الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (31). قولُ ابنِ مَعينٍ في حَدِيْث ابنِ عُكَيْمٍ في المَيْتة: «أَفْسَدَهُ الشَّامِيُّونَ، عن عَبدِاللهِ بنِ عُكَيم»!

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (31).

قولُ ابنِ مَعينٍ في حَدِيْث ابنِ عُكَيْمٍ في المَيْتة: «أَفْسَدَهُ الشَّامِيُّونَ، عن عَبدِاللهِ بنِ عُكَيم»!

 

قال ابنُ مُحْرِز فيما نقله عن ابن معين من «معرفة الرِّجال» (ص: 179) (607): سَمِعْتُ يَحْيَى في حَدِيْث ابن عُكَيْم في الميتة: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ»: "إِنَّهُ لا يَسْوِي فِلْسًا".

قِيْلَ ليَحْيَى: كَيْفَ هَذَا؟

قَالَ: "أَفْسَدَهُ الْشَّامِيُّونَ، عن عبدالله بن عُكيم، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَاب لنا".

قِيْلَ ليَحْيَى بن مَعِيْنٍ: من حَدَّثَ بِهِ؟ قَالَ: "بِإِسْنَادٍ ثِقَةٍ".

قلت: حديث عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ حديث مشهور، رواه عنه جماعة، منهم: عبدُالرّحمن بنُ أَبِي لَيْلَى، وزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وهِلالُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الوَزَّانُ، وأَبُو فَرْوَةَ مُسْلِمُ بنُ سَالِمٍ الجُهنيُّ، وعَبْدُاللَّهِ بنُ عُبَيْدِاللَّهِ الهَاشِمِيُّ، وَالقَاسِمُ بن مُخَيْمِرَةَ.

وأشهر طرقه حديث ابن أبي لَيلى؛ لأنه كان صاحباً لابنِ عُكيم، وكانا متواخيين، وكان ابن عكيم عُثْمَانِيّاً، وابن أبي ليلى عَلَوِيّاً، وكانوا يَتَزَاوَرُون فِي اليَوْمِ مِرَارًا، فَقال عَبْدُاللَّهِ له يوماً: «لَوْ صَبَرَ صَاحِبُكَ - يَعْنِي عَلِيًّا - لَأَتَاهُ النَّاسُ حَتَّى يُبَايِعُوهُ». ولما مَاتَتْ أُمُّ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى قَدَّمَ عَبْدَاللهِ بنَ عُكَيْمٍ فِي الصَّلاَةِ عَلَى أُمِّهِ، وَكَانَ إِمَامَهُم، وَكَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ جُهَيْنَةَ بِالكُوفَةِ.

·       حديث عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عن عَبْدَاللهِ بنَ عُكَيْمٍ:

أما حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى فرواه الحكم بن عُتيبة عنه، ورواه عن الحكم جماعة.

رواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2/623) (1389). [ورواه البغوي في «معجم الصحابة» (4/167) (1678) عن هارون بن عبدالله الحمّال، عن أبي داود. ورواه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (3/1741) (4413) من طريق الطيالسي].

وأحمد في «مسنده» (31/74) (18780) و(31/81) (18785). وابن أبي شيبة في «مصنفه» (12/631) (25787)، و(18/345) (34587). والطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/826) (1225) عن مُحَمَّدِ بن المُثَنَّى. ثلاثتهم (أحمد، وابن أبي شيبة، وابن المثنى) عن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ غُنْدَر. [ورواه ابن ماجه في «سننه» (4/604) (3613) عن أَبي بَكْر بن أبي شيبة].

وعَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (1/65) (202) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ كَثِيرٍ.

وأحمد في «مسنده» (31/74) (18780) عن وَكِيع.

وابن سعد في «الطبقات» (6/169). والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/280) (3236)، وفي «شرح معاني الآثار» (1/468) (2688) عن أَبي بَكْرَةَ بَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ. والبغوي في «معجم الصحابة» (4/167) (1678) عن هارون. ثلاثتهم (ابن سعد، وبكّار، وهارون الحمّال) عن وَهْبِ بنِ جَرِيرٍ.

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/280) (3236)، وفي «شرح معاني الآثار» (1/468) (2688) عن أَبي بَكْرَةَ بَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، عن أَبي عَامِرٍ العَقدي.

والنسائي في «السنن الكبرى» (4/384) (4561)، وفي «الإغراب من حديث شعبة وسفيان» (ص: 145) (79) عن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُودٍ، عن بِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ.

وإبراهيم الحربي في «غريب الحديث» (1/301) عن مُسَدَّد، عن يَحْيَى القطان.

وأبو داود في «سننه» (6/213) (4127). وابن المُنذر في «الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف» (2/263) (846) عن يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ. كلاهما (أبو داود، ويحيى) عن أَبي عُمَرَ حَفْص بنِ عُمَر الحَوْضِيّ.

وابن حبان في «صحيحه» (4/94) (1278) من طريق إِسْحَاق بنِ إِبْرَاهِيمَ. والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص: 86) من طريق سَعِيدِ بن مَسْعُودٍ. كلاهما (إسحاق، وسعيد) عن النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ. [ورواه البيهقي في «السنن الكبرى» (1/22) (41) عن الحاكم].

وتَمَّام في «فوائده» (1/312) (783) من طريق أَبي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي جَمِيلٍ، عن حَجَّاج بنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَر.

وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 153) (156) من طريق أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عن يَحْيَى بنِ أَيُّوبَ، عن عَبَّاد بنِ عَبَّادٍ المُهلبيّ.

والمزي في «تهذيب الكمال» (15/320) من طريق أَبي نُعَيْمٍ الحَافِظ، عن حَبِيب بن الحَسَنِ، عن يُوسُف القَاضِي، عن عَمْرو بنِ مرزوقٍ.

كلهم (أبو داود الطيالسي، وغُندر، وعبدالله بن كثير، ووكيع، ووهب بن جرير، وأبو عامر العقدي، وبشر بن المفضل، ويحيى القطان، وأبو عمر الحوضي، والنضر بن شُميل، وحجاج الأعور، وعَبَّادُ بن عَبَّادٍ، وعمرو بن مرزوق) عن شُعْبَة.

[وخالف هؤلاء أبو سعيد شَبيب بن سعيد البصري، فرواه عن شعبة بلفظ: «إِنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي جُلُودِ المَيْتَةِ، فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِجَلْدٍ وَلَا عَصْبٍ»! وقوله: «إِنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي جُلُودِ المَيْتَةِ» منكر!

رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1/39) (104) من طريق فَضَالَة بن المُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ المصريّ، عن أَبِيه، عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ المصري، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ البَصْرِيِّ، وزاد فيه: «بِجَلْدٍ»!

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ البَصْرِيِّ، إِلَّا يَحْيَى بنُ أَيُّوبَ، تَفَرَّدَ بِهِ: فَضَالَةُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ أَبِيهِ".

قلت: بل توبع عليه، رواه ابن عدي في «الكامل» (6/155) (9211) في ترجمة «أبي سعيد البصري» من طريق ياسين بن عَبدالأحد بن أبي زُرَارَة القِتبَاني المِصري، عن أبيه، عن يَحيي بن أيوب. ولم يذكر «بِجَلْدٍ».

وهذا مما أخطأ فيه أبو سعيد البصري، وكان صاحب تجارة إلى مصر، فحدّث به هناك من حفظه فوهم فيه].

ورواه ابن أبي شيبة في «مسنده» (2/287) (784)، وفي «مصنفه» (12/630) (25785). [ورواه ابن ماجه في «سننه» (4/604) (3613) عن ابن أبي شيبة].

والنسائي في «السنن الكبرى» (4/385) (4562) عن مُحَمَّد بنِ قُدَامَةَ.

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/827) (1226). وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 151) (154) عن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيّ. كلاهما (الطبري، والبَاغَنْدِيّ) عن مُحَمَّدِ بن حُمَيْدٍ الرَّازِيّ.

وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 151) (154) عن البَاغَنْدِيّ، عن عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.

كلهم (ابن أبي شيبة، وابن قدامة، وابن حُميد، وعثمان بن أبي شيبة) عن جَرِيرِ بنِ عَبْدِالحَمِيدِ الرازي، عَنْ مَنْصُورِ بنِ المُعتمر.

[وقع في مطبوع ابن شاهين: "جَرِير بن عَبْدِالحَمِيدِ، عَنْ مُطَرِّفٍ"! وهو خطأ! والصواب: "عن منصور"].

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/274) (1729). والطبراني في «المعجم الكبير» [كما أشار ابن عبدالهادي في «تعليقته على علل ابن أبي حاتم» (ص: 137)] عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللَّهِ الحَضْرَمِيّ مُطيّن، وَمُوسَى بنِ هَارُونَ. ثلاثتهم (الترمذي، ومُطيّن، وموسى) عن مُحَمَّدِ بنِ طَرِيفٍ الكُوفِيّ، عن مُحَمَّدِ بن فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ.

ورواه ابن أبي شيبة في «مسنده» (2/287) (785)، وفي «مصنفه» (12/631) (25786) عن عَلِيّ بن مُسْهِرٍ. [ورواه ابن ماجه في «سننه» (4/604) (3613) عن ابن أبي شيبة].

والترمذي في «جامعه» (3/274) (1729). والطبراني في «المعجم الكبير» [كما أشار ابن عبدالهادي في «تعليقته على علل ابن أبي حاتم» (ص: 137)] عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِاللَّهِ الحَضْرَمِيّ مُطيّن، وَمُوسَى بنِ هَارُونَ. ثلاثتهم (الترمذي، ومُطيّن، وموسى) عن مُحَمَّدِ بن طَرِيفٍ الكُوفِيّ. والمحاملي في «أماليه - رواية ابن يحيى البيع» (ص: 117) (78) عن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ. كلاهما (محمد بن طريف، ومحمد بن أبي عون) عن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ.

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/281) (3238)، وفي «شرح معاني الآثار» (1/468) (2690) عن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بنِ يُونُسَ. والبيهقي في «السنن الكبير» (1/28) (58) من طريق مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيّ. كلاهما (محمد بن عمرو، ومحمد بن إسماعيل) عن أَسْبَاط بن مُحَمَّدٍ القرُشيّ.

وأبو بكر الإسماعيلي في «معجم أسامي شيوخه» (1/ 439) من طريق مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، عن مَنْصُور بن أَبِي الْأَسْوَدِ.

كلهم (علي بن مُسهر، وابن فُضيل، وأسباط، وابن أبي الأسود) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سُليمانَ بنِ أبي سُليمان الشَّيْبَانِيّ الكوفيّ.

ورواه ابن سعد في «الطبقات» (6/169). وعبدُ بنُ حُميدٍ في «مسنده» [كما في «المُنتخب» منه، (ص: 177) (488)]. كلاهما عن يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ الطنافسيّ، عن الْأَجْلَح بن عبدِالله الكندي الكوفي.

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1/251) (822) عن أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيّ، عن عَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِد، عن عَبْدِاللَّهِ بنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيّ، عن أَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ الكندي النّجار الكوفي الأفرق الأثرم. [وجاء في المطبوع «أشعث بن سوار الْأَجْلَح»! فلعل «الأجلح» محرفة من «النجار» أو «الأفرق»، أو «الأثرم»، والله أعلم].

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَشْعَثَ إِلَّا عَبْدُاللَّهِ بنُ إِدْرِيسَ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ".

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (4/93) (1277) عن عَبْدِالكَبِيرِ بنِ عُمَرَ الخَطَّابِيّ. والطبراني في «المعجم الأوسط» (7/330) (7642) عن مُحَمَّدِ بنِ مُوسَى الْإِصْطَخْرِيّ. كلاهما (عبدالكبير، والاصطخري) عن بِشْرِ بنِ عَلِيٍّ الكَرْمَانِيّ. [قال عنه ابن حبان: خبر غريب!].

وابن المقرئ في «معجمه» (ص: 38) (23) من طريق عُمَر بن حَمْدُونٍ الكَرْمَانِيّ الْإِيَادِيّ، عن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْقُوبَ الكَرْمَانِيّ.

وأبو نُعيم الأصبهاني في «تاريخ أصبهان» (2/169) و(2/276) من طريق مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَهْ، عن مُحَمَّد بن نَصْرِ بنِ عَبْدَةَ الخَرْجَانِيّ، عن مُحَمَّدِ بن مَنْصُورِ بنِ سَعِيدٍ الكَرْمَانِيّ. [وقع في المطبوع في كلا الموضعين: "مُحَمَّد بن نَصْرٍ: ثنا مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بْنِ سَعِيدٍ الكَرْمَانِيّ". وقد تحرف "منصور" إلى "نصر"، وكأنه سبق نظر لتقدم ذكر: "محمد بن نصر" فتكرر! وإنما هو: "محمد بن منصور"].

كلهم (بشر بن علي، ومحمد بن أبي يعقوب، ومحمد بن منصور، الكَرمانيون) عن حَسَّان بنِ إِبْرَاهِيمَ الكَرْمَانِيّ، عَنْ أَبَانَ بنِ تَغْلِبَ الكوفيّ.

ورواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/281) (3237)، وفي «شرح معاني الآثار» (1/468) (2689) عن أَبي بِشْرٍ عَبْدِالمَلِكِ بنِ مَرْوَانَ الرَّقِّيّ، عن شُجَاع بنِ الوَلِيدِ السَّكُونِيّ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ حُميدِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ.

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (2/320) (2100) عن أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيِّ، عن عُبَيْدِاللَّهِ بنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيّ، عن عَمّه يَعْقُوب بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ، عن أَبِيه، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، عن خَالِدِ بنِ كَثِيرٍ الهَمْدَانِيّ الكُوفِيّ.

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/40) (2407) عن أَبي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِاللِّهِ الكَشِّيّ، عن أَبي عُمَرَ الضَّرِير، عن أَبُي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيم بنِ عُثْمَانَ الكوفيّ.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ إِلَّا أَبُو عُمَرَ".

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (5/351) (5525) عن مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ. وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 151) (153) عن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيّ. كلاهما (محمد بن عثمان، والباغندي) عن عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، عن مُعَاوِيَةَ بنِ مَيْسَرَةَ بنِ شُرَيْحٍ الكوفيّ.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ مَيْسَرَةَ إِلَّا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ".

كلهم (شعبة، ومنصور، والأعمش، وأبو إسحاق الشيباني، والأجلح، وأشعث بن سوّار، وأبان بن تغلب، وعبدالملك بن أبي غنية، وخالد بن كثير، وإبراهيم بن عثمان، ومعاوية بن ميسرة) عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ».

وفي رواية: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وفي ثالثة: «كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وفي رابعة: «قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ».

·       من رَوى الحديث عن الحكم بن عُتيبة:

هذا ما وجدت من طُرق للحديث عن الحكم بن عُتيبة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن جماعة كبيرة رووه عنه.

قال ابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 151): "رَوَاهُ عَنِ الحَكَمِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ: الْأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، وَالشَّيْبَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بنُ مُسْلِمٍ، وَشُعْبَةُ، وَمُطَرِّفٌ، وَمِسْعَرٌ، وَالْأَجْلَحُ، وَخَالِدُ بنُ كَثِيرٍ، وَالمَسْعُودِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَالحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو مَرْيَمَ، وَعَبْدُالمَلِكِ بنُ أَبِي غَنِيَّةَ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَالعَرْزَمِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عِمَارَةَ، وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ، وَيَزِيدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَطَلْقُ بنُ السَّرِيِّ، والرَّبِيعُ بنُ الرُّكَيْنِ، وأَبُو سَعِيدٍ البَقَّالُ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسٍ".

وقال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (3/1741): "رَوَاهُ عَنِ الحَكَمِ: الْأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ - هو: الشيباني -، وَمَنْصُورٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَمُطَرِّفُ بنُ طَرِيفٍ، وَمِسْعَرٌ، وَيُونُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَعَمْرُو بنُ قَيْسٍ المُلَائِيُّ، وَعُتْبَةُ بنُ عَبْدِاللهِ، وَحُلْوُ بنُ السَّرِيِّ، وَالمَسْعُودِيُّ".

قلت: هناك بعض الطرق عن بعض هؤلاء لكن فيها تفردات غريبة، وبعضها فيها أوهام، وبعضها فيها اختلافات!

·       حديث مَطَرٍ الوَرَّاقِ وَمُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ:

فحديث مَطَرٍ الوَرَّاقِ وَمُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ رواه الطبراني في «المعجم الصغير» (1/369) (618) عن أبي أَحمدَ عَبْدِاللَّهِ بن قُرَيْشٍ الْأَسَدِيّ البَغْدَادِيّ، قَالَ وَجَدْتُ فِي سَمَاعِ الفَرَجِ بنِ اليَمَانِ الكَرْدَلِيِّ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ وَمُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، به.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَطَرٍ وَابنِ جُحَادَةَ إِلَّا دَاوُدُ، وُجُودًا فِي سَمَاعِ الفَرَجِ".

والفرج هذا ذكره الخطيب في «المؤتلف والمختلف» (4/1879) فقال: "إن عَبدالله بن قُرَيْش بن إِسْحَاق الأَسَدِيّ يَرْوي كتاب يَمان الكردلي، وفرج وطرخان ابني يمان".

وداود بن الزبرقان الرقاشي البصري متروك الحديث، وكذّبه الجوزجاني.

وروى الخطيب في «تلخيص المتشابه في الرسم» (1/351) من طريق مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيّ، عن عَبْدِاللَّهِ بنِ سِنَانٍ البَصْرِيّ، عن بِشْرِ بنِ عَبْدِالمَلِكِ البَصْرِيّ، عن قُرَّة بن سُلَيْمَانَ الجَهْضَمِيُّ، عن هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ البصريّ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي المَيْتَةِ فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَلا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ».

قلت: وهذا لفظ منكر!

وقرة بن سليمان الجهضمي الازدي جليس حماد بن زيد، قال فيه أبو حاتم: "ضعيف الحديث".

·       حديث حَمْزَة الزَّيَّات:

وحديث حَمْزَة الزَّيَّات رواه الطبراني في «المعجم الصغير» (2/214) (1050) عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدَانَ الْأَهْوَازِيِّ أَبي بَكْرٍ، عن مُحَمَّدِ بنِ غَالِبِ بنِ حَربٍ تَمْتَام، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ بنُ النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، به.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمْزَةَ إِلَّا عَبْدُالصَّمَدِ".

قلت: عبدالصمد بن النعمان البغدادي البزّاز ليس بالقوي، وحمزة الزيّات القارئ ضعيف!

·       حديث يَزِيد بن أَبِي زِيَادٍ:

وأما حديث يَزِيد بن أَبِي زِيَادٍ فجعله ابن شاهين عن الحكم، لكن قال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (3/1741): "وَرَوَاهُ يَزِيدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ ابنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ".

ثم ساقه (4414) عن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَلْمٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثُمَامَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي وَضَّاحِ بنِ حَسَّانَ قَالَ: حدثنا أَبُو جُزَيٍّ نَصْرُ بنُ طَرِيفٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ ابنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الحَدِيثَ.

والحديث مشهور بالحكم، فتعيّن من ذلك أن يكون هناك سقط من إسناد الحديث السابق الذي ساقه أبو نُعيم، سقط منه «الحكم»، فصار الحديث: "عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم"! والصواب: "عن يزيد بن أبي زياد، [عن الحكم]، عن ابن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم".

وكأن السقط من أصل كتاب وضّاح بن حسّان، ويُروى عنه وِجادة!

فيزيد بن أبي زياد لم يتابع الحكم عليه كما هو ظاهر من الرواية، وإنما هو يروي الحديث عن الحكم عن ابن عُكيم.

وأبو جُزَيُّ نَصْر بن طَرِيْفٍ، لَيْسَ بِشَيْءٍ، واتهمه بعضهم بالكذب!

ووَضَّاحُ بنُ حَسَّانٍ قال فيه يعقوب بن سفيان الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/437): "شَيْخٌ كُوفِيٌّ مُغَفَّلٌ أَنْبَارِيٌّ".

وحفيده ذكره الخطيب في «تاريخ بغداد» (2/111) (82) قال: "محمد بن أحمد بن أبي ثمامة أبو العباس القاضي من أهل الأنبار. حدث عن وجوده في كتاب جدّه وضاح بن حسان الأنباري".

·       حديث المَسْعُودِيّ:

وذكر ابن شاهين، وأبو نُعيم أن المَسْعُودِيّ - وهو عبدالرحمن بن عبدالله - رواه عن الحكم بن عُتيبة! لكن وجدته عنه عن عبدالملك بن عُمير الكوفي!

رواه أبو طاهر المُخلّص في «المخلصيات» (2/275) (207) عن يحيى بن محمد بن صاعد. والطبراني في «المعجم الأوسط» (6/308) (6490) عن مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى بنِ شَيْبَةَ. كلاهما (ابن صاعد، وابن شيبة) عن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِيّ، عن إِسْمَاعِيل بن عُمَرَ أَبي المُنْذِرِ الواسطيّ، عن المَسْعُودِيّ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ. [ووقع في مطبوع «المخلصيات»: "عبدِالملكِ بنِ ميسرةَ"!].

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ عمير إِلَّا المَسْعُودِيُّ، وَلَا عَنِ المَسْعُودِيِّ إِلَّا إِسْمَاعِيلُ بنُ عُمَرَ. تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ". [وقع في المطبوع: "عَبْدالمَلِكِ بن عَمِيرَةَ"!].

قلت: المسعودي كان قد اختلط، فيحتمل أنه رواه عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن ابن عكيم، ورواه أيضاً عن عبدالملك بن عمير عن ابن عكيم، فقصّر فيه! ويُحتمل أن «الحكم بن عتيبة» تحرّف إلى «عبدالملك بن عمير» أو «بن ميسرة» أو «عميرة» كما وقع في المطبوعات أعلاه! وسقط منه "ابن أبي ليلى"!

والمسعودي يروي عن الحكم بن عتيبة، والحديث حديثه، وليس حديث عبدالملك بن عمير، والله أعلم.

·       حديث أَبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيّ:

وذكر أبو نُعيم أن أبا إسحاق السبيعي رواه عن الحكم بن عتيبة.

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/828) (1229) عن عِمْرَانَ بنِ بَكَّارٍ الكَلَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ الكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ، به.

كذا فيه: "أبو إسحاق، عن عبدالله بن عكيم"! والظاهر أنه سقط منه: "الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى"، فالحديث حديث الحكم، وأبو إسحاق السبيعي قد رواه عنه كما قال ابن شاهين، وأبو نُعيم.

وعَليّ بن سُلَيْمَان بن كيسان الكَلْبِيّ مولاهم أَبُو نَوْفَل، من أهل الكوفة، وسكن دمشق. يروي عَنْ أبي إِسْحَاق السبيعِي وَالْأَعْمَش، روى عَنهُ: الوَلِيد بن مُسلم، وَهِشَام بن عمار، وغيرهما.

قال أبو حاتم: "ما أرى بحديثه بأساً، صالح الحديث ليس بالمشهور".

وقال ابن حبان في «الثقات»: "يُغرِب".

وقال ابن أبي عاصم «الآحاد والمثاني» (4/293): حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الكَلْبِيُّ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ ثِقَةٌ، رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ-".

·       حديث خَالِدٍ الحَذَّاء:

ورواه خالدُ الحذاء، واختلف عليه:

رواه أحمد في «مسنده» (31/80) (18783) عن خَلَف بن الوَلِيدِ. وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 153) (156) من طريق أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ. كلاهما (خلف، ويحيى) عن عَبَّاد بن عَبَّادٍ المُهلبيّ، عن خَالِدٍ الحَذَّاءُ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ ابنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ.

ورواه أحمد في «مسنده» (31/79) (18782). والشَّافِعِيُّ [فِي «سُنَنِ حَرْمَلَةَ» كما قال البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (1/247) (542)]. كلاهما (أحمد، والشافعي) عن عَبْدِالوَهَّابِ بنِ عَبْدِالمَجِيدِ الثَّقَفِيّ. والطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/825) (1223) عن عِمْرَان بنِ مُوسَى القَزَّاز، عن عَبْدِالوَارِثِ بن سَعِيدٍ. كلاهما (عبدالوهاب، وعبدالوارث) عن خَالِدٍ الحَذَّاءُ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ.

ورواه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (3/1741) (4415) من طريق عَلِيِّ بنِ عَبْدِالحَمِيدِ، عن أَبُي شِهَابٍ عبد ربّه بن نافع الحنَّاط الكوفيّ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ.

فالحديث رواه عَبَّاد بن عَبَّادٍ المُهلبيّ، عن خَالِدٍ الحَذَّاءُ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ ابنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ، مثل رواية الجماعة عن الحكم بن عتيبة.

ورواه عبدالوهاب الثقفي، وعبدالوارث بن سعيد، عن خَالِدٍ الحَذَّاءُ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ. ولم يذكرا فيه: "ابن أبي ليلى"!

ورواه أَبو شِهَابٍ عبد ربّه بن نافع الحنَّاط الكوفيّ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ. فذكر فيه: "عبدالله بن شداد"!

وهذا وهم فيه أبو شهاب، ولم يكن بالحافظ!

ويظهر أن خالداً الحذاء كان أحياناً يرويه عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي ليلى، عن ابن عكيم، وأحياناً لا يرويه عن الحكم، عن ابن عكيم، دون ذكر "ابن أبي ليلى"! ووجود الواسطة بين الحكم وابن عكيم هو الصواب، ورواية أبي شهاب وإن كانت خطأً إلا أن فيها الواسطة.

وكأن خالداً كان لا يذكر "ابن أبي ليلى" أحياناً؛ لأنه روى قصة الحديث وليس فيه ذكره.

رواه أبو داود في «سننه» (6/215) (4128) عن محمدِ بن إسماعيل بن أبي سَمِينَة مولى بني هاشِمٍ، عن عبدالوهاب الثقفيّ.

والطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/826) (1224) عن مُحَمَّدِ بن عَبْدِالْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ. والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/283) (3240) عن يُوسُف بنِ يَزِيدَ، عن نُعَيْم بن حَمَّادٍ. كلاهما (محمد بن عبدالأعلى، ونُعيم بن حماد) عن المُعْتَمِر بن سليمان.

كلاهما (عبدالوهاب، والمعتمر) عن خَالِدٍ الحذّاء، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّهُ انْطَلَقَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ - رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ - قَالَ الحَكَمُ: فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ قَالَ: فَخَرَجُوا، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بنَ عُكَيْمِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ مَيْتَةٍ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

وفي رواية نُعيم بن حماد: "كَتَبَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرَيْنِ".

وفي رواية الطبري: "قَالَ خَالِدٌ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ هَذَا الكِتَابِ بِكِتَابٍ آخَرَ، فَقُلْتُ: فِي تَحْلِيلِهِ، كَيْفَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ وَهَذَا كَانَ بَعْدَهُ".

ورواه ابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص: 152) (155) عن عَبْداللَّهِ بن مُحَمَّدٍ البَغَوِيّ، عن سَوَّار بن عَبْدِاللَّهِ العنبريّ القاضي، قَالَ: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمِ - رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ - قَالَ الحَكَمُ: فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ قَالَ: فَخَرَجُوا، فَأَخْبَرُونِي... الحديث.

كذا زاد فيه سوّار: "عن عبدالرحمن بن أبي ليلى"! وهو خطأ! وقد تقدمت رواية محمد بن عبدالأعلى الصنعاني، ونُعيم بن حماد المروزي، عن المُعْتَمِر بن سليمان، دون ما زاده سوّار، وهو المحفوظ كما رواه عبدالوهاب الثقفي أيضاً عن خالد الحذاء.

فخَالِدٌ الحَذَّاءُ قَالَ عَنِ الحَكَمِ قَالَ: "انْطَلَقْتُ مَعَ الْأَشْيَاخِ حَتَّى أَتَيْنَا عَبْدَاللَّهِ بنَ عُكَيْمٍ".

وهذا يعني أن الحكم بن عُتيبة لَمْ يَسْمَعْهُ مِنِ ابنِ عُكَيْمٍ، وَلَكِنْ مِنْ أُنَاسٍ دَخَلُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجُوا فَأَخْبَرُوهُ بِهِ.

واستند بعض أهل العلم إلى هذه الرواية في أن الحكم لم يسمع هذا الحديث من عبدالرحمن بن أبي ليلى، وإنما حدّثه بعض الأشياخ!

قال ابن المُلقّن في «البدر المنير» (1/592): "فَفِي هَذِه الرِّوَايَة: أَنه سَمعه من النَّاس الداخلين عَلَيْهِ عَنهُ، وهم مَجْهُولُونَ".

قلت: لكن روى جماعة هذا الحديث - كما تقدّم - عن الحكم بن عتيبة (ت113هـ)، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى (ت83هـ)، عن ابن عكيم، فتعيّن أن الذي حدّث به الحكم من الأشياخ هو: عبدالرحمن بن أبي ليلى، فكان الحكم يروي القصة لهذا الحديث دون ذكر من حدّثه به من الأشياخ لما دخلوا على ابن عكيم، وكان يذكر من حدثه به إذا رواه مختصراً دون ذكر القصة، والله أعلم.

·       حديث زَيْدِ بنِ وَهْبٍ الجُهنيّ الكوفيّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ:

وأما حديث زيد بن وهب الجهني:

فرواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/827) (1228) عن سَعِيدِ بن عُثْمَانَ التَّنُوخِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: «قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ: أَنْ لَا يُنْتَفَعُ بِإِهَابِ المَيْتَةِ، وَلَا عَصَبِهَا». فَقَالَ عَمْرُو بنُ حَبَّانَ: يَا أَبَا عَبْدِاللَّهِ - يعني: سفيان الثوري -: أَلَيْسَ الحَدِيثُ قَائِمًا؟ قَالَ: "كَأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى وَجْهِ: غَيْرِ مَدْبُوغُ".

ورواه ابن عدي في «الكامل» (8/146) (12743) عن الطبري في ترجمة «علي بن الحسن السّامي المصريّ»، وساق له هذا الحديث وأحاديث أخرى عن الثوري، ثم قال: "وهذه الأحاديث عن الثَّوري بواطيل، كلها ليس هي بمحفوظة عن الثَّوري"!

وذكر له أحاديث أخرى، ثم قال: "وهذه الأحاديث، وما لم أذكره من حديث علي بن الحسن هذا، فكلها بواطيل ليس لها أصل، وهو ضعيف جداً".

وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/114) (694): "عَليّ بن الحسن السَّامِي، من أهل مصر: يروي عَن مَالك، وَسليمَان بن بِلَال مَا لَيْسَ من أَحَادِيثهم. روى عَنهُ: الرّبيع بن سُلَيْمَان. لَا يَحلُّ كِتَابَة حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب".

وقال البرقاني في «سؤالاته للدارقطني» (ص: 113) (368): وسألته عن علي بن الحَسَن السَّامِيِّ؟ فَقَالَ: "مِصْرِيٌّ، يكذب، يروي عن الثقات بواطيل؛ مَالِك، والثَّوْرِي، وابن أَبِي ذِئْب".

وقال حمزة السهميّ في «سؤالاته للدارقطني» (ص: 244) (347): سَمِعْتُ أبا بَكْر بن عَبْدَان الحَافِظ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن صَاعِد يَقُولُ: "لا يُكتب حَدِيْث علي بن الحَسَن السَّامِي لِمَنَاكِيْر يَرْوِيها".

وقد روى الحديث أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/1741) (4416) من طريق الطبري.

ثم قال: "رَوَاهُ عَمْرُو بنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ ابنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ، مِثْلَهُ".

وقد رواه أبو نُعيم في «تاريخ أصبهان» (2/70) من طريق البَاغَنْدِيّ، عن مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ الرازيّ، عن إِسْحَاقَ بنِ يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي قَيْسٍ الرازي الأزرق الكوفي الرازي، عن عبدالرّحمن ابن الْأَصْبَهَانِيّ.

وقد تفرد به مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، وهو متروك ليس بثقة! وقَدْ كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ وغيره.

وقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزرة: "مَا رَأَيْتُ أَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ وَمن الشاذكوني".

وقَالَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ: سَمِعْتُ فَضْلَكَ يَقُوْلُ: "دَخَلْتُ عَلَى ابنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ يُرَكِّبُ الأَسَانِيْدَ عَلَى المُتُوْنِ".

فالحديث لا يصح عن زيد بن وهب الجهني.

·       حديث هِلالِ بنِ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيّ الوَزَّان، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ:

وأما حديث هلال الوزّان:

فرواه أحمد في «مسنده» (31/80) (18784) عن إِبْرَاهِيمَ بنِ أَبِي العَبَّاسِ.

والنسائي في «السنن الكبرى» (4/385) (4563) عن عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ.

وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/334) (1224) عن مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاح.

ثلاثتهم (إبراهيم، وابن حُجر، وابن الصباح) عن شَرِيك بنِ عَبْدِاللهِ القاضي، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: «جَاءَنَا، أَوْ قَالَ كَتَبَ، إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ».

ورواه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (3/1742) (4417) عن جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عن أَبُي حُصَيْنٍ محمد بن الحسين الوادعي القاضي، عن يَحْيَى بن عبدالحميد الحِمَّانِيّ الكوفي، عن قَيْس بنِ الرَّبِيعِ الأسدي، عَنْ هِلَالٍ الوَزَّانِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ، به.

قلت: يحيى الحماني ضعيف له مناكير، وقد اتهموه! وهو يروي عن شريك، وأظنه لم يحفظه فرواه عن قيس بن الربيع بدل شريك! وإن سَلِمت روايته عن قيس، فقيس لا يُحتج به، وسيأتي له رواية أخرى لهذا الحديث!

قَالَ أبو نُعيم بعد أن ساق رواية الحماني: "رَوَاهُ عَنْ هِلَالٍ: مُسَاوِرٌ الوَرَّاقُ، وَشَرِيكُ بنُ عَبْدِاللهِ".

قلت: رواية مُساور الوراق الكوفي أخرجها الطبراني في «المعجم الكبير» [كما ذكر ابن عبدالهادي في «تعليقته على علل ابن أبي حاتم» (ص: 137)] قال: حدَّثنا الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ، وَالقَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا، قَالُوا: حدثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قال: حدثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قال: حدثَنَا مُسَاوِرٌ الوَرَّاقُ، قال: حدثَنَا هِلالُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: «كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ».

وروى أبو الحسن الرافقي في «جزئه عن شيوخه» [مخطوط/(ق 18/ أ)] قال: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ المِنْقَرِيُّ، قال: حدثنا عَمْرُو بنُ مَرْزُوقٍ الباهلي، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عَنْ هِلَالٍ الوَزان قَالَ: حدثنا شَيْخُنَا القَدِيمُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ قال: «أتانا كتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا شعر».

قلت: هذا غريب من حديث شعبة عن هلال!

تفرد به محمد بن سليمان بن داو أبو جعفر المنقري البصري، ترجم له ابن عساكر في «تاريخه» (53/119) (6414)؛ لأنه قدم دمشق، وحدّث بها، ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل، ولم أرَ أحداً تكلّم عليه.

وأخشى أن يكون وهم فيه! لأن المعروف من حديث عَمْرو بنِ مرزوقٍ، عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عكيم، كما سبق تخريجه من طريق يُوسُف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القَاضِي عن عمرو بن مرزوق، وهو المحفوظ عن شعبة.

ولم يُحدّث به أحد عن شعبة بهذا الإسناد! ولو كان عنده لرواه أصحابه. ولا أظن الخطأ من عمرو بن مرزوق؛ لأنه رواه على الصواب كما رواه أصحاب شعبة.

والحديث مشهور عن شَريك عن هلال الوزان، فيُحتمل أنه كان عند المنقري بإسناده إلى "شريك"، فتصحف عليه إلى "شعبة" ونسبه: "ابن الحجاج"، فوهم في إسناده، ورواه عن عمرو بن مرزوق عن شعبة، والله أعلم.

والخلاصة أن الحديث يرويه شريك بن عبدالله النخعي، ومُسَاوِرٌ الوَرَّاقُ، عن هلال الوزّان، عن عبدالله بن عكيم.

·       حديث أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ:

وأما حديث أبي فَروة مُسلم بن سالمٍ الجُهَنيّ:

فرواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (7/340) (7668) عن مُحَمَّد بن مُوسَى الْإِصْطَخْرِيّ، عن إِبْرَاهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيلَ الطَّلْحِيّ الكوفيّ، عن طَلْق بنِ غَنَّامٍ النخعي الكوفي - كاتب شَريك-، عن قَيْسِ بنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِشَهْرَيْنِ: «أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ إِلَّا قَيْسٌ، وَلَا عَنْ قَيْسٍ إِلَّا طَلْقُ بنُ غَنَّامٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِبْرَاهِيمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ".

قلت: إبراهيم بن إسماعيل هذا ذكره ابن حبان في «الثقات» (8/88) (12372) قال: "إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الطلحي: يروي عَن أبي نُعيم - النّخعي -. عداده فِي أهل الكُوفَة. روى عَنهُ أَهلهَا".

وقد ذكره أبو عبدالله بن منده في «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص: 41) (146) قال: "أَبُو إِسْحَاق: إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الطلحي، التَّيْمِيّ. بَيَّاع السَّابَرِي*، كُوفِي. حدّث عَن: أبي نعيم، وَقبيصَة. حَدثنَا عَنهُ: أَبُو عَمْرو مولى بني هِشَام وكنّاه".

وقال أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (1/178) (43): "أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الطلحي، بياع السابري، الكوفي. سمع: عبدالغفار بن الحكم الحراني. كَنَّاهُ لنا أبو بكر أحمد بن محمد الواسطي".

قال مَسلمة عن إبراهيم هذا: "هو المعروف بابن فهد بن حكيم، ثقة، أخبرنا عنه ابن الأعرابي". [الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة لابن قطلوبغا (2/158)].

قلت: إبراهيم بن فهد بن حكيم بصري، وهو ضعيف ومتّهم، وأحاديثه مناكير.

وإبراهيم هذا هو: ابن إسماعيل، وهو كوفي، وهو ليس بابن فهد بن حكيم، وإنما آخر.

والذي حدّث عنه ابن الأعرابي، هو: إِبْرَاهِيمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّلْحِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ جَهْدٍ، هكذا قال ابن الأعرابي في الرواية عنه.

كذا في «معجم ابن الأعرابي» في موضعين (2/524) (1020)، و(2/531) (1031): «ابن جَهد»، وكأنه تحرّف على مسلمة فقال: «ابن فهد» فقال بأنه: ابن فهد بن حكيم! وليس كذلك.

قلت: إبراهيم هذا مجهول الحال، فلا يُحتج بحديثه.

ولو قبلنا روايته لرددنا الحديث بقيس بن الربيع الأسدي الكوفيّ، وهو ضعيف جداً، كان له ابن يقلب عليه الأحاديث، وتركه بعض أهل العلم، ولا يُحتج به، وهو مضطرب الحديث، سيء الحفظ، كثير الخطأ.

[*السَّابَرِي: بفتح السين المهملة بعدها الألف ثم الباء الموحدة وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى نوع من الثياب يقال لها السابري، قاله السمعاني في «الأنساب» (7/3).

وقال ابن الأثير في «اللباب في تهذيب الأنساب» (2/89): "بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْألف وَفتح البَاء المُوَحدَة وَفِي آخرهَا الرَّاء".

وهو نوع رقيق من الثياب، والذي يكون لابسه بين المكتسي والعُريان، وكلّ رقيق سابَريّ، وكانوا يأتون به من بلدة سابور في بلاد فارس، ثم أصبحت النسبة للثياب نفسها لا للبلدة.

وكان عبدالله بن عَون البصري يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعه أخرجه إلى صحن الدار، فيريهم المتاع، فيشترونه منه، وكان له جار مجوسي يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعهم أدخلهم في موضع مظلم، فكانوا لا يشترون من المجوسي شيئًا حتى لا يصيبوا عند ابن عون شيئًا.

وكَانَ طاووس يَكْرَهُ السَّابرِيَّ الرَّقِيقَ وَالتِّجَارَةَ فِيهِ].

·       حديث عَبْدِاللَّهِ بنِ عُبَيْدِاللَّهِ الهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ:

وأما حديث عبدالله الهاشمي:

فرواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (9/148) (9378) عن هَيْثَم بن خَالِدٍ المِصِّيصِيّ، عن عَبْدِالكَبِيرِ بنِ المُعَافَى بن عِمران، عن هُشَيْم، عَنْ عُبَيْدَةَ بن مُعَتِّب الضَّبِّي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُبَيْدِاللَّهِ الهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدَةَ إِلَّا هُشَيْمٌ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُالكَبِيرِ بنُ المُعَافَى".

قلت: هذا إسناد منكر!

الهَيْثَم بن خَالِد بن عبدالله المِصِّيْصِيُّ، ضعيف.

قال الدارقطني [كما في «سؤالات الحاكم» (ص: 158) (238)]: "يُعْرَفُ بالدَّمِل، ضَعِيْفٌ، يَرْوِي عن عبدالكَبِيْر بن المُعَافِي، وغيره".

وعُبَيْدَةُ بنُ مُعَتِّبٍ الضَّبِّيُّ أَبُو عَبْدِالكَرِيمِ الكُوفِيٌّ، ضعيفٌ اختلط، لا يُحتج به!

قال ابن معين: "ليس بشيء". وقال أحمد: "ترك الناس حديثه".

وعَبْداللَّهِ بن عُبَيْدِاللَّهِ الهَاشِمِيّ لا يُعرف! والذي يروي عن عبدالله بن عكيم هو: "عُبَيدالله القرشي" كما في الكتب التي روت حديثه، لكن جاء في إسناد حديثه عند الحاكم في «المستدرك» (2/415): "عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُبَيْدٍ القُرَشِيّ".

·       حديث القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ:

وأما حديث القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ:

فرواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/284) (3241)، وفي «شرح معاني الآثار» (1/468) (2691) عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيَّ أَبي زُرْعَةَ. والطبري في «تهذيب الآثار - مسند ابن عباس» (2/827) (1227) عن مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ الصُّورِيّ. كلاهما (أبو زرعة، ومحمد بن مصعب) عن مُحَمَّدِ بنِ المُبَارَكِ الصّوريّ.

وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/36) (2575). وابن حبان في «صحيحه» (4/95) (1279) عن الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِاللَّهِ القَطَّان. والطبراني في «المعجم الأوسط» (5/9) (4526) عن عَبْدَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ. وأبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (3/1742) (4418)، و(6/3101) (7156) عن الحَسَنِ بن عَلَّانَ، عن أَحْمَدَ بنِ زَنْجُوَيْهِ. أربعتهم (ابن أبي عاصم الحسين القطان، وعبدان، وابن زَنجويه) عن هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ.

والبيهقي في «السنن الكبير» (1/40) (94) من طريق الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، عن الحَكَمِ بنِ مُوسَى.

ثلاثتهم (محمد بن المبارك، وهشام بن عمّار، والحكم بن موسى) عن صَدَقَة بنِ خَالِدٍ.

والبيهقي في «السنن الكبير» (1/40) (94) من طريق سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عن أَيُّوبَ بنِ حَسَّانَ.

وأبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (3/1742) (4418) عن أَبي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدِ بنِ سُهَيْلٍ المُخَرِّمِيّ البَغْدَادِيّ، عن عَبْدِاللهِ بنِ صَالِحٍ البُخَارِيّ البَغْدَادِيّ، عن أَبي هَمَّامٍ الوليد بن شجاع، عن الوَلِيدِ بنِ مُسْلِمٍ.

ثلاثتهم (صدقة بن خالد، وأيوب بن حسّان، والوَلِيد بن مُسْلِمٍ) عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْيَاخُ جُهَيْنَةَ، قَالُوا: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قُرِئَ إِلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ».

وفي رواية: "مَشْيَخَةٌ لَنَا مِنْ جُهَيْنَةَ".

وهذا إسناد شاميّ صحيح، والقاسم كوفيّ ثقة، نزل الشام للتجارة والرِّبَاط.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (7/167) (743): "القاسم بن مخيمرة عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: حدثنا مشخية لَنَا مَنْ جُهَيْنَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ: أَنْ لا يَنْتَفِعُوا من الميتة بشيء». قَالَهُ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، عَنْ صَدَقَةَ بن خَالِد، عَنْ يزيد بن أَبِي مريم. وعَنْ أَبِي مريم، وشُريح بن هانئ. روى عنه: الحكم بن عتيبة. وقَالَ أَحْمَد بن ثابت: حدثنا مُحَمَّد بن كثير، عَنِ الأوزاعي قَالَ: جلست إلى القاسم بن مخيمرة وأنا غلام حين احتلمت".

قلت: من خلال منهج البخاري في «تاريخه» فإيراده لهذا الحديث في ترجمته = يعني أنه يضعّفه، ولم يثبت سماع يزيد بن أبي مريم الشّامي منه! وهذا غريب! وذكر فقط من الرواة عنه: الحكم بن عتيبة، وهو كوفي، وذكر رواية يزيد عنه بالعنعنة أيضاً!

قال في «التاريخ الكبير» (8/361) (3339): "يزيد بن أَبِي مريم أَبُو عَبْداللَّه الشامي الْأَنْصَارِيّ، عَنِ القاسم بن مخيمرة، وعباية بن رافع. روى عنه: صدقة بن خَالِد، والوليد بن مُسْلِم".

فكأنه لا يرى صحة حديث يزيد بن أبي مريم عنه! لكن يزيد صحبه وسمع منه في الشام، وقد روى محمد بن شعيب بن شَابور الشّامي، قال: أخبرني يزيد بن أبي مريم: «أن أبا عروة القاسم بن مخيمرة كان يتوضأ من النهر الذي يخرج من باب الصغير».

ولم يُخرِّج البخاري للقاسم في «صحيحه»، وإنما استشهد به في موضعين.

·       تنبيه على خطأ!

جاء في «صحيح ابن حبان»: "صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ. عَنِ الحَكَمِ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ"!

وقوله: "عن الحكم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى" مُقحم في الإسناد، وكأنه سبق نظر من الإسناد الذي قبله، فإن ابن حبان ساقه قبله من حديث الحكم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى.

قال ابن حجر في «إتحاف المهرة» (8/258) - بعد أن نقل إسناد الطحاوي، وإسناد ابن حبان -: "كَذَا رَأَيْتُ فِيهِ، فَمَا أَدْرِي أَسَقَطَ مِنْ إِسْنَادِ الطَّحَاوِيِّ أَوْ زِيدٍ فِي إِسْنَادِ ابنِ حِبَّانَ، فَيُحَرَّرُ مِنْ عِنْدِهِمَا".

قلت: بل زِيد في إسناد ابن حبان!

·       وهم للوليد بن مسلم!

تقدم أن الوَلِيدَ بن مُسْلِمٍ رَوَاهُ عَنْ يَزِيدَ بن أبي مريم، وقَالَ: "نَبَّأَنِيهِ صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ القَاسِمِ".

وفي رواية أَبي هَمَّامٍ المتقدمة قال: حدثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، قال: حدثنا يَزِيدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَثَبَّتَنِي بِهِ صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ.

ورواه من طريق آخر، ووهم فيه!

رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (7/14) (6716) من طريق هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ. وفي (7/54) (6831) من طريق صَفْوَان بنِ صَالِحٍ. كلاهما (هشام، وصفوان) عن الوَلِيدِ بنِ مُسْلِمٍ، عن عَبْدِالمَلِكِ بنِ حُمَيْدِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ، عن الحَكَم بن عُتَيْبَةَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الحَكَمِ عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ إِلَّا ابنُ أَبِي غَنِيَّةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ".

وقال في الموضع الثاني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنِ الحَكَمِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ إِلَّا ابنُ أَبِي غَنِيَّةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ. وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ".

قلت: وهم فيه الوليد بن مسلم، فزاد فيه: «القاسم بن مخيمرة»؛ وذلك لأن حديث القاسم مشهور عندهم، وهو نفسه قد رواه عن يزيد بن أبي مريم عن القاسم، وثبّته فيه صدقة بن خالد، فلما حدّث به عن عبدالملك أخطأ فيه فأبدل "ابن أبي ليلى" بالقاسم؛ لأن القاسم يرويه عن ابن عكيم.

والحديث محفوظ عن عبدالملك من حديث ابن أبي ليلى.

رواه أبو بَدرٍ شُجَاعُ بنُ الوَلِيدِ السَّكُونِيّ، عَنْ عَبْدِالمَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ.

·       خلاصة:

والخلاصة أن الحديث صحّ من طريق عبدالرحمن بن أبي ليلى، وهلال الوزان، والقاسم بن مخيمرة، عن عبدالله بن عكيم.

فرواه عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وهلال الوزّان، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ».

ورواه عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْيَاخُ جُهَيْنَةَ، قَالُوا: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قُرِئَ إِلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ».

فحديث ابن أبي ليلى وهلال الوزان يعني أن ابن عكيم شهد ذلك الكتاب، لكن في حديث القاسم حدّثه الأشياخ، ولم يشهد ذلك.

قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/281): "وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ مِنْ قَوْلِ ابنِ عُكَيْمٍ: «قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ» تَحْقِيقُ حُضُورِهِ لِذَلِكَ، وَسَمَاعِهِ إيَّاهُ مِنْ كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ ابنِ أَبِي غَنِيَّةَ: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْبَانِيِّ: «كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَحْضُرْهُ ابنُ عُكَيْمٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ: كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَعْنَى كَتَبَ إلَى قَوْمِنَا، كَمَا قَالَ النَّزَّالُ بنُ سَبْرَةَ: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّا كُنَّا وَإِيَّاكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ نُدْعَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَنَحْنُ الْيَوْمَ بَنُو عَبْدِاللهِ، وَأَنْتُمْ بَنُو عَبْدِاللهِ»، يَعْنِي لِقَوْمِ النَّزَّالِ. هَكَذَا فِي الحَدِيثِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِسَمَاعِ النَّزَّالِ إيَّاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِحُضُورِهِ إيَّاهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَمَاعِ قَوْمِهِ إيَّاهُ مِنْهُ وَبِمَحْضَرِهِمْ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ، وَمَوْجُودٌ مِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الحَدِيثِ".

وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ هَذَا الحَدِيثُ، وَلَيْسَ العَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ»، وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ يَقُولُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ، وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ هَذَا آخِرَ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الحَدِيثَ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إِسْنَادِهِ، حَيْثُ رَوَى بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ".

وقد أعلّوا حديث ابن عكيم بالانقطاع!

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (1/591) (127):وسألتُ أَبِي عَنْ حديثِ عبدالله بن عُكَيم: «جاءنا كتابُ النبي صلى الله عليه وسلم قبلَ موتهِ بِشَهْرٍ: أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ»؟

فقال أبي: "لم يَسْمَعْ عبدُالله بن عُكَيم من النبي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا هُوَ كِتابُه".

وقال في «المراسيل» (ص: 103) (370): سَأَلْتُ أَبِي عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قُلْتُ: إِنَّهُ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَلَّقَ شيئًا وُكِّلَ إِلَيْهِ»، فَقَالَ: "لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كُتِبَ إِلَيْهِ". قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ أَدْخَلَهُ فِي «مُسْنَدِهِ»! قَالَ: "مَنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ فِي مَسْنَدِهِ عَلَى المَجَازِ".

وقال ابن أبي حاتم: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي حَدِيثٍ ابنِ عُكَيْمٍ: «كَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»: "لَمْ يَسْمَعِ ابنُ عُكَيْمٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي زَمَانِهِ".

وقال: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "لا يُعْرَفُ لَهُ سَماع صَحِيح، أدْرك زمَان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم".

وقال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (21/93): "وَأَمَّا حَدِيثُ ابنِ عكيم فَقَدْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ بِكَوْنِ حَامِلِهِ مَجْهُولًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسُوغُ رَدُّ الحَدِيثِ بِهِ. قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عكيم: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرِ أَوْ شَهْرَيْنِ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابِ وَلَا عَصَبٍ». رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد. وَقَالَ: «مَا أَصْلَحَ إسْنَادَهُ». وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَه، وَالنَّسَائِي، وَالتِّرْمِذِي، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ»".

ونقل ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (21/609) وجود المنسوخ في حديث ابن عكيم! فقال: "وَهَذَا وَجْهٌ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بنِ عكيم: «كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ فِي جُلُودِ المَيْتَةِ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابِ وَلَا عَصَبٍ».

قلت: المحفوظ في حديث ابن عكيم ليس فيه: «كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ فِي جُلُودِ المَيْتَةِ»! وقد اعتمد ابن تيمية في هذا على بعض الروايات المنكرة كما سبق تخريجها!

فعبدالله بن عُكيم جاهلي أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم في حياته، لكنه لم يلقه، فهو تابعي.

وهو من جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ، وصلّى خلف أبي بكر، وسمع عمر بن الخطاب، وعبداللَّه بن مسعود، وحذيفة بن اليمان في المدائن، وكان ثقة، سكن الكوفة.

وقد عدّه الحاكم صحابياً، فقال في كِتَاب «مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ» من «المستدرك» (3/586): "وَأَنَا ذَاكِرٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا رِوَايَةَ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ"، وذكر ثمانية وعشرين منهم: "عَبْداللَّهِ بن عُكَيْمٍ".

وذكره في جملة الصحابة: خليفة بن خيّاط، وابن أبي عاصم، وابن أبي خيثمة، والبغويّ، وابن قانع، والطبراني، والدّولابيّ، وابن خلفون، وابن عبد البر.

قال ابن سعد في «الطبقات» (6/169) (1992): "عَبْدُاللَّهِ بنُ عُكَيْمٍ الجُهَنِيُّ، ويكنى أبا مَعبد. روى عن: عمر، وعثمان، وعليّ، وعبدالله. وكان كبيرًا قد أدرك الجاهلية".

وقال: "تُوُفِّيَ عَبْدُاللَّهِ بنُ عُكَيْمٍ بِالكُوفَةِ فِي وِلايَةِ الحَجَّاجِ بنِ يُوسُفَ".

قلت: كانت ولاية الحجاج على العراق من سنة (75هـ) إلى سنة (95هـ).

وقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ.

قلت: أرى أنه توفي قبل هذا بسنوات، فقد روى عنه عبدالرحمن بن أبي ليلى، وعبدالرحمن توفي (83هـ)، فلو قلنا إنه حدّث عنه قبل موته بعدة سنوات، فتكون وفاة ابن عكيم ما بين سنة (76 - 80هـ)، والله أعلم.

وبناء على ما قيل إنه توفي سنة (88هـ) أورده الذهبي في «تاريخه» (2/959) (78) فيمن توفي بين سنة (81 - 90هـ)! وفي ذلك نظر، والله أعلم.

وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (5/39) (67): "عَبْداللَّه بن عكيم الجهني، أدرك زمان النبيّ عليه الصلاة والسلام، ولا يُعرف لَهُ سماع صحيح.

قال إِسْحَاق بن نصر: حَدَّثَنَا عَبْدالرزاق، قال: أَخْبَرَنَا سُفْيَان، عَنْ هلال، عَنْ عَبْداللَّه بن عكيم الجهني - وكان قد أدرك النبيّ صلى الله عليم وَسَلَّمَ".

وكأنه كان في بعض نسخ البخاري تصحيف «حكيم»! ولهذا أورده ابن أبي حاتم في «بيان خطا البخاري في تاريخه» (ص:146) قال: "«عبدالله بن حكيم الجهني: أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُعرف له سماع».

سمعت أبي يقول: إنما هو: عبدالله بن عكيم أبو معبد الجهني".

قلت: لم يخطئ البخاري، وهو على الصواب في «تاريخه»، والخطأ من نسخة التاريخ التي اعتمدها أبو حاتم، وكانت مليئة بالتحريفات والتصحيفات.

وأورده على الصواب أيضاً في «الضعفاء الصغير» (ص: 78) (184): "عبدالله بن عكيم الجهني: أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُعرف له سماع صحيح".

ولا يقصد البخاري في إيراده في «الضعفاء» تضعيفه! وإنما أراد التنبيه على أن حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، فهو قد أدركه لكنه لم يسمع منه.

ومشى على الخطأ ابن الأثير، فقال في «أسد الغابة» (3/216) (2900): "عَبْداللَّهِ بن حكيم الجهني: أدرك النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يعرف له سماع، قاله البخاري. وقال أَبُو حاتم الرازي: إنما هو عَبْداللَّهِ بن عكيم أَبُو معبد الجهني".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/121) (556): "عبدالله بن عكيم الجهني أبو مَعبد: أدرك زمان النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يُعرف له سماع صحيح. روى عنه: عبدالرحمن ابن أبي ليلى، وهلال بن أبي حميد الوزان، وعيسى بن عبدالرحمن بن أبي ليلى. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال البغوي في «معجم الصحابة» (4/167): "عبدالله بن عكيم الجهني أبو معبد، وكان يسكن أرض جهينة، ثم سكن الكوفة بعد ذلك. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين يُشك في سماعه. وروى عن عمر بن الخطاب".

وقال ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/949) (1610): "عبدالله بن عكيم الجهني، يكنى أَبَا معبد، اختلف فِي سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم. يُعدّ فِي الكوفيين".

وقال ابن حبان في «الثقات» (3/247) (809): "عَبْداللَّه بن عكيم الجُهَنِيّ أَبُو معبد: أدْرك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئًا. كتب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جُهَيْنَة قبل مَوته بشهرين: «لَا تنتفعوا من الميتَة بإهاب وَلَا عصب». أنفذ إِلَيْهِ الحجَّاج فِي عِلّة فَقَامَ عَبْداللَّه بْن عكيم فَتَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أزن وَلم أسرق قطّ، وَلم آكل مَال يَتِيم قطّ، وَلم أقذف مُحصنَة قطّ، فَإِن كنت صَادِقاً فادرأ عني شَرّه»، فَأَتَاهُ نائله وَلم يتَعَرَّض بِشَيْء يكرههُ".

وقال العجلي في «الثقات» (2/47) (934): "عبدالله بن عكيم الجُهَنِيّ: كُوفِي جاهلي، أسْلَمْ قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَسمع من عُمَر".

وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (3/510) (120): "عَبْدُاللهِ بنُ عُكَيْمٍ الجُهَنِيُّ. قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَدْ أَسْلَمَ بِلاَ رَيْبٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ. وَهُوَ القَائِلُ: «أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ: أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ». حَدَّث عَنْهُ بِذَلِكَ: الحَكَمُ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابنِ مَسْعُوْدٍ".

وذكره ابن حجر في «الإصابة» في القسم الثالث، وقال في «إتحاف المهرة» (8/258) (444) في «مسند عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ الجُهَنِيِّ»: "وَلَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدِيثَهُ فِي رَابِعِ الكُوفِيِّينَ".

قلت: هو تابعي باتفاق، ولا صحبة له، ومن أورده في الصحابة إنما أوردوه في جملتهم؛ لأنه أسلم في حساة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومن شرط كتب الصحابة إيراد ذلك فيها.

وبحسب روايته: «أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ: أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلاَ عَصَبٍ» هناك من جعله صحابياً، فهذا كتاب جاء لقومه وهو فيهم، والكتاب يُحتج به، فهو في عِداد المُتصل.

ومن هنا كان بعض أهل العلم يُعجبهم هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله قبل وفاته بشهرين = وهذا يعني أنه ينسخ ما جاء في الانتفاع بجلود الميتة بعد دباغها!

لكن أفسد هذا الحديث الذي ظاهره الاتصال وكشف عواره رواية أهل الشام له بأن تبيّن أن هناك من حدّث ابن عكيم به، وهي واسطة مجهولة!

فلما قال ابن معين في هذا الحديث: "إِنَّهُ لا يَسْوِي فِلْسًا"! سألوه: لم؟ فأخبر أن الشَّامِيّينَ أفسدُوه بروايتهم له عن عبدالله بن عكيم، قَالَ: "حَدَّثَنَا أَصْحَاب لنا".

ثم سألوه عن هذه الرواية التي فيها هذه الواسطة، فقال بأنها مروية "بِإِسْنَادٍ ثِقَةٍ".

والشاميون الذين أفسدوه = يعني أهل الشام الذين رووه يزيد بن أبي مريم، عن القاسم بن مُخيمرة؛ لأن القاسم كوفي الأصل، وسكن الشام، فحدّث بهذا الحديث هناك، فرواه عنه أهل الشام بوجود الواسطة، فضبطوا الحديث بخلاف من رواه من أهل الكوفة عن ابن عُكيم.

فرواه جماعة من أهل الشام عن صَدَقَة بن خالد، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عن القَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، قال: حدثَنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ عُكَيْمٍ، قال: حدثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا مِنْ جُهَيْنَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ: أَنْ لا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ».

وهؤلاء المشيخة مجهولون!

وبهذا بان عوار هذا الحديث فأفسده أهل الشام بروايتهم له عن القاسم.

قَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: "لَيْسَ بشَيءٍ، إِنَّمَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْأَشْيَاخُ".

وقال المُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ، قَالَ: قَالَ: أَبُو زَكَرِيَّا - يَعْنِي: يَحْيَى بنَ مَعِينٍ -: "حَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» فِي حَدِيثِ ثِقَاتِ النَّاسِ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ: أَنْ لا تَنْتَفِعُوا...".

قَالَ البَيْهَقِيُّ في «السنن الكبير» (1/23): "يَعْنِي بِهِ أَبُو زَكَرِيَّا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعْلِيلَ الحَدِيثِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا قَبْلَ الدَّبْغِ بِدَلِيلِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي تَلِيهِ".

وقال الدّوري في «تاريخه» (3/250) (1172): قيل ليحيى، أَيّمَا أعجب إِلَيْك من هذَيْن الحَدِيثين: «لَا ينْتَفع من الميتَة بإهاب وَلَا عصب» أَو هَذَا الحَدِيث: «دباغها طهورها»؟ فَقَالَ: "«دباغها ظُهُورهَا» أعجب إِلَيّ".

وقال أبو داود بعد أن ساق حديث ابن عُكيم: "إليه يذهب أحمد".

قلت: لكن أحمد غيّر رأيه.

قال أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ: «قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ»، وَكَانَ يَقُولُ: "هَذَا آخِرُ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". ثُمَّ تَرَكَ أَحْمَدُ هَذَا الحَدِيثَ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إِسْنَادِهِ، حَيْثُ رَوَى بَعْضَهُمْ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخ مِنْ جُهَيْنَةَ.

قال البغوي في «شرح السنة» (2/99): "اتَّفَقَ أَهْلُ العِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَإِذَا مَاتَ يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ، إِلا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا يَطْهُرُ»، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ: أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ»، فَكَانَ يَقُولُ: هَذَا الحَدِيثُ صَارَ نَاسِخًا لِمَا سِوَاهُ، ثُمَّ تَرَكَ القَوْلَ بِهِ لِلاضْطِرَابِ فِي إِسْنَادِهِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ، وَتَأَوَّلَهُ الآخَرُونَ إِنْ ثَبَتَ عَلَى الانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ".

ولما ساق ابن حبان حديث الكوفيين عن ابن عكيم في «صحيحه» قال: "ذِكْرُ لَفْظَةٍ أَوْهَمَتْ عَالَمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الخَبَرَ مُرْسَلٌ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ".

ثم ساق من حديث يَزِيد بن أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، ثم قال: "هَذِهِ اللَّفْظَةُ «حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا مِنْ جُهَيْنَةَ» أَوْهَمَتْ عَالَمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الخَبَرَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَهَذَا مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا: إِنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَشْهَدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ يَسْمَعُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّةً يُخْبِرُ عَمَّا شَاهَدَ، وَأُخْرَى يَرْوِي عَمَّنْ سمع، ألا ترى أن ابن عُمَرَ شَهِدَ سُؤَالَ جِبْرِيلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ، وَسَمِعَهُ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ؟ فَمَرَّةً أَخْبَرَ بِمَا شَاهَدَ، وَمَرَّةً رَوَى عَنْ أَبِيهِ مَا سَمِعَ، فَكَذَلِكَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ شَهِدَ كِتَابَ المُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قُرِئَ عَلَيْهِمْ فِي جُهَيْنَةَ، وَسَمِعَ مَشَايِخَ جُهَيْنَةَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَأَدَّى مَرَّةً مَا شَهِدَ، وَأُخْرَى مَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي الخَبَرِ انْقِطَاعٌ" انتهى.

قلت: هذا فيه نظر! فلم يثبت أن ابن عكيم شهد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث قُرئ عليهم، وإنما سمع ذلك من المشيخة كما في رواية الشاميين عن القاسم عنه.

قال ابن حجر في «إتحاف المهرة» (8/258): "قَالَ ابنُ حِبَّانَ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَضَادٌّ؛ لأَنَّهُ شَهِدَ قِرَاءَةَ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِهِ شَيْخُهُ لَهُ، فَأَدَّى كَمَا شَهِدَ، وَأَدَّى كَمَا سَمِعَ. قُلْتُ: بَلِ الْخَبَرُ مَعْلُولٌ مِنْ جِهَاتٍ أُخْرَى شَتَّى".

وقال في «التلخيص الحبير» (1/200): "وَفِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «قَبْلَ موته بشهر»، وفي رواية لِأَحْمَدَ: «بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ. وَكَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيَقُولُ: هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ، ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ حَيْثُ رَوَى بَعْضُهُمْ فَقَالَ: عَنْ ابنِ عُكَيْمٍ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ جُهَيْنَةَ.

وَقَالَ الخَلَّالُ: لَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِاللَّهِ تَزَلْزُلَ الرُّوَاةِ فِيهِ تَوَقَّفَ فِيهِ.

وَقَالَ البَيْهَقِيُّ وَالخَطَّابِيُّ: هَذَا الخَبَرُ مُرْسَلٌ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي «العِلَلِ» عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَتْ لِعَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ كِتَابَة.

وَأَغْرَبَ المَاوَرْدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَلِعَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ!

وَقَالَ صَاحِبُ «الْإِمَامِ»: تَضْعِيفُ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الضَّعْفُ عَلَى الِاضْطِرَابِ كما نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، وَمِنْ الِاضْطِرَابِ فِيهِ: مَا رَوَاهُ ابنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُبَيْبِ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ: إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ المَيْتَةِ وَعَصَبِهَا فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ»، إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بنُ المُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي «الْأَوْسَطِ»، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ، عَنْ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ فَخَرَجُوا إلَيَّ وَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ابن عُكَيْمِ لَكِنْ إنْ وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ عَبْدِالرَّحْمَن مِنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ" انتهى.

ونقل هذا أيضاً الزيلعي في «نصب الراية» (1/121) قال: "قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي «الْإِمَامِ»: وَاَلَّذِي يُعَلَّلُ بِهِ حَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، الِاخْتِلَافُ، فَرَوَى ابنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أبي ليلى، وعن الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ جِهَةِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ عَنْ الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَنَاسٌ إلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: فَدَخَلُوا وَقَعَدْت عَلَى البَابِ، فَخَرَجُوا إلَيَّ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، الحَدِيثَ، قَالَ: فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ النَّاسِ الدَّاخِلِينَ عَلَيْهِ، وَهُمْ مَجْهُولُونَ، انْتَهَى".

وفي كتاب «الإمام في معرفة أحاديث الأحكام» (1/316): "والذي يعتل به في هذا الحديث: الاختلاف، فروي عن الحكم، عن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عكيم، قال: «قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». وروى أبو داود من جهة خالد، عن الحكم، عن عبدالرحمن: أنه انطلق هو وناس إلى عبدالله بن عكيم، قال: فدخلوا، وقعدت على الباب، فخرجوا إلي، فأخبروني أن عبدالله بن عكيم أخبرهم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: «أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». ففي هذه الرواية أنه سمعه من الناس الداخلين عليه، عنه، وهم مجهولون" انتهى.

قلت: الرواية التي ذكرها ابن دقيق العيد ونقلها ابن حجر والزيلعي عنه من رواية أبي داود فيها خطأ! فالذي قال بأنه انطلق هو وناس إلى ابن عكيم هو: الحكم بن عتيبة، لا عبدالرحمن بن أبي ليلى، وقد سبقت روايته عن خالدٍ، عن الحكم بنِ عُتَيْبَةَ، أنه انطلقَ هو وناسٌ مَعَهُ إلى عبدِالله بن عُكَيمٍ  - رجلٍ مِن جُهينةَ - قال الحكم: فدخَلُوا وقَعدْتُ على البابِ، فخرجوا إلي، فأخبروني أن عبدَالله بنَ عُكَيْم أخبرهم، الحديث.

وكأن هذا كان في بعض نسخ أبي داود!

فقد ساقه الحازمي في «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار» (ص: 56) من سنن أبي داود، فقال: أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ، أَنَّهُ انْطَلَقَ وَنَاسٌ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: فَدَخَلُوا، وَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ، فَخَرَجُوا إِلَيَّ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ: «أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

قال الحازمي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَلَى شَرْطِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَوِيِّ؛ أَخْرَجَاهُ فِي كِتَابَيْهِمَا مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الحَكَمِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَفِيهِمَا اخْتِلَافُ أَلْفَاظٍ".

وما جاء في مطبوع الزيلعي: "فَرَوَى ابنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أبي ليلى، وعن الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ"! فيه تخليط! فابن عيينة لم يروه عن عبدالرحمن بن أبي ليلى! والصواب: "فروى الحكم بن عتيبة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم...".

وقول ابن حجر في رواية شبيب: "إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بنُ المُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي «الْأَوْسَطِ»"! فيه نظر! فرواية شبيب منكرة! وقد خالف الرواة الثقات الذين رووه عن الحكم دون هذه الزيادة: «إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ المَيْتَةِ وَعَصَبِهَا فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ».

وظاهر كلام ابن حجر أن فضالة بن المفضل قد تابع شبيباً عليه! وليس كذلك! فرواية فضالة من طريق شبيب لا عنه.

فرواه الطبراني من طريق فَضَالَة بن المُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ، عن أَبِيه، عن يَحْيَى بنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ البَصْرِيِّ شبيب بن سعيد.

ورواه ابن عدي من طريق ياسين بن عَبدالأحد، عن أبيه، عن يَحيي بن أيوب، عن أبي سعيد البصري.

فكلا الروايتين من حديث يحيى بن أيوب، عن أبي سعيد شبيب بن سعيد.

قال ابن دقيق في «شرح الإلمام بأحاديث الأحكام» (2/437): "وأما الوجه الرابع: وهو اللفظ الدال على تقدم الإباحة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ رخَّصتُ لكم»: فيتوقف على إثبات هذه اللفظة بعينها، وقد زعم بعضُ من يُنسب إلى الحفظ من المتأخرين أنها بعيدةُ الثبوت، وكأن هذا كلامٌ لم يُحط به خُبْرًا، وهو حديث رواه الحافظ أبو أحمد ابن عدي من رواية أبي سعيد البصري، من جهة الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عُكَيم قال: جاءنا كتابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن بأرض جُهَينة: «إنِّي كُنْتُ رخَّصتُ لكم في إهابِ الميتةِ وعصبِهَا، فلا تنتفعوا بعصبٍ ولا إهابٍ». وذكر ابن عدي، عن علي بن المديني أنه قال في أبي سعيد: كان ثقةً، وكان من أصحاب يونس، كان يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه كتاب صحيح. قال علي: وقد كتبنا عن ابنه أحمد بن أبي سعيد.

وقد ذكر ابن عدي: أنه حدث عنه ابنُ وهب بالمناكير، وقد ذكرت في كتاب «الإمام في أحاديث الأحكام»: أن لقائل أن يقول: إذا ثبت توثيقه بقول علي بن المديني، فلْتُعَدَّ هذه تفردات ثقة؛ أعني: الأحاديث التي قيل: إنها منكرة، رواها عنه ابن وهب" انتهى.

قلت: ابن المديني وثّقه في كتابه وما يرويه عن يونس؛ لأن كتب يونس كانت عنده، وأما ما رواه عنه أهل مصر فهي غرائب ومناكير؛ لأنه حدّث هناك من حفظه، وكان يهم، وهذا الحديث مما رواه عنه اهل مصر، فغلط فيه.

قال ابن يونس: "شبيب بن سعيد الحَبَطي: يكنى أبا سعيد. بصري، قدم مصر للتجارة. مات بالبصرة سنة ست وثمانين ومائة، وله غرائب".

وقول ابن عدي فيه هو الصواب حيث قال: "وكان شبيب إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة يُونُس، عن الزُّهْري إذ هي أحاديث مستقيمة، ليس هو شبيب بن سعيد الذي يُحدِّث عنه ابن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه، ولعل شبيبًا بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه، فيغلط ويهم، وأرجو أن لا يتعمد شبيب هذا الكذب".

فَكَأَن شبيبًا الَّذِي يُحدّث عَنهُ ابن وهب غير شبيب الَّذِي يُحدِّث عَنهُ ابْنه أَحْمد وَغَيره؛ لِأَن أَحَادِيثهم عَنهُ مُسْتَقِيمًا، وَأَحَادِيث ابن وهب عَنه مَنَاكِير = فإذا حدّث عنه ابنه أحمد بأحاديث يونس كان حديثه مستقيماً فكأنه شبيب آخر - يعني يُجوّد عنه.

ولهذا قال ابن حجر في «مقدمة الفتح»: "أخرج البُخَارِيّ من رِوَايَة ابنه عَن يُونُس أَحَادِيث، وَلم يُخرِّج من رِوَايَته عَن غير يُونُس، وَلَا من رِوَايَة ابن وهب عَنهُ شَيْئاً".

وقال ابن عبدالبر في «التمهيد» (4/164): "وَرَوَاهُ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ»، وَهَذَا اضْطِرَابٌ كَمَا تَرَى يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنِ العَمَلِ بِمِثْلِ هَذَا الخَبَرِ. وَقَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ بشَيءٍ إِنَّمَا يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْأَشْيَاخُ".

قال ابن عبدالبر: "وَلَوْ كان ثابتًا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَسَلَمَةَ بنِ الْمُحَبَّقِ وَغَيْرِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَبَاحَ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ، وَقَالَ: «دِبَاغُهَا طَهُورُهَا»؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ ابنِ عُكَيْمٍ: أَنْ لَا يَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بإهاب قبل الدباغ، وإذا حتمل أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَجْعَلَهُ مُخَالِفًا، وَعَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعْمِلَ الخَبَرَيْنِ مَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا، وَمُمْكِنٌ اسْتِعْمَالُهُمَا بِأَنْ نَجْعَلَ خَبَرَ ابنِ عُكَيْمٍ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ المَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَنَسْتَعْمِلُ خَبَرَ ابنِ عَبَّاسٍ وغيره في الانتفاع بها بعدالدباغ، فَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ» قَبْلَ الدِّبَاغِ، ثُمَّ جَاءَتْ رُخْصَةُ الدِّبَاغِ، وَحَدِيثُ عَبْدِاللَّهِ بنُ عُكَيْمٍ - وَإِنْ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرٍ كَمَا جَاءَ فِي الخَبَرِ - فَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ قِصَّةُ مَيْمُونَةَ، وَسَمَاعُ ابنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ قَوْلَهُ: «أَيُّمَا إِهَابٍ قَدْ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» قَبْلَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمُعَةٍ أَوْ دون جمعة، والله أعلم".

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي «الخُلَاصَةِ»: "وَحَدِيثُ ابْنِ عُكَيْمٍ أُعِلَّ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: الِاضْطِرَابُ فِي سَنَدِهِ. وَالثَّانِي: الِاضْطِرَابُ فِي مَتْنِهِ، فَرُوِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَرُوِيَ بِشَهْرَيْنِ، وَرُوِيَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَالثَّالِثُ: الِاخْتِلَافُ فِي صُحْبَتِهِ، قَالَ البَيْهَقِيُّ. وَغَيْرُهُ: لَا صُحْبَةَ لَهُ، فَهُوَ مُرْسَلٌ". انْتَهَى.

وقال ابن حجر في «الفتح» (9/659): "وذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ مِنَ المَيْتَةِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ دُبِغَ الجِلْدُ أَمْ لَمْ يُدْبَغْ، وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: «أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ»، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأحمد، وَالْأَرْبَعَة، وَصَححهُ ابن حِبَّانَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ، وَلِأَحْمَدَ، وَلِأَبِي دَاوُدَ: «قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ هَذَا آخِرُ الْأَمْرِ، ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إِسْنَادِهِ، وَكَذَا قَالَ الخلال نَحوه، وردّ ابن حِبَّانَ عَلَى مَنِ ادَّعَى فِيهِ الِاضْطِرَابَ وَقَالَ: سمع ابن عُكَيْمٍ الكِتَابَ يُقْرَأُ وَسَمِعَهُ مِنْ مَشَايِخَ مِنْ جُهَيْنَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا اضْطِرَابَ، وَأَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِالِانْقِطَاعِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، وَبَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ كِتَابًا، وَلَيْسَ بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بَأن ابن أبي ليلى رَاوِيه عَن ابن عُكَيْمٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ لِمَا وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ: أَنَّهُ انْطَلَقَ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بنِ عُكَيْمٍ قَالَ: فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى البَابِ فَخَرَجُوا إِلَيَّ فَأَخْبَرُونِي، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي السَّنَدِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، وَلَكِنْ صَحَّ تَصْرِيحُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ليلى بِسَمَاعِهِ من ابن عُكَيْمٍ فَلَا أَثَرَ لِهَذِهِ العِلَّةِ أَيْضًا، وَأَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ مُعَارَضَةُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَهُ، وَأَنَّهَا عَنْ سَمَاعٍ وَهَذَا عَنْ كِتَابَةٍ وَأَنَّهَا أَصَحُّ مَخَارِجَ، وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ الجَمْعُ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ الْإِهَابِ عَلَى الجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الدِّبَاغِ لَا يُسَمَّى إِهَابًا إِنَّمَا يُسَمَّى قِرْبَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ كالنضر بن شُمَيْل، وَهَذِه طَريقَة ابن شاهين، وابن عَبْدِالبَرِّ، وَالبَيْهَقِيِّ، وَأَبْعَدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى جِلْدِ الكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِكَوْنِهِمَا لَا يُدْبَغَانِ، وَكَذَا مَنْ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى بَاطِنِ الجِلْدِ، وَالْإِذْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ كَانَ لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ وَهُوَ كَلَامٌ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا".

قلت: قد نبهت مراراً أن رواية أبي داود فيها أن الحكم بن عتيبة هو من انطلق مع المشايخ إلى ابن عكيم وقعد على الباب وليس عبدالرحمن بن أبي ليلى!

وقد أخطأ بعض المعاصرين في فهم كلام ابن معين بإفساد الشاميين له!

قال د. كمال بن محمد قالْمي في رسالته للدكتوراه «الرواة المختلف في صحبتهم ممن لهم رواية في الكتب الستة» - الجامعة الإسلامية، المدينة النبوية، إشراف: د. محمد بن مطر الزهراني -: "والمشيخة الجهنيّة ـ شاميون"!

قلت: هذا فهم سقيم! ولم يفهم كلام ابن معين! فالمشيخة هم الأشياخ الجهنيون الذين حدّثوا ابن عكيم به، والشاميون أفسدوا رواية الكوفيين عن ابن عكيم بذكرهم لهذه المشيخة في الإسناد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

وكتب: د. خالد الحايك

3 ذو الحجة 1442هـ.

شاركنا تعليقك