الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

«البَسْطُ التَّام» لتدليس قَتَادَةَ حديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ وسَيِّئِ الأَسْقَامِ»! ومعه: «القَبَس» في تخريج البخاري لحديث «قَتادة عن أَنَس».

«البَسْطُ التَّام»

لتدليس قَتَادَةَ حديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ وسَيِّئِ الأَسْقَامِ»!

ومعه:

«القَبَس»

في تخريج البخاري لحديث «قَتادة عن أَنَس»

 

حديث قَتَادَةَ بن دَعامة السدوسيّ البصريّ، عَنْ أَنَس بن مالكٍ - رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ» حديث مشهور.

رواه عن قتادة جماعة، هم: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وهَمَّامُ بن يحيى العَوْذيُّ، وشَيْبَانُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، ومَعْمَرُ بنُ راشدٍ.

أما حديث حماد بن سلمة:

فرواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/499) (2120). [ورواه الضياء في «المختارة» (6/340) (2363) من طريق الطيالسي].

وأحمد في «مسنده» (20/309) (13004) عن بَهْز بن أسد، وحَسَن بن مُوسَى الأشيب.

وابن أبي شيبة في «مصنفه» (15/72) (29739) عن الحَسَنِ بنِ مُوسَى.

وأبو يَعلى الموصلي في «مسنده» (5/277) (2897) عن إِبْرَاهِيم بن الحَجَّاجِ الساميّ. [ورواه الضياء في «المختارة» (6/340) (2364) من طريق أبي يعلى].

وأبو داود في «سننه» (2/650) (1554). وابن حبان في «صحيحه» (3/295) (1017) عن الفَضْلِ بنِ الحُبَابِ. والطبراني في «الدعاء» (ص: 399) (1342) عن مُحَمَّد بن مُعَاذٍ الحَلَبِيّ، وأَبي خَلِيفَةَ. كلهم عن مُوسَى بنِ إِسْمَاعِيلَ التبوذكيّ.

وابن عدي في «الكامل» (2/263) عن الحسن بن علوية القطّان. والضياء المقدسي في «المختارة» (6/342) (2366) و(2367) من طريق عَبْدِاللَّهِ بنِ مُحمدٍ البَغَوِيّ، وأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ عَبْدِالجَبَّارِ، ثلاثتهم عن عبدالملك بن عبدالعزيز أَبي نَصْرٍ التَّمَّار.

ورَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، عَنْ بِشْرِ بنِ السَّرِيِّ. [أشار إليه الضياء في المختارة: 6/342].

كلهم (الطيالسي، وبَهز، وحسن بن موسى، وإبراهيم بن الحجّاج، وموسى بن إسماعيل، وأبو نصرٍ التمّار، وبِشر بن السّري) عن حَمَّاد بنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ».

وفي بعض الروايات: «وسائر الأسقام»، وفي بعضها: «وَشَرِّ الأَسْقَامِ».

وأما حديث همام بن يحيى العَوذي:

فرواه البزار في «مسنده» (13/448) (7212) عن محمد بن المثنى، عن عبدالصمد بن عبدالوارث.

والنسائي في «السنن الكبرى» (7/224) (7876). والضياء المقدسي في «المختارة» (6/341) (2365) من طريق أَبي بَكْرٍ أَحْمَد بن عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ. كلاهما (النسائي، وابن أبي عاصم) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى أَبِي مُوسَى، عن أَبي دَاوُدَ الطيالسي.

كلاهما (عبدالصمد، والطيالسي)، عن هَمَّام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ، وَسَيَّئِ الْأَسْقَامِ».

أما حديث شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ:

فرواه البزار في «مسنده» (13/451) (7222) عن مُحَمد بن دَاوُدَ القَنْطَرِيّ، -وهُو أَخُو علي بن داود-.

والطبراني في «المعجم الصغير» (1/198) (316) عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ القَلَانِسِيّ الرَّمْلِيّ. [ورواه الضياء في «المختارة» (6/342) (2368) من طريق الطبراني].

والطبراني في «الدعاء» (ص: 400) (1343) عن هَاشِم بْن مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيّ.

والحاكم في «المستدرك» (1/712) (1944) عن عَبْدَان بْن يَزِيدَ الدَّقَّاق، عن إِبْرَاهِيم بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ. [ورواه البيهقي في «الدعوات الكبير» (1/459) (348) عن الحاكم، ورواه الضياء في «المختارة» (6/344) (2370) من طريق الحاكم].

والضياء في «المختارة» (6/343) (2369) من طريق أَحْمَد بن عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، عن مُحَمَّد بن مسلم الرازي ابن وَارَةَ الحَافِظ.

كلهم (محمد بن داود، وجعفر الرملي، وهاشم الطبراني، وابن دِيزيل، وابن وَارَةَ) عن آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ العَسْقَلَانِيِّ.

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (3/300) (1023) عن أَحْمَد بن يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظ، عن أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، عن عَبْدِالصَّمَدِ بْنِ النُّعْمَانِ البزّاز البغدادي.

والضياء المقدسيّ في «المختارة» (6/345) (2371) من طريق الحَسَنِ بنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الكِنْدِيِّ، عن مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوقٍ الكندي الكوفي قاضي مصر.

ثلاثتهم (آدم، وعبدالصمد، وابن مسروق) عن شَيْبَان بن عَبْدِالرَّحْمَنِ النَّحْوِيّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالْعَيْلَةِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ وَالْجُنُونِ، وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَسَيِّءِ الْأَسْقَامِ».

وفي رواية البزار: «وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا». قَالَ البزار: "وَذَكَرَ خِصَالا أُنْسِيتُهَا".

قال البزار: "وهَذَا الحَدِيثُ لَا نعلَمُ أحَدًا رَوَاهُ عَن قَتادة، عَن أَنَس إلاَّ شَيْبَانُ، ولاَ نعلمُ رَوَاهُ عَنْ شَيْبَانَ إلاَّ آدَمُ".

وقال الطبراني: "لَمْ يَرْوِهِ بِهَذَا التَّمَامِ إِلَّا شَيْبَانُ، تَفَرَّدَ بِهِ آدَمُ".

وقال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

فهذا رَوَاهُ شَيْبَانُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ قَتَادَةَ بِزِيَادَةِ أَلْفَاظ على غيره.

وزاد في رواية عبدالصمد بن النعمان: «والبُخْلِ والهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ وَالكُفْرِ، وَالشِّرْكِ».

وقول البزار: "ولاَ نعلمُ رَوَاهُ عَنْ شَيْبَانَ إلاَّ آدَمُ" = يقصد بهذه الألفاظ، وكذا قال الطبراني! وفيه نظر! فآدم لم يتفرد بهذه الألفاظ، بل تابعه: عبدالصمد بن النعمان، وابن مسروق القاضي، كما سبق في التخريج.

·       خطأ في إسناد «المختارة»!

جاء في المطبوع من «المختارة» في حديث ابن وارة السابق (6/343) (2369): وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ الصَّيْدَلانِيُّ بِأَصْبَهَانَ: أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيَّ أَخْبَرَهُمْ: أبنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ شَاذَانَ أبنا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَبَّابُ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ: ثَنَا ابْنُ وَارَةَ ثَنَا أَبِي وَابْنُ أَبِي إِيَاسٍ: قثنا شَيْبَانُ...

هكذا جاء فيه: "أبي وابن أبي إياس" بالجمع! وهذا يعني أن ابن وارة رواه عن أبيه وعن ابن أبي إياس كلاهما عن شيبان! وفي ذلك نظر!

فالذي أراه أن كلمة "أبي" مقحمة في الإسناد، وكأنها سبق نظر من الناسخ من "ابن أبي إياس"! ووالد ابن وارة لم يذكره أهل العلم في أهل الحديث! ولم يذكروا أن ابن وارة روى عن أبيه! ولا يوجد لأبيه أي ذكر في الكتب.

ولو صح ما في هذا الإسناد لكان ينبغي أن يكون "قالا" لا "قثنا" التي تدل على الواحد، وهذا يدل على أن الرواية لابن وارة عن ابن أبي إياس فقط، والله أعلم.

وهذا الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات في الظاهر، ولهذا صححه ابن حبان، والحاكم، والضياء المقدسي، وكثير من المعاصرين كالألباني، وشعيب الأرنؤوط، وغيرهما.

أما حديث مَعمر:

فهو في «جامعه» المطبوع مع «مصنف عبدالرزاق» (10/439) (19634).

رواه عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُنُونِ، وَالْبَرَصِ، وَالْجُذَامِ، وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ».

·       خلاصة:

فالحديث رواه حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى العوذي، وشيبان النحوي، ثلاثتهم عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

على زيادة في متن الحديث في رواية شيبان.

وخالفهم معمر بن راشد، فرواه عن قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً، ولم يذكر فيه "أنساً"!

ولم يذكر قتادة السماع في هذا الحديث عن أنس، وهو بالعنعنة في كل طرقه.

ويبدو أن هذا الحديث كان منتشراً في البصرة بالإرسال، وربما طلب بعضهم إسناده من بعض الرواة.

فقد روى أبو جعفر ابن البختري كما هو في «مجموع مصنفاته» (ص: 407) (118) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، قَالَ: قِيلَ لِحَمَّادٍ: ذَكَرْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: مَنْ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: "قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

فهذا حماد بن سلمة كان يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما طلبوا منه الإسناد، قال: "عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

ولا يُروى هذا الحديث من هذا الوجه إلا من حديث أنس! تفرد به قتادة عنه!

وقتادة مدلّس، ولم يذكر السماع، ولهذا أعرض الشيخان عن هذا الحديث، والذي أراه أن قتادة دلّسه، ولم يسمعه من أنس.

·       رواية يزيد الرقاشي عن أنس!

والحديث يُعرف من حديث يزيد بن أبان الرَقاشي عن أنس، والظاهر أن قتادة أخذه منه، ثم دلّسه.

رواه ابن عدي في «الكامل» (3/74) من طريق عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الحُمَيْسِيّ.

وتَمَّام في «فوائده» (2/148) (1389) من طريق أَبِي الزِّنَادِ.

كلاهما عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، وَالجُذَامِ، وَالجُنُونِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ».

وفي رواية ابن عدي: «ومن كل داء عُضال».

ويزيد الرقاشي كان عابداً زاهداً واعظاً بكّاءً، وقد أكثر من رواية المناكير عن أنس! وأهل العلم على تضعيفه، وعدم الاحتجاج به، وخاصة فيما يرويه عن أنس، فالحديث حديثه، ولا يُعرف إلا عنه، وقتادة قد روى عن يزيد الرقاشي.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ قَالَ: "حَدَّثَنِي يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، وَهُوَ لَيِّنُ الحَدِيثِ". [المعرفة والتاريخ (2/474)].

فقتادة يقول بأنه سمع من يزيد الرقاشي، وقد ضعّفه، والحديث يعرف عن يزيد الرقاشي، فيكون قتادة أخذه منه، ثم دلّسه لضعفه، والله أعلم.

·       رواية شعبة عن قتادة صحيحة؛ لأنه كان يتتبع قتادة في تدليسه.

فقتادة لم يُصرّح بسماع الحديث من أنس، وكان قتادة يُدلّس، ولهذا كان شعبة يتتبعه في مسألة الإخبار والتحديث، وهذا الحديث لم يروه شعبة عنه، ولا أصحابه الذين أكثروا عنه، فهذه قرينة أولى على تدليس قتادة له.

فشعبة روى عن قتادة ما سمعه من أنس، ولم يُدلّسه.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: "كُنَّا نَعْرِفُ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةَ مِمَّا سَمِعَ، إِذَا قَالَ: قَالَ فُلاَنٌ، وَقَالَ فُلاَنٌ، عَرَفنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ".

وفي رواية: "كُنْتُ أَتَفَطَّنُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ، وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ، وَحَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، فَإِذَا حَدَّثَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ، قَالَ: حَدَّثَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَحَدَّثَ أَبُو قِلاَبَةَ".

وقال عَلِيّ بن المَدِيْنِيَّ: قال عبدالْرَّحْمَنِ بن مهدي: قال شُعْبَة: "كُنْتُ أَتَفَقَّدُ فَمَ قَتَادَةَ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا وَسَمِعْتُ، حَفِظْتُهُ، وَإِذَا قَالَ: حَدَّثَ، تَرَكْتُهُ".

وفي رواية: "كُنْتُ أَنظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ كَيْفَ يَقُوْلُ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا، يَعْنِي: كَتَبتُ، وإذا قَالَ: حدّث لم أكتب".

وقال أحمد بن سنان الواسطي: سمعت عبدالرحمن ابن مَهْدِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ، فإذا قال لِلْحَدِيثِ «حدثنا» عَنَيْتُ بِهِ فَوَقَفْتُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ «حدثنا» لَمْ أَعْنِ بِهِ، وَأَنَّهُ حدثنا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ»، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِفَهُ عَلَيْهِ فَيُفْسِدَهُ عَلَيَّ، فَلَمْ أُوقِفْهُ عَلَيْهِ".

وقال يَحْيَى بْن سَعِيدٍ القطّان: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، يَقُولُ: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ وَلَمْ أَتَغَافَلْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ خَشِيتُ أَنْ يَفْسُدَهُ عَلَيَّ، وَهُوَ مَا قَالَ لِي عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ»".

وَقَالَ عَبْدُاللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: قَالَ شُعْبَةُ: "نَصَصْتُ عَلَى قَتَادَةَ سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً كُلُّهَا يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ".

ورُوي عن شعبة أنه قال: "كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة".

قال ابن حجر في «طبقات المدلسين» (ص:59): "قلت: فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع، ولو كانت معنعنة".

وقال في «الفتح» (1/59): "وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ مَأْمُونٌ فِيهَا مِنْ تَدْلِيسِ قَتَادَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا مَا سَمِعَهُ".

وقال البَرديجي: "أصح الناس رواية عن قتادة: شعبة، كان يوقف قتادة على الحديث".

قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/696) معقباً عليه: "قلت: كأنه يعني بذلك اتصال حديث قتادة؛ لأن شعبة كان لا يكتب عن قتادة إلا ما يقول فيه: «حدثنا»، ويسأله عن سماعه".

·       قاعدة مهمة في الأحاديث التي يرويها غير شعبة عن قتادة!

وقال البرديجي: ـ أيضاً ـ: "أحاديث شعبة، عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحاح، وكذلك سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، إذا اتفق هؤلاء الثلاثة على الحديث فهو صحيح، وإذا اختلفوا في حديث واحد، فإن القول فيه قول رجلين من الثلاثة، فإذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث، وإذا انفرد واحد من الثلاثة في حديث نُظِرَ فيه: فإن كان لا يعرف من الحديث إلا من طريق الذي رواه كان منكراً.

وأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ، مثل حماد بن سلمة، وهمام، وأبان، والأوزاعي، فينظر في الحديث: فإن كان الحديث يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أنس بن مالك، من وجه آخر، لم يدفع، وإن كان لا يعرف عن أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا من طريق عن أنس إلا من رواية هذا الذي ذكرت لك، كان منكراً".

قلت: هذه القاعدة التي ذكرها البَرْدِيْجِيُّ (230 - 301هـ) لعله استفادها من صنيع الإمام البخاري في «صحيحه»، ففيه غالب روايات قتادة عن أنس خرّجها البخاري من طريق شعبة، وكان من غير طريق شعبة يأتي بطرق معلقة من أجل إثبات سماع قتادة من أنس لتلك الأحاديث، أو يذكر متابعات أخرى لقتادة عن أنس.

وقد تتبعت الروايات التي خرّجها البخاري في «صحيحه» عن قتادة عن أنس من طريق شعبة وغيره، فوجدته يحرص على تخريج حديث شعبة عن قتادة معتنياً بالسماع مع تكفّل شعبة بأنه لا يروي عنه إلا ما سمعه من أنس، وفي تخريجه لحديث غير شعبة عن قتادة عن أنس كان يحرص أيضاً على ذكر السماع، وإن لم يجده في بعض الروايات يُعلق بعض الروايات الأخرى لبيان السماع، وكذا يورد أحياناً بعض المتابعات أو الشواهد للدلالة على صحة هذا الحديث الذي يُخرّجه، وكان يحرص على تخريج حديث هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة إذا لم يجد الحديث عن شعبة عن قتادة، فيقدّم حديثهما كما أشار البرديجي إلا في حالات اجتهد فيها.

وقد جمعت كل ذلك في بحث خاص سميته «القَبَس في تخريج البخاري لحديث قتادة عن أنس»، وسأضمّنه هذا البحث في آخره إن شاء الله.

فلو طبّقنا هذه القاعدة التي ذكرها البرديجي على حديثنا هذا لوجدنا أنه من رواية: حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وهَمَّام بن يحيى العَوْذيّ، وشَيْبَان النَّحْوِيّ، ومَعْمَر بن راشدٍ.

ومع الاختلاف في إسناده ومتنه، فهو يحفظ من وجه آخر عن أنس من رواية يزيد الرقاشي، ولا يُعرف عن أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية قتادة عن أنس!

وكون قتادة من كبار المُدلسين، ويُدلّس عن أنس كثيراً، فلا بدّ من تصريحه بالسماع! ولا يوجد ما يدلّ على ذلك. بل إن الاختلاف عليه في إسناده قرينه تدليسه له لمن عرف كيف يفعل المدلّس عندما يُدلّس الحديث.

وكون الحديث يرويه عن أنس يزيد الرقاشي وهو مكثر عن أنس وله منكرات كثيرة عنه، وقتادة قد سمع منه، قلنا بأن قتادة أخذه منه ودلّسه، ولو لم يأخذه منه فلم لم يذكر سماعه له من أنس، ولم لمْ يُحدّث به عنه كبار أصحابه الذين عرفوا تدليسه كشعبة؟ أو هشام الدستوائي الذي كان يقول فيه شعبة: "كان هشام الدستوائي أحفظ مني عَنْ قَتَادَة"، وفي رواية: "هشام الدستوائي أعلم بحديث قتادة مني، وأكثر مجالسة له مني"؟!

·       رواية مَعمر عن قتادة:

وقتادة كان أحياناً يُسنده عن أنس، وأحياناً يرسله كما في رواية معمر عنه، وهذه قرينة ثانية على أنه دلّسه! فإن المدلّس له عدة حالات فيما يُدلِّسه من الحديث!

فما قيل عنه مرة: "عن أنس" لا يعني أنه سمعه من أنس، ولذا حدّث به مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان من حديثه الذي سمعه من أنس لأسنده.

والغالب أن المُدلّس عندما كان يُدلّس لا يقول "عن فلان"، وإنما يقول: "ذُكر عن فلان" ونحو هذه العبارات، فمن يروي عنه هو من يستعمل صيغة "عن".

ومعمر سمع من قتادة ولازمه في البصرة وهو ابن أربعة عشر عاماً، وحديثه عنه مُتقن.

قال عبدالرزاق: قال معمر: "جالست قتادة ثلاث سنين".

وقال عباس الدوري في «تاريخ ابن معين - روايته» (4/193) (3913): سَمِعت يحيى يَقُول: "قَالَ مَعمر: جَلَست إِلَى قَتَادَة وَأَنا صَغِير".

وقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1203): وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِيْن يَقُولُ: "قَالَ مَعْمَر: جلستُ إِلَى قَتَادَة وأنا صغير، فلم أحفظ أسانيده".

فزاد ابن أبي خيثمة عن يحيى قول معمر: "فلم أحفظ أسانيده".

ورواه ابن عساكر في «تاريخه» (59/398) من طريق محمد بن القاسم الكوكبي، قال: أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: "قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد".

وقال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (1/299)، وفي «شرح علل الترمذي» (2/698): "قالَ ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: قالَ معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد".

وكذا نقل الكعبي في «قبول الأخبار ومعرفة الرجال» (1/364): قال ابن أبي خيثمة: وسمعت يحيى بن معين يقول: "قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، ولم أحفظ عنه الأسانيد".

لكن نقل الباجي في «التعديل والتجريح» (2/742)، ومغلطاي في «الإكمال» (11/300): "وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: قال معمر: "جَلَست إِلَى قَتَادَة وَأَنا صَغِير فَلم أحفظ عَنهُ إِلَّا الْأَسَانِيد".

قلت: فهذه حقيقة مُعضلة! إذ المطبوع من تاريخ ابن أبي خيثمة طبعة سقيمة! ومن نقل من كتابه اضطربوا في النقل! فمنهم من نقل إنه لم يحفظ الأسانيد عن قتادة، ومنهم من نقل إنه لم يحفظ عن قتادة إلا الأسانيد!

وكلا الأمرين يُناسب كونه كان صغيراً لما سمع من قتادة، فلأنه كان صغيراً لم يحفظ عنه الأسانيد! ولأنه كان صغيراً لم يحفظ عنه إلا الأسانيد! فالأمر محتمل!

فإن قلنا: إنه لم يحفظ عنه الأسانيد فهذا قد يكون فيه بُعد؛ لأن أسانيد قتادة قصيرة جداً وليس من الصعب حفظها، وخاصة حديثه عن أنس.

وإن قلنا إنه حفظ عنه فقط الأسانيد فهذا يُعارض ما قاله مُحَمَّد بن كثير الصنعاني، عَن معمر، قال: "جَلستُ إِلَى قَتَادَةَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه مُنَقَّشٌ فِي صدري".

وفي رواية: "جَالَسْتُ قَتَادَةَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَمَا مِنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ تِلْكَ السِّنِينَ إِلَّا كَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي صَدْرِي".

بل إن هذا النص يُعارض كلا الاحتمالين أعلاه! فهو هنا يقول: إنه ما سمع منه حديثاً إلا وهو منقوش في صدره، والأصل أن هذا يشمل الإسناد والمتن، وليس مقصوراً على المتن كما قد يُفهم.

فما سمعه معمر من قتادة كان في صغره وهي فترة يحفظ فيها الفتى ما يسمعه، ولذا عبّر معمر عن ذلك بقوله: "كأنه منقش - أو مكتوب- في صدري".

فيحتمل أن الصواب «فلم أحفظ عنه الأسانيد» ومن نقل عنه «إلا الأسانيد» تكرر نسخ لفظ «إلا» لأنها في لفظة «الأسانيد» التي بعدها مباشرة، وهذا يوافق ما في مطبوع تاريخ ابن أبي خيثمة: "فلم أحفظ أسانيده"، وإن كان النقل ليس بمثله تماماً مما يدل على أن هناك بعض الخلل في النسخة المطبوعة من كتاب ابن أبي خيثمة؛ لأن ابن عساكر نقل عنه النص: «فلم أحفظ عنه الأسانيد»، فتكون «إلا» زائدة من النسّاخ لأنها جزء من أول كلمة «الأ سانيد».

ويُحتمل أن الصواب «فلم أحفظ عنه إلا الأسانيد» فسقطت «إلا» أو أن الناسخ ظنها مكررة لأنها موجود في لفظة «الأ سانيد»! والله أعلم.

وعموماً، فلو قلنا بأنه لم يحفظ عنه الأسانيد فهذا لا يعني أنه لم يحفظ منها شيئاً؟ كيف وهي قصيرة جداً، ومثله في ذلك السن تكون سهلة عليه.

ولو قلنا إنه لم يحفظ عنه إلا الأسانيد فهذا لا يعني أنه لم يحفظ المتون، بل أقصى ما يدل ذلك على أنه للأسانيد أحفظ منها للمتون، كيف وهو يقول: "ما سمعت منه حديثاً إلا وهو مكتوب في صدري".

ولو صحّ قوله إنه لم يحفظ الأسانيد عن قتادة، فهذا لا يعني أنه لم يحفظها كلها.

ثمّ وجدت نصّاً يؤيد صحة النقل عن معمر أنه قال: «فلم أحفظ عنه الأسانيد»، والسبب في عدم حفظه لتلك الأسانيد!

وهو ما رواه عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: قَالَ مَعْمَرٌ: "كُنَّا نُجَالِسُ قَتَادَةَ وَنَحْنُ أَحْدَاثٌ، فَنَسْأَلُه عَنِ السَّنْدِ، فَيَقُولُ مَشْيَخَةٌ حَوْلَهُ: مَهْ، إِنَّ أبا الْخَطَّابِ سَنَدٌ. فَيَكْسِرُونَا عَنْ ذَلِكَ". [الطبقات الكبرى: (7/172)، المعرفة والتاريخ: (2/278)].

فتبيّن من هذا أن معمراً ومن كان معه ممن يسمعون من قتادة من الأذكياء كانوا يسألونه عن الأسانيد؛ لأنهم كانوا يعرفون أنه يُدلّس، فيريدون معرفة أسانيده لحفظها، لكن كبار السنّ - المشيخة = شيوخ العرب- ممن كانوا في مجلسه وهم لا يعرفون الرواية والحديث كانوا يُشغّبون عليهم: بأن قتادة أبا الخطاب لا يحتاج لأن يذكر إسناده فهو سند بنفسه = أي هو مُعتمد عليه في كلّ ما يقوله، فيعكّرون عليهم! فلا يجرؤ التلاميذ على مراجعة قتادة وهؤلاء الجهّال في مجلسه! ولو أنه ذكر أسانيده لحفظوها عنه.

فهذا هو سبب عدم حفظ معمر لأسانيد حديث قتادة! فهو يُحدّث عنه كما سمع، وهذا يؤيد قوله إنه ما سمع حديثاً من قتادة إلا كان منقوشاً في صدره.

فمن استخدم هذا النص عن معمر في عدم حفظه أسانيد قتادة في تضعيفه فقد أخطأ! لبيان السبب في عدم حفظه كلّ أسانيد قتادة؛ لأن قتادة لم يكن يُسند كلّ حديثه، فهو حفظ ما سمع.

وكان قتادة يغضب إذا سألوه عن الإسناد!

روى وَكِيعٌ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: "كَانَ قَتَادَةُ يَغْضَبُ إِذَا وَقَفْتُهُ عَلَى الْإِسْنَادِ! قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ يوماً بحديث فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ فَقُلْتُ: فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. قَالَ: فَكَانَ بَعْدُ". - أي كان بَعد يُسند حديثه.

وجاء في مطبوع «سير أعلام النبلاء» (5/273): "قَالَ: فَكَانَ يَعُدُّه"! وهذا لا معنى له! والصواب إن شاء الله ما بيناه أنه كان بعد ذلك يُسند حديثه.

وقد روى شعبة مثل ما روى معمر عمّا كان يقوله المشيخة حول قتادة عندما يسألونه عن إسناده.

قال أحمد بن حنبل: سمعت يحيى بن سعيد القطان: قال شعبة: "كنت أجالس قتادة فيذكر الشيء، فأقول: كيف إسناده؟ فيقول المشيخة الذين حوله أن قتادة سندٌ! فاسكت، فكنت أكثر مجالسته، فربما ذكر الشيء فأذكره، فعرف مكانتي، ثم كان بعد يُسند لي". [الجرح والتعديل: (1/166)].

قلت: يعني أن قتادة كان يذكر الحديث دون السند فيذكر شعبة السند له، فعرف مكانته في هذا العلم، فصار يُسنِد له الأحاديث.

قال هَمَّامُ بن يحيى العَوْذيّ: جَاءَ شُعْبَةُ إِلَى قَتَادَةَ فَحَدَّثَ قَتَادَةُ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ شُعْبَةُ: "مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا"؟ قَالَ قَتَادَةُ: "وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنَهَابُهُمْ أَنْ نَسْأَلَهُمْ مِمَّنْ سَمِعْتَ، فَذَكَرَ الحَسَنَ وَسَعِيدًا"، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى حَدَّثَ شُعْبَةُ بِحَدِيثٍ فَقَالَ لَهُ قَتَادَةُ: "مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟" فَقَالَ شُعْبَةُ: "أَسْأَلُكَ فَلَا تجيبني، وتسألني!".

فمعمر كان يحفظ ما سمعه من قتادة، وما قاله بأنه لم يكن يحفظ عن قتادة الأسانيد؛ لأن المشيخة ممن حول قتادة كانوا ينهونهم عن ذلك؛ ولأن قتادة نفسه كان يغضب إذا سأله أحد عن الإسناد!

ومن هنا - كما سيأتي بيانه - كان معمر يتهيّب فيما كان يحفظه مرسلاً من حديث قتادة وهو موصول عند بعض أصحابه، وعدم وصله، والبقاء على إرساله، وهذا يدلّ على ضبطه لهذه الأحاديث التي حدّث بها عن قتادة.

وسيأتي أيضاً بعض الأحاديث التي اختلف فيها على قتادة مما دلّسه ومتابعة معمر في إرساله عنه.

·       كلام مالك في مَعمر لروايته التفسير عن قتادة!

وقد تكلّم مالكٌ في مَعمر لروايته التفسير عن قتادة، وهذا لا يعني ضعفه في قتادة.

روى محمد بن أحمد بن أبي السري، عن عبدالرزاق، قال: سمعت مالكاً يَقُولُ- وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَعْمَرٍ فَقَالَ-: إِنَّهُ لَوْلَا. قَالَ: قُلْتُ: لَوْلَا مَاذَا؟ قَالَ: لَوْلَا رِوَايَتُهُ عَنْ قَتَادَةَ". [المعرفة والتاريخ: (2/281)، وتاريخ دمشق: (59/414)].

كذا!! وكأنه سقط منه لفظ «التفسير».

فقد رواه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» أيضاً (2/820) عن سَلَمَة بن شبيب النيسابوري المسمعي، عن أحمد بن حنبل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قَالَ مَالِكٌ: "نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ لَوْلَا رِوَايَتُهُ التَّفْسِيرَ عَنْ قَتَادَةَ".

ورواه أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي، عن عبدالرزاق قال: سمعت مالك بن أنس وذكر عنده معمر، فقال: "نعم الرجل لولا أنه يروي التفسير عن قتادة". [تاريخ دمشق: (59/414)].

وكلام مالك هذا لا يعني تضعيف معمر، وإنما كان يكره رواية التفسير الذي يكون بلا أسانيد عموماً، وهو من أقوال الرجال، ولهذا كان يكره تفسير قتادة؛ لأنه قوله، ولم يُسنده لأحد، وقد أكثر منه.

وقد روى التفسير عن قتادة أيضاً بعض أصحابه كسعيد بن أبي عروبة، وكان يحفظ التفسير عنه كما قال الإمام أحمد.

وقد روى الطبري من «تفسير قتادة» هذا في «تفسيره» عن بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، عن يَزِيد بْنِ زُرَيْعٍ، عن سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ.

والتفسير المطبوع باسم «تفسير عبدالرزاق» في ثلاثة مجلدات غالبه عن معمر عن قتادة في تفسيره لبعض آيات القرآن.

قال الإمام الذهبي في «السيّر» (7/9) مُعقباً على قول مالك: "قُلْتُ: يَظْهَرُ عَلَى مَالِكٍ الإِمَامِ إِعرَاضٌ عَنِ التَّفْسِيْرِ؛ لانْقِطَاعِ أَسَانِيْدِ ذَلِكَ، فَقَلَّمَا رَوَى مِنْهُ. وَقَدْ وَقَعَ لَنَا جُزْءٌ لَطِيْفٌ مِنَ التَّفْسِيْرِ، مَنقُولٌ عَنْ مَالِكٍ".

·       تضعيف الدارقطني لمعمر في قتادة! ومتابعة ابن رجب له!

ولا أعلم أحداً تكلّم في رواية معمر عن قتادة إلا ما قاله الدارقطني! فإنه عرض لحديث عن قتادة في «العلل» (12/221) وقال: "ومعمر سيء الحفظ لحديث قتادة".

وأخذ ذلك الحافظ ابن رجب، فقال في «فتح الباري» (1/299) - وهو يتحدث عن حديث لمعمر عن قتادة وسبب عدم تخريج البخاري له-: "وإنما لم يخرج البخاري هذا؛ لأن رواية معمر، عن قتادة ليست بالقوية.

قالَ ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: قالَ معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد.

قالَ الدارقطني في «العلل»: معمر سيء الحفظ لحديث قتادة" انتهى.

قلت: قد أبعد الدارقطني رحمه الله بهذا القول في معمر! ولا أدري كيف بناه! فحديث معمر عن قتادة متين، وكان جيد الحفظ لحديث قتادة لا سيء الحفظ كما قال الدارقطني!

وهذا القول ينبغي أن يكون نابعاً عن استقراء لحديث معمر عن قتادة! وقد سبرت حديثه فلم أجد لكلام الدارقطني أيّ وجه! فلعله قاله للكلمة السابقة: "لم أحفظ عن قتادة الأسانيد"! ولعله قال ذلك مقارنة مع رواية أخرى هو رجحها! مع أن ترجيحه فيه نظر كما سأبينه إن شاء الله.

سُئِل الدارقطني عَن حَديث النَّضر بن أَنس، عَن أَنس، قال رَسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: «إِن الله وعَدَني أَن يُدخِل الجَنَّة من أُمَّتي أَربَع مِئَة أَلف، فقال أَبو بَكر: زِدنا يا رَسول الله، فقال: وكَذا وكَذا قال: زِدنا يا رَسول الله، قال: هَكَذا قال: زِدنا يا رَسول الله، قال عُمر: دَعنا يا أَبا بَكر، أَو قال: حَسبُك، قال أَبو بَكر: وما عَلَيك أَن يُدخِلَنا الله كُلَّنا الجَنَّة، فقال عُمر: إِن الله إِن شاء أَن يُدخِل خَلقِه بِكَف واحِدَة فعَل، فقال النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم: صَدَق»؟

فقال: "يَرويه قَتادة، واختُلِف عَنه:

فرَواه مَعمَر، عَن قَتادة، عَن النَّضر بن أَنس، عَن أَنس.

وخالَفه أَبو هِلال الراسِبي، فرَواه عَن قَتادة، عَن أَنس.

وخالَفهما هِشام الدَّستُوائي، رَواه عَن قَتادة، عَن أَبي بَكر بن أَنس، عَن أَبي بَكر بن عُمير الأَنصاري، عَن أَبيه، عَن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم.

والقَول ما قال هِشام، لأَن أَبا هِلال ضَعيفٌ، ومَعمَر سيِّئ الحِفظ لِحَديث قَتادة والأَعمش" انتهى.

فهنا رجّح الدارقطني حديث هشام على رواية معمر، ولا شك أن هشام الدستوائي من كبار الثقات، لكن هل ضبط ابنه معاذ هذه الرواية عنه؟!

أما حديث معمر:

فرواه عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (11/286) (20556) قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره.

كذا في المطبوع من رواية إسحاق الدبري، وكذا رواه البغوي في «شرح السنة» (15/163) (4335) من طريق أَبي الحَسَنِ خَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ بنِ حَيْدَرَةَ الأَطْرَابُلُسِيّ، عن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبَّادٍ الدَّبريّ.

وقد رواه جماعة عن عبدالرزاق مثله، فقالوا: عن النضر بن أنس، عن أنس.

وهم:

1- الحَسَن بن عَبْدِالْأَعْلَى البَوْسِيّ الصَّنْعَانِيّ [كما رواه الطبراني في «المعجم الصغير» (1/214) (342)، و«المعجم الأوسط» (3/359) (3400). ومن طريق الطبراني أخرجه الضياء المقدسي في «المختارة» (7/254) (2703)].

2- أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُور الرَّمَادِيّ [كما رواه البيهقي في «الأسماء والصفات» (2/154)].

وقد رواه البيهقي عن أبي الحسين بن بشران، عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن أحمد بن منصور الرمادي، عبدالرزاق.

ورواه البغوي في «شرح السنة» (15/164) عن أَحْمَد بن عَبْدِاللَّهِ الصَّالِحِيّ، عن أَبي الْحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، به، لكنه جمع هذا الإسناد مع إسناد آخر فيه شك كما سيأتي! والأصل أن لا يجمع هذا الإسناد مع الإسناد الآخر!

قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الصَّالِحِيُّ، قال: أَخبرنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قال: أَخبرنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُور الرَّمَادِيّ، قال: حدثنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ. [ح].

وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ: أَنَا جَدِّي عَبْدُالصَّمَدِ الْبَزَّازُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ: نَا إِسْحَاق الدَّبَرِيّ: نَا عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِهَذَا.

3- سُلَيْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ المروزي [كما رواه ابن أبي داود في «البعث» (ص:49) (51)].

4- مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأُبُلِّيُّ [كما رواه الضياء المقدسي في «المختارة» (7/255) (2704) من طريق أَبي يَعْلَى أَحْمَد بن عَلِيٍّ الْمَوْصِلِيّ، عن مُحَمَّد بن مَهْدِيٍّ].

ورواه مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا العُذَافِرِيُّ عن الدَّبَرِيّ، فقال فيه: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، على الشك.

رواه البغوي في «شرح السنة» (15/164).

ورواه آخرون عن عبدالرزاق على الشك أيضاً، منهم:

1- أحمد بن حنبل [كما في «مسنده» (20/121) (12695)].

2- خلف بن هشام [كما في «الأسماء والصفات» للبيهقي (ص: 479)].

فالظاهر أن هذا الاختلاف من عبدالرزاق نفسه، فكان أحياناً يرويه عن معمر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس.

وأحياناً يرويه عن معمر عن قتادة عن أنس، أو عن النضر بن أنس، عن أنس، بالشك.

ووقع في المطبوع من كتاب «السنّة» لابن أبي عاصم (1/262) (590) عن سَلَمَة بن شبيب: حدثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كذا بالعطف! وأظن أنه سقط منه حرف الألف؛ لأن الجماعة رووه على الشك "أو".

قال الطبراني في «الصغير»: "لَمْ يَرْوِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ إِلَّا مَعْمَرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُالرَّزَّاقِ".

وقال في «الأوسط»: "هَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ".

وأما حديث أبي هلال الراسبي محمد بن سُليم:

فرواه أحمد في «مسنده» (20/310) (13007) عن بَهْز بن أسد البصري.

والبزار في «مسنده» [كما في «كشف الأستار عن زوائد البزار» (4/209) (3548)] عن طَالُوت بن عَبَّادٍ الصيرفيّ.

والطبراني في «الأوسط» (8/364) (8884) من طريق أَسَد بن موسى.

وأبو العباس السراج في «حديثه» (3/237) (2631) من طريق الأَسْوَد بن عَامِرٍ.

وأبو نُعيم في «الحلية» (2/344) من طريق سُلَيْمَان بن حَرْبٍ.

كلهم (بهز، وطالوت، وأسد، والأسود، وسليمان) عن أَبي هِلَالٍ الرَّاسِبِيّ، عن قَتَادَة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي مِائَةَ أَلْفٍ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، زِدْنَا، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَحَثَا بِهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، زِدْنَا، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، زِدْنَا، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَدُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَنَا ذَلِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ: «صَدَقَ عُمَرُ».

كذا قال أبو هلال «مائة ألف» فخالف معمراً الذي قال «أربع مائة ألف»!

قَالَ البَزَّارُ: لا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ أَبَا هِلالٍ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ قَتَادَةُ عَنْ غَيْرِ أَنَسٍ".

وقال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ إِلَّا أَبُو هِلَالٍ! وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ".

وقال أبو نُعيم: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو هِلَالٍ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الرَّاسِبِيُّ ثِقَةٌ بَصْرِيٌّ".

قلت: اختلفوا في أبي هلال، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه! ومنهم من ضعفه في قتادة.

روى ابن حبان في «المجروحين» (2/283) من طريق جَعْفَر بن أبان، قَالَ: ذكرت لأبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ أَبَا هِلَال فِي قَتَادَة، قَالَ:" لم يكن بالماهر فِيهَا".

ونقل الدارقطني في «تعليقاته على المجروحين» (ص: 246): قَالَ الْأَثْرَم: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: "أَبُو هِلَال يحْتَمل حَدِيثه، إِلَّا أَنه يُخَالف فِي قَتَادَة، وَهُوَ مُضْطَرب الحَدِيث".

وقال ابن حبان: "وكان أبو هلال شيخًا صدوقًا، إلا أنه كان يخطىء كثيرًا من غير تعمد، حتى صار يرفع المراسيل ولا يعلم، وأكثر ما كان يحدث من حفظه، فوقع المناكير في حديثه من سوء حفظه".

قلت: هذا الحديث مرسل من رواية أبي هلال عن قتادة، فلم يرفعه، فلعله ضبطه! والاختلاف فيه من قتادة كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

·       تنبيه على زيادة خطأ في الإسناد الذي نقله الهيثمي في «كشف الأستار عن زوائد البزار»! ووهم في متنه!

هذا الحديث جاء في «كشف الأستار عن زوائد البزار» (4/209) (3548): حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ الصيرفيّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنَا، قَالَ: وَهَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ وَاحِدَةٍ».

وقال شعيب الأرنؤوط ورفاقه في تعليقهم على الحديث من «مسند أحمد» (20/311) حاشية (2): "حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، أبو هلال - وهو محمد بن سُلَيم الراسبي- حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد تابعه معمر عن قتادة فيما سلف برقم (12695). وأخرجه البزار (3548- كشف الأستار) من طريق أبي عوانة، عن أبي هلال، بهذا الإسناد".

قلت: معمر لم يتابعه، والشك الذي جاء في إسناده "عن قتادة عن أنس" من عبدالرزاق، والصواب في رواية معمر: "عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ".

وفي الإسناد الذي نقله الهيثمي عن البزار في «زوائده» زيادة! وهي خطأ! لم يتنبه لها الأرنؤوط ومن معه! ولا أدري هل هي هكذا في أصل كتاب البزار أم الوهم فيها من الهيثمي! وهذا الأخير ما أميل إليه.

فما جاء فيه: «ثنا أَبُو عَوَانَةَ» خطأ! فأبو عوانة وهو الوضاح اليشكري لا يروي عن أبي هلال، وهو قرينه، وأبو عوانة يروي عن قتادة، وهذا الحديث لم يروه أبو عوانة.

والحديث يرويه طالوت عن أبي هلال ليس بينهما "أبو عوانة"! وطالوت من أصحاب أبي هلال.

وجاء على الصواب في «المنتخب من الفوائد لأبي القاسم المؤدب» (84) رواه عن أبي أحمد عبدالله بن أحمد الزعفراني، قال: حدثنا أبو عمران موسى بن زكريا بالبصرة، قال: حدثنا طالوت بن عباد، قال: حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ جل جلاله وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي إلى الْجَنَّةَ مائَةِ أَلْفٍ بِغَيْرِ حِسَابٍ...».

وجاء في الرواية التي نقلها الهيثمي عن البزار «سبعون ألفاً»، وفي منتخب المؤدب «مائة ألف» على الصواب كما رواه جماعة عن أبي هلال.

وأما حديث هشام الدستوائيّ:

فرواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/383) عن أَبِيه زهير بن حرب.

ورواه أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (2/237) عن أبي القاسم البغوي، عن أبي خيثمة.

والطبراني في «المعجم الكبير» (17/64) (123) من طريق أَبي حَفْصٍ عَمْرو بن عَلِيٍّ الفلاّس.

وأبو عبدالله ابن مَنْده في «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص: 140) (1045) من طريق هَارُون بن سُلَيْمَان السُّلَمِيّ الخَزَّاز الْأَصْبَهَانِيَّ.

وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/2096) (5272) من طريق عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِاللهِ المَدِينِيّ.

وأبو ذر الهروي في «مسموعاته» [كما في «الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء» (5/355) من طريق محمد بن أبان البلخي.

كلهم (أبو خيثمة، والفلاس، وهارون، وابن المديني، والبلخي) عن مُعَاذ بنِ هِشَامٍ الدستوائي، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عُمَيْر: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ الْجَنَّةَ» فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ، زِدْنَا، فَقَالَ عُمَرُ: حَسْبُكَ يَا عُمَيْرُ فَقَالَ: مَا لَنَا وَلَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا اللهُ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ إِنْ شَاءَ أدْخَلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ أَوْ بِحَثْيَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ عُمَرُ».

كذا قال معاذ عن أبيه: «ثلاث مائة ألف»! وقال أبو هلال الراسبي: «مائة ألف»، وقال معمر: «أربع مائة ألف»!

قال ابن أبي خيثمة: "كَذَا قَالَ أَبِي: قَتَادَة، عَنْ أَبِي بَكْر بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، مِنْ أصلِ كِتَابِهِ كتبتُه".

وأشار بعض أهل العلم إلى أن معاذاً كان يزيد في إسناده راوياً آخر أحياناً.

قال الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/360): "وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ".

وقال البيهقي في «الأسماء والصفات» (2/154): "وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ - مَرَّةً-، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَمَرَّةً عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ، وَقَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ فِي ابْتِدَائِهِ. فَقَالَ عُمَيْرٌ، بَدَلَ أَبِي بَكْرٍ".

وقال ابن السكن: "تفرد به معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، وكان معاذ ربما ذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وربما لم يذكره".

وقال البغوي: "بلغني أنّ معاذ بن هشام كان أول أمره لا يذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وفي آخر أمره كان يزيده في السند، وقد خالف معاذاً في سنده معمر فقال: عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس، أخرجه عبدالرزاق في «مصنفه» وأبو يعلى من طريقه".

قال الهيثمي في «المجمع» (10/405): "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَيْرٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ".

قلت: تفرد معاذ بن هشام بهذا الإسناد عن أبيه! ويبدو أنه كان يضطرب فيه، فكان يرويه عن أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ.

وكان يرويه عن أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَس بن مالك، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ!!

ومعاذ له تفردات عن أبيه! وفيها مناكير! فلا نستطيع الجزم بأن هشاماً هكذا رواه عن قتادة حتى نقدّم روايته كما رواها ابنه على رواية معمر!

وهذا الاختلاف في هذا الحديث على قتادة ربما يكون من الرواة عنه، وربما يكون من قتادة نفسه!

فجزم الدارقطني بتقديم رواية هشام فيه نظر! وسيأتي تقديم أبي حاتم لها أيضاً! وكذلك وجود وجوه أخرى عن قتادة غير هذه!

ورواية معاذ هذه عن أبيه بكلا الإسنادين اعتمدها من صنّف في الرجال في الترجمة لهؤلاء.

·       الترجمة لأبي بكر بن عُمير:

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (9/13) (90): "أَبُو بكر بن عمير عَنْ أَبِيه. روى عَنْهُ: أَبُو بكر بن أنس".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/342) (1524): "أبو بكر بن عمير. روى عن أبيه. روى عنه: أبو بكر بن أنس. سمعت أبي يقول ذلك".

قلت: اعتمد البخاري على الرواية التي فيها ذكر "أبي بكر بن أنس"، وتبعه على ذلك أبو حاتم الرازي.

وقال المقدمي في «التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم» (ص: 77) (315): "أبو بكر بن عمير، روى عنه أبو بكر بن أنس بن مالك، يقال له: عمرو بن عمير الأنصاري".

واعتمد مسلم الرواية الأخرى، فقال في «الكنى والأسماء» (1/135) (375): "أبو بكر بن عمير عن أبيه. روى عنه قتادة".

وأشار أبو أحمد الحاكم إلى كلا الروايتين، فقال في «الأسامي والكنى» (2/237) (731): "أبو بكر بن عمير، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. رَوَى عَنه أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي. حديثه في البصريين.

رُوي عن قتادة عن أبي بكر بن أنس عنه، ولا أدري الصواب من الروايتين ما هو".

قلت: أبو بكر بن عمير هذا مجهول لا يُعرف إلا في حديث معاذ بن هشام عن أبيه!

·       الترجمة لعُمير والد أبي بكر:

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/531) (3223): "عمير والد أَبِي بكر بن عمير، لَهُ صحبة".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/379) (2103): "عمير والد أبي بكر بن عمير، له صحبة. روى عنه ابنه أبو بكر بن عمير. سمعت أبي يقول ذلك".

قلت: كذا أثبت البخاري له الصحبة، وتبعه على ذلك أبو حاتم وابنه!!

وهو مجهول لا يُعرف إلا في حديث معاذ عن أبيه! وصحبته لا تثبت!

·       هل «عُمير والد أبي بكر» هو «عُمَيْر بن عَمْرو الأنصاري»؟

كلّ من صنّف في الصحابة فرّقوا بين «عمير والد أبي بكر» وبين «عُمير بن عمرو الأنصاري» وإن كان الحديث المروي عنهما في الموضوع نفسه!

إلا أن ابن حبان ذكر في «الثقات» (3/300) (977): "عُمَيْر بْن عَمْرو بْن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ، لَهُ صُحْبَة"، ولم يذكر عُمير والد أبي بكر! مع أنه يعتمد على «تاريخ البخاري»! فربما كان يرى أنهما واحداً، والله أعلم.

ولم يترجم البخاري، ولا ابن أبي حاتم لعُمير بن عمرو هذا!

وفرّق بينهما أبو نُعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة»، فقال فيه (4/1992): "عَمْرُو بْنُ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ سَكَنَ الْمَدِينَةَ، وَقِيلَ: عُمَيْرُ بْنُ عَمْرٍو وَقِيلَ: عَامِرُ بْنُ عُمَيْرٍ".

ثم روى له من طريق حَجَّاج بن مِنهال، قال: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَبَرَ عَنْ أَصْحَابِهِ ثَلَاثًا لَا يَرَوْنَهُ إِلَّا فِي صَلَاةٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ نَرَكَ إِلَّا فِي صَلَاةٍ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَقَالَ: «إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ»، قَالُوا: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، وَإِنِّي سَأَلْتُهُ أَنْ يَزِيدَنِي، قَالَ: فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: إِذًا لَا يُكْمِلُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذًا أُكْمِلُهُمْ لَكَ مِنَ الْأَعْرَابِ».

قال: "رَوَاهُ عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ نِبْرَاسٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ مِثْلَهُ. وَرَوَى يَحْيَى السَّيْلَحِينِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ. وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ أَوْ عَامِرِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ، مِثْلَهُ".

ثم ذكر في كتابه (4/2096): "عُمَيْرٌ أَبُو أَبِي بَكْرِ بْنُ عُمَيْرٍ"، وساق حديثه السابق.

قلت: هذا حديث مضطرب الإسناد كما بينته في موضع آخر في بحث خاص تحت عنوان: «دراسة الأسانيد وكيفية الترجمة للرواة والكشف عن العلل في الأحاديث - نموذجٌ تطبيقيّ».

وأبو يزيد المديني تابعي بصري ثقة، وأصله من المدينة. ولم يسمع من أبي هريرة.

قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (2/78): قال علي بن المديني: "أبو يزيد المدني لم يسمع من جابر، ولكنه رأى ابن عمر، ولم يسمع من أبي هريرة".

وقال ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (3/1195): "عمرو بن عُمَيْر: مختلف فِيهِ، فيقال عَمْرو بْن عُمَيْر كما ذكرنا، ويقال عَامِر بْن عُمَيْر. ويقال عُمَارَة بْن عُمَيْر. ويقال عَمْرو بْن بلال. ويقال عَمْرو الأَنْصَارِيّ.

وَهَذَا الاختلاف كله فِي حديث واحد، قَالَ: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وجدت ربي ماجداً كريماً، أعطاني مع كل رجلٍ من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب- أعطاني مع كل واحد منهم سبعين ألفاً، فقلت: يَا رب، أمتي لا تسع هَذَا. فَقَالَ: أكملهم لك من الأعراب». وَهُوَ حديث فِي إسناده اضطراب".

·       تصحيح ابن عبدالبر لإسناد فيه مجاهيل!

وقال في موضع آخر (3/1218): "عمير بن عَمْرو الأَنْصَارِيّ، ويقال الأزدي. والد أَبِي بَكْر بن عُمَيْر، بصري. ولم يرو عَنْهُ غير ابنه أَبِي بَكْر بن عُمَيْر، حديثه صحيح الإسناد عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي مائة ألفٍ... الحديث".

قلت: العجب من ابن عبدالبر كيف يصحح إسناده وفيه مجاهيل!

وقال ابن الأثير في «أسد الغابة» (4/245): "عَمْرو بن عمير: اختلف فِي اسمه، فقيل: عَمْرو بْن عمير، وقيل: عمير بْن عَمْرو، وقيل: عَامِر بْن عمير، وقيل: عمارة بْن عمير، وقيل عَمْرو بْن بلال، وقيل: عَمْرو الْأَنْصَارِيّ. هَذَا كلام أَبِي عُمَر، وقَالَ: هَذَا الاختلاف كُلِّه فِي حديث واحد، وهو ما رَوَاهُ حَمَّاد بْن سَلَمة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ...".

وقال في موضع آخر (4/274): "عمير والد أبي بكر: روى عَنْهُ ابنه أَبُو بَكْر.."، وساق حديثه.

قلت: كذا فرّق بينهما ابن الأثير، إلا أنه مال إلى الجمع بينهما في ترجمة «محمود بن عمرو بن سعد»! كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

وقال ابن حجر في «الإصابة» (4/550): "عمرو بن عمير الأنصاري: قال ابن السّكن: يقال له صحبة. انتهى.

وقد تقدم بيان الاختلاف فيه في عامر بن عمير النميري، وعمرو فيما يظهر لي أرجح.

أخرج حديثه البغويّ، من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي يزيد المزني، عن عمرو بن عمير الأنصاري: أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم غبر عن أصحابه ثلاثا لا يرونه إلا في صلاة، فقال: «وعدني ربّي أن يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفا بغير حساب».

ورواه سليمان بن المغيرة، عن ثابت بالشك، قال: عن عمرو بن عمير، أو عامر بن عمير، ومضى حكاية قول من خالف في ذلك في عامر بن عمير".

وعامر بن عمير ذكره في «الإصابة» (3/480) فقال: "عامر بن عمير النميري.

ذكره الطّبرانيّ وغيره في الصّحابة، فروى الطّبراني من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أبي يزيد المديني، عن عامر بن عمير، قال: أتيت النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم ثلاثا لا يخرج إلا إلى صلاة مكتوبة ... الحديث في ذكر السّبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب.

وهذا اختلف فيه على ثابت، ثم على سليمان، فأما ثابت فقال: حماد بن سلمة عنه عمرو بن عمير. وقال عمارة بن زادان، عن ثابت بن عمارة بن عمير.

وقال الضّحّاك بن مرداس: عنه عمرو بن حرام.

وأما سليمان فقيل عنه أيضا: عمرو أو عامر على الشك.

اختلف في صحابي هذا المتن، فقيل عمرو الأنصاريّ. وقيل عمرو بن بلال. وقيل عمرو بن عمرو".

وقال أيضاً في «الإصابة» (4/605): "عمير: غير منسوب.

روى عنه ولده أبو بكر. قال البخاريّ: له صحبة، ولم يسمّ البخاري أباه، ولا أبو حاتم، ولا ابن شاهين، ولا الطبراني، ولا من بعدهم، ولم أجده منسوباً عند أحد منهم.

وذكره ابن أبي حاتم فيمن لا يعرف اسم والده.

وقد قيل فيه: عمير بن سعد. كما سأذكره في الميم من القسم الرابع في محمود بن عمير.

روى البغويّ، وابن أبي خيثمة، وابن السّكن، والطّبرانيّ وغيرهم، من طريق قتادة، عن أبي بكر بن أبي أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه: أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم قال: «إنّ اللَّه عزّ وجلّ وعدني أن يدخل من أمّتي ثلاثمائة ألف الجنّة بغير حساب. فقال عمير: يا رسول اللَّه، زدنا، فقال: هكذا- بيده. فقال عمير: يا رسول اللَّه، زدنا، فقال عمر: حسبك يا عمير فقال عمير: ما لنا وما لك يا ابن الخطاب، وما عليك أن يدخلنا كلنا الجنة. فقال عمر رضي اللَّه عنه: إن اللَّه إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة واحدة. فقال نبيّ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «صدق عمر».

قال ابن السّكن: تفرد به معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، وكان معاذ ربما ذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وربما لم يذكره.

وقال البغويّ: بلغني أنّ معاذ بن هشام كان في أول أمره لا يذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد، وفي آخر أمره كان يزيده في السند، وقد خالف معاذا في سنده معمر، فقال: عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس.

أخرجه عبدالرزاق في مصنفه، وأبو يعلى من طريق...

أخرجه الضّياء في «الأحاديث المختارة»، وصحّح الحاكم من طريق أبي بكر بن عمير عن أبيه، ولكن أبو بكر لا أعرف من وثقه".

قلت: الحاكم لم يخرّج حديث أبي بكر بن عمير عن أبيه! وهذا وهم من ابن حجر رحمه الله!

وقال في موضع آخر من «الإصابة» (5/235): "عمير، والد أبي بكر: روى عنه ابنه أنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال: «إنّ اللَّه تعالى وعدني أن يدخل الجنّة من أمّتي ثلاثمائة ألف». الحديث.

أخرجه أبو موسى، وتبعه ابن الأثير، ولم يُنبه ابن الأثير على أنه تقدم في عمير بن عمرو الأنصاري منسوبًا لابن عبدالبر، وكأنه ظن أنه آخر، وليس كذلك، بل الحديث واحد، وراويه عن الصحابي واحد، وهو ابنه أبو بكر".

والخلاصة أن «عُمير والد أبي بكر» غير «عُمير بن عمرو الأنصاري»! وكلاهما لا تثبت له صحبة! والأسانيد التي جاء فيها صحبتهما واهية لا تصح!

·       اختلاف آخر على قتادة في الحديث!

وقد أشار أبو حاتم إلى اختلاف آخر على قتادة في هذا الحديث.

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (5/524) (2158): وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ بَشير، عَنْ قَتادة، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ مَحْمُودِ بنِ عُمَير بنِ سَعْدٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ وَعَدَنِي في ثَلاثِ مِئَةِ أَلْفٍ مِنْ أُمَّتِي أَنْ يَدْخُلُوا الجَنَّةَ... الحديثَ»؟

قَالَ أَبِي: "رَوَى هَذَا الحديثَ مُعاذُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتادة، عَن النَّضْر بْن أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَير، عَنْ أَبِيهِ.

وهشامٌ الدَّسْتَوائي أحفظُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ كنيةَ النَّضْر بنِ أَنَسٍ: «أَبُو بَكْر»، ويَحْتملُ أَيْضًا أَنْ يكونَ محمودُ بنُ عُمَيْر كنيتُه: «أَبُو بَكْرٍ»، وعُمَيرُ بنُ سعدٍ لَهُ صُحْبةٌ، فقصَّر سعيدُ بْنُ بَشِير، وَلَمْ يقُل: «عن أبيه»".

قلت: فهذا اختلاف آخر على قتادة، رواه سعيد بن بشير عنه عن أبي بكر بن أنس، عن محمود بن عمير بن سعد.

·       وهم أبي حاتم الرازي!

وذكر أبو حاتم رواية هشام التي رواها عنه ابنه معاذ، لكنه ذكر أنها "عن النضر بن أنس"! وهذا فيه نظر! فإن المحفوظ أن رواية معاذ، عن أبيه، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس!

لكن لما قارن أبو حاتم رواية سعيد التي فيها "عن أبي بكر بن أنس" والرواية التي ذكرها لهشام وفيها "عن النضر بن أنس" ذهب إلى احتمال أن كنية النضر هي "أبو بكر"!! وهذا ليس بصحيح! فالنضر هو أخو أبو بكر وكنيته "أبو مالك".

وبنى تقصير سعيد بن بشير بعدم ذكره "عن أبيه"! بالنظر إلى ترجيحه رواية هشام! لكن الحديث ليس لعمير بن سعد الصحابي الأَنْصَارِيّ الأَوْسِيّ! فهذا آخر وقد شَهِدَ فَتْحَ الشَّامِ، وَوَلِيَ دِمَشْقَ وَحِمْصَ لِعُمَرَ.

وقد أبعد أبو حاتم - رحمه الله - النجعة في هذا!

·       خلط لسعيد بن بشير!

وسعيد بن بشير ضعيف، ويروي عن قتادة المنكرات!

قَال مُحَمَّد بْن عَبداللَّهِ بْن نمير: "منكر الحديث، ليس بشيءٍ، ليس بقوي الحديث، يروي عَنْ قتادة المنكرات".

وقال الساجي: "حدّث عن قتادة بمناكير، يتكلمون في حفظه".

وقال ابن حبان: "كان رديء الحفظ، فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه".

وقد خلط سعيد بن بشير هذا الحديث بحديث آخر.

ذكر أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (5/2525): "مَحْمُودُ بنُ عُمَيْرِ بنِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، نَسَبَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ".

ثم قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ الشَّعْرَانِيُّ، وَابْنُ الْجُنَيْدِ، قَالَا: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ: «أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ أُصِيبَ بَصَرُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي فِي مَسْجِدِي، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؟، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: لَا يَشْهَدُ بِهَا عَبْدٌ صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ، إِلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ».

قال أبو نُعيم: "رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ، وَزَادَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَنِي فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ أُمَّتِي»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ بِكَفَّيْهِ، وَحَثَا بِهِمَا، الحَدِيثَ".

قلت: فسعيد بن بشير لما روى حديث عِتبان زاد فيه حديث الثلاثمائة ألف! وكأنه دخل عليه الوهم لأن قتادة روى الحديث عن أبي بكر بن أنس، فساق الحديثين بالإسناد نفسه، ولم يذكر أحد من أصحاب قتادة الزيادة التي زادها سعيد.

والحديث في «مشيخة ابن طهمان» (64) من رواية أَحْمَد بن حَفْصِ بنِ عَبْدِاللهِ بهذا الإسناد.

·       خطأ في «تحفة الأشراف»! و«تهذيب الكمال»! ومتابعة ابن حجر، وشعيب الأرنؤوط عليه!

وقد رواه النسائي في «السنن الكبرى» (9/404) (10876) قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِاللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عن الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ أُصِيبَ... فذكره.

 و«عن أبيه» زادها شعيب الأرنؤوط محقق الكتاب معتمداً على ما في «تحفة الأشراف» للمزي (8/206) (10893)!!

وكذا ذكر المزي في «تهذيب الكمال» (27/304) (5818) قال: (سي) = [النسائي في عمل اليوم والليلة]: محمود بن عُمَير بن سعد الأَنْصارِيّ، وكان أبوه على فلسطين. روى عن: أبيه (سي). روى عنه أبو بكر بن أنس بن مالك".

وتبعه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (10/64) (108)، فقال: "محمود بن عمير بن سعد الأنصاري عن أبيه، وكان على فلسطين، بقصة عتبان بن مالك، وعنه أبو بكر بن أنس بن مالك".

ورواه أبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (2/251) من طريق همام، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس بن مالك، عن محمود بن عَمْرو: أن عتبان بن مالك.

فلم يذكر «عن أبيه»! وسمّى أباه «عمرو»!

فالظاهر أنه في بعض نسخ كتاب النسائي زيادة «عن أبيه»، وعليها اعتمد المزي، ولا تصح؛ لأنها ليست موجودة في مشيخة ابن طهمان التي أخذ النسائي الحديث منها، ولا كذلك في رواية همام عن قتادة.

·       محمود بن عُمير بن سعد!

وذكر ابن الأثير في «أُسد الغابة» (5/111) (4778) قال: "مَحْمُود بن عَمْرو بن سعد، كذا ترجمه عبدان، وقال: حديثه عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وعدني فِي ثلاثمائة ألف من أمتي، فقال أَبُو بكر: زدنا يا رَسُول اللَّهِ».

وقد اختلف فِي إسناده، فقال سَعِيد بن بشير: عن قتادة، عن أَبِي بكر بْن أنس، عن مَحْمُود بْن عمير.

وقال معمر: عن قتادة، عن أنس، أو عن النضر بْن أنس، عن أنس.

وقال معاذ بْن هِشَام: عن أبيه، عن قتادة، عن أَبِي بكر بْن عمير، عن أبيه.

وقال ثابت: عن أَبِي يزيد، عن عمر، أو عَامِر بْن عمير".

قلت: رواية سعيد بن بشير فيها خلط، وهذا الإسناد لحديث آخر كما بينت آنفاً، ورواية ثابت عن أبي يزيد ليست لهذه الرواية، وإنما لرواية أخرى كما تقدم تفصيل ذلك.

ثم قال ابن الأثير (5/111) (4779): "مَحْمُود بن عمير بن سعد الأنصاري. حديثه عَند أَبِي بكر بن أنس.

روى سَعِيد بْن بشير، عن قتادة، عن أَبِي بكر بْن أنس، عن مَحْمُود بْن عمير، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن اللَّه تعالى وعدني فِي ثلاثمائة ألف من أهلي، فقال أَبُو بكر: زدنا يا رَسُول اللَّهِ، فقال هكذا، وحثى بيده، فقال أَبُو بكر: يا رَسُول اللَّهِ، زدنا، فقال بكفيه هكذا، وحثى بهما، فقال أَبُو بكر: زدنا يا رَسُول اللَّهِ، فقال عمر: حسبك يا أبا بكر، فإن اللَّه تعالى لو شاء أن يدخل الجنة فِي حفنة واحدة لفعل، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدق عمر».

أخرجه ابن منده، وأَبُو نعيم.

وهذا الاسم هُوَ الَّذِي أخرجه أَبُو موسى فِي الترجمة التي قبل هَذِه، وقال: مَحْمُود بن عَمْرو، وتقدم الاختلاف فِي إسناده، فلا نعيده".

وقال ابن حجر في «الإصابة» (6/34) (7837): "محمود بن عمير بن سعد الأنصاريّ: ذكره ابن شاهين وغيره في الصّحابة، وأورد له من طريق حجاج بن حجاج، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن محمود بن عمير بن سعد: أن عتبان بن مالك أصيب بصره في عهد النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فأرسل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، فقال: إني أحبّ أن تصلي في مسجدي، فأتاه، فذكروا مالك بن الدخشم، فقال النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: «أليس يشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله؟ قالوا: بلى. قال: لا يشهد بهما عبد صادقا من قلبه فيموت إلا حرّم على النّار» رجاله ثقات.

قال أبو نعيم: رواه سعيد بن بشير، عن قتادة، فزاد في آخره: «إنّ اللَّه وعدني أن يدخل الجنّة ثلاثمائة ألف من أمّتي...» الحديث.

وأورده ابن منده من رواية سعيد بن بشير، عن قتادة بالزيادة فقط، وقال: تابعه الحجاج، وخالفهما هشام. انتهى.

وتقدمت رواية هشام في ترجمة عمير، فإنه قال فيها: عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه.

وأخرجه الطّبرانيّ من وجه آخر، عن قتادة، فقال: عن النضر بن أنس، عن أبيه: عن عتبان، من وجه آخر، عن أبي بكر بن أنس، عن محمود بن الربيع، عن عتبان، وفيه: إن أبا بكر بن أنس قال: فلقيت عتبان، وهذا كله في الزيادة. وأما أول الحديث فمشهور من رواية الزهريّ، عن محمود بن الربيع، عن عتبان، كذلك أخرج في الصحيحين".

قلت: هذا الحديث مشهور من رواية الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عتبان، وكذلك من رواية أنس بن مالك، عن محمود بن الربيع، عن عتبان.

·       الاختلاف على قتادة واضطرابه!

وقد رواه سعيد بن بشير، والحَجَّاج بن الحَجَّاجِ، كلاهما عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ، عن عِتْبَان بن مَالِكٍ.

ورواه همام، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن محمود بن عَمْرو، عن عتبان بن مالك.

ورواه سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ فِي بَصَرِهِ، فذكر نحوه. [المعجم الكبير للطبراني: (18/26) (44)].

ورواه شيبان، عَنْ قتادة، عَنْ أنس: ذكر مالك - هو: ابْن الدُّخْشُمِ - عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقال: «لا تسبوا أصحابي». [التاريخ الكبير للبخاري: (7/81)].

فيبدو أن قتادة لم يضبطه! وكان يضطرب فيه! وأخطأ في اسم «محمود بن الربيع» فقال: «محمود بن عمير بن سعد»، وقال مرة: «محمود بن عمرو»!

وقد خلط سعيد بن بشير هذا الحديث بحديث «إنّ اللَّه وعدني أن يدخل الجنّة ثلاثمائة ألف من أمّتي...»! وساقهما في حديث واحد بالإسناد نفسه! والمعروف أن هذا الإسناد لحديث عتبان.

ويحتمل أن الحديث كان عند سعيد بن بشير عن قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ كما رواه معمر، ويحتمل أنه كان عنده عن قتادة، عن أنس، كما رواه أبو هلال الراسبي.

فهذا الحديث اضطرب فيه قتادة، وكان يدلّسه أحياناً، فهو لم يسمعه من أنس، كما هو الحال في حديث «إنّ اللَّه وعدني أن يدخل الجنّة ثلاثمائة ألف من أمّتي...».

وعليه فترجيح الدارقطني لرواية هشام الدستوائي، وكذا أبو حاتم فيه نظر!

·       احتمال اضطراب معاذ بن هشام في هذا الحديث!

ومع أن قتادة اضطرب في إسناده إلا أنه لا يُستبعد أن يكون معاذ بن هشام اضطرب فيه عن أبيه! وذكره لأبي بكر بن أنس في الإسناد أحياناً يدلّ على أن الحديث يرويه قتادة عن أبي بكر بن أنس بن مالك.

ومعاذ بن هشام تفرد بذكر "أبي بكر بن عمير، عن أبيه" في هذا الإسناد!! ولا يُعقل أن يُحدّث به أبو بكر بن أنس عن أبي بكر هذا المجهول عن أبيه!

فكأن الحديث عند هشام الدستوائي عن قتادة عن أبي بكر بن أنس، عن أبيه، فوهم معاذ فيه، فرواه عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه! وكان أحياناً يرويه عن أبيه، عن قتادة، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه! فاشتبه عليه بعض الأسانيد التي عند أبيه عن قتادة التي فيها: ".. بن عمير"! والله أعلم.

·       حكم ابن حجر على محمود بن عُمير! والصحيح أنه لا وجود له!

قال ابن حجر في «تقريب التهذيب»: "محمود بن عُمَير بن سعد الأنصاري: مقبولٌ، من الثالثة".

وذكر المزي في «تهذيب الكمال» (22/372) في ترجمة «عُمير بن سعد»: "روى عنه ابنه محمود بن عُمَير بن سعد".

وتبعه على ذلك ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (8/144).

قلت: لم يرد أن لعمير بن سعد الصحابي ابناً اسمه «محمود» إلا في رواية قتادة! وكان قتادة يضطرب في إسناده ووهم فيه، وإنما الحديث عن «محمود بن الربيع»، و«محمود بن عمير» لا وجود له.

ولو ثبت وجوده لكان مجهولاً!

ونقل ابن حجر في «الإصابة» (4/596) عن ابن منده أن من الرواة عن عمير بن سعد: "ابنه عبدالرحمن بن عمير".

ثم قال: "وأخرج ابن منده بسند حسن، عن عبدالرحمن بن عمير بن سعد، قال لي ابن عمر: ما كان بالشام أفضل من أبيك".

قلت: لم يذكره إلا ابن منده، ولم نقف على الإسناد الذي ذكره ابن منده، وحكم ابن حجر عليه بأنه حسن!

وقال ابن سعد أن عمير بن سعد لا عَقِب له!

ذكر في «الطبقات» (3/349) في ترجمة «سَعْد بن عُبَيْدِ بنِ النُّعْمَانِ»، قال: "وشهد بدْرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابنه: عمير بن سعد والي عُمَر بن الخطاب على بعض الشّام. وقتل سعد بْن عُبَيْد شهيدًا يوم القادسية سنة ستّ عشرة وهو ابن أربع وستّين سنة، وليس له عقب".

قلت: قوله: "وليس له عقب" يعني = عمير بن سعد، لا "سعد بن عبيد"؛ لأنه كيف لا يكون لسعد عقب وهو هنا ذكر ابنه "عمير بن سعد"!

ولهذا نقل ابن عساكر هذا في ترجمة «سعد بن عمير» من «تاريخه» (46/482) من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: في الطبقة الثالثة من المهاجرين والأنصار: "عمير بن سعد بن عبيد بن النعمان بن عمرو بن عوف، وليس له عقب".

وابن سعد إمام في الطبقات والأخبار، وقوله هو المعتمد في هذا.

·       حكم ابن حجر على حديث قتادة عن النضر بن أنس عن أنس!

وقد عرض ابن حجر في «فتح الباري» (11/411) لحديث قتادة عندما كان يشرح حديث ابن عباس في السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقال: "وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: «إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، وَجَمَعَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: زِدْنَا، فَقَالَ: وَهَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: حَسْبُكَ أَنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ عُمَرُ»، وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَى قَتَادَةَ فِي سَنَدِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا".

قلت: نعم، ظاهرياً سنده جيد، لكن اضطرب فيه قتادة، وهو حديث منكر!

·       هل روى البخاري ومسلم لمعمر عن قتادة؟

البخاري لم يخرّج لمعمر عن قتادة، وإنما علّق له حديثاً واحداً في المتابعات، وأخرج له مسلم عن قتادة ثلاثة أحاديث في المتابعات أيضاً.

قال ابن حجر في «مقدمة الفتح»: "وَلم يخرج لَهُ من رِوَايَته عَن قَتَادَة، وَلَا ثَابت البُنانِيّ إِلَّا تَعْلِيقا، وَلَا من رِوَايَته عَن الْأَعْمَش شَيْئاً".

فهل هذا يعني أن رواية معمر عن قتادة عند الشيخين فيها ضعف؟

سأسوق أولاً هذه الروايات ثم أجيب عن هذا التساؤل إن شاء الله.

·       الرواية المعلقة التي ذكرها البخاري عن معمر عن قتادة!

روى البخاري في «صحيحه» (7/162) (5907) قال: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الكَفَّيْنِ».

قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ».

قال: وقَالَ هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْنَ القَدَمَيْنِ وَالكَفَّيْنِ».

وقَالَ أَبُو هِلاَلٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهًا لَهُ».

الملاحظ أن البخاري اعتمد رواية جرير، عن قتادة، عن أنس، ثم ساق بعض الروايات في الاختلاف على قتادة.

ورواية معمر عن قتادة المعلقة موافقة لرواية جرير عن قتادة مع اختصار في متنها.

وحديث جرير:

رواه البخاري أيضاً في «صحيحه» في موضع آخر (7/162) (5906) عن مُسْلِم بن إبراهيم.

ورواه البزار في «مسنده» (13/ 465) (7250) عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى. والروياني في «مسنده» (2/383) (1362) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ. وابن عساكر في «تاريخه» (3/299) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ثلاثتهم عن وهب بن جرير.

ورواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/317) عن يَزِيد بن هَارُونَ.

ثلاثتهم (مسلم، ووهب، ويزيد) عن جَرِير بن حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، كَثِيرَ الْعَرَقِ. لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ».

والرواية مختصرة، وفيها زيادة «كَثِير العَرَقِ» على رواية أبي النعمان محمد بن الفضل عن جرير.

ورواية مسلم بن إبراهيم: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا، لاَ جَعْدَ وَلاَ سَبِطَ».

وحديث همام بن يحيى العَوْذي:

رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/317) عن عَمْرو بنِ عَاصِمٍ.

وأحمد في «مسنده» (19/285) (12266) عن عَبْدِالصَّمَدِ بن عبدالوارث.

وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/255) (2875) عن هُدْبَة بن خالد.

ثلاثتهم (عمرو، وعَبْدالصَّمَد، وهُدْبَة) عن هَمَّام، عن قَتَادَة، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ، ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وحديث مَعمر بن راشد:

رواه أَبُو بكر الإِسْمَاعِيلِيُّ في «مستخرجه» من طريق عَلِيّ بن بَحر القطَّان.

ويَعْقُوب بن سُفْيَان فِي «تَارِيخه» عَنْ مَهْدِيِّ بنِ أَبِي مَهْدِيٍّ.

كلاهما (علي، ومهدي) عن هِشَام بنِ يُوسُفَ، قال: أَخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْن الكَفَّيْنِ والقَدَمَيْنِ».

[رواهما ابن حجر بإسناده إليهما في «تغليق التعليق» (5/74)].

[*الجزء الأول من كتاب يعقوب الذي يتعلق بالسيرة وما بعدها مفقود، وهذا الحديث منه، والمطبوع يبتدأ من سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ].

وحَدِيث أبي هِلَال مُحَمَّد بن سليم الرَّاسِبِي:

رواه أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بن البَخْتَرِيِّ الرَّزَّازِ في «المنتقى من الجزء السادس عشر من حديثه» (89) عن مُحَمَّد بن دَاوُدَ بنِ أَبِي نَصْرٍ القَوْمَسِيّ.

وابن حجر في «تغليق التعليق» (5/74) من طريق أَحْمَد بن عبيد، عن مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصاغانيّ.

كلاهما (الصاغاني، والقومسي) عن أَبي سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ موسى بن إسماعيل البصري، قال: حدثَنَا أَبُو هِلالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَوْ جَابِرٍ - كَذَا قَالَ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبِيهًا لَهُ».

هكذا ساق الإمام البخاري روايات الحديث عن قتادة:

رواه جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس.

ورواه هَمَّام، عن قَتَادَة، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورواه مَعمر، عن قتادة، عن أنس.

ورواه أَبُو هِلال الراسبي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَوْ جَابِرٍ.

·       احتجاج البخاري برواية جرير عن قتادة! وأسباب تعليقه للروايات الأخرى!

والظاهر أن البخاري يُرجّح رواية جرير، وكأنه ساق الروايات الأخرى لتأكيد ذلك، وخاصة رواية معمر لموافقتها رواية جرير.

وكأنه أيضاً أتى بالروايات الأخرى لتأكيد المعنى في رواية جرير.

وتعليقه رواية أبي هلال لبيان وهمه فيها! فقد تفرد بذكر جابر فيها!

·       الشك في رواية أبي هلال، ورأي الذهبي في ذلك!

وقد جعل الذهبي الشك في رواية أبي هلال من الراوي عنه موسى بن إسماعيل!

ذكر رواية معمر وأبي هلال في «سير أعلام النبلاء» (2/365)، وفي «تاريخ الإسلام» (1/740) وقال: "وقَالَ أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - أَوْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، - شَكَّ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيهِ - عَنْ أَبِي هِلَالٍ... أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَهُمَا صَحِيحَانِ".

قلت: لا أظن الشك من موسى، بل هو من أبي هلال، ولو كان من موسى لما علقه البخاري، فتعليقه على أبي هلال يدل على أن الشك منه، ولو كان من موسى لعلقه عنه، والله أعلم.

وأما تعليق البخاري لرواية معمر فكأنه لتفرده بلفظ «شَثْن».

والذي أراه أن الاختلاف في الحديث في إسناده ومتنه من قتادة نفسه! وسيأتي اختلاف آخر عليه.

·       هل التردد في رواية همام من معاذ بن هانئ؟

ومال ابن حجر إلى أن الشك في رواية همام من  مُعَاذِ بنِ هَانِئٍ، فذكر روايته، وقال في «الفتح» (10/358): "لَكِنْ قَالَ: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس أو عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ جَزَمُوا بِكَوْنِ الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَضْبَطُ وَأَتْقَنُ مِنْ مُعَاذِ بْنِ هَانِئٍ، وَهُمْ حِبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ كَمَا هُنَا، وَكَذَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كَمَا مَضَى، وَمَعْمَرٌ كَمَا سَيَأْتِي حَيْثُ جَزَمَا بِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ قَتَادَةَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَالرَّجُلُ الْمُبْهَمُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَعِيدُ بنُ الْمُسَيَّبِ فَقَدْ أَخْرَجَ ابن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ، وَقَتَادَةُ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي الرَّاوِي هَلْ هُوَ أَنَسٌ أَوْ رَجُلٌ مُبْهَمٌ، ثُمَّ رَجَحَ كَوْنُ التَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ مِنْ مُسْنَدِ أَنَسٍ أَوْ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ أَنَسًا خَادِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِوَصْفِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَبَعُدَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ هُوَ أَقَلُّ مُلَازَمَةً لَهُ مِنْهُ. انتهى. وَكَلَامُهُ الْأَخِيرُ لَا يَحْتَمِلُهُ السِّيَاقُ أَصْلًا، وَإِنَّمَا الِاحْتِمَالُ الْبَعِيدُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا، وَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِيهِ مِنْ مُعَاذِ بْنِ هَانِئٍ، هَلْ حَدَّثَهُ بِهِ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَوْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَالْمِزِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحفاظ".

قلت: التردد ليس من معاذ بن هانئ، فقد تابعه على هذا الشك ثلاثة كما تقدم، وهم: عمرو بن عاصم، وعَبْدالصَّمَد بن عبدالوارث، وهُدْبَة بن خالد.

فكيف يجزم ابن حجر أن التردد من معاذ، وتابعه جماعة على ذلك؟!

ولا يوجد ما يثبت أن أبا مسعود، والحميدي، والمزي قد جزموا أن التردد من معاذ بن هانئ!! فهم إنما ذكروا الرواية كما هي.

ثم احتمال أن يكون الحديث عند أنس من وجهين بعيد! والصواب أن قتادة كان يضطرب فيه!

ورواية حبَّان بْن هِلَالٍ التي أشار إليها ابن حجر لم أقف عليها! ورواية مُوسَى بْن إِسْمَاعِيلَ هي عن أبي هلال، وفيها شك أيضاً، وكلام ابن حجر يوهم أنها عن قتادة عن أنس! وليس كذلك، وإنما هي عن قتادة عن أنس أو جابر.

·       كلام أهل العلم في رواية جرير بن حازم عن قتادة!

وقد تكلّم بعض أهل العلم في رواية جرير هذه التي أخرجها البخاري واعتمد عليها! والعجب من ابن حجر أنه لم يتعرض لذلك، وإنما ذكر أنه في بعض الروايات عن جرير تصريح قتادة سماعه من أنس! وكأنه يقول: طالما أنه ثبت تصريح سماع قتادة له من أنس فاعتماد البخاري عليه في أصل الباب صواباً!

قال في «الفتح» (10/359): "وَقَدْ بَيَّنَتْ إِحْدَى رِوَايَاتِ جَرِيرِ بنِ حَازِمٍ صِحَّةَ الحَدِيثِ بِتَصْرِيحِ قَتَادَةَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَنَسٍ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِسِيَاقِ هَذِهِ الطُّرُقِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ عَلَى قَتَادَةَ، وَأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الحَدِيثِ".

قلت: قد تقدمت روايات مسلم بن إبراهيم، ووهب بن جرير، ويزيد بن هارون، عن جرير، وليس في واحدة منها تصريح قتادة بسماعه من أنس!

والبخاري أخرجه عن جرير في موضعين وليس فيه ذكر السماع! ولو كان موجوداً لذكره!

·       ترجيح أبي حاتم رواية همام على رواية جرير! ووهمه في ذكر رواية همام!

قل ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (6/483) (2689): وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جَرير بنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ كَانَ ضَخمَ الكَفَّين والقَدَمين»؟

فقالَ: "هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ على مَا رَوَاهُ همَّام، عَنْ قَتادة، عَنْ رجُل حدَّثه، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".

قلت: ما رجّحه أبو حاتم هو الصواب، لكن هذه ليست رواية همام! فهَمَّام رواه عنه جماعة كما تقدّم عن قَتَادَة، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - على الشك.

والذي رواه عن قتادة، عن رجل حدثه، عن أبي هريرة هو: شعبة بن الحجاج.

روى حديثه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (4/314) (2712).

وابن شبّة في «تاريخ المدينة» (2/608) عن عَمْرو بن مَرْزُوقٍ.

وأحمد في «مسنده» (16/88) (10053) عن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ.

ثلاثتهم (الطيالسي، وعمرو بن مرزوق، ومحمد بن جعفر) عن شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ، ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ».

وفي رواية محمد بن جعفر: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ.

·       تنبيه على زيادة حديث في «مسند أحمد»، وهو خطأ من النسّاخ!

جاء في غالب مطبوعات «مسند أحمد» بعد هذا الحديث رواية أخرى له بإسناد آخر.

[حدَّثنا محمد بن جعفر، قال: حدَّثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ].

وكذا عند أصحاب «المسند الجامع» (18/160) ذكروه هكذا وقالوا: "أخرجه أحمد 2/468 (10055)".

وهذا خطأ، فشعبة لم يرو هذا الحديث بهذا الإسناد، وإنما رواه بالإسناد الأول، والذي حصل أن نظر الناسخ سبق إلى الأحاديث السابقة لأنه من رواية محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نَهيك...

فزاد هذا الحديث فيه، وليس منه. وجاء في بعض نسخ المسند وسقط من بعضها.

قال محققو المسند (ط الرسالة) (16/89): "تنبيه: وقع في النسخ في هذا الموضع اضطراب، ففي (م) وقف الحديث إلى كلمة: الكفين. والحديث كله سقط من (ل)، وأثبت على هامش (س)، وذكر بعده أنه من نسختين. ثم جاء الحديث مرةً أخرى في (م) و(س) و(ص) و(ق) وهو في (ل) أيضاً على النحو التالي: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، قال: سمعتُ رجلًا سأل أبا هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضخم الكفين والقدمين، لم أرَ بعده مثله، وهو بهذا الإسناد ليس في النسختين العتيقتين (ظ3) و(عس)، ولم يذكره الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" ولم يقع لنا بهذا الإسناد في شيء من مصادر التخريج، وهو يقيناً سهو من بعض النساخ، والله تعالى أعلم".

·       وهم لسعيد بن بشير!

ورواه سعيد بن بشير عن قتادة وسمّى الراوي عن أبي هريرة!

أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/59) (2727) من طريق يَحْيَى بْن صَالِحٍ الْوُحَاظِيّ، ومُحَمَّد بن بَكَّارٍ، قَالَا: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ، ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ، حَمْشَ الْوَجْهِ، لَمْ أَرْ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، مَا مَشَى مَعَ أَحَدٍ إِلَّا طَالَهُ».

فسمّى سعيد الراوي المبهم: «عبدالله بن أبي عتبة»! وهو مولى لأنس بن مالك.

وقد وهم سعيد في تسميته! وكأنه دخل عليه إسناد في إسناد بسبب سوء حفظه!

فقتادة يروي عن عبدالله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري، فأخطأ فيه! وعبدالله لا يروي عن أبي هريرة، ولم يسمع منه، وإنما سمع أبا سعيد، وجابراً، وأنساً.

·       استنكار ابن معين وأحمد لحديث جرير عن قتادة!

ولما ذكر الحافظ ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/784) "جرير بن حازم"، قال: "ثقة، متفق على تخريج حديثه، وقد تغير قبل موته بسنة، لكن قال ابن مهدي حجبه أولاده، فلم يسمع منه في اختلاطه بشيء، ولكن يضعف في حديثه عن قتادة.

قال أحمد: كان يحدثهم بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها (بواطيل).

وقال ـ أيضاً ـ: كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يسند أشياء، ويوقف أشياء.

وقال عبدالله بن أحمد، عن يحيى بن معين: لَيْسَ بِهِ بَأْس.

قال عبدالله: فَقلت لَهُ: إِنَّه يُحدِّث عَن قَتَادَة عَن أنس أَحَادِيث مَنَاكِير! فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء، هُوَ عَن قَتَادَة ضَعِيف.

وقد أنكر عليه أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن بعضها مراسيل أسندها".

ثم ذكر بعضها، وقال: "ومنها حديثه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ضخم الكفين والقدمين.

ولكن هذا الحديث خرج في الصحيح. وقد تابعه عليه عمرو بن عاصم - يعني: عمرو عن همام- وغيره".

قلت: جرير لم يهم في هذا الحديث، وقد تُوبع عليه، والمشكلة في اضطراب قتادة فيه، ورواية شعبة هي أصح رواية عنه، فإن شعبة كان يتتبع قتادة في حديثه.

فالحديث يرويه قتادة، عمّن سمع أبا هريرة، ولا يُعرف هذا الذي حدثه به! وهذا نوع من التدليس.

·       تخريج مسلم لأحاديث معمر عن قتادة:

أخرج مسلم لمعمر عن قتادة ثلاثة أحاديث في المتابعات، وهي:

1- قال مسلم في «صحيحه» (1/303) (404): حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ، - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كَامِلٍ -، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ صَلَاةً فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ؟ قَالَ فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلَاةَ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟ قَالَ: مَا قُلْتُهَا، وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا، وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا. فَقَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذْ قَالَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمُ اللهُ فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ [ح].

وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي [ح].

وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ.

قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي الحَدِيثِ: «فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَضَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ».

رواه عبدالرزاق الصنعاني في «مصنفه» (2/201) (3065) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، أَنَّ أَبَا مُوسَى صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةً قَالَ: فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةُ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو مُوسَى مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ هَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَّمَ الْقَوْمُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا حِطَّانُ، لَعَلَّكَ قَائِلُهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ مَا قُلْتُهَا، وَلَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تَبْكَعَنِي لَهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قَائِلُهَا، وَمَا أَرَدْتُ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ صَلَاتُكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَنًا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ يُجِبْكُمُ اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعِ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّهُ قَضَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقُعُودِ فَلْيَقُلْ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ مَا يَقْعُدُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ، الصَلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

وروى أيضاً (2/166) (2913) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ».

فالحديث رواه معمر عن قتادة بحروفه كما رواه جماعة عن قتادة، فضبطه.

رواه أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، وأَبُو عَوَانَةَ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وسُلَيْمَانُ التَّيْمِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، به. [الدعاء للطبراني (ص: 189) (578)].

2- قال مسلم في «صحيحه» (1/514) (746): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَقِيَ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُمْ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا.

فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَأْتِهَا، فَاسْأَلْهَا، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا، فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ، فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِبِهَا، لِأَنِّي نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ فِي هَاتَيْنِ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا، فَأَبَتْ فِيهِمَا إِلَّا مُضِيًّا، قَالَ: فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَانْطَلَقْنَا إِلَى عَائِشَةَ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا، فَأَذِنَتْ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: «أَحَكِيمٌ؟» فَعَرَفَتْهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: «مَنْ مَعَكَ؟» قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَتْ: «مَنْ هِشَامٌ؟» قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ، فَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ خَيْرًا - قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ - فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: «فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ»، قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: «أَلَسْتَ تَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: «فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا، وَأَمْسَكَ اللهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ».

قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: "كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الْأَوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ، وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ، أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ".

قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهَا، فَقَالَ: صَدَقَتْ لَوْ كُنْتُ أَقْرَبُهَا، أَوْ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَأَتَيْتُهَا حَتَّى تُشَافِهَنِي بِهِ، قَالَ: قُلْتُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا.

قال مسلم: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارَهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْوِتْرِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَامِرٍ، قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرٌ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ.

وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامٍ، كَانَ جَارًا لَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سَعِيدٍ، وَفِيهِ قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ، قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ أُصِيبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَفِيهِ فَقَالَ حَكِيمُ بْنُ أَفْلَحَ: أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا أَنْبَأْتُكَ بِحَدِيثِهَا.

قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً».

وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى - وَهُو ابْنُ يُونُسَ-، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً».

قلت: هذا الحديث رواه جماعة عن قتادة بطوله، وبعضهم اختصره، وفيه اختلاف في كَيْفَ الوِتْر بِسَبْعٍ بين بعض الرواة، ذكره النسائي في «السنن الكبرى» (2/158) وبيّن اخْتِلَاف سَعِيدٍ وَهِشَامٍ عَلَى قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ، ومخالفة حماد بن سلمة لهما.

ورواية معمر عن قتادة لا شيء فيها، وهي موافقة لرواية الجماعة عن قتادة.

روى عبدالرزاق في «مصنفه» (3/39) (4714) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى: أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، كَانَ جَارًا لَهُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارًا لَهُ وَمَا لًا يَجْعَلَهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ لِمَنْ يُجَاهِدُ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَقِيَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا مِنْهُمْ سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟»، فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أُخْبِرَ أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَلَا أُنْبِئُكَ، أَوَ أَلَا أَدُلُّكَ بِأَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَنْ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَأْتِهَا فَسَلْهَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ارْجَعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ، قَالَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ: فَأَتَيْتُ حَكِيمَ بْنَ أَفْلَحَ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِبِهَا، إِنِّي نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ بَيْنَ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا فَأَبَتْ إِلَّا مُضِيًّا فِيهَا، فَأَقْسَمَتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ مَعِي، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهَا، فَدَخَلَ فَعَرَفَتْهُ، فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟ قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرٌ، أُصِيبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَتْ: «فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ»، قَالَ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ فَبَدَا لِي، فَقُلْتُ لَهَا: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ «يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ»؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ إِذْ كَانَ فَرِيضَةً، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ فَبَدَا لِي فَسَأَلْتُهَا، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ، ثُمَّ يَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ حَتَّى يُصَلِّيَ التَّاسِعَةَ، فَيَقْعُدُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَيْ بُنَيَّ فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَهُ اللَّحْمُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ فَتِلْكَ تِسْعٌ أَيْ بُنَيَّ وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَلَبَهُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، وَلَا قَامَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ.

قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَنْبَأْتُهُ بِحَدِيثِهَا، فَقَالَ: صَدَقْتَ، أَمَا أَنِّي لَوْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَشَافَهْتُهَا بِهِ مُشَافَهَةً.

قَالَ حَكِيمُ بْنُ أَفْلَحَ: أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا أَنْبَأْتُكَ بِحَدِيثِهَا.

رواه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (3/711) (1316) عن عبدالرزاق.

3- قال مسلم في «صحيحه» (4/2159) (2802): حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ».

قال: وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.

قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ [ح].

وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ كُلُّهُمْ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ»، وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

فرواية معمر عن قتادة بمعنى رواية شيبان عن قتادة.

وقد قدّم ابن معين، وأبو داود شيبان في قتادة على معمر في قتادة.

قال عباس بن محمد الدُّوري: سمعتُ يحيى، يقول: "شَيبَان بن عبدالرَّحمَن أحبُّ إِلَيَّ من مَعمَر في قَتادة".

وقال أبو عُبيد الآجري: قيل لأبي دَاوُد: شَيْبانُ أحبُّ إليكَ فِي قَتَادة من مَعْمَر؟ قَالَ: "نعم".

قلت: لم أجد اختلافاً في حديث شيبان عن قتادة عن حديث معمر عن قتادة.

والخلاصة أنه يُحتمل أن البخاري يرى ضعف رواية معمر عن قتادة، ولهذا لم يُخرّج منها إلا حديثاً معلقاً في المتابعات!

لكن الذي يظهر لي أن الشيخين لم يذهبا إلى ضعف رواية معمر عن قتادة، وإنما استغنيا برواية أصحاب قتادة الآخرين ممن سمع منه كثيراً ولازمه أكثر من مَعمر، فمعمر سمع منه وهو صغير مدة ثلاث سنوات، وغيره سمع منه أكثر من ذلك ولازمه أكثر كسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة الذي كان يقفه على كل حديث حتى لا يُدلّسه.

روى عَفَّانُ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ: "أَرْوَاهُمْ عَنِّي حَدِيثًا مَطَرٌ - الورّاق- وَأَرْوَاهُمْ لِلْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ سَعِيدُ بنُ أَبِي عَرُوبَةَ".

وَقَال أَبُو بكر بْن أَبي خيثمة، عَن يحيى بن مَعِين: "أثبت الناس فِي قتادة: سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة، وهشام الدستوائي، وشعبة، فمن حدّثك من هؤلاء الثلاثة بحديث، يعني عَنْ قتادة - فلا تبالي أن لا تسمعه من غيره".

وقَالَ عَلِيّ بن المدينيّ: "أصحاب قتادة ثلاثة: سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، فَأَمَّا سَعِيدٌ فَأَتْقَنُهُمْ، وَأَمَّا هِشَامٌ فَأَكْثَرُهُمْ، وَأَمَّا شُعْبَةُ فَأَعْلَمُهُمْ بِمَا سَمِعَ". وَقَالَ: "لَيْسَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ مِثْلُ هَمَّامٍ مِنْ كِتَابِهِ".

وَقَال عَبْدالرَّحْمَنِ بْن الحَكَمِ بْن بشير بْن سلمان، عَن أبي داود الطيالسي، قال: "كان سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة أحفظ أصحاب قتادة".

وقَال عبدالرحمن بْن أَبي حاتم، عَن أبيه: "سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة قبل أن يختلط ثقة، وكان أعلم الناس بحديث قتادة".

وَقَال - أيضاً -: قلتُ لأبي زرعة: سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة أحفظ، أو أبان العطار؟ فقَالَ: "سَعِيد أحفظ، وأثبت أصحاب قتادة: هشام، وسَعِيد".

وكذلك فإن رواية معمر عن قتادة فيما يسنده للنبي صلى الله عليه وسلم قليلة جداً مقارنة بروايات غيره من أصحاب قتادة، وقد أكثر معمر من الرواية عن قتادة في الآثار والموقوفات والفتاوى، وقد روى له عبدالرزاق عن قتادة أكثر من ألف أثر وفتوى، وقلما روى له من المرفوعات، ولا يوجد كتاب جمع فيه ما عند معمر مثل ما جمع عبدالرزاق، فقد روى عنه في «مصنفه»، وروى عنه «جامعه» الموجود في آخر «المصنف».

وهناك أحاديث رفعها معمر عن قتادة وافق فيها أصحاب قتادة كما في الأحاديث الثلاثة التي أخرجها له مسلم، مما يدلّ على ضبطه لرواية قتادة كما سيأتي إن شاء الله عند الكلام على رواية البخاري لحديث شعبة عن قتادة، وأصحاب قتادة عنه.

فمعمر مُتقن في حديثه عن قتادة.

·       تعليل بعض المعاصرين أحاديث معمر عن قتادة!!

وقد وجدت بعض المعاصرين إذا وجدوا رواية لمعمر عن قتادة ضعّفوها لقول الدارقطني وغيره فيه! وما نُقل عن ابن معين أنه قال: "إذا حدّثك معمر عن العراقيين فخفه"!!

ذكر مقبل الوادعي في كتابه «أحاديث مُعلّة ظاهرها الصحة» (ص: 51) (37): قال الإمام النسائي - رحمه الله- (ج4ص147): أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ عِنْدَ السُّحُورِ-: «يَا أَنَسُ، إِنِّي أُرِيدُ الصِّيَامَ أَطْعِمْنِي شَيْئًا، فَأَتَيْتُهُ بِتَمْرٍ وَإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، انْظُرْ رَجُلًا يَأْكُلْ مَعِي فَدَعَوْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَجَاءَ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ شَرِبْتُ شَرْبَةَ سَوِيقٍ، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَتَسَحَّرَ مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ».

قال مقبل الوادعي: "هذا الحديث إذا نظرت إليه قلت هؤلاء ثقات أثبات، ولكن الحافظ ابن رجب يقول في كتاب «شرح علل الترمذي» (ج2ص508): وقال الدارقطني في «العلل»: معمر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش. وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد. اهـ.

وقد نظرت في «تحفة الأشراف» في ترجمة معمر عن قتادة عن أنس فلم أرَ الشيخين أخرجا شيئاً بهذا الإسناد إلا حديث واحد عند مسلم في الشواهد.

وفي مقدمة «الفتح»: أن البخاري لم يخرج معمر عن قتادة والأعمش شيئاً إلا تعليقاً. اهـ

وما ذكر في «تهذيب التهذيب» عن معمر أنه قال: جلست إلى معمر عن قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه ينقش في صدري، فهذا إن صح حُمِلَ على المتن جمعاً بين الروايتين، ثم إن قتادة بصري، وقد قال الحافظ ابن رجب في «شرح علل الحديث» (ج2ص612): قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخفه، إلا عن الزهري وابن طاووس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا، وما عمل في حديث الأعمش شيئاً" انتهى.

وقال الحويني: "وكان معمر إذا روى عن قتادة أغرب، لم يخرج البخاري في الأصول شيئًا لمعمر بن راشد عن قتادة، لأن العلماء تكلموا في رواية معمر عن قتادة، فتنكب البخاري إخراجها إلا في تعليقاته، أما مسلم فقد أخرج منها نزرًا يسيرًا في المتابعات".

وقال أيضاً: "لم يحتج الشيخان بترجمة: معمر، عن قتادة؛ لأن معمرًا يضعَّف في قتادة".

قلت: لا يُلام الوادعي والحويني فيما ذهبا إليه أمام قول الدارقطني ومن تبعه! وقد بينت فيما سبق أن كلام الدارقطني في رواية معمر عن قتادة لا دليل عليه، ولا يصح ألبتة! ومتابعة الحافظ ابن رجب له في ذلك دون تحرير!

وأما ما نُقل عنه من عدم حفظه لأسانيد قتادة فكذلك بيّنت المقصود منها، ومحاولة الوادعي الجمع بينه وبين قول معمر الآخر وحمله على المتن أيضاً قد تكلمنا عليه فيما مضى، والأصل حمل النص على عمومه ما لم يأت ما يخصصه، ومن يحفظ المتون الطويلة لا يعجز عن حفظ الأسانيد القصيرة جداً التي ليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا "راويين"!

وكذلك تكلمت على سبب تعليق البخاري روايته عن معمر، والأحاديث التي خرجها له مسلم.

·       تناقض في نصٍّ مشهور! وهو محرّف!

وأما قول ابن معين في روايته عن العراقيين:

قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: "إِذَا حَدَّثَكَ مَعْمَرٌ عَنِ العِرَاقِيِّيْنَ، فَخَافَهُ، إِلاَّ عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ وَالزُّهْرِيِّ، فَإِنَّ حَدِيْثَهُ عَنْهُمَا مُسْتقِيْمٌ، فَأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ فَلَهُ. وَمَا عَمِلَ فِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ شَيْئاً".

قلت: كذا في المطبوع من «تاريخ ابن أبي خيثمة»، وغيره من الكتب التي نقلت هذا النص عنه، وقد وقع في بعضها: «فخالفه»، وفي بعضها: «فخفه». وفيها كلها: «والبصرة فلا» = لا النهي، وجاء في «سير الذهبي»: «فلَه».

أما لفظة: «فخالفه» فلا تصح؛ لأنه مهما أخطأ فلا يمكن أن يكون أخطأ في كل شيء حتى يُخالَف فيه، والصواب: «فخافه» أو «فخفه» = أي احذر منه.

وأما لفظة: «فلا» فهذا يعني النهي، وهذا لا يستقيم أبداً في حديث مَعمر عن كلّ أهل الكوفة والبصرة! فيستحيل أن ينهى يحيى عن حديثه عنهم كلهم! والصواب: «فَله» = يعني له حظّ مما يرويه عن أهلهما، وله رواية جيدة عنهم، فهو بصري الأصل، وسمع فيها، وسمع من أهل الكوفة، ورواياته مستقيمة عنهم، ويؤيد هذا استثناء يحيى روايته عن الأعمش بقوله: "وما عمل في حديث الأعمش شيئاً"، والأعمش كوفيّ.

وهو نفسه قد بيّن الخلل في روايته عن الأعمش، فقَالَ: "سَقَطَتْ مِنِّي صَحِيْفَةُ الأَعْمَشِ، فَإِنَّمَا أَتَذَكَّرُ حَدِيْثَهُ، وَأُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِي".

ثم إن هناك خلل في النصّ! فابن معين يقول في بدايته: «إذا حدثك معمر عن العراقيين...» أي «أهل العراق» ويدخل فيهم «أهل الكوفة والبصرة»، فكيف يذكر «العراقيين» أولاً، ثم يذكر بعدها «الكوفة والبصرة»؟!

وكذلك فإنه استثنى من «العراقيين»: "ابن طاوس والزهري"، وهما ليس من العراق!! فابن طاوس يماني، والزهري مدني! فكيف يستثنيهم من أهل العراق؟!! ثم تبيّن لي أن اللفظة: «عن الحجازيين»؛ فالزهري حجازي، وابن طاوس كان يختلف كثيراً لمكة حتى ذكروا في ترجمته: "اليماني المكي".

قال البخاري: "عبدالله بن طاوس بن كيسان: أصله من اليمن، كَانَ يختلف إلى مكة". قلت: وروى عن ابنُ جُريجٍ المكيّ.

وقد يكون من باب إدخال اليمن في الحجاز على قلّة أهل الحديث في اليمن في ذلك الزمان، ونُدرة استخدام مصطلح «اليمانيين» من أهل النقد.

فتكون اللفظة: «الحجازيين» تحرفت إلى «العراقيين»! والرسم تقريباً واحد، والله أعلم.

فيكون صواب العبارة: "إِذَا حَدَّثَكَ مَعْمَرٌ عَنِ الحِجَازيِّيْنَ، فَخَفهُ - أو فخافه-، إِلاَّ عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ وَالزُّهْرِيِّ، فَإِنَّ حَدِيْثَهُ عَنْهُمَا مُسْتقِيْمٌ، فَأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ فَلَهُ. وَمَا عَمِلَ فِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ شَيْئاً".

·       الحديث الذي ضعّفه الوادعي لمعمر عن قتادة!

والحديث الذي ضعّفه الوادعي بسبب ضعف رواية معمر عن قتادة لم يتفرد به معمر عن قتادة، حتى يضعفه به!

والحديث في «مصنف عبدالرزاق» (4/229) (7605).

وزاد عَبْدُالرَّزَّاقِ في آخره: "وَكَانَ مَعْمَرٌ يُؤَخِّرُ السُّحُورَ، وَيُسْفِرُ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا لَهُ صَوْمٌ".

ورواه أحمد في «مسنده» (20/334) (13033) عن عَبْدالرَّزَّاقِ.

ورواه الضياء المقدسي في «المختارة» (7/98) (2512) من طريق أحمد.

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/321) (2943) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرْ مَنْ تَرَى فِي الْمَسْجِدِ» فَنَظَرْتُ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَدَعَوْتُهُ، فَأَكَلْنَا تَمْرًا وَشَرِبْنَا مَاءً ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ.

ورواه أحمد في «مسنده» (35/523) (21671) قال: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ يَأْكُلُ تَمْرًا، فَقَالَ: «تَعَالَ فَكُلْ» فَقُلْتُ: إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ. فَقَالَ: «وَأَنَا أُرِيدُ مَا تُرِيدُ» فَأَكَلْنَا، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ «فَكَانَ بَيْنَ مَا أَكَلْنَا، وَبَيْنَ أَنْ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً».

والحديث مشهور ومعروف عن قتادة رواه البخاري وغيره من حديث سَعِيد بن أبي عروبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: «تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى»، قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً».

فمعمر لم ينفرد به عن قتادة، وقد توبع عليه وإن كان هناك اختلاف في بعض الألفاظ التي لا تؤثر على الرواية.

قال الضياء المقدسي بعد أن روى حديث معمر: "قَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ نَحْوُ هَذَا إِلا أَنَّ فِي هَذَا أَلْفَاظًا لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ حَسَنٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابنا هَذَا إِنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ يَرْوِي الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ آخَرَ عَنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ تَسَحَّرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ أَنَسٌ: فَقُلْتُ لِزَيْدٍ كَمْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ قِرَاءَةُ خَمْسِينَ آيَةً. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا، الحَدِيث".

فحديث معمر عن قتادة مستقيم، وليس ضعيفاً، وبهذا تدرك غرابة قول الحويني: "وكان معمر إذا روى عن قتادة أغرب"! فأين الإغراب في حديثه عن قتادة؟!

ويكفيه ما قاله أبو حاتم الرازي: "انتهى الإسناد إِلَى ستة نفر أدركهم مَعمر وكتب عنهم، لا أعلم اجتمع لأحد غير مَعمر، من الحجاز: الزُّهْرِيّ، وعَمْرو بن دينار، ومن الكوفة: أَبُو إسحاق، والأعمش، ومن البصرة: قتادة، ومن اليمامة: يحيى بن أَبي كثير". [الجرح والتعديل: (8/256 - 257)].

·       هل هذا الدعاء في الحديث نفسه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، والكَسَلِ، والبُخْلِ، والجُبْنِ، والهَرَمِ، وعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ»؟

مرّ في تخريج الحديث أن شَيْبَان بن عَبْدِالرَّحْمَنِ النَّحْوِيّ زاد فيه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالْعَيْلَةِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ».

وقد تفرد شيبان بهذا عن قتادة، عن أنس!

وقد سبق نقل كلام ابن معين وأبو داود في أن شَيبَان بن عبدالرَّحمَن أحبُّ إِلَيهما من مَعمَر في قَتادة!

لكن رواية قتادة في المتن مثل رواية حماد بن سلمة وغيره، وخالفهم شيبان فزاد هذه الألفاظ، مع اختلافهم في الإسناد على قتادة.

وشيبان ثقة، وله بعض المخالفات!

قال الساجي: "صدوق عنده مناكير، وأحاديث عن الأعمش تفرد بها، وأثنى عليه أحمد بن حنبل، وكان ابن مهدي يُحدّث عنه، ويفخر به".

وقد أخرج له البخاري ومسلم أحاديث قليلة عن قتادة، وعلّق له البخاري عن قتادة أيضاً، وأحاديثه الأخرى عن قتادة توبع فيها.

وهذه الألفاظ التي زادها شيبان في حديثه عن قتادة يُحتمل أنها من قتادة نفسه، هي عنده مرسلة!

·       هل دلّس قتادة هذا الحديث عن أنس؟!

فقد روى قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ».

أخرجه أحمد في «مسنده» (20/407) (13172) عن رَوْح بن عُبادة. و(20/446) (13233) عن عَبْدالْمَلِكِ بن عمرو العقدي، وعَبْدِالوَهَّابِ بن عطاء الخفاف. و(21/102) (13417) عن أَبي قَطَنٍ عمرو بن الهيثم.

وابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/454) (12161)، و(15/75) (29747) عن وَكِيع.

وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/402) (3074) عن عُبَيْداللَّهِ بن عمر القواريريّ، و(5/370) (3018) عن أَبي مُوسَى محمد بن المثنى. والنسائي في «السنن الكبرى» (7/209) (7831) عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى، و(7/213) (7842) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ الصيرفيّ الفلاس، كلهم عن مُعَاذ بنِ هِشَامٍ.

كلهم (روح، والعقدي، وعبدالوهاب، وأبو قطن، ووكيع، ومعاذ) عن هشام الدستوائي، عن قتاده، به.

قلت: هذا الحديث لم يروه عن قتادة إلا هشام، وهو من أثبت الناس فيه وأرواهم عنه.

وكان شعبة يقول: "كان هشام الدستوائي أحفظ مني عَنْ قَتَادَة". وقال مرة: "هشام الدستوائي أعلم بحديث قتادة مني، وأكثر مجالسة له مني".

فربما هذا مما سمعه هشام من قتادة دون غيره لكثرة مجالسته له، ولم يذكر قتادة السماع فيه من أنس! فيُحتمل أنه لم يسمعه من أنس، ويدلّ على ذلك أنه لم يُحدّث به إلا هشام! فلو كان سمعه من أنس لحدّث به غيره، وانفراده عنه به فيه مظنّة تدليس قتادة له؛ لأن الحديث الذي لا يُدلّسه يُحدّث به أكثر من مرة، ولو كان هذا الحديث مما سمعه من أنس لرواه كثيراً، والله أعلم.

والحديث معروف ومشهور عن أنس.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (4/23) (2823)، و(8/79) (6367) عن مُسَدَّد، عن المُعْتَمِر بن سليمان.

ومسلم في «صحيحه» (4/2079) (2706) عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ، عن ابن عُلَيَّةَ.

كلاهما (المعتمر، وابن علية) عن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ».

ويُروى من طرق أخرى صحيحة عن أنس.

فإن ثبت أن قتادة لم يسمعه من أنس ودلّسه، وهو الذي أميل إليه، فيحتمل أنه أخذه أيضاً من يزيد الرقاشي.

فقد روى ابن عساكر في «تاريخه» (24/207) من طريق عبدالرحمن المسعودي، عن أبي عمرو - وهو: يزيد بن أبان الرقاشي- عن أنس، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من ثمان: من الهم والحزن، والعجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن ضلع الدين وغلبه العدو».

·       رواية أخرى لمعمر عن قتادة، وتدليس قتادة!

روى مسلم في «صحيحه» (2/963) (1326) قال: حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ».

قال أبو الفضل ابن عمّار الشهيد في «علل الأحاديث في صحيح مسلم» (16): "وَوَجَدْتُ فِيهِ: حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ...»، الحَدِيثُ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا مَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، نَحْوَهُ.

وَرَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانَ، وَلَمْ يَذْكُر ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَرْسَلَهُ.

وهَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَسْمَعْهُ قَتَادَةُ، مِنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ. وَسَمِعَهُ مِنْ سِنَانٍ: أَبُو التَّيَّاحِ الضُّبُعِيُّ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وهُوَ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: "لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةَ، مِنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، حَدِيثَ البُدْنِ".

وَسَمِعْتُ عَبْدَاللهِ بْنَ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: "لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةَ، مِنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ حَدِيثَ البُدْنِ، إِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ".

قَالَ أَبُو الفَضْلِ: "قُلْتُ: وَقَدْ سَمِع قَتَادَةُ، مِنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ. وَسِنَانُ، وَمُوسَى أَخَوَانِ" انتهى.

وقال ابن أبي خيثمة: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: "قَتَادَة لَمْ يُدْرك سِنَان بْنَ سَلَمَةَ وَلا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا".

فهذا الحديث يُشبه حديثنا الذي نتكلم عليه في الأصل.

فهذا رواه سَعِيد بن أَبِي عَرُوبَةَ، ومَعمر بن راشد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أن ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ.

وكذا رواه شعبة فيما قاله ابن عبدالبر في «الاستذكار» (4/252).

وَرَوَاهُ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانَ، أنّ ذؤيباً، فلَمْ يَذْكُر ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَرْسَلَهُ.

وروى أحمد في «مسنده» (29/490) (17975) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ذُؤَيْبًا أَخْبَرَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهُ بِبَدَنَتَيْنِ، وَأَمَرَهُ إِنْ عَرَضَ لَهُمَا شَيْءٌ، أَوْ عُطِبَتَا أَنْ يَنْحَرَهُمَا، ثُمَّ يَغْمِسَ نِعَالَهُمَا فِي دِمَائِهِمَا، ثُمَّ يَضْرِبَ بِنَعْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَفْحَتَهَا، وَيُخْلِيَهَا لِلنَّاسِ، وَلَا يَأْكُلَ مِنْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ».

قَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: "وَكَانَ يَقُولُهُ مُرْسَلًا - يَعْنِي مَعْمَرًا، عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ كَتَبْتُهُ لَهُ مِنْ كِتَابِ سَعِيدٍ، فَأَعْطَيْتُهُ فَنَظَرَ فَقَرَأَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي أَهَابُ إِذَا لَمْ أَنْظُرْ فِي الكِتَابِ".

قلت: هذا نصٌّ مهم يعني أن معمراً كان يرسله مثل رواية همام، ووصله لما كتبه عبدالرزاق من كتاب سعيد بن أبي عروبة.

وهذا يدلّ على ضبط معمر لحديثه عن قتادة، فهو سمعه مرسلاً كما رواه همام، وكان يهاب رفعه إذ لم ينظر في الكتاب!

والحديث مرسل على كل الأحوال، وقتادة كان يذكره عن ابن عباس، وأحياناً لا يذكره، وهذا يدلّ على أنه لم يسمعه وقد دلّسه.

·       حديث آخر فيه تدليس قتادة!

قال عبدالله بن أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (3/222) (4966): حَدَّثَنِي ابْن خَلاد قَالَ: سَمِعت يحيى يَقُول: "كَانَ شُعْبَة يُنكر حَدِيث قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا»! كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ عَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَكَانَ يُنْكِرُ حَدِيثَ: «مَا بَالَ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي الصَّلَاةِ»! نَرَى أَنَّهُ لم يسمعهُ، وَكَانَ أنكرهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَشَدَّ مِنْ هَذَا".

قلت: حديث أمّ سليم رواه ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُالْأَعْلَى، ويَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ومحمدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، كلهم عن سَعِيد بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَتْ، فَعَلَيْهَا الغُسْلُ» فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَكُونُ هَذَا، قَالَ: «نَعَمْ، مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ، أَوْ عَلَا، أَشْبَهَهُ الْوَلَدُ».

وهذا الحديث تفرد به سعيد عن قتادة! وكل الرواة عنه لم يذكروا سماعه له من أنس إلا ما جاء في رواية يزيد بن زُريع!

رواه مسلمٌ في «صحيحه» (1/250) (311)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/426) (3116) قالا: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ.

والنسائي في «السنن الكبرى» (8/221) (9028) قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللهِ بْنِ بَزِيعٍ.

قالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ...

قلت: رواية الجماعة أولى من رواية يزيد بن زُريع! فكلهم لم يذكروا سماعاً لقتادة من أنس! وأحياناً الرواة يتوهمون في ذكر صيغ السماع والتحديث، وخاصة إذا كان الراوي مُكثراً عن شيخه لإسناد ما، كما هو الحال في رواية يزيد بن زُريع، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس.

وهذا الحديث كما قلنا من قبل تفرد راو واحد به عن قتادة مظنّة تدليسه له، وربما لهذا كان ابن معين يُنكر هذا على قتادة وأنه دلّسه ولم يسمعه من أنس، وإنما أخذه من عطاء الخراساني!

والحديث الذي وجدته في هذا من رواية عطاء هو ما رواه الطبراني في «مسند الشاميين» (3/323) (2406) عن سُلَيْمَان بْن أَيُّوبَ بْنِ حَذْلَمٍ، عن سُلَيْمَان بن عَبْدِالرَّحْمَنِ. وفي «المعجم الكبير» (24/240) (611) عن أَحْمَد بْن الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيّ، عن هِشَام بْن عَمَّارٍ. كلاهما عن إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ، قال: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ عَلَيْهَا غُسْلٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ إِذَا هِيَ أَنْزَلَتِ الْمَاءَ».

فالله أعلم.

وأصح شيء في هذا الباب ما رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما من حديث هِشَام بْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَتِ المَاءَ»، فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا».

·       حديث آخر من تدليس قتادة!

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (6/13) (2272): وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَنْبَسَة بن عبدالواحد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتادة، عَن أنس؛ قَالَ: «إِيَّاكُمْ ومَجَالِسَ الطُّرُقِ، فإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَأَدُّوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»؟

قَالَ أَبِي: "حدَّثَناه يزيدُ بنُ أَبِي يَزِيدَ القطَّان، عَنْ عَنْبَسَة.

وَرَوَاهُ أَبَانُ، عَنْ قَتادة؛ أَنَّهُ بلغَه: أنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم قَالَ...".

قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصحُّ؟

قال: "إنْ كان ذلك محفوظً فَهُوَ حسنٌ، وما أخوفَني أن يكونَ قد أفسَدَ حديثُ أَبانَ ذَلِكَ الحديثَ".

قلت: إن كان عنبسة ضبطه عن سعيد، فهو من تدليس قتادة! فالحديث لا يُعرف عن أنس أصلاً، وإنما يُعرف من حديث أبي سعيد الخدري.

·       حديث آخر من تدليس قتادة!

روى ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (1/345) قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، والقُسْطُ البَحْرِيُّ».

ورواه البزار في «مسنده» (13/399) (7098) عن الحسن بن الصباح. والطبراني في «المعجم الأوسط» (3/170) (2831)، و(8/144) (8225) من طريق أُمَيَّة بْن بِسْطَامٍ. وأبو نُعيم الأصفهاني في «الطب النبوي» (2/606) (644) من طريق أحمد بن منيع. كلهم عن عبدالوهاب، به.

قال البزار: "وهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَن قَتادة، عَن أَنَس إلاَّ سَعِيدٌ، ولاَ نعلمُ رَوَاهُ، عَنْ سَعِيدٍ إلاَّ عَبدالوَهَّاب بْنُ عَطَاءٍ، وعَبدالوَهَّاب لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدِ احْتَمَلَ حَدِيثَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَرَوَوْا عَنْهُ".

وقال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا سَعِيدٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُالوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ".

كذا رواه عَبْدُالوَهَّابِ بن عَطَاءٍ، عن سَعِيد بن أبي عروبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ.

ورَوَاهُ أَبَانُ العطّار، عَنْ قَتادة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

وقال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: ابن أبي عَرُوبة، أرسله عن قتادَة.

وهذا يدلّ على أن عبدالوهاب أخطأ في ذكر "أنس"! والصواب عن سعيد الإرسال كما رواه أبان.

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (6/229) (2476): وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه عبدالوهَّاب الخَفَّاف، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادة، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، والقُسْطُ البَحْرِيُّ»؟.

وعن حديثٍ رواه عبدالوهَّاب، عَنْ حُمَيد، عَنْ أَنَسٍ، مثلَه، وَزَادَ فِيهِ: «ولاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ»؟

قَالَ أَبِي: "هذان الحديثان ِ مُنكَران".

قلت: أنكر أبو حاتم كلا الحديثين من رواية عبدالوهاب! ومع أن الرواية الثانية: عن حميد، عن أنس محفوظة من غير طريق عبدالوهاب إلا أنه استنكرها عنه أيضاً!

ثم مال إلى قبول رواية عبدالوهاب عن سعيد لوجود متابع لسعيد!!

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (6/13) (2273): وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه عبدالوهَّاب الخفَّاف، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادة، عن أنس: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احتَجَمَ فِي رَأْسِهِ، وَقَالَ: إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ»؟

قَالَ أَبِي: "رَوَاهُ أَبَانُ، عَنْ قَتادة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم".

قلتُ لأَبِي: هَذَا خطأٌ؟

قَالَ: "لا؛ لأنَّ مَعْمَراً أَيْضًا قَدْ رَوَاهُ، عَنْ قَتادة، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".

قلت: بعد أن استنكر أبو حاتم حديث عبدالوهاب عن سعيد، إلا أنه يبدو رجع عن تعليل روايته مقابل رواية أبان عن قتادة المرسلة؛ لأن معمراً رواه عن قتادة عن أنس!!

لكن رواية مَعمر وإن كانت موصولة إلا أنها تختلف عن رواية أبان وسعيد!

رواه عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ».

صححه ابن خزيمة في «صحيحه» (2659)، وابن حبان في «صحيحه» (3952)، والحاكم في «مستدركه» وقال: (1/623) (1665): "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ".

قال البزار في «مسنده» (13/469): "وَهَذا الحدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاه، عَن قَتادة، عَن أَنَس بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرَ مَعْمَر".

قال ابن حجر في «الفتح» (10/154) - وهو يتحدث عن حديث ابن عباس عند البخاري-: "وَقَدِ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الطُّرُقُ عَن ابن عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ احْتَجَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ محرم فِي رَأسه»، ووافقها حَدِيث ابن بُحَيْنَةَ، وَخَالَفَ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي «الشَّمَائِل» وَالنَّسَائِيّ، وَصَححهُ ابن خُزَيْمَة، وابن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْهُ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ القَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ»، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُدَ حَكَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ فَأَرْسَلَهُ، وَسَعِيدٌ أَحْفَظُ مِنْ مَعْمَرٍ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ بِعِلَّةٍ قادحة، وَالجمع بَين حَدِيثي ابن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَاضِحٌ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعَدُّدِ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ".

قلت: حديث سعيد لفظه يختلف عن لفظ حديث معمر، وهو الموافق لرواية أبان كما مرّ، لكن أهل العلك كأبي داود، وأبي حاتم، وابن حجر جعلوا رواية معمر هذه الذي يختلف لفظها في مقابل رواية سعيد بن أبي عروبة!

والذي جعلنا نقول بأن لفظ رواية سعيد يختلف عن لفظ رواية معمر أن أباناً رواه عن قتادة مرسلاً بغير لفظ معمر، ورواية عبدالوهاب - وإن كان أخطأ فيها- فهي تدل على أن الرواية التي أشار إليها أحمد هي بهذا اللفظ! وقد نص البزار كما سبق أن معمراً تفرد عن قتادة بهذا اللفظ، وكأن أهل العلم تجوّزوا في ذلك.

فرواية معمر تختلف عن رواية الآخرين عن قتادة، وعليه فرواية سعيد وأبان عن قتادة: مرسلة.

ورواية معمر، عن قتادة، عن أنس، نعم تفرد بهذا اللفظ معمر عن قتادة، لكن قتادة لم يذكر السماع من أنس! فالظاهر أنه دلّسه، ولا علاقة لمعمر به أو أنه وهم أو أخطأ فيه!

فقول ابن حجر أن هذه علة ليست قادحة - يعني في مخالفته للصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم في رأسه! فيه نظر!

وحمل الأحاديث على تعدد الواقعة فيه نظر كذلك! ولا يُصار إلى ذلك لأن قتادة من المدلسين، ولم يذكر السماع من أنس!

·       تعليل مِقبل الوادعي لحديث معمر بالشذوذ!

قال مقبل الوادعي في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (ص: 35) (12) - وهو يتحدث عن حديث معمر-: "إذا نظرت في سنده وجدتهم رجال الصحيح. ولكن أبا داود (ج5ص290): يقول عقب هذا الحديث: سمعت أحمد قال: ابن أبي عروبة أرسله. يعني عن قتادة. أهـ. وفي رواية معمر عن قتادة كلام، وأما سعيد ابن أبي عروبة فمن أثبت الناس في قتادة، فيعتبر حديث معمر شاذاً. والله أعلم".

قلت: لفظ حديث ابن أبي عروبة يختلف عن لفظ حديث معمر، ولفظ حديث معمر يخالف ما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم في رأسه، فهو لفظ شاذ، والعلة الحقيقية عنعنة قتادة؛ لأنه مدلس ولم يذكر سماعه من أنس!

·       رواية جرير عن قتادة عن أنس في الحجامة!

وقد روى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ووَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وبَهْز بن أسد، وأَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، وأَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ومُسلِمُ بنُ إبراهيمَ، ووَكِيعٌ، وأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ شَاذان، وعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، والهيثم بن حُميد الأنطاكيّ.

كلهم عن جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ مِنَ الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ». [الأَخْدَعَان: هُمَا عِرْقَانِ فِي جَانِبَيْ العُنُق، والكَاهِل: مَا بَيْن الكَتِفَيْنِ].

وهذا الحديث تفرد به جرير عن قتادة! وهو مما أنكروه على جرير كما بينته في موضع آخر من هذا البحث.

وقال البزار: "وهَذا الحَدِيثُ لَا نعلَمُ أحَدًا تَابَعَ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ عَلَيْه".

قلت: رواه عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ عن جرير وقرن معه همام بن يحيى!

رواه الترمذي في «جامعه» (3/458) (2051) عن عَبْدالقُدُّوسِ بْن مُحَمَّدٍ الحبحابيّ.

والحاكم في «المستدرك» (4/234) (7477) عن أَبي الْعَبَّاسِ مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ، عن مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ.

كلاهما عن عَمْرو بنِ عَاصِمٍ الكِلَابِيّ، قال: حدثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَا: حدثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ عَلَى الْأَخْدَعَيْنِ، وَكَانَ يَحْتَجِمُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ».

قال الترمذي: "وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".

وقال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

لكن قال العقيلي في «الضعفاء» (4/298): "رِوَايَة عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ». وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. وَحَدِيثُ هَمَّامٍ أَوْلَى".

قلت: فيحتمل أن عمرو بن عاصم كان يهم فيه، ويرويه على الوجهين.

ورواه ابن سعد في «الطبقات» (1/345) قال: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، قال: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ ثِنْتَيْنِ فِي الأَخْدَعَيْنِ وَوَاحِدَةً فِي الكَاهِلِ».

فهمام خالف جريراً فيه ورواه عن قتادة مرسلاً.

ورواه البخاري في «التاريخ الأوسط» (2/157) عن عَبْدَان، عَن أَبِيه، عَن شُعْبَة، قال: حَدَّثَنَا نصر القصاب، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب: «احْتجم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأخدعين».

قال البخاري: "إِن لم يكن هَذَا نصر بن طريف فَلَا أَدْرِي".

ثم قال: "وَقَالَ بَعضهم: عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يصح".

قلت: يعني البخاري رواية جرير الموصولة! وحكم بأنها لا تصح.

ونصر بن طريف أبو جزي القصّاب البصري - وإن ضعفوه وتركه بعضهم - إلا أن حديثه يؤيد الرواية التي ذكرها العقيلي عن عمرو، عن همام.

قال ابن عدي بعد أن ذكر له بعض المناكير في ترجمته: "ولأبي جزي غير ما ذكرت من الحديث من المناكير، ورُبما يُحدّث بأحاديث فشارك فيها الثقات، إلا أن الغالب على رواياته أنه يروي ما ليس محفوظا، وينفرد عن الثقات بمناكير، وهو بين الضعف، وقد أجمعوا على ضعفه".

قلت: فإن صحت رواية جرير عن قتادة فالعهدة تكون على قتادة وأنه كان يُدلّسه، وإن أخطأ فيها جرير، فالحديث مرسل، ولا يصح، ومتنه منكر!

·       متابعة لجرير عن قتادة!

روى تمّام في «فوائده» (1/46) (90) من طريق مُحَمَّد بْنِ كَثِيرٍ المصيصيّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ ثَلَاثًا، ثِنْتَانِ فِي الْأَخْدَعَيْنِ، وَوَاحِدَةٌ عَلَى الْكَاهِلِ».

قلت: مُحَمَّد بن كثير المصيصي ليس بالقوي، ويروي المناكير عن الثقات! ومما استنكر عليه أنه حدّث عن الأَوزاعِيّ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ قال: «نَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وعُمَر، فقال: هذان سيدا كهول أهل الجنة».

·       تحريف «سعيد» إلى «شعبة»!

روى أبو نُعيم الأصفهاني في «الطب النبوي» (2/606) (644) قال: حَدَّثَنا أبو محمد بن حيّان، قال: حَدَّثَنا الحسن بن علي الطوسي، قال: حَدَّثَنا محمد بن يحيى العتكي، قال: حَدَّثَنا عبدالوهاب بن عطاء، قال: حَدَّثَنا شعبة، عَن قتادة، عَن أنس أن النبي صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم قال: «خير ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري».

قال أبو نعيم: "ورواه أحمد بن منيع، عَن عَبدالوهاب، عَن سعيد".

قال: حَدَّثَنا محمد بن جعفر في جماعة، قال: حَدَّثَنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حَدَّثَنا أحمد بن منيع، قال: حَدَّثَنا عبدالوهاب بن عطاء، عَن سعيد، عَن قتادة، عَن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم، مثله سواء.

ورواه الدارقطني في «العلل» (12/139) قال: حدثنا أبو حامد الحضرمي إملاء، قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا عبدالوهاب بن عطاء، عن شعبة، عن قتادة، به.

وقد سُئِل الدارقطني عن هذا الحديث في «العلل» (2534) فقال: "يرويه عبدالوهاب بن عطاء، واختلف عنه:

فرواه أحمد بن منيع، واختلف عنه أيضاً:

فرواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو عبدالله بن عمير، وأبو حامد الحضرمي، عن أحمد بن منيع، عن عبدالوهاب، عن شعبة.

وخالفهم البغوي، فرواه عن جدّه - أحمد بن منيع-، عن عبدالوهاب، عن سعيد، وأخرج كتاب جدّه، وأنكر على من رواه عنه، عن شعبة.

وكذلك رواه غير أحمد بن منيع، عن عبدالوهاب، عن سعيد أيضًا، وهو الصواب".

قلت: من رواه عن أحمد بن منيع عن عبدالوهاب عن شعبة تحرّف عليه! والصواب: "عن سعيد" وهو ابن أبي عروبة، وعبدالوهاب رواه عن سعيد لا عن شعبة.

«القَبَس» في تخريج البخاري لحديث «قَتادة عن أَنَس».

·       تدليس قتادة، وتطلب شعبة للأحاديث التي سمعها من شيوخه!

قد أشرنا قبل إلى تدليس قتادة وشهرته بذلك.

قال الكرابيسي: "كان قتادة يدلس عن قوم كثير".

وقال: وقال حجاج بن محمد: سمعت شعبة بن الحجاج يُسأل عن تدليس قتادة، فقال: "قد وقفته على ذلك". فقال: "ما سمعته من أنس، فقد سمعته وما لم أسمعه، فقد حدثني عنه النضر بن أنس، وغيره من ولد أنس".

قال: "وكان شعبة يقول في غير حديث: جانبت قتادة في هذا، خشيت إن وقفته عليه أن يُفسد عليَّ الحديث".

وقال الأصمعي: قال شعبة: "كان قتادة إذا حدث بالحديث الجيد، ثم ذهب يجيء بالثاني غدوت".

وقال ابن المدينى: "كان يُكره أحاديث قتادة، عن أنس وعن سعيد بن المسيب، إلا ما قال: سمعت" [قبول الأخبار ومعرفة الرجال: (1/246-247)].

قلت: كان قتادة يُدلّس عن الضعفاء، وما نقله الكعبي عن شعبة أنه وقفه على تدليسه وأنه قال له إن ما حدث به عن أنس ولم يسمعه منه حدثه به النضر بن أنس وغيره من ولد أنس فيه نظر!! لأن كثيراً من الأحاديث التي دلسها لا تُعرف لا عن النضر ولا عن ولد أنس! وحتى لو كان سمعها منهم فلم لم يذكرهم في حديثه؟! فطالما أن الواسطة ليست معلومة فهذا تدليس.

ولهذا تكفّل شعبة بتدليس قتادة وكان يتتبع فمّه إذا قال: سمعت أو حدثني، وما لا يقول فيه ذلك، وكان يسأله عن ذلك.

قال عَبدالله بن إدريس: قال: قال شُعْبة: "أوقفتُ قَتَادَةَ عَلَى الْحَدِيثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ". وفي رواية: "نصصت قتادة على بضعة وستين حديثًا كلها يقول: سمعت أنس بن مالك".

وقالَ أَبُو قَطَنٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: "تَحَرَّرْتُ عَنْ قَتَادَةَ بِأَرْبَعَةٍ". فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ لِي عَبْدُاللَّهِ - هو: ابن إدريس الأودي-: "هذا أحدها - يَعْنِي: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ»-". [المعرفة والتاريخ (3/30)].

فالأحاديث التي رواها شعبة عن قتادة لا تدليس فيها، وهي مما سمعه قتادة من أنس، وكان البخاري يكثر من تخريج حديث شعبة عن قتادة عن أنس، لكنه روى أيضاً أحاديث عن قتادة من غير طريق شعبة! فهل ثبت فيها أيضاً سماعه لها من أنس؟

وسنورد كل الأحاديث التي خرّجها البخاري في «صحيحه» عن قتادة عن أنس من رواية شعبة وغيره، ثم نرى كيف كان منهجه - رحمه الله - في ذلك. وبيان أن القاعدة التي ذكرها البرديجي فيما يتعلق بحديث أصحاب قتادة فيما يرويه عن أنس أنه استفادها من صنيع الإمام البخاري في كتابه.

فمن عادة المدلِّس أنه لا يُدلّس دائماً، فأحياناً يُدلّس، وأحياناً لا يستطيع التدليس إذا كان من حوله من الأئمة الثقات العارفين به، وهنا تأتي أهمية أصحاب الراوي. فالحديث إذا رواهُ جمعٌ كبيرٌ عن الراوي المُدلِّس فهذا يعني أنه رواه عدّة مرات، وهذا يعني أنه لم يُدلِّس ذلك الحديث؛ لأن المدلس لا يُدلّس دائماً، فإذا تفرد راو عن مُدلّس بحديث - وإن كان من كبار أصحابه - فهناك احتمال كبير أنه دلّسه، فعلى الأقل يُتوقف فيه!

وكان من عادة قتادة في التدليس أنه يقول: "ذُكر عن فلان"، أو "قال فلان"، والراوي في السند يقول: "عن"، فهي ليست من قتادة، وإنما من الرواة عنه، فهو يقول: "ذُكر عن فلان كذا وكذا...".

قَالَ شُعْبَةُ: "كُنْتُ أَعْرِفُ إِذَا جَاءَ مَا سَمِعَ قَتَادَةُ مِمَّا لَمْ يَسْمَعْ، إِذَا جَاءَ مَا سمع يقول: «حدثنا أنس بن مالك»، و«حدثنا الحسن»، و«حدثنا سعيد»، و«حدثنا مُطَرِّف»، وإذا جاء ما لَمْ يَسْمَعْ يَقُولُ: «قَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ»، «قَالَ أَبُو قُلَابَةَ»". [المعرفة والتاريخ (3/209)].

وقال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: "كان قتادة يُحدّثنا، فيقول: «بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا»، و«بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ»، لَا يُسْنِدَهُ. حَتَّى قّدِمَ عَلَيْنَا حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ، فقَالَ: حَدّثنَا إِبْرَاهِيم بِكَذَا وَكَذَا، [وفلانٌ وفلانٌ. فبلغ قتادة ذلك فجعل يَقُولُ]: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، وَحدثَنَا أَنَسٌ، وحَدَّثَنَا زُرَارَةُ، وَسَأَلْتُ سَعِيدًا. قَالَ: فَصَبَّ عَلَيْنَا الْإِسْنَادَ. قَالَ: فَكُنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أن نحفظها. قال: فكنت أحفظ سبعة عن ثَمَانِيةَ عَشَرَ. قَالَ: فَكُنْتُ أَجِيءُ فَأَكْتُبُ الْحَدِيثَ على البَابِ فَإِذَا جِئْتُ حَفِظْتُهُ مِنَ الْبَابِ، فَإِذَا حَفِظْتُهُ مَحَوْتُهُ". [المعرفة والتاريخ (2/282)].

وفي النص تحريف وسقط أصلحته من «الطبقات» لابن سعد (7/172): "كُنَّا نَأْتِي قَتَادَةَ فَيَقُولُ: بَلَغَنَا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وَبَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ، وَبَلَغَنَا عَنْ عَلِيٍّ. وَلا يَكَاد يُسْنِدُ. فَلَمَّا قَدِمَ حَمَّادُ بْنُ أبي سُلَيْمَانَ الْبَصْرَةَ جَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ. فبلغ قتادة ذلك فجعل يَقُولُ: سَأَلْتُ مُطَرِّفًا، وَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخْبَرَ بِالإِسْنَادِ".

قلت: قتادة كان يُسند أحياناً، وكان لا يُسند، وهو معروف بالتدليس عند أصحابه، ومن هنا كانوا يسألونه عن الإسناد، فربما قال لهم الإسناد، وربما لا بسبب أنه لا يريد أن يتبين لهم أنه دلّس أو بسبب ما ذكرناه قبل من وجود المشيخة حوله ممن ينهرون من يسأل عن ذلك!

وهذا لا يعني أن كلّ من روى عنه شيئاً مرسلاً، ووجدنا هذا موصولاً عند بعض أصحابه = هذا لا يعني أن الإرسال هذا كان بسبب أنه كان لا يُسند، ثم بعد أن صار يُسند أخبر بإسناده! فقد يرسل الحديث، ثم يُدلّسه ويوهم أنه متصل، بل إن كثرة الاختلاف عليه في الغالب تدل على تدليسه، ولا علاقة لذلك بكونه لا يكاد يسند من قبل قدوم حماد بن أبي سليمان البصرة.

فما أخرجه صاحبا الصحيح من حديث قتادة إنما يرجع إلى مسألة معرفة أصحاب الراوي بحديث شيخهم كما بينته من قبل.

والبرديجي في قاعدته المتقدمة إنما تبع فيها مسألة أصحاب الراوي: فأحاديث شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحاح.

فإذا اتفق هؤلاء الثلاثة على الحديث فهو صحيح، وإذا اختلفوا في حديث واحد، فإن القول فيه قول رجلين من الثلاثة، فإذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث، وإذا انفرد واحد من الثلاثة في حديث: نُظِرَ فيه، فإن كان لا يعرف من الحديث إلا من طريق الذي رواه كان منكراً.

وأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ، مثل حمّاد بن سلمة، وهمام، وأبان، والأوزاعي، فينظر في الحديث: فإن كان الحديث يُحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أنس بن مالك، من وجه آخر، لم يُدفع، وإن كان لا يُعرف عن أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من طريق عن أنس إلا من رواية هذا الذي ذكرت لك، كان منكراً.

وسنرى مدى تطابق هذه القاعدة في الأحاديث التي خرّجها البخاري لأصحاب قتادة.

·       الأحاديث التي خرّجها البخاري لشعبة عن قتادة عن أنس:

1- روى البخاري في «صحيحه» (1/12) (13) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/67) (45)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شعبة، به، وفيه: «لِأَخِيهِ - أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ -».

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/248) (2515) قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".

وتصريح قتادة بسماعه من أنس في رواية رَوح عن شعبة عند أحمد في «مسنده» (21/353) (13875)، وفي رواية همام عن قتادة عند الطيالسي في «مسنده» (3/497) (2116).

2- روى البخاري في «صحيحه» (1/12) (15) قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [ح].

وحَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/67) (44) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

وروى مسلم قبله حديث عبدالعزيز بن صهيب عن أنس تماماً كما فعل البخاري.

وتصريح قتادة بسماعه من أنس في رواية بِشْر بن المُفَضَّلِ، عن شُعْبَةُ عند النسائي في «سننه» (8/114) (5013)، وفي رواية اللَّيْث بن دَاوُدَ عن شُعْبَة عند ابن الأعرابي في «معجمه» (2/538) (1046).

3- روى البخاري في «صحيحه» (1/13) (21) قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/66) (43) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

والحديث معروف عن أنس، رواه عنه أبو قِلابة، أخرجه البخاري أيضاً في «صحيحه» (9/20)، وأخرجه مسلم كذلك قبل حديث شعبة، ثم ختم بحديث حَمَّاد بن سلمة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ أَنْ يَرْجِعَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا».

4- روى البخاري في «صحيحه» (1/24) (65) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا - أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ - فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ - نَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ-، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ».

فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَنْ قَالَ: "نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: "أَنَسٌ".

ورواه أيضاً (4/45) (2938) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، فذكره.

ورواه أيضاً (7/157) (5875)، و(8/17) (6041) عن آدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، و(9/67) (7162) – عن مُحَمَّد بْن بَشَّارٍ، عن غُنْدَر، كلاهما عن شُعْبَة، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1657) (2092) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/366) (2718) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى العَجَمِ قِيلَ لَهُ: إِنَّ العَجَمَ لاَ يَقْبَلُونَ إِلاَّ كِتَابًا عَلَيْهِ خَاتَمٌ فَاصْطَنَعَ خَاتَمًا، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي كَفِّهِ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

والحديث رواه البخاري ومسلم أيضاً من حديث عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وكذلك من حديث نافع عن ابن عمر.

5- روى البخاري في «صحيحه» (1/27) (81) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ».

ورواه أيضاً (7/37) (5231) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ».

ورواه (7/104) (5577) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، به.

ورواه (8/164) (6808) قال: أخبرنا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: أَخْبَرَنَا أَنَسٌ، قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ» وَإِمَّا قَالَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2056) (2671) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/61) (2205) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا، فذكره.

قال الترمذي: "وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه مَعْمَرٌ في «جامعه» [المطبوع مع مصنف عبدالرزاق (11/381) (20801)] عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَا تَجِدُونَ أَحَدًا يُحَدِّثُكُمُوهُ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَذْهَبَ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ قَيِّمَ خَمْسِينَ امْرَأَةً رَجُلٌ وَاحِدٌ».

6- روى البخاري في «صحيحه» (1/90) (412) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَتْفِلَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ».

ثم روى (413) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ».

ثم روى (415) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

وروى أيضاً (2/65) (1214) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى».

وروى مسلم في «صحيحه» (1/390) (551) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ».

ثم روى (552) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ قَتَادَةَ عَنِ التَّفْلِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

وروى الدارمي في «سننه» (2/876) (1435) قال: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ، أَسَمِعْتَ أَنَسًا، يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ؟» قَالَ: «نَعَمْ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

ورواه الترمذي في «جامعه» (1/711) (572) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «البُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

7- روى البخاري في «صحيحه» (1/145) (723) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/324) (433) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

وهذا من الأحاديث التي أخبر شعبة بأنه لم يوقف قتادة عليه كما كانت عادته في سؤاله عما يروي إذا لم يذكر السماع.

روى أبو عوانة في «مستخرجه» (1/379) (1372) عن نَصْر بْنِ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حدثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: "كَانَ هِمَّتِي مِنَ الدُّنْيَا شَفَتَيْ قَتَادَةَ فَإِذَا قَالَ: «سَمِعْتُ» كَتَبْتُ، وَإِذَا قَالَ: «قَالَ» تَرَكْتُ، وَأَنَّهُ حَدَّثَنِي بِهَذَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - يَعْنِي حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» فَلَمْ أَسْأَلْهُ أَسَمِعْتَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهُ عَلَيٌّ".

وروى أبو نُعيم في «الحلية» (9/32) من طريق عُبَيْداللَّهِ بن سَعِيدٍ، ويَعْقُوب بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قالا: سَمِعْنَا عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: قَالَ شُعْبَةُ: "لَمْ أُدَاهِنْ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ قَتَادَةُ، قَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» فَكَرِهْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلِيَّ مِنْ جَوْدَةِ الْحَدِيثِ".

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/477) (3213) عن أَبي دَاوُدَ الطيالسي عن شعبة.

ثم قال: قال أبو داود: قَالَ شُعْبَةُ: "دَاهَنْتُ فِي هَذَا لَمْ أَسْأَلْ قَتَادَةَ: سَمِعَهُ أَمْ لَا؟".

وقوله هنا: "لم أداهن إلا في هذا الحديث"! فيه تجوّز في الرواية، وإلا فقد ثبت أن شعبة صرّح بأنه لم يسأله عن أحاديث أخرى غير هذا.

ومنها: ما رواه أحمد في «مسنده» (21/356) (13881) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَالحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْنَا، فَكَيْفَ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: قُولُوا: وَعَلَيْكُمْ».

وقَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ شُعْبَةُ: "لَمْ أَسْأَلْ قَتَادَةَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، هَلْ سَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟".

وروى أبو العباس السراج في «مسنده» (ص: 246) (743) قال: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكَرَخِيِّ، قال: حدثَنَا حِبَّانُ، قال: حدثَنَا شُعْبَةَ قَالَ قَتَادَةُ: أَخْبَرَنِي عَنْ أَنَسٍ - وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَنَسٍ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ».

هكذا رواه السراج! والظاهر أن قول: "ولم يسمعه من أنس" من قول قتادة!

وحبان هو: ابن هلال الباهلي البَصْرِيّ، وهو ثقة، وعبّاد بن الوليد صدوق، روى له ابن ماجه فقط، فلا أدري إن ضبط هذه اللفظة أم لا!

فيحتمل أنه ضبطها، ويُحتمل أنه فهم ما روي عن شعبة مما تقدم أنه خشي سؤال قتادة عنه لئلا يُفسده عليه، فظنّ عباد أنه لم يسمعه منه فقال ذلك!

وعموماً فهذا التصريح يناقض أن يكون قاله قتادة؛ لأن شعبة لم يسأله عن سماعه هذا الحديث من أنس، وهو قد صرّح بذلك فيما نقلناه عنه أنه خشي إن سأل قتادة أن يُفسد عليه جودة هذا الحديث! وقد تفرد عباد، عن حبان، عن شعبة بهذا التصريح! ولو كان صحيحاً لرواه أصحاب شعبة ممن رووا هذا الحديث عنه، ولرووا خشيته من سؤال قتادة عنه، والله أعلم.

وروى عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (2/44) (2426) قال: أَخْبِرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «إِنَّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ إِقَامَةَ الصَّفِّ».

والحديث له شاهد أخرجه مسلم في «صحيحه» (1/324) من نسخة هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ: «أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ».

والعجيب أن البخاري اعتمد هذه النسخة وخرّج منها أحاديث، ولم يُخرّج هذا!

8- روى البخاري في «صحيحه» (1/149) (742) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي - وَرُبَّمَا قَالَ: مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي - إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ».

ورواه في موضع آخر (8/131) (6644) قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/319) (425) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

وقال: حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي [ح]. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَاللهِ، إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا مَا رَكَعْتُمْ، وَإِذَا مَا سَجَدْتُمْ». وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ إِذَا رَكَعْتُمْ وَإِذَا سَجَدْتُمْ.

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (5/447) (3157) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، به.

9- روى البخاري في «صحيحه» (1/149) (743) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/299) (399) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]».

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ: "قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ قَالَ: نَعَمْ نَحْنُ سَأَلْنَاهُ عَنْهُ".

ورواه الترمذي في «جامعه» (1/329) (246) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، يَفْتَتِحُونَ القِرَاءَةَ بِالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

وقال الدارقطني في «سننه» (2/93): "وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، مِنْهُمْ: هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَهَمَّامٌ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُمَا فِي لَفْظِهِ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ".

ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (2/88) (2598) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَأَبَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ يَقْرَءُونَ {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2].

قال ابن رجب في «فتح الباري» (6/389): "وخرّجه - أَيْضاً - من طريق أَبِي داود، عَن شعبة، وزاد: قَالَ شعبة: فَقُلْت لقتادة: أسمعته من أنس؟ قَالَ: نَعَمْ، نحن سألناه عَنْهُ. ففي هذه الرواية: تصريح قتادة بسماعه لَهُ من أَنَس، فبطل بذلك تخيل من أعلَّ الحَدِيْث بتدليس قتادة".

10- روى البخاري في «صحيحه» (1/164) (822) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/355) (493) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، به.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ [ح].

قَالَ: وَحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

ورواه النسائي في «سننه» (2/213) (1110) قال: أَخْبَرَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، به.

11- روى البخاري في «صحيحه» (2/128) (1495) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ».

قال البخاري: وقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه أيضاً (3/155) (2577) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (2/755) (1074) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ [ح].

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ [ح].

وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أَهْدَتْ بَرِيرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمًا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا، فَقَال: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».

وقد علّق البخاري رواية االطيالسي لتصريح قتادة بسماعه هذا الحديث من أنس.

لكن في «مسند الطيالسي» (3/467) (2074) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَ: هَذَا شَيْءٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، قَالَ: «هُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ وَعَلَيْهَا صَدَقَةٌ».

فليس فيه التصريح بالسماع، وكذا قال ابن حجر.

قال في «الفتح» (3/357): "وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ فَذَكَرَ الْإِسْنَادَ دُونَ الْمَتْنِ لِتَصْرِيحِ قَتَادَةَ فِيهِ بِالسَّمَاعِ، وَأَبُو دَاوُدَ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي مُسْنَدِهِ كَذَلِكَ، وَرَأَيْتُهُ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنْهُ مُعَنْعَنًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ فَصَرَّحَ بِسَمَاعِ قَتَادَةَ مِنْ أَنَسٍ أَيْضًا".

وأخرجه من «مسند الطيالسي» في «تغليق التعليق» (3/35) وقال: "كَذَا وجدته بالعنعنة، وَقد رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق معَاذ عَن شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعَ أَنَسًا، بِهِ".

قلت: رواية معاذ عن شعبة التي فيها التصريح بالسماع عند مسلم وسبق ذكرها، وأما حديث أبي داود الطيالسي، فكأنه يوجد في بعض نسخ «مسنده» التصريح بالسماع، فقد أخرج الحديث أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (6/18) (3244) قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟». قَالُوا: شَيْءٌ تُصِدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».

ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (7/250) (13009) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَهْدَتْ بَرِيرَةُ إِلَى عَائِشَةَ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَتْ لَهُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَعَلَيْنَا هَدِيَّةٌ»، مرسلاً.

12- روى البخاري في «صحيحه» (2/130) (1501) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا المَدِينَةَ، فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا، وَأَبْوَالِهَا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالحَرَّةِ يَعَضُّونَ الحِجَارَةَ».

قال البخاري: "تَابَعَهُ أَبُو قِلاَبَةَ، وَحُمَيْدٌ، وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ".

ورواه أيضاً (5/129) (4192)، و(7/129) (5727)  قال: حَدَّثَنِي عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا المَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ، فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ، «فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا»، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، «فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ». قَالَ قَتَادَةُ: "بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ المُثْلَةِ".

قال البخاري: "وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبَانُ، وَحَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِنْ عُرَيْنَةَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: وَأَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ".

ورواه أيضاً (7/123) (5686) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي المَدِينَةِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِي الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ». قَالَ قَتَادَةُ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: «أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الحُدُودُ».

وقد أخرج البخاري في «صحيحه» أيضاً حديث أبي قلابة عن أنس في «كتاب الطهارة» (1/56) (233)، وفي «كتاب الجهاد والسير» (4/62) (3018)، وفي «كتاب الحدود» (8/163) (6805)، وحديث ثابت، عن أنس في «كتاب الطب» (7/123) (5685).

وأخرج مسلم كذلك حديث أبي قلابة، وثابت، وحميد، عن أنس (3/1298) (1671)، ثم قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ [ح].

وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطٌ مِنْ عُرَيْنَةَ، وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ: مِنْ عُكْلٍ، وَعُرَيْنَةَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.

13- روى البخاري في «صحيحه» (2/167) (1690) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ: «ارْكَبْهَا»، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: «ارْكَبْهَا» قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ: «ارْكَبْهَا» ثَلاَثًا.

ورواه أيضاً (4/7) (2754) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بنحوه.

ورواه (8/37) (6159) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

وجاء تصريح سماع قتادة لهذا الحديث من أنس عند الطيالسي في «مسنده» (3/481) (2093) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسًا.

وعند أحمد في «مسنده» (20/174) (12774) قال: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ - يَعْنِي شَاذَانَ-، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

ولم يخرّج مسلم هذا الحديث عن قتادة عن أنس من أي طريق، وإنما أخرجه عن أنس من طرق أخرى، وعن أبي هريرة، وعن جابر.

14- روى البخاري في «صحيحه» (3/37) (1961) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تُوَاصِلُوا» قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى».

هذا الحديث رواه جماعة عن شعبة ولم أجد من صرّح فيه بتحديث قتادة من أنس، ولا من رواية أصحاب قتادة غير شعبة.

لكن رواه البخاري أيضاً من حديث ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وعائشة بمثل حديث قتادة عن أنس.

ولم يروه مسلم من حديث قتادة عن أنس، وإنما رواه من طرق أخرى عن أنس، ورواه أيضاً من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وعائشة.

15- روى البخاري في «صحيحه» (3/165) (2627) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ المَنْدُوبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: «مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا».

ورواه أيضاً (4/29) (2857) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ.

ورواه (4/30) (2862) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

ورواه (4/52) (2968)، و(8/47) (6212) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قال: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

ورواه (4/31) (2867) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ المَدِينَةِ فَزِعُوا مَرَّةً، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ كَانَ يَقْطِفُ - أَوْ كَانَ فِيهِ قِطَافٌ - فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: «وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُجَارَى».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1803) (2307) قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ فَقَالَ: «مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا».

قال: وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ [ح].

وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: فَرَسًا لَنَا، وَلَمْ يَقُلْ: لِأَبِي طَلْحَةَ، وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ: عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا.

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/251) (1686) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ فَزَعٌ بِالمَدِينَةِ فَاسْتَعَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لَنَا، يُقَالُ لَهُ: مَنْدُوبٌ، فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

16- روى البخاري في «صحيحه» (4/22) (2817) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1498) (1877) قال: وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ، لَهَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَا أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ».

قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، غَيْرُ الشَّهِيدِ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/239) (1661) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا غَيْرُ الشَّهِيدِ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، يَقُولُ: حَتَّى أُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، مِمَّا يَرَى مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

17- روى البخاري في «صحيحه» (4/42) (2921) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قال: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: «رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ فِي حَرِيرٍ».

ورواه أيضاً (2922) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «رَخَّصَ أَوْ رُخِّصَ لَهُمَا لِحِكَّةٍ بِهِمَا».

ورواه (4/42) (2919) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا».

ورواه صحيح البخاري (2920) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ [ح].

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي القَمْلَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الحَرِيرِ، فَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا فِي غَزَاةٍ».

ورواه (7/151) (5839) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِالرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ، لِحِكَّةٍ بِهِمَا».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1646) (2076) قال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنْبَأَهُمْ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي الْقُمُصِ الْحَرِيرِ فِي السَّفَرِ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» - أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا.

قال: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي السَّفَرِ.

وقال: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ رُخِّصَ - لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا».

وقال: وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ

وقال: وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ شَكَوَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمْلَ، «فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ فِي غَزَاةٍ لَهُمَا».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/270) (1722) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ بْنُ عَبْدِالوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ، شَكَيَا القَمْلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ لَهُمَا، فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الحَرِيرِ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

18- روى البخاري في «صحيحه» (4/93) (3146) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ، لِأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ».

ورواه (5/159) (4334) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: «إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (2/735) (1059) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، - قَالَ ابنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ، فَقَالَ: «أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ؟» فَقَالُوا: لَا، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَقَالَ: «إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ».

وروى البخاري في (4/185) قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَنْصَارَ فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ» قَالُوا: لاَ، إِلَّا ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ».

وروى أيضاً (8/155) (6762) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ابْنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ - أَوْ: مِنْ أَنْفُسِهِمْ -».

وروى أيضاً (6761) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» أَوْ كَمَا قَالَ.

وروى الدارمي في «سننه» (3/1643) (2569) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: أَكَانَ أَنَسٌ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ؟» قَالَ: نَعَمْ.

وروى أحمد في «مسنده» (19/224) (12187) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ: أَسَمِعْتَ أَنَسًا يَقُولُ... فذكره.

وروى أيضاً (21/42) (13321) قال: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَ أَنَسًا يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»؟ قَالَ: "نَعَمْ".

ورواه الترمذي في «جامعه» (6/196) (3901) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".

19- روى البخاري في «صحيحه» (5/33) (3789) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ»، فَقَالَ سَعْدٌ: "مَا أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا؟ فَقِيلَ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ".

وَقَالَ عَبْدُالصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ.

ورواه (5/36) (3807) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ، بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ». فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: "وَكَانَ ذَا قِدَمٍ فِي الإِسْلاَمِ: أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى نَاسٍ كَثِيرٍ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1949) (2511) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ...

قال: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.

20- روى البخاري في «صحيحه» (5/33) (3792) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا؟ قَالَ: «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ».

ورواه (9/47) (7057) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1474) (1845) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَلَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ».

قال: وحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابنَ الحَارِثِ-، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَلَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.

وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَقُلْ: خَلَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه البخاري أيضاً (3/114) (2376)، (4/98) (3163) من طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، به.

ورواه أيضاً (5/33) (3793) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، به.

21- روى البخاري في «صحيحه» (5/35) (3801) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الأَنْصَارُ كَرِشِي، وَعَيْبَتِي وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ، وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1949) (2510) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْأَنْصَارَ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ».

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/268) (33028) عن يَزِيد بْن هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، به.

22- روى البخاري في «صحيحه» (5/36) (3809)، (6/175) (4959) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1] قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى».

ورواه أيضاً (4960) قال: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ» قَالَ أُبَيٌّ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «اللَّهُ سَمَّاكَ لِي» فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي، قَالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1].

وقال (4961): حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ المُنَادِي، قال: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ» قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالَمِينَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/550) (799) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ»، قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «اللهُ سَمَّاكَ لِي»، قَالَ: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا»، قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَبَكَى.

قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ بِمِثْلِهِ.

ورواه عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَقَرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ أُبَيٌّ: أَوَ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: وَسَمَّاكَ لِي. قَالَ: فَبَكَى أُبيّ».

قال البزار في «مسنده» (13/413): "وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إلاَّ عَن أَنَس، ولاَ نعلمُ رَوَاهُ عَن أَنَس إلاَّ قَتَادَةُ. وَرَوَاهُ عَن قَتادة غَيْرُ وَاحِدٍ، وأَجَلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ شعبةُ".

23- روى البخاري في «صحيحه» (5/37) (3810) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ»، قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: "أَحَدُ عُمُومَتِي".

ورواه (6/187) (5003) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ".

قال البخاري: "تَابَعَهُ الفَضْلُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1914) (2465) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: "جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ". قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِي.

قال: حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا زَيْدٍ".

ورواه الترمذي في «جامعه» (6/139) (3794) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه ابن سعد في «الطبقات» (2/272) قال: أخبرنا محمد بن عمر - هو: الواقدي- قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «أَخَذَ القرآن أربعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ».

ورواه البخاري أيضاً (6/187) (5005) من طريق ثَابِت البُنَانِيّ، وَثُمَامَة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ». قَالَ: «وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ».

وروى أيضاً (5/81) (3996) قال: حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «مَاتَ أَبُو زَيْدٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا».

·       من أبو زيد؟

قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (7/314): "كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا عَنْ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي جَمَعَ الْقُرْآنَ فَقَالَ: هُوَ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ مَاتَ فَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا نَحْنُ وَرِثْنَاهُ".

وقال في «الإصابة» (5/362): "وقد أخرجه أبو نعيم في «المستخرج» عن البخاري، وابن حبّان، وابن السّكن، وابن منده، من الوجه الّذي أخرجه منه البخاري، زادوا أن اسمه: قيس بن السّكن، وكان من بني عدي بن النجار، ومات ولم يدع عقباً. قال أنس: فورثناه".

وقال في «الفتح» (9/53): "رَوَى - ابن أبي داود- بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ إِلَى ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا زَيْدٍ الَّذِي جَمَعَ الْقُرْآنَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلًا مِنَّا مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ أَحَدُ عُمُومَتِي، وَمَاتَ وَلَمْ يدع عقبا وَنحن ورثناه. قَالَ ابن أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: هُوَ قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ مِنْ زَعْوَرَاءَ من بني عدي بن النجار. قَالَ ابن أَبِي دَاوُدَ: مَاتَ قَرِيبًا مِنْ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ عِلْمُهُ، وَلَمْ يُؤْخَذ عَنهُ، وَكَانَ عقبيا بَدْرِيًّا".

وقال في موضع آخر (7/127): "ذَكَرَ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ أَنَّ اسْمَهُ: أَوْسٌ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ هُوَ: ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ، وَقِيلَ: هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقَارِئُ، وَكَانَ عَلَى الْقَادِسِيَّةِ، وَاسْتُشْهِدَ بِهَا، وَهُوَ وَالِدُ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَنِ الْوَاقِدِيِّ هُوَ: قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ زَعوراء بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ، وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُ أَنَسٍ: أَحَدُ عُمُومَتِي، فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي حَرَامٍ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُعَارِضُ حَدِيثَ عَبْدِالله بن عمر: واستقرئوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرَ اثْنَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنَ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمُ اسْتَظْهَرُوهُ جَمِيعَهُ، وَإِمَّا أَنْ لا يؤخذ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ أَنَسٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ جَمَعَهُ أَرْبَعَةٌ أَنْ لَا يَكُونَ جَمَعَهُ غَيْرُهُمْ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ جَمْعُهُ لِأَرْبَعَةٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا لِهَذِهِ الْقَبِيلَةِ وَهِيَ الْأَنْصَارُ".

وقال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/79): "قيس بْن السَّكَن بن قيس بْن زعوراء بْن حرام بْن جُنْدَب بن عامر ابن غَنْم بْن عديّ بْن النجار، أَبُو زيد الأنصاري النجار، المتوفى: 14هـ. مشهور بكنيته، شهِدَ بدرًا، واستُشْهِد يوم جسر أبي عُبَيْد فيما ذكر موسى بْن عقبة.

قَالَ الواقِديّ وابن الكلبي: هو أحد من جمع القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودليلُهُ قول أَنْس؛ لأنه قَالَ: أحد عمومتي، وكلاهما يجتمعان في حرام. وكذا ساق الكلبي نسب أبي زيد، لكنه جعل عِوَض زعوراء: زيدًا، ولا عبرة بقول من قَالَ: إن الَّذِي جمع القرآن أَبُو زيد سعد بْن عُبَيْد الأوسي، فإن قول أَنْس بْن مالك: أحد عمومتي، ينفي قول من قال: هو سعد بن عبيد، لكونه أوْسيًا. ويؤيده أيضًا مَا روى قتادة عَنْ أَنْس، قَالَ: افتخر الحيّان الأوس والخزرج، فَقَالَتِ الأوس: منّا غسيل الملائكة حنظلة بْن أبي عامر، ومنّا الَّذِي حَمتْه الدَّبَر؛ عاصم بْن ثابت، ومنا الَّذِي اهتز لموته العرش؛ سَعْد بن معاذ، ومنا من أُجيزت شهادتُهُ بشهادة رجُلين؛ خزيمة بْن ثابت، فَقَالَتِ الخزرج: منّا أربعة جمعوا القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أُبَيّ، ومعاذ بْن جَبَل، وزيد بْن ثابت، وأبو زيد" انتهى.

24- روى البخاري في «صحيحه» (5/125) (4172) قال: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]. قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ، قَالَ أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الفتح: 5].

قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الكُوفَةَ، فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: "أَمَّا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} [الفتح: 1]. فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا {هَنِيئًا مَرِيئًا}، فَعَنْ عِكْرِمَةَ".

ورواه (6/135) (4834) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، قَالَ: «الحُدَيْبِيَةُ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1413) (1786) قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ} [الفتح: 2] إِلَى قَوْلِهِ {فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهُمْ يُخَالِطُهُمُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ، وَقَدْ نَحَرَ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: «لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا».

قال: وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ [ح].

وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ [ح].

وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ.

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (6/21) (3252) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَنِيئًا مَرِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا لَنَا؟» قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5].

قَالَ شُعْبَةُ: وَكَانَ قَتَادَةُ، يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي قَصَصِهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} [الفتح: 1] قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْحَدِيثُ، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ كُلُّهُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَلَقِيتُ قَتَادَةَ بِوَاسِطٍ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ أَوَّلَهُ: عَنْ أَنَسٍ، وَآخِرَهُ: عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ بِالْكُوفَةِ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِذَلِكَ.

ورواه عبدالرزاق في «تفسيره» (3/210) (2895) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ، قَالَ: «نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَلَى الْأَرْضِ»، ثُمَّ قَرَأَهَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَنِيئًا مَرِيئًا قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَاذَا يَفْعَلُ بِكَ فَمَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] حَتَّى {فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73]».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/239) (3263) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

25- روى البخاري في «صحيحه» (6/138) (4848) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ».

ورواه أيضاً (8/134) (6661) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».

قال البخاري: "رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ".

وقد تقدمت روايته.

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2187) (2848) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».

قال: وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ بْنُ عَبْدِالْوَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارِ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/243) (3272) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العِزَّةِ قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".

قلت: لا غرابة فيه! فقد رواه جماعة عن قتادة عن أنس، ومنهم شعبة.

قال ابن حجر في «الفتح» (11/546): "(قَوْلُهُ: رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ) وَصَلَ رِوَايَتُهُ فِي تَفْسِير { ق}، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَوْصُولَةَ عَنْ أَنَسٍ بِالْعَنْعَنَةِ، لَكِنَّ شُعْبَةُ مَا كَانَ يَأْخُذُ عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ ذَكَرَ عَنْهُمُ التَّدْلِيسَ إِلَّا مَا صَرَّحُوا فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ".

قلت: جاء تفسير التحديث في رواية شيبان عند أحمد في «مسنده» (21/94) (13402) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ شَيْئًا مِنَ التَّفْسِيرِ، قَالَ: قَوْلُهُ: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلَأْتِ} [ق: 30] قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».

ورواه أيضاً (19/373) (12380) قال: حَدَّثَنَا بَهْزٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، -قَالَ بَهْزُ: ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ-: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، به.

وقد رواه البخاري أيضاً في «صحيحه» (6/138) (4849) من طريق مُحَمَّد بن سيرين. و(6/138) (4850) من طريق هَمَّام بن مُنبّه. و(9/134) (7449) من طريق - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ الأَعْرَجِ. ثلاثتهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بنحوه، وفيه زيادة.

26- روى البخاري في «صحيحه» (6/142) (4867) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ».

ورواه أيضاً (4868) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «انْشَقَّ القَمَرُ فِرْقَتَيْنِ».

ورواه أيضاً (4/206) (3637) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [ح].

وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ».

ورواه أيضاً (5/49) (3868) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالوَهَّابِ، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2159) (2802) قال: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً «فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ».

وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ [ح]. وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ كُلُّهُمْ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ»، وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

ورواه أحمد في «مسنده» (21/369) (13918) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ فِرْقَتَيْنِ».

قال (13919): حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَنَسًا، يَقُولُ: «انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

ورواه عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (3/257) (3057)، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ، فَنَزَلَتْ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر} إِلَى قَوْلِهِ: {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1-2] يقول: ذاهب».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/250) (3286) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

27- روى البخاري في «صحيحه» (6/197) (5059) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ - أَوْ خَبِيثٌ - وَرِيحُهَا مُرٌّ».

ورواه أيضاً (6/190) (5020)، (9/162) (7560) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، به.

ورواه (7/77) (5427) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/549) (797) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، به.

وحَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ [ح]. وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ هَمَّامٍ بَدَلَ الْمُنَافِقِ، الْفَاجِرِ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/447) (2865) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا".

28- روى البخاري في «صحيحه» (7/101) (5558) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ».

ورواه أيضاً (7/102) (5564) قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ».

ورواه (7/102) (5565) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1556) (1966) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ»، قَالَ: «وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»، قَالَ: «وَسَمَّى وَكَبَّرَ».

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، قَالَ: قُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَيَقُولُ: «بِاسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ».

ورواه ابن الجارود [كما في «المنتقى» (ص: 229) (909)] قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أخبرنا عِيسَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: فَقُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُمَا يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَاضِعًا عَلَى صِفَاحِهِمَا قَدَمَهُ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/136) (1494) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (4/379) (8129) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِالْمَدِينَةِ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ».

29- روى البخاري في «صحيحه» (7/139) (5776) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ».

ورواه أيضاً (7/139) (5776) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1746) (2224) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ».

وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» قَالَ قِيلَ: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ».

ورواه أحمد في «مسنده» (20/176) (12778) قال: حَدَّثَنَا بَهْزٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا، به.

و(21/382) (13949) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ قَتَادَةُ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، به.

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/213) (1615) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَأُحِبُّ الفَأْلَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

30- روى البخاري في «صحيحه» (8/73) (6334)، و(8/81) (6380) قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَسٌ خَادِمُكَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ».

ورواه أيضاً (8/75) (6344) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ».

و(8/81) (6378) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسٌ خَادِمُكَ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ». وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، مِثْلَهُ.

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1928) (2480) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللهَ لَهُ، فَقَالَ: «اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ».

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ.

قلت: هذه الرواية الأخيرة عند مسلم أشار إليها البخاري بعد أن ساق رواية محمد بن بشار عن غندر بالإسناد السابق، فقال: "وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، مِثْلَهُ".

قال ابن حجر في «الفتح» (11/182): "وَأَمَّا رِوَايَةُ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ الْمَعْطُوفَةُ هُنَا فَإِنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى رِوَايَةِ قَتَادَةَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ وَهِشَامِ بْنِ زَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ، وَكَذَا صَنِيعُ مُسْلِمٍ حَيْثُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ".

قلت: مسلم أخرج هذه الرواية عن بُندار محمد بن بشار عن غُندر محمد بن جعفر، وهي التي عطف عليها البخاري كلامه، ورواية أبي داود عن شعبة لا علاقة لها برواية شعبة عن هشام!

وحديث حجاج رواه أبو يعلى في «مسنده» (6/16) (3239) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِمِثْلِ ذَلِكَ.

ورواه أحمد في «فضائل الصحابة» (2/848) (1565) قَالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ قَالَ: حدثنا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ حَجَّاجٌ: ابْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

31- روى البخاري في «صحيحه» (8/105) (6504) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الجُعْفِيُّ-، قال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2268) (2951) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ».

قَالَ شُعْبَةُ: وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: كَفَضْلِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَهُ عَنْ أَنَسٍ أَوْ قَالَهُ قَتَادَةُ.

وقال مسلم: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، وَأَبَا التَّيَّاحِ، يُحَدِّثَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَنَسًا، يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ هَكَذَا» وَقَرَنَ شُعْبَةُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى، يَحْكِيهِ.

وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي [ح]. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا.

وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمْزَةَ - يَعْنِي الضَّبِّيَّ-، وَأَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/66) (2214) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ أَبُو دَاوُدَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى فَمَا فَضَّلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

32- روى البخاري في «صحيحه» (9/30) (6987) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1774) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ [ح].

وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ [ح].

وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ – قال: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

ورواه أحمد في «مسنده» (37/370) (22697) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، به.

و(37/394) (22722) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَحَجَّاجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ حَجَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ: سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد روى البخاري مع هذا الحديث حديث (9/30) (6988) أَبِي هُرَيْرَةَ، و(6989) حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ.

33- روى البخاري في «صحيحه» (9/60) (7131) قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ».

قال البخاري: "فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ورواه أيضاً (9/121) (7408) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، به.

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2248) (2933) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر».

قال: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدَّجَّالُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر أَيْ كَافِرٌ».

34- روى البخاري في «صحيحه» (9/61) (7134) قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «المَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ، فَيَجِدُ المَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ»، قَالَ: «ولا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ».

ورواه أيضاً (9/139) (7473) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عِيسَى، قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/84) (2242) قال: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِاللهِ الخُزَاعِيُّ البَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".

ورواه أحمد في «مسنده» (20/393) (13145) قال: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَعَبْدُالْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ قَائِلًا مِنَ النَّاسِ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَمَا يَرِيدُ الدَّجَّالُ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَيَعْمِدُ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهُ يَجِدُ الْمَلَائِكَةَ صَافَّةً بِنِقَابِهَا وَأَبْوَابِهَا يَحْرُسُونَهَا مِنَ الدَّجَّالِ».

قَالَ عَبْدُالْوَهَّابِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: ك ف ر، يُهَجَّاهُ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ أُمِّيٍّ أَوْ كَاتِبٍ».

ورواه أيضاً (21/90) (13393) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ قَائِلًا مِنَ النَّاسِ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فذكره.

ورواه البخاري (9/61) (7133) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أيضاً.

35- روى البخاري في «صحيحه» (9/157) (7536) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحِيمِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الهَرَوِيُّ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».

رواه أحمد في «مسنده» (19/301) (12287) قال: حَدَّثنا حَجَّاجٌ. و(19/328) (12319) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. و(21/352) (13872) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

ورواه البخاري أيضاً (9/121) (7405) من حديث أبي هريرة.

ورواه عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: أخبرنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالْكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ -عز وجل: يابن آدَمَ، إِنْ ذَكَرْتَنِي فِي نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرْتَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُكَ فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ -أَوْ قَالَ: فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ- وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي شِبْرًا دَنَوْتُ مِنْكَ ذِرَاعًا، إن دَنَوْتَ مِنِّي ذِرَاعًا دَنَوْتُ مِنْكَ بَاعًا، وَإِنْ أَتَيْتَنِي تَمْشِي أَتَيْتُكَ أُهَرْوِلُ».

قَالَ مَعْمَرٌ: "قَالَ قَتَادَةٌ: وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَسْرَعُ بِالْمَغْفِرَةِ".

36- روى البخاري في «صحيحه» (8/157) (6773) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [ح].

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَرَبَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ».

ورواه (6776) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (3/1330) (1706) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ»، قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ: أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ: «فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ».

قال: وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الحَارِثِ-، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ»، ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، قَالَ: «مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ الْخَمْرِ؟»، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ، قَالَ: «فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ».

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.

قال: وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرِ الرِّيفَ وَالْقُرَى.

قلت: عندما جمع البخاري بين رواية هشام وشعبة ساق لفظ هشام! واختصر الروايتين، وحذف منهما ما يتعلق بعهد عمر رضي الله عنه.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ في «سننه» (6/528): "رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ جَلَدَ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ». وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «ضَرَبَ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ»".

وترتيب مسلم لهذه الروايات أدق، حيث بدأ برواية شعبة، ثم ثنّى برواية هشام، لكن البخاري جمعهما على اختلاف يسير بينهما مع الاختصار!

ورواية آدم التي اختصرها البخاري رواها البيهقي في «السنن الكبرى» (8/553) (17534) من طريق جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيّ، قال: حدثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قال: حدثنا شُعْبَةُ، قال: حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فَضَرَبَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَفَعَلَ».

ورواه أيضاً همام عن قتادة.

رواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/275) (2894) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَجُلًا رُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَكِرَ، فَأَمَرَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَضَرَبُوهُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ»، ثُمَّ رُفِعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ قَدْ سَكِرَ فَجَلَدَهُ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ وَأَدْمَنَ النَّاسَ فِي الْخَمْرِ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «أَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ». وَانْقَطَعَ عَلَى أَبِي يَعْلَى حَرْفٌ أَحْسِبُهُ قَالَ: «ثَمَانِينَ».

·       حديث معلّق لإبراهيم بن طهمان عن شعبة!

وقال البخاري في «صحيحه» (7/109) (5610): وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، وَأَمَّا البَاطِنَانِ: فَنَهَرَانِ فِي الجَنَّةِ، فَأُتِيتُ بِثَلاَثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ».

قَالَ هِشَامٌ، وَسَعِيدٌ، وَهَمَّامٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الأَنْهَارِ نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا: «ثَلاَثَةَ أَقْدَاحٍ».

وحديث إبراهيم بن طهمان رواه أبو عوانة في «مستخرجه» (5/138) (8134) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، به.

ورواه عنه الطبراني في «المعجم الصغير» (2/264) (1139)، وقال: "لَمْ يَرْوِهِ عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ".

وروى الحاكم في «المستدرك» (1/154) (271) حديث عَبْدالرَّزَّاقِ، قال: أَنْبَأَنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَتْ لِي سِدْرَةٌ مُنْتَهَاهَا فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيلِ، يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: أَمَا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ. وَلَهُ شَاهِدٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

ثم ساقه (272) عن أَبي عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّد بْن يَعْقُوبَ الْحَافِظ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَنَسٍ الْقُرَشِيُّ، قال: حدثنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ، قال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: قُلْتُ لِشَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللَّهِ: لِمَ لَمْ يُخَرِّجَا هَذَا الْحَدِيثَ؟ قَالَ: "لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ".

قَالَ الْحَاكِمُ: "ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا الْأَحْرُفُ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ غَيْرُ هَذِهِ، وَلِيَعْلَمْ طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ قَدْ سَمِعَ أَنَسٌ بَعْضَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْضَهُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَبَعْضَهُ مِنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ غَيْرُ هَذِهِ، وَبَعْضَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".

قلت: الحديث تفرد به إبراهيم بن طهمان عن شعبة! ولهذا علّقه البخاري، وأشار إلى أن المحفوظ من حديث قتادة كما يرويه هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وهمام، عن قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة.

وقد رواه البخاري (4/109) (3207) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ [ح].

وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ، وَاليَقْظَانِ - وَذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وَفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى، وَيَحْيَى فَقَالاَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ: قَالَ: يَا رَبِّ هَذَا الغُلاَمُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي، فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ مَنْ مَعَكَ؟ قِيلَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَرُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا، كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاَةً، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلاَةً، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَسَلْهُ، فَرَجَعْتُ، فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى، فَقَالَ: مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْسًا، فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ مِثْلَهُ، قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَجْزِي الحَسَنَةَ عَشْرًا».

قال البخاري: "وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَيْتِ المَعْمُورِ".

ورواه أيضاً (5/52) (3887) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، به.

ورواه (4/152) (3393) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ».

قال البخاري: "تَابَعَهُ ثَابِتٌ، وَعَبَّادُ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ورواه أيضاً (4/163) (3430) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ».

ورواه أيضاً (6/178) (4964) قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ».

ورواه (8/120) (6581) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ح].

وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ، الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ - أَوْ طِيبُهُ - مِسْكٌ أَذْفَرُ» - شَكَّ هُدْبَةُ.

وقد رواه مسلم في «صحيحه» (1/149) (164) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، لَعَلَّهُ قَالَ: عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، فذكر حديث الإسراء الطويل.

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/167) (3157) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِي رَأَيْتُ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.

قال الترمذي: "وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهَمَّامٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ بِطُولِهِ، وَهَذَا عِنْدِي مُخْتَصَرٌ مِنْ ذَاكَ".

ورواه أيضاً (5/299) (3346) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَاليَقْظَانِ، إِذْ سَمِعْتُ قَائِلاً يَقُولُ: أَحَدٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مَاءُ زَمْزَمَ، فَشَرَحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا.

قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: مَا يَعْنِي؟، قَالَ: إِلَى أَسْفَلِ بَطْنِي، فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي، فَغُسِلَ قَلْبِي بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ، ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً وَفِي الحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَفِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ".

ورواه عبدالرزاق في «تفسيره» (3/250) (3031) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 14]: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رُفِعَتْ لِي سِدْرَةٌ مُنْتَهَاهَا فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَوَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، قَالَ: قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا النَّهْرَانِ الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ».

وروى عَبْدُالرَّزَّاقِ في «تفسيره» (3/466) (3715) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: «{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} [الكوثر: 1]: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ. أَوْ قَالَ النَّبِيُّ: رَأَيْتُ نَهَرًا فِي الْجَنَّةَ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ؛ قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أعطاك الله».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/306) (3359) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ثم رواه (5/306) (3360) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذْ عُرِضَ لِي نَهْرٌ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، قُلْتُ لِلْمَلَكِ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى طِينَةٍ فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا، ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَرَأَيْتُ عِنْدَهَا نُورًا عَظِيمًا.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَنَسٍ".

·       لفظ زائد في حديث الإسراء، وهو منكر!

وروى عَبْدُالرَّزَّاقِ أيضاً في «تفسيره» (2/288) (1533) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مُسْرَجًا مُلْجَمًا لِيَرْكَبَهُ فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ فَوَاللَّهِ مَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ فَارْفَضَّ عَرْقُهُ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/152) (3131) من طريق عبدالرزاق، ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَلاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّزَّاقِ".

وقال البزار: "هَذا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاه عَن قَتادة، عَن أَنَس بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرَ مَعْمَر".

وصححه ابن حبان في «صحيحه» (1/235) (46).

ورواه الضياء في «المختارة» (7/25) من طريق مُعَلَّى بْنِ مَهْدِيٍّ، قال: حدثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ جِبْرِيلُ مَا رَكِبَكَ آدَمِيٌّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ فَارْفَضَّ عَرَقًا».

قلت: العَبَّاس بن الفضل الأَنْصارِيّ، الواقفي، أَبُو الفضل البَصْرِيّ، نزيل الموصل: منكر الحديث، متروك.

ورواه البزار في «مسنده» (13/404) (7113) قال: حَدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ومُحَمد بْنُ عَبْدِالرحيم صاعقة، قالا، حَدَّثنا أَبُو المنذر إسماعيل بن عُمَر، قال: حَدَّثنا سَعِيدٌ، به.

قال البزار: "وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَرْوِيهِ سَعِيدٌ، عَن قَتادة، عَن أَنَس، عَن مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَر عنده مختصر".

قلت: إِسْمَاعِيل بن عُمَر الواسطي، أَبُو المنذر نزيل بغداد: ثقة.

ورواه القطيعي في «جزء الألف دينار» (296) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، به.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ: سَأَلَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: "لَمْ نَسْمَعْ فَارْفَضَّ عَرَقًا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ".

قلت: سَعِيد بن أَوْس بن ثَابِت، أبو زَيْد الأَنْصارِيّ، النحوي، البَصْرِيّ: صدوق.

فالحديث رواه معمر، وسعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، عن أنس.

ورواه ابْنُ إسْحَاقَ قال: وَحُدّثْت عَنْ قَتَادَةَ أَنّهُ قَالَ: حُدّثْت أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمّا دَنَوْت مِنْهُ لِأَرْكَبَهُ شَمَسَ فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، ثُمّ قَالَ: أَلَا تَسْتَحِي يَا بُرَاقُ مِمّا تَصْنَعُ! فَوَاَللهِ مَا رَكِبَك عَبْدٌ لِلّهِ قَبْلَ مُحَمّدٍ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْهُ. قَالَ: فَاسْتَحْيَا حَتّى ارْفَضّ عَرَقًا، ثُمّ قَرّ حَتّى رَكِبْته». [سيرة ابن هشام: (1/398)].

قال ابن حجر في «الفتح» (7/207): "وَذكر ابن إِسْحَاقَ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّهُ لَمَّا شَمَسَ وَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ أَمَا تَسْتَحِي، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا".

قلت: كان قتادة يرسله! وكان أحياناً يُحدّث به عن أنس! فالظاهر أنه كان يُدلّسه! وهو لفظ منكر لا يوجد في حديث الإسراء الطويل المعروف المشهور!

فهذه (36) حديثاً أخرجها البخاري من حديث شعبة، عن قتادة، عن أنس، وكلها محفوظة ذكر فيها قتادة سماعها من أنس.

وكان شعبة يسأل قتادة عن سماعه في بعضها إذا لم يذكر السماع، وحرص البخاري مع أن شعبة قد تكفل بأن هذه الأحاديث التي يُحدّث بها عن قتادة إنما سمعها من أنس حرص على الإتيان بالروايات التي فيها السماع، وإن لم يكن، فيأتي بروايات أخرى عن قتادة من رواية أصحابه عنه فيعلقها، أو يروي شواهد هذا الحديث.

·       الأحاديث التي أخرجها البخاري عن قتادة عن أنس من غير طريق شعبة:

وقد روى البخاري أحاديث عن قتادة لكن من غير طريق شعبة! فهل روى شعبة هذه الأحاديث؟ فإذا كان كذلك، فلم لم يخرجها البخاري من طريقه، وأخرجها من طرق أخرى ليست عن شعبة؟

والأحاديث التي رواها البخاري عن قتادة من غير طريق شعبة هي:

1- روى البخاري في «صحيحه» (1/17) (44) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ».

قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: قَالَ أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ إِيمَانٍ» مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ».

قلت: علّق البخاري رواية أبان عن قتادة لذكره سماعه من أنس.

قال ابن حجر في «الفتح» (1/104): "(قَوْلُهُ: قَالَ أَبَانُ): هُوَ ابن يَزِيدَ الْعَطَّارُ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ لَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفَائِدَة إِيرَاد الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: تَصْرِيحُ قَتَادَةَ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ عَنْ أَنَسٍ، ثَانِيَتُهُمَا: تَعْبِيرُهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ «مِنْ إِيمَانٍ» بَدَلَ قَوْلِهِ: «مِنْ خَيْرٍ»، فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالخَيْرِ هُنَا: الْإِيمَانُ، فَإِنْ قِيلَ: عَلَى الْأُولَى لِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِطَرِيقِ أَبَانَ السَّالِمَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ وَيَسُوقُهَا مَوْصُولَةً؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ أَبَانَ - وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا -، لَكِنَّ هِشَام أَتْقَنُ مِنْهُ وَأَضْبَطُ، فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ".

والحديث رواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/469) (2078) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال أبو داود: "قَالَ هِشَامٌ: ذَرَّةً «وَقَالَ شُعْبَةُ» ذُرَةً".

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/182) (193) قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهِشَامٌ صَاحِبُ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ح]. وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، فذكره.

زَادَ ابْنُ مِنْهَالٍ فِي رِوَايَتِهِ: "قَالَ: يَزِيدُ، فَلَقِيتُ شُعْبَةَ فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا بِهِ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ جَعَلَ مَكَانَ الذَّرَّةِ ذُرَةً، قَالَ يَزِيدُ: صَحَّفَ فِيهَا أَبُو بِسْطَامَ".

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/292) (2593) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً». وقَالَ شُعْبَةُ: «مَا يَزِنُ ذُرَةً» مُخَفَّفَةً.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قال البيهقي في «الاعتقاد» (ص: 194): "قَالَ هِشَامٌ: ذَرَّةً، وَقَالَ شُعْبَةُ: ذُرَةً".

ثم قَالَ: "رِوَايَةُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ أَصَحُّ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ".

و«ذَرَّةٌ» بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ، وَصَحَّفَهَا شُعْبَةُ فَقَالَ: «ذُرَةٌ» بِالضَّمِّ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ.

قال ابن حجر: "وكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُهَا مِنَ الْحُبُوبِ فَنَاسَبَتِ الشَّعِيرَةَ وَالْبُرَّةَ".

قلت: فهذا الحديث رواه شعبة عن قتادة عن أنس، لكن لم يُخرّجه البخاري، ولعله لم يخرجه؛ لأن شعبة صحّف فيه هذه اللفظة، والله أعلم.

وهذا الحديث جزء من حديث الشفاعة الطويل:

رواه البخاري في «صحيحه» (9/121) (7410) قال: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجْمَعُ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكَ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعْ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنَ الخَيْرِ ذَرَّةً».

ورواه أيضاً (8/116) (6565) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّنَا. فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، وَيَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ، ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ لِي: ارْفَعْ رَأْسَكَ: سَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ». وَكَانَ قَتَادَةُ، يَقُولُ عِنْدَ هَذَا: «أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ».

ورواه أيضاً (9/148) (7516) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُجْمَعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ المَلاَئِكَةَ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ».

ورواه (6/17) (4476) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ح].

وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِي، ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِي، فَيَقُولُ: ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي مِنْ رَبِّهِ، فَيَقُولُ: ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ».

قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: "إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة:162]".

وقال في موضع آخر (9/131) (7440): وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  «يُحْبَسُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ: فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، قَالَ: وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ: سُؤَالَهُ رَبَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ كَذَبَهُنَّ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى: عَبْدًا آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ، وَكَلَّمَهُ، وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا، قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ النَّفْسَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَرُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، قَالَ: فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، فَيَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، - قَالَ قَتَادَةُ: وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا يَقُولُ: فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - ثُمَّ أَعُودُ الثَّانِيَةَ: فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ».

قَالَ قَتَادَةُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ: فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يَقُولُ ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، قَالَ: فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأُثْنِي عَلَى رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، قَالَ: ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ».

قَالَ قَتَادَةُ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «فَأَخْرُجُ فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ - حَتَّى مَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ، قَالَ: ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: وَهَذَا المَقَامُ المَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

قال الحافظ في «الفتح» (13/429): "هُنَا (وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) كَذَا عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ فَقَالَ فِيهَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ".

ورواه أحمد في «مسنده» (21/185) (13562) عن عَفَّان. وابن أبي عاصم في «السنة» (2/374) (804) عن هُدْبَة بْن خَالِدٍ. كلاهما عن هَمَّام، عن قَتَادَة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به، بطوله.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/180) (193) قال: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي كَامِلٍ - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به، بطوله.

قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ بِذَلِكَ» - أَوْ يُلْهَمُونَ ذَلِكَ - بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: "ثُمَّ آتِيهِ الرَّابِعَةَ - أَوْ أَعُودُ الرَّابِعَةَ - فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ".

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجْمَعُ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ» بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا، وَذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ: "فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ".

ورواه النسائي في «السنن الكبرى» (10/231) (11369) قال: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، به، بطوله.

وروى البخاري أيضاً في «صحيحه» (8/115) (6559) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ: الجَهَنَّمِيِّينَ».

ورواه أيضاً (9/134) (7450) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَيُصِيبَنَّ أَقْوَامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ، بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقَالُ لَهُمُ الجَهَنَّمِيُّونَ».

وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

علّق رواية همام لذكره التحديث، وقد أسنده قبل.

ورواه ابن منده في «الإيمان» (2/832) (862) من طريق رَوْح بْنِ عُبَادَةَ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَن نَاسًا يُصِيبُهُمْ سَفْعٌ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، قَالَ قَتَادَةُ: حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: «فَإِذَا أَبْصَرَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ قَالُوا: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ». وَذَكَرَ الحَدِيثَ.

فالحديث رواه البخاري مطولاً ومختصراً في مواضع من «صحيحه» عن جماعة من أصحاب قتادة، وقد ثبت سماع قتادة له من أنس.

ولم يروه البخاري عن شعبة، وقد ثبت أن شعبة روى بعضه، لكن لا ندري هل كان عنده الحديث كاملاً أم لا؟ وربما لم يخرجه البخاري لتصحيفه لفظة فيه "قَالَ شُعْبَةُ: ذُرَةً"، وقال غيره: "ذَرَّةً". والله أعلم.

2- روى البخاري في «صحيحه» (1/37) (128) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: «إِذًا يَتَّكِلُوا» وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.

ورواه أيضاً (7/170) (5967)، و(8/105) (6500) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ».

ورواه أيضاً (8/60) (6267) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ ثَلاَثًا: «هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ» قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ".

قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، بِهَذَا.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/58) (30) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، بنحوه.

ورواه أيضاً (32): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قال: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِك، بنحوه.

قال ابن منده في «الإيمان» (1/234): "رَوَاهُ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، فَخَالَفَ لَفْظَ حَدِيثِ هِشَامٍ وَهَمَّامٍ".

ثم ساقه من طريق أَبي دَاوُدَ الطيالسي، وعُثْمَان بْن عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَا: حدثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ».

قال ابن منده: "رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ. وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ".

ثم ساقه من طريق النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وغُنْدَر جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا.

ثم روى من طريق مُحَمَّد بْن بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ».

قَالَ شُعْبَةَ: "لَمْ أَسْأَلْ قَتَادَةَ أَسَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ؟".

وَقَالَ هَمَّامٌ: "عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ".

قال ابن منده: "وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ".

قلت: رواه شعبة عن قتادة عن أنس لكن مختصراً خالف فيه بقية الرواة عن قتادة، وكذلك قال بأنه لم يسأل قتادة: هل سمعه من أنس؟!

وهذا يُضاف إلى حديث «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» الذي جاء فيه عن شعبة قال: "لَمْ أُدَاهِنْ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ قَتَادَةُ، قَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَرِهْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلِيَّ مِنْ جَوْدَةِ الْحَدِيثِ".

وكأنه بسبب مخالفة شعبة لغيره لم يخرجه البخاري، والله أعلم.

وقد ثبت سماع قتادة له من أنس من عدة طرق ولذا خرّجه البخاري في عدة مواضع.

3- روى البخاري في «صحيحه» (1/62) (268) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ، مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ» قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ أَوَكَانَ يُطِيقُهُ؟ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ «أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ».

وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، إِنَّ أَنَسًا، حَدَّثَهُمْ «تِسْعُ نِسْوَةٍ».

ورواه أيضاً (1/65) (284)، و(7/34) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ».

ورواه (7/3) (5068) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ».

وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال ابن حجر في «الفتح» (9/114): "وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ إِلَخْ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ تَصْرِيحِ قَتَادَةَ بِتَحْدِيثِ أَنَسٍ لَهُ بِذَلِكَ".

قلت: قد ثبت سماع قتادة لهذا الحديث من أنس، ولم أجده عن شعبة عن قتادة، واتفاق هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عليه يؤيد كلام البَرْدِيجي المتقدم.

ورواه عَبْدُالرَّزَّاقِ في «مصنفه» (1/275) (1061) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ».

ورواه الترمذي من طريق معمر، ثم قال: "حسن صحيح".

ورواه أبو نُعيم في «تاريخ أصبهان» (2/161) من طريق قُرَّة بْن خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ».

4- روى البخاري في «صحيحه» (1/100) (465)، و(4/207) (3639) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ».

ورواه أيضاً (5/36) (3805) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا».

قال البخاري: "وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، إِنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، وَرَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ. وَقَالَ حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قلت: خرّجه البخاري لثبوت سماع قتادة له من أنس كما في رواية هشام، وتابعه عليه همام، ولم يكتف بذلك، بل أشار إلى رواية ثابت له عن أنس، وإن كانت هذه الروايات ليست على شرطه، ولهذا علّقها.

قال ابن رجب في «فتح الباري» (3/368): "وهاتان الروايتان المعلقتان ليستا على شرطه؛ لأن روايات معمر عن ثابت رديئة - قاله ابن معين وابن المديني وغيرهما؛ فلذلك لا يُخرج البخاري منها شيئا، وحماد بن سلمة لم يخرج له شيئا استقلالا".

قلت: ورواية همام عن قتادة ترد على البزار في قوله - بعد أن روى رواية هشام الدستوائي- في «مسنده» (13/433): "وهَذَا الحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَن قَتادة غَيْرَ هشام".

5- روى البخاري في «صحيحه» (1/119) (575) قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، حَدَّثَهُ: «أَنَّهُمْ تَسَحَّرُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ - يَعْنِي آيَةً».

قال (576): حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ: سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ: «تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَصَلَّى»، قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ فَرَاغِهِمَا مِنْ سَحُورِهِمَا وَدُخُولِهِمَا فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: «قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً».

ورواه (2/51) (1134) قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، به.

ورواه أيضاً (3/29) (1921) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ " قَالَ: «قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً».

ورواه الترمذي في «جامعه» (2/76) (703) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، مثله.

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، بِنَحْوِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: قَدْرُ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً.

قال الترمذي: "حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: فهذا الحديث رواه عن قتادة: همام، وهشام، وسعيد، وفيه ما يدلّ على سماع قتادة له من أنس بسؤاله له: قلت - أي لأنس- وسؤاله عن المقدار بين الأذان والسحور، فاجتمع هؤلاء الثقات الثلاثة مع قرينة السماع هذه، ولهذا أخرجه البخاري. ولم أجده عن شعبة!

ورواه مسلم في «صحيحه» (2/771) (1097) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ» قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: خَمْسِينَ آيَةً.

وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ [ح]. وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

5- روى البخاري في «صحيحه» (1/122) (597) قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]».

قَالَ مُوسَى: قَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعْدُ: «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ للذِّكْرَى».

قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: وَقَالَ حَبَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ.

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (1/477) (684) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» قَالَ قَتَادَةُ: و{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قال: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي} [طه: 14].

ورواه الترمذي في «جامعه» (1/245) (178) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال الترمذي: "حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: رواه البخاري من حديث همام عن قتادة، وعلّق رواية حبّان لأنه ذكر فيها سماع قتادة من أنس. والحديث رواه جماعة عن قتادة عن أنس.

قال ابن رجب في «فتح الباري» (5/130): "هذا الحديث قد رواه جماعة عن همام، وجماعة عن قتادة. وقد خرّجه مسلم من طريق همام، وأبي عوانة، وسعيد والمثنى، كلهم عن قتادة، عن أنس، وليس في رواية أحد منهم: التصريح بقول قتادة: «حدثنا أنس»، كما ذكر البخاري أن حَبَّاناً رواه عن همام. وإنما احتاج إلى ذلك؛ لما عرف من تدليس قتادة".

قلت: وقد رواه شعبة أيضاً عن قتادة.

رواه أحمد في «مسنده» (21/413) (14007) عن مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (1/561) (2095) من طريق بَكْرِ بْنِ بَكَّارٍ.

وابن حبان في «صحيحه» (4/423) (1556) من طريق أَبي دَاوُدَ الطيالسي.

ثلاثتهم عن شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَإِنَّ كَفَّارَتَهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

ورواية شعبة هذه موافقة لرواية سعيد حيث زادا على الآخرين قوله: «أو نام عنها»! فلعل البخاري أعرض عن رواية سعيد وشعبة بسبب ذلك، والله أعلم.

6- روى البخاري في «صحيحه» (1/143) (709) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ»

ورواه أيضاً (710) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ، فَأُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ».

وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.

قال ابن رجب في «فتح الباري» (6/237): "وقد ساقه عَن سَعِيد بن أَبِي عروبة، عَن قتادة، عَن أَنَس من طريقين، ليس فيهما تصريح قتادة بالسماع لَهُ من أَنَس، وكان قتادة مدلساً، فلذلك ذكر أن موسى - وَهُوَ: ابن إِسْمَاعِيل - رواه عَن أبان - وَهُوَ: العطار -، عَن قتادة، فصرح بسماعة من أَنَس. وخرجه الإسماعيلي فِي «صحيحه» من طرق، عَن سَعِيد، عَن قتادة، وفي سياق حدثيه: أن أَنَس بن مَالِك حدثه، ولم يبين لفظ من هُوَ من الرواة، ويبعد أن يكون لفظ جميعهم".

وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (2/203): "والمرادُ بِهَذَا بَيَانُ سَمَاعِ قَتَادَةَ لَهُ مِنْ أَنَسٍ، وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا السَّرَّاجُ عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بن جرير، وابن الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/343) (470) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ».

ولم أجد هذا الحديث من طريق شعبة!

6- روى البخاري في «صحيحه» (1/150) (750) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».

قلت: رواه عن سعيد ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ جماعة، منهم: يَحْيَى الْقَطَّانَ، وعبدالأعلى، ومحمد بْن أَبِي عَدِيّ، وَمُحَمَّدُ بْن بِشْرٍ، وَمُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ، وَعَبْدُالْوَهَّابِ الخفّاف، ويَزِيدُ بْن زُرَيْعٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ.

ورواه عن قتادة أيضاً: همّام، وسَعِيدُ بنُ بَشِيرٍ، وأَبَانُ الْعَطَّارُ.

واكتفى البخاري بحديث سعيد ابن أبي عروبة لما جاء فيه من ذكر سماع قتادة له من أنس.

ولم يروه شعبة.

·       تحريف شنيع في مطبوع مسند أبي يعلى!

وجاء في مطبوع «مسند أبي يعلى الموصلي» (5/464) (3191) قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، وَيَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ؟» فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارَهُمْ».

وهي كذلك في طبعة دار التأصيل، ودار القبلة لمسند أبي يعلى!!

وما جاء فيه هنا: «شعبة» تحريف! والصواب «سعيد»، فالحديث حديثه، وقد جاءت الأحاديث قبله من حديث خالد بن الحارث عن سعيد لا عن شعبة.

وجاء من حديثي يحيى وخالد عن سعيد على الصواب كما رواه البيهقي في «السنن الكبير» (2/401) (3536) من كريق مُحَمَّد بْنِ أَبي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيّ، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، به.

فالحديث حديث سعيد، ولا مدخل لشعبة فيه! وكان شعبة يُنكر هذا الحديث، وأن قتادة لم يسمعه من أنس.

·       إنكار شعبة لهذا الحديث!

قال عبدالله بن أحمد في «العلل» (3/222) (4966): حَدَّثَنِي ابْن خَلاد، قَالَ: سَمِعت يحيى يَقُول: "كَانَ شُعْبَة يُنكر حَدِيث قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا»! كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَكَانَ يُنْكِرُ حَدِيثَ: «مَا بَالَ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي الصَّلَاةِ»، نَرَى أَنَّهُ لم يسمعهُ، وَكَانَ أنكارهُ لِحَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَشَدَّ مِنْ هَذَا".

قلت: يعني يرى شعبة أن قتادة دلّسه عن أنس، ولم يسمعه منه!

وقد رواه مَعمر عن قتادة مرسلاً!

رواه عبدالرزاق في «مصنفه» (2/253) (3259) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى اشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ»، ثُمَّ قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَيَخْطِفَنَّ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ»، مرسلاً.

وقال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (2/184) (302): وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَروبة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاتِهِمْ؟! لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَ أَبْصَارُهُمْ».

وَرَوَاهُ أَبَانٌ العَطَّار، عَنْ قتادة؛ أنه بلغَه أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ... مُرسَل؟

قَالَ أَبي: "ابنُ أَبِي عَروبة أحفَظُ، وقتادةُ، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أصَحُّ؛ كَذَا رَوَاهُ عمرانُ القَطَّانُ أَيْضًا".

قلت: هنا ذكروا اختلافاً آخر على قتادة وهذه الرواية موافقة لرواية معمر المرسلة، ويبدو أنه كان يختلف على أبان فيه أيضاً، فقد رواه أحمد في «مسنده» (21/267) (13710) قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، متصلاً.

والذي أراه أن قتادة دلّسه للاختلاف عليه فيه، ورواية معمر عنه أضبط لسماعه منه قديماً، وشعبة كان يتتبع قتادة فيما سمعه من أنس وفيما لم يسمعه، وقد أنكر أن يكون قتادة سمعه من أنس = يعني دلّسه.

وإيراد أبي حاتم لرواية عمران القطان عن قتادة يعني أنه تابع ابن أبي عروبة فيه! وهذا لا فائدة منه؛ لأن المشكلة ليست في سعيد ابن أبي عروبة، بل تابعه عليه كما قدمناه: همّام، وسَعِيدُ بنُ بَشِيرٍ.

وقتادة معروف بالتدليس؛ وذلك أنه كان يسمع من كلّ أحد ويرويه.

ففي هذه الأحاديث التي لم يسمعها قتادة من أنس، وهو قد سمع منه أحاديث، يُحتمل أنه سمعها ممن كان يروي عن أنس من الهلكى والمتروكين كيزيد الرقاشي كما أشرنا من قبل، وأبان ابن أبي عيّاش الزاهد البصري، وهو أحد الضعفاء، وهو تابعي صغير، يحمل عن أنس وغيره. وكان سمع من أنس، لكنه لسوء حفظه وخلطه تركوه!

روى هشام بن عمار قال: قال لي سويد بن عبدالعزيز: قال لي شعبة: "تأخذ عن أبي الزبير، وهو لا يُحسن يصلي! وتأخذ عن أبان بن أبي عياش، وإنما كان قتادة يروي عن أنس مائتي حديث، وهو يروي ألف حديث؟"! قال: "ثم ذهب هو فأخذ عنهم".

وقيل لأبي زُرعة: أبان بن أبي عياش، كان يتعمد الكذب؟ قال: "أما تعمد الكذب فلا، ولكنه واهٍ بمرة، كان يسمع الحديث عن أنس، وعن شهر بن حوشب، وعن الحسن، فلا يميز بينهما".

فلا يُستبعد أن بعض ما دلّسه قتادة عن أنس إنما أخذه من أبان وغيره، والله أعلم.

7- روى البخاري في «صحيحه» (2/29) (1015) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَحَطَ المَطَرُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَدَعَا فَمُطِرْنَا، فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، قَالَ: فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» قَالَ: "فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَتَقَطَّعُ يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُونَ وَلاَ يُمْطَرُ أَهْلُ المَدِينَةِ".

ورواه (8/74) (6342) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ وَمُطِرْنَا، حَتَّى مَا كَادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنَا. فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ المَدِينَةِ، وَلاَ يُمْطِرُ أَهْلَ المَدِينَةِ.

ورواه أيضاً (8/24) (6093) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ [ح].

وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ يَخْطُبُ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: قَحَطَ المَطَرُ، فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ. فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ، فَاسْتَسْقَى، فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ المَدِينَةِ، فَمَا زَالَتْ إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ، ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: غَرِقْنَا، فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا، فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ المَدِينَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا وَلاَ يُمْطِرُ مِنْهَا شَيْءٌ، يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ.

قال الحافظ في «الفتح» (2/517): "(قَوْلُهُ: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ".

ورواه أحمد في «مسنده» (21/283) (13743) قال: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، فِي تَفْسِيرِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلًا نَادَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فذكره.

وجاء ضمن هذا الحديث جزء آخر أفرده البخاري في مواضع أخرى من «صحيحه».

رواه (2/32) (1031) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ».

ورواه أيضاً (4/190) (3565) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ». وَقَالَ أَبُو مُوسَى «دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (2/612) (895) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُالْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ». غَيْرَ أَنَّ عَبْدَالْأَعْلَى، قَالَ: يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، أَوْ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.

وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ.

·       تفرد إبراهيم بن طهمان بحديث عن شعبة!

ورواه أبو نُعيم الأصبهاني في «تاريخ أصبهان» (1/178) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْفَضْلِ، قال: حدثنا أَبُو النُّعْمَانِ أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ هِشَامٍ الْمَدِينِيُّ، قال: حدثنا أَبِي، قال: حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، قال: حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُهُمَا حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ».

قلت: تفرد به إبراهيم بن طهمان عن شعبة! وهو غريب عن شعبة!

وإبراهيم بن طهمان ينفرد عن شعبة بأحاديث غريبة لا تُقبل! ولهذا يُعلّق البخاري حديثه عن شعبة في «صحيحه»! وقد أفردت لذلك بحثاً خاصاً بفضل الله تبين لي صحة عمل البخاري في تعليق حديثه عن شعبة.

فالحديث لم يروه شعبة عن قتادة عن أنس، وإنما رواه شعبة عن ثابت عن أنس.

رواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/529) (2160) قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ».

قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: "إِنَّمَا ذَاكَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ"، قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ".

والحديث معروف عن أنس، رواه عنه أيضاً حُميد الطويل، رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/475) من طريق حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سُئِلَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ شَكَا إلَيْهِ النَّاسُ ذَاتَ جُمُعَةٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَحَطَ الْمَطَرُ وَأَجْدَبَتِ الأَرْضُ وَهَلَكَ الْمَالُ، قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إبِطَيْهِ، وذكر الحديث.

8- روى البخاري في «صحيحه» (2/90) (1338) قال: حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ.

وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الكَافِرُ - أَوِ المُنَافِقُ - فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ».

ورواه أيضاً (2/98) (1374) قال: حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، به.

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/2200) (2870) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ، إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ» قَالَ: «يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا». قَالَ قَتَادَةُ: "وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرًا، إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ".

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا انْصَرَفُوا».

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالْوَهَّابِ - يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ-، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ»، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ.

قلت: هذا رواه سعيد بن أبي عروبة، وشيبان عن قتادة عن أنس، وصرّح بالتحديث في رواية شيبان.

ولم أجده من طريق شعبة.

·       تفرد أهل مصر بحديث عن قتادة لا يعرفه أصحابه!!!

9- روى البخاري في «صحيحه» (2/179) (1756) قال: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ، وَالعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البَيْتِ، فَطَافَ بِهِ».

قال البخاري: "تَابَعَهُ اللَّيْثُ، قال: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ورواه (2/180) (1764) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالمُتَعَالِ بْنُ طَالِبٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، أَنَّ قَتَادَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.

قلت: رحم الله البخاري، أول ما ينظر الناظر في هذا الحديث، ويرى الحديث المعلّق "عن سعيد عن قتادة" يظنّ أنه سعيد بن أبي عروبة صاحب قتادة والمُكثر من حديثه! لكنه ليس كذلك!! وسيأتي بيان من هو.

وهذا من الأحاديث المشكلة التي أخرجها البخاري في «صحيحه»!! فقد تفرد به عمرو بن الحارث المصري عن قتادة! ولم يروه أحد من أصحاب قتادة المعروفين الملازمين له! كسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة، وغيرهم!

وخرّجه البخاري لوجود ذكر التحديث بين قتادة وأنس! ودعم البخاري ذلك بتعليقه رواية الليث من طريق مصري آخر!

فكيف انفرد به أهل مصر وراويه بصري مشهور أصحابه من الأئمة الثقات؟!

قَالَ ابن خزيمة: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مصريٌ، لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ".

وقال الذهبي في «السير» (6/353): "هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مِنَ العَوَالِي".

قلت: في صحته نظر من وجوه:

الأول: تفرد به عبدالله بن وهب عن عمرو بن الحارث! والليث من أصحاب عمرو بن الحارث، فلم لم يروه عنه؟! ويرويه من طريق آخر مختلف!

الثاني: عمرو بن الحارث (ولد بين سنة 90 - 94هـ) لا شك أنه أدرك قتادة، لكن كيف ينفرد بحديثه هذا وهو مدني الأصل مصري الدَّار، عن إمام بصري مثل قتادة؟!

ولم يذكر البخاري في «التاريخ الكبير» (6/320) أنه سمع قتادة! قال: "عَمْرو بْن الحارث المَصْرِيّ: سَمِعَ زَيْد بْن أَبِي أنيسة، وعمارة بْن غزية، وعَنِ الزُّهْرِيّ، وبُكير بن الأشج، وأبيه. سمع منه: الليث، وابْن وهب، وقتادة، وعبداللَّه بْن أبي بكر، ومالك بن أنس...".

قلت: أثبت سماعه من زيد بن أبي أنيسة الجزري (ت119هـ أو 124 أو 125هـ) وهو من أقران عمرو بن الحارث، ولد سنة (91هـ).

ولا يستغرب سماع قتادة ممن هو أصغر منه وفي عِداد تلاميذه وتحديثه بما سمع منه - هذا إن صحّ أن قتادة سمع منه وروى عنه-! فهذا لا يستغرب فقد سمع قتادة من غيلان بن جرير وحدّث عنه، وغيلان توفي بعد قتادة بعشرين سنة!

لكن الذي يُستغرب أن ينفرد مثل عمرو بن الحارث عن قتادة بحديث لا يعرفه أصحابه!

وقد ذكر أبو الشيخ الأصبهاني في «ذكر الأقران» (ص: 48): «عمرو بن الحارث عن قتادة».

ثم ساق له هذا الحديث (140) قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا سليمان بن أيوب صاحب البصري، قال: حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن قَتَادة، عن أَنَس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم رقد رقدة بالمحصب ثم صلى الظهر».

ثم ذكر: «قتادة عن عمرو بن الحارث».

ثم ساق له (141) قال: أخبرنا أبو يعلى - إجازة -، قال: حدثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حدثني حَمَّادُ بنُ الْجَعْدِ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: قال عَمْرو بْنُ الحَارِثِ: أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ حَدَّثَهُ: «أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَذَكَرَ أَنَّهُ يُقْدَمُ لَهُ بِمَالٍ، فَأَخَذَ مَالًا كَثِيرًا فَاسْتَهْلَكَهُ، فَأُخِذَ الرَّجُلُ فَوُجِدَ لَا مَالَ لَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاعَ».

قال البيهقي في «السنن الكبرى» (6/83): "هَذَا مُنْقَطِعٌ".

قلت: حماد بن الجعد بصري من أصحاب قتادة لكن متفقٌ على ضعفه، بل قال ابن معين: "ليس بشيء" و"ليس بثقة"! وينفرد عن قتادة بالمناكير! لكن لا يُستبعد أنه ضبط هذا عن قتادة، ويؤيده ما قاله عبدالله بن أحمد في «العلل» (3/319) (5421) قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنِي «أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ رَجُلًا حُرًّا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ».

قُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: "حَدَّثَنِي بِهِ فَتًى كَانَ يَلْزَمُ الزُّهْرِيَّ".

فشعبة سأل قتادة عن هذا لما حدّث به ممن سمعه فقال إنه سمعه من فتى كان يلزم الزهري، وفي رواية حماد بن الجعد أنه "عمرو بن الحارث"، وعمرو من تلاميذ الزهري، وكان فتى صغيراً، والأثر عن يزيد بن أبي حبيب، وهو مصري مثل عمرو.

وهذا يؤكد أن قتادة سمع من عمرو بن الحارث، وروى عنه مثل هذه الفوائد، لكن تبقى المسألة في تفرد عمرو بن الحارث عن قتادة بهذا الحديث دون أصحابه الملازمين الأثبات الثقات، بل ولا يوجد عند أصحابه الضعفاء! ولا عند أهل البصرة!

الثاني: أن البخاري علّق له حديثاً عن قتادة وهو على شرطه! فلم لم يخرّجه بسنده؟

·       تعليق البخاري لعمرو بن الحارث!

روى البخاري في «صحيحه» (7/108) (5600) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ بْنَ البَيْضَاءِ، خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ، إِذْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا، وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الخَمْرَ».

قال البخاري: "وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَمِعَ أَنَسًا".

فعلّق البخاري روايته عن قتادة لما فيها من إثبات سماع قتادة هذا الحديث من أنس.

وهذا الحديث قد رواه بعض أصحاب قتادة المعروفين عنه، كما أخرج البخاري رواية هشام الدستوائي، لكن بسياق مختلف.

فقد رواه مسلم في «صحيحه» (3/1571) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ، فَقَالَ: «حَدَثَ خَبَرٌ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ»، فَأَكْفَأْنَاهَا يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَخَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَكَانَتْ عَامَّةُ خُمُورِهِمْ يَوْمَئِذٍ خَلِيطَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ».

وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، مِنْ مَزَادَةٍ فِيهَا خَلِيطُ بُسْرٍ، وَتَمْرٍ، بِنَحْوِ حَدِيثِ سَعِيدٍ.

وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّهْوُ، ثُمَّ يُشْرَبَ، وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ».

فالحديث وإن كان بنفس المعنى إلا أن يختلف عما رواه أصحاب قتادة. وهذا يدلّ على عدم ضبط عمرو لحديث قتادة، فكيف ينفرد بحديث عنه؟!

·       عمرو بن الحارث:

الثالث: أن عمرو بن الحارث وإن وثقه طائفة من أهل العلم كابن مَعِيْنٍ، وأَبي زُرْعَةَ، والعِجْلِيّ، وَالنَّسَائِيّ، إلا أن أحمد قد تكلّم في روايته عن قتادة خاصة!

قَالَ الأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ: "مَا فِي هَؤُلاَءِ المِصْرِيِّينَ أَثْبَتَ مِنَ اللَّيْثِ، لا عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَلاَ أَحَدٌ، وَقَدْ كَانَ عَمْرٌو عِنْدِي، ثُمَّ رَأَيْتُ لَهُ أَشْيَاءَ مَنَاكِيْرَ".

وقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أَحْمَدَ: "عَمْرُو بنُ الحَارِثِ حَملَ حملاً شَدِيْداً، يَرْوِي عَنْ قَتَادَةَ أَحَادِيْثَ يَضطرِبُ فِيْهَا، وَيُخْطِئُ".

فهذا الحديث الذي يتفرد به عن قتادة منكر!

الرابع: أن هذا الحديث ربما يرجع أصله إلى حديث سعيد بن أبي هلال! وهي الرواية التي علّقها البخاري من أجل إثبات سماع قتادة لهذا الحديث من أنس!

والحديث رواه عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كاتب اللَّيْث، وشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، كلاهما عن الليث بن سَعْد، قال: أَخْبَرَنَا خَالِدِ بنِ يَزِيدَ، عَن سَعِيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَن قَتادة بْنِ دُعَامَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم صَلَّى الظُّهَر وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِمِنًى، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ».

قال البزار في «مسنده» (13/455): "وَلَا نَعْلَمُ أَسْنَدَ سَعِيد بْنُ أَبِي هِلالٍ، عَن قَتادة، عَن أَنَس غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ".

وقال الطبراني في «المعجم الكبير» (8/321): "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ إِلَّا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، تَفَرَّدَ بِهِ: اللَّيْثُ، وَلَا يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا"!

وقد ذكر ابن حجر هذه الأقوال عند شرحه لحديث البخاري ولم يُعقّب عليها بشيء!

وهذا الحديث أيضاً ينفرد به المصريون عن قتادة! فكيف ينفرد أهل مصر (عمرو بن الحارث، وسعيد بن أبي هلال) بحديث عن قتادة دون أصحابه البصريين!

فلا بدّ أن يكون أصل واحد من هذين الطريقين ترجع للآخر!  فعمرو وسعيد مصريان، وأصلهما من المدينة، وعَمْرو بن الحَارِثِ (93 - 148هـ)، يروي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ (70 - 130هـ)، وهو شيخه، فالحديث حديث سعيد رواه عنه عمرو، فإما أن يكون أسقطه، أو وهم فيه ابن وهب! وابن وهب له بعض الأوهام في سعة حفظه وثقته! وهو يروي بعض الأحاديث عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال.

فيستحيل أن ينفرد اثنان من أهل المدينة بحديث عن قتادة البصري المشهور هناك! وبينهما علاقات خاصة مما يجعلنا أن نؤكد أن رواية عمرو ترجع لرواية سعيد.

ولما ذكر المزي في «تحفة الأشراف» (1/319) حديث سعيد عن قتادة، قال: "سعيد بن أبي هلال المصريُّ عن قتادة عن أنس في ترجمة عمرو بن الحارث عن قتادة عن أنس (ح 1318)".

·       سعيد بن أبي هلال:

ولم يذكر البخاري في «التاريخ الكبير» (3/519) (1736) سماع سعيد من قتادة! قال: "سَعِيد بْن أَبِي هلال الليثي المديني، عَنْ عزرة عَنِ الزُّهْرِيّ. روى عَنْهُ: الليث، وخَالِد بْن يزيد، وهشام بْن سَعْد...". [كذا فيه: عن عزرة عن الزهري! وأظنه تحريف! وأظن الصواب: عن زُرعة، وعن الزهري].

وسعيد بن أبي هلال الليثي، أبو العلاء المصري، أصله من المدينة. وهو صدوق.

قال ابن يونس عن ابن لهيعة: "ولد بمصر سنة سبعين، وتوفي سنة ثلاثين ومائة، وكان عالماً، وقد لقي أنس بن مالك، وروى عنه، وما في روايته عنه «سمعت أنساً»، وما أراه سمعه".

قلت: لم يثبت أنه سمع من أنس، وهو يروي بواسطة عن أنس، وقد روى الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، عدة أحاديث، فلعله أخذ هذه الأحاديث من يزيد عن أنس، ثم رواها عن أنس مباشرة قصداً أو خطأ! ويُحتمل أنه كان يخطئ في ذلك؛ لأنه يخلط في الحديث.

قال الأثرم: سمعت أبا عبدالله يقول: "سعيد بن أبي هلال، ما أدري أي شيء حديثه! يخلط في الأحاديث".

وقال أبو داود في «سؤالاته لأحمد» (254): سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: "سَعِيْد بن أَبِي هِلاَل، سمعوا منه بمصر القدماء. فخرج - زَعَمُوا إلى الْمَدِيْنَة، فجاءهم بعدل أو قَالَ بوسق كتب كُتبت عن الصغار، وعن كلّ! وكان الليث بن سَعْد سَمِعَ منه، ثم شك فِي بعضه، فجعل بينه وبين سَعِيْد: خالدًا".

وقال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (2/99): قَالَ أَبِي: سمعتُ أَبَا صالحٍ كاتبَ اللَّيْث قَالَ: قَالَ اللَّيْث بن سعد: "كان سعيد قرأ عليَّ هَذِهِ الأحاديثَ، فشَكَكْتُ فِي بعضِها، فأَعَدتُّهَا عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد".

وقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ رَضِيٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ فَطَالَ عَلَيْهِ فَضَجِرَ، فَقَالَ شُعْبَةُ: كُلُّهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، فَشَكَكْتُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَجِئْتُ إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ فَسَمِعْتُهَا كُلَّهَا مِنْهُ. [المعرفة والتاريخ: (1/121)].

وقال ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ قَالَ: "أَخَذْتُ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ كُتُبًا لَمْ أَعْرِضْهَا عَلَيْهِ، وَأَنَا أُحَدِّثُ بِهَا عَنْهُ". [المعرفة والتاريخ: (2/824)].

قلت: إشارة أحمد إلى أن أهل مصر سمعوا منه القدماء أي أن القدماء ممن سمع منه بمصر سمع منه حديث الذي ضبطه، ثم بعد ذلك خرج للمدينة وجاء بكتب كتبها عن كلّ أحد: الصغار وغيرهم، ومن هنا دخل حديثه ما دخل! فلعل حديثه عن قتادة مما جاء به من هناك!

على أن أبا زرعة كان يتوجّس من حديث خالد بن يزيد، وسعيد بن أبي هلال!

قال البرْذعي في «سؤالاته لأبي زرعة» (2/361): قال لي أبو زرعة: "خالد بن يزيد المصري، وسعيد بن أبي هلال صدوقان، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما".

قلت: يقصد غريب حديثهما! فيرويان غرائب! وحديث خالد بن يزيد هذا عن سعيد بن أبي هلال عن قتادة عن أنس منها.

وسعيد بن أبي هلال روايته عن قتادة نادرة جداً، لا يكاد يوجد له إلا هذا الحديث وحديث آخر! وله حديث يدخل بينه وبين قتادة آخر.

فقد روى عبدالله بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمرِو بنِ الحارثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلالٍ، عن عمرو بن عبدالله، عَنْ قتادةَ؛ قَالَ: "{أَصْحَابُ الأَيْكَةِ} - والأَيْكَةُ: الشَّجَرُ المُلْتَفُّ".

فهذا يرويه سعيد بن أبي هلال عن قتادة بواسطة، ويرويه عمرو عن سعيد = يعني بين عمرو وقتادة واسطتين، فكيف يروي عن قتادة مباشرة؟!

وقد روى ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ مسلم بن عبدالله الأعرج، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا يَقُومُ إِلَّا لِحَاجَةٍ».

·       وهم لابن حبان!

رواه ابن حبان في «صحيحه» (14/148) (6255) وقال: "مَا رَوَاهُ بَصَرِيُّ عَنْ قَتَادَةَ"!

وهذا الكلام فيه نظر! فقد رواه بعض أصحاب قتادة عنه.

رواه جماعة عن مُعَاذ بْنِ هِشَامٍ الدستوائي، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى يُصْبِحَ، لَا يَقُومُ فِيهَا إِلَّا إِلَى عُظْمِ صَلَاةٍ».

ورواه سَعِيدِ بْنِ بشيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّان، عن عبدالله بن عَمْرو. [علل الحديث لابن أبي حاتم (2/377)].

ورواه أَبُو هِلَالٍ الراسبيّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِهِ.

فجعله أبو هلال من مسند عمران بن حصين! ووهم فيه!

·       وهم للحاكم!

ووهم الحاكم فصحح حديث أبي هلال في «مستدركه» (2/411) (3432)، فرواه ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

قال البزار في «مسنده» (9/68): "وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِرِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَاخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ عَنْ قَتَادَةَ، فَقَالَ أَبُو هِلَالٍ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِشَامٌ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي هِلَالٍ".

قلت: أشار البزار وأبو حاتم الرازي أن عمرو بن الحارث جعله من «مسند عبدالله بن عمرو» كما في رواية ابن حبان، لكن جعله ابن عدي من «مسند عبدالله بن مسعود»! وتبعه على ذلك الذهبي!

·       وهم لابن عدي!

فقد أورد ابن عدي حديث أبي هلال في ترجمته من «الكامل» (9/269) ثم قال: "روى هذا الحديث عَمرو بن الحارث، عن قَتادَة، عن أبي حسان، عن عَبدالله بن مسعود، بدل عمران بن حصين"!

وتبعه الذهبي في «الميزان» (3/575) فقال: "رواه عمرو بن الحارث، عن قتادة، فأبدل عمران بابن مسعود".

قلت: وهم ابن عدي، وسقط عليه من إسناده «سعيد بن أبي هلال» فعمرو بن الحارث يرويه عنه لا عن قتادة مباشرة! وكأنه وقع عنده «عن عبدالله» فنسبه «ابن مسعود»؛ لأنه إذا أُطلق «عبدالله» في الأسانيد فهو «ابن مسعود».

فالحديث صحيح عن قتادة، لكن هل سمعه سعيد بن أبي هلال منه؟! لا ندري ذلك! فلا يعرف له عن قتادة إلا هذا الحديث والحديث السابق الذي علّقه البخاري! وروايته عن قتادة فيها نظر! والله أعلم.

والعجب من البخاري ركّز على مسألة أصحاب قتادة في تخريج حديثه في «صحيحه» فخالف ذلك وخرّج حديث عمرو بن الحارث الذي يتفرد به عن قتادة، ولا يعرفه أصحابه! وكذلك علّق حديث سعيد بن أبي هلال عن قتادة!

10- روى البخاري في «صحيحه» (3/3) (1778) قال: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «أَرْبَعٌ: عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ المُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الجِعِرَّانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ - أُرَاهُ - حُنَيْنٍ»، قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: «وَاحِدَةً».

ثم رواه (1779) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِالمَلِكِ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: «اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ رَدُّوهُ، وَمِنَ القَابِلِ عُمْرَةَ الحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ».

قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، وَقَالَ: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي اعْتَمَرَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَتَهُ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَمِنَ العَامِ المُقْبِلِ وَمِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.

ورواه (4/73) (3066) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا، أَخْبَرَهُ قَالَ: «اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ».

ورواه (5/122) (4148) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (2/916) (1253) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، أَوْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنْ جِعْرَانَةَ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ».

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: كَمْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: حَجَّةً وَاحِدَةً وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هَدَّابٍ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (2/172) (815م) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: كرر البخاري حديث همام بن يحيى لأنه لم يروه عن قتادة غيره! وأخرجه لأن فيه تصريح قتادة بسؤال أنس.

فهذا الحديث لم يروه عن قتادة إلا همام!

وقد أورد البخاري قبله حَدِيث عَائِشَة وابن عُمَرَ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعًا من طريق مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي المَسْجِدِ صَلاَةَ الضُّحَى، قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلاَتِهِمْ، فَقَالَ: «بِدْعَةٌ» ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَمُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ»!  فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ.

قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ فِي الحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ يَا أُمَّاهُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ؟ قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟: قَالَ: يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ»، قَالَتْ: «يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً، إِلَّا وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ».

11- روى البخاري في «صحيحه» (3/56) (2069) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ [ح].

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، قال: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ أَبُو اليَسَعِ البَصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ «رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ»، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعُ بُرٍّ، وَلاَ صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعَ نِسْوَةٍ».

ورواه (3/142) (2508) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا صَاعٌ، وَلاَ أَمْسَى وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (2/510) (1215) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. [ح]. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

وقد رواه شَيْبَانُ بن عبدالرحمن، عن قتادة، مثله.

ورواه أَبَانُ بن يزيد العطار، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فَأَجَابَهُ»، وفي رواية: «أَنَّ خَيَّاطًا دعا...».

ورواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/12) (2588) من طريق سَعِيد بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلَا صَاعًا مِنْ بُرٍّ» وَلَقَدْ أُوتِي بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ.

فهؤلاء أربعة: هِشَام الدَّسْتَوَائِي، وشَيْبَان، وأَبَان العطار، وسعيد بن بشير، رووه عن قَتَادَة، عن أنس. وأخرج البخاري رواية هشام لما فيها من قول قتادة: "ولقد سمعته" - يعني أنساً.

·       وهم للطبراني!

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (8/359) (8870) قال: حَدَّثَنَا مِقْدَامٌ، قال: حدثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَعَا رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ. قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ ذَاتَ مَرَّةٍ، يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ تَمْرٍ، وَلَا صَاعُ بُرٍّ»، وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ لِتِسْعِ نِسْوَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ دِرْعًا لَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ، أَخَذَ فِيهِ طَعَامًا، مَا وَجَدَ مَا يَفْتَكُّهَا بِهِ.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ شَيْبَانَ إِلَّا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَآدَمُ".

قلت: بل رواه أيضاً عن شيبان: حسن بن موسى الأشيب كما عند أحمد في «مسنده» (21/148) (13497)، وغيره.

12- روى البخاري في «صحيحه» (3/103) (2320) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. [ح].

وَحَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

قال البخاري: وَقَالَ لَنَا مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه أيضاً (8/10) (6012) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا، فَأَكَلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

قلت: أخرجه البخاري من حديث أَبي عَوَانَةَ الوضَّاح اليَشكريّ الواسطيّ عن قتادة بالعنعنة، ثم علّق رواية أبان لأن فيها سماع قتادة له من أنس.

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1189) (1553) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ، وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ نَخْلًا لِأُمِّ مُبَشِّرٍ، امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ؟ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟» قَالُوا: مُسْلِمٌ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/59) (1382) قال حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَة، به.

قال الترمذي: "حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه أيضاً القطيعي في «جزء الألف دينار» (146) من طريق سَعِيد بْن بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

13- روى البخاري في «صحيحه» (3/121) (2413) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ، فَاعْتَرَفَ، «فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ».

ورواه أيضاً (4/4) (2746) قال: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ، أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ، حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى اعْتَرَفَ، «فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ».

ورواه (9/4) (6876) قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

ورواه (9/6) (6884) قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا، أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِاليَهُودِيِّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالحِجَارَةِ». وَقَدْ قَالَ هَمَّامٌ: «بِحَجَرَيْنِ».

ورواه أيضاً (9/7) (6885) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ قَتَلَهَا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (3/1300) (1672) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكِ؟ فُلَانٌ؟ فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا، فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/67) (1394) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ، فَأَخَذَهَا يَهُودِيٌّ فَرَضَخَ رَأْسَهَا بِحَجَرٍ، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الحُلِيِّ، قَالَ: فَأُدْرِكَتْ وَبِهَا رَمَقٌ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَكِ، أَفُلاَنٌ؟، قَالَتْ بِرَأْسِهَا: لاَ، قَالَ: فَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا: نَعَمْ، قَالَ: فَأُخِذَ، فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: الحديث رواه همام عن قتادة مطولاً، وتابعه عليه أيضاُ أبانُ العطار مثله.

ورواه سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي عن قتادة مختصراً.

·       وهم في كتاب ابن حبان!

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (13/332) (5991) قال: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ شَابُورَ، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ: «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ، فَقَتَلَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم».

كذا جاء عند ابن حبان: «داود بن عبدالرحمن العطار»! وهو وهم! والصواب: «داود بن الزبرقان الرقاشي البصري».

قال الدارقطني في «العلل» (12/135) (2525): "اختلف فيه عَلَى شُعْبَةَ؛ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِاللَّهِ بن شَابور، هو الرَّقي، عن داود بن الزِّبْرِقان، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس.

وكذلك رُوي عن النضر، وعن داود، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس.

وشعبة إنما رواه عن هشام بن زيد، عن أنس".

قلت: شعبة لم يروه عن قتادة عن أنس! لم يروه عن شعبة إلا داود بن الزبرقان، وهو متروك الحديث. وإنما رواه شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ.

رواه البخاري في «صحيحه» (9/5) (6879) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ، فَجِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا رَمَقٌ، فَقَالَ: أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لاَ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لاَ، ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ نَعَمْ، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجَرَيْنِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1299) (1672) من طريق مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ، وخَالِد بْن الحَارِث، وعبدالله بن إِدْرِيسَ، ثلاثتهم عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.

ورواه حَجَّاج بن محمد المصيصيّ، والنضر بن شُميل، ويزيد بن هارون، ثلاثتهم عن شُعْبَة، به.

14- روى البخاري في «صحيحه» (3/163) (2615) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا».

وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

ورواه أيضاً (4/118) (3248) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1916) (2469) قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، به.

وقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قال: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ هَذَا، أَوْ بِمِثْلِهِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، قال: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْحَدِيثِ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُلَّةً فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ.

قلت: هذا الحديث رواه عن قتادة جماعة: شيبان، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وعمر بن عامر البصري قاضي البصرة.

15- روى البخاري في «صحيحه» (4/20) (2809) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ البَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ، وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي البُكَاءِ، قَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى».

قلت: أخرجه البخاري لذكر شيبان أن قتادة سمعه من أنس.

وقد رواه أيضاً: سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وأَبَانُ بْن يَزِيدَ العَطَّار، وأَبُو هِلَالٍ الراسبي، كلهم عن قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال البزار: "وهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ إلاَّ قَتَادَةُ، عَن أَنَس".

وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ".

16- روى البخاري في «صحيحه» (4/73) (3065) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحِيمِ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ».

تَابَعَهُ مُعَاذٌ، وَعَبْدُالأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه أيضاً (5/76) (3976) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ اليَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: «يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ».

قَالَ قَتَادَةُ: "أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ، قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2204) (2875) قال: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ. [ح].

وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا - وَفِي حَدِيثِ رَوْحٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا - مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَأُلْقُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/173) (1551) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلاَثًا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه أحمد في «مسنده» (19/455) (12471) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: وَحَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فذكره بطوله، وقول قتادة في آخره.

ورواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/22) (2625) قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ، قال: حدثَنَا أَبِي، قال: حدثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به، بطوله.

قلت: الحديث رواه سعيد، وشيبان، وسعيد بن بشير، وقد ثبت سماع قتادة له من أنس في بعض طرقه.

·       طعن يحيى القطان في هذا الحديث!

وقد نقل أبو داود في «سننه» (4/332) بعد أن رواه، قال: "كان يحيى بنُ سعيدٍ يطعُن في هذا الحديث؛ لأنه ليس من قديم حديث سعيدٍ؛ لأنه تغيَّر سنة خمسٍ وأربعينَ، ولم يُخرج هذا الحديثَ إلا بأخَرَةٍ"!

قال أبو داود: "يُقال: إن وكيعاً حَمل عنه في تغيُّره".

قلت: قال عبدالله بن أحمد: سمعت أَبِي يقول: "كان يَحْيَى بن سَعِيد يُوَقِّت فيمن سمع من سَعِيد بن أَبِي عَرُوبَة قبل الهزيمة، فسماعه صَالِح. والهزيمة كانت سنة خمس وأربعين ومئة".

وقد روى هذا الحديث عن سعيد: مُعَاذ بن معاذ العنبري، وَعَبْدُالأَعْلَى بن عبدالأعلى، ورَوْح بن عبادة.

وسماع روح منه كان قبل الهزيمة.

قال أبو عُبيد الآجري في «سؤالاته لأبي داود» (264): وسألت أبا دَاوُد عَن سماع رَوْحٍ من سَعيد؟ فَقَالَ: "سماعه قبل الهزيمة، كَذَا قَالَ روح".

ومما يدلّ على أن سماع سعيد لهذا الحديث من قديم سماعاته أن سعيد بن بشير رواه عن قتادة، وكان سعيد بن بشير قد سمع من قتادة قديماً مع سعيد بن أبي عروبة.

قَال عَبْدالرَّحْمَنِ بْن أَبي حاتم، عَن أَبِيهِ: قلت لأحمد بْن صَالِح: سَعِيد بْن بشير شامي دمشقي، كيف هذه الكثرة عَنْ قتادة؟ قال: "كَانَ أبوه بشير شَرِيكاً لأبي عَرُوبَة، فأقدم بشير ابنه سَعِيداً البصرة، فبقي بالبصرة يطلب الحديث مع سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة".

17- روى البخاري في «صحيحه» (4/73) (3064) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، وَعُصَيَّةُ، وَبَنُو لَحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمُ القُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لَحْيَانَ».

قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ: «أَنَّهُمْ قَرَءُوا بِهِمْ قُرْآنًا: أَلاَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا، بِأَنَّا قَدْ لَقِيَنَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا، ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ».

ورواه (5/105) (4089) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا، بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ».

ثم رواه (4090) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُالأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ، اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمْ القُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ». قَالَ أَنَسٌ: "فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ: بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا.

قال البخاري: وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لِحْيَانَ».

زَادَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ: «أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا كِتَابًا» نَحْوَهُ.

ورواه مسلم في «صحيحه» (1/469) (677) قال: حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قال: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا يَلْعَنُ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ».

وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قال: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ».

قلت: الحديث يرويه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مطولاً، وثبت فيه سماع قتادة له من أنس، ويرويه هشام الدستوائي وشعبة عن قتادة مختصراً.

18- روى البخاري في «صحيحه» (5/102) (4078) قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «مَا نَعْلَمُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ أَكْثَرَ شَهِيدًا أَعَزَّ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ».

قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّهُ قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ اليَمَامَةِ سَبْعُونَ، قَالَ: وَكَانَ بِئْرُ مَعُونَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَوْمُ اليَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ».

ورواه البيهقي في «دلائل النبوة» (3/276) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى، عن مُعَاذ بْنِ هِشَامٍ، به.

وقد تفرد به معاذ بن هشام عن أبيه! ولا يُعرف عن قتادة عن أنس إلا من روايته!

ورواه الآجري في كتاب «الشريعة» (4/1656) (1137) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: «يَا رَبِّ سَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ، وَقُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ سَبْعُونَ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، وَقُتِلَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى عَدَّ خَمْسة مَوَاطِنَ».

وابن جدعان هو: علي بن زيد، وهو ضعيف. وبعضهم تركه! ولعل رواية قتادة ترجع لهذه الرواية، أو لرواية سعيد بن المسيب الآتية، فقتادة كان يُدلّس عنه أحياناً.

وقد أخرجه البخاري لما فيه: "قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك"، لكن الإشكال في تفرد معاذ بهذا الحديث عن أبيه! فالله أعلم.

ورواه أبو عوانة في «مستخرجه» (4/325) (6849) عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّائِغ. والبيهقي في «دلائل النبوة» (3/277) من طريق حَنْبَل بن إِسْحَاقَ. كلاهما عن عَفَّان بْن مُسْلِمٍ.

ورواه الآجري في كتاب «الشريعة» (4/1656) (1138) عن مُوسَى بْن هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلُ بنُ طَلْحَةَ الجَحْدَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السامِي.

ثلاثتهم (عفان، وكامل، وإبراهيم) عن حَمَّاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «يَا رَبَّ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ: سَبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ».

وروى البيهقي في «دلائل النبوة» (3/277) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِاللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْخُزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ سَبْعُونَ، سَبْعُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ، وَيَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ سَبْعُونَ».

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: "وَحَدِيثُ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا خَطَأٌ! وَهَذَا المَعْرُوفُ". قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَحَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، مِثْلَهُ.

قال الحافظ في «الفتح» (7/376): "وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوُ حَدِيثِ قَتَادَةَ فِي عِدَّةِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَزَادَ: وَيَوْمُ مُؤْتَةَ سَبْعُونَ، وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَأَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي «الْإِكْلِيلِ» وَلَفْظُهُ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَا رَبَّ سَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ»، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ خَطَأٌ، ثُمَّ أَسْنَدَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَذَكَرَ بَدَلَ «يَوْمِ مُؤْتَةَ»: «يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ»، قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ. قُلْتُ: وَهِيَ وَقْعَةٌ بِالْعِرَاقِ كَانَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ».

·       وهم لابن حجر!

قلت: عزاه الحافظ لأحمد، ولم أجده فيه! فلعله توهم ذلك لأن الحديث رواه "حَنْبَل بن إِسْحَاقَ"، فبقي في ذهنه اسم "حنبل"، فظنّ أنه عند "أحمد بن حنبل"، والله أعلم.

19- روى البخاري في «صحيحه» (4/119) (3251) قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِالمُؤْمِنِ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا».

ورواه عبدالرزاق في «تفسيره» (3/277) (3129) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/253) (3293) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه أحمد في «مسنده» (20/399) (13155) قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، به.

ورواه أيضاً (19/126) (12070) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ، قال: حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قَالَ - يعني: سليم-: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ بِهِ.

·       رواية أبي بحر البكراوي عن شعبة منكرة!

وقد أشار البزار إلى أن شعبة رواه، فقال في «مسنده» (13/366): "وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَن قَتادة، عَن أَنَس، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم. ولاَ نعلمُ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ إلاَّ أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ".

قلت: أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ هو: عبدالرحمن بن عثمان من أهل البصرة، وهو منكر الحديث متروك!

20- روى البخاري في «صحيحه» (4/188) (3550) قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: هَلْ خَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ «لاَ إِنَّمَا كَانَ شَيْءٌ فِي صُدْغَيْهِ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1821) (2341) قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ».

وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

والحديث له طرق أخرى صحيحة عن محمد بن سيرين، وحُميد عن أنس.

21- روى البخاري في «صحيحه» (4/192) (3572) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ، وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ».

قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: «ثَلاَثَ مِائَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِ مِائَةٍ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/1783) (2279) قال: حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ - يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ-، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بِالزَّوْرَاءِ - قَالَ: وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ فِيمَا ثَمَّهْ - دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَجَعَلَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ».

قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ: «كَانُوا زُهَاءَ الثَّلَاثِمِائَةِ».

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالزَّوْرَاءِ فَأُتِيَ بِإِنَاءِ مَاءٍ لَا يَغْمُرُ أَصَابِعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا يُوَارِي أَصَابِعَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ.

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (5/276) (2895) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، به، مثل حديث هشام.

ورواه أيضاً (5/454) (3172) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالزَّوْرَاءِ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ لَا يَغْمُرُ أَصَابِعَهُ - أَوْ قَالَ: مَا يُوَارِي أَصَابِعَهُ - فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَوَضَّئُوا، وَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلْنَا نَرَى الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّأَ الْقَوْمُ». قُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ».

22- روى البخاري في «صحيحه» (5/9) (3675) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ».

ورواه (5/11) (3686) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. [ح].

وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، وَكَهْمَسُ بْنُ المِنْهَالِ، قَالاَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ».

ورواه أيضاً (5/15) (3699) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ، وَقَالَ: «اسْكُنْ أُحُدُ - أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ -، فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (6/65) (3697) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: أخرجه البخاري من حديث سعيد بن أبي عروبة، وأشار إلى وجود سماع قتادة له من أنس في بعض طرقه، ومن أجل ذلك أخرجه.

قال البزار في «مسنده» (13/397): "وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلَمُه يُروَى عَن أَنَس إلاَّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْهُ. وَرَواه عَن قَتادة: سَعِيدٌ وعمران القطان".

رواه ابن بطّة في «الإبانة الكبرى» (9/581) (148) قال: حدثني أبو صالح، قال: حدثنا أبو الأحوص، قال: حدثنا عبدالله بن رجاء قال: أخبرنا عمران القطان، عن قتادة، عن أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد حراء فرجف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اثبت حراء، فإن عليك نبياً، وصديقاً، وشهيدين، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان».

قلت: عِمْرَانُ بْنُ دَاوَرَ الْقَطَّانُ أَبُو الْعَوَّامِ البصريُّ ليس بشيء.

ورواه أحمد في «فضائل الصحابة» (1/438) (697) قال: حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، قال: حدثنا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: رَجَفَ أُحُدٌ، فَقَالَ: «اسْكُنْ حِرَاءَ عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ، الصِّدِّيقُ أَبُو بَكْرٍ، وَالشَّهِيدَانِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ».

قال الطبراني في «المعجم الأوسط» (6/338): "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَطَرٍ إِلَّا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ"!

قلت: داود بن الزبرقان متروك الحديث.

·       الاختلاف على قتادة فيه!

ورواه مَعمر عن قتادة، مرسلاً.

روى مَعمر بن راشد في «جامعه» [المطبوع مع «مصنف عبدالرزاق» (11/229) (20401) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: نَاشَدَ عُثْمَانُ النَّاسَ يَوْمًا فَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَأَنَا، فَارْتَجَّ أُحُدٌ وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اثْبُتْ أُحُدُ مَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيُّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ».

قَالَ مَعْمَرٌ: "وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ بِمِثْلِهِ".

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (3/176) (1601) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلًا، بِالْكُوفَةِ، شَهِدَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ قُتِلَ شَهِيدًا فَأَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ فَرَفَعُوهُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ، عَنْهُ وَقَالُوا: لَوْلَا أَنْ تَنْهَانَا - أَوْ نَهَيْتَنَا - أَنْ لَا نَقْتُلَ أَحَدًا لَقَتَلْنَاهُ. هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُتِلَ شَهِيدًا، فَقَالَ الرَّجُلُ لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ تَشْهَدُ. أَتَذْكُرُ أَنِّي أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، وَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي. وَأَتَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، وَأَتَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ لَا يُبَارَكُ لَكَ وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ، وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ، وَأَعْطَاكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ؟».

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/47) (32625) قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حمّاد بن أسامة، عَنْ هِشَام بن حسّان، عَنْ مُحَمَّد بن سيرين، قَالَ: ذَكَرَ رَجُلاَنِ عُثْمَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قُتِلَ شَهِيدًا، فَتَعَلَّقَ بِهِ الآخَرُ فَأَتَى بِهِ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قُتِلَ شَهِيدًا، قَالَ: قُلْتُ ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَعُثْمَان، فَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْت أَبَا بَكْرٍ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْت عُمَرَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْت عُثْمَانَ فَأَعْطَانِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي، قَالَ: وَمَا لَكَ لاَ يُبَارَكُ لَكَ وَقَدْ أَعْطَاك نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: دَعْهُ، دَعْهُ، دَعْهُ.

ورواه ابن عساكر في «تاريخه» (39/304) من طريق مُبارك بن فضالة، عن يونس بن عُبيد، عن محمّد بن سيرين، بنحوه.

·       تحريف «سعيد» إلى «شعبة»!!

ورواه القطيعي في «زوائده على فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل» (1/524) (869) عن أَبي بَكْرِ مُحَمَّد بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي البُورَانِيّ، عن مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاقَ الصاغانيّ قال: حدثنا رَوْحٌ، قال: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِرَاءً، أَوْ أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ الْجَبَلُ، فَقَالَ: «اثْبُتْ، نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ».

كذا وقع في مطبوع الكتاب «شعبة»! وكذا نقله بعضهم في بعض التخريجات والموسوعات! وهو محرّف! والصواب: «سعيد» وهو ابن أبي عروبة؛ لأن الحديث حديثه. وكذا وقع في بعض الكتب.

رواه أبو نُعيم الأصبهاني في «تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة» (153) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، قال: حدثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ.

وَحدثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْن الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حدثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبادة، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، به.

ورواه ابن عساكر في «تاريخه» (39/293) من طريق أبي سعيد الحسن بن محمد بن عبدالله بن حسنويه، قال: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن الحسن بن بندار المديني، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل الصايغ، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا سعيد، به.

ورواه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/341) (2902) قال: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ أَبُو عُمَرَ، قال: حدثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا عَلَى حِرَاءَ فَتَحَرَّكَ بِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اثْبُتْ حِرَاءُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ».

قلت: تبيّن من هذا أنه اختلف على قتادة فيه على وجوه:

فرواه سعيد بن أبي عروبة، وعمران القطان، عن قتادة، عن أنس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

ورواه دَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ مَطَرٍ، وَسَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه سُلَيْمَان التيّمي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبي غلاّب يُونُسَ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورواه هَمَّام بن يحيى العوْذيّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلًا، مرسلاً.

ورواه مَعمر، عن قتادة، مرسلاً.

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (6/436) (2649): وسألتُ أَبِي وأبا زرعة عَن حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَروبة، وعِمران القطَّان، عَن قَتادة، عَنْ أَنَسٍ: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان عَلَى أُحُدٍ فرَجَفَ بهم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اثْبُتْ حِرَاءُ؛ فَإِنَّ عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَان»؟

فقال أَبِي: "قد خالفهما سُلَيمان التَّيْمي؛ رواه ابنُه عَنْهُ، عَن قَتادة، عن أبي غَلاَّب، عن بعض أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".

قَالَ أَبِي: "هذا أشبهُ بالصَّواب، وإن كَانَ سعيد حافظًا، إلا أن يكونَ عند قَتادة الإسنادينِ جميعًا".

قَالَ أَبُو زرعة: "سعيدُ بْن أَبِي عَروبة أحفظُ من التَّيْمي".

قلتُ: فذاك الصَّحيحُ؟

قَالَ: "أجَلْ".

قلت: مال أبو حاتم إلى ترجيح رواية سليمان التيمي إلا إذا كان كلا الإسنادين عند قتادة! وقد تبيّن الاختلاف فيه على قتادة!

ورجّح أبو زرعة الرواية المتصلة عن قتادة عن أنس!

وكذا قال الدارقطني، فإنه سئل عن هذا الحديث في «العلل» (12/156) (2564)؟ فَقَالَ: "يَرْوِيهِ قَتَادَةُ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ سَعِيدُ بن أبي عروبة، ومطر الوراق، وعمران القطان، عن قتادة، عن أنس.

وكذلك قيل: عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، ولا يثبت عن شعبة.

ورواه معمر، عن قتادة، مرسلاً.

وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي غلاب، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْقَوْلُ قول ابن أبي عروبة، ومن تابعه عن أنس".

قلت: المتابعات لابن أبي عروبة لا شيء! فعمران وداود هلكى! وقد خالفه همام، وسليمان التيمي، ومعمر، فأرسلوه! فيُحتمل أن يكون قتادة أسنده عن أنس مع استبعادي لذلك؛ لأن روايته عن ابن سيرين تؤكد أنه لم يسنده عن أنس حتى لو أراد تدليسه! فالحديث لا يُروى أصلا عن أنس حتى من الضعفاء!

فالذي يظهر لي أن سعيد بن أبي عروبة سلك فيه الجادة: "قتادة عن أنس" فوهم فيه!

وقد يقول قائل: رواية سليمان عن قتادة عن أبي غلاب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مما يُقبل لأن جهالة الصحابي هنا لا تضر!

فأقول: جهالة الصحابي نعم لا تضر لكن ليس على إطلاقه! بل ذلك يحتاج لضوابط، وهنا حصل اختلاف على قتادة، فما أدرانا أن روايته هذه صحيحة أصلاً؟ فربما خلط فيها سيما وهو يروي الحديث على ألوان! وأقربها ما رواه عن ابن سيرين مرسلاً؛ لان هناك من تابعه عليها عن ابن سيرين.

ثم إن أبا غلاب وهو يونس بن جبير من ثقات التابعين فلم لم يذكر اسم هذا الصحابي؟ وهو قد سمع من أنس، ووصى أن يصلي عليه أنس إذا مات، ومات قبل أنس، فلو كان الحديث عن أنس، فلم يُفرط في عدم ذكره؟ ولو كان الحديث عن أنس، فربما وجدناه عند أصحابه الثقات! والله أعلم.

وقد روى عليّ بن المديني في «الأحاديث المعللات» (85) الحديث عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، ثم رواه عن عبدالرزاق بن همام، عن معمر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، ثم قال: "قال معمر: وسمعت قتادة يذكر ذلك، ولم يسنده معمر عن أنس، وإنما ذكرنا حديث قتادة هذا، وإن كان مرسلا؛ لأن حديث أبي حازم هذا حديث غريب".

ثم قال: "كنت أخاف أن لا يكون محفوظاً، فلما ذكر معه حديث قتادة علمت أنه قد حُفظ".

قلت: لا يقصد ابن المديني هنا بالحفظ تصحيح الحديث! وإنما يقصد أن الغرابة قد زالت عن حديث أبي حازم!

·       تعليل البخاري لحديث معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد!

وقد علّل البخاري حديث معمر هذا!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/78) (2016): "سَلَمَةُ بن دينار أَبُو حازم الأعرج: مدني مولى الأسود بْن سُفْيَان المخزومي. سَمِعَ سهل بْن سَعْد، وعطاء بْن أَبِي رباح، والنعمان بْن أَبِي عياش. سَمِعَ منه: مالك، والثوري، وابْن عيينة.

وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: حَدَّثَنِي أبو حَازِم الأَفْزَر، مولى الأَسْوَد بن سُفْيَان المَخْزُومي، هو القاصّ.

وقَالَ لَنَا أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ: حدّثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «ارْتَجَّ أُحُدٌ وَعَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ».

وَقَالَ الليث: عَنْ هشام بْن سَعْد، عَنْ أَبِي حازم وزيد بْن أسلم أخبراه: أن سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا عَنْ سَعِيد بْن زيد أشهر.

حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، قال: أخبرني ابْنُ وَهْبٍ، أخبرنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِي حَازِمٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ: «كُنْتُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - بِهَذَا".

قلت: أراد البخاري بيان علّة حديث معمر وأنه سلك فيه الجادة: "عن أبي حازم، عن سهل بن سعد"، وأن هذا الحديث عن سعيد بن زيد أشهر، وقد خالف معمراً فيه: هشام بن سعد، فرواه عن زيد بن أسلم وأبي حازم، كلاهما عن سعيد بن زيد. فلا مدخل لسهل بن سعد فيه، وقد أخطأ فيه معمر!

وقد بين ذلك أيضا البخاري في «التاريخ الأوسط» (2/47)، فذكر حديث معمر، ومخالفة هشام له.

·       لم يسمع زيد بن أسلم، وأبو حازم المدني من سعيد بن زيد!

وهذا مرسل!

فزيد بن أسلم المدني (ت136هـ)، وأبو حازم المدني (ت ما بين 133 - 144هـ)، لم يسمعا من سعيد بن زيد العدوي المدني (ت50هـ).

وزيد بن أسلم كثير المراسيل، لم يسمع من عائشة، ولا من أبي هريرة، فمن باب أولى أنه لم يسمع ممن مات قبلهما.

وأبو حازم لم يسمع من الصحابة إلا سهل بن سعد.

قَالَ يَحْيَى الوُحَاظِيُّ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي حَازِمٍ: أَسَمِعَ أَبُوْكَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: "مَنْ حَدَّثكَ أَنَّ أَبِي سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، فَقَدْ كَذَبَ".

ويُروى من طرق أخرى عن سعيد بن زيد، وكلّ طرقه ليّنة علل بعضها البخاري في تراجم بعض الرواة من «تاريخه الكبير».

وهناك اختلاف بين حديث سعيد بن زيد، وحديث أنس، فهذا ذكر أحداً، وذاك ذكر حراء! وهذا ذكر ثلاثة، وذاك ذكر عشرة! حتى ذهب بعض أهل العلماء إلى تعدد القصة!

قال الحافظ في «الفتح» (7/38): "(قَوْلُهُ: صَعِدَ أُحُدًا) هُوَ الجَبَلُ الْمَعْرُوفُ بِالْمَدِينَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدٍ «حِرَاءَ» وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَوْلَا اتِّحَادُ الْمَخْرَجِ لَجَوَّزْتُ تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ سَعِيدٍ فَإِنِّي وَجَدْتُهُ فِي مُسْنَدِ الحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ فِيهِ: «أُحُدًا أَوْ حِرَاءَ» بِالشَّكِّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بِلَفْظِ: «حِرَاءَ»، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ «أُحُدٍ» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَقَوَّي احْتِمَالَ تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْوَقْفِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ أَيْضًا نَحْوَهُ وَفِيهِ «حِرَاءٌ»، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يُؤَيِّدُ تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى «حِرَاءٍ»، وَمَعَهُ الْمَذْكُورُونَ هُنَا وَزَادَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

قلت: كل الرواة عن سعيد بن أبي عروبة قالوا: «أحداً» والشك في رواية روح بن عبادة قد يكون من روح نفسه لا من سعيد! وحديث بُريدة رواه الحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ، عن عَبْداللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَاضِي مَرْوَ ليس بذاك، وينفرد عن ابن بريدة عن أبيه بالمناكير!

وحديث سهل بن سعد لا يصح كما بينت آنفاً.

·       شاهد أبي هريرة!

وأما حديث أبي هريرة فرواه مسلم في «صحيحه» (4/1880) (2417) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ - يَعْنِي: ابْنَ مُحَمَّدٍ-، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ».

قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عَلَى جَبَلِ حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ»، وَعَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

رواه الترمذي في «جامعه» (6/65) (3696) عن قُتَيْبَةَ بْن سَعِيدٍ، به.

ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ".

وقال: "وَفِي البَابِ عَنْ عُثْمَانَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبُرَيْدَةَ".

·       وهم للبزار!

ورواه البزار في «مسنده» (16/36) من حديث عَبْدِالعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيّ، ثم قال: "وهَذا الحديثُ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ سُهَيْلٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا عبدالعزيز".

قلت: لكن رواية يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عن سهيل ترد عليه! فلم ينفرد به عبدالعزيز بل تابعه عليه يحيى بن سعيد، وهو من أقران سهيل! ويحيى قد سمع من أبي صالح والد سهيل.

فالحديث رواه جماعة عن عَبْدالعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيّ، منهم: هَارُونُ بنُ مَعْرُوفٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، ويَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْد بن كاسب، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ العدنيّ، وعبدالله بن مسلمة القَعْنَبِيُّ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، وخالدُ بن خِدَاشٍ البصريّ.

ورواه عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، وإسماعيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، كلاهما سليمان بن بلال.

ورواه ابْنُ وَهْبٍ، عن مُعَاوِيَة بْن صَالِحٍ.

كلاهما (سليمان، ومعاوية) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، به.

وهذا الحديثُ لا نعلم يروى، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا من حديث سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة!!

وسهيل ينفرد عن أبيه عن أبي هريرة بأحاديث غريبة! لا تحفظ عن أصحاب أبي هريرة، ولا عن أصحاب أبي صالح!

وهو صدوق في الأصل إلا أنه أصابته آفة أثرت على حفظه! وكان يهم ويُخطئ، وضعفه ابن معين، وقال: "لم يزل أصحاب الحديث يتّقون حديثه".

وقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: "يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ".

وقد فصّلت في حاله في غير هذا الموضع، ولا يُحتج بما انفرد به!

ويروي في هذا الباب حديثاً مُنكراً آخر عن أبيه، عن أبي هريرة!

رواه عبدالعزيز بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيُّ، وعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وأَبُو مُعَاوِيَةَ الضّرير، وسُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، كلهم عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ» ، قَالَ: «وَبِئْسَ الرَّجُلُ فُلَانٌ، وَبِئْسَ الرَّجُلُ فُلَانٌ» حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلٍ".

وأخرجه ابن حبان، والحاكم في «صحيحيهما»!!

22- روى البخاري في «صحيحه» (5/103) (4083) قال: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ».

ورواه مسلم في «صحيحه» (2/1011) (1393) قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ».

وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قال: حَدَّثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قال: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ، فَقَالَ: «إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ».

قلت: أخرجه البخاري لوجود سماع قتادة له من أنس، ولم يروه أحد من أصحاب قتادة المعروفين عنه، لكن لم ينفرد به قرة، بل تابعه سعيد بن بشير.

رواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/11) (2585) قال: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قال: حدثَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ».

وسعيد سمع من قتادة قديماً، فكأن قتادة حدّث به قديماً فسمعه منه قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، وقرة قديم رأى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ بالبصرة لكنه لَمْ يَسْمَع مِنْهُ.

وسعيد بن بشير تكلموا في حديثه عن قتادة، وهو يروي عنه غرائب، ويخالف أصحابه في أشياء يهم فيها، لكن نحن هنا نستعين بما عنده من روايات في إثبات صحة هذه الأحاديث عن قتادة؛ لأنه سمع من قتادة قديماً في البصرة قبل أن يرحل للشام.

ومن نظر في «مسند الشاميين» وجد أحاديث رواها سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس وافق فيها غيره ممن رواها عن قتادة عن أنس. فيحتج بما وافق به الثقات، ولا يُحتج بما انفرد به، أو ما تبيّن أنه أخطأ فيه.

وقد أخرجه البخاري من حديث عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وأخرجه أيضاً من حديث أَبِي حُمَيْدٍ الساعدي رضي الله عنه.

23- روى البخاري في «صحيحه» (6/38) (4562) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ، قال: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، قَالَ: «غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ».

وقال (5/99) (4068): وقَالَ لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُطُ وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (5/79) (3008) قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالأَعْلَى بْنُ عَبْدِالأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، قَالَ: «غُشِينَا وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، حَدَّثَ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ غَشِيَهُ النُّعَاسُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ، أَجْبَنُ قَوْمٍ وَأَرْعَبُهُ وَأَخْذَلُهُ لِلْحَقِّ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

وقوله: «والطائفة الأخرى... إلخ» في رواية يُونُس بْن مُحَمَّدٍ المؤدب، عن شَيْبَان، عَنْ قَتَادَةَ عند ابن حبان في «صحيحه» (16/146) (7180).

وسماع قتادة له من أنس ثابت في الرواية.

24- روى البخاري في «صحيحه» (6/109) (4760)، و(8/109) (6523) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». قَالَ قَتَادَةُ: "بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا".

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/2161) (2806) قال: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟». قَالَ قَتَادَةُ: "بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّنَا".

قال أبو نُعيم في «الحلية» (2/343): "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، حَدَّثَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ شَيْبَانَ".

قلت: لم أجده من طريق آخر عن قتادة! وخرّجه البخاري لوجود ذكر التحديث بين قتادة وأنس.

·       تحسين الترمذي لأحاديث المجاهيل!

وقد رواه جماعة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أبي خالدٍ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أصْنَافٍ، ثُلُثٌ رُكْبَانًا، وَثُلُثٌ عَلَى أَقْدَامِهِمْ مَشْيًا، وَثُلُثٌ عَلَى وَجُوهِهِمْ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وَجُوهِهِمْ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وَجُوهِهِمْ، أَمَا إِنَّهُمْ يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كُلَّ حَدَبٍ وَشَوْكٍ».

رواه الترمذي في «جامعه» (5/156) (3142)، ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".

قلت: تفرد به علي بن زيد، وهو ضعيفٌ جداً، ولا يُحتج به. وأوس هذا مجهول لا يُعرف!

وقد رُوي عن الحسن البصريّ مرسلاً.

رواه سعيد بن منصور في ؤ (6/466) (1632).

والطبري في «تفسيره» (17/450) عن أَحْمَد بنِ الْمِقْدَامِ.

وابن أبي حاتم في «تفسيره» (8/2692) (15145) من طريق مُسَدَّد.

ثلاثتهم (سعيد، وأحمد، ومسدد) عن حَزْم بن أبي حزم القطعي، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} [الفرقان: 34] فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وجُوهِهِمْ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتَ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَلَيْسَ قَادِرًا أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وجُوهِهِمْ».

قلت: فلعل قتادة أخذه من الحسن ودلّسه، ووهم فيه شيبان فجعله "عن أنس"!

ويونس بن محمد يروي التفسير عن شيبان عن قتادة، وغالب ذلك عن قتادة عن أنس.

·       تفسير شَيبان!

قال أحمد في «مسنده» (21/94) (13402): حَدَّثَنَا يُونُسُ، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، فَذَكَرَ شَيْئًا مِنَ التَّفْسِيرِ قَالَ: قَوْلُهُ...

وقال في موضع آخر (36/352) (22024): حَدَّثَنَا يُونُسُ، فِي تَفْسِيرِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ...

ويروي تفسير شيبان أيضاً: حسين بن محمد بن بَهرام المروذي.

قال أحمد في «مسنده» (15/44) (9091): حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي تَفْسِيرِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَ الْحَسَنُ...

وقال في موضع آخر (26/277) (16357): حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ. وَحُسَيْنٌ، فِي تَفْسِيرِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ...

وقد رواه الطبري في «تفسيره» (17/449) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} [الفرقان: 34] قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قَالَ: «الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرٌ أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ».

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (16/315) (7323) من طريق إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ الْكَوْسَج، عن الحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، به.

فقد تابع حسين بن محمد يونس في روايته عن شيبان، وأكبر ظنّي أن شيبان أخطأ فيه فجعله "عن قتادة عن أنس"؛ لأن غالب التفسير الذي يذكره في تفسيره عن قتادة هو: "عن أنس"، إذ كيف يتفرد به عن قتادة دون أصحابه؟! وأستبعد أن يكون قتادة دلّسه، فلعل قتادة رواه مرسلاً: "أن رجلاً..."، فوهم فيه شيبان!

وما جاء في آخره: "قَالَ قَتَادَةُ: "بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّنَا"، لا يعني أنه روى الحديث عن أنس، فقد يكون رواه مرسلاً، أو عن الحسن، ثم قال هذا تعقيباً عليه، والله أعلم.

وقد رُوي عن أنس من طريق آخر:

رواه الطبري في «تفسيره» (17/449) عن أَبي سُفْيَانَ الغَنَوِيّ يَزِيد بْن عَمْرٍو، عن خَلَّاد بْن يَحْيَى الْكُوفِيّ.

والحاكم في «المستدرك» (2/437) (3518) عن أَبي الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيّ، عن أَحْمَدَ بْن سَيَّارٍ، عن مُحَمَّد بْن كَثِيرٍ.

كلاهما عن سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ يَحْشُرُهُمْ عَلَى وجُوهَهُمْ؟ قَالَ: «الَّذِي يَحْشُرُهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قَادِرٌ بِأَنْ يَحْشُرَهُمْ عَلَى وجُوهِهِمْ».

وسمّاه يزيد بن هارون.

رواه الطبري في «تفسيره» (17/449) عن عُبَيْد بْن مُحَمَّدٍ الْوَرَّاق.

والحاكم في «المستدرك» (2/437) (3517) عن أَبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيّ، عن سَعِيد بْن مَسْعُودٍ.

كلاهما عن يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَ الْإِسْنَادَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

وَأَبُو دَاوُدَ السبيعيّ هُوَ: نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ الأعمى.

رواه أحمد في «مسنده» (20/131) (12708) قال: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نُفَيْعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى وُجُوهِهِمْ؟ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ».

قلت: إسماعيل بن عمر! هكذا جاء فيه "عمر" وهو إسماعيل بن أبي خالد كما جاء في الأسانيد السابقة، وقد اختلف في اسم أَبي خَالِد، فقيل: هرمز، ويُقال: سعد، ويُقال: كثير! وأظنّ "عمر" محرفة من "هرمز" أو "كثير"، والله أعلم.

وأبو داود الأعمي متروك مُتّهم!

قَالَ عَفَّانُ الصفّار: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو دَاوُدَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ"! فَقُلْنَا لِقَتَادَةَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ يُحَدِّثُنَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَقَالَ: "كَذَبَ، إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ سَائِلًا، يَتَكَفَّفُ النَّاسَ قَبْلَ طَاعُونِ الْجَارِفِ، مَا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا".

قلت: كذّبه قتادة في روايته عن الصحابة وأنه لم يسمع من أحد منهم، فقد كان قبل طاعون الجارف - وطاعون الجارف كان بالبصرة سنَة تسع وستين - كان يسأل الناس = يَتَكَفَّف النَّاس، أَي يسألهم أَن يعطوه فِي كفّه = يَمُدَّ كَفَّهُ يَسْأْلُ النَّاسَ-، ولم يكن قد طلب العلم بعد! فإذا كان سنة (69هـ) لم يكن طالب علم، فكيف سمع من زيد بن أرقم الذي توفي قبل طاعون الجارف سنة (66) أو (68هـ)؟ وكيف سمع من البراء بن عازب الذي توفي سنة (72هـ)؟

فكان أبو داود إذا قدم البصرة حدّثهم عن زيد بن أرقم، والبراء، وإذا قدم الكوفة حدثهم عن بُريدة (ت63هـ)، وعمران بن حصين (ت52هـ)!!

قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى، قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا قَامَ قِيلَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ رَأَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا؟! فَقَالَ قَتَادَةُ: "هَذَا كَانَ سَائِلًا قَبْلَ الْجَارِفِ، لَا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ، فَوَاللَّهِ مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً، وَلَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً، إِلَّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَالِكٍ".

وكان سفيان إذا روى عنه لا يسميه كما في الحديث السابق.

قال عَبْدالرَّحْمَنِ بن مهدي: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَذَا أَبُو دَاوُدَ؟ قَالَ: لَمْ يُسَمِّهِ.

وقال الساجي: "كان منكر الحديث، يكذب. حدثنا أحمد بن عبدالجبار، قال: حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي داود، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ذي غنى إلا سيود أنه كان أوتي في الدنيا قوتاً»".

قال زكريا الساجي أبو يحيى: "وهذا الحديث يصحح قول قتادة فيه: إنه كان سائلاً؛ لأن هذا الحديث حديث السؤال".

وَقَال الحاكم أَبُو عَبْداللَّهِ، وأبو سعيد النقّاش: "روى عن بريدة الأَسلميّ، وأنس بن مالك أحاديث موضوعة".

قلت: فالعجب من الحاكم يقول هذا، ويصحح له في «مستدركه»!

وَقَال أبو نُعيم الأصبهاني: "روى عن أنس، والبراء، وزيد بن أرقم، وبريدة أحاديث منكرة، لا شيء".

فكأن أصل الحديث عن نفيع عن أنس، ثم دلسوه عنه، والله أعلم.

25- روى البخاري في «صحيحه» (6/195) (5045) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَانَ يَمُدُّ مَدًّا».

ثم قال (5046): حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «كَانَتْ مَدًّا»، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1] يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.

قلت: لم يروه عن قتادة إلا جرير وهمام بن يحيى.

قال البرقاني للدارقطني: "قلت له: قتادة، عن أنس: «كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مداً»، هل رواه عن قتادة غير جرير بن حازم؟

قال: هَمامٌ.

قلت: هل رواه غيرهما؟ قال: لا".

قال الحافظ ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/784): "جرير بن حازم البصري، ثقة، متفق على تخريج حديثه، وقد تغير قبل موته بسنة، لكن قال ابن مهدي حجبه أولاده، فلم يسمع منه في اختلاطه بشيء، ولكن يُضعَّف في حديثه عن قتادة.

قال أحمد: كان يُحدّثهم بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها «بواطيل».

وقال ـ أيضاً ـ: كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يسند أشياء، ويوقف أشياء.

وقال عبدالله بن أحمد، عن يحيى بن معين: ليس به بأس.

قال عبدالله: فقلت له: يُحدّث عن قتادة عن أنس بأحاديث مناكير! فقال: ليس بشيء هو عن قتادة، ضعيف.

وقد أنكر عليه أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن بعضها مراسيل أسندها.

فمنها حديثه بهذا الإسناد: «في الذي توضأ وتَرك على قدمه لُمْعَةً لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ».

ومنها حديثه: «في قَبِيعَة سَيْفِ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها كَانَتْ من فِضَّة».

ومنها حديثه: «في الحجامة في الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ».

ومنها حديثه: «كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مداً».

ومنها حديثه: «في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ضَخْم الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ».

ولكن هذان الحديثان خرجا في الصحيح. وقد تابعه عليهما عمرو بن عاصم - يعني: عن عمرو عن همام- وغيره.

وقد ذكر ابن عدي لجرير أحاديث أخر، عن قتادة، عن أنس، ذكر أنه لا يتابع عليها" انتهى.

وقال في «فتح الباري» (6/397): "وقد ذكر ابن أَبِي خيثمة فِي «كتابه»: أن يَحْيَى بن معين سئل عَن حَدِيْث جرير هَذَا؟ فَقَالَ: «ليس بشيء».

قُلتُ: وروايات جرير بن حَازِم عَنْ قتادة فيها مناكير، قاله الإمام أحمد، ويحيى وغير واحد.

وقد تابعه عَلَى هَذَا: همام.

قَالَ - أي: ابن معين-: وروي عَن قتادة مرسلاً، وَهُوَ أشبه، ذكره فِي «العلل».

قُلتُ: وقد روي بإسناد فِيهِ لين، عَن حرب بن شداد، عَن قتادة، قَالَ: سألت أَنَس بْن مَالِك: كَيْفَ كَانَتْ قراءة النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «كَانَ إذا قرأ مد صوته مداً». خرّجه الطبراني.

وفي الجملة؛ فتفرد عَمْرِو بن عاصم عَن همام بذكر البسملة فِي هَذَا الحَدِيْث.

وقد روي عَن شعبة، عَن همام بدون هذه الزيادة. خرّجه أبو الحسين ابن المظفر فِي «غرائب شعبة».

وعلى تقدير أن تكون محفوظة، فليس فِي الحَدِيْث التصريح بقراءته فِي الصلاة، فَقَدْ يكون وصف قراءته فِي غير الصلاة، ويحتمل - وَهُوَ أشبه -: أن يكون أَنَس أو قتادة قرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم» عَلَى هَذَا الوجه، وأراد تمثيل قراءته بالمد، ولم يرد بِهِ حكاية عين قراءته للبسملة" انتهى.

قلت: حديث حرب بن شداد رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (5/131) (4868) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُقَيْلٍ الْمُقْرِئُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حدثنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، قَالَ: حدثنَا بَكَّارُ بْنُ يَحْيَى ابْنُ أَخِي هَمَّامٍ، قَالَ: حدثنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ مَدَّ صَوْتَهُ مَدًّا».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَرْبِ بْنِ شَدَّادٍ إِلَّا بَكَّارُ بْنُ يَحْيَى، تَفَرَّدَ بِهِ: بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ".

قلت: حرب بن شداد ليس بذاك، وبكّار هو: ابن عبدالله بن يحيى ابن أخي همام بن يحيى العوذي، وليس بالقوي، وبشر بن هلال الصواف البصري محلّه الصدق، ويُغرب كما قال ابن حبان.

وأما حديث شعبة فرواه ابن المظفر في «غرائب شعبة» (172) من طريق سُويد بن سعيد، قال: حدّثنا يزيد بن زُريع، عن شعبة، عن همّام، عن قتادة، عن أنس، قال: «كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مداً».

قلت: هذا لا يصح عن شعبة، ولم يروه أصلاً! فلم يحتاج شعبة أن يرويه عن قتادة بواسطة، وهو يروي عنه مباشرة؟!

وسُوَيْد بْن سعيد، أبو محمد الهَرَويّ الحَدَثانيّ ضعيف، لا يُحتج بما انفرد به.

فالبخاري خرّج حديث جرير لما فيه من قول قتادة: "سألت أنسا"!

وأتبع ذلك برواية همام وفيها: "سئل قتادة"، وذكر قراءته لبسم الله الرحمن الرحيم، وهذا يخالف أحاديث أخرى رُويت عن أنس أنه كان يبدأ بالحمد لله رب العالمين، أي لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

ففي حديث جرير كان السائل هو قتادة، وفي حديث همام قال قتادة بأن السائل غيره!

وقد أشار ابن رجب فيما نقله عن ابن معين أن الحديث رُوي عن قتادة مرسلاً!

فيُحتمل أن يكون قتادة رواه عن هذه الوجهين: عن أنس متصلاً، ومرسلاً دون ذكر أنس.

وعليه فيكون قد دلّسه! ويُحتمل أن الخطأ في وصله ممن روى عنه للاختلاف في لفظه! فرواية جرير جعلت السائل هو قتادة، ورواية همام جعلت السائل غيره! ورواية همام تخالف رواية جرير في ذكره أنه كان يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم!

ثم وجدت الحديث عن قتادة من قوله!

رواه ابن سعد في «الطبقات» (1/284) قال: أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا الْحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلا بَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ. حَتَّى بَعَثَ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَهُ حَسَنَ الْوَجْهِ. حَسَنَ الصَّوْتِ. وَلَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ، وَلَكِنْ كَانَ يَمُدُّ بَعْضَ الْمَدِّ».

وحسام بن المصك البصري طرح أكثر العلماء حديثه، وتركوه، وقال بعضهم: "يُكتب حديثه" أي للاعتبار.

وترك أهل العلم حديثه المسند، لكن هذا الذي رواه عن قتادة من قوله يُعتبر به، فهو ليس مسنداً، وقد أشار ابن معين أن الحديث رُوي عن قتادة مرسلاً.

وتفرد جرير وهمام بالحديث عن قتادة من بين أصحابه المعروفين لا يقبله أهل العلم، ولما أنكروا هذا الحديث على جرير لم يكترثوا لمتابعة همام له مع مخالفته له في لفظه، فقد تقدم من رواية قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}».

وما قاله ابن رجب مما نقلناه عنه آنفاً أنه لم يقصد قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وأن هذا ربما كان للتمثيل من أنس أو قتادة! فيه نظر! والله أعلم.

26- روى البخاري في «صحيحه» (7/70) (5385) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: «مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مُرَقَّقًا، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ».

ورواه أيضاً (7/76) (5421)، و(8/97) (6457) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، قَالَ: «كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلاَ رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ».

وروى (7/70) (5386) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ - قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الإِسْكَافُ - عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَا عَلِمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَلَى سُكْرُجَةٍ قَطُّ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، وَلاَ أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ» قِيلَ لِقَتَادَةَ: فَعَلاَمَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: «عَلَى السُّفَرِ».

ورواه (7/75) (5415) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ، وَلاَ فِي سُكْرُجَةٍ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ». قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلاَمَ يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: «عَلَى السُّفَرِ».

ورواه (8/96) (6450) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَمْ يَأْكُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/302) (1788) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ: وَيُونُسُ هَذَا هُوَ يُونُسُ الإِسْكَافُ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُالوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ".

ورواه أيضاً (4/159) (2363) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُاللهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «مَا أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ وَلاَ أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ".

قلت: استغرب رواية هشام الدستوائي؛ لأنه يرويها عن قتادة بواسطة، وهو مكثرٌ عن قتادة!

واستغرب رواية سعيد بن أبي عروبة؛ لأنه يروي هذا الحديث عن قتادة بواسطة يونس أيضاً!

وقد أورده ابن عدي في «الكامل» (5/522) في ترجمة «سعيد بن أبي عروبة»، وقال: "هكذا حدّث به عن ابن أبي عَرُوبة: عَبدالوارث! وقال يزيد بن زريع وغيره: «عن سعيد، عن يونُس، عن قَتادَة، عن أَنَس»، فَمَنْ بَعُدَ فَهْمُهُ ظَنَّ أن يونُس هذا هو يونُس بن عُبيد، وهو يونُس بن أبي الفرات الإسكاف، بصري، ليس بمشهور".

فالحديث يرويه همام بن يحيى عن قتادة، وفيه قول قتادة أنهم كانوا يأتون أنساً، وعلى هذا اعتمد البخاري.

وقد رواه هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة بواسطة يونس بن أبي الفرات الإسكاف! ولم يسمعاه من قتادة مباشرة.

فرواية يونس متابعة لهمام. وتابعهما سعيدُ بن بَشير أيضاً.

رواه ابن ماجه في «سننه» (4/442) (3337) عن العَبَّاس بْنِ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيّ.

والطبراني في «مسند الشاميين» (4/11) (2584) عن أَبي زُرْعَةَ عَبْدالرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيّ.

وابن عساكر في «تاريخه» (4/117) من طريق عُبَيْد بْنِ عَبْدِالوَاحِدِ الْبَزَّار.

قالوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو الجَمَاهِرِ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِيفًا مُحَوَّرًا بِوَاحِدٍ مِنْ عَيْنَيْهِ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ».

والرغيف المُحَوَّر: "هو الخبز الذي نُخل مرة بعد مرة".

ورواية سعيد بن بشير عن قتادة قديمة، وهذا يدلّ على ثبوتها هذه الرواية عنه مع متابعة همام، ويونس الإسكاف.

·       رواية أخرى عن سعيد بن بشير:

وقد رُوي عن سعيد بن بشير بإسناد آخر عن قتادة فيه جزء من الأحاديث السابقة!

رواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/38) (2672) عن مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ.

وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (4/2143) (5380) عن مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ - وهو: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَاصِمِ بنِ زَاذَانَ الأَصْبَهَانِيُّ ابْنُ المُقْرِئِ- عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عن العَبَّاس بْن الْوَلِيدِ الخلال.

وابن عساكر في «تاريخه» (4/81) من طريق أبي عبدالله ابن منده، عن أحمد بن محمد بن إبراهيم، عن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي.

والطبري في «ذيل المذيل من تاريخ الصحابة والتابعين» [كما في المنتخب منه، (ص84)] عن عمران بن بكّار الكلاعي.

ثلاثتهم عن يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْوُحَاظِيِّ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَاصِمِ بْنِ حَدْرَةَ، فَقَالَ: «مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ، وَلَا مَشَى مَعَهُ بِوِسَادَةٍ قَطُّ، وَمَا كَانَ لَهُ بَوَّابٌ قَطُّ».

وفي «الطيوريات - تخريج الحافظ أبي طاهر السِّلفي» (3/1090): قال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبة، سمعت العَبَّاسُ بن الْوَلِيدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسى بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ - وكتَبَ عَنِّي هَذَا الْحَدِيثَ -: "عَاصِمُ بْنُ حَدْرَة هَذَا رَجُلٌ مِنَ اْلأَنْصَارِ، وَلَهُ صُحْبَةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

·       هل عَاصِم بن حَدْرَة صحابيّ؟

قَالَ الصُّورِيُّ: "لا أَعْلَمُ لِعَاصِمِ بْنِ حَدْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا، وَلا أَعْلَمُ لَهُ مَخْرَجًا إلاَّ مِن حَدِيثِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وحَدْرَة: بالحاء والدال المهملتين ولهُ في الأَسْمَاء نَظِيرٌ يُشَاكِلُهُ في الصُّورَةِ وَالْخَطِّ، وَيُخَالِفُهُ فِي الضَّبْطِ وَالنُّقَطِ. وهما اسْمَان لاَ أَعْلَمُ لهما ثالثا: فأَحَدُهما: جُذْرَة بن سبرة العَتَقِي، له صحبة، وهذا بالجيم والذال المعجمتين، والآخر خُدْرَ بن عوف بن الحارث بن الخزرج في نسب الأنصار، وهذا بالخاء المعجمة والدال المهملة وإليه ينتهي أبو سعيد وأبو شيبة الخُدْرِيَّان".

وذكره ابن حجر في القسم الأول من كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» (3/462) (4367) قال: "عاصم بن حدرد الأنصاريّ، ويقال حدرة، آخر هاء، وهذا هو المعتمد عند ابن ماكولا". ثم نقل كلام ابن شاذان، وكلام الصوري من «فوائد الطيوري».

قلت: تفرد به سعيد بن بشير عن قتادة! ولا يحتج بما انفرد به عن قتادة! وإنما يُستعان بما روى عن قتادة فيما يوافق فيه غيره، لكن تفرده لا يُقبل، وعليه فلا تثبت صحبة عاصم هذا برواية سعيد بن بشير سيما وهو يروي عن قتادة، وقتادة كان يُدلّس!

قال الحافظ في «الفتح» (9/531): "(قَوْلُهُ عَنْ يُونُسَ): قَالَ: عَنْ عَلِيٍّ هُوَ الْإِسْكَافُ، عَلِيٌّ هُوَ شَيْخُ البُخَارِيّ فِيهِ وَهُوَ ابن الْمَدِينِيِّ، وَمُرَادُهُ أَنَّ يُونُسَ وَقَعَ فِي السَّنَدِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ فَنَسَبَهُ عَلِيٌّ لِيَتَمَيَّزَ، فَإِنَّ فِي طَبَقَتِهِ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ الْبَصْرِيَّ أَحَدَ الثِّقَاتِ المكثرين، وَقد وَقع فِي رِوَايَة ابن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنًّى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْإِسْكَافِ، وَلَيْسَ لِيُونُسَ هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ وثقة أَحْمد وابن معِين وَغَيرهمَا، وَقَالَ ابن عدي لَيْسَ بالمشهور، وَقَالَ ابن سعد: كَانَ مَعْرُوفا وَله أَحَادِيث، وَقَالَ ابن حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، كَذَا قَالَ! وَمن وَثَّقَهُ أعرف بِحَالهِ من ابن حِبَّانَ. وَالرَّاوِي عَنْهُ هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَهُوَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ عَنْ قَتَادَةَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا، وَفِي الْحَدِيثِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ؛ لِأَنَّ هشاماً وَيُونُسَ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الرقَاق، لَكِن ذكر ابن عَدِيٍّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدٍ فَقَالَ: عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ أَوَّلًا عَنْ قَتَادَةَ بِوَاسِطَةٍ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى الوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ) هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَاصِمِ بْنِ حَدْرَةَ، فَقَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ، الحَدِيث، أخرجه ابن مَنْدَهْ فِي «المَعْرِفَةِ»، فَإِنْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ حَفِظَهُ فَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ لِقَتَادَةَ لِاخْتِلَافِ مَسَاقِ الخَبَرَيْنِ".

·       ترجمة يونس بن أبي الفرات:

ويُونُسُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الإِسْكَافُ، بصري، من أصحاب قتادة القدماء، توفي ما بين سنة (141 - 150هـ).

قال ابن الجنيد: سَأَلْتُ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ عن يُونُس بن أَبِي الْفُرَات؟ فَقَالَ: "الذي رَوَى عن قَتَادَة"؟ قُلْتُ: نَعَم، قَالَ: "لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، بَصْرِيٌّ".

وقال عبدالله بن أحمد: سَأَلته - يعني أباه - عَن يُونُس بن أبي الْفُرَات؟ قَالَ: "حَدثنَا عَنهُ البرْسَانِي، أَرْجُو أَن يكون ثِقَة، صَالح الحَدِيث".

ثم قال: يُونُس الإسكاف؟ قَالَ: "مَاتَ قَدِيماً"، فراجعته فِيهِ فَسكت.

وقال أبو عُبيد الآجري: سألت أبا دَاوُد عَن يُونُس الإسكاف؟ فَقَالَ: "ثقة، حدَّث عَنْهُ هِشَام الدستوائي".

وقال الحاكم: قلتُ للدَّارَقُطْنِيِّ، يونس الإسكاف، عن قتادة؟ قال: "قد خرّجه البخاري".

·       فائدة تُضاف لترجمة يونس بن أبي الفرات في الكتب:

ومن الفوائد التي لا بد من ذكرها في ترجمة يونس هذا ما جاء في «مسند أحمد»، و«مسند الطيالسي» من ذكر همام بن يحيى له مما يدلّ على ثقته وحفظه، وصحبته لقتادة، ومعرفته بالحديث، وما سمع قتادة وما لم يسمع.

قال أحمد في «مسنده» (30/283) (18340) قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا العَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ، قَالَ - أي قتادة-: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ أَخُو مُطَرِّفٍ، قَالَ - أي قتادة-: وَحَدَّثَنِي عُقْبَةُ، كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ: أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: «الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا، وَلَا مَالًا».

قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِمُطَرِّفٍ: يَا أَبَا عَبْدِاللهِ: أَمِنَ الْمَوَالِي هُوَ، أَوْ مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: "هُوَ التَّابِعَةُ يَكُونُ لِلرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْ خَدَمِهِ سِفَاحًا غَيْرَ نِكَاحٍ". وَقَالَ - أي النبيّ صلى الله عليه وسلم-: «أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ: مُقْسِطٌ مُصَدِّقٌ، مُوقِنٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ بِكُلِّ ذِي قُرْبَى، وَمُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ عَفِيفٌ فَقِيرٌ مُتَصَدِّقٌ».

قَالَ هَمَّامٌ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: يُونُسُ الْإِسْكَافُ، قَالَ لِي: "إِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ حَدِيثَ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، مِنْ مُطَرِّفٍ".

قُلْتُ: هُوَ حَدَّثَنَا عَنْ مُطَرِّفٍ، وَتَقُولُ أَنْتَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُطَرِّفٍ!

قَالَ: فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُلْنَا لِلْأَعْرَابِيِّ سَلْهُ هَلْ سَمِعَ حَدِيثَ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، مِنْ مُطَرِّفٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "لَا حَدَّثَنِي أَرْبَعَةٌ عَنْ مُطَرِّفٍ فَسَمَّى ثَلَاثَةً الَّذِي قُلْتُ لَكُمْ".

ورواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2/404) (1175) عن هِشَام الدستوائي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، به.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ قَتَادَةَ فَذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ يُونُسُ الهَدَادِيُّ - وَمَا كَانَ فِينَا أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْهُ -: إِنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مُطَرِّفٍ! قَالَ: فَعِبْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ! قَالَ: فَاسْأَلُوهُ فَهِبْنَاهُ. قَالَ: وَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقُلْنَا لِلْأَعْرَابِيِّ: سَلْ قَتَادَةَ عَنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَسَمِعْتَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ؟ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا أَبَا الْخَطَّابِ أَخْبِرْنِي عَنُ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي حَدِيثَ عِيَاضٍ أَسَمِعْتَهُ مِنْ مُطَرِّفٍ؟ فَغَضِبَ، وَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ ثَلَاثَةٌ عَنْهُ، حَدَّثَنِيهِ يَزِيدُ أَخُوهُ ابْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَحَدَّثَنِيهِ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ الْعَدَوِيُّ عَنْهُ، وَذَكَرَ ثَالِثًا لَمْ يَحْفَظْهُ هَمَّامٌ".

ورواه أبو عوانة في «مستخرجه» قال: حدثنا أبو داود الحرّاني، قال: حدثنا أبو عُمَر الضرير، قال: حدثنا همّام، قال: حدثنا قتادة، قال: حدثني العلاء بن زياد ويزيد أخو مطرف، ورجلان آخران نَسِي همامٌ اسمَهما: أن مطرف بن عبدالله حدّثهم، أن عِياض بن حمار حدثه، بطوله.

وعن ابن الجُنَيْد الدقّاق، قال: حدثنا عَمرو بن عاصم، عن همّام، عن قَتادة، قال: حدثني أربعةٌ منهم: يزيد أخو مطرّف، والعلاء بن زياد ورجلان آخران نَسِيَهما همّام، به..

وعن عمّار بن رَجاء ويونس بن حَبِيب - فرّقهما - عن أبي داود، عن هشام، عن قتادة، عن مطرف، به، ولم يذكر بَيْنَهما أحداً.

وعن عبدالله بن أحمد ابن حنبل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا هشام، به.

قال يحيى: حدثنا شعبة، عن قتادة، سَمِعت مُطرفاً، به.

وعن محمد بن إسحاق السراج، عن عبدالرحمن بن بشر، عن يحيى بن سَعِيْد، قال: حدثنا شعبة.

وعن إسحاق الصغاني، عن عبدالرزاق، عن مَعْمر. وعن جعفر، عن مَعْمر. وعن جعفر بن محمد الجَنْديسابوري، قال: حدثنا عبدالله بن أسيْد، قال: حدثنا أبو عُبَيْدة مَجَّاعة بن الزبير، ثلاثتهم عن قتادة، عن مطرف، به.

وعن أبي جعفر الدارمي أحمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثنا أبي الحسين، عن مَطَر الوراق، قال: وحدثني قتادة، عن مطرف، به.

قال أبو عوانة: وحدثَني عثمان بن خُرَّزاذ، قال: حدثنا أبو جعفر الدارمي، به. وعن ابن الجنَيْد، قال: حدثنا شبابَة، قال: حدثنا المغيرة بن مُسْلم، عن مطر الوراق، عن قتادة، عن مطرف، به. [إتحاف المهرة لابن حجر (12/633)].

قلت: تبيّن من هذا أن قتادة كان يُحدث به عن مُطرف ولم يسمعه منه، وإنما سمعه من أربعة عنه، ولم يكتشف ذلك إلا يونس الإسكاف. وقد وصفه همام بأنه كان أحفظهم.

وهنا فائدة أيضاً وهو نسبته بالهَدادي، بفتح الهاء والألف بين الدالين المهملتين مخففتين، وهذه النسبة إلى هداد، وهو بطن من الأزد. والذين ينتسبون لهذا النسبة من أهل البصرة.

وقد أخرج الإمام مسلم الحديث في «صحيحه» (4/2197) (2865) قال: حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي غَسَّانَ، وَابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ، فذكره.

قال: وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

وقال: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ يَحْيَى: قَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

وقال: وحَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قال: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَطَرٍ، قال: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ.

قلت: هكذا روى مسلم هذا الحديث في كتابه وكلها عن قتادة عن مطرّف! والصواب أن قتادة لم يسمعه من مطرّف!

·       خطأ في رواية!

والغريب أنه جاء في رواية شعبة عن قتادة: سمعت مطرفاً! وهذا لا شك أنه خطأ؛ لأنه يستحيل أن يقول قتادة: "سمعت مطرفاً"! وهو لم يسمعه منه كما قال! فهو قد قال بأنه سمعه من أربعة عن مطرّف.

ورواه معمر بن راشد في «جامعه» [المطبوع مع «مصنف عبدالرزاق» (11/120) (20088) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، به.

·       قول ابن حبان في يونس!

وقد ذكر ابن حبان يونس هذا في «الضعفاء» دون حجة!

قال في «المجروحين» (3/139) (1241): "يُونُس بن أبي الْفُرَات الإسكاف، مولى لقريش: يَرْوِي عَن سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَقَتَادَة. روى عَنهُ: هِشَام الدستوَائي، ومَخرمة بن بكير. مُنكر الحَدِيث عَلَى قلَّة رِوَايَته، لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ لغَلَبَة الْمَنَاكِير فِي حَدِيثه".

ورد ذلك الذهبي في «الميزان» (4/483) فقال: "بل الاحتجاج به واجب لثقته".

قلت: لم يأت ابن حبان بحجة على قوله هذا! وكيف تغلب المناكير في حديثه على قلة روايته كما قال ابن حبان! فهذا تناقض!

وهو كما قال قليل الحديث، لا يكاد يروى له إلا هذا الحديث وأثر آخر، فأين أحاديثه، وأين غلبة المناكير فيها؟!

روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (11/261) (22230) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «أَكْرَهُ أَنْ آخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا».

وروى أيضاً (6/358) (32010) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ رُبَّمَا ذَكَرَ عُمَرَ فَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا كَانَ بِأَوَّلِهِمْ إِسْلَامًا وَلَا أَفْضَلِهِمْ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ غَلَبَ النَّاسَ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالصَّرَامَةِ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ».

وقَالَ أَحْمَد: "روى يونس بْن أَبِي الفرات عَنْ أَبِي حمزة جار شُعْبَة" [التاريخ الكبير للبخاري: (5/318)].

والذي أراه أن ابن حبان قد خلط بين يونس هذا وآخر اسمه يونس أحاديثه مناكير، ويروي عن سعيد بن المسيب، ويروي عنه مَخرمة بن بُكير!

فالذي روى عن سعيد بن المسيب (ت ما بين سنة 90 - 105هـ) وهو مدني، ويروي عنه مَخرمة بن بُكير وهو مدني (ت159هـ) من طبقة متقدمة عن الذي روى عن الحسن البصري، وروى عنه البصريون.

فيونس الإسكاف بصري، يروي عن قتادة، والحسن البصري، وأبي حمزة جار شعبة، وهو بصري. ويروي عنه أصحابه: هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، ومحمد بن مروان البصري، ومحمد بن بكر البُرْساني البصري (ت204هـ).

فهذا بصري يروي عن البصريين، ويروي عنه البصريون، والآخر مدني يروي عن المدنيين، ويروي عنه المدنيون، وطبقتهما مختلفة! وهذا يؤكد لنا أن ابن حبان خلط بين ترجمتين، والله أعلم.

·       هل وهم أهل العلم في قولهم: «روى محمد بن مروان العقيلي البصري عن يُونس بن عُبيد البصري» وإنما هو «يونس الإسكاف»؟!

قد تقدّم أن الحديث الذي رواه هشام الدستوائي وابن أبي عروبة عن يونس عن قتادة هو يونس الإسكاف، وقد نبّه ابن عدي أنه قد يظن بعضهم أنه يونُس بن عُبيد! وإنما هو يونُس بن أبي الفرات الإسكاف البصرين.

وقد روى مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «أَكْرَهُ أَنْ آخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا».

وروى عَنْ يُونُسَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ رُبَّمَا ذَكَرَ عُمَرَ... إلخ.

نعم، يونس بن عُبيد يروي كثيراً عن الحسن البصري، لكن هذا الذي روى عنه محمد بن مروان العقيلي البصري، هل هو يونس الإسكاف أم يونس بن عبيد؟

الظاهر في الأثرين اللذين رواهما عنه ابن أبي شيبة عن يونس عن الحسن أنه يونس بن أبي الفرات كما صرّح به في الإسناد.

وقال أحمد في «العلل» (3/13) (3928) بعد أن ذكر «محمد بن مروان العقيلي»: قلت ليحيى بن معِين، أَلَيْسَ يُحدّث عَن يُونُس، عَن الحسن: «يُجْزِئُ مِنَ الصَّرْمِ السَّلاَمُ»؟ قَالَ: "لَا، حُدِّث بِهِ عَن هِشَام، عَن الحسن، فَحدّث بِهِ زُهَيْر بن إِسْحَاق عَن يُونُس عَن الحسن، وَمَا أرى لَهَا جَمِيعًا أصل".

قلت: فهل يقصد أحمد وابن معين أن يونس الذي حدث عنه محمد بن مروان هو يونس بن عُبيد؟

هذا هو الظاهر، لكن في القلب من ذلك شيء! والذي أميل إليه أن يونس الذي يروي عنه محمد بن مروان هو: "يونس بن أبي الفرات".

والذي قصده ابن معين أن الذي حدث عنه زهير بن إسحاق هو يونس بن عبيد؛ لأن الحديث رواه بعضهم عن هشام بن حسان عن الحسن، فأخذه زهير هذا وهو ليس بشيء، فحدّث به عن يونس بن عبيد لشهرته في الرواية عن الحسن.

قال البزار في «مسنده» (17/249): "وعون بن عمارة بصري، كان حدّث عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: «يجزئ من الصرم السلام»، وهذا ليس له أصل عن هشام، عن الحسن.

سمعت عمرو بن علي يقول: بلغني أنه يُحدّث بهذا الحديث عن هشام، عن الحسن، فأتيته فسألته عنه فذكره، فأردت أن أستعدي عليه، فكلموني فيه، وقالوا: شيخ ضعيف، فتركته على أنه قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، واحتملوا حديثه، ولا أحسب أن هذه الأحاديث التي أنكرت عليه إلا من سوء حفظه لا على أنه كان يتعمد".

وقد ورد في حديث رواه محمد بن مروان أنه حدّث عن يونس بن عبيد!

روى العقيلي في «الضعفاء» (4/133) عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ.

والطبراني في «المعجم الأوسط» (5/27) (4580) عن عَبْدَان بْن أَحْمَدَ.

والبيهقي في «البعث والنشور» (163) من طريق محمد بن علي الوراق.

قالوا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ العَبَّاسِ الرُّزِّيُّ البصريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَهْبَطَ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ مُنْذُ خَلَقَ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فِتْنَةً أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَقَدْ قُلْتُ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلُ: إِنَّهُ آدَمُ، جَعْدٌ، مَمْسُوحُ عَيْنِ الْيَسَارِ، عَلَى عَيْنِهِ طَفْرَةٌ غَلِيظَةٌ، وَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَمَنْ قَالَ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَلَا فِتْنَةَ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَ: أَنْتَ رَبِّي، فَقَدِ افْتُتِنَ، يَلْبَثُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مِلَّتِهِ مَاتَ، إِمَامًا مَهْدِيًّا، وَحَكَمًا عَدْلًا، فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ».

أورده العقيلي في ترجمة «محمد بن مروان» وقال: "وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ".

وقال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَمْرُو بْنُ الْعَبَّاسِ".

قلت: كذا جاء منسوباً: "يونس بن عبيد"! فلعل هذه النسبة من عمرو بن العباس! وهو صدوق له أوهام كما قال ابن حجر، وذكره ابن حبان في «ثقاته» وقال: "رُبمَا خَالف".

ويبدو أنه نسبه هكذا لأن المشهور فيمن يروي عن الحسن إنما هو: يونس بن عبيد.

وابن أبي شيبة قد نسبه في أثر سابق بأنه يونس بن أبي الفرات عن الحسن، ولا أقدّم على قول ابن أبي شيبة قولاً!

وأستبعد أن يكون محمد بن مروان روى عن يونس بن أبي الفرات، وعن يونس بن عبيد، بل لا يوجد له إلا ثلاثة آثار عن يونس، فكيف نعرف أن هذا هو ابن أبي الفرات، وأن ذاك هو ابن عبيد!!

فطالما أن رواية محمد بن مروان عن يونس قليلة جداً، وقد نسبه ابن أبي شيبة، فالأصل أن يكون هو الإسكاف لا ابن عبيد، والله أعلم.

·       وهم لصاحب كتاب «نزهة الألباب في قول الترمذي: وفي الباب»!

وقد وهم صاحب كتاب «نزهة الألباب في قول الترمذي: وفي الباب»، حيث أورد هذا الحديث في كتابه (5/3089) حيث قال: "لا يصح السند إلى يونس إذ راويه عن يونس السدي الصغير: متروك، وتفرد بالسياق السابق"!

يقصد أن محمد بن مروان هنا هو السدي الصغير! وليس كذلك! وإنما هو العقيلي البصري.

·       ذكر أهل العلم في كتبهم أن محمد بن مروان روى عن يونس بن عُبيد!

وقد تتابع أهل العلم على ذكر أن الذي روى عنه محمد بن مروان هو: يونس بن عبيد!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/232) (727): "مُحَمَّد بْن مروان أَبُو بكر يعرف بالعجلي، وكَانَ عقيليا بصرياً: سَمِعَ يونس بْن عُبَيْد، وعبدالملك بْن أَبِي نضرة، وعمارة بْن أَبِي حفصة...".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/85) (361): "محمد بن مروان العقيلي أبو بكر العجلي البصري: روى عن يونس بن عبيد، وهشام بن حسان، وعمارة بن أبي حفصة...".

قلت: لم يرو عن هشام بن حسان، وإن كان استفاد هذا من قول ابن معين السابق الذي ذكرناه، فقوله: "حُدِّث به عن هشام" لا "حَدّث به - أي محمد بن مروان - عن هشام"!

وقال ابن حبان في «الثقات» (9/41) (15077): "مُحَمَّد بن مَرْوَان أَبُو بكر الْعقيلِيّ الْعجلِيّ، من أهل الْبَصْرَة، يروي عَن يُونُس بن عبيد، وَعبدالْملك بن أبي نَضرة. روى عَنهُ عَبْدالرَّحْمَن بْن مهدي...".

وتتابع من بعدهم على ذكر ذلك. والذي أميل إليه أنه: يونس بن أبي الفرات الإسكاف الذي حدّث عن الحسن البصري، لا يونس بن عبيد صاحب الحسن البصري، والله أعلم.

·       هل وهم ابن حجر؟!

وقد نقل ابن حجر في ترجمة «يونس بن أبي الفرات» في «تهذيب التهذيب» (11/446) عن ابن سعد أنه قال فيه: "كان معروفاً، وله أحاديث". ونقل هذا أيضاً في «الفتح» كما تقدّم!

وهذا لم أجده في كتاب ابن سعد «الطبقات»!

وإنما وجدته قال هذا في آخر!

قال في «الطبقات» في «الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ» (7/318) (3871): "يونس بن سيف. وكان معروفًا. له أحاديث. مات سنة عشرين ومائة في خلافة هشام بن عبدالملك".

قلت: كأن ابن حجر وهم، فظنّ أنه هذا فنقله عن ابن سعد في ترجمة «يونس الإسكاف»! والله أعلم.

26- روى البخاري في «صحيحه» (7/108) (5600) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَسُهَيْلَ بْنَ البَيْضَاءِ، خَلِيطَ بُسْرٍ وَتَمْرٍ، إِذْ حُرِّمَتِ الخَمْرُ، فَقَذَفْتُهَا، وَأَنَا سَاقِيهِمْ وَأَصْغَرُهُمْ، وَإِنَّا نَعُدُّهَا يَوْمَئِذٍ الخَمْرَ».

قال البخاري: "وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَمِعَ أَنَسًا".

علّق البخاري رواية عمرو بن الحارث عن قتادة لما فيها من إثبات سماع قتادة هذا الحديث من أنس. وقد سبق الكلام على هذه الرواية بالتفصيل في حديث رقم (9).

ورواه مسلم في «صحيحه» (3/1571) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ، فَقَالَ: «حَدَثَ خَبَرٌ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ»، فَأَكْفَأْنَاهَا يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَخَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ. قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، وَكَانَتْ عَامَّةُ خُمُورِهِمْ يَوْمَئِذٍ خَلِيطَ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ».

وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا دُجَانَةَ، وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ، مِنْ مَزَادَةٍ فِيهَا خَلِيطُ بُسْرٍ، وَتَمْرٍ، بِنَحْوِ حَدِيثِ سَعِيدٍ.

فالحديث رواه هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، وثبت سماع قتادة له من أنس، ويُروى من طريق حُميد عن أنس كذلك.

27- روى البخاري في «صحيحه» (7/146) (5812) قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَيُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا؟ قَالَ: «الحِبَرَةُ».

ثم رواه (5813) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا الحِبَرَةَ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (3/1648) (2079) قال: حَدَّثَنَا هَدّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْنَا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَعْجَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «الْحِبَرَةُ».

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِبَرَةُ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/301) (1787) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا الحِبَرَةُ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

·       وهم للبزار!

وقال البزار في «مسنده» بعد أن أخرجه من طريق معاذ عن أبيه (13/431) (7177): "وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ عَن قَتادة غَيْرَ هشام".

قلت: بل رواه همام بن يحيى كما تقدم عند البخاري ومسلم وغيرهما، ولم يتفرد به هشام.

فالحديث رواه هشام الدستوائي، وهمام عن قتادة، وفي رواية همام أن قتادة سأل أنساً.

28- روى البخاري في «صحيحه» (7/154) (5857) قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهَا قِبَالاَنِ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (3/294) (1772) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ نَعْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «لَهُمَا قِبَالاَنِ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ثم رواه (1773) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَعْلاَهُ لَهُمَا قِبَالاَنِ».

قال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ولما رواه البزار في «مسنده» من طريق عبدالصمد بن عبدالوارث عن همام (13/444) (7205) قال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُحْفَظُ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، وقد بلغني أن ابن مبارك رواه عن هِشَامٍ، عَن قَتادة، عَن أَنَس".

قلت: قول البزار: "وبلغني.." يعني أنه لم يقف عليه! ولا يعرف أن هشاما الدستوائي رواه عن قتادة! فيُحتمل أنه جاء في إسناد ما تحريف، تحرّف «همام» إلى «هشام» فصار الحديث عن "هشام"! وإنما هو "عن همام"؛ لأن الحديث حديث همام.

وقد وجدت متابعة جيدة لهمام.

روى ابن المقرئ في «معجمه» (ص: 92) (206) قال: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الرَّقَّامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ التُّسْتَرِيُّ - بِتُسْتَرَ -، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ - الأهوازي، البصري، القارئ-، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ - هو: الطيالسي-، عَنْ هَارُونَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَهْوَازِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «قُلْتُ لِأَنَسٍ مَا كَانَتْ نَعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ لَهَا قِبَالَانِ».

قلت: هارون بن إبراهيم الأهوازي البصري صدوق، وهذه متابعة جيدة لهمام عن قتادة.

ولما تعرض ابن حبان لمتن هذا الحديث بإسناد ضعيف في كتابه «المجروحين» (1/181) قال: "وَإِنَّمَا هُوَ: قَتَادَةُ: أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَهَمَّامٌ، وَرَوَى هِلالِ الرَّأْيِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ: كَانَ لفعل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبالان".

فذكر هنا ابن حبان: "قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم" هكذا مرسلاً! لكن قوله: "فأسنده جرير بن حازم، وهمام" يدلّ على أنه: عن قتادة عن همام؛ لأن المحفوظ عن همام هذا، واستفدنا من هذا أن جرير بن حازم تابع هماماً عليه.

وأما رواية هلال الرأي عن أبي عوانة فلا تقبل؛ لأنه لا يحتج به.

فتحصّل عندنا هنا أن الحديث رواه همام، وجرير، وهارون، عن قتادة، وجاء في بعض روايات همام سماع قتادة هذا من أنس.

وقد روى البخاري في «صحيحه» (7/154) (5858) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، بِنَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ، فَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: «هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وأخرجه أيضاً (4/83) (3107) قال: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الأَسَدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ «نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ لَهُمَا قِبَالاَنِ»، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ بَعْدُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا «نَعْلاَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

فهنا تابع ثابت البُناني قتادةَ في حديثه عن أنس.

قال ابن حجر في «الفتح» (10/312): "(قَوْلُهُ: عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: أخَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ، فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَذَا مُرْسَلٌ، قَالَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ.

قُلْتُ صُورَتَهُ الْإِرْسَالُ؛ لِأَنَّ ثَابِتًا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ثَابِتٌ قَالَهُ بِحَضْرَةِ أَنَسٍ وَأَقَرَّهُ أَنَسٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ أَخْذُ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ لَهُ عَنْ أَنَسٍ عَرَضًا، لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْخمس من طَرِيق أبي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ بِمَا يَنْفِي هَذَا الِاحْتِمَالَ، وَلَفْظُهُ: «أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَتَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ أَنَسٍ إِخْرَاجُهُ النَّعْلَيْنِ فَقَطْ، وَأَنَّ إِضَافَتَهُمَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ أَشَارَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى أَنَّ إِخْرَاجَ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ أَوْلَى، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ، والبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ إِذَا صَحَّتِ الطَّرِيقُ مَوْصُولَةً لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إِيرَادِ مَا ظَاهِرُهُ الْإِرْسَالُ اعْتِمَادًا عَلَى المَوْصُولِ" انتهى.

29- روى البخاري في «صحيحه» (7/161) (5903) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ».

ورواه (5904) قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْكِبَيْهِ».

ورواه (5905) قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ شَعَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا، لَيْسَ بِالسَّبِطِ وَلاَ الجَعْدِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ».

ورواه (5906) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلًا، لاَ جَعْدَ وَلاَ سَبِطَ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/1819) (2338) قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «كَيْفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ شَعَرًا رَجِلًا لَيْسَ بِالْجَعْدِ وَلَا السَّبْطِ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ».

قال: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ. [ح].

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ».

قلت: اعتمد البخاري على حديث همام عن قتادة وفيه ذكر التحديث بين قتادة وأنس، ثم ساق حديث جرير عن قتادة، وفيه أنه سأل أنساً.

وأما مسلم فساق حديث جرير أولاً، ثم حديث همام! وقد لاحظت على مسلم من خلال ما ورد معنا من أحاديث اشترك مع البخاري في تخريجها أنه يخالف البخاري في ترتيب الأحاديث كما فعل هنا!

وهو بحسب مقدمة كتابه يُرتب الأحاديث في الباب فيبدأ بالأصح من الأسانيد، ثم الأقل درجة، وهكذا.

وبناء على هذا فكان ينبغي تقديم رواية همام على رواية جرير؛ لأن رواية جرير عن قتادة متكلّم فيها!

وقد روى البزار في «مسنده» حديث همام (13/445) (7207) ثم قال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إلاَّ عَنْ هَمَّامٍ، عَن قَتادة، عَن أَنَس".

ثم روى حديث جرير (13/464) (7248) ثم قال: "وَهَذا الحديثُ لَا نعلَمُ أحَدًا تَابَعَ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ عَلَيْه".

قلت: فالظاهر أن البزار فرّق بين الحديثين فنظر إلى متن كلّ واحد منهما! والغريب أن يتفرد جرير بهذا اللفظ!!

وقد أورده ابن عدي في ترجمته من «الكامل» (3/53) ثم ساق أيضاً من طريق الهيثم بن جميل الأنطاكي البغدادي الحافظ، عن جرير بن حازم، عن قتادة، عن أَنَس قال: «كانت للنبي صَلى الله عَليه وسَلم جمة بين أذنيه وعاتقه».

وقد تفرد بهذا اللفظ أيضاً!

وأحد روايات جرير هو جزء من الروايات الآتية في الحديث الآتي عن جرير، فأخشى أن تكون رواية همام هذه أيضاً جزء من الحديث الآتي؛ لأن إسناده فيه مشكلة!

والثابت عَنْ حُمَيْدٍ الطويل، وثَابِتٍ البُنانيّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ».

30- روى البخاري في «صحيحه» (7/162) (5907) قال: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الكَفَّيْنِ».

ورواه (5908) قال: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ».

قال: وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْنَ القَدَمَيْنِ وَالكَفَّيْنِ».

وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَوْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهًا لَهُ».

وقد سبق الكلام بتفصيل على هذه الروايات، وأن شُعْبَة رواه عَنْ قَتَادَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ! وأن قتادة كان يضطرب فيه! والظاهر أنه كان يُدلّسه!

31- روى البخاري في «صحيحه» (8/39) (6167) قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ؟ قَالَ: «وَيْلَكَ، وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا»؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا، فَمَرَّ غُلاَمٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَالَ: «إِنْ أُخِّرَ هَذَا، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».

قال البخاري: "وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

اعتمد البخاري على رواية همام لتمامها، وساق سند شعبة لما فيه ذكر السماع.

قال ابن حجر في «الفتح» (10/555): "(قَوْلُهُ: هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ) صَرَّحَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ قَتَادَةَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَنَسٍ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2033) (164) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ. [ح].

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسًا. [ح].

وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ - يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ-، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

ولم يسق لفظه، وإنما أحال على رواية سالم بن أبي الجعد، عن أنس.

قال الحافظ في «الفتح» (10/557): "(قَوْلُهُ: وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسًا) وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ، بَلِ أَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَنَسٍ، وَسَاقَهَا أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَلَفْظُهُ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ هَمَّامٍ، فَكَأَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِالِاخْتِصَارِ مَا زَادَهُ هَمَّامٌ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: «فَقُلْنَا وَنَحْنُ كَذَلِكَ، قَالَ: نَعَمْ، فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرحا شَدِيدا فَمر غُلَام» إلخ".

قلت: لا أظنّ أن شعبة اختصره، وإنما حدّث به كما سمعه من قتادة. وما أشار إليه ابن حجر موجود في رواية عن شعبة، وإنما ليس فيه فقط ما يتعلق بمرور الغلام.

فقد رواه البزار في «مسنده» (13/421) (7152) قال: حَدَّثنا محمد بن المثنى، قال: حَدَّثنا محمد بن جعفر، قال: حَدَّثنا شعبة، قال: أخبرنا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فقال: يا رسول اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. فَمَا رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد إسلامهم أَشَدَّ فَرَحًا مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ».

وقد رواه البخاري في «الأدب المفرد» (352) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، بمثل حديث شعبة بتمامه.

وقد روى البخاري في «صحيحه» (8/107) (6511) قال: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً، يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: «إِنْ يَعِشْ هَذَا لاَ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ». قَالَ هِشَامٌ: "يَعْنِي مَوْتَهُمْ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2269) (2952) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ الْأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ: «إِنْ يَعِشْ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ، قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ».

قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ وَعِنْدَهُ غُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ يَعِشْ هَذَا الْغُلَامُ، فَعَسَى أَنْ لَا يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».

قال: وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ-، قال: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنَزِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى غُلَامٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، فَقَالَ: «إِنْ عُمِّرَ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ذَاكَ الْغُلَامُ مِنْ أَتْرَابِي يَوْمَئِذٍ.

قال: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِاللهِ، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مَرَّ غُلَامٌ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ يُؤَخَّرْ هَذَا، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ».

فهذه الزيادة لا تحفظ من حديث قتادة عن أنس إلا من حديث همام، وهي ثابتة من طرق أخرى عن أنس.

وأصل الحديث دون هذه الزيادة رواه جماعة عن قتادة، منهم سعيد بن بشير.

رواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/14) (2596) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، قال: حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَثِيرَ شَيْءٍ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

ورواه عن أنس: ثَابِتٌ البُنَانِيّ، والزُّهْرِيّ، وإِسْحَاق بْنُ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وسَالِمُ بْنُ أَبِي الجَعْدِ.

32- روى البخاري في «صحيحه» (8/47) (6211) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، لاَ تَكْسِرِ القَوَارِيرَ». قَالَ قَتَادَةُ: "يَعْنِي: ضَعَفَةَ النِّسَاءِ".

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/1812) (2323) قال: وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنِي هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدًا يَا أَنْجَشَةُ، لَا تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ» - يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ -.

قال: وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ.

قلت: رواه البخاري لما فيه من ذكر السماع! لكن تتبعت كل الروايات عن همام كما هنا عند مسلم من رواية عبدالصمد، وعند أبي يعلى الموصلي من رواية هُدْبَة، ولا يوجد ذكر للسماع إلا فيما ذكره البخاري! وهذا غريب!!

لكن هذا لا يؤثر، فقد روى الحديث أيضاً هشام الدستوائي كما ذكر مسلم، ورواه أيضاً أبو يعلى في «مسنده» (5/433) (3126) قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مثله.

وقد رواه البخاري أيضاً في «صحيحه» (8/47) (6210) قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ غُلاَمٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ». قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: "يَعْنِي النِّسَاءَ".

·       رواية غريبة عن شعبة!

وفي «الجزء الرابع من فوائد أبي عثمان البحيري» (73) من طريق جُحْدَر بْن الْحَارِثِ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا سَافَرَ وَمَعَهُ النِّسَاءُ، قَالَ: «يَا أَنْجَشَةُ أَرْفِقْ بِالْقَوَارِيرِ». قَالَ شُعْبَةُ: "يَعْنِي النِّسَاءَ".

قلت: وهذا غريب من حديث شعبة! تفرد بِهِ بَقِيَّة عَن شُعْبَة عن قتادة!

وإنما رواه شُعْبَة، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَس.

وبقية ثقة لكن مشكلته كانت في التدليس والرواية عن الهلكى والضعفاء، وهو قد سمع من شعبة بعض الأحاديث، وكان شعبة يُثني عليه، لكن أُتي من التدليس!

قال ابن حبان بعد أن قال بأنه سبر حديثه وحاله: "وَلكنه كَانَ مدلساً، سمع من عبيداللَّه بْن عُمَر، وَشعْبَة، وَمَالِك، أَحَادِيث يسيرَة مُسْتَقِيمَة، ثُمَّ سمع عَن أَقوام كَذَّابين ضعفاء متروكين عَن عبيدالله بن عمر، وَشعْبَة، وَمَالِك، مثل المجاشع بْن عَمْرو، وَالسري بْن عَبْدالحميد، وَعمر بن مُوسَى المَيثمي، وأشباههم وأقوام لَا يعْرفُونَ إِلَّا بالكنى، فروى عَن أوليك الثِّقَات الَّذِينَ رَآهُمْ بالتدليس مَا سمع من هَؤُلاءِ الضُّعَفَاء، وَكَانَ يَقُول: قَالَ عبيداللَّه بْن عُمَر عَن نَافِع، وَقَالَ مَالِك عَن نَافِع كَذَا، فحملوا عَن بَقِيَّة عَن عبيداللَّه، وَبَقِيَّة عَن مَالِك، وَأسْقط الواهي بَينهمَا فالتزق الْمَوْضُوع بِبَقِيَّة، وتخلص الْوَاضِع من الْوسط، وَإِنَّمَا امتحن بَقِيَّة بتلاميذ لَهُ كَانُوا يسقطون الضُّعَفَاء من حَدِيثه ويسوونه فالتزق ذَلِكَ كُله بِهِ".

33- روى البخاري في «صحيحه» (8/59) (6263) قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَكَانَتِ المُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ».

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/372) (2729) قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «هَلْ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قلت: أخرجه البخاري لوجود سماع قتادة له من أنس، وفيه زيادة اختصرها البخاري.

رواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (5/252) (2871) قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ قَتَادَةُ: "وَكَانَ الحَسَنُ يُصَافِحُ".

ورواه ابن حبان في «صحيحه» (2/245) (492) عن أبي يعلى.

وقد رواه شعبة عن قتادة عن أنس بمعناه.

رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/246) (25719) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَافِحُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا».

34- روى البخاري في «صحيحه» (8/68) (6309) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قال: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [ح].

وحَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاَةٍ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/2105) (2747) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ، قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ».

قال: وحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ.

قلت: خرّجه البخاري لوجود السماع في إسناده، وساقه بعد أن روى حديث الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عن عَبْداللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، بنحوه.

وأما مسلم فساق أولاً حديث أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثم ساق حديث الْأَعْرَجِ وهَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثم ساق حديث الحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عن ابْنِ مَسْعُودٍ، ثم ساق حديث النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ، ثم حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، ثم ساق حديث إِسْحَاق بْن عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن أَنَس بْن مَالِكٍ، بذكر القصة كاملة في هذه الأحاديث، ثم ختم بحديث همام، عن قتادة، عن أنس، مختصراً.

·       وهم للبزار!

قال البزار في «مسنده» بعد أن رواه من طريق عبدالصمد، عن همام (13/445) (7206): "وهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلَمُه يُروَى عَن قَتادة، عَن أَنَس إلاَّ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ".

قلت: بل توبع عليه، تابعه شَيْبَان بن عبدالرحمن النحوي، وعُمَر بن إِبْرَاهِيمَ العبدي البصري.

أما حديث شيبان، فرواه أبو عوانة في «القدر» [كما في «إتحاف المهرة» لابن حجر (2/259) (1670)] من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْحَكَمِ الرَّمْلِيِّ وَجَعْفَرٍ الْقَلانِسِيِّ، قَالا: حدثنا آدَمُ، قال: حدثَنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، به.

وأما حديث عمر بن إبراهيم، فرواه أحمد في «مسنده» (20/443) (13227) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، به.

·       وهم للطبراني!

وقد رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (8/235) (8500) قال: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، قَالَ: حدثنا شَاذُّ بنُ الْفَيَّاضِ، قَالَ: حدثنا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا شَاذٌّ"!

قلت: بل تابعه عبدالصمد بن عبدالوارث كما تقدم عند أحمد في «مسنده».

·       عمر بن إبراهيم العبدي البصري!

وقد تكلموا في رواية عمر عن قتادة!

قَال يعقوب بْن شَيْبَة: سمعت أحمد بْن حنبل - وسئل عن عُمَر بْن إبراهيم- فَقَالَ: "قال عبدالصمد: أخرج إلينا كتاباً فِي لوح. وكان عبدالصمد يحمده". قال أحمد: "وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير، يُخالف".

وقال عَبدالله بن أَحمد: سأَلت أَبي عن عُمر بن إِبراهيم العَبدي، فقال: "رَوى عن قَتادة، وهو بَصري"، فَقلت لَه: هو ضَعيفٌ؟ فقال: "هاه، لَه مَناكيرُ، كان عَبدالصَّمَد يُحَدِّث عنه".

وقال أبو داود: قُلْتُ لأَحْمَدَ: عُمَر بن إِبْرَاهِيْم؟ قَالَ: كان أبو عامر يَقُولُ فِيه: - وذكر كلامًا، كأنه أثنى خيرًا، ولم ينكره. قَالَ: فَقَالَ أبو عامر: كانت أحاديثه فِي الألواح. - وأبو عامر هو العقدي.

وقال عثمان بن سعيد: قلت ليحيى بن معين، فعمر بن إبراهيم في قتادة؟ قال: "ثقة".

وقال ابن الجنيد، وإسحاق بن منصور، عن يَحْيَى بن معين، قال: "عُمَر بن إِبْرَاهِيْم: صَالِحٌ".

وقال البخاري: "عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: صَدُوقٌ".

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عمر بن إبراهيم صاحب قتادة؟ فقال: "يُكتب حديثه، ولا يُحتج به".

وذكره العقيلي في «الضعفاء» وأورد له حديثين منكرين عن قتادة، ثم قال: "ولَه غَير حَديث عن قَتادة مَناكير، لا يُتابَع منها على شَيء".

وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: "يُخطئ، ويُخالف".

ثم ذكره في «المجروحين» وقال: "كان ممن ينفرد عن قتادة بما لا يُشبه حديثه، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، فأما فيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسًا".

وأورده ابن عدي في «الضعفاء» وقال: "يروي عن قَتادَة أشياء لا يوافق عليها"، ثم أورد له سبعة أحاديث من منكراته عن قتادة، ثم قال: "ولعمر بن إبراهيم غير ما ذكرت من الأحاديث، وحديثه عن قَتادَة خاصة مضطرب، وهو مع ضعفه يُكتب حديثه".

وقال البرقاني: وسئل - أي الدارقطني- عن عُمَر بن إِبْرَاهِيْم يروي عن قَتَادَة؟ فَقَالَ: "بَصْرِيٌّ، لَيِّنٌ، يُتْرَكُ".

وقال الذهبي: "صدوق، حسن الحديث، له غلط يسير".

قلت: هو صدوق لكنه ينفرد عن قتادة بأحاديث مناكير، فلا يُحتج بما انفرد به، وكأنه أُوتي من ألواحه، فقد قال عبدالصمد أنه أخرج كتاباً في لوح، وقال أبو عامر العقدي أن حديثه كان في الألواح، فهذه إشارة إلى أن مشكلته كانت في ألواحه! فربما كان حديثه المكتوب في الألواح فيه اضطراب، أو هو لم يتقن ما فيها، فروى هذه المناكير عن قتادة، وهي ليست عنه! والله أعلم.

والمهم هنا أنه قد تُوبع على حديثه هذا عن قتادة، وهذا يدلّ على أن مشكلته كانت في أحاديثه المكتوبة في ألواحه ربما حصل فيها خلط، وهذا كان يحصل لبعض الرواة.

وله أحاديث أخرى رواها عن قتادة قد توبع عليها.

كالحديث الذي رواه له البزار في «مسنده» (13/369) (7027) قال: حَدَّثنا محمد بن المثنى، قال: حَدَّثنا الْخَلِيلُ بْنُ عُمَر بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن أَبِيه، عَن قَتادة، عَن أَنَس، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: «لو أن لابْنِ آدَمَ وَاديًا مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى، أَوْ لابْتَغَى وَادِيًا ثَانِيًا، ولاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلاَّ التُّرَابُ ويتوب الله على من تاب».

فهذا رواه شعبة وغيره عن قتادة، عن أنس.

35- روى البخاري في «صحيحه» (8/77) (6362) قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ المَسْأَلَةَ، فَغَضِبَ فَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ: «لاَ تَسْأَلُونِي اليَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ»، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَإِذَا رَجُلٌ كَانَ إِذَا لاَحَى الرِّجَالَ يُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «حُذَافَةُ»، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ، حَتَّى رَأَيْتُهُمَا وَرَاءَ الحَائِطِ».

وَكَانَ قَتَادَةُ، يَذْكُرُ عِنْدَ هَذَا الحَدِيثِ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].

ورواه أيضاً (9/53) (7089) قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ المِنْبَرَ فَقَالَ: «لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُ لَكُمْ» فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ، كَانَ إِذَا لاَحَى يُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الفِتَنِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ كَاليَوْمِ قَطُّ، إِنَّهُ صُوِّرَتْ لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ، حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الحَائِطِ». فَكَانَ قَتَادَةُ يَذْكُرُ هَذَا الحَدِيثَ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].

قال: وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا، وَقَالَ: «كُلُّ رَجُلٍ لاَفًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي» وَقَالَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الفِتَنِ» أَوْ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَوْأَى الفِتَنِ».

قال: وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَمُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا. وَقَالَ: «عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الفِتَنِ».

قلت: رواه البخاري من حديث هشام الدستوائي عن قتادة بالعنعنة في موضعين، وعلّق رواية سعيد بن أبي عروبة وسليمان التيمي لوجود سماع قتادة له من أنس. وهذه المعلقات أخرجها مسلم.

رواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/1834) (2359) قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «سَلُونِي، لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ. قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لَافٌّ رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلَاحَى فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ» ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، عَائِذًا بِاللهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، إِنِّي صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ».

قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-. [ح].

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، كِلَاهُمَا، عَنْ هِشَامٍ. [ح].

وَحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ.

ورواه الطبري في «تفسيره» (9/15) قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حدثثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، قَالَ: فَحَدَّثَنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فذكره.

ثم رواه من طريق سُفْيَان، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَكْثَرُوا عَلَيْهِ، فَقَامَ مُغْضَبًا خَطِيبًا فَقَالَ: «سَلُونِي، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ»، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ وَقَالَ: «سَلُونِي»، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ كَثُرَ بُكَاؤُهُمْ، فَجَثَا عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: "رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا".

قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَنَسٌ مِثْلَ ذَلِكَ: فَجَثَا عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ». قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَتْ أُمُّ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ: "مَا رَأَيْتُ وَلَدًا أَعَقَّ مِنْكَ قَطُّ، أَتَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَارَفَتْ مَا قَارَفَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَفْضَحَهَا عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ".

قلت: فرواه معمر عن قتادة، مرسلاً، وكأنه كان يُحدث به أحياناً مرسلاً عند تفسير الآية، ويُسنده أحياناً أخرى.

وقد رواه سعيد بن بشير عن قتادة أيضاً.

رواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/9) (2578) عن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الدِّمَشْقِيّ.

وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1218) (6878) عن يَزِيد بْنِ عَبْدِالصَّمَدِ الدِّمَشْقِيّ.

كلاهما عن أَبي الجُمَاهِرِ مُحَمَّد بْنِ عُثْمَانَ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، قال: حدثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] الْآيَةَ، فذكر القصة.

·       وهم للطبراني!

ورواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (3/129) (2698) قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الوَكِيعِيُّ، قَالَ: حدثنا أَبِي قَالَ: حدثنا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَلْحَفُوهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ»، الحديث.

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا أَزْهَرُ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ"!!

قلت: لم يتفرد به أزهر عن هشام! بل رواه عنه جماعة منهم: حفص بن عمر، ومُعَاذ بن فَضَالَة، وخالد بن الحارث، ومُحَمَّد بن أَبِي عَدِيٍّ، وأبو عامرٍ العَقدي، ورَوح بن عُبادة.

36- روى البخاري في «صحيحه» (8/90) (6421) قال: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ».

قال البخاري: "رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ".

قال ابن حجر في «الفتح» (11/241): "وَفَائِدَةُ هَذَا التَّعْلِيقِ دَفْعُ تَوَهُّمِ الِانْقِطَاعِ فِيهِ لِكَوْنِ قَتَادَةَ مُدَلِّسًا وَقَدْ عَنْعَنَهُ، لَكِنَّ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُ عَنِ المُدَلِّسِينَ إِلَّا بِمَا عَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي سَمَاعِهِمْ، فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ التَّصْرِيحُ والعَنْعَنَةُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ".

قلت: لم يسق حديث شعبة لأنه خالف غيره في متن الحديث! فكأن شعبة اختصره وحدّث به بفهمه!

رواه أحمد في «مسنده» (20/140) (12721) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ، وَيَبْقَى مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ، وَالْأَمَلُ».

ورواه أيضاُ (21/368) (13917) عن حَجَّاج، ويَحْيَى بْن سَعِيدٍ. و(19/236) (12202) عن وَكِيع، وَمُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ، كلهم عن شُعْبَة، به.

فشعبة قال: "الحرص، والأمل"! فالحرص على ماذا؟ ففي رواية أبي عوانة: "الحرص على المال، والحرص على العمر"، والحرص على العمر هو طول الأمل. وجاء ذلك أوضح في رواية هشام: "حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ"، ولهذا اختار البخاري هذه الرواية، وأشار لرواية شعبة كونه لا يُحدّث عن قتادة إلا بما ثبت عنده سماعه له من أنس.

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (2/724) (1047) قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ».

قال: وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِثْلِهِ.

وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (4/148) (2339) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، به.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

·       وهم لسعيد بن بشير!

ورواه سعيد بن بشير عن قتادة، ووهم في إسناده!

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (7/213) (6888) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ الْبَغْدَادِيُّ، قال: حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، قال: حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ، وَيَشِبُّ مِنْهُ اثْنَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَطُولُ الْعُمُرِ».

قلت: أخطأ سعيد بن بشير في إسناده! فرواه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة! والصواب: عن قتادة، عن أنس.

37- روى البخاري في «صحيحه» (8/106) (6507) قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ - هو: ابْنُ مِنْهَالٍ-، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قال البخاري: "اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَمْرٌو، عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ورواه مسلم في «صحيحه» (4/2065) (2683) قال: حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

قال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ.

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللهِ الرُّزِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ»، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

قال: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

ورواه الترمذي في «جامعه» (2/370) (1066) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ أَبُو الأَشْعَثِ العِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قال الترمذي: "حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ثم رواه (1067) قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. [ح].

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَسَخَطِهِ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه أيضاً (4/131) (2309) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قال الترمذي: "وَفِي البَاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي مُوسَى. حَدِيثُ عُبَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

·       هل اختصر شعبة الحديث؟!

قلت: اعتمد البخاري على رواية همام المطولة، في حين اكتفى مسلم بأصل الحديث دون قول عائشة!

وأشار البخاري إلى أن أَبا دَاوُدَ الطيالسي، وعَمْرو بن مرزوق روياه عَنْ شُعْبَةَ، عن قتادة، فاختصراه! = يعني اكتفيا بأصل الحديث دون قول عائشة وما بعده! ثم أشار إلى أن سَعِيد بن أبي عروبة خالفهم في روايته، فرواه عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وكأنه يُعلل رواية سعيد هذه!

في حين نجد مسلماً رواها بتمامها، وصححها الترمذي كما صحح الرواية الأخرى! = يعني أن كلا الإسنادين صحيحين عند مسلم والترمذي!

وما قاله البخاري بأن أبا داود وعمرو بن مرزوق اختصراه عن شعبة، فظاهره أنهما هما من اختصراه، ويحتمل أنه أراد أنهما روياه عنه مختصراً لا أنهما هما من اختصراه.

فقد رواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/468) (575) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

ورواه الشاشي في «مسنده» (3/108) (1165) عن إِبْرَاهِيم بْن عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (20/388) (11808) عن أبي قلابة عَبدالمَلِك بْن مُحَمَّد الرقاشي.

والبيهقي في «الأسماء والصفات» (2/463) (1048) من طريق يُوسُف بن يَعْقُوبَ بن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن زيد القاضي.

ثلاثتهم عن عَمْرو بن مَرْزُوقٍ، قال: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

ورواه أحمد في «مسنده» (37/370) (22696) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (6/13) (3235) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، قال: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ عُبَادَةَ بِنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قلت: فهؤلاء كلهم رووه عن شعبة مختصراً، وشعبة رواه هكذا كما سمعه من قتادة، فهو لم يختصره، ولا كذلك أبو داود وعمرو بن مرزوق.

وأما رواية همام فقد رواه بعضهم عنه أيضاً مختصراً كما رواه مسلم عن هُدبة عنه.

رواه أحمد في «مسنده» (37/408) (22744) قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، وَبَهْزٌ قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قال: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

وكذا رواه أبو عوانة في «مستخرجه» (20/389) (11809) عن أبي يوسف الفارسي يعقوب بن سفيان، عن عمرو بن عاصم، عن همام.

ولما رواه البزار في «مسنده» من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة (7/126) (2679) قال: "وهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عُبَادَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ".

وقد رُوي عن قتادة بإسناد آخر!

رواه الطبراني في «المعجم الأوسط» (4/338) (4370) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حدثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا يَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هُوَ بِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، فَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا أَصَابَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ، فَلَا شَيْءَ أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِمَّا أَتَاهُ، فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

قلت: فهذا وإن خالف سعيد بن بشير في إسناده غيره إلا أن فيه تقوية لحديث سعيد بن أبي عروبة أن الحديث عن عائشة، وكذا ضبطه لمتنه.

فكأن قتادة لم يكن يضبطه، فكان يحدث به عن أنس، عن عبادة مختصراً، وأحياناً يحدث به هكذا، ثم يزيد عليه قول عائشة، وأحياناً يرويه عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بطوله.

ولا يُستبعد أن يكون سعيد بن بشير ضبطه عن قتادة أيضاً كما رواه عنه، والله أعلم.

·       علّة خفية جداً أشار إليها ابن حجر!

قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (11/358): "(قَوْلُهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ): كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالشَّكِّ، وَجَزَمَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي قَالَتْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَرَدَّدْ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا تَظْهَرُ صَرِيحًا، هَلْ هِيَ مِنْ كَلَامِ عُبَادَةَ، وَالمَعْنَى أَنَّهُ سَمِعَ الحَدِيثِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مُرَاجَعَةَ عَائِشَةَ، أَوْ مِنْ كَلَامِ أَنَسٍ بِأَنْ يَكُونَ حَضَرَ ذَلِكَ، فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا بِلَفْظِ: «فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ»، فَيَكُونُ أَسْنَدَ الْقَوْلَ إِلَى جَمَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لَهُ وَاحِدًا وَهِيَ عَائِشَةُ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا، وَفِيهَا: «فَأَكَبَّ الْقَوْمُ يَبْكُونَ، وَقَالُوا: إِنَّا نَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ»، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ حَدِيثِ البَابِ، وَفِيهِ: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُشِفَ لَهُ»، وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ أَرْسَلَهُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ، وَوَصَلَهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْهُ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ، فَيَكُونُ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ إِدْرَاجٌ، وَهَذَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِي، فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هَمَّامٍ مُقْتَصِرًا عَلَى أَصْلِ الْحَدِيثِ، دُونَ قَوْلِهِ: «فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ»، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ مَوْصُولًا تَامًّا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَأَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، وَكَذَا جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِدُونِ الْمُرَاجَعَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو يَعْلَى جَمِيعًا عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هَمَّامٍ تَامًّا كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ هَمَّامٍ، وَهُدْبَةُ هُوَ هداب شيخ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّ مُسْلِمًا حَذَفَ الزِّيَادَةَ عَمْدًا لِكَوْنِهَا مُرْسَلَةً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَاكْتَفَى بِإِيرَادِهَا مَوْصُولَةً مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَقَدْ رَمَزَ الْبُخَارِيُّ إِلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلَّقَ رِوَايَةَ شُعْبَةَ بِقَوْلِهِ: اخْتَصَرَهُ إِلَخْ، وَكَذَا أَشَارَ إِلَى رِوَايَةِ سَعِيدٍ تَعْلِيقًا، وهَذَا مِنَ الْعِلَلِ الْخَفِيَّةِ جِدًّا".

قلت: فابن حجر يرى أن قول عائشة ومراجعتها للنبي صلى الله عليه وسلم من كلام قتادة أرسله في الرواية، فهو مدرج فيها، وهذا من العلل الخفية جداً كما قال رحمه الله.

وأستبعد ما رآه ابن حجر من أن مسلماً كأنه حذف الزيادة لأنها مرسلة، وأوردها موصولة بعد ذلك! وإنما مسلم رواه كما وقع له، وقد بينت آنفاً أن بعض الرواة رووه عن همام هكذا مختصراً، فهل هم أيضاً حذفوا الزيادة لأنها مرسلة؟!

ثم إن مسلماً بحسب ترتيبه لأحاديث الباب قدّم رواية همام، ثم رواية شعبة، ثم رواية سعيد التي فيها قول عائشة، مع أن هناك اختلاف بين أصحاب قتادة عليه في إسناد الحديث!

ثم ساق رواية زَكَرِيَّاءَ بن أبي زائدة، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ اللهِ» مختصراً.

ثم ساقه من رواية مُطَرِّف بن طَريف، عَنْ عَامِرٍ الشعبيّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ»، قَالَ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا إِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَقَدْ هَلَكْنَا، فَقَالَتْ: إِنَّ الْهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، وَلَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَتْ: قَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ بِالَّذِي تَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ إِذَا شَخَصَ الْبَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ، وَاقْشَعَرَّ الْجِلْدُ، وَتَشَنَّجَتِ الْأَصَابِعُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ».

وفي رواية أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ عند أحمد (14/229) (8556) قَالَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ: "بَيْنَمَا أَنَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ إِذْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لَا يُحِبُّ رَجُلٌ لِقَاءَ اللهِ إِلَّا أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَلَا أَبْغَضَ رَجُلٌ لِقَاءَ اللهِ إِلَّا أَبْغَضَ اللهُ لِقَاءَهُ "، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: لَئِنْ كَانَ مَا ذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا لَقَدْ هَلَكْنَا...".

فهذا الحديث أصحّ من حديث قتادة، ولا اختلاف في إسناده، وكان ينبغي تقديمه في الباب.

38- روى البخاري في «صحيحه» (8/112) (6538) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [ح].

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ كُنْتَ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ».

ورواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/2161) (2805) قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا - مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يُقَالُ لِلْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ».

قال: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. [ح].

وحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُالْوَهَّابِ - يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ-، كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «فَيُقَالُ لَهُ: كَذَبْتَ، قَدْ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ».

قلت: رواه البخاري عن هشام، ثم ساق رواية سعيد لأن فيها سماع قتاده له من أنس.

وكذا رتّب مسلم الروايات في «صحيحه».

وقد رواه بعضهم عن سعيد بزيادة آية قرآنية فيه.

رواه أحمد في «مسنده» (21/17) (13288) عن رَوْح بن عبادة.

والطبري في «تفسيره» (5/571) عن بِشْر بْنِ مُعَاذٍ العَقَدِيّ، عن يَزِيد بن زُريع.

كلاهما عن سَعِيد بن أبي عروبة، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ، فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، قَالَ: فَيُقَالُ: لَقَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ». "فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ} [آل عمران:91]".

وكأن هذا القول الأخير من قول قتادة، ولهذا لم يورده البخاري ولا مسلم، والله أعلم.

ورواه الطبراني في «مسند الشاميين» (4/10) (2580) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قال: حدثَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقَالُ لِلْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ: قَدْ كَلَّفْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا، {وَبِئْسَ الْمِهَادُ}[آل عمران:12]».

فهذه من أحاديث سعيد بن بشير الصحيحة عن قتادة، إلا أنه ساق آية أخرى في آخر الرواية!

وروى ابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/702) (3807) قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ - هو: ابْن عَبداللَّهِ بْن سَعْد الدشتكي-، قال: حدثنا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ - هو: الرازي-، عَنْ أَبِيهِ: قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} قَالَ: ذَكَرَ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَن ّرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُجَاءُ بِالْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوَ كان ملئ الأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ لَقَدْ سُئِلَتْ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ».

وهذا الإسناد لا بأس به في المتابعات.

وقد روى شعبة هذا الحديث عن أنس بواسطة أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ مع بيان للمتن.

رواه مسلمٌ في «صحيحه» (4/2160) (2805) قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ - أَحْسِبُهُ قَالَ: وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ - فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ».

وقد بدأ مسلم الباب بهذا الحديث، ثم ساق حديث قتادة عن أنس.

فهذه (38) حديثاً أخرجها البخاري في «صحيحه» عن قتادة عن أنس من غير طريق شعبة، وفي أغلبها كان يخرّج رواية هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة لأنهما من أوثق الناس في قتادة. وقد وافقه مسلم والترمذي في كثير منها.

وقد أخرج بعض الأحاديث التي فيها اختلاف على قتادة! وتفرد بعض أصحابه بها! وفي بعضها بعض العلل!

·       فوائد البحث:

1- حديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ وَسَيِّئِ الْأَسْقَامِ» حديث مشهور، رواه حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وهَمَّامُ بن يحيى العَوْذيُّ، وشَيْبَانُ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، ثلاثتهم عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفهم مَعْمَرُ بنُ راشدٍ، فرواه عن قتادة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً، ولم يذكر فيه "أنساً"!

ولم يذكر قتادة السماع في هذا الحديث عن أنس، وهو بالعنعنة في كل طرقه.

2- زاد شيبان على غيره في متنه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالْعَيْلَةِ وَالذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّمَمِ وَالْبَكَمِ»! وكان شيبان يخطئ أحياناً! ولعل هذا فعلاً سمعه من قتادة، وكان يدلسه!

3- الحديث دلّسه قتادة، وقد أخذه من يَزِيدَ بن أبان الرَّقَاشِيِّ، وقد رواه يزيد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وقد سمع قتادة من يزيد، وضعّفه.

4- من القرائن التي تدلّ على أن قتادة دلّسه:

أولاً: أن الحديث يُعرف بيزيد الرقاشي عن أنس، وهو يروي مناكير عن أنس.

ثانياً: لم يروه شعبة الذي كان يُحدّث بكل حديث ثبت سماع قتادة له من أنس، ولم يروه أصحاب قتادة الملازمين له وأكثروا عنه كهشام الدستوائي الذي هو من أعلم الناس بحديث قتادة، وسعيد بن أبي عَروبة.

ثالثاً: الحديث من رواية الشيوخ عن قتادة، ولا يُعرف عن أنس إلا من حديث يزيد الرقاشي! واختلاف الرواة على قتادة فيه يدلّ على أنه كان يُدلسه، فكان أحياناً يرويه عن أنس دون ذكر السماع، وأحياناً يرسله دون ذكر أنس!

5- قاعدة مهمة ذكرها البَرْدِيْجِيُّ (230 - 301هـ) في رواية أصحاب قتادة عنه، قال: "أحاديث شعبة، عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها صحاح، وكذلك سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، إذا اتفق هؤلاء الثلاثة على الحديث فهو صحيح، وإذا اختلفوا في حديث واحد، فإن القول فيه قول رجلين من الثلاثة، فإذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث، وإذا انفرد واحد من الثلاثة في حديث نُظِرَ فيه: فإن كان لا يعرف من الحديث إلا من طريق الذي رواه كان منكراً.

وأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ، مثل حماد بن سلمة، وهمام، وأبان، والأوزاعي، فينظر في الحديث: فإن كان الحديث يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أنس بن مالك، من وجه آخر، لم يدفع، وإن كان لا يعرف عن أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا من طريق عن أنس إلا من رواية هذا الذي ذكرت لك، كان منكراً".

وهذه القاعدة لعله استفادها من صنيع الإمام البخاري في «صحيحه»، ففيه غالب روايات قتادة عن أنس خرّجها البخاري من طريق شعبة، وكان من غير طريق شعبة يأتي بطرق معلقة من أجل إثبات سماع قتادة من أنس لتلك الأحاديث، أو يذكر متابعات أخرى لقتادة عن أنس.

6- الغالب على المُدلّس عندما كان يُدلّس ألا يقول "عن فلان"، وإنما يقول: "ذُكر عن فلان" ونحو هذه العبارات، فمن يروي عنه هو من يستعمل صيغة "عن".

7- سمع مَعمر من قتادة ولازمه في البصرة وهو ابن أربعة عشر عاماً، وحديثه عنه متقن، وكان يقول: إن كلّ حديث سمعه منه كأنه منقوش في صدره للدلالة على حفظه.

8- روى ابن أبي خيثمة عن يَحْيَى بن مَعِيْن، عن مَعْمَر، قال: "جلستُ إِلَى قَتَادَة وأنا صغير، فلم أحفظ أسانيده".

وأورده بعض العلماء في كتبهم بلفظ: "فلم أحفظ عنه الأسانيد".

وأورده بعضهم بلفظ: " فَلم أحفظ عَنهُ إِلَّا الْأَسَانِيد".

والصواب لفظ: "فلم أحفظ عنه الأسانيد"، وكلمة "إلا" زائدة من النساخ لأنها جاءت في بداية كلمة "الأسانيد".

9- من نقل عن معمر أنه قال: "فلم أحفظ عنه الأسانيد" ضعّف روايته في قتادة! لأنه هنا يقول عن نفسه أنه لم يحفظ أسانيد قتادة!

وهذا لم يقصده معمر، بل هو قد حفظ عنه الأسانيد التي سمعها منه، وإنما قصد بذلك الأسانيد التي كانوا يسألون قتادة عنها لما يُحدّث وكان في مجلسه بعض الجهّال العوام من كبار السن، فينهرونهم عن ذلك بحجة أن قتادة لا يحتاج لأن يذكر أسانيده، وهو سند بنفسه!

10- كان قتادة يغضب إذا سأله بعض الناس عن أسانيده.

11- قول مالك في معمر: "نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ لَوْلَا رِوَايَتُهُ التَّفْسِيرَ عَنْ قَتَادَةَ"، لا يعني تضعيفه له، وإنما كان يكره رواية التفسير الذي يكون بلا أسانيد عموماً، وهو من أقوال الرجال، فكره لذلك تفسير قتادة؛ لأنه من قوله، وغالبه لم يُسنده لأحد، وقد أكثر منه.

12- روى التفسير عن قتادة سعيد بن أبي عروبة، وكان يحفظه عنه.

وقد روى الطبري من «تفسير قتادة» هذا في «تفسيره» عن بِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، عن يَزِيد بنِ زُرَيْعٍ، عن سَعِيد بن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ.

13- التفسير المطبوع باسم «تفسير عبدالرزاق» في ثلاثة مجلدات غالبه عن معمر عن قتادة في تفسيره لبعض آيات القرآن.

14- ضعّف الدارقطني رواية معمر عن قتادة، فقال: "معمر سيء الحفظ لحديث قتادة"، وتبعه على ذلك ابن رجب الحنبلي وغيره. وكأنه اعتمد قوله: "لم أحفظ عن قتادة الأسانيد"! وهذا ما احتج به ابن رجب!

وهذا مستند ليس بصحيح؛ لأن قوله هذا ليس فيما حدث به عنه، وإنما فيما لم يسمع إسناده منه، ولم يُحدّث به أصلاً، وحديثه عن قتادة قوي ومتقن.

15- «أبو بكر بن عمير» رجل مجهول، لا يُعرف إلا في حديث رواه عن أبيه، وقد أثبت البخاري وأبو حاتم لوالده الصحبة بهذا الحديث، ولا تثبت صحبته؛ لأن الحديث يرويه معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه، وخالف غيره في إسناده، وكان يضطرب فيه!

وقد صحح إسناد الحديث ابن عبدالبر فأخطأ؛ لأن أبا بكر وأبيه مجاهيل!

16- «عُمير والد أبي بكر» غير «عُمير بن عمرو الأنصاري»! وكلاهما لا تثبت له صحبة! والأسانيد التي جاء فيها صحبتهما واهية لا تصح!

17- حديث: زيادة سبعين ألفاً بِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعِينَ، وتكملتهم مِنَ الْأَعْرَابِ! حديث مضطرب منكر!

18- أخطأ قتادة في اسم «محمود بن الربيع» في حديث: «أن عتبان بن مالك أصيب بصره في عهد النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم...»، فقال: «محمود بن عمير بن سعد»، وقال مرة: «محمود بن عمرو»! وكان يضطرب فيه! فلا وجود لمحمود بن عمير بن سعد! وإنما الحديث لمحمود بن الربيع. وقد أخطأ من أثبت وجود محمود بن عمير به! وكان قتادة يدلّس الحديث أحياناً، ولم يسمعه من أنس.

19- عمير بن سعد والي عُمَر بن الخطاب على بعض الشّام، مات وليس له عقب كما قال ابن سعد، فمن نسب له ابناً فقد وهم! وكان أبوه سعد بْن عُبَيْد قتل شهيدًا يوم القادسية سنة ستّ عشرة وهو ابن أربع وستّين سنة.

20- حديث: «إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، وَجَمَعَ كَفَّيْهِ...» حديث منكر!

21- البخاري لم يخرّج لمعمر عن قتادة، وإنما علّق له حديثاً واحداً في المتابعات، وأخرج له مسلم عن قتادة ثلاثة أحاديث في المتابعات أيضاً.

22- احتج البخاري بحديث جَرِير بن حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ اليَدَيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ بَسِطَ الكَفَّيْنِ» في موضعين، ولم يُذكر السماع بين قتادة وأنس! وقد استنكر ابن معين وأحمد روايات جرير عن قتادة، ومنها هذا الحديث!

وقد اختلف على قتادة في إسناده، ولم يتفرد به جرير، وإنما كان قتادة يرويه على عدة أوجه ويُدلّسه، وأصح رواية فيه رواية شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ.

23- الذي ظهر لي أن البخاري ومسلم لم يذهبا إلى ضعف رواية معمر عن قتادة، وإنما استغنيا برواية أصحاب قتادة الآخرين ممن سمع منه كثيراً ولازمه أكثر من مَعمر، فمعمر سمع منه وهو صغير مدة ثلاث سنوات، وغيره سمع منه أكثر من ذلك ولازمه أكثر كسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة الذي كان يقفه على كل حديث حتى لا يُدلّسه.

24- رواية معمر عن قتادة فيما يسنده للنبي صلى الله عليه وسلم قليلة جداً مقارنة بروايات غيره من أصحاب قتادة، وقد أكثر معمر من الرواية عن قتادة في الآثار والموقوفات والفتاوى، وهذا يؤيد ما ذكرناه من تفسير كلمة معمر أنه لم يحفظ عنه الأسانيد.

25- كثير من الأحاديث التي أسندها معمر عن قتادة وافق فيها أصحاب قتادة مما يدلّ على ضبطه وحفظه لما سمعه من قتادة.

26- تفرد هشام الدستوائي عن قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». ولم يذكر قتادة سماعه من أنس! فلو كان سمعه من أنس لحدّث به غيره، وانفراده عنه به فيه مظنّة تدليسه له؛ لأن الحديث الذي لا يُدلّسه يُحدّث به أكثر من مرة، ولو كان هذا الحديث مما سمعه من أنس لرواه كثيراً. والحديث معروف ومشهور عن أنس، لكن عن قتادة عن أنس لا يعرف إلا من رواية هشام.

والحديث يرويه عن أنس: يزيد الرقاشي، فربما أخذه قتادة منه!

27- حديث قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» رواه مسلم في «صحيحه»! وقد أعلّه ابن عمار الشهيد بأن قتادة لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، وإنما سَمِعَهُ مِنْ سِنَانٍ أَبي التَّيَّاحِ الضُّبُعِيّ. وقتادة لم يدرك سنان.

وقد اختلف على قتادة في إسناده! وكان أحياناً لا يذكر "ابن عباس" فيه! والحديث مرسل على كل الأحوال، وكان قتادة يُدلّسه!

28- كَانَ شُعْبَة يُنكر حَدِيث قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا»! إنكاراً شديداً! وكان يَرَى أَنَّهُ عَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ.

والحديث تفرد به سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لم يروه غيره! ولم يذكر فيه سماعه له من أنس! وكأنه كان يدلسه، ولهذا كان شعبة ينكره عليه.

والحديث صحّ من حديث أم سلمة.

29- حديث قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، والقُسْطُ البَحْرِيُّ»، الصواب فيه الإرسال دون ذكر "أنس".

وصح من حديث حُمَيْدٍ الطَّوِيل، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الحَجَّامِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، وَالقُسْطُ البَحْرِيُّ».

30- تفرد مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ»! ولم يذكر قتادة فيه السماع من أنس! ويخالفه الأحاديث التي ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه. وقد أخطأ من صحح حديث معمر عن قتادة! وحمل الأحاديث على تعدد الواقعة! فالحديث لا يقبل لعدم ذكر قتادة فيه السماع، ولنكارته ومخالفته للمحفوظ!

31- استنكر أهل العلم ما رواه جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ مِنَ الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ»! وقد اختلف في إسناده على قتادة، والصواب فيه الإرسال، وكأن قتادة كان يدلّسه! وهو حديث منكر!

32- كثيراً ما يتحرف «سعيد» إلى «شعبة»، وخاصة في الأحاديث التي يرويها سعيد عن قتادة؛ لأن سعيدا، وشعبة كلاهما يروي عن قتادة.

33- الأحاديث التي رواها شعبة عن قتادة لا تدليس فيها، وهي مما سمعه قتادة من أنس، وكان البخاري يكثر من تخريج حديث شعبة عن قتادة عن أنس.

34- ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث قتادة، إنما يرجع إلى مسألة معرفة أصحاب الراوي بحديث شيخهم.

35- روى قَتَادَة، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مُسْرَجًا مُلْجَمًا لِيَرْكَبَهُ فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ فَوَاللَّهِ مَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ فَارْفَضَّ عَرْقُهُ»، وكان قتادة يرسله! وكان أحياناً يُحدّث به عن أنس! وكان يُدلّسه! وهو لفظ منكر لا يوجد في حديث الإسراء الطويل المعروف المشهور!

36- أخرج البخاري في «صحيحه» (36) حديثاً عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، وقد كرر بعضها في عدة مواضع، وكلها محفوظة ذكر فيها قتادة سماعها من أنس. وكان شعبة يسأل قتادة عن سماعه في بعضها إذا لم يذكر السماع، وحرص البخاري - مع أن شعبة قد تكفل بأن هذه الأحاديث التي يُحدّث بها عن قتادة إنما سمعها من أنس- حرص على الإتيان بالروايات التي فيها السماع، وإن لم يكن فيها، فيأتي بروايات أخرى عن قتادة من رواية أصحابه عنه فيها ذكر السماع فيعلقها، أو يروي شواهد للحديث.

37- وافق مسلمٌ البخاريَّ بتخريج (30) حديثاً عن شعبة، ووافقه الترمذي بتخريج (19) حديثاً عن شعبة، وصححها كلها، وغالبها قال فيه: "حديث حسن صحيح".

38- وافق معمر شعبة في (7) أحاديث عن قتادة، وخالفه في واحد فأرسله عن قتادة.

39- اختصر البخاري حديثا وتصرف بلفظه، ورواية مسلم لهذا الحديث كانت أدق، وأحياناً يكون ترتيب مسلم أدق، وأحياناً العكس.

40- علّق البخاري بعض الأحاديث عن إبراهيم بن طَهْمان، وعلق له حديثاً عن شعبة، عن قتادة، عن أنس! وسبب تعليق حديثه أنه كان يخطئ فيها، ويخالف ما هو المحفوظ.

41- علقّ البخاري بعض الأحاديث لخليفة بن خياط مستفيداً منها في بيان سماع قتادة من أنس. وهذه الأحاديث هي سماع له من خليفة، وتعليقه لها ليس كما قال ابن حجر أنه علقها لأنه أخذها منه في حال المذاكرة! وإنما كان يعلق له لأن في حديثه مشكلات، وحديثه ليس بذاك.

42- كان البخاري إذا لم يُخرّج الحديث عن شعبة عن قتادة لعدم وجوده أو إيجاده أو حيدته عنه لسبب ما، فإنه يخرج حديث هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، فيروي حديثهما في مكان واحد، أو يفرقه في عدة مواضع، وغالباً ما يخرج أيضاً معهما حديث همام بن يحيى وغيره، ويذكر السماع في بعضها، أو يعلق بعض الروايات لما فيها من سماع قتادة من أنس.

43- كان البخاري أحياناً يخرّج حديث همام بن يحيى العوذي عن قتادة ولا يوجد له متابع إذا كان فيه ذكر السماع، وكان يركز على وجود السماع في الأسانيد!

44- أنكر شعبة حديث قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالَ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي الصَّلَاةِ»! بأن قتادة لم يسمعه من أنس! وقد اختلف فيه عليه، ورواه أكثر من واحد عنه مرسلاً، وكأنه دلّسه عن أنس.

45- أخرج البخاري حديث ابن وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ، وَالمَغْرِبَ، وَالعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى البَيْتِ، فَطَافَ بِهِ». ثم قال: "تَابَعَهُ اللَّيْثُ، قال: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وهذا من أغرب الأحاديث التي رواها البخاري في «صحيحه»!! كلا الإسنادين مصري لمحدّث بصري مشهور! ولا يوجد الحديث عند أصحابه البصريين!

ولتركيز الإمام البخاري على مسألة السماعات في الأسانيد خرّجه وعلّق الرواية الأخرى لوجود التحديث فيها!! وكلا الإسنادين فيه خلل، ويرجع أحدهما للآخر، وعمرو بن الحارث يروي عن سعيد بن أبي هلال، وكلاهما مصري، وأصلهما من المدينة، وسعيد أكبر من عمرو بنحو عشرين سنة، وعمرو يضطرب في حديث قتادة ويخطئ فيه، وسعيد يخلط في الأحاديث، ولم يثبت سماعه من أنس، وهو يروي بواسطة عن أنس! وكان حديثه القديم في مصر مضبوطاً، ثم خرج إلى المدينة فأتى بكتب فيها أحاديث عن كل أحد، عن الصغار وغيرهم، ومن هنا دخل حديثه ما دخل! وكان أبو زرعة الرازي يتوجس من حديثه الذي يرويه عنه خالد بن يزيد! فلعل حديثه عن قتادة مما جاء به من هناك!

46- روى البخاري حديثاً عن أصحاب قتادة، ثم علق رواية لعَمْرو بن الحَارِثِ عن قتادة عن أنس؛ لأنه ذكر فيها سماع قتادة له من أنس! وقد خرجه مسلم في آخر الباب بسنده ومتنه، ولفظه يختلف قليلاً عن لفظ أصحاب قتادة، وعمرو يخطئ ويضطرب في حديث قتادة كما قال أحمد.

47- لم يذكر البخاري في «التاريخ الكبير» في ترجمة «عمرو بن الحارث» أنه سمع من قتادة أو روى عنه! وإنما ذكر أن قتادة سمع منه!

48- لم يذكر البخاري في «التاريخ الكبير» في ترجمة «سعيد بن أبي هلال» أنه سمع من قتادة أو روى عنه!

49- العجب من الإمام البخاري ركّز على مسألة أصحاب قتادة في تخريج حديثه في «صحيحه»، لكنه خالف ذلك وخرّج حديث عمرو بن الحارث الذي يتفرد به عن قتادة، ولا يعرفه أصحابه! وكذلك علّق حديث سعيد بن أبي هلال عن قتادة! على عدم ثبوت سماعهما من قتادة! وعلى نُدرة حديثهما عنه! واضطراب حديثهما عنه واختلاطه!!

50-  أخرج البخاري حديثاً تفرد به همام بن يحيى العوذي عن قتادة، وخرجه لما في إسناده من ثبوت سماع قتادة له من أنس. وكذا فعل مسلم، والترمذي.

51- أخرج البخاري حديثاً تفرد به معاذ بن هشام عن أبيه، عن قتادة، عن أنس! ولا يُعرف عن قتادة عن أنس إلا من روايته! وخرجه لما فيه من ذكر السماع! ويُروى الحديث عن ابن جُدعان عن أنس، وعن ثابت عن أنس من رواية حماد بن سلمة، وكذلك يُروى من مراسيل سعيد بن المسيّب!

52- حديث: «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ» أخرجه البخاري من حديث سعيد بن أبي عروبة، وقد تفرد به! وأشار إلى وجود سماع قتادة له من أنس في بعض طرقه، ومن أجل ذلك أخرجه.

وقد اختلف فيه على قتادة كثيراً، وأصله مرسل! وقد سلك فيه سعيد الجادة فرواه "عن قتادة عن أنس"!

53- أعلّ البخاري حديث مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «ارْتَجَّ أُحُدٌ وَعَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ»، بما رواه هشام بْن سَعْد، عَنْ أَبِي حازم وزيد بْن أسلم أخبراه: أن سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال: "وهذا عَنْ سَعِيد بْن زيد أشهر".

وقد سلك فيه معمر الجادة: "عن أبي حازم، عن سهل بن سعد"، وخالفه هشام بن سعد، فرواه عن زيد بن أسلم وأبي حازم، كلاهما عن سعيد بن زيد. فلا مدخل لسهل بن سعد فيه، وقد أخطأ فيه معمر!

وهو مرسل؛ فزيد بن أسلم المدني (ت136هـ)، وأبو حازم المدني (ت ما بين 133 - 144هـ)، لم يسمعا من سعيد بن زيد العدوي المدني (ت50هـ).

54- حديث «اثْبُتْ أُحُدُ...» يُروى من طرق عن سعيد بن زيد، وكلّ طرقه ليّنة علل بعضها البخاري في تراجم بعض الرواة من «تاريخه الكبير».

وهناك اختلاف بين حديث سعيد بن زيد، وحديث أنس، فهذا ذكر أحداً، وذاك ذكر حراء! وهذا ذكر ثلاثة، وذاك ذكر عشرة! حتى ذهب بعض أهل العلماء إلى تعدد القصة! وكلّ طرق الحديثين ليّنة!

55- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ...» أخرجه مسلمٌ في «صحيحه»، وصححه الترمذي، وقد تفرد به سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة! وتفردات سهيل لا تُقبل، وخاصة فيما ينفرد به عن أبيه من حديث أبي هريرة! ولا يُحتج به.

56- من مناكير سُهَيْل بن أبي صالح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ...»، قَالَ: «وَبِئْسَ الرَّجُلُ فُلَانٌ، وَبِئْسَ الرَّجُلُ فُلَانٌ..»! وحسّنه الترمذيّ! وصححه ابن حبان، والحاكم!

57- تكلموا في حديث سعيد بن بشير عن قتادة، وهو يروي عنه غرائب، ويخالف أصحابه في أشياء يهم فيها، لكن يُستعان بما عنده من روايات في إثبات صحة بعض ما ينفرد به أصحاب قتادة عنه؛ لأنه سمع من قتادة قديماً في البصرة مع سعيد بن أبي عروبة قبل أن يرحل للشام.

وكَانَ أبوه بشير شَرِيكاً لأبي عَرُوبَة، فأقدم بشير ابنه سَعِيداً البصرة، فبقي بالبصرة يطلب الحديث مع سَعِيد بْن أَبي عَرُوبَة.

ومن نظر في «مسند الشاميين» وجد أحاديث رواها سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس وافق فيها غيره ممن رواها عن قتادة عن أنس. فيحتج بما وافق به الثقات، ولا يُحتج بما انفرد به، أو ما تبيّن أنه أخطأ فيه.

58- أخرج البخاري ومسلم من حديث شَيْبَان بن عبدالرحمن النحوي، عَنْ قَتَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».

وهذا الحديث تفرد به شيبان عن قتادة عن أنس! وإنما خرجوه لما فيه من ذكر التحديث.

وهذا من تفسير شيبان الذي يرويه عن قتادة، وغالب تفسير قتادة من قوله، وأسند بعضه لأنس! وتفرد شيبان بشيء مرفوع عن قتادة لا يُقبل! فقد يكون من كلام قتادة أخذه من بعضهم، فسلك فيه الجادة فرواه عن أنس، وُيروى عن نُفيع أبي داود الأعمى عن أنس، ونفيع متروك، وكذّبه قتادة نفسه، ويروى عن الحسن البصري مرسلاً.

ولو كان مرفوعاً من تفسير قتادة لوجدناه في تفسير سعيد بن أبي عروبة عنه، وكذا في تفسير معمر عنه. والله أعلم.

59- خرج البخاري حديث جَرِير بْن حَازِمٍ الأَزْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَانَ يَمُدُّ مَدًّا» لوجود السماع في إسناده، ثم روى حديث هَمَّام بن يحيى، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «كَانَتْ مَدًّا»، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.

وقد تفرد جرير به قتادة، وكذا تفرد همام بلفظه هذا عن قتادة! والمشهور الصحيح كما أخرج البخاري وغيره عن قتادة عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بالحمد لله رب العالمين، يعني لم يكن يقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم"!

وحديث جرير هذا من الأحاديث التي أنكرها ابن معين وأحمد عليه، وصحح يحيى أن هذا الحديث عن قتادة مرسلاً.

60- يُونُسُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الإِسْكَافُ الهَدَادي البصري، من أصحاب قتادة القدماء، توفي ما بين سنة (141 - 150هـ)، روى عنه هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة. وكان ثقة حافظا لحديث قتادة يعرف ما سمع قتادة، وما لم يسمع.

61- روى أصحاب قَتَادَةَ عنه عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ، فذكره. وقد خرّجه مسلم في «صحيحه» هكذا من عدة طرق عن قتادة! لكن قتادة لم يسمعه من مُطرّف! وإنما سمعه من أربعة عنه، ولم يكتشف ذلك إلا يونس الإسكاف. وقد وصفه همام بن يحيى بأنه كان أحفظهم.

62- انفرد ابن حبان بالكلام في يونس بن أبي الفرات! وقال عنه: "مُنكر الحَدِيث عَلَى قلَّة رِوَايَته، لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ لغَلَبَة المَنَاكِير فِي حَدِيثه"! وقد أخطأ في ذلك لخلطه بينه وبين آخر مدني من طبقة أخرى!

63- ذكر أهل العلم في ترجمة «محمد بن مروان العقيلي البصري» أنه يروي عن «يُونس بن عُبيد البصري»، وأرى أن الذي يروي عنه محمد بن مروان هو «يونس الإسكاف». ولهذا وقعت نسبة يونس في الأحاديث التي يرويها عنه محمد بن مروان: "ابن عُبيد"!

64- بعض الأحاديث التي يُخرجها البخاري متتابعة في بعض الأبواب التي يسوق فيها أكثر من حديث، أحياناً يوافقه مسلم في ترتيبه، وأحياناً يخالفه في الترتيب، وأحياناً أخرى يكون ترتيب مسلم أدق، وأحياناً يخالف مسلم ما بيّنه في المقدمة من تقديم الأصح إسناداً!

65- أحياناً يؤتى الراوي في خلطه ووهمه من ألواحه التي فيها حديثه! كما كان الحال في حديث عمر بن إبراهيم العبدي البصري، لعدم إتقانه ما في تلك الألواح!

66- خرّج البخاري حديث قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكِ...». وأشار إلى أن أَبا دَاوُدَ الطيالسي، وَعَمْرو بن مرزوق اختصراه عَنْ شُعْبَةَ. وأن سَعِيد بن أبي عروبة رواه عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!

وكأنه يُعلل رواية سعيد! وأخرج مسلم والترمذي كلا الروايتين، وصححهما الترمذي!

والصواب أن شعبة لم يختصره أو الرواة عنه، وإنما أدّاه كما سمعه، واختلاف الأسانيد من قتادة نفسه! وكان يضطرب فيه! وأشار ابن حجر إلى أن في الرواية علة خفية جداً، وهي مراجعة عائشة للنبيّ صلى الله عليه وسلم فإنها من كلام قتادة أرسله في رواية همام! والحديث من حديث عائشة.

67- أخرج البخاري عن قتادة عن أنس من غير طريق شعبة (38) حديثاً كرر بعضها في بعض المواضع، خرّج مسلم منها (25) حديثاً، وخرّج الترمذي (18) حديثاً صححها، وتابع معمر في اثنين منها أصحاب قتادة، وخالف في واحد!

68- لم يُخرّج البخاري لشعبة ستة أحاديث رواها عن قتادة، وإنما خرجها من طريق غيره عن قتادة بسبب اختصار شعبة لبعض منها، ومخالفته لغيره في بعضها.

69- صرّح شعبة فيما نُقل عنه أنه كان يسأل قتادة في كلّ حديث عن سماعه له من أنس إلا في حديث واحد، فقال: "كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى فَمِ قَتَادَةَ وَلَمْ أَتَغَافَلْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ خَشِيتُ أَنْ يَفْسُدَهُ عَلَيَّ، وَهُوَ مَا قَالَ لِي عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ»".

وفي رواية: "لَمْ أُدَاهِنْ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ قَتَادَةُ، قَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» فَكَرِهْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلِيَّ مِنْ جَوْدَةِ الْحَدِيثِ".

وقوله هنا: "لم أداهن إلا في هذا الحديث"! فيه تجوّز في الرواية، وإلا فقد ثبت أن شعبة صرّح بأنه لم يسأله عن أحاديث أخرى غير هذا، وجاء في نصّ عنه أنها أربعة.

ومنها: حديث: «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْنَا، فَكَيْفَ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: قُولُوا: وَعَلَيْكُمْ».

قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ شُعْبَةُ: "لَمْ أَسْأَلْ قَتَادَةَ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، هَلْ سَمِعْتَهُ مِنْ أَنَسٍ؟".

ومنها: حديث: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ».

قَالَ شُعْبَةَ: "لَمْ أَسْأَلْ قَتَادَةَ أَسَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ؟".

فهذه ثلاثة أحاديث صرّح شعبة أنه لم يسأل قتادة هل سمعها من أنس أم لا!

70- يجب الحذر في التعامل مع حديث قتادة وخاصة حديثه عن أنس؛ لأنه يُدلّس عنه! وغالب الاختلاف عليه منه لا من أصحابه! وكثرة الاختلاف تدلّ على التدليس! وكذا التفرد عنه غالباً ما يكون فيما يُدلّسه! والله أعلم.

71- ضعّف بعض المعاصرين ممن يشتغلون بالحديث "أحاديث معمر عن قتادة" بسبب تضعيف الدارقطني لروايته عن قتادة! ولعدم تخريج البخاري له عن قتادة إلا حديثاً معلقاً! وقد أخطأوا في ذلك، وقلدوا دون تحرير! فحديث معمر عن قتادة مستقيم متقن.

72- في المطبوع من «تاريخ ابن أبي خيثمة»، والكتب التي نقلت عنه نجد هذا النص الذي يتناقله أهل العلم إلى يومنا هذا:

قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: "إِذَا حَدَّثَكَ مَعْمَرٌ عَنِ العِرَاقِيِّيْنَ، فَخَافَهُ، إِلاَّ عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ وَالزُّهْرِيِّ، فَإِنَّ حَدِيْثَهُ عَنْهُمَا مُسْتقِيْمٌ، فَأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ فَلا. وَمَا عَمِلَ فِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ شَيْئاً".

ووقع في بعضها: «فخالفه»، وفي بعضها: «فخفه». وفيها كلها: «والبصرة فلا» = لا النهي، وجاء في «سير الذهبي»: «فلَه».

أما لفظة: «فخالفه» فلا تصح؛ لأنه مهما أخطأ فلا يمكن أن يكون أخطأ في كل شيء حتى يُخالَف فيه، والصواب: «فخافه» أو «فخفه» = أي احذر منه.

وأما لفظة: «فلا» فهذا يعني النهي، وهذا لا يستقيم أبداً في حديث مَعمر عن كلّ أهل الكوفة والبصرة! فيستحيل أن ينهى يحيى عن حديثه عنهم كلهم! والصواب: «فَله» = يعني له حظّ مما يرويه عن أهلهما، وله رواية جيدة عنهم، فهو بصري الأصل، وسمع فيها، وسمع من أهل الكوفة، ورواياته مستقيمة عنهم، ويؤيد هذا استثناء يحيى روايته عن الأعمش بقوله: "وما عمل في حديث الأعمش شيئاً"، والأعمش كوفيّ.

وهو نفسه قد بيّن الخلل في روايته عن الأعمش، فقَالَ: "سَقَطَتْ مِنِّي صَحِيْفَةُ الأَعْمَشِ، فَإِنَّمَا أَتَذَكَّرُ حَدِيْثَهُ، وَأُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِي".

ثم إن هناك خلل في النصّ! فابن معين يقول في بدايته: «إذا حدثك معمر عن العراقيين...» أي «أهل العراق» ويدخل فيهم «أهل الكوفة والبصرة»، فكيف يذكر «العراقيين» أولاً، ثم يذكر بعدها «الكوفة والبصرة»؟!

وكذلك فإنه استثنى من «العراقيين»: "ابن طاوس والزهري"، وهما ليس من العراق!! فابن طاوس يماني، والزهري مدني! فكيف يستثنيهم من أهل العراق؟!! ثم تبيّن لي أن اللفظة: «عن الحجازيين»؛ فالزهري حجازي، وابن طاوس كان يختلف كثيراً لمكة حتى ذكروا في ترجمته: "اليماني المكي".

قال البخاري: "عبدالله بن طاوس بن كيسان: أصله من اليمن، كَانَ يختلف إلى مكة". قلت: وروى عن ابنُ جُريجٍ المكيّ.

وقد يكون من باب إدخال اليمن في الحجاز على قلّة أهل الحديث في اليمن في ذلك الزمان، ونُدرة استخدام مصطلح «اليمانيين» من أهل النقد.

فتكون اللفظة: «الحجازيين» تحرفت إلى «العراقيين»! والرسم تقريباً واحد، والله أعلم.

فيكون صواب العبارة: "إِذَا حَدَّثَكَ مَعْمَرٌ عَنِ الحِجَازيِّيْنَ، فَخَفهُ - أو فخافه-، إِلاَّ عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ وَالزُّهْرِيِّ، فَإِنَّ حَدِيْثَهُ عَنْهُمَا مُسْتقِيْمٌ، فَأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ فَلَهُ. وَمَا عَمِلَ فِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ شَيْئاً".

 

وغيرها من الفوائد والتحريرات.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وكتب: د. خالد الحايك عفا الله عنه.

18 شعبان 1441هـ.

شاركنا تعليقك