الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

أصحاب «نظرية التطور»: الإنسان لم يكن حيواناً ثم تطور فقط! بل كان جماداً أيضاً ثم تطور!!!

أصحاب «نظرية التطور»: الإنسان لم يكن حيواناً ثم تطور فقط! بل كان جماداً أيضاً ثم تطور!!!

 

أرسل لي أحد الإخوة هذا تعليقاً على فيديو للزنديق عدنان إبراهيم يستدلون به على «نظرية التطور»! وأخبرني بأن هذا الحديث الذي يستدلون به عمدة عند الملحدين لإثبات هذه النظرية على تطور الإنسان بعد أن كان حيواناً!

والتعليق هو:

"لا تلتفت إلى كلام السلفية يا دكتور عدنان، فالقافلة تسير وال... تنبح.

اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، وعلقمة بن علاثة، فذكروا الجدود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن سكتم أخبرتكم: جد بني عامر جمل أحمر أو آدم يأكل من أطراف الشجر، قال: وأحسبه قال: في روضة، وغطفان أكمة خشناء تنفي الناس عنها". قال: فقال الأقرع بن حابس: فأين جد بني تميم قال: "لو سكت".

هذا حديث بيقول جد بني عامر كان جمل" انتهى التعليق.

أقول:

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في «مسنده» (38/18) (22935).

وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/127) (374) عن أبيه.

كلاهما (أحمد، وأبو خيثمة) عن رَوْح بن عُبادة، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ، وَالْأَقْرَعُ بنُ حَابِسٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ فَذَكَرُوا الْجُدُودَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ سَكَتُّمْ أَخْبَرْتُكُمْ جَدُّ بَنِي عَامِرٍ جَمَلٌ أَحْمَرُ أَوْ آدَمُ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّجَرِ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي رَوْضَةٍ، وَغَطَفَانُ أَكَمَةٌ خشناءُ تَنْفِي النَّاسَ عَنْهَا. قَالَ: فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: فَأَيْنَ جَدُّ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: لَوْ سَكَتَ».

وقد صححه الشيخ مقبل الوادعي في عدة مواضع من كتابه «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين» (1/127) (146)، (5/403) (3751)، (5/621) (4050)، (6/158) (4324)، فقال: "هذا حديث صحيحٌ".

وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط ورفاقه في تعليقهم على «مسند أحمد» (38/19) هامش (1): "إسناده صحيح على شرط البخاري، علي بن سويد - وهو ابن مَنْجُوف، أبو الفضل السدوسي البصري- من رجاله، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين".

قلت:

هذا حديث ضعيف! وهو منقطع! وإن كان ظاهر الإسناد خرّج به البخاري حديثاً في «صحيحه»!

فعبدالله بن بريدة لم يثبت أنه سمع من أبيه إلا الحديث الذي خرّجه له البخاري بهذا الإسناد لما لعلي بن سويد من متابعة عليه وقد فصّلت في ذلك في بحثي: [«جَلاءُ الشَّك والرَّيْب» حول سَماعِ عَبدالله وسُليمان من أَبيهما بُريدة بن الحُصَيْب].

وهذا الحديث تفرد به روح بن عبادة وهو صدوق من مُحدّثي أهل البصرة وأعيانهم، وفيه بعض الكلام اليسير الذي يدلّ ربما على وهمه أحياناً.

وهذا الحديث له أصل مرسل في البصرة.

رواه مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» للبوصيري (7/82) (6434)] عن بِشْرِ بن المُفضّل البصري.

وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/126) (372) عن مُوسَى بن إِسْمَاعِيْلَ، عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ.

كلاهما (بشر، وحماد) عن سعيد بن إياس الجَرِيرِيّ البصري، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يزيد بن عبدالله بنِ الشِّخِّيرِ البصريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «أُرِيْتُ جُدودَ الْعَرَب، فَإِذَا جَدُّ بَنِي عَامِر بْنِ صَعْصَعَة جَمَلٌ آدَمُ مُقَيَّدٌ بِعُصْمٍ يَأْكُلُ مِنْ فُروعِ الشَّجَر».

وهذا مرسل مختصر، وعادة ما كان أهل العلم يختصرون الحديث إذا كان مرسلاً، فلعل أصل حديث روح هو هذا المرسل، أخطأ في إسناده، فدخل له إسناد في آخر! والله أعلم.

والحديث له بعض الطرق منها أنه كان في المنام، ومنها غير ذلك! لكن لم يصح شيء في هذا كله، وقد ضعّف الحافظ العقيلي أحاديث الباب كلها.

فقد ذكر في «الضعفاء» (4/84) ترجمة «مُحَمَّد بن شُجَاعٍ النَّبْهَانِيّ المَرْوَزِيّ»، ونقل قول ابن المُبَارَكِ فيه: "لَيْسَ بِشَيْءٍ، ولَا يَعْرِفُ الحَدِيثَ"، وقول البُخَارِيّ: "سَكَتُوا عَنْهُ"، ثم ساق له حديثه المنكر عن مَنْصُور بن زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَإِمَّا شُغِلُوا عَنْهُ وَإِمَّا شُغِلَ عَنْهُمْ، قَالَ: ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ بَنِي عَامِرٍ، قَالَ: «جَمَلٌ أَزْهَرُ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّجَرِ»، قَالَ: ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ: «رَهْوَةٌ تَتْبَعُ مَاءً»، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: «هَضْبَةٌ حَمْرَاءُ لَا يَضُرُّهَا مَنْ عَادَاهَا». فَكَأَنَّ بَعْضَ مَنْ عِنْدَهُ تَنَاوَلَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبَى اللَّهُ لِبَنِي تَمِيمٍ إِلَّا خَيْرًا، هُمْ ضِخَامُ الْهَامِ، ثُبْتُ الْأَقْدَامِ، رُجْحُ الْأَحْلَامِ، أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا لِلرِّجَالِ، وَأَنْصَارُ الْحَقِّ فِي آخَرِ الزَّمَانِ».

ثم قال العقيلي: "الرِّوَايَةُ فِي هَذَا البَابِ فِيهَا لِينٌ وَضَعُفٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ صَحِيحٌ".

ورواه الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ في «مسنده»، قَالَ: حدثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حدثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ زَيْدٍ العَمِّيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به، نحوه.

قال أبو نُعيم في «الحلية» (3/60): "غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ سَلَّامٍ".

قلت: سلام بن سلم، ويقال: ابن سليم التميمي السعدي الخراساني، ثم المدائني الطويل، منكر الحديث، متروك.

قال ابن معين: "ليس بشيء".

وقال أحمد: "منكر الحديث".

وقال النسائي: "متروك".

وقال البخاري: "سلام بن سلم السعدي الطويل عن زيد العمي: تركوه".

وزيد العمي البصري ضعيف جداً، تركه بعض أهل العلم.

ورواه البزار في «مسنده» [كما في «كشف الأستار عن زوائد البزار» للهيثمي (3/311) (2823) عن إِبْرَاهِيم بن سَعِيدٍ الجَوْهَرِيّ.

والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص: 150) من طريق مُحَمَّد بن عَبْدِاللَّهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيّ.

والطبراني في «المعجم الأوسط» (8/138) (8206) من طريق إِسْحَاق بن رَاهَوَيْهِ.

والخطيب في «تاريخ بغداد» (10/270) من طريق أَبي الأَحْوَصِ مُحَمَّد بن حَيَّانَ.

أربعتهم عن أَبي مُعَاوِيَةَ الضرير، عَنْ سَلَّامِ بنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ذُكِرَتِ الْقَبَائِلُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَالَ: «جَمَلٌ أَزْهَرُ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّجَرِ». وَسَأَلُوهُ عَنْ هَوَازِنَ، فَقَالَ: «زَهْرٌ يَتْبَعُ مَاءَهُ». وَسَأَلُوهُ عَنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: «ثُبَّتُ الْأَقْدَامِ، رُجَّحُ الْأَحْلَامِ، عِظَامُ الْهَامِ، أَشَدُّ النَّاسِ عَلَى الدَّجَّالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، هَضْبَةٌ حَمْرَاءُ لَا يَضُرُّهَا مَنْ نَاوَأَهَا».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ إِلَّا مَنْصُورٌ، وَلَا عَنْ مَنْصُورٍ إِلَّا سَلَّامُ بْنُ صُبَيْحٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو مُعَاوِيَةَ".

وقال العراقي في «محجة القرب إلى محبة العرب» (ص: 317): "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ".

قلت: سلام بن صُبيح ترجم له ابن حبان بحسب هذا الحديث، فقال في «الثقات» (8/295) (13531): "سَلام بن صبيح: شيخ يروي عَن مَنْصُور بن زَاذَان. روى عَنهُ: أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، عَن مَنْصُور بن زَاذَان، عَن ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ذكرت الْقَبَائِل عِنْد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الحَدِيث".

وكذا ترجم له الخطيب في «تاريخه» (10/270) (4726) فقال: "سلام بن صبيح المدائني: حدّث عن منصور بن زاذان. روى عنه أبو معاوية الضرير".

ثم ساق له هذا الحديث، وفي آخره: "قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: قُلْتُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: مَنْ سَلامٌ؟ قَالَ: كَانَ يَسْكُنُ الْمَدَائِنَ".

وجاء اسمه في رواية البزار مهملاً، ولهذا قال بعد أن رواه: "سَلامٌ هَذَا، أَحْسِبُهُ سَلامٌ المَدَائِنِيُّ، وَهُوَ لَيِّنُ الحَدِيثِ".

وهذا ما مال إليه الذهبي، فإنه ذكره في «الميزان» (2/179) (3349) فقال: "سلام بن صبيح: شيخ مدائني. تفرد عنه أبو معاوية الضرير بإسناد قوى إليه"، ثم ساق حديثه، ثم أشار إلى راوية الخطيب، ثم قال: "وأنا أحسبه سلاماً الطويل المدائني". [في المطبوع: الواثقي وهو تحريف، والصواب: المدائني، ولم يتنبه لها بشار معروف في تحقيقه لتاريخ الخطيب فنقلها كما هي محرّفة!].

والذي أميل إليه أن سلام بن صبيح هو نفسه ابن سلم الطويل المدائني كما قال البزار والذهبي. فالحديث حديثه، وهو مدائني، فيستبعد أن يكون الحديث عند اثنين بالاسم نفسه، والبلد نفسها، ولا يرويه غيرهما عن منصور!

ويؤيد ذلك أن الحديث الأول يرويه عن سلام بن سلم: أبو النضر هاشم بن القاسم الخراساني (134 - 207هـ)، والحديث الآخر يرويه عن سلام بن صبيح: أبو معاوية الضرير (113 - 195هـ) وكلاهما من الطبقة نفسها تقريباً، وإن كان الضرير أكبر من أبي النضر قليلاً، فقد اشتركا في بعض الشيوخ، وروى عنهما بعض التلاميذ المشتركين.

وكأن سلام بن سلم كان يُحدث به أحياناً عن زيد العمي عن منصور، وأحياناً عن منصور مباشرة، وهو متروك، وقد اتّهمه بعضهم.

ويُحتمل أن أحد جدوده اسمه "صبيح" فدلّسه أبو معاوية الضرير ونسبه إلى جده؛ لأن العلماء أصلاً اختلفوا في نسبه.

فقالوا: سلام بن سلم، ويُقال: ابن سليم، ويُقال: ابن سُلَيْمان، التميمي السعدي، أَبُو سُلَيْمان، ويُقال: أَبُو أيوب، المدائني. خراساني الأصل. وهو سلام الطويل، وكَانَ الحوضي يكنيه: أبا عَبداللَّهِ.

ورواه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/431) (1224) عن عَبْدالوَهَّابِ بنِ الضَّحَّاكِ العرضي، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بن يسار الحمصيّ، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْمَان العَوْفِيِّ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجُدُودُ، فَرَأَيْتُ جَدَّ بَنِي عَامِرٍ جَمَلًا أَحْمَرَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّجَرِ، وَرَأَيْتُ جَدَّ غَطَفَانَ صَخْرَةً خَضْرَاءَ تَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْيَنَابِيعُ، وَرَأَيْتُ جَدَّ بَنِي تَمِيمٍ هَضْبَةً حَمْرَاءَ لَا يَضُرُّهَا مَنْ وَانَاهَا»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّهُمْ، إِنَّهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْ، مَهْ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ عِظَامُ الْهَامِ، ثَبَتُ الْأَقْدَامِ، أَنْصَارُ الْحَقِّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ»، فَأَوَّلْتُ قَوْلَهُ فِي بَنِي عَامِرٍ: «جَمَلًا أَحْمَرَ يَتَنَاوَلُ مِنْ أَطْرَافِ الشَّجَرِ» ، فِيهِمْ تَنَاوَلٌ لِمَعَالِي الْأُمُورِ، وَقَوْلُهُ فِي غَطَفَانَ: «صَخْرَةً خَضْرَاءَ تَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْيَنَابِيعُ»، إِنَّ فِيهِمْ شِدَّةً وَسَخَاءً؛ لِشِدَّةِ الصَّخْرِ وَفَيْضِ المَاءِ.

قلت: هذا إسناد منكر! وعمرو بن سليمان هذا لا يُعرف في الصحابة! وقيل: هو تابعي!

قال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/2045): "عَمْرُو بنُ سُفْيَانَ العَوْفِيُّ وَقِيلَ: عَمْرُو بنُ سُلَيْمَانَ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْآحَادِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ تَابِعِيُّ رَوَى عَنْهُ بِشْرُ بْنُ عَبْدِاللهِ، لَا يُعْرَفُ لَهُ صُحْبَةٌ".

وقال ابن حجر في «الإصابة» (4/532) (5873): "عمرو بن سليم العوفيّ: ذكره ابن أبي عاصم في «الوحدان» من الصحابة، وأخرج من طريق إسماعيل بن عياش... الحديث. هكذا استدركه ابن الأثير، وساق الحديث بسنده إلى ابن أبي عاصم. وقد أخرجه ابن منده، لكن قال: «عمرو بن سفيان العوفيّ»، أخرجه ابن أبي عاصم في الوحدان. وذكره البخاري في التابعين، لا يعرف له صحبة ولا رؤية".

قلت: لم أجد ما نسبوه للبخاري هنا!

والحديث تفرد به عبدالوهاب بن الضحاك الحمصي، وهو متروك متّهم!

قال البخاري، والنسائي: "عنده عجائب".

وقال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي بالسلمية، وترك حديثه والرواية عنه، وقال: كان يكذب".

وقال: سمعت أبي يقول: "سألت أبا اليمان عنه، فقال: لا يُكتب عنه هذا قاص. ثم أتيناه فأخرج إلينا شيئاً من الحديث، فقال: هذا جميع ما عندي، ثم بلغني أنه أخرج بعدنا حديثاً كثيراً".

وقال: سمعت أبي يقول: قال محمد بن عوف، قيل لي إنه أخذ فوائد أبي اليمان، فكان يُحدّث بها عن إسماعيل بن عياش، وحدّث بأحاديث كثيرة موضوعة، فخرجت إليه، فقلت: ألا تخاف الله، فضمن لي أن لا يُحدث بها، فحدّث بها بعد ذلك.

وقال أبو داود: "غير ثقة ولا مأمون، كان يضع الحديث، قد رأيته".

وقال العقيلي: "شَامِيٌّ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ".

وقال صالح جزرة: "منكر الحديث، عامة حديثه كذب".

وقال الدارقُطني: "متروك".

وقال أبو عبدالله الحاكم، والنقاش: "يروي عن إسماعيل أحاديث موضوعة".

فالحديث بكلّ طرقه لا يصح، وهو كما قال العقيلي لا يثبت في هذا الباب شيء!

وعلى فرض ثبوت الحديث وصحته فليس معناه كما توهم هؤلاء الحمير أنصار "نظرية التطور"!! وإنما هو مثل ضربه صلى الله عليه وسلم لهؤلاء، وهذا معروف في سيرته، ولهذا أورده الرامهرمزي في كتاب «الأمثال»، وذكره بعض من خرّجه في كتب «الفضائل» كما رواه أحمد في «فضائل الصحابة».

فهل يُعقل لو كان الحديث يدلّ على أن أصل جدود العرب حيوانات يذكره أهل العلم في «الفضائل»؟

ومع أن هذا الحديث لا يصح إلا أنه جاء مُفسراً في بعض طرقه كما عند الخطيب البغدادي في «تاريخه» (13/268): "ويَعْنِي بِالجَدِّ: بَخْتَهُمْ وَحَظَّهُمْ".

وأورده أهل العلم في كتب «غريب الحديث» لبيان معناه - وكأنهم استشرفوا أن هناك حمير أغبياء سيأتون في آخر الزمان يقولون بنظرية التطور ويستدلون بهذا الحديث على صحة هذه النظرية!!!

فقوله: «فإذا جَدُّ بني عامرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقَيَّدٌ بعُصُم»، العُصُم: جمع عِصَام، وهو رِباطُ كلّ شيء، أرادَ أن خِصْبَ بلادِه قد حَبَسه بفِنائِه، فهو لا يُبْعِد في طَلَب المرْعَى، فصار بمنْزلةِ المقيَّد الذي لا يبرَحُ مكانَه. ومثلُه قول قَيْلَةَ في الدَّهْنَاء: إنها مُقَيَّدُ الجَمل: أي يكونُ فيها كالمُقَيَّد لا يَنْزِعُ إلى غيرها من البِلادِ.

والسؤال لحمير «نظرية التطور»: في الحديث ذكر أن جدّ بني عامر كان جملاً، فهذا أصله، ثم تطور، وذكر غطفان: «أَكَمَة خشناء تَنْفِي - تتقي - النَّاسَ عَنْهَا»، فهل معنى ذلك أن جد غطفان كان أصله أكمة ثم تطور؟!

يعني أن الإنسان لم يكن حيواناً فقط ثم تطور! بل كان جماداً أيضاً ثم تطور!!!

سبحان الله! فهذه أيضاً تُضاف لنظريتكم!

فالأكمَة: هي التَّلُّ العَظيمُ المُرتفِع من الأرض.

قال ابن قتيبة في «غريب الحديث»: "«أكمة خشناء وَيَتَّقِي النَّاس عَنْهَا» يُرِيد أَن فيهم توعراً وخشونة، وَهَذِه أَمْثَال ضربهَا لَهُم فِي أَحْوَالهم".

فماذا يقول أصحاب هذه النظرية؟!

إلا الحماقة أعيت من يداويها!

وكتب: د. خالد الحايك

29 رمضان 1441هـ.

شاركنا تعليقك