الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

كتب الرُدود بين القبول والرد!

كتبُ الردود: بين القَبول والرد!

 

بقلم: خالد الحايك.

 

لقد قيّض الله - عزّ وجلّ - لهذا الدّين علماء أجلاء على مرّ العصور والأزمان، يحملون رايته، وينافحون عمّن يطعن فيه، ويبينون للأمة ما يحتاجون إليه في دنياهم وأخراهم.

ولا زال العلماء - رحمهم الله - يرد بعضهم على بعض، وقد تمثّل ذلك في نقل تلك الردود، ومن ثَمّ تصنيف الكتب في ذلك، من باب النصيحة في دين الله.

ولطالما سمعت من بعض المشايخ أنهم يكرهون تصنيف هذه الكتب بحجة أن ذلك يزيد الفُرقة بين الأمة! ولما في ذلك من حظٍّ للنفوس في هذه الكتب!

نعم، قد ينتج عن بعض هذه الكتب بعض ما يذكره من لا يحبذ هذا اللون من التصنيف! ولكن إذا صنّف أي إنسانٍ كتاباً، وكان هذا الكتاب فيه ما فيه من مجانبة الحقّ –ولو على الأقل في نظر البعض- لكان واجباً على بعض أفراد العلماء أن يبينوا ما في ذلك الكتاب نصحاً لله ولرسوله وللمسلمين.

وإنما كره بعض أهل العلم هذه الكتب لما فيها من التشنيع بغير حقّ ولما فيها من سوء الأدب مع العلماء الكبار! فإذا كان هذا الرد مبنيّاً على أسس علمية متينة وخلق وأدب فلا بأس من ذلك.

ولولا ردود أهل العلم بعضهم على بعض لما ظهر كثير من هذا العلم. ومن أحسن الأمثلة على ذلك في زماننا هذا: كتاب الإمام العلامة المعلمي اليماني: ((التنكيل لما في تأنيب الكوثري من الأباطيل))؛ فإن هذا الكتاب فيه علم كثير، بيّن فيه مؤلفه –رحمه الله- كثير من الأصول العلمية في علم الحديث، ونافح عن تعديات أهل البدع على علماء أهل السنة والجماعة، ورد العصبية المقيتة التي كانت عند صاحب الأصل. ولولا هذا الرد العظيم لحُرمنا علماً كثيراً كان في صدر الإمام اليماني –رحمه الله-.

وكأني بمن يكره هذه الردود هو عدم مقدرته على الرد على بعض من ينتحل علماً ليس عنده!

وهذه كلمات ذهبية، من ذهبي عصره، بل وذهبي كلّ عصر، الإمام الذهبي قالها في ترجمة ((محمد بن عبدالله بن عبدالحكم المصري)) من كتابه العظيم ((سير أعلام النبلاء)) (12/500) بيّن فيها أهمية هذه الكتب وفوائدها، وذم من كانت نيته سيئة في تلك الردود. قال:

"له تصانيفُ كثيرة، منها: كتابٌ في ((الرد على الشافعي))، وكتاب ((أحكام القرآن))، وكتاب ((الرد على فقهاء العراق))، وغير ذلك.

وما زال العلماء قديماً وحديثاً يرد بعضُهم على بعضٍ في البحث، وفي التواليف، وبمثل ذلك يتفقّه العالِم، وتتَبرهنُ له المشكلات. ولكن في زماننا قد يُعاقَب الفقيهُ إذا اعتنى بذلك لسوء نيّته، ولطلبه للظُّهور والتكثُّر، فيقوم عليه قضاةٌ وأضداد. نسأل الله حسن الخاتمة، وإخلاص العمل".

قلت: نعم، ينبغي إخلاص النية في كلّ عمل. ونسأل الله كذلك حسن الخاتمة.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

شاركنا تعليقك