الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (27). قولُ سعيدِ بنِ مَنصور عن كاتب الليث: «إنما كان كاتباً للضِّياع»!

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (27). قولُ سعيدِ بنِ مَنصور عن كاتب الليث: «إنما كان كاتباً للضِّياع»!

وقول عبدالله بن صالح كاتب الليث: «لم أسمع من الليث إلا كتاب يَحْيَى بن سعيد».

 

روى ابن عدي في «الكامل» (1/295) (700)، (6/557) (10428) قال: حَدثنا عَبدالله بن مُحمد بن مسلم، قال: حَدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم، قال: سمعتُ سعيد بن منصور يقول: جاءني ابن مَعين بمصر فقال لي: يا أبا عثمان أحبّ أن تُمسك عن كاتب الليث، فقلت: «لا أمسك عنه وأنا أعلم الناس به، إنما كان كاتباً للضياع».

رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/155)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (29/196) من طريق ابن عدي.

قلت: يُفهم من هذه القصة أن سعيد بن منصور كان يتكلّم في عبدالله بن صالح كاتب الليث، فسأله ابن معين أن يَكف عن الكلام فيه!

وأبو صالح كاتب الليث ثقة عند ابن معين وثبّته في كتابه.

قال أبو هارون الخريبي: سمعت يحيى بن معين يقول: "هما - عبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد، وأبو صالح كاتب الليث - ثبتان ثبت حفظ وثبت كتاب، وأبو صالح كاتب الليث ثبت كتاب".

قلت: يعني ما رواه من كتاب فهو ثبت فيه، وما رواه من حفظه ففيه شيء.

ومع طلب ابن معين من سعيد بن منصور أن يتوقف عن الكلام في أبي صالح إلا أنه رفض ذلك، واحتج بأنه يعرف أبا صالح معرفة جيدة، وأنه كان كاتباً لضياع الليث = وهي أملاكه من منازل ومزارع ونحو ذلك، وكأنه يشير هنا إلى أنه لم يكن كاتباً لحديث الليث بل كان كاتباً لضياعه، وفرق بين الأمرين!

قال الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (1/285): "كاتب الليث على أملاكه وتلميذه".

وهناك قصة أخرى رُويت عن سعيد بن منصور في حقِّ أبي صالح، وهي: ما رواه البرذعي في «سؤالاته لأبي زُرعة» (2/466) قال: وسمعته - أي: أبا زرعة - يقول: قال سعيد بن منصور : قلتُ لأبي صالح كاتب الليث: سمعت من الليث؟ قال: "لم أسمع من الليث إلا كتاب يَحْيَى بن سعيد".

وروى الخطيب في «تاريخ بغداد» (11/155) من طريق سعيد بن عمرو البرذعي، قال: قلت لأبي زرعة، أَبُو صَالِحٍ كاتب الليث؟ فضحك، وقَالَ: "ذاك رجل حسن الحديث".

قلت: أحمد يَحمل عليه في كتاب ابن أبي ذئب، وحكاية سعيد بن منصور قد عرفتها، قال: "نعم، وشيء آخر: سمعت عَبدالعزيز بن عمران يقول: قرأ علينا كتاب عقيل، فإذا في أوله مكتوب: حدثني أبي، عن جدي، عن عقيل، فإذا هو كتاب عَبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد".

قلتُ : فأي شيء حاله في يَحْيَى بن أيوب، ومعاوية بن صالح، والمشيخة؟ قال: "كان يكتب لليث، والله أعلم".

قلت: وحكاية سعيد بن منصور التي ذكرها البرذعي في هذا الخبر هي التي أخبر فيها أنه لم يسمع من الليث إلا كتاب يحيى بن سعيد الأنصاري كما بيّن ذلك الخطيب.

قلت: سعيد بن منصور إنما تكلّم في أبي صالح؛ لأنه لم يسمع من الليث إلا كتاب يحيى بن سعيد كما قاله له عندما سأله عن ذلك، ومن هنا فهم بعض المشتغلين بالحديث أن أبا صالح لم يسمع من الليث إلا هذا الكتاب، ولم يسمع شيئاً آخر! يعني لا يصح له سماع من الليث إلا هذا الكتاب! وهذا فهم غلط! فأبو صالح كان من أصحاب الليث وسمع منه حديثاً كثيراً، وإنما المقصود هنا أنه لم يسمع من كتب الليث التي عنده إلا كتابه عن يحيى الأنصاري، وهو قد سمع منه أحاديث أخرى كثيرة.

ولهذا لما نقل ابن حجر هذه الحكاية بيّن المقصود بها، فقال في «تهذيب التهذيب» (5/257): "وقال سعيد بن منصور عن أبي صالح: لم أسمع من الليث - أي من لفظه - إلا كتاب يحيى بن سعيد".

فبيّن ابن حجر أن قول أبي صالح في عدم سماعه من الليث إلا كتاب يحيى بن سعيد من لفظه = يعني سمع هذا الكتاب من الليث، والليث هو من كان يقرأه، وأما بقية كتبه فلم يسمعها من لفظ الليث، وقد يكون أجازه بها أو سمعها من لفظ غيره، فالغالب المعروف أن الشيخ يُقرأ عليه حديثه وهو يسمع.

ويُفسّر أيضاً هذه الحكاية المثال الذي ذكره أبو زرعة عن عَبْدالعَزِيزِ بن عِمْران بن مقلاص المِصْرِي بعد إشارته لحكاية سعيد بن منصور في سؤاله لأبي صالح عن سماعه من الليث، فذكر أنه لم يسمع منه إلا كتاب يحيى بن سعيد = يعني أنه كان يُحدّث عن الليث من كتبه وهو لم يسمعها من لفظ الليث.

وهذا ما أشار إليه عبدالعزيز بن عمران حينما قال: "قرأ علينا كتاب عقيل، فإذا في أوله مكتوب: حدثني أبي، عن جدي، عن عقيل، فإذا هو كتاب عَبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد".

فالكتاب كتاب عبدالملك بن شعيب عن أبيه عن جده الليث، فقرأه أبو صالح عن الليث.

وهذا يُظهر أنه كان يستجيز ذلك؛ لأن الكتاب كتاب عبدالملك عن أبيه عن جده، ويحتمل أنه سمعه من الليث بقراءة بعض أصحابه فاعتمد في روايته ما في كتاب شعيب عن أبيه الليث.

قال أبو محمد بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/87): حدثني أبو زرعة قال: سمعت عبدالعزيز بن عمران المصري يقول: "كنا نحضر شعيب بن الليث وأبو صالح يَعرض عليه حديث الليث، وإذا فرغنا، فقلنا: يا أبا صالح نحدّث بهذا عنك؟ فيقول: نعم".

قلت: فثبت أن أبا صالح كان يعرض حديث الليث على ابنه شعيب، ويسمح للناس بأن يحدثوا بذلك عنه عن الليث، وهذا يدلّ على أنه لم يسمع هذه الكتب من لفظ الليث، وإنما عرضها على ابنه شعيب، ثم رواها عن الليث.

وعلى هذا يُخرج ما قاله عَبدالعزيز بن عمران: "قرأ علينا كتاب عقيل، فإذا في أوله مكتوب: حدثني أبي، عن جدي، عن عقيل، فإذا هو كتاب عَبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد".

فالحديث حديث الليث، وهو قد سمع من الليث، ولكنه كان يعتمد كتب شعيب بن الليث عن أبيه في التحديث، وكان شعيب يحضه على ذلك.

روى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/86) قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبدالملك بن شعيب بن الليث يقول: "أبو صالح كاتب الليث ثقة مأمون، قد سمع من جدّي حديثه، وكان يُحدّث بحضرة أبي، وأبي يحضّه على التحديث".

قلت: فأبو صالح كان يحدث بحديث الليث بحضرة ابنه شعيب، وكان شعيب يحضه على التحديث.

وأبو صالح قد لازم الليث أكثر من عشرين عاماً، وكان يصاحبه في السفر.

قال إسماعيل بن عبدالله سمويه: حدثني عبدالله بن صالح قال: "صحبت الليث عشرين سنة لا يتغذى ولا يتعشى وحده إلا مع الناس، وكان لا يأكل اللحم إلا أن يمرض". [تاريخ دمشق لابن عساكر (29/190)].

وقال أحمد بن منصور: حدثنا أبو صالح قال: "خرجنا مع الليث بن سعد إلى بغداد سنة إحدى وستين ومائة، خرجنا في شوال وشهدنا الأضحى في بغداد". [تاريخ دمشق (29/187)].

قال ابن عساكر: "وقدم دمشق مع الليث بن سعد متوجهاً إلى العراق وبها سمع من سعيد بن عبدالعزيز".

قال زكريا بن يحيى بن أبان: سمعت أبا صالح كاتب الليث يقول: "كنت مع الليث لما خرج إلى العراق فكان يقرأ على أصحاب الحديث من فوق عِلّية، والكتاب بيدي فإذا فرغ منه رميت به إليهم فنسخوه".

وقال هاشم بن يونس: حدثنا أبو صالح قال: "قال لي الليث بن سعد ونحن ببغداد، سَلْ عن قطيعة بني جدار، فإذا أرشدت لها فسل عن منزل هشيم الواسطي، فقل له: أخوك الليث المصري يقرئك السلام، ويسألك أن تبعث إليه شيئاً من كتبك، فأتيت هشيماً فدفع إليّ شيئا فكتبنا منه، وسمعتها من الليث". [تاريخ بغداد (11/155)].

وروى ابن عدي في «الكامل» (6/559) عن مُحمد بن يَحيي بن آدم، عن مُحمد بن عَبدالله بن عَبدالحكم، قال: سمعت أبي يقول ما لا أحصي، وقد قيل له: إن يَحيي بن عَبدالله بن بُكَير يقول في أبي صالح كاتب الليث شيئاً، فقال: "قل له: هل جئنا الليث قط إلا وأَبو صالح عنده؟ فرجل كان يخرج معه إلى الأسفار وإلى الريف، وهو كاتبه، فينكر على هذا أن يكون عنده ما ليس عند غيره؟".

وروى هذا ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/86) عن أبيه، عن ابن عبدالحكم، قال: سمعت أبي وسأله رجل عن أبي صالح كاتب الليث فقال: "تسألني عن أقرب رجل إلى الليث! رجل معه في ليله ونهاره، وفي سفره وحضره، ويخرج معه إلى الريف، وإلى السفر، ويخلو معه في أوقات لا يخلو معه أحد غيره وكان صاحب الرجل، لا ينكر لمثل هذا أن يكون قد سمع منه كثرة ما أخرج عن الليث".

وروى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/87) قال: سمعت أبي قال: سمعت أَحْمَد بن صَالِحٍ يقول: "لا أَعْلَمُ أَحَداً رَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ إِلاَّ أَبو صَالِحٍ كاتب الليث، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ أَخْرَجَ دُرْجاً قَدْ ذَهَبَ أَعلاَهُ، وَلَمْ يَدْرِ حَدِيْثَ مَنْ هُوَ، فَقِيْلَ لَهُ: حَدِيْثُ ابنُ أَبِي ذِئْبٍ، فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ".

قال عبدالله بن أحمد: سمعت أبي ذكر كاتب الليث بن سعد عبدالله بن صالح فذمّه وكرهه، وقال: إنه روى عن الليث عن ابن أبي ذئب كتاباً أو أحاديث، وأنكر أن يكون الليث روى عن ابن أبي ذئب. [تاريخ بغداد (11/155)].

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: "كاتب الليث كتبت عنه، يروي عن ليث بن سعد عن ابن أبي ذئب، ولم يسمع الليث من ابن أبي ذئب شيئاً". [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/86)].

وروى ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/87) قال: سمعت أبي يقول: سَمِعْتُ ابنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: "أَقَلُّ أحْوَالِ أبي صالح كاتب الليث أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الكُتُبَ عَلَى اللَّيْثِ، وأَجَازَهَا لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ ابنُ أَبِي ذِئْبٍ كَتَبَ إِلَى اللَّيْثِ بِهَذَا الدُّرْجِ".

وروى الخطيب في «تاريخه» (11/155) من طريق مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيمَ بن سعيد البوشنجي، قال: سمعت ابن بكير يَقُول: يَحلف على يَحْيَى بن عبداللَّه عتق رقبة بخمسين دينارًا، أو عليه صدقة خمسين دينارًا، وواللَّه واللَّه واللَّه ثلاثة أيْمان، إن لم أكن سمعت عبداللَّه بن صالح، يَقُول: "لم أسمع من الليث شيئًا لأبي الأسود".

قال الخطيب: قلت: "وإنما قَالَ ابن بكير هذا؛ لأن أبا صالِح روى عن الليث عن أبي الأسود".

قلت: لعل هذا أيضاً يتخرّج على أن أبا صالح لم يسمع من لفظ الليث شيئاً عن أبي الأسود، ولا يمنع أن يكون الليث سمع من أبي الأسود، والله أعلم.

والخلاصة أن أبا صالح سمع من الليث حديثاً كثيراً، وسمع بعض كتبه من لفظه، وروى عنه من كتب شعيب بن الليث عن أبيه الليث بن سعد، وكانت عنده أصول بعض حديث الليث.

روى يعقوب بن سفيان الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (2/216) قال: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قال: حدثني الليث، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أَبِي أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ قدر تفور بلحم، فاعجبتني لحمة فازدرتها، فَاشْتَكَيْتُ عَلَيْهَا سَنَةً، ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهَا أَنْفُسُ سَبْعةِ أَنَاسِيَّ، ثُمَّ مسح بطني فألقيتها غضراء، فو الّذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا اشْتَكَيْتُ بَطْنِي حَتَّى السَّاعَةِ».

قال يعقوب: حَضَرْتُ ابنَ بُكَيْرٍ وَقَرَأَ هَذَا الحَدِيثَ وجَعْفَرُ بن عبدالواحد حَاضِرٌ، وَلَا أَدْرِي كَانَ يَقْرَأُ لَهُ كِتَابَ اللَّيْثِ عَنْ خَالِدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَانْتَهَى إِلَى هَذَا الحَدِيثِ وَإِذَا عِنْدَهُ: "عَنْ عُبَيْدِ بنِ رِفَاعَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وقَدْ قَالَ: وَكَذَبَ فَآذَيْتُهُ وَآذَانِي، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: مَوْعِدُكَ غَدًا بِالغَدَاةِ حَتَّى أُحْضِرَ أَصْلَ اللَّيْثِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي أَصْلِ كِتَابِ اللَّيْثِ إِلَّا كَمَا أَقُولُ: "عن عبيد بن رِفَاعَةَ"، وَعَادَ فَآذَانِي وَآذَيْتُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا، إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدْ كَتَبُوا عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فَإِذَا عَرَّضْتَ عَلَى أَبِي صَالِحٍ آذَوْكَ. فَقَالَ: المَوْعِدُ غَدًا وَانْصَرَفْتُ وَلَقِيتُ حَرْمَلَةَ فَإِذَا هُوَ قَدْ بَلَغَهُ الَّذِي كَانَ، فَقَالَ لِي: قَدْ كان في هذا الكلام أَيَّامِ أَبِي صَالِحٍ لِأَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّيْثِ فِي الرَّقِّ وَلَيْسَ فِي الْأَصْلِ، إِنَّمَا الْأَصْلُ فِي قَرَاطِيسَ، وَكَانَ اللَّيْثُ حَوَّلَ كُتُبَهُ فِي الرَّقِّ وَجَعَلَهُ حَبْسًا أَوْ وَقْفًا وَصِيَّةً ذَلِكَ إِلَى وَلَدِهِ وَبَقِيَ الْأَصْلُ سَمَاعُهُ فِي القَرَاطِيسِ وَجَعَلَهُ لِابْنِهِ الكَبِيرِ، وَكَانَ الكَبِيرُ يَكُونُ مَعَ أَبِي صَالِحٍ فَبَقِيَ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي صَالِحٍ، وَإِنَّمَا الرَّقُّ نُسْخَةٌ فَغَدَوْتُ إِلَى ابْنِ بُكَيْرٍ وَأَظُنُّ حَضَرَ جَعْفَرٌ وَقَدْ أَرْسَلَ إِلي كِتَابِ الرَّقِّ وَأَحْضَرَهُ وَأَخْرَجَ مَوْضِعَ الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا هو أصل الليث وليس فِيهِ عَنْ أَبِيهِ. فَقُلْتُ لَهُ: أَرْسِلْ إِلَى أَصْلِ كِتَابِ الْقَرَاطِيسِ الَّذِي فِي مَنْزِلِ أَبِي صالح وما أظنهم يُرْسِلُونَ وَلَا يُقِرَّانِكَ. فَقَالَ: هَذَا حَرْمَلَةُ أَخْبَرَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ هُوَ أَخْبَرَنِي وَكِتَابُ الْأَصْلِ عِنْدَ أَبِي صَالِحٍ فِي قِرْطَاسٍ: عَنْ أَبِيهِ، وَعُبَيْدٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا رِوَايَةٌ، وَلَا مَعْنًى يَغْلَطُ فِيهِ إِنْسَانٌ، وَأَظُنُّ أَنَّ المَدَائِنِيَّ كَانَ صَيَّرَهُ عَنْ رَافِعِ بنِ خَدِيجٍ وَكَانَ كَمَا شَاءَ اللَّهُ".

فأبو صالح سمع من الليث وكتب عنه بعض الحديث، وكان يُحدّث من أصول الليث التي عنده أو عند شعيب بن الليث، وقد وقع في حديثه الخطأ والتخليط عندما كان يُحدّث من حفظه، وكان بعض الكذابين يُدخل عليه بعض الأحاديث الموضوعة فيظنّ أنها من حديثه، ولهذا تكلّم فيه بعض أهل العلم من أجل هذه المناكير التي رواها مما أُدخل في حديثه!

 

وكتب: د. خالد الحايك.

شاركنا تعليقك