاربي عن ابن جُريج، لكن موقوفاً - كما سيأتي -. ويُحتمل أنهما لم يقفا على رواية المحاربي، فيَردُ على كلامهما رواية المحاربي في عدم تفرد ابن عيينة به عن ابن جًريجٍ!

وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَهُوَ حَدِيثُ ابنِ عُيَيْنَةَ". [نقل عبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (1/94) عن الترمذي أنه قال: "هذا حديث حسن صحيح"! فتعقبه ابن المَوَّاق في «بُغية النقّاد» (1/256) فقال: "وقوله فيه «صحيح» وهم، وإنما قال الترمذي: «حديث حسن»، لم يزد". ولم يتنبّه لذلك ابن القطان لما تعقب عبدالحق في «بيان الوهم» (4/305) (1865) فقال: "صَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابن عُيَيْنَة، عَن ابن جريج، عَن أبي الزبير، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَابن عُيَيْنَة، وَابن جريج، وَأَبُو الزبير، كلهم مُدَلّس". فأقرّه ابن القطان على ما نقل عن الترمذي، وهو وهم!].

وقال الذهبي في «السير» (8/56): "هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ، غَرِيْبُ المَتْنِ. رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ. وَقَدْ رَوَاهُ: المُحَارِبِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ مَوْقُوَفاً، وَيُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللهِ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، مَرْفُوْعاً".

وقال في «معجم الشيوخ» (2/33): "هَذَا حَدِيثٌ عَالٍ صَالِحُ الإِسْنَادِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ حَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ، وَآخَرُ عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو بَدْرٍ السُّكُونِيُّ، عَنِ المُحَارِبِيِّ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ فَوَقَفَهُ. وَابنُ جُرَيْجٍ فَمُدَلِّسٌ، قِيلَ: لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَهَذِهِ ثَلاثُ عِلَلٍ مَعَ نَكَارَةِ مَتْنِهِ".

ورُوي عن ابن جُريج من طريق آخر موقوفاً!

رواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/340) (3261) عن أَبي بَدْرٍ الوَلِيدِ بنِ شُجاعٍ السُّكُونِيّ، قال: حدثنا المُحَارِبِيّ - هو: عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الكوفي -، قال: حدثنا ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضْرِبُوا الإِبِلَ يَطْلُبُونَ العِلْمَ لا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَة».

قلت: فالحديث رواه ابن عيينة مرفوعاً وموقوفاً! ورواه المُحاربي عن ابن جريج موقوفاً = وهذا يعني أن ابن عيينة كان يُخطئ فيه! وكأنه تنبّه لذلك فرواه موقوفاً، ولسفيان بعض الأخطاء من هذا القبيل، فالموقوف هو الأصح؛ لأن المحاربي وقفه أيضاً.

وهذا الذي مال إليه الإمام أحمد، فإن ظاهر كلامه أنه رجّح الموقوف، وكذلك أعلّه الذهبي بالوقف، ولا عبرة بمن صححه أو حسّنه! وهو حديث منكر كما قال الإمام الذهبي.

وَابنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وقد دلّسه! وهو يُدلِّس عن يَاسِينَ بنِ مُعَاذٍ الزَّيَّات، وياسين هذا يروي المناكير عن أبي الزبير!

قال ابن حبان في ترجمته من «المجروحين» (3/142) (1248): "وكلّ مَا وَقع فِي نُسْخَة ابن جريج عَن أبي الزبير من المَنَاكِير كَانَ ذَلِك مِمَّا سَمعه ابن جريج عَن ياسين الزيات عَن أبي الزبير، فدلّس عَنهُ".

ومما يزيد الحديث نكارة أنه لا تعرف لأبي الزبير رواية عن أبي صالح السمّان صاحب أبي هريرة! ولا يُعرف هذا الحديث عند أصحاب أبي صالح، ولا عند أصحاب أبي هريرة!

*تنبيه:

رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي «السنن الكبرى» (4/263) (4277) عَنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المصيصيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيرٍ الثقفي الصنعاني، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مرفوعاً.

قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ النسائي: "هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ: أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ".

ونقل الذهبي في «معجم الشيوخ» (2/33) عن النسائي إنه قَالَ: "مُنْكَرٌ".

قلت: هكذا وقع في رواية محمد بن كثير: "عَنْ أَبِي الزِّنَادِ" بَدَلَ "أَبِي الزُّبَيْرِ"! وكأنه تصحّف عليه! وهو ليس بالقوي، وكان كثير الخطأ!

·       خاتمة:

وبعد هذه الجولة في الأحاديث التي رُويت عن سفيان بن عيينة وفيها اختلاف في صيغ الأداء وجدت (25) حديثاً جاء فيها صيغة الأداء: «رواية».

وهذه اللفظة «رواية» من عبارات ابن عيينة، فلم يذكرها أحد إلا هو، وهي ليست من التابعين كما جزم الخطيب فيما نقلت عنه في تبويبه إن ذلك من التابعي عن الصحابي!

وهذه العبارات الظاهر أنها ليست من باب التنوع! بل هي من باب أنه أحياناً كان يرفع الحديث، وأحياناً يقفه! فيأتي بهذه الصيغة للدلالة على الوقف! ويدلّ على ذلك أمور:

أولاً: في حديث [4]: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ».

رُوي هذا الحديث بالصيغ الثلاثة، لكن الحاكم لما خرّجه قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَانَ رَوَوْهُ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ".

وظاهر كلامه أنه يُفرّق بين هذه الصيغ! والحديث قد خرجه الشيخان لا كما قال الحاكم!

ثانياً: في حديث [5] لما تكلّم الدارقطني عن الاختلاف في أسانيده، قال:

" فَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِينِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَعُثْمَانُ بنُ يَحْيَى القَرْقَسَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُونٍ الخَيَّاطُ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابنِ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ المُغِيرَةِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ لُوَيْنٌ عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: أَرَى حَدِيثَ مُطَرِّفٍ رِوَايَةً".

فقول ابن عيينة: "أرى حديث مطرف رواية" = يعني موقوفاً في مقابل الرفع، والحديث قد رَفَعَهُ ابنُ أَبْجَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ مُطَرِّفٌ.

فقول ابن عيينة هنا نصٌّ على أن قوله رواية = يعني موقوفاً.

ثالثاً: في حديث [6] بيّن الدارقطني الاختلاف على ابن عيينة في هذه الصيغ!

قال: "يَرْوِيهِ ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَفَعَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ عَنْهُ، قَالَ مَرَّةً: رِوَايَةٌ، وَقَالَ مَرَّةً: يُبَلِّغُ بِهِ.

وَقَالَ مَحْمُودُ بنُ آدَمَ: عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، الحَدِيثَ بِطُولِهِ مَوْقُوفًا.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، وَأَبُو مَعْمَرٍ، عَنِ ابنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَا: عَنْهُ، عَنْ عمرو، عن عكرمة، قال: أنبأنا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَدِيثَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ" انتهى.

فالدارقطني فرّق بين هذه الصيغ الثلاثة، ورجّح صيغة الرفع المعروفة، ولو كانت هذه الصيغ بمعنى واحد لما احتاج أن يبيّن الاختلاف فيها ثم الترجيح!

رابعاً: في حديث رقم [7] من رواية البخاري: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ»، مِثْلَهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟ قَالَ: "فَأَيُّ شَيْءٍ"!

قلت: ساقه البخاري مرفوعاً، ثم ساقه من طريق ابن عيينة أيضاً لكن موقوفاً، وجاء السؤال لسفيان: هل هذا الحديث رواية؟ فقال: "فأي شيء"!

قال الكرماني في «الكواكب الدراري» (18/44): "قَوْله: «قيل لِسُفْيَان رِوَايَة» أَي: تروي رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم تَقول عَن اجتهادك؟ قَالَ: فَأَي شَيْء كَانَ لَوْلَا الرِّوَايَة؟"

وأخذه العيني منه، فذكره في «عمدة القاري» (19/114) بحروفه!

قلت: فهم الكرماني أن معنى "رواية" أي مرفوعاً! لكن ظاهر كلام سفيان ليس كذلك! فهو قد حدّث به موقوفاً، فجاء السؤال: "رواية" = يعني موقوفاً؟ فقال: "فأي شيء" = يعني وهل غير الموقوف!

فالسائل أراد التأكد أنه موقوف، فأكّد له سفيان ذلك، فقال: فأي شيء؟ = يعني كما رويته، ولو أراد الرفع لرفعه عند التحديث به دون انتظار سؤال الطالب عنه.

وهذا السؤال لسفيان يدلّ على أن هذه اللفظة كانت معروفة عن سفيان وتعني عندهم شيئاً يعرفونه، ولو كان معناها الرفع لما احتاج أن يُسأل، وكذلك لما حرص الرواة على أن ينقلوا ذلك كما سمعوه من سفيان، ولما فرّقوا بين هذه اللفظة وغيرها.

خامساً: في حديث رقم [12] من حديث أحمد وغيره عن ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً، قَالَ: «إذَا أَتَيْتُمَ الصَّلاَة فَلاَ تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا».

ورواه أحمد أيضاً قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ": «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ، فَاقْضُوا».

فهذا يدلّ على أن معنى: "رواية" = موقوفاً.

فهو حدّث به عن أبي هريرة موقوفاً، فسُئل: هل مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب بنعم.

سادساً: في حديث رقم [17] و [18] عن أحمد عن سُفْيَانُ من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً - وقَالَ مَرَّةً: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فتفريق أحمد هنا في الرواية أن سفيان قال مرة: "رواية"، وقال مرة: "يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم" يدلّ على الاختلاف بينهما، فالأول موقوف، والثاني مرفوع!

سابعاً: جاءت بعض الأحاديث بصيغة «رواية»، وفي بعضها: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ" = فهذا يدل على أن سفيان كان يُحدث به موقوفاً، ولهذا سئل عن الرفع.

ثامناً: في حديث [25] جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ العِلْمَ فَلاَ يَجِدُونَ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ».

وفي رواية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ.

وفي رواية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - إِنْ شَاءَ اللهُ -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وفي رواية: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - قِيلَ لَهُ – أي: لسفيان -: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ -.

ورواية الجماعة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورُوي عن ابن عيينة موقوفاً!

فلما رواه أحمد عن سفيان مرفوعاً، قال: "وَأَوْقَفَهُ سُفْيَانُ مرة، فلم يجز بِهِ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ العِلْمَ، فَلا يَجِدُونَ أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ»". [المنتخب من علل الخلال: (67)].

ورواية الوقف كأنها ما رواه الترمذي عن الحَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوسَى الأَنْصَارِيّ. والحاكم من طريق عَبْدِالجَبَّارِ بنِ العَلَاءِ، وَمُحَمَّدِ بن مَيْمُونٍ. أربعتهم عن سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رِوَايَةً، قَالَ: «يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضْرِبُوا أَكْبَادَ الْإِبِلِ» الحَدِيثَ.

ورواه ابن عدي في «الكامل» (1/243) (492) عن أحمد بن الحسين بن إسحاق الصُّوفي. ومحمد بن مخلد العطار في «ما رواه الأكابر عن مالك» (46) عن أَبي العَبَّاسِ إِسْحَاقَ بنِ يَعْقُوبَ العَطَّار. كلاهما عن أَبي مُوسَى إسحاقَ بن موسى الْأَنْصَارِيّ، وفيه: "عن أبي هريرة، مرفوعاً".

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (9/52) (3736) عن الحُسَيْن بن عَبْدِاللَّهِ بنِ يَزِيدَ القَطَّان، عن إِسْحَاقَ بنِ مُوسَى الْأَنْصَارِيّ، وفيه: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قلت: فيُحتمل أن رواية الترمذي عن إسحاق بن موسى ليس فيها: "رواية" وإنما ذلك في رواية الحسن بن الصباح، فلما جمع بينهما ساق ما في رواية الحسن، أو أن فيها: "رواية"، ففهم بعض من روى عن إسحاق أن المعنى: "مرفوعاً" كما جاء في رواية ابن عدي، وابن مخلد، وفهم ابن حبان الرفع فذكر: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"، والله أعلم.

ورواه الخليلي في «الإرشاد» (1/209) (17) من طريق مُحَمَّدِ بنِ زُنْبُورٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَيْمُونٍ، ولم يذكر "رواية" كما في رواية الحاكم، وكأن ذلك بسبب أنه جمع بين رواية ابن ميمون مع ابن زُنبور، وفهم من لفظ: "رواية" الرفع، فساقها بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جمع روايتين أخريين معهما.

وكان الحاكم قد رواه قبل من طريق الحُمَيْدِيّ، ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَدْ كَانَ ابنُ عُيَيْنَةَ رُبَّمَا يَجْعَلُهُ رِوَايَةً"، ثم رواه من طريق سفيان روايةً، ثم قال: "وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُوهِنُ الحَدِيثَ فَإِنَّ الحُمَيْدِيَّ هُوَ الحَكَمُ فِي حَدِيثِهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِهِ وَكَثْرَةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ، وَقَدْ كَانَ ابنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: نَرَى هَذَا العَالِمَ: مَالِكَ بنَ أَنَسٍ".

قلت: فتبيّن من قول الحاكم أن معنى ما جاء في الإسناد: "رواية" = يعني: موقوفاً من قوله؛ لأنه حكم لرواية الحميدي المرفوعة مقابل الرواية التي رواها سفيان رواية.

ويؤيده أنه لما روى الحديث عن أبي هريرة مرة وقفه، فقيل له: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ!

وكأن الترمذي وغيره من أهل العلم فهموا أن معنى قوله: "رواية" = يعني مرفوعاً! والله أعلم.

وهذا ظاهر تصرف ابن أبي شيبة أنه يرى أنها تعني الرفع؛ لأنه من المعروف أنه يبدأ الباب بالأحاديث المرفوعة في الغالب، وما ذكره من أحاديث عن ابن عيينة بهذه اللفظة كان يبدأ بها الباب، ثم يُردف بعدها أحاديث أيضاً معروفة.

فهذه الأدلة كلها تعني أن معنى: «رواية» = الوقف.

والمعروف أن سفيان بن عيينة كان أحياناً يرفع الحديث، وأحياناً يقفه، وهذا له أسبابه عنده، فلعله رأى أن الحديث الذي كان يُحدّث به مرفوعاً الأصوب فيه الوقف، أو أنه أُتي من حفظه بعدما كَبُر، وقد يكون تحديثه بالوقف في مجالس المذاكرة أو الفتوى ونحو ذلك.

وقد أثبت بعض كِبار أهل العلم أن سفيان بن عُيينة قد تغير بأخرة، ولكن تغيره غير فاحشٍ، وهو مقصورٌ على الزيادة والنقص في الإسناد، وقد حققت هذه المسألة في بحثٍ خاصٍ تحت عنوان: «عِلل حديث سفيان بن عُيينة»، ولله الحمد والمنّة.

قال ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/280) (983): حَدَّثَنا عَبْداللَّهِ بنُ الزُّبَيْر الحُمَيْدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا سَعْد بنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ، قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ».

قلت لسفيان - أو قيل له -: إنهم يرفعونه؟ فَقَالَ: "اسكت عنه، فقد عرفت ذاك"!

يعني: من رووه مرفوعاً عن سعد بن سعيد، منهم: ابن جُريج، والثوري، وعَمرو بن الحارث، وابن المبارك، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم.

فهؤلاء رووه مرفوعاً، وسفيان أوقفه! وهذا مصيرٌ منه إلى عدم تصحيحه!

وذكر أبو سعد ابن السمعاني في ترجمة «إسماعيل بن أبي صالح المؤذن» من «ذيل تاريخ بغداد» بسندٍ له قويٌّ إلى عبدالرحمن بن بشر بن الحكم، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: قلت لابن عيينة، تكتب الحديث وتُحدِّث القوم وتزيد في إسناده أو تنقص منه؟ فقال: "عليك بالسماع الأول، فإني قد سَمنت". [تهذيب التهذيب: (4/121)].

وقول سفيان: "إني قد سمنت" يعني كثر لحمه وشحمه، وهو كناية عن الكِبَر في السنّ. وقد وهم بعض الباحثين المعاصرين بقوله: "سئمت" من السآمة!!

ونقلها المعلمي في «التنكيل»: "فإني قد سئمت"، ثم فسرها بقوله: "كأنه يريد: سئِمَ من مراجعة أصوله".

ولو كانت "سئمت" لكانت مشكلة، إذ كيف يسأم من الحديث ومراجعته، وكذلك فإنه لا يناسب قوله: "عليكم بالسماع الأول" لأن هذا يفيد حصول تغير عنده، والتغير لا يكون من السآمة بل من تقدم السن وهذا ما كنى عنه بقوله: "سمنت".

فإن قال قائل: لعله سئم من الطلبة وكثرة أسئلتهم ومراجعتهم، فيجاب: بأن هذا حديث ورواية عن النبي صلى الله عليو سلم، ولا يجوز لأحد التهاون في روايته فكيف بمثل سفيان في تحريه وزهده وورعه، ولذلك قال ما قال منبها أصحابه، فيلزم من ذلك الطعن فيه حاشاه، فلذلك كان عزو التغير للاختلاف بالكبر أفضل من السآمة، والله أعلم.

ووجود هذه الأحاديث موقوفة عن سفيان على اعتبار أن معنى «رواية» = الوقف، فلا يلزم من ذلك أن رواية الوقف تعل المرفوع. بل كما مر معنا في تضاعيف البحث وما سبق من الأمثلة أن غالبها روي موقوفًا ومرفوعا، وقد كان المحفوظ عن سفيان الرفع فيها، لكن سفيان كان قد حدث بها على الوجهين، وبيَّنا أنه كانت عنده بعض الأسباب. لذلك إن ثبت أن الحديث مرفوع وخاصة من طرق أخرى كان الحديث محفوظاً.

وقد تبيّن لنا من خلال البحث أن غالب أهل الرواية كانوا يرون أن صيغة «رواية» تعني المرفوع، كالإمام البخاري، ومسلم، فإنهما رويا بعض الأحاديث بهذه الصيغة في «صحيحيهما»!

وأحياناً يكون في الإسناد: «رواية» وفي رواية أخرى: «يرفعه» أو «يرويه»، والأظهر أن «يرفعه» أو «يرويه» مصحفة عن «رواية»!

وما يأتي في بعض الكتب: «رِوَايَةً: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ» خطأ من بعض الرواة أو النسّاخ! يزيدون: «عن النبي صلى الله عليه وسلم قال»! ولو كان معنى «رواية» الرفع لما احتيج إلى ذكرها، فيُكتفى بها مجردة أو بذكر الرفع.

والحمد لله ربّ العالمين.

وكتب: د. خالد الحايك.

8 ربيع الأول 1445هـ.

شاركنا تعليقك