الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

كتاب «الفتن» لسعيد بن هُبيرة المَرْوَزِيّ! ورواية الحاكم منه في «مستدركه».

كتاب «الفتن» لسعيد بن هُبيرة المَرْوَزِيّ! ورواية الحاكم منه في «مستدركه».

 

صنّف سعيد بن هُبيرة أبو مالك المروزيّ كتاباً في «الفتن»، وهو شيخ قديم [توفي ما بين سنة: 201 - 210هـ]، وأصله من البصرة، سمع من شيوخها، ثم سكن مَرْو فرَوَى عَنْهُ شُيُوخها، وَلَهُ أحاديث غَرَائِب!

وقد تكلّم فيه أهل العلم، واتهمه ابن حبان! وقد فصّلت ذلك في موضع آخر، وبيّنت أنه لم يكن يَضع الحديث، وأن ما كان يرويه من مناكير وموضوعات كانت توضع له فيجيب فيها! ولا شك أن ذلك مَعيبٌ، لكنه كان قد رحل وطلب الحديث، وله روايات صحيحة وافق فيها غيره.

وكأنه بسبب ما كان يرويه من مناكير لم يشتهر كتابه هذا بين أهل العلم!

وهذا الكتاب كان يرويه عنه: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيّ المروزيّ، وكان ثقة، واشتهر برواية كتاب «الفتن» هذا، فقصده الناس له. [الإكمال لابن ماكولا: (1/503)].

وقد روى الإمام الحاكم في «مستدركه» في «كِتَاب الفِتَنِ وَالمَلَاحِمِ» عدّة أحاديث من هذا الكتاب، ويروي الحاكم الكتاب عن أبي محمد الحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغ الْمَرْوَزِيّ، عن أبي نصر أحمد بن إبراهيم المروزي، عن سعيد بن هبيرة.

وللأسف لم أجد أحداً من أهل العلم أشار إلى هذا الكتاب غير ابن ماكولا، ولم ينقلوا منه إلا الحاكم في كتابه.

وكأنه بسبب ما جاء في أسانيد كتاب الحاكم من تحريفات لم أجد أحداً من طلبة العلم المعاصرين أشار إلى رواية الحاكم من هذا الكتاب! وتتابع من حقق الكتاب على هذه التحريفات كما سأبينه إن شاء الله، ولا أدري هل التحريفات في أصل النسخ أم لا!

وهذه الأحاديث هي:

·       الحديث الأول:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/469) (8304) قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ الدِّهْقَانُ، بِمَرْوَ، قال: أَنْبَأَنا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [البُخْتِيّ]*، - [السَّدُوسِي] [الشَّذُورِيُّ]-، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قال: حدثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ.

وقال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ، بِمَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى، قال: حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: أَنْبَأَنا عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا جَاعَ النَّاسُ حَتَّى لَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَسْجِدِكَ إِلَى فِرَاشِكَ، وَلَا مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «تَعِفُّ» ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا مَاتَ النَّاسُ حَتَّى يَكُونَ الْبَيْتُ بِالْوَصيفِ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «تَصْبِرُ» ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أَقْبَلَ النَّاسُ حَتَّى يَغْزُوَ أَصْحَابُ الرُّتَبِ بِالدِّمَاءِ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ» قُلْتُ: فَإِنْ أُتِيَ عَلَيَّ؟ قَالَ: «إِنْ خِفْتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَائِفَةً مِنْ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ، فَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» قُلْتُ: أَفَلَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ؟ قَالَ: «إِذًا تُشَارِكُهُ».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَدْ زَادَ فِي إِسْنَادِهِ بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ الْمُشَعَّثَ بْنَ طَرِيفٍ بِزِيَادَةٍ فِي الْمَتْنِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ".

ثم قال (4/470) (8305): أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ، قال: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُختيّ، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حدثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنِ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، تَأْتِي مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ، وَتَأْتِي فِرَاشَكَ فَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْهَضَ إِلَى مَسْجِدِكَ» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ» ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَحْجَارَ الزَّيْتِ قَدْ عُرِّفَتْ بِالدَّمِ؟» قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: "تَلْحَقُ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ - أَوْ قَالَ: عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ -" قُلْتُ: أَفَلَا آخُذُ سَيْفِي فَأَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِي؟ قَالَ: «شَارَكْتَ إِذًا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «تَلْزَمُ بَيْتَكَ» قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قَالَ: «فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ رِدَاءَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ».

·       تحريف في نسبة شيخ الحاكم!

قلت: [*جاء في كتاب الحاكم بكل طبعاته: "أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّدُوسِي"، وفي بعض الأسانيد: "الشَّذُورِيُّ"! وذكر مقبل الوادعي في كتابه «رجال الحاكم في المستدرك» (1/133) (237): "أحمد بن إبراهيم السدوسي... وفي (ج 4 ص 429) أحمد بن إبراهيم الشذوري. وكذلك (ص 433) وكذلك (ص 452) وشيخه في الكل سعيد بن هبيرة".

قلت: السدوسي نسبة معروفة، وأما "الشذوري" فلا توجد هذه النسبة لا في كتب الأنساب ولا في الأسانيد!

والذي أراه أن كلا النسبتين هنا فيها تحريف! والصواب ما أثبته في الأصل "البُخْتِيّ"، وقد ذكر ابن ماكولا في «الإكمال» (1/503) هذه النسبة، وذكر فيها أحمد بن إبراهيم هذا، فقال: "وأما «بُخْتيّ»: أوله باء مضمومة معجمة بواحدة، وبعدها خاء معجمة ساكنة، وتاء معجمة باثنتين من فوقها مكسورة، فهو بختي بن عمر الثقفي، كوفي من العبّاد، يروي عن محمد بن النضر الحارثي، حدّث عنه حسين بن عَلِي الجعفي. وأحمد بن إبراهيم البختي، شيخ ثقة مروزي".

وذكره أيضاً في موضع آخر (7/132) فقال: "ومحمد بن إبراهيم بن أبي يونس الفازي المروزي من قرية فاز، حدّث عن أحمد بن إبراهيم البختي".

وتبعه السمعاني في «الأنساب» (10/130) قال: "ومحمد بن إبراهيم بن أبي يونس الفازي المروزي، من قرية فاز، يروي عن أحمد بن إبراهيم البختي"].

·       تحريف آخر في جدّ شيخ الحاكم!

**وجاء في بعض الأسانيد في كتاب الحاكم: "الْحَسَنُ بْنُ حَكِيمٍ"! وهو تحريف! والصواب: "بن حَلِيم" باللام لا الكاف.

قال ابن ماكولا في «الإكمال» (2/492): "وأما حَلَيم، بِفتح الحاء وباللام... وأبو نصر محمد بن حَلِيم بن محمد ابن حليم المروزى، حدّث عن علي بن حُجر وإسحاق بن منصور وأقرانهما.

وابنه: أبو محمد الحسن بن محمد بن حَلِيم، كان يذكرانه من ولد إبراهيم الصائغ، وروى عن أبي الموجه، وسيف بن ريحان، ومحمد بن حاتم بن المظفر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعبدالله بن أحمد بن حنبل، توفي آخر المحرم سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، وهو مروزي أيضاً".

وقال السمعاني في «الأنساب» (4/221) في نسبة «الحَلِيمى»: "بفتح الحاء المهملة، وكسر اللام، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها... وأما النسبة إلى «حَلِيم»: فأبو محمد الحسن بن محمد بن حليم بن إبراهيم بن ميمون الصائغ الحليمي المروزي، نسب إلى جده «حليم»، حدّث بمسند أبي الموجه محمد بن عمرو بن الموجه الفزاري، روى عنه الحاكم أبو عبدالله الحافظ وغيره، وإنما قيل له الحليمي لنسبته إلى جده".

·       تحريف في قول الحاكم!

بعد أن ساق الحاكم حديث سعيد بن هبيرة عن حماد بن سلمة، قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَدْ زَادَ فِي إِسْنَادِهِ بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ الْمُشَعَّثَ بْنَ طَرِيفٍ بِزِيَادَةٍ فِي الْمَتْنِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَثْبَتُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ".

وما جاء هنا: "وقد أخرجه البخاري من حديث همام" محرّف!!!

فالبخاري لم يخرّج هذا الحديث أصلاً! وقد قال الحاكم قبل هذا: "على شرط الشيخين"! يعني لم يخرجاه، فهو على شرطهما بحسب قوله، وإن كان وهم في ذلك، فحماد بن سلمة، وعبدالله بن الصامت ليسا من شرط البخاري! فلم يحتج بهما، وإنما استشهد بهما فقط.

بل إن الحاكم أخرجه في موضع آخر من كتابه (2/169) (2666) من حديث عبدالرزاق، ثم قال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ؛ لِأَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُنْبَعِثُ بْنُ طَرِيفٍ - وَكَانَ قَاضِيًا بِهَرَاةَ - عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ".

والحاكم يتكلم على حديث حماد بن زيد وأنه خالف في إسناده حماد بن سلمة، وزيادة في متنه، ثم قال بأن حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة.

فتكون عبارة الحاكم: "وقد روى الحديث حماد بن زيد عن أبي عمران....".

·       متابعة حبيب الرحمن الأعظمي لهذا التحريف!!

قال حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه على «مصنف عبدالرزاق» (11/352) هامش (3): "... وأخرجه البخاري من طريق حماد بن زيد عن أبي عمران عن المشعث بن طريف، فزاد في الإسناد، وكذا ابن ماجه ص293، وقد أخرجه الحاكم من طريق المصنف 4:423".

وقد تبع الأعظمي ما جاء في مطبوع «المستدرك»؛ لأن الحاكم أخرجه من طريق عبدالرزاق، ولو كان في البخاري لأشار إلى مكان وجوده، أو أنه إما لم يجده، أو إنه اعتمد ما جاء في كتاب الحاكم، والله أعلم.   

·       سعيد بن هبيرة لم يتفرد بالحديث، بل تُوبع عليه!

وقد تُوبع سعيد بن هبيرة في روايته هذا الحديث عن حماد بن سلمة، وكذا عن حماد بن زيد.

فرواه ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ.

ورواه مُسَدد، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ، وأبو داود الطيالسي، وأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضبيّ، وخَلَّادُ بْنُ يَزِيدَ، وأحمدُ بنُ المقدامِ العِجليّ، وأبو الربيع سُلَيْمان بْن دَاوُد الزهراني، كلهم عن حَمَّاد بْن زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنِ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ.

والخلاف ليس بين حماد بن سلمة وحماد بن زيد كما صوّره الحاكم بقوله: "حماد بن زيد أثبت من حماد بن سلمة"!

فقد تابع حماد بن سلمة عليه جماعة، منهم: مَعمر بن راشد، وعَبْدُالعَزِيزِ بنُ عَبْدِالصَّمَدِ العَمِّيُّ، وصَالِحُ بنُ رُسْتُمَ، ومَرْحُومُ بنُ عَبْدِالْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ، وأبان بن يزيد العطّار.

فكلّ هؤلاء خالفوا حماد بن زيد!

قال البزار بعد أن خرّج الحديث: "وهَذَا الكَلَامُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَمَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمُشَعَّثَ بْنَ طَرِيفٍ بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ وَبَيْنَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ".

وقال في موضع آخر: "وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ".

وقال أبو داود بعد أن رواه: "لم يذكرِ المُشعَّث في هذا الحديثِ غيرُ حمادِ بن زيدٍ".

·       هل وهم حماد بن زيد في الحديث؟ والأخطاء التي عدّوها له!

قلت: بناء على القواعد الحديثية العامة يُحكم على رواية حماد بن زيد بالوهم! وزيادته راو بين أبي عمران وعبدالله بن الصامت تكون من باب "المزيد في متصل الأسانيد"؛ لأن أبا عمران عن عبدالله بن الصامت متصل، فهذه الزيادة تعدّ وهماً في هذا الإسناد المتصل، فهي من هذا الباب.

وقد وهّم بعض أهل العلم زيد بن حماد فيه؛ لأن رواية الجماعة أولى من روايته، وهذا منطق صحيح.

وقد نصّ بعض أهل العلم على أن حماد بن زيد أخطأ في حديثين أو ثلاثة!

قال أبو بكر ابن أبي خيثمة: قال أبي ويحيى بن معين: "كان حماد يخطئ في هذا الحديث - يعني - حديثه عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا بَلَغَ العَبْدُ سِتِّينَ سَنَةً، فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ فِي العُمُرِ».

وقال عبيدالله بن عمر - هو: القواريري-: أخطأ في حديثه عن أيوب، عن حميد بن هلال أو غيره، قال: «ارْتُثَّ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يَوْمَ الجَمَلِ».

حدثناه عبدالوارث وابن علية، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، بنحوه.

قال عبيدالله: وغيلان الصواب". [إكمال تهذيب الكمال (4/141)].

ونقل هذا الكعبي المعتزلي في كتابه «قبول الأخبار ومعرفة الرجال» (2/132) فقال: "ابن أبي خيثمة قال: قال أبي: كان حماد بن زيد يخطئ في الحديث، قال: وسئل يحيى بن معين، عن حديث حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بلغ العبد ستين سنة». فقال: خطأ من حماد بن زيد.

قال: حدثنا عبيدالله بن عمر، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن حميد بن هلال أو غيره، قال: «ارْتُثَّ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يَوْمَ الجَمَلِ...»، ثم ذكر الحديث.

قال عبيدالله: أخطأ فيه حماد بن زيد، حدثنا عبدالوارث، وابن علية، عن أيوب، عن غيلان، نحوه، وهذا هو الصواب.

قال: وروى حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن المشعث بن طريف، قاضي هراة، عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، حديثًا طويلًا في الصبر.

قال: ولم يتابع حماد بن زيد على هذا الحديث أحد، وقد روى الحديث أبان بن يزيد العطار، فلم يذكر المشعث بن طريف فيه.

حدثنا أبو سلمة، حدثنا أبان، حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبدالله بن الصامت، عن أبى ذر، قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، ثم ذكر الحديث" انتهى.

قلت: ما ذكره الكعبي من كتاب ابن أبي خيثمة نفيس جداً وخاصة فيما يتعلق بالكلام على الحديث الأخير، لكنه في بداية نقله ذكر عن أبي خيثمة أن حماد بن زيد: "كان يخطئ في الحديث"! هكذا بإطلاق وليس كذلك! وإنما كلامه كان عن الحديث الذي ذكره بعده كما تقدم النقل عن مغلطاي في «إكماله»: "كان حماد يخطئ في هذا الحديث - يعني - حديثه عن أبي حازم.."، فالكلام عن هذا الحديث وليس على الإطلاق! وفرق بين الأمرين! فإما أنه سقط من النسخة التي نقل منها الكعبي قوله: "هذا" أي في هذا الحديث، وإما أنه أسقطه متعمداً! وهذا ليس ببعيد عنه، فهو إنما وضع كتابه هذا لثلب أهل الحديث، أخزاه الله!

ومع ذلك فقد أفادنا بكلام يحيى - وربما هو كلام أبي خيثمة - في هذا الحديث الأخير الذي نحن بصدد الكلام عنه.

·       هل كان حماد بن زيد يُخطئ في حديثه؟

وعلى فرض أن حماد بن زيد أخطأ فيه، فهذا لا يثلبه، فكل واحد يُخطئ، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ أبداً، والأخطاء التي عدوها لحماد بن زيد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، مع أن الحديث الأول فيه اختلاف على الراوي، فإن كان ثمة خطأ فليس من حماد بن زيد، والحديث الثاني ليس حديثاً مرفوعاً، بل هو قصة، وحماد قال في حديثه: "عن حميد بن هلال أو غيره"! وراويه هو "غيلان بن جرير"، فهو قد قال: "أو غيره" = يعني هو ليس متأكداً من راويه، فهذا لا يُسمى خطأ!

·       قد ضبط حماد بن زيد روايته عن أبي عمران الجوني، ولم يخطئ فيها!

لكن هل فعلاً أخطأ حماد بن زيد في حديثه عن أبي عمران الجوني؟

جاء في رواية أحمد بن المقدامِ قال: حدثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أبي عمرانَ الجونيِّ، قال: حدثنا المُشَعِّثُ بنُ طريفٍ - وكانَ قاضياً بهراةَ -، عن عبدِاللهِ بنِ الصامتِ، عن أبي ذرٍّ.

فتعريف زيد بن حماد بهذا الراوي وأنه كان قاضياً بهراة يدلّ على أنه ضبطه، وكان حافظاً لحديثه، وقد أثنى الأئمة عليه بالحفظ كابن مهدي، وابن معين، وكان ثبتاً فيه.

قال ابن حبان، وأَبُو بكر بن منجويه: "كان ضريراً، وكان يحفظ حديثه كله".

فليس من السهل عليه أن يخطئ في حديث، ويزيد من عنده اسم راو، ويعرّف به من تلقاء نفسه! فهذا يحدث لمن هو سيء الحفظ، ويشتبه عليه الاسم، وقاضي هراة هذا لا يوجد في إسناد آخر، ولا يعرف إلا في هذا، وهذا مزيد ضبط.

·       قاعدة في العلل: من كان يهاب رفع الحديث فيقصر فيه، إذا زاد رجلاً فهذا يدلّ على ضبطه له!

ومما يدل على أن حماد بن زيد ضبط هذا الحديث أنه كان من عادته إذا شك في حديثه قصّر فيه، لكنه هنا زاد، وهذا مزيد ضبط.

قال يعقوب بن شيبة في «مسنده»: "حماد بن زيد أثبت من ابن سلمة، وكلّ ثقة، غير أن ابن زيد معروف بأنه يقصر في الأسانيد، ويوقف المرفوع، كثير الشك بتوقيه، وكان جليلاً، ولم يكن له كتاب يرجع إليه، فكان أحياناً يذكر فيرفع الحديث، وأحيانا يهاب الحديث ولا يرفعه". [إكمال تهذيب الكمال (4/139)].

فهذه قاعدة مهمة في التعامل مع حديث حماد بن زيد، فعدم وجود كتاب عنده يرجع إليه كان إذا هاب الحديث وشك فيه لم يرفعه، فزيادته لراو في حديث يدلّ على عدم شك أو وهمه، بل يدلّ على ضبطه.

·       من هو: مُشعث بن طريف؟ وهل هو شخصية وهمية؟

لكن قد يسأل سائل: من هو هذا الرجل قاضي هراة؟ وأين سمع منه أبو عمران الجوني؟ فها هي كتب أهل العلم لم يذكروه إلا من خلال رواية حماد بن زيد لحديثه؟!

أقول: نعم، اعتمد أهل العلم على هذا الإسناد في الترجمة له في كتبهم! فإن كان وهماً من حماد فهو شخصية ليست موجودة أصلاً!

مُشَعِّث - بتشديد العين المهملة، بعدها ثاء مثلثة-، ويُقال: مِشْعَث - بوزن مِشْرَح، أي: بكسر الميم، وسكون المعجمة، وخفة العين-، ويقال: مُنْبَعِث - بسكون النون، وفتح الباء الموحدة، وكسر العين المهملة، ثم ثاء مثلثة-.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/63) (2163): "مشعث بن طريف: عَنْ عَبْداللَّهِ بن الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَه حماد بن زيد، عَنْ أبي عمران الجوني".

قلت: كأن البخاري يرى أن حماد بن زيد وهم فيه!

ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه!

وقال ابن حبان في «الثقات» (7/524) (11286): "مشعث بْن طريف، كَانَ على القَضَاء بهراة. يروي عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِت. روى عَنْهُ: أَبُو عمرَان الجونِي".

وقال مسلم في «المنفردات والوحدان» (ص: 175) (713): "وَمِمَّنْ تفرد عَنهُ أَبُو عمرَان الْجونِي بالرواية واسْمه عبدالملك بن حبيب: ... والمشعث بن طريف، وَكَانَ قَاضِيا بهراة".

وقال أبو الفتح الأزدي في «الوحدان» (ص: 255) (492): "مشعث بن طريفٍ، عن عبدالله بن الصامت، لم يرو عنه إلا أبو عمران الجوني".

ولم يزد أهل العلم بعدهم عن هذا! إلا ما ذكره المزي في «تهذيب الكمال» (28/8) عن صالح بن مُحَمَّد الأسدي الحافظ الملقّب بجَزَرَة قال: "كَانَ قاضي هراة، وهذه منقبة فاخرة لأهل هراة، ولا يُعرف بخراسان قاض أقدم منه إلا يَحْيَى بْن يَعْمَرَ، ومشعث جليل لا يعرف فِي قضاة خراسان أجل منه".

فصالح جزرة هنا يثبت وجوده، وأنه كان قاضياً لهراة وكان من الأجلاء.

وقال الذهبي في «الميزان» (4/117) (8551): "لا يُعرف".

وقال ابن حجر في «التقريب» (ص: 945) (6680): "قاضي هراة مقبول، من السادسة".

قلت: إن قلنا بوهم حماد بن زيد فهذا يعني أن هذه الشخصية وهمية! لكن الحافظ صالح جزرة أثبت أنه كان قاضياً لهراة، وهذا يؤيد رواية حماد بن زيد، وعليه فيكون أبو عمران الجوني قد لقيه وسمع منه في هراة، وقد ثبت أنه دخلها.

·       زهير الذي يروي عنه أبو عمران الجوني كان والياً في هراة!

فقد ذكر الكعبي في كتابه «قبول الأخبار ومعرفة الرجال» (2/229) (405) قال: "زهير الذي روى عنه أبو عمران الجوني".

ثم ذكر: "أحمد قال: سمعت أبا عُبيد يقول: زهير الذي روى عنه أبو عمران الجوني، هو أبو الصَّقْعَب والعلاء ابني زهير، وكان والياً - أظنه - بهراة".

قلت: فهذا نصّ نفيس عن الإمام أبي عُبيد القاسم بن سلام يُبيّن فيه أن هذا الراوي الذي روى عنه أبو عمران هو والد الصقعب والعلاء، وكان والياً بهراة، وأَبُو عبيد وُلد بهراة فِي سنة أربع وَخمسين وَمِائَة، فهو يعرف أخبار أهلها. وسيأتي إخبار أبي عمران أن الذي سمع منه هذا الحديث كان أميراً عليهم.

وهذا يعني أن أبا عمران الجوني دخل هراة، وسمع من زهير وكان والياً أو أميراً هناك، وكذلك سمع من قاضيها مشعث بن مطرف.

فحماد بن زيد لم يخطئ في الحديث، وقد ضبطه، وحال مشعث بن طريف لا تُعرف، فهو مجهول الحال، ولا نعرف له سماعاً من عبدالله بن الصامت، وحديثه هذا فيه نكارة!

وحديث أبي عمران الجوني عن زهير هذا اختلفوا عليه كثيراً في اسمه:

فرواه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَاتَ فَوْقَ إِجَّارٍ لَيْسَ حَوْلَهُ مَا يَدْفَعُ الْقَدَمَ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ».

ورَوَاهُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: كُنَّا بِفَارِسَ وَعَلَيْنَا أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ: زُهَيْرُ بْنُ عَبْدِاللهِ، فَأَبْصَرَ إِنْسَانًا فَوْقَ الْبَيْتِ أَوْ إِجَّارٍ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ، فَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مِثْلَهُ.

ورواه مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مثله.

وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ.

وَقِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ.

وَقِيلَ عَنْ زُهَيْر بن أَبِي جَبْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ أَبَانُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبْدِاللهِ.

قال الدوري في «تاريخ ابن معين - روايته» (4/127) (3510): سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول فِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن زُهَيْر بن عبدالله، قَالَ: "مُرْسل".

وقال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (211): سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "أَبُو عِمْرَانَ الْجَونِيِّ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاتَ فَوْقَ أَنْجَارٍ لَهُ»، فَهُوَ مُرْسَلٌ".

وقال في «الجرح والتعديل» (3/585) (2662): "زهير بن عبدالله بن أبي جبل، بصري. روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بات فوق إجار ليس حوله ما يدفع القدم فمات فقد برئت منه الذمة». روى عنه أبو عمران الجوني. سمعت أبي يقول ذلك".

وأبو عمران الجوني ثقة فاضل، كان يُحدّث عن بعض المجاهيل، وكَانَ زاهداً ورعاً، الغَالِبُ عَلَيْهِ الكَلامَ فِي الحِكْمَةِ، كما قال أَبُو سعيد ابن الأَعْرَابِيِّ، ويروي بعض الحكايات والأدعية عن أنبياء بني إسرائيل، وكان يروي عن بعض من كان يُحدّث بالإسرائيليات ككعب الأحبار، وأبي الجَلَد، وغيرهما.

ولما ذكره ابن خلفون في «الثقات» قال: ذكر أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي قال: وسألت أبا عبدالله - يعني محمد بن نصر التميمي - عن أبي عمران الجوني؟ قال: "قد روى عن الحسن، ولم يكن بالمتقن في الحديث، وأكثر روايته الرقائق". [إكمال تهذيب الكمال (8/306)].

فالظاهر أن أبا عمران عندما حدّث بالحديث كان أحياناً لا يذكر «المشعث بن طريف»، وأحياناً يذكره، فضبطه عنه حماد بن زيد.

·       تنبيه على وهم في «مشاهير علماء الأمصار»! وسقط في مطبوع «الثقات» لابن حبان!

قال ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 96) (707): "أبو عمران الجوني عبدالملك بن حبيب الكندي، من صالحي أهل البصرة. مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وهو ابن ثمان وعشرين ومائة سنة".

وقال في «الثقات» (5/117) (4126): "عَبْدالْملك بْن حبيب الْكِنْدِيّ أَبُو عمرَان الْجونِي، من أهل الْبَصْرَة. يروي عَن أنس بْن مَالك. روى عَنهُ: ابْن عون، وَشعْبَة، والبصريون. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة، وَقد قِيلَ: سنة ثَمَان وَمِائَة".

قلت: ما جاء في «المشاهير» خطأ فادح! وإنما قيل: مات سنة ثمان وعشرين ومائة.

وسقطت «وعشرين» من «الثقات».

قال مغلطاي في «الإكمال» (8/305): "وقال ابن حبان في كتاب «الثقات»: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة. كذا ذكره المزي، ولو نظر في كتاب «الثقات» حقّ النظر لوجد فيه: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقد قيل: مات سنة ثمان وعشرين ومائة".

·       الحديث الثاني:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/475) (8320) قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، قال: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: «كَيْفَ أَنْتَ وَفِتْنَةٌ خَيْرُ أَهْلِهَا فِيهَا كُلُّ غَنِيٍّ خَفِيٍّ؟» قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا عَطَاءُ أَحَدٍ نَائِمٍ نَطْرَحُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَنَرْمِي كُلَّ مَرْمَى، قَالَ: «أَفَلَا تَكُونُ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا رَكُوبَةٌ فَتُرْكَبَ، وَلَا حَلُوبَةٌ فَتُحْلَبَ».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

قلت: رواه نُعيم بن حمّاد في «الفتن» (1/76) (166) عن عَبْدالوَهَّابِ الثقفي.

وابن أبي شيبة في «المصنف» عن يَزِيد بن هَارُونَ.

كلاهما عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأنصاري، به.

وهذه متابعات لحديث سعيد بن هبيرة عن حماد بن سلمة.

وهذا إسناد صحيح موقوف.

·       الحديث الثالث:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/479) (8334) قال: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ حَليمٍ المَرْوَزِيُّ، قال: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، قال: حدثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُفْتَحُ عَلَى الْأَرْضِ فِتَنٌ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ»، فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ، فَقَالَ: «هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الحَقِّ»، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ، فَقُلْتُ: هَذَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَذَا»، قَالَ: فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ.

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

قلت: رواه عبدالله بن أحمد في «زياداته على فضائل الصحابة» (1/449) (720) عن عَلِيّ بْن مُسْلِمٍ. والقطيعي في «زياداته على فضائل الصحابة» (1/508) (829) عن أَبي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيم بْن عَبْدِاللَّهِ الْبَصْرِيّ الكَجِّيّ. والطبراني في «المعجم الكبير» (20/315) (750) عن أَبي مُسْلِمٍ الْكَشِّيّ. كلاهما (علي بن مسلم، وأبو مسلم) عن سُلَيْمَان بْن حَرْبٍ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (20/315) (750) عن المِقْدَام بْن دَاوُدَ، عن أَسَد بْن مُوسَى.

وأبو طاهر المخلّص في «المخلصيات» (1/333) (176) عن يحيى بن محمدِ بنِ صاعدٍ، عن عَمرو بن عليٍّ، عن معاذ بن هانئٍ.

وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (4/331) (1783) عن طالوت بن عباد.

كلهم (سليمان بن حرب، وأسد بن موسى، ومعاذ بن هانئ، وطالوت بن عباد) عن أبي هلالٍ الراسبي محمد بن سُليم، به.

فهؤلاء كلهم قد تابعوا سعيد بن هبيرة في روايته.

وقد تفرد أبو هلال عن قتادة بهذا الإسناد! وأبو هلال ليس بالقوي، ولا يُقبل تفرده!

قال ابن عَدي: "أحاديثه عن قتادة عامتها غير محفوظة".

وهذا الحديث له أسانيد كثيرة! ذكرها الحافظ ابن عساكر في «تاريخه» (39/286 - 278)، وأشار إلى بعضها الدارقطني في «العلل» (14/32 - 33).

وأسانيده مضطربة جداً!

·       الحديث الرابع:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/499) (8394) قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ، قال: أَنْبَأَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا عَبْدُالْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ خَارِجَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الْفِتْنَةُ الْأُولَى أَشْكَلَتْ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَرِنِي أَمْرًا مِنْ أَمْرِ الْحَقِّ أَتَمَسَّكُ بِهِ، قَالَ: فَأُرِيتُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَبَيْنَهُمَا حَائِطٌ غَيْرُ طَوِيلٍ، وَإِذَا أَنَا بِجَائِزٍ، فَقُلْتُ: لَوْ تَشَبَّثْتُ بِهَذَا الْجَائِزِ لَعَلِّي أَهْبِطُ إِلَى قَتْلَى أَشْجَعَ لِيُخْبِرُونِي، قَالَ: فَهَبَطْتُ بِأَرْضٍ ذَاتِ شَجَرٍ، وَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ جُلُوسٌ، فَقُلْتُ: أَنْتُمُ الشُّهَدَاءُ؟ قَالُوا: لَا، نَحْنُ الْمَلَائِكَةُ، قُلْتُ: فَأَيْنَ الشُّهَدَاءُ؟ قَالُوا: تَقَدَّمْ إِلَى الدَّرَجَاتِ الْعُلَى إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقَدَّمْتُ فَإِذَا أَنَا بِدَرَجَةٍ اللَّهُ أَعْلَمُ مَا هِيَ فِي السَّعَةِ وَالْحَسَنِ، فَإِذَا أَنَا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اسْتَغْفِرْ لِأُمَّتِي، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، أَرَاقُوا دِمَاءَهُمْ، وَقَتَلُوا إِمَامَهُمْ، أَلَا فَعَلُوا كَمَا فَعَلَ خَلِيلِي سَعْدٌ، قُلْتُ: أُرَانِي قَدْ أُرِيتُ أَذْهَبُ إِلَى سَعْدٍ فَأَنْظُرُ مَعَ مَنْ هُوَ فَأَكُونُ مَعَهُ.

فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَمَا أَكْثَرَ بِهَا فَرَحًا، وَقَالَ: «قَدْ شَقِيَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلًا»، قُلْتُ: فِي أَيِّ الطَّائِفَتَيْنِ أَنْتَ؟ قَالَ: «لَسْتُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا»، قُلْتُ: فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «أَلَكَ مَاشِيَةٌ؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَاشْتَرِ مَاشِيَةً وَاعْتَزِلْ فِيهَا حَتَّى تَنْجَلِيَ».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

قلت: رواه ابن عساكر في «تاريخه» (20/372) من طريق محمد بن غالب بن حرب تَمْتَام، عن عبدالله بن عمرو أبي مَعْمر.

وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (1/120) عن أَبي نُعَيْمٍ، عن أَبي أَحْمَدَ الحَاكِمُ، عن ابْن خُزَيْمَةَ، عن عِمْرَان بن مُوْسَى القزاز.

كلاهما (أبو معمر، وعمران) عن عَبْدالوَارِثِ بن سعيد البصري، به.

فهؤلاء قد تابعوا سعيد بن هبيرة في روايته عن عبدالوارث.

ورواه ابن عساكر في «تاريخه» (20/372) من طريق أبي بكر بن سلمة بن حفص القرشي، عن مروان بن معاوية.

 وابن شبّة في «تاريخ المدينة» (4/1251) عن قُشَيْر بْن عَمْرٍو. وابن عبدالبر في «التمهيد» (19/222) من طريق عَلِيِّ بْن المَدِينِيِّ، عن مُعَاذ بن هِشَامٍ. كلاهما (قشير، ومعاذ) عن هِشَام بْنِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الدستوائي.

كلاهما (مروان بن معاوية، وهشام الدستوائي) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ الأودي الكوفي، به.

وهذا الحديث تفرد به محمد بن جحادة! وهو ثقة.

ونعيم بن أبي هند الأشجعي ثقة، وكذا سَلمان أَبو حازم، الأَشجَعي الكوفي، وكلاهما من طبقة واحدة.

وحسين بن خارجة لا يُعرف إلا في هذا الحديث!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/382) (2852): "حسين بن خارجة، سَمِعَ سعداً - قولَهُ. قَالَ أَبُو معمَر: حَدَّثَنَا عَبْدالوارث قَالَ: حدثنا ابن جحادة، عَنْ نعيم بْن أَبِي هند، عَنْ أَبِي حازم".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/51) (230): "الحسين بن خارجة: روى عن سعد بن أبي وقاص. روى عنه: نعيم بن أبي هند. سمعت أبي يقول ذلك".

كذا في المطبوع: "روى عنه نعيم بن أبي هند"! وهو خطأ! فالراوي عنه: "أبو حازم".

وذكره ابن حبَّان في التابعين من «الثقات» (4/155) (2252): "حُسَيْن بْن خَارِجَة: يروي عَن سعد بْن أَبِي وَقاص. روى عَنهُ: أَبُو حَازِم".

وقال ابن الأثير في «أسد الغابة» (2/22) (1169): "الحسين بن خارجة: أخرجه أَبُو موسى، فقال: أورده عبدان، وقال: قال أحمد بْن سيار: هو رجل كبير، لم يذكر لنا أَنَّهُ صحب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن حديثه حسن، فيه عبرة لمن سمعه.

قال أَبُو موسى: ذكر أَبُو عَبْداللَّهِ حسيل بْن خارجة الأشجعي، قال: ويقال: حسين، وذكر فيه ما يدل عَلَى أن له صحبة، فكأنه إذا غير هذا، وذكر أَبُو موسى عن حسين بْن خارجة: أَنَّهُ رَأَى رؤيا عند مقتل عثمان، تدل عَلَى كراهية القتال مع إحدى الطائفتين اللتين اقتتلتا بعد قتله، لا حاجة إِلَى ذكرها. أخرجه أَبُو موسى".

وقال ابن حجر في «الإصابة» في "القسم الثالث من حرف الحاء فيمن أدرك النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم ولم يره" (2/147) (1982): "حسين بن خارجة: أورده عبدان في الصحابة. وقال أحمد بن سيار: لم يذكروا له صحبة. وهو كبير.

وروى ابن خزيمة ويعقوب بن شبّة وغيرهما، من طريق نُعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن حسين بن خارجة، قال أشكلت عليّ الفتنة - يعني فتنة عثمان- فقلت: اللَّهمّ أرني أمراً من الحق أتمسّك به... فذكر قصة طويلة فيها منام رآه، وقصّة على سعد بن أبي وقاص، وهو مشعر بأن له إدراكاً. وهو غير حسيل بن خارجة المذكور في القسم الأوّل. فيما يظهر لي".

قلت: قول ابن حجر بأن له إدراكاً؛ لأنه لما رأى المنام قصّه على سعد بن أبي وقاص (ت55هـ)، وفتنة عثمان كانت سنة (35هـ)، فلو قلنا إن عمره كان حينها (25) سنة فيكون قد أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

وهو لا يُعرف إلا في هذا المنام الذي ذكره، وأتى سعداً، وقصّه عليه، فأمره بالاعتزال، وكان سعد قد اعتزل الفتنة، ولم يقاتل مع علي ومعاوية، ثم كان عليّ يغبطه على ذلك.

·       الحديث الخامس:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/505) (8416) قال: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، قال: حدثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: أَنْبَأَنا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ فَانْضَمَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى كَانُوا كَالرَّحَاءِ حَوْلَ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى مَجْلِسِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَقَالَا: يَا ابْنَ الصَّامِتِ تُعِيدُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثْتَنَاهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْمَالِ شَاتَيْنِ مَكِّيَّةٌ وَمَدَنِيِّةٌ تَرْعَى فَوْقَ رُءُوسِ الضِّرَابِ، تَأْكُلُ مِنْ وَرِقِ الْقَتَادِ وَالبَشَامِ، وَيَأْكُلُ أَهْلُهُ مِنْ لُحْمَانِهِ، وَيَشْرَبُونَ مِنْ أَلْبَانِهِ، وَجَرَاثِيمُ الْعَرَبِ تَرْتَهِشُ فِيهَا الْفِتَنُ - يَقُولُهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنَّ يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثُ مِائَةِ شَاةٍ يَأْكُلُ مِنْ لُحْمَانِهَا، وَيَشْرُبُ مِنْ أَلْبَانِهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ سَوَارِيكُمْ هَذِهِ ذَهَبًا وَفِضَّةً».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

قلت: هذا تفرد به سعيد بن هُبيرة عن حماد بن زيد! ولا يعرف عن عبادة إلا من هذا الوجه! ولا نعرف رواية لأبي التياح يزيد بن حُميد عن أبي رجاء عمران بن مِلحان، ولا لأبي رجاء عن عبادة! وأبو رجاء تابعي مخضرم بصري، وعبادة نزل الشام ومات فيها! ولا نعرف لأبي رجاء سماعاً منه!

فالحديث على أقل أحواله مرسل إن كان سعيد ضبطه عن حماد بن زيد! فقد تفرد به عن حماد! وهو غريب!!! والله أعلم.

·       الحديث السادس:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/513) (8440) قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، قال: حدثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قال: أَنْبَأَنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «تَكُونُ فِتْنَةٌ يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ حَتَّى يَقْرَأَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، يَقْرَأُهُ الرَّجُلُ سِرًّا فَلَا يُتَّبَعُ عَلَيْهَا، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَقْرَأَنَّهُ عَلَانِيَةً، ثُمَّ يَقْرَأُهُ عَلَانِيَةً فَلَا يُتَّبَعُ عَلَيْهَا، فَيَتَّخِذُ مَسْجِدًا وَيَبْتَدِعُ كَلَامًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ فَإِنَّ كُلَّ مَا ابْتَدَعَ ضَلَالَةٌ».

قلت: رواه ابْنُ وَضَّاحٍ القرطبي في «البدع» (ص60) (63) عن أَسَد بْنِ مُوسَى.

والطبراني في «المعجم الكبير» (20/114) (227) من طريق أَحْمَد بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ.

كلاهما (أسد، وأحمد بن يحيى) عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، به.

فهذه متابعات لسعيد بن هُبيرة في روايته عن حماد بن سلمة.

لكن خُولف حماد بن سلمة فيه، خالفه حمادُ بن زيد، وعُبَيْدُاللَّهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقّيُّ، فأرسلوه.

رواه الداني في «السنن الواردة في الفتن» (1/228) (27)، (3/567) (252) من طريق سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ. وأبو القاسم الأصبهاني قوام السنة في «الحُجة في بيان المَحجّة» (1/330) (168) من طريق عَارِم أَبي النُّعْمَانِ، كلاهما (سليمان، وعارم) عن حَمَّاد بْنِ زَيْدٍ.

ورواه الداني في «السنن الواردة في الفتن» (3/622) (284) من طريق عَلِيِّ بْنِ مَعَبْدٍ، عن عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

كلاهما (حماد بن زيد، وعبيدالله) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ، مرسلاً.

وعليه فقد أخطأ حماد بن سلمة بوصله، والصواب فيه الإرسال.

·       الحديث السابع:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/520) (8459) قال: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عبيداللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ بَدَأَ هَذَا الْأَمْرَ حِينَ بَدَأَ بِنُبُوَّةٍ وَرَحْمَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى خِلَافَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى سُلْطَانٍ وَرَحْمَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ مُلْكًا وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَعُودُ جَبْرِيَّةً تَكَادَمُونَ تَكَادُمَ الْحَمِيرِ، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالغَزْوِ وَالجِهَادِ مَا كَانَ حُلْوًا خَضِرًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُرًّا عَسِرًا، وَيَكُونُ تَمَامًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رِمَامًا - أَوْ يَكُونَ حُطَامًا -، فَإِذَا أَشَاطَتِ الْمَغَازِي وَأُكِلَتِ الْغَنَائِمُ وَاسْتُحِلَّ الْحَرَامُ، فَعَلَيْكُمْ بِالرِّبَاطِ فَإِنَّهُ خَيْرُ جِهَادِكُمْ».

قلت: تفرد به سعيد بن هبيرة عن إسماعيل بن عياش! ولم يروه عن سالم إلا عبدالعزيز بن عُبيداللَّه بْن حمزة بْن صهيب بن سنان الشامي الحمصي، وهو منكر الحديث، ليس بثقة!

·       الحديث الثامن:

روى الحاكم في «المستدرك» (4/524) (8473) قال: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ حَلِيمٍ الْمَرْوَزِيُّ، قال: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيُّ [في المطبوع: الشَّذُورِيُّ! وهو تحريف]، قال: حدثَنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِنُعَارِضَ مُصْحَفَنَا بِمُصْحَفِهِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ أَمَرَنَا فَاغْتَسَلْنَا وَتَطَيَّبْنَا، وَرُحْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَلَسْنَا إِلَى رَجُلٍ يُحَدِّثُ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فَتَحَوَّلْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ أَمْصَارٍ: مِصْرٌ بِمُلْتَقَى البَحْرَيْنِ، وَمِصْرٌ بِالجَزِيرَةِ، وَمِصْرٌ بِالشَّامِ، فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلَاثَ فَزَعَاتٍ فَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي عِرَاضِ جَيْشٍ فَيَهْزِمُ مَنْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ، فَأَوَّلُ مِصْرٍ يَرُدُّهُ الْمِصْرُ الَّذِي بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ، فَتَصِيرُ أَهْلُهَا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تُقِيمُ وَتَقُولُ نُشَامُّهُ وَنَنْظُرُ مَا هُوَ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْأَعْرَابِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ، ثُمَّ يَأْتِي الْمِصْرَ الَّذِي يَلِيهِمْ فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ نُشَامُّهُ وَنَنْظُرُ مَا هُوَ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْأَعْرَابِ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ، ثُمَّ يَأْتِي الشَّامَ فَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَقَبَةِ أَفِيقَ فَيَبْعَثُونَ بِسَرْحٍ لَهُمْ، فَيُصَابُ سَرْحُهُمْ فَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَتُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُحْرِقُ وِتْرَ قَوْسِهِ فَيَأْكُلُهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّحَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَتَاكُمُ الْغَوْثُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا لَصَوْتُ رَجُلٍ شَبْعَانَ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيَقُولُ لَهُ إِمَامُ النَّاسِ: تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ فَصَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُمَرَاءُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ بِنَا، فَيَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي بِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفَ أَخَذَ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرْبَتَهُ نَحْوَ الدَّجَّالِ فَإِذَا رَآهُ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ، فَتَقَعُ حَرْبَتُهُ بَيْنَ ثَنْدُوَتِهِ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ فَلَيْسَ شَيْءٌ يَوْمَئِذٍ يُحْبَسُ مِنْهُمْ أَحَدًا، حَتَّى إِنَّ الْحَجَرَ يَقُولُ: يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ فَاقْتُلْهُ».

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ بِذِكْرِ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".

ثم قال (8474): وَقَدْ حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، قال: حدثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ. وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ، قال: حدثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قال: حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: أَمَّنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَلَمْ يَذْكُرْ أَيُّوبَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قلت: خالف عفّان ابن هبيرة فيه، فزاد ابن هبيرة في إسناده "أيوب" جمعه مع علي بن زيد، فوهم في ذلك. والمحفوظ عن حماد بن زيد عن علي بن زيد، ولا مدخل لأيوب فيه.

وقد رواه حماد بن سلمة أيضاً عن علي بن زيد فقط.

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (21/203) (38633) عن أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ.

وأحمد في «مسنده» (29/430) (17900) عن يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ.

وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» [كما في «تاريخ دمشق» (1/197)، (2/226)] عن عبدالله بن معاوية الأموي.

والطبراني في «المعجم الكبير» (9/60) (8392) عن أَبي خَلِيفَةَ الفَضْلِ بْنِ الحُبَابِ، عن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِاللهِ الخُزَاعِيّ.

كلهم (أسود، ويزيد، وعبدالله بن معاوية، ومحمد بن عبدالله) عن حَمَّاد بْن سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، به.

وقد تفرد به عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وهو ضعيفٌ جداً، لا يُحتج به.

·       فوائد البحث:

1- صنّف سعيد بن هُبيرة أبو مالك المروزيّ كتاباً في «الفتن»، ولم يذكره إلا ابن ماكولا في «الإكمال»، ولم يشتهر بين أهل العلم!

2- روى كتاب «الفتن» عن مؤلفه: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ البُخْتِيّ المروزيّ، وكان ثقة، واشتهر بروايته، فقصده الناس له.

3- روى الإمام الحاكم في «مستدركه» في «كِتَاب الفِتَنِ وَالمَلَاحِمِ» ثمانية أحاديث من كتاب ابن هبيرة.

4- يروي الحاكم كتاب «الفتن» لسعيد بن هُبيرة عن أبي محمد الحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغ الْمَرْوَزِيّ، عن أبي نصر أحمد بن إبراهيم المروزي، عن سعيد بن هبيرة، عن سعيد بن هبيرة.

5- جاء في كتاب الحاكم بكل طبعاته: "أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّدُوسِي"، وفي بعض الأسانيد: "الشَّذُورِيُّ"!

ونسبة "الشذوري" لا توجد في كتب الأنساب ولا في الأسانيد!

وكلا النسبتين محرّفة! والصواب «البُخْتِيّ».

6- جاء في بعض الأسانيد في كتاب الحاكم: "الحَسَنُ بْنُ حَكِيمٍ"! وهو تحريف! والصواب: "بن حَلِيم" باللام لا الكاف.

7- قال الحاكم في حديث: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَدْ...".

وهذا تحريف من النسخ، وتبع هذا التحريف حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه لمصنف عبدالرزاق.

والبخاري لم يخرّجه، والصواب: "وقد روى الحديث حماد بن زيد عن أبي عمران....".

8- روى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عن أَبي عِمْرَانَ الجَوْنِيّ، عَنِ المُشَعَّثِ بنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، تَأْتِي مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ...».

وخالفه: حماد بن سلمة، ومَعمر بن راشد، وعَبْدُالعَزِيزِ بنُ عَبْدِالصَّمَدِ العَمِّيُّ، وصَالِحُ بنُ رُسْتُمَ، ومَرْحُومُ بنُ عَبْدِالْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ، وأبان بن يزيد العطّار، فرووه عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ.

ولم يذكروا فيه: "المُشَعَّثِ بنِ طَرِيفٍ".

والصواب ذكر المشعث فيه كما رواه حماد بن زيد، وهو قاضي هراة، وهو مجهول الحال.

9- وهّم أهل العلم حماد بن زيد في ثلاثة أحاديث، والصواب أنه لم يَهم فيها، وكان حافظاً لحديثه، وكان من منهجه إذا هاب حديثاً قصّر فيه، فإذا زاد في حديث فهذا يدلّ على ضبطه له.

10- دخل أبو عمران الجَوني هراة وسمع من قاضيها مشعث بن طريف، ومن زهير بن عبدالله وكان والياً أو أميراً هناك.

11- جاء في «مشاهير علماء الأمصار» في ترجمة "أبي عمران الجوني": "مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وهو ابن ثمان وعشرين ومائة سنة".

وهذا خطأ فادح! والصواب: "وقيل: مات سنة ثمان وعشرين ومائة".

12- جاء في «الثقات» في ترجمة "أَبي عمرَان الجونِي": "مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة، وَقد قِيلَ: سنة ثَمَان وَمِائَة".

فسقط منه «وعشرين»، والصواب: "سنة ثمان [وعشرين] ومائة".

13- روى الحاكم في «مستدركه» ثمانية أحاديث من كتاب «الفتن» لسعيد بن هُبيرة، وقد توبع سعيد في ستة منها، وتفرد بحديث، وخولف في واحد، وقد صحح الحاكم هذه الأحاديث، وكلها معلولة ضعيفة!

 

والحمد لله على فضله ومنّه وكرمه.

وكتب: د. خالد الحايك.

شاركنا تعليقك