الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (23). قول الإِمام النَّسائيّ: «... وإِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا لِئَلَّا يُجْعَلَ: ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ»!

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (23).

قول الإِمام النَّسائيّ: «... وإِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا لِئَلَّا يُجْعَلَ: ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ»!

 

روى النسائي في «سننه» (5/247) (2993) قال: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعِرَّانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْعَرْجِ ثَوَّبَ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ فَسَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَوَقَفَ عَلَى التَّكْبِيرِ، فَقَالَ: هَذِهِ رَغْوَةُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَدْعَاءِ، لَقَدْ بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصَلِّيَ مَعَهُ، فَإِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَمِيرٌ أَمْ رَسُولٌ؟ قَالَ: لَا بَلْ رَسُولٌ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَرَاءَةَ أَقْرَؤُهَا عَلَى النَّاسِ فِي مَوَاقِفِ الْحَجِّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ، قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَأَفَضْنَا، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ، وَعَنْ نَحْرِهِمْ، وَعَنْ مَنَاسِكِهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلُ، قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ، فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا».

قَالَ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ النسائي: "ابنُ خُثَيْمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الحَدِيثِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا لِئَلَّا يُجْعَلَ: «ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ»، ومَا كَتَبْنَاهُ إِلَّا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَمْ يَتْرُكْ حَدِيثَ ابْنِ خُثَيْمٍ، وَلَا عَبْدِالرَّحْمَنِ، إِلَّا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: «ابْنُ خُثَيْمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ»، وَكَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ".

أقول:

حكم النسائي هنا على ضعف ابن خثيم، وبيّن سبب تخريجه لهذا الحديث لئلا يأتي أحد فيسقط منه هذا الضعيف «ابن خُثيم»، فيصبح الحديث: «عن ابن جريج عن أبي الزبير»، وذلك لأن ابن جُريج (ت 150هـ) له رواية كثيرة عن أبي الزبير مُحَمَّد بْن مسلم المكي، عن جابر بن عبدالله.

وحديث ابن جُريج، عن أبي الزبير، عن جابر، في «صحيح مسلم» وغيره.

وتنبيه النسائي من هذا يُشابه فعل بعض المدلّسين حيث يسقطون شيخ الشيخ الضعيف أو المجروح، ويكون هذا الشيخ له رواية عن شيخ الضعيف، وبهذا الفعل يكون قد جوّد إسناده وحسنه، فأصبح متصلاً بإسقاط ذلك الضعيف، وهذا هو "تدليس التسوية"، وهو شرّ أنواع التدليس!

فإسقاط المدلّس الراوي المجروح من الإسناد بعد شيخه جعل رجاله ثقات ومتصلاً!

وابن خثيم وابن جريج اشتركا في الرواية عن بعض الشيوخ كعطاء بن أبي رباح.

قال المروذي عن أحمد - وذكر عَبْدالله بن عُثْمَان بن خُثَيم-، فَقَاَلَ: روى عن عَطَاء في الطلاق ناسيًا، أنَّه يلزمه، وقَدْ رُوي عن ابن جُرَيْج عن عَطَاء، خلافه.

قُلْتُ: فكيف ابن خُثَيم؟ قَاَلَ: "ابن جُرَيْج أثبت منه".

وقول النَّسائيُّ بعدما ساق قوله في ابن خثيم: "منكر الحديث": «كَأَنَّ عَلِيّ بن المَدِينِيِّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ» فيه تبني رأيه في ابن خثيم، والثناء على نقده في الرجال، فكأنه خلق للحديث في معرفته بالرّجال والعلل.

ويُروى أيضاً عن أَحْمَد بن حَنْبَلٍ أنه قال: «كَأَنَّ عَبْدالرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ».

وهذا أيضاً لتقدمه في معرفة الرجال والعلل.

ويُروى عن سفيانُ بنُ عُيينةَ أنه قال: «عليكم بوكيع الذي خُلِق للحديثِ أو لِلعِلْمِ» = يعني ففي سعة حفظه، فقد كان واسع العلم والرواية، ولم يكن ناقداً في الحديث، والله أعلم.

·       عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وحديثه.

·       تخريج الحديث الذي رواه النسائي:

قلت: هذا الحديث من «مسند إسحاق بن راهويه».

قال ابن حجر في «الفتح» (8/320): "أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ وإِسْحَاق فِي «مُسْنده»، وَالنَّسَائِيّ والدارمي كِلَاهُمَا عَنهُ، وَصَححهُ ابن خُزَيْمَة وابن حبَان".

قلت: أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/222) (3590) عن أَحْمَد بنِ شُعَيْبٍ النسائي.

وأخرجه الجورقاني في «الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير» (1/273) (129) من طريق أَحْمَد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السُّنِّيّ، عن النسائي.

وأخرجه الدارمي في «سننه» (2/1218) (1956).

وابن خزيمة في «صحيحه» (2/1396) (2974) عن مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي.

والفاكهي في «أخبار مكة» (5/34) (2847) عن أَبي نَصْرِ بنِ أَبِي عَرَابَةَ.

كلهم (النسائي، والدارمي، والذهلي، وابن أبي عرابة) عن إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيّ ابن رَاهَويه.

وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (15/19) (6645) عن المُفَضَّلِ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الجَنَدِيّ، عن عَلِيّ بن زِيَادٍ اللَّحْجي.

والبيهقي في «دلائل النبوة» (5/297) من طريق أَبي الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الطَّبَرِيّ، عن أَبي حُمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الزَّبِيْدِيِّ.

ثلاثتهم (ابن راهويه، واللحجيّ، وأبو حُمّة) عن أَبي قُرَّةَ مُوْسَى بنِ طَارِقٍ الزَّبِيْدِيّ، به.

·       حكم أهل العلم عليه:

وقد سبق قول ابن حجر إن ابن خزيمة صححه! لكنه قال عنه: "حَدِيثٌ غَرِيبٌ غَرِيبٌ"! فهذا منه تضعيف له، وإن أورده في الصحيح، فهو أحياناً يأتي ببعض الأحاديث الضعيفة في الباب ويُضعّفها.

وقال الجورقاني: "هَذَا حَدِيثٌ حسَنٌ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ".

·       زيادة مقحمة في كتاب «العقيلي»، وهي خطأ!!

قال النسائي كما مر آنفاً: "وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَمْ يَتْرُكْ حَدِيثَ ابْنِ خُثَيْمٍ، وَلَا عَبْدِالرَّحْمَنِ".

وقال العقيلي في «الضعفاء» (2/281) في ترجمة «عَبْداللَّهِ بْن عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ»: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ، قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَشُدُّ الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ»، فَقَالَ: "أَنْتَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ!"، وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الرَّجُلِ بِالْحَدِيثِ وَالشَّيْءِ لَا يُحَدِّثُ بِحَدِيثِهِ كُلِّهِ، وَكَانَ يَحْيَى وَعَبْدُالرَّحْمَنِ لَا يُحَدِّثَانِ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ.

كذا وقع في كتاب العقيلي! وهو خطأ! والصواب: "وكان يحيى وعبدالرحمن يحدثان عن ابن خثيم"، فزيد فيه حرف «لا»! فعكست المعنى.

والخطأ كأنه من النسخ لا من العقيلي نفسه، فسياق كلامه يدل على أنها مقحمة في النص؛ لأن عمرو بن علي الفلاس لما حدث ابن مهدي بحديث ابن خثيم، فقال له: أنت من هذا الضرب = يعني أنت ممن يجمع أحاديث هؤلاء! قال الفلاس: "وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الرَّجُلِ بِالْحَدِيثِ وَالشَّيْءِ لَا يُحَدِّثُ بِحَدِيثِهِ كُلِّهِ"، فهذا تصريح منه أن ابن مهدي كان أحياناً يُحدث عنه، لكن لا يحدث بحديثه كله، فطالما أنه كان يحدث عنه، فلا يستقيم ما جاء في الكتاب "لا يحدثان"! فكيف يقول أولاً حدّث، ثم ينفي التحديث! فهذا تناقض! فلزم أن تكون «لا» مقحمة في الكتاب.

ويؤيد ذلك قول النسائي المذكور آنفاً.

وكذلك نقل أهل العلم عن أبي حفص الفلاّس.

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/112): حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ قال: "كان يحيى وعبدالرحمن يُحَدِّثان عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ".

وروى ابن عدي في «الكامل» (4/161) قال: كتب إليّ محمد بن الحسن: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدّثت عبدالرحمن، قلت: حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالإثمد فإنه يشد البصر وينبت الشعر»، فقال: أنت من هذا الضرب! وكان يحدثنا عن الرجل بالحديث والشيء، ولا يحدّث بحديثه كله. قال عمرو: "وكان يحيى وعبدالرحمن يحدثان عن ابن خثيم".

فهذه القصة نفسها التي ساقها العقيلي وليس فيها حرف «لا»!

·       وهم لمغلطاي!

وقال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (8/58): "وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبدالرحمن يحدثان عنه... ولما ذكره العقيلي في كتاب «الجرح والتعديل» قال: كان يحيى وعبدالرحمن لا يحدثان عنه، انتهى. وهو معارض لما أسلفناه عن الفلاس وكأنه أشبه؛ لأن الفلاس روى عن عبدالرحمن عنه حديث الإثمد فيما ذكر ابن عدي".

قلت: هذا يدلّ على أن الخطأ في أصل نسخة العقيلي، والصواب خلافه.

وقول مغلطاي: "الفلاس روى عن عبدالرحمن عنه حديث الإثمد" وهم! فعبدالرحمن لم يرو عنه حديث الإثمد، وإنما قال الفلاس: "حدثت عَبدالرحمن، قلت، حَدثنا بشر بن المفضل، حَدثنا ابن خثيم..."، أي أن الفلاس ذكر لعبدالرحمن الحديث الذي رواه هو عن بشر بن المفضل عن ابن خثيم، فالحديث يرويه الفلاس عن بشر، ولو كان ابن مهدي رواه لرواه مباشرة عن ابن خثيم. وبشر بن المفضل من شيوخ الفلاس.

وقد ذكر ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (5/315) قول الفلاس بالمعنى، فقال: "قال: لم يترك يحيى ولا عبدالرحمن حديث ابن خثيم". فعبّر عنه بقول: "لم يترك يحيى وعبدالرحمن.." = أي كانا يحدثان عنه.

·       وهم لابن رجب!

وقد ذكر ابن رجب حديث ابن خثيم في قراءة البسملة في «فتح الباري» (6/402) وبيّن اضطرابه، ثم قال: "وقد تفرد بهذا الحَدِيْث عَبْدالله بْن عُثْمَان بْن خثيم، وليس بالقوي؛ ترك حديثه يَحْيَى القطان وابن مهدي".

قلت: كأن ابن رجب اعتمد في قوله هذا بأن يحيى وابن مهدي تركا حديثه على ما جاء في كتاب «العقيلي»! والصواب ما قدمناه أنهما لم يتركاه.

·       كلام أهل العلم في عبدالله بن عثمان بن خُثيم:

اختلف أهل العلم في حال ابن خُثيم ما بين موثق له مطلقاً، وما بين مُضعّف له، وما بينهما من تمشية حاله دون الاحتجاج به مُطلقاً.

قال أحمد بن سعد بن أبي مريم: سمعت يحيى بن معين يقول: "عبدالله بن عثمان بن خثيم: ثقة، حجة".

وقال ابنُ الجُنيد: سُئِلَ يَحْيَى - وَأَنَا أَسْمَعُ-، عن عبدالله بن عُثْمَان بن خُثَيْم؟ فَقَالَ: "لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ".

وقال عبدالله الدورقي: قال يحيى بن معين: "عبدالله بن عثمان بن خثيم أحاديثه ليست بالقوية".

وقال عمرو الفلاّس: "كان يحيى وعبدالرحمن يحدثان عن ابن خثيم".

وقال عَلِيّ بن المَدِينِيّ: "ابنُ خُثَيْمٍ مُنْكَرُ الحَدِيثِ".

وقال أحمد: "نَافِعُ بْنُ عُمَرَ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، وَابْنُ خُثَيْمٍ يُحْتَمَلُ".

وقال أيضاً: "ليس به بأس".

وقال عبدالله بن أحمد: سئل - يعني أباه- عن إسماعيل بن أمية، وابن خثيم. فقال: "إسماعيل أحبّ إلينا من ابن خثيم".

وقال أبو حاتم: "عبدالله بن عثمان بن خثيم ما به بأس، صالح الحديث".

ونقل الذهبي عنه أنه قال مرة: "لا يُحتج به".

وقال العجلي: "عبدالله بن عُثْمَان بن خثيم: مكي ثِقَة".

وقال النسائي: "ثقة"، وقال مرة: "ليس بالقوي".

وقال عقيب حديثه «عليكم بالإثمد»: "لين الحديث". ونقل عن ابن المديني قوله فيه: "منكر الحديث"، وأثنى على ابن المديني بقوله هذا.

وقال البزار في «مسنده»: "وعَبداللهِ بْنُ عُثمَان بْنِ خُثَيم رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَشْهُورٌ، حَسَنُ الْحَدِيثِ، لا نعلَمُ أحَدًا تَرَكَ حديثه".

وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: "وكان يُخطىء".

وقال في «المشاهير»: "كان من أهل الفضل، والنسك، والفقه، والحفظ".

وقال ابن سعد: "كان ثقة، وله أحاديث حسنة".

وأورده العُقيلي في جملة الضعفاء.

وقال ابن عدي بعد أن ذكر بعض الأحاديث: "ولابن خثيم هذا أحاديث، وهو عزيز، وأحاديثه أحاديث حسان مما يجب أن تُكتب".

ولما ذكره ابن خلفون في كتاب «الثقات» قال: "هو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين وهو ثقة، قاله أبو جعفر البستي".

وقال الدَّارَقُطْنِيّ: "ضعيف".

وقال ابن حجر في «التقريب»: "صدوق".

وقال في «الفتح» (11/239): "صَدُوقٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ".

وقال في «نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار» (4/235): "ابن خثيم صدوق، في حفظه شيء".

وصحح حديثه الترمذي، والحاكم!

·       الخلاصة في حال عبدالله بن عثمان بن خُثيم:

قلت: بعد سبر حديث عبدالله بن خثيم وأقوال أهل العلم فيه رأيت أنه من العلماء النسّاك الفقهاء، وهو صدوق في نفسه، لكنه ضعيف في الحديث، لا يُحتج بما انفرد به، وحديثه منكر!

وكأنه لعنايته بالفقه والعبادة والتنسك أثّر ذلك على حديثه فدخل عليه الضعف فروى المناكير!

وكان ابن معين، والنسائي يوثقانه ثم تبيّن لهما ضعفه فضعّفاه، وكلام أحمد وأبي أحمد لا يخالف كلامهما، فهو صالح الحديث، بمعنى يُكتب حديثه للاعتبار، ولا يحتج بما انفرد به، ولهذا لم يُخرّج له الشيخان احتجاجاً، فعلّق له البخاري حديثاً واحداً، وروى له مسلم حديثاً واحداً في الشواهد.

وقول ابن حبان فيه: "كان يُخطئ" تحتاج هذه الكلمة أن تكون صادرة عن سبر في مخالفته لغيره في الحديث، فالخطأ لا يُعرف إلا من خلال روايات الآخرين ومخالفتهم، لكن المشكلة فيه أنه كان ينفرد بالمناكير!

والخلاصة أنه لا يُحتج به، وهو منكر الحديث.

وأما ما يرويه من آثار، وحكايات، أو أشياء رآها أو سألها، فهذا مما يُقبل منه، ما لم يخالفه من هو أوثق منه كابن جُريج، ومن ذلك ما أخرجه أصحاب المصنفات، وغيرهم، وقد وقفت على ما يُقارب خمسين منها، منها:

- ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/152) (1747) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «مَا أُبَالِي مَسَسْتُهُ أَوْ أَنْفِي».

- وروى (1/174) (2005) قال: حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنَ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي الْجُنُبِ يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ، فَيَأْخُذُ عَرَقُهُ، فَيَتَمَسَّحُ بِهِ: «لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا».

- وروى (2/78) (6676) قال: حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ دَارِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَتَّى إِذَا نَظَرْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إِذَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى صَلَّى النَّاسُ، وَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ فِي الْبَيْتِ».

- وروى (2/155) (7596) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: «أَخَّرَ الْحَجَّاجُ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ، فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ فِي رَحْلِهِ»، وَثَمَّ نَاسٌ وَقْفٌ قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجَ فَحَسَّ بِهِ.

- وروى (2/263) (8806) قال: حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: «صَلِّ الْعِشَاءَ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ، وَإِدْلَامُ اللَّيْلِ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الْأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ».

- وروى (2/309) (9331) قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَا: «لَا بَأْسَ بِالْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، مَا لَمْ يَخَفْ ضَعْفًا».

- وروى (3/160) (13048) قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ قَالَ: «فَصَلَّيْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَشِيَّةَ النَّحْرِ».

- وروى (3/271) (14115) قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولَانِ: «كُنَّا نَرَى عَبْدَاللَّهِ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُسَاوِيَ رَأْسَهُ، وَيُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، وَكَانَ حَصَاهُ مِثْلَ بُنْدُقَةِ الْحَادِرَةِ».

- وروى (3/319) (14579) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ «يَتَحَيَّنُ زَوَالَ الشَّمْسِ، فَيَرْمِي الْجِمَارَ».

- وروى (4/172) (19050) قَالَ: حدثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: «حَلَفَ أَخِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ: يُعْتِقُ جَارِيَةً لَهُ أَلَّا يَشْرَبَ مِنْ مُدِّهَا، إِلَى أَجَلٍ ضَرَبَهُ، فَنَسِيَ قَبْلَ الْأَجَلِ، فَشَرِبَ، فَاسْتَفْتَيْتُ لَهُ عَطَاءً، وَمُجَاهِدًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَعَلِيًّا الْأَزْدِيَّ، وَكُلُّهُمْ رَأَى أَنَّهَا حُرَّةٌ».

- وروى (5/110) (24218) قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: «أَفَضْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَشِيَّةَ النَّحْرِ، فَأَتَى حَوْضًا فِيهِ مَاءُ زَمْزَمَ، فَغَرَفَ بِيَدِهِ فَشَرِبَ مِنْهُ».

- وروى عبدالرزاق في «مصنفه» (6/198) (10483) عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ».

- وروى (7/364) (13491) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، سَمِعَ مُجَاهِدًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبِكْرِ يُوجَدُ عَلَى اللُّوطِيَّةِ قَالَ: «يُرْجَمُ».

- وروى ابن عساكر في «تاريخه» (41/113) من طريق مُسْلِم الزَّنْجِيّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ: «أَنَّهُ كَانَ جَالِساً مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، فَمَرَّ بِهِ عِكْرِمَةُ وَمَعَهُ نَاسٌ، فَقَالَ لَنَا سَعِيْدٌ: قُوْمُوا إِلَيْهِ، وَاسْأَلُوْهُ، وَاحْفَظُوا مَا تَسْأَلُوْنَ عَنْهُ، وَمَا يُجِيْبُكُم. فَقُمْنَا، وَسَأَلْنَاهُ، فَأَجَابَنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا سَعِيْداً، فَأَخْبَرَنَاهُ، فَقَالَ: كَذَبَ».

- وروى أيضاً من طريق بِشْر بن المُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ، أَنَا وَعَبْدُاللهِ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10]، قَالَ: «بُسُوْقُهَا كَبُسُوْقِ النِّسَاءِ عِنْدَ وَلاَدِتِهَا». فَرُحْتُ إِلَى سَعِيْدٍ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «كَذَبَ. بُسُوْقُهَا: طُوْلُهَا».

قلت: ومعنى "كذب" قد تُحمل على الخطأ بلغة أهل الحجاز، ويمكن حملها على المعنى المعروف للكذب، فقد كان بعض أهل العلم لهم رأي سوء في عكرمة كابن سيرين، وأيوب، وغيرهما، وهو ثقة مطلقاً، وليس هذا موضع الكلام على ذلك.

·       تعليق البخاري لحديث ابن خثيم في «صحيحه»، ومُراده من ذلك:

علّق له البخاري حديث: «أنّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل له في التقديم والتأخير؟ فقال: لا حرج» في كتاب الحجّ عقيب حديث عبدالعزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ابن عباس.

قال البخاري في «صحيحه» (2/173) (1722): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِالعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ «لاَ حَرَجَ». قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ: «لاَ حَرَجَ». قَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: «لاَ حَرَجَ».

[وقَالَ عَبْدُالرَّحِيمِ الرَّازِيُّ: عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ عَفَّانُ: أُرَاهُ عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ حَمَّادٌ: عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].

قلت: اعتمد البخاري حديث عبدالعزيز بن رُفيع، عن عطاء، عن ابن عباس، ثم علّق متابعة ابن خثيم له ليبين الاختلاف عليه! فمنهم من رواه عنه عن عطاء عن ابن عباس، ومنهم من رواه عنه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس! وهذا يدل على اضطرابه فيه، وهذا يُثبت ضعفه!

وقد أخرج البخاري الحديث أيضاً من طريق مَنْصُور بن زَاذَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، وأخرجه أيضاً من طريق عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قال ابن حجر في «الفتح» (3/560): "(قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُالرَّحِيمِ بن سُلَيْمَان عَن بن خثيم)، وَهُوَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْأَوْسَطِ» مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيِّ عَنْ عَبْدِالرَّحِيمِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عبدالرَّحِيم عَن ابن خُثَيْمٍ، كَذَا قَالَ! وَالرِّوَايَةُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ تَرُدُّ عَلَيْهِ، وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ أصل الحَدِيث لا خصوص مَا تَرْجَمَ بِهِ مِنَ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ.

(قَوْله: وَقَالَ الْقَاسِم بن يحيى: حَدثنِي ابن خُثَيْمٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى طَرِيقِهِ مَوْصُولَةً.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ عَفَّان - أرَاهُ عَن وهيب: حَدثنَا ابن خثيم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابن عَبَّاسٍ) الْقَائِلُ: أُرَاهُ، هُوَ الْبُخَارِيُّ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ بِدُونِهَا، وَلَفْظُهُ: «جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ وَلَمْ أَنْحَرْ، قَالَ: لَا حَرَجَ، فَانْحَرْ وَجَاءَهُ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: فَارْمِ وَلَا حَرَجَ»، وَزَعَمَ خَلَفٌ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ فِيهِ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ على ابن خُثَيْمٍ، هَلْ شَيْخُهُ فِيهِ عَطَاءٌ أَوْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَطَاءٍ هَل شَيْخه فِيهِ ابن عَبَّاسٍ أَوْ جَابِرٌ، فَالَّذِي يَتَبَيَّنُ مِنْ صَنِيعِ البُخَارِيّ تَرْجِيح كَونه عَن ابن عَبَّاسٍ، ثُمَّ كَوْنِهِ عَنْ عَطَاءٍ وَأَنَّ الَّذِي يُخَالِفُ ذَلِكَ شَاذٌّ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِإِيرَادِهِ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ".

·       رواية القاسم بن يحيى التي لم يقف عليها الحافظ ابن حجر!

ورواية القاسم لم يقف عليها الحافظ ابن حجر كما قال، وبيّض لها في «التغليق»! وقد وصلها البزار في «مسنده»  (11/366) (5191) قال: حَدَّثنا مُقَدِّمُ بْنُ مُحَمد بْنِ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ، عَنْ عَبداللَّهِ بْنُ عُثمَان بْنِ خُثَيم، عَن عَطَاءٍ، عَن ابنِ عَباس، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فَقَالَ: إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ: اذْبَحْ، ولاَ حَرَجَ، وَقال آخَرُ: إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ: ارْمِ، ولاَ حَرَجَ، وَقال آخَرُ: إِنِّي زُرْتُ الْبَيْتَ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ: ارْمِ، ولاَ حَرَجَ».

وكان البزار قد ساق هذه الرواية، ورواية أَبي بَكْرِ بن عَيَّاشٍ عَنْ عَبدالْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَن عَطاء، عَن ابنِ عَباس، ورواية هُشَيْم عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَن عَطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ثم قال: "وَهَذَا الحَدِيثُ رَوَاهُ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا، عَن عَطاء عَنْ جَابِرٍ، رَوَاهُ أُسَامة بْنُ زَيْدٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْد، عَن عَطاء عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرْنَاهُ لاخْتِلافِهِمْ، عَن عَطاء لِنُبَيِّنَ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ إلاَّ هُشَيْمٌ، ولاَ نَعْلَمُ أَسْنَدَ ابْنُ خُثَيم، عَن عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ هَذَا، وَلا أَسْنَدَ عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ هَذَا الحديث".

·       رواية عبدالرَّحِيم بْن سُلَيْمَان الرَّازِيّ:

وحَدِيث عبدالرَّحِيم الرَّازِيّ أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي «مستخرجه» [كما قال ابن حجر في «تغليق التعليق» (3/95)] عن ابن زَاطِيَّا عن الحَسَن بن حَمَّادٍ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (11/178) (11417)، و«المعجم الأوسط» (5/234) (5182) عن مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ أَبي جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ، عن سَعِيد بنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيّ.

كلاهما عن عَبْدالرَّحِيمِ بن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: لَا حَرَجَ».

قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابنِ خُثَيْمٍ إِلَّا عَبْدُالرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ"!

وتعقّبه ابن حجر كما سبق، وقال في «التغليق»: "كَذَا قَالَ الطَّبَرَانِيّ! وَقد عرفت أَن طَرِيق القَاسِم بن يحيى الَّتِي ذكرهَا البُخَارِيّ ترد عَلَيْهِ".

·       رواية وُهيب بن خالد ومتابعة الثوري له:

وحديث وُهيب أخرجه أحمد في «مسنده» (5/162) (3036) عن عَفَّان بن مُسلم الصفّار، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَلَقْتُ وَلَمْ أَنْحَرْ؟ قَالَ: لَا حَرَجَ وَانْحَرْ، وَجَاءَهُ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: فَارْمِ، وَلَا حَرَجَ».

وقد تابعه سفيان الثوري عليه:

رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (12/64) (12482) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي: أَعْطَانَا أَبُو الْأَشْجَعِ كِتَابَ أَبِيهِ، فَكَتَبْنَا مِنْهُ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ: «ارْمِ، وَلَا حَرَجَ»، فَقَالَ: إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قَالَ: «ارْمِ، وَلَا حَرَجَ».

·       تعليق ذكره البخاري عن عطاء في بعض تراجمه، وإنما يرويه عنه ابن خثيم!

ذكر البخاري في «كتاب البيوع» (3/71): "بَاب: هَلْ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَهَلْ يُعِينُهُ أَوْ يَنْصَحُهُ؟ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَنْصَحْ لَهُ»، وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ".

قال الحافظ في «الفتح» (4/371): "(قَوْلُهُ: وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءٌ) أَيْ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَصَلَهُ عَبْدُالرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَان - أَي ابن خُثَيْمٍ-، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ، عَنْ أَعْرَابِيٍّ أَبِيعُ لَهُ؟ فَرَخَّصَ لِي".

رواه عبدالرزاق في «مصنفه» (8/201) (14877) عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَعْرَابِيٍّ أَبِيعُ لَهُ؟ «فَرَّخَصَ لِي».

وإيراد البخاري له بقوله: "ورخص فيه عطاء" يدلّ على ما ذكرته آنفاً أنه يُحتج بما رواه ابن خثيم من آثار وحكايات وأسئلة سألها لأهل العلم.

·       الحديث الذي أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» لابن خثيم! ووهم ابن خثيم فيه!

قال مسلم في «صحيحه» في «فضائل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (4/1794) (2294): وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُبَيْدِاللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ: «إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَوَاللهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ، فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ».

رواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (7/433) (4455) عن العَبَّاس بن الْوَلِيدِ، عن يَحْيَى بْن سُلَيْمٍ، به.

ورواه أحمد في «مسنده» (41/388) (24901)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/306) (31670) كلاهما عن عَفَّان، عن وُهَيْب بن خالد، عن ابْنِ خُثَيْمٍ، به.

ومسلم أورد هذا الحديث بعد أن ساق حديث سهل بن سعد الأنصاري، ثم حديث أبي سعيد الخدري، ثم حديث نَافِع بْن عُمَرَ الجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.

وقد أخرج البخاري في «صحيحه» حديث نافع بن عمر، عن ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.

فالصواب من حديث ابن أبي مُليكة عن أسماء لا عن عائشة، وقد وهم فيه ابن خُثيم!

وكأن ابن خثيم لم يضبطه بسبب سوء حفظه، فهو يروي عن ابن أبي مليكة عن عائشة أحاديث أخرى، فوهم في هذا الحديث وسلك هذه الجادة، ولم يحفظ أنه من حديث أسماء لا عائشة.

والسؤال: هل أراد مسلمٌ بيان هذا الوهم من خلال سياقه مباشرة بعد حديث نافع بن عمر عن ابن أبي مُليكة عن أسماء؟

والجواب: هذا مُحتمل، ويُحتمل أنه رآه صحيحاً، وأورده في الشواهد للكلام الذي في ابن خُثيم، والله أعلم.

·       الأحاديث التي أخرجها الترمذي لابن خُثيم وصححها أو حسّنها!

الحديث الأول:

أخرج الترمذي في «جامعه» (2/311) (994) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ».

قال الترمذي: "حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِبُّهُ أَهْلُ العِلْمِ"، وقال: "وَفِي البَاب عَنْ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ".

ورواه عبدالرزاق في «مصنفه» (3/429) (6200) عَنْ مَعْمَرٍ، و(6201) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.

[تنبيه: وقع في كل طبعات «المصنف» أن رواية معمر موقوفة! وهذا خطأ! وقد سقط منها: "قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فقد رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (12/64) (12485) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري راوي مصنف عبدالرزاق مرفوعاً. وكذا رواه أحمد في «مسنده» (5/398) (3426) عن عَبْدالرَّزَّاقِ مرفوعاً].

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/183) (11238) عن يَحْيَى بْن آدَمَ. وأحمد في «مسنده» (4/282) (2479) عن أَبي أَحْمَدَ الزبيري، كلاهما عن سُفْيَان الثوري.

ورواه الْحُمَيْدِيُّ في «مسنده» (1/453) (530) عن سُفْيَانَ بنِ عُيينةَ.

ورواه الشافعي في «مسنده» (ص: 364). والحاكم في «المستدرك» (1/506) (1308) من طريق يَحْيَى بن يَحْيَى النيسابوري. والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/232) (1253) من طريق مُحَمَّد بن مُوسَى الحَرَشِيّ. ثلاثتهم (الشافعي، ويحيى، والحرشي) عن يَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيّ.

[ورواه الحاكم في «المستدرك» (4/205) (7378) من طريق الربيع بن سليمان عن الشافعي].

ورواه أحمد في «مسنده» (4/94) (2219) عن عَلِيّ بن عاصم.

ورواه أحمد في «مسنده» (5/161) (3035) عن عَفَّان. وابن حبان في «صحيحه» (12/242) (5423) من طريق العَبَّاسِ بْنِ الوَلِيدِ النَّرْسِيِّ. كلاهما عن وُهَيْب بن خالد.

ورواه أحمد في «مسنده» (5/352) (3342) عن وَكِيع. وابن سعد في «الطبقات» (1/348) عن الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ. والطبراني في «المعجم الكبير» (12/66) (12491) عن عَلِيّ بْن عَبْدِالْعَزِيزِ، عن أَبي نُعَيْمٍ الفضل بن دُكين. والحاكم في «المستدرك» (1/506) (1308) من طريق جَعْفَر بْنِ عَوْنٍ. كلهم عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ المَسْعُودِيِّ.

ورواه أحمد في «مسنده» (5/398) (3426) عن أَبي كَامِلٍ مُظفر بن مُدرك البغدادي. وأبو داود في «سننه» (6/27) (3878)، و(6/168) (4061) عن أحمد بن يونسَ. كلاهما عن أبي خيثمة زُهير بن معاوية الجُعفي.

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (4/300) (2410) عن أَبي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيّ، عن جَرِير بن عبدالحميد، وَسُفْيَان بْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْداللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَيَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ.

ورواه البزار في «مسنده» (11/294) (5092) عن مُحَمد بن عَبدالملك، عن أَبي عَوَانة الوضّاح اليشكري.

وابن ماجه في «سننه» (4/579) (3566) عن مُحَمَّد بْنِ الصَّبَّاحِ، عن عَبْدِاللَّهِ بْن رَجَاءٍ الْمَكِّيِّ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (12/65) (12488) من طريق مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، عن زَائِدَة بن قُدامة.

والطبراني في «المعجم الكبير» (12/66) (12490) من طريق حَجَّاج بْن الْمِنْهَالِ، عن حَمَّاد بْنِ سَلَمَةَ، وأَبي عَوَانَةَ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (12/66) (12492) من طريق الْحَسَن بْنِ الرَّبِيعِ الْبُورَانِيّ، عن دَاوُدَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّار.

والطبراني في «المعجم الكبير» (12/66) (12493) من طريق بَكْرِ بْنِ عَبْدِاللهِ اللَّيْثِيّ، عن رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ.

والبيهقي في «شعب الإيمان» (8/331) (5905) من طريق أَبي بَدْرٍ شُجَاع بْنِ الْوَلِيدِ.

كلهم (معمر، وابن جريج، والثوري، وابن عيينة، ويحيى بن سُليم، وعلي بن عاصم، ووهيب، والمسعودي، وأبو خيثمة، وجرير، وابن إدريس، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن عياش، وأبو عوانة، وعبدالله بن رجاء، وزائدة، وحماد بن سلمة، وداود العطار، وروح، وشجاع بن الوليد) عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، به.

قال البزار: "وهَذَا الْحَدِيثُ يُرْوَى عَن سَمُرة، وعَن غَيْرِ سَمُرة، ويُروَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، ولاَ نَعْلَمُ لَهُ إِسْنَادًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ هَذَا الإِسْنَادِ، وعَبداللهِ بْنُ عُثمَان بْنِ خُثَيم رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَشْهُورٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ لا نعلَمُ أحَدًا تَرَكَ حديثه".

وقال في موضع آخر: "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهَذَا الإِسْنَادُ مِنْ أَحْسَنِ إِسْنَادٍ يُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم".

وقال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَشَاهِدُهُ صَحِيحٌ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ".

وقال في موضع آخر: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وَقَالَ ابْن الْقطَّان: "حَدِيث صَحِيح".

وقد صحح الحافظ ابن حجر إسناد الحديث.

فقد بوّب البخاري في «صحيحه»: «بَابُ الثِّيَابُ الْبِيضُ لِلْكَفَنِ»، فقال الحافظ في «الفتح» (3/135): "أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: «كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ» الْحَدِيثَ، وَتَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَخْتَارَ لِنَبِيِّهِ إِلَّا الْأَفْضَلَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُثْبِتْ عَلَى شَرْطِهِ الْحَدِيثَ الصَّرِيحَ فِي الْبَابِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من حَدِيث ابن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «الْبَسُوا ثِيَابَ الْبَيَاضِ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَخْرَجُوهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا".

وبوّب البخاري أيضاً «بَابُ الثِّيَابِ الْبِيضِ»، فقال الحافظ في «الفتح» (10/283): "كَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ عَلَى شَرْطِهِ فِيهَا شَيْءٌ صَرِيحٌ فَاكْتَفَى بِمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ: «عَلَيْكُمْ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ فَالْبَسُوهَا فَإِنَّهَا أَطْيَبُ وَأَطْهَرُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وابن حبَان من حَدِيث ابن عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ، وَفِيهِ: «فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ».

ولما سأل ابن أبي حاتم أباه (3/556) عن هذا الحديث بإسناد آخر من طريق أنس بن مالك، قال: "هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ جِدًّا، باطلٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ".

فحكم على الحديث بالنكارة، وبطلان هذا الإسناد.

واستنكره عبدالرحمن بن مهدي من خلال القصة التي سقناها عن عَمرو بن علي الفلاّس، قال: حدثت عَبدالرحمن، قلت، حَدثنا بشر بن المفضل، حَدثنا ابن خثيم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلي الله عَليه وسَلم: «عليكم بالإثمد فإنه يشد البصر وينبت الشعر». فقال: أنت من هذا الضرب؟ وكان يحدثنا عن الرجل بالحديث والشيء، ولا يحدث بحديثه كله، قال عَمرو: "وكان يَحيي وعَبدالرحمن يحدثان عن ابن خثيم".

فمعنى ذلك استنكاره لهذا الحديث.

وكذا استنكره العقيلي وأورده في ترجمة ابن خثيم، ثم قال: "وَالرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا لِينٌ".

فضعّف العقيلي كل الروايات في هذا الباب، وهو كما قال، فهي منكرة، ولا يصح في هذا الباب شيء.

والعجب من الترمذي كيف صحح هذا الحديث لابن خثيم وقد تفرد به عن سعيد بن جبير! ولا يُعرف عن ابن عباس إلا من حديثه!

فالحديث منكر!

الحديث الثاني:

أخرج الترمذي في «جامعه» (2/506) (1210) قال: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رِفَاعة: «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلاَّ مَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَبَرَّ، وَصَدَقَ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

رواه معمر في «جامعه» [كما ضمنه عبدالرزاق في «مصنفه» (11/458) (20999)].

والدارمي في «سننه» (3/1652) (2580) عن أَبي نُعَيْمٍ. والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/47) (94) عن ابْنِ حُمَيْدٍ، عن مِهْرَان، كلاهما عن سُفْيَان الثوري.

وابن ماجه في «سننه» (3/277) (2146) عن يَعْقُوب بْن حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ. والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/47) (92) عن ابْنِ وَكِيعٍ، كلاهما عن يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِي.

والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/47) (95) عن يُونُس بْن عَبْدِالْأَعْلَى، عن عَبْدِاللَّهِ بْن وَهْبٍ، عن مُسْلِم بن خَالِدٍ الزنجيّ.

والطبراني في «المعجم الكبير» (5/44) (4541) من طريق مُسَدَّد، عن بِشْر بْن الْمُفَضَّلِ، وَإِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمَ.

والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/47) (95) من طريق عَبْداللَّهِ بْن وَهْبٍ. وابن حبان في «صحيحه» (11/276) (49109) من طريق خلف بن هشامٍ البزار، كلاهما عن دَاوُد بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّار.

والحاكم في «المستدرك» (2/8) (2144) من طريق إِسْمَاعِيل بْنِ زَكَرِيَّا.

والبيهقي في «شعب الإيمان» (6/485) (4508) من طريق عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ.

وقاضي المارستان في «مشيخته» (3/1120) (527) من طريق عبدالعزيز بن محمد، عن يوسف بن عبدالرحمن.

كلهم (معمر، والثوري، ويحيى بن سليم، ومسلم الزنجي، وبشر بن المفضل، وإسماعيل بن علية، وداود العطار، وإسماعيل بن زكريا، وعلي بن أحمد، ويوسف بن عبدالرحمن) عن ابن خُثيم، به.

ورواه أبو نُعيم الأصبهاني في «الحلية» (7/114) عن عَبْداللهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قال: حدثنا عَبْدُاللهِ بْنُ بُنْدَارٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَذَكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، به.

قال أبو نُعيم: "غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَجَوَّدَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ. وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ: بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بِمِثْلِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ".

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وذكره الألباني في «سلسلته الصحيحة» (994).

قلت: صححه الترمذي مع أن إسماعيل بن عُبيد تفرد بالرواية عنه ابن خُثيم! وإسماعيل هذا مجهول الحال!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/367) (1165): "إِسْمَاعِيل بْن عُبَيد بْن رِفاعة، الزُّرَقيّ، الأَنصاريّ، حِجازيّ. سَمِعَ أباه، عَن جَدِّه. سَمِعَ منه ابن خُثَيم".

قلت: كذا أثبت البخاري سماعه من أبيه، وسماع ابن خثيم منه! وقد يكون ابن خثيم سمع منه، لكنه منكر الحديث لا يُحتج بما انفرد به!

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/187) (633): "إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الزرقي. روى عن أبيه عن جده. روى عنه: عبدالله بن عثمان بن خثيم. سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك. زاد أبو زرعة: يُعدّ في المدينيين".

وذكره ابن حبان في «الثقات» (6/28) (6582).

وقال ابن سعد في «الطبقات» [متمم التابعين (ص: 296) (192)]: "إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ، وَأُمُّهُ سُمَيْكَةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبِ بْنِ الْقَيْنِ، وَكَانَ رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ مِنَ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَشَهِدَهَا ابْنَاهُ رِفَاعَةُ وَخَلَّادُ ابْنَا رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ".

وقال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (2/193): "وأمه سميكة بنت كعب بن مالك بن أبي كعب فيما ذكره شيخنا العلامة أبو محمد الدمياطي، رحمه الله تعالى".

قلت: قد تبيّن أن هذا كلام ابن سعد، وعنه أخذه الدمياطي.

وقال الذهبي في «الميزان» (1/238) (914) - وذكر حديثه هذا-: "ما علمت روى عنه سوى عبدالله بن عثمان بن خثيم، ولكن صحح هذا الترمذي".

وقال في «الكاشف» (1/248) (395): "مقبول لم يُترك".

وزاد ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (1/318): "ورأيت في «الموالي» لأبي عمر الكندي من طريق سليمان بن عمران قال: ذُكر لسعيد بن المسيب: إسماعيل بن عبيد مولى الأنصار وكثرة صدقته وفعله المعروف، فذكر قصة فلعله هذا".

قلت: هذا قيل إنه مولى للأنصار، وإسماعيل بن عُبيد راوي الحديث عن أبيه عن جده ليس بمولى للأنصار! بل هو أنصاري من الخزرج مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، وجده: رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَاصِمِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَضَبِ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وشهد بدراً، وأبوه رافع كان أحد النقباء الإثني عشر.

ولا أدري كيف خفي هذا على الحافظ ابن حجر!

·       تناقض صاحبي التحرير!

وقال في «التقريب» (ص: 142) (467) "مقبول".

ولم يتعقبه صاحبا «التحرير» كعادتهما في تعقبه بمن قال فيه "مقبول" وتفرد عنه واحد فقط!! فكان ينبغي على منهجهما أن يتعقباه بقولهما: "بل مجهول، فقد تفرد عنه..."!

فهذه ترجمة قريبة من ترجمتنا (462): "إسماعيل بن عبدالرحمن بن عَطِيّة: مقبولٌ، من الثالثة. د.

• بل: مجهولٌ، تفرَّد بالرواية عنه إسحاق بن ضمان الكلابي، ولم يوثِّقه سوى ابن حبان".

فهذا قد قال فيه ابن حجر "مقبول"، فاستدركا عليه بأنه مجهول لتفرد إسحاق بن ضمان بالرواية عنه! والأمثلة على ذلك كثيرة في كتابهما!

وعموماً، فالحديث تفرد به ابن خثيم عن إسماعيل، وهو منكر الحديث، لا يُحتج بما انفرد به! وتصحيح الترمذي له غير مقبول!

·       شاهد للحديث!

وللحديث شاهد من رواية عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلَا تغلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ التُّجَّارُ هُمُ الْفُجَّارُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَيَأْثَمُونَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْفُسَّاقَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنِ الْفُسَّاقُ؟ قَالَ: النِّسَاءُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَ أُمَّهَاتِنَا وبناتنا».

وهذا الحديث مختلف في إسناده، وأمثلها: عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ.

رواه بعض أصحاب السنن والمسانيد، وغيرهم، وصححه الحاكم! ولا يصح. ففيه نكارة! وهو مرسل! فلا نعرف لأبي راشد الحبراني سماعاً من عبدالرحمن بن شبل!! وقد فصّلت في ذلك في بحثي: «جَلاءُ الشَّك والرَّيْب حول سَماعِ عَبدالله وسُليمان من أَبيهما بُريدة بن الحُصَيْب».

·       قول ابن حبان في «الضعفاء» أن هذا الحديث ليس له أصل صحيح يُرجع إليه مع أنه خرّجه في «صحيحه»!

وذكر ابن حبان في «المجروحين» (1/224) (202): "الْحَارِث بن عُبَيْدَة الْحِمصِي: من أهل الشَّام، يَرْوِي عَن عَبْداللَّهِ بْن عُثْمَان بْن خثيم. روى عَنْهُ أهل بَلَده، يَأْتِي عَن الثِّقَات مَا لَيْسَ من أَحَادِيثهم، لَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذا انْفَرد. روى عَن ابن خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن ابن عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَتَى جمَاعَة التُّجَّارِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَاسْتَجَابُوا وَمَدُّوا إِلَيْهِ أَعْنَاقَهُمْ، قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَاعِثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلا مَنْ صَدَقَ، وَوَصَلَ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ». حَدَّثَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ: حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ: حدثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْحِمْصِيُّ، وَهَذَا لَيْسَ لَهُ أصل صَحِيح يُرجع إِلَيْهِ".

قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (3/669) (1178): سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثير بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبِيدة، عن عبدالله بن عثمان ابْنِ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَتَى جَمَاعَةً مِنَ التُّجَّار...؟

فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: "هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا يَرْوِيهِ ابنُ خُثَيم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيد بْنِ رِفَاعَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم".

قلت: كذا هو المشهور عن ابن خثيم، وقد أخطأ فيه الحارث، وقد رواه ابن حبان في «صحيحه» (4910) - كما سبق بيانه - بهذا الإسناد المشهور، وهنا يقول: ليس له أصل صحيح يرجع إليه، ويُضعّف الحارث وقد أورده في «ثقاته» (6/176) (7239): "الْحَارِث بن عُبَيْدَة الْمصْرِيّ، كنيته أَبُو وهب الشاوي، يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة وَأهل بَلَده، روى عَنهُ: عَمْرو بن عُثْمَان الْحِمصِي، وَأهل مصر. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: الْحَارِث بن عميرَة الكلَاعِي، عداده فِي أهل الشَّام، سكن مصر".

وذكره أيضاً في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: 187) (1494): "الحارث بن عبيدة الشاوي، أبو وهب، من جلة المصريين، مات سنة ست وثمانين ومائة".

كذا ذكره في «ثقاته» و«المشاهير» وخرّج له الحديث نفسه في «صحيحه» لكن بإسناد آخر، وذكره في «الضعفاء»! فيُحتمل أن رأيه تغيّر فيه، فكان يوثقه، ثم ضعفه لما سبر حديثه ورأى مخالفاته فيه، ويُحتمل أنه لم يتنبه لذلك، فلما رأى هذا الحديث له أورده في «الضعفاء»، ويُحتمل أنه يقصد بأن ليس له أصل صحيح يُرجع إليه أي من الإسناد الذي ساقه له، وإلا فهو مشهور بالإسناد الذي أخرجه له في «صحيحه»: "عَنْ عَبْداللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ".

لكن الظاهر أنه يستنكر أي أصل صحيح له، وهو نفسه يخالف ذلك بتخريجه له في «صحيحه»!

·       أصل الحديث من قول عليّ - رضي الله عنه-!

روى مُسدد في «مسنده» [كما في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (3/290) (2756)، و«المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية» (7/353) (1435)].  والطبري في «تهذيب الآثار - مسند عليّ» (3/46) (90) عن محمد بن بَشَّارٍ بُنْدار. كلاهما (مُسدد، وبُندار) عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ القطّان، عَنْ سُفْيَانَ الثوري.

وأبو بكر الخلاّل في «السنة» (2/352) (469) عن مُحَمَّد بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عن جَعْفَرَ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ مِسْعَرٍ.

كلاهما (سفيان، ومِسعر) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ.

ورواه ابن سعد في «الطبقات» (6/254) (2295) عن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيّ. وابن جرير الطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/46) (89) عن الحُسَيْن بْنِ عَلِيٍّ الصُّدَائِيّ، عن يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيّ، كلاهما عن عُبَيْدَةَ بْنِ مُعَتِّبٍ الضَّبِّيّ.

كلاهما (محمد بن جحادة، وعبيدة بن مُعتب) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «التَّاجِرُ فَاجِرٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ وَأَعْطَاهُ».

وفي لفظ: «التَّاجِرُ فَاجِرٌ، وَفُجُورُهُ أَنَّهُ يُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ».

ولفظ مِسْعَرٍ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا أَتَى السُّوقَ فَيَقُولُ: «يَا أَهْلَ السُّوقِ، اتَّقُوا اللَّهَ، إِيَّاكُمْ وَالْحَلِفَ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُنَفِّقُ السِّلْعَةَ وَيَمْحُو الْبَرَكَةَ، وَإِنَّ التَّاجِرَ فَاجِرٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ، وَأَعْطَى الْحَقَّ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ إِلَيْهِمْ يَقُولُونَ: قَدْ جَاءَ البوذشكم، أَيْشِ يَعْنُونَ بِذَاكَ؟ قَالَ: فَجَاءَ إِلَى سُرِّيَّتِهِ فَقَالَ: إِنِّي إِذَا جِئْتُ أَهْلَ السُّوقِ يَقُولُونَ: قَدْ جَاءَ بوذشكم أَيْشِ يَعْنُونَ بِذَاكَ؟ قَالَتْ: يَقُولُونَ: عَظِيمُ الْبَطْنِ، قَالَ: أَسْفَلَهُ طَعَامٌ، وَأَعْلَاهُ عِلْمٌ".

قال البوصيري: "هذا إسناد صحيح".

قلت: عُبيدة مُعتب وإن تكلّموا فيه وتركه بعضهم إلا أنه قد توبع عليه، وأبو سعيد الثوري لا يُعرف إلا في هذا الأثر، ولم يذكره إلا ابن سعد فيمن روى عن عليّ - رضي الله عنه-، وقال: "وهو عقيصا".

وقد تُوبع على هذا الأثر، تابعه أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

رواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند عليّ» (3/46) (91) عن أَبي كُرَيْبٍ محمد بن العلاء، عن الحَسَن بْن عَطِيَّةَ الكوفي البزّاز، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ أَبُو الْعَلَاءِ الْخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ إِلَى السُّوقِ، فَيَقُومُ مَقَامًا لَهُ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ السُّوقِ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْحَلِفِ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُزَجِّي السِّلْعَةَ، ويَمْحَقُ الْبَرَكَةَ، التَّاجِرُ فَاجِرٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ، وَأَعْطَاهُ».

وهذا إسناد حسن لا بأس به، وأبو إسحاق ولد لسنتين بقيتا من خلافة عُثْمَان، ولم يسمع من عليّ، لكن هذه القصة مما كان مشتهراً عندهم في الكوفة، ورواية أبي إسحاق تؤيد رواية أبي سعيد، فلا بأس بها.

·       اختلاف على ابن جُحادة!

روى الحديث سفيان ومِسعر، عن ابن جحادة، عن أبي سعيد، عن علي.

وخالفهما محمد بن طلحة، فجعل مكان "أبي سعيد": "زاذان أبي عمر"!

رواه حنبل بن إسحاق في «جزئه» (ص: 110) (79) عن خَلْف بْن الْوَلِيدِ. والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص: 77) (153) عن أَبي عَمْرٍو الْعُطَارِدِيّ، عن أَبِيه. كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَأْتِي السُّوقَ كُلَّ غَدَاةٍ فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»، - وَفِيهِمْ نَاسٌ مِنَ الْفُرْسِ يَبِيعُونَ الثِّيَابَ - فَيَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِيَّاكُمْ وَالْحَلِفَ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُنْفِقُ السِّلْعَةَ وَيَمْحَقُ الْبَرَكَةَ، وَإِنَّ التَّاجِرَ فَاجِرٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ وَأَعْطَاهُ»، ثُمَّ يَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَإِذَا رَآهُ الْفُرْسُ قَالُوا: «آمذ بذرك اشكم». تَفْسِيرُهُ: "قَالُوا: جَاءَكُمْ عَظِيمُ البَطْنِ".

وهذا اللفظ: «آمذ بذرك اشكم» أقرب مما جاء قبل «البوذشكم» وهو لفظ فارسي كما جاء في الرواية معناه: «جاء عظيم البطن» وهو في قاموس الفارسية هكذا: «آمد شكم بزركـَ». «آمد» بمعنى: جاء، و«بزرك»: عظیم، و«شكم»: بطن. وكانوا قديماً يقولون «اشكم» والآن يقولون: «شكم».

ومحمد بن طلحة ليس بالقوي، ورواية سفيان ومسعر أصح سيما وقد جاءت من طريق أخرى عن أبي سعيد الثوري، إلا إذا كان الحديث عن زاذان أبي عمر، وتصحّف في الكتب إلى "أبي سعيد الثوري"! لوجود الكنية في كليهما، وعدم معرفة أبي سعيد هذا، وشهرة أبي عمر، والله أعلم.

وروى أبو بكر الخلال في «السنة» (2/352) (470) قال: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حدثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَأْتِينَا فِي السُّوقِ فَيَقُولُونَ إِذَا اطَّلَعَ: قَدْ جَاءَكُمْ بوذشكم، يَعْنُونَ: عَظِيمَ الْبَطْنِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ أَسْفَلُهُ شَحْمٌ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ عِلْمٌ».

كذا في المطبوع "عقبة"! ولم أعرفه، فلعله مصحف من اسم آخر، وهو مرسل على كل الأحوال، لكن هذا يدلّ على شهرة القصة عند أهل الكوفة.

·       شاهد من كلام أبي ذرّ.

وروى الدولابي في «الكنى والأسماء» (2/906)، وأبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (4/232) (3294) من طريق الْأَعْمَشِ. والبيهقي في «شعب الإيمان» (7/223) (4909) و(4910) من طريق مِسْعَرٍ، والْأَعْمَشِ، كلاهما عن عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ الكوفي، عَنْ أَبي شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْفَارِسِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْفَارِسِ الْأَبْلَقِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مِثْلُكَ مِنْ قَوْمِي وَلَا أَعْرِفُهُ؟ قَالَ: شَغَلَتْنِي التِّجَارَةُ، قَالَ: «فَإِنَّمَا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ مِنْ نَفَرٍ لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ تَاجِرٌ فَاجِرٌ، وَكُنَّا نَعُدُّ الْفَاجِرَ الَّذِي يُحَلِّي السِّلْعَةَ بِمَا لَيْسَ فِيهَا».

وفي رواية: فَقَالَ: "لَكَ عَنْهَا غِنًى؟" قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «دَعْهَا، فَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ التَّاجِرَ فَاجِرٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُزَيِّنُ سِلْعَتَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهَا».

وفي رواية: «قَالَ: وَفُجُورُهُ أَنْ يُحِلَّ السِّلْعَةَ بِمَا لَيْسَ فِيهَا».

قلت: أبو شعبة، وأبو الفارس لا يُعرفان إلا في هذا الأثر!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/443) (3637): "ابْن فارس الأبلق الغفاري: سَمِعَ أبا ذر. روى عنه: أَبُو شُعْبَة".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/326) (1423): "ابن الفارس بن الأبلق الغفاري: روى عن أبي ذر. روى عنه: أبو شعبة. سمعت أبي يقول ذلك".

وأبو فارس ذكره الدولابي، وأبو شعبة ذكره أبو أحمد الحاكم اعتماداً على هذه الرواية أيضاً.

ولا بأس بهذه القصة في الشواهد فراويها عبدالملك من ثقات الكوفيين، وشيخه يُحدّث عن رجل من قوم أبي ذر جرى بينهما قصة.

·       الحديث الصحيح هو حديث قيس بن أبي غَرَزَة.

وقد روى شقيق بن سلمة أَبو وَائِلٍ الكوفي، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّوقِ وَنَحْنُ نَبِيعُ الرَّقِيقَ بِالْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نُسَمِّي أَنْفُسَنَا السَّمَاسِرَةَ، فَسَمَّانَا بِاسْمٍ أَحْسَنَ مِمَّا سَمَّيْنَا أَنْفُسَنَا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ».

وفي رواية: «إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ، وَالْكَذِبُ».

وفي رواية: «إِنَّ الشَّيْطَانَ، وَالإِثْمَ يَحْضُرَانِ البَيْعَ، فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ».

رَوَاهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ: الْأَعْمَشُ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَحَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَمَنْصُور بن المُعتمر، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُالْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، وَحَبِيبُ بْنُ حَسَّانَ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ.

رواه أصحاب السنن والمسانيد وغيرهم.

قال الترمذي: "حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"

وقال: "وَفِي البَاب عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَرِفَاعَةَ".

وقال في «العلل»: وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: "لَا أَعْرِفُ لِقَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ".

قال: "وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ".

ثم ذكر حديث عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ فِي السُّوقِ وَنَحْنُ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةُ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّكُمْ تُكْثِرُونَ الْحَلِفَ» الْحَدِيثُ.

قال: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: "عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْبَرَاءِ، وَبَيْنَهُمَا عِنْدِي رَجُلٌ".

وحديث قيس بن أبي غَرَزَة صححه أيضاً الحاكم وغيره.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه لما قدمت ذكره من تفرد أبي وائل بالرواية عن قيس بن أبي غرزة".

وقال الجورقاني: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ عَنْ أَبِي وَائِلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عَاصِمٌ، وَجَامِعٌ، وَالْمُغِيرَةُ، وَمَنْصُورٌ، وَغَيْرُهُمْ".

وقيس بن أبي غَرَزَة الغِفَاريّ، وقيل: إنَّه جهنيٌّ؛ وقيل: بجليٌّ.

قال ابن قانع: "قَيْسُ بْنُ أَبِي غَرَزَةَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ خُزَاقِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ غِفَارِ بْنِ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ".

وقد أثبت صحبته جماعة من أهل العلم كأبي حاتم، وابن قانع، وأبو نُعيم، وابن عبدالبر، والحاكم، وابن حجر.

وقد تفرد بالرواية عنه: أبو وائل الإمام التابعي الكبير، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره.

قال أبو الفتح الأزدي: "قَيْسُ بْنُ أَبِي غَرَزَةَ تَفَرَّدَ عَنْهُ بِالرِّوَايَةِ أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ".

وقال الحاكم في «المعرفة»: "قَيْسُ بْنُ أَبِي غَرْزَةَ، لَيْسَ لَهُ رَاوٍ غَيْرُ أَبِي وَائِلٍ".

وهذا الحديث صحيح، ولا أعرف له علّة، ولا أعرف لم تركه البخاري ومسلم! ولا أظن أنه بسبب أنه لا يُعرف لقيس إلا راو واحد عنه كما ادعى بعض أهل العلم أنهما لا يخرجان لمن ليس له إلا راو واحد من الصحابة! لأنهما أخرجا لبعض من ليس له إلا راو واحد، فأخرج البخاري حديث مرداس الأسلمي - رضي الله عنه - وليس له راو إلا قيس بن أبي حازم.

·       هل تُوبع شقيق عليه؟

والحديث أخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخه» (6/240) في ترجمة «أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمار بْن عِيسَى بْن حيان القطان»، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْقَطَّانُ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غُرْزَةَ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ بَيْعَكُمْ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ».

قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعٍ وَعَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ، قَالَ: «كُنَّا نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَقِيعَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ» نَحْوَهُ.

قَالَ أَبُو بَكْر: قَالَ لنا عَلِيّ بْن عُمَر: "حَدِيث إسماعيل، عَن قيس، تفرد بِهِ عَبْداللَّهِ بْن أيوب، ولم نكتبه إلا عَن شيخنا، هذا وكَانَ من الثقات".

قلت: خالفه مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عَمَّارٍ الْعَطَّارُ، فرواه عن عبدالله بن أيوب، ولم يذكر فيه "قيس بن أبي حازم"!

رواه ابن جُميع الصيداوي في «معجم الشيوخ» (ص: 63) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ بَيْعَكُمْ يَحْضُرُهُ الْحَلِفُ وَالْكَذِبُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ».

قلت: فكأنه لما كان الحديث عن قيس بن غرزة سلك أحمد بن محمد القطان الجادة: "إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم"، وضبطه العطار فلم يذكره.

ويُحتمل أنه عنده في الأصل: "عن إسماعيل، عن شقيق، عن قيس بن أبي غرزة"، فتصحف "شقيق" فصارت "قيس" أو حصل ذلك بسبب سبق النظر لأن الحديث عن قيس بن أبي غرزة، والله أعلم.

·       حديث آخر لقيس بن أبي غرزة:

وروى أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (2/233) (933)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2/261) (1016) عن عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قال: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاحِبِ طَعَامٍ يَبِيعُ طَعَامَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ، أَسْفَلُ الطَّعَامِ مِثْلُ أَعْلَاهُ؟»، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ».

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (18/359) (921) عن عَبْداللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، والْحُسَيْن بْنِ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، كلاهما عن عُثْمَان بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، به.

قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: "لَا أَحْسِبُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ حَدَّثَ بِهِ إِلَّا عُثْمَانَ".

قلت: هذا منقطع، فالحكم بن عتيبة لم يسمع من أيّ صحابي. وقد روى الحديث السابق عن قيس بن أبي غرزة بواسطة أبي وائل.

الحديث الثالث:

أخرج الترمذي في «جامعه» (3/395) (1939) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ [ح].

وَحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ الكَذِبُ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالكَذِبُ فِي الحَرْبِ، وَالكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ». وَقَالَ مَحْمُودٌ فِي حَدِيثِهِ: «لاَ يَصْلُحُ الكَذِبُ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ، إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ خُثَيْمٍ. وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ. وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ".

ذكر الترمذي هنا الاختلاف على شهر:

فرواه ابن خثيم عنه عن أسماء مرفوعاً.

ورواه داود بن أبي هند عن شهر عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

ومع ذلك فقد قال فيه الترمذي: "حسن غريب"!!

والحديث رواه أحمد في «مسنده» (45/574) (27597) عن عَبْدِالرَّزَّاقِ.

وأحمد في «مسنده» (45/582) (27608)، وابن أبي شيبة (13/528) (27097) عن مُحَمَّد بْن عَبْدِاللهِ الأَسَدِيّ أَبي أَحْمَدَ الزبيري.

والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (7/356) (2913) عن بَكَّار بْن قُتَيْبَةَ، عن أَبي أَحْمَدَ مُحَمَّد بْن عَبْدِاللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (5/169) (2293) عن قَبِيصَةُ بْنِ عُقْبَةَ.

والبيهقي في «شعب الإيمان» (13/435) (10587) من طريق مُحَمَّد بْنِ يُوسُفَ الفريابي.

والخطيب في «المتفق والمفترق» (3/1560) (1001) من طريق عباد بن موسى أبي عقبة الأزرق.

كلهم (عبدالرزاق، وأبو أحمد الزبيري، وقبيصة، والفريابي، وعباد) عن سُفْيَان الثوري.

ورواه ابن وهب في «الجامع» (ص: 628) (532). [وابن عبدالبر في «التمهيد» (16/249) من طريق يُونُس بن عبدالأعلى، عن ابْن وَهْبٍ].

وأحمد في «مسنده» (45/550) (27570) عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ. [وأبو نُعيم في «الحلية» (9/22) من طريق مُحَمَّد بْن أَبِي يَعْقُوبَ، عن عَبْدالرَّحْمَنِ بْن مَهْدِيٍّ].

وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص: 245) (499) عن دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو الضَّبِّيّ.

وابن عدي في «الكامل» (1/155) (164) من طريق عَبدالأعلى بن حماد.

والطبراني في «المعجم الكبير» (24/166) (422) عن سَعِيد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ.

كلهم (ابن وهب، وابن مهدي، وداود بن عمرو، وعبدالأعلى، وابن أبي مريم) عن دَاوُدَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْعَطَّار.

ورواه البخاري في «التاريخ الكبير» (3/436) (1452) عن عَمْرو بن خَالِد.

والطبراني في «المعجم الكبير» (24/166) (421) من طريق أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، وعَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيّ.

كلاهما (عمرو بن خالد، وأحمد بن يونس) عن زُهيرِ بنِ معاويةَ الكوفيّ.

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/128) (210) عن أَبي كُرَيْبٍ محمد بن العلاء.

والطحاوي في «مشكل الآثار» (7/357) (2915) من طريق يُوسُف بْن عَدِيٍّ.

كلاهما (أبو كريب، ويوسف) عن عَبْدالرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيّ.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (24/164) (419) عن أَحْمَد بْن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، عن عَمّه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّدٍ، عن يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطائفي.

ورواه البغوي في «شرح السنة» (13/118) (3540) من طريق الفَضْلِ بْنِ الْعَلاءِ الكوفي.

ورَوَاهُ إسماعيل بن عياش [كما في «المطالب العالية» (11/612)].

كلهم (الثوري، والعطار، وزهير، وعبدالرحيم، والطائفي، والفضل، وإسماعيل) عن ابن خثيم، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

·       رواية مخالفة!

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/124) (205) عن إِسْمَاعِيل بْن الْمُتَوَكِّلِ الْأَشْجَعِيّ. والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (7/356) (2914) عن فَهْد بن سليمان النحاس، كلاهما عن مُحَمَّد بْنِ كَثِيرٍ المصيصيّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ وَاقِدٍ الهروي الخُراساني، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فيُحتمل أن الخطأ هنا من ابن خثيم نفسه، والأقرب أنه من محمد بن كثير، فهو ليس بالقوي.

وحديث أسماء بنت يزيد تفرد به: ابن خثيم.

قال الطحاوي: "دَارَ - أي: الحديث- عَلَى عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مَطْعُونٌ فِي رِوَايَتِهِ مَنْسُوبٌ إِلَى سُوءِ الْحِفْظِ، وَإِلَى قِلَّةِ الضَّبْطِ وَرَدَاءَةِ الْأَخْذِ".

وقد خالفه أيضاً فيه من هو أوثق منه، فأرسلوه.

رواه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (5/171) (2294) عن عَبْدالْأَعْلَى بن عبدالأعلى السّامي أَبي هَمَّامٍ. والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/126) (208) من طريق عَبْدالْأَعْلَى.

وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (5/172) (2295) عن أَبي مُعَاوِيَةَ الضرير محمد بن خَازم.

والطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/126) (207) من طريق مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَانَ التيميّ.

وابن أبي الدنيا في كتاب «الصمت» (ص: 246) (502) من طريق عَبَّاد بْنِ العَوَّامِ الواسطي.

ويحيى بن زكريا ابنُ أَبِي زَائِدَةَ [كما أشار الترمذي آنفاً].

خمستهم عن دَاوُد بن أبي هند، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرسلاً.

وهذا أصح من رواية ابن خثيم الموصولة.

·       رواية مخالفة!

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند علي» (3/125) (206) عن عَمْرو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ.

وابن السنّي في «عمل اليوم والليلة» (ص: 568) (612) من طريق أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ، وَمُحَمَّد بْنِ جَامِعٍ.

والبخاري في «التاريخ الكبير» (3/436) عن قَيْس بنِ حَفْصٍ الدَّارِمِيّ.

والبيهقي في «شعب الإيمان» (6/448) (4460) من طريق مُحَمَّد بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَاهَانَ، عن قَيْس بْنِ حَفْصٍ.

كلهم عن مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ، عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.

كذا خالف مسلمة أصحاب داود الذين أرسلوه.

ومسلمة ضعيف الحديث، ولله در الإمام أحمد فإنه بيّن الخلل الذي في روايته عن داود حيث قال: "حدث عن داود بن أبي هند بأحاديث مناكير، وأسند عنه" = يعني أنه أسند عنه أحاديث محفوظة عنه بالإرسال كحديثنا هذا.

ومنها كذلك ما ذكره الذهبي في ترجمته من «الميزان» (4/109) قال: "روى عن داود مناكير. قلت: من مناكيره روايته عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة في إيلاء النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه. أخرجه الترمذي، فقال: رواه علي بن مسهر، عن داود، عن الشعبي - مرسلاً. وهو أصح".

والخلاصة أن حديث ابن خثيم عن شهر لا يصح! فكيف حسّنه الترمذي؟!

والأحاديث في هذا الباب ليّنة، والصواب أن ذلك من قول الزُّهْرِيِّ: «لَا يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ أَنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ، وَالْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فِي الْمَوَدَّةِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الْحَرْبِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ».

الحديث الرابع:

أخرج الترمذي في «جامعه» (5/65) (2979) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يَعْنِي: «صِمَامًا وَاحِدًا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".

رواه أحمد في «مسنده» (44/252) (26643). والبيهقي في «شعب الإيمان» (7/275) (4992) من طريق إِسْحَاق بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدّبري، كلاهما عن عَبْدالرَّزَّاقِ، عن مَعْمَر.

وأحمد في «مسنده» (44/219) (26601) عن عَفَّان. والدارمي في «سننه» (1/724) (1159) عن مُسْلِم بْنِ إِبْرَاهِيمَ. والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/42) (4400)، وفي «شرح مشكل الآثار» (15/428) (6129) من طريق مُوسَى بْنش إِسْمَاعِيلَ أَبي سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ، كلهم عن وُهَيْب بن خالد.

وأحمد في «مسنده» (44/301) (26706) عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بن مهدي. وابن أبي شيبة في «مصنفه» (9/200) (16934) عن قَبِيصَة. والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/316) (14105) من طريق قَبِيصَة، وأَبي حُذَيْفَةَ. كلهم عن سُفْيَان الثوري.

ثلاثتهم (معمر، ووهيب، والثوري) عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد سئل الدارقطني في «العلل» (15/256) (4005) عن هذا الحديث، فقال: "يرويه عبدالله بن عثمان بن خثيم، واختلف عنه:

فرواه، الثوري، ووهيب، وروح بن القاسم، ومعمر، وعبدالرحيم بن سليمان، والقاسم بن معن، عن عبدالله بن عثمان بن خثيم، عن عبدالرحمن بن سابط، عن حفصة بنت عبدالرحمن، عن أم سلمة.

وخالفهم أبو حنيفة؛ فرواه عن ابن خثيم، فَوَهِمَ فِي إِسْنَادِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ: عَنِ يوسف بن ماهك، مكان ابن سابط، وقال عن حفصة زوج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ: حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر، وأسقط أم سلمة، وقال أبو هانئ إسماعيل بن خليفة الأصبهاني: عن سفيان الثوري، عن ليث، عن ابن سابط، وليس بمحفوظ".

قلت: أكثر الرواة متفقون في روايته عن ابن خثيم بالإسناد السابق، وأبو حنيفة ضعيف في الحديث، وقد تفرد ابن خثيم به، وهذا من منكراته!

الحديث الخامس:

أخرج الترمذي في «جامعه» (6/123) (3775) قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ".

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/162) (32844)، و(17/173) (32860)، وابن أبي خيثمة في «مصنفه» (1/602)، وابن سعد في «الطبقات» [متمم الصحابة - الطبقة الخامسة] (1/384) (352)، وأحمد في «مسنده» (29/102) (17561)، (17562)، و«فضائل الصحابة» (2/772) (1361)، والطبراني في «المعجم الكبير» (22/274) (702) عن أَبي زُرْعَةَ عَبْدالرَّحْمَنِ بْن عَمْرٍو الدِّمَشْقِيّ، كلهم عن عَفَّان بن مُسلمٍ الصفّار، عن وُهَيْب بْنِ خَالِدٍ.

[ورواه ابن حبان في «جامعه» (15/427) (6971)، والحاكم في «المستدرك» (3/194) (4820) من طريق ابْن أَبِي شَيْبَةَ. ورواه الحاكم أيضاً (3/179) (4771) من طريق أحمد].

[وهو في «أحاديث عفان بن مسلم» - رواية أَبي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بنِ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذِ الْحَسْحَاسِ الْعَنْبَرِيّ].

ورواه ابن ماجه في «سننه» (1/101) (144) عن يَعْقُوب بْنِ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ. والطبراني في «المعجم الكبير» (22/274) (702) من طريق الْعَبَّاس بْن الْوَلِيدِ النَّرْسِيّ، كلاهما عن يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ الطائفي.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (3/33) (2589) من طريق أَحْمَد بْن مُحَمَّدٍ الْقَوَّاش، عن مُسْلِم بْن خَالِدٍ.

ورواه الدولابي في «الكنى والأسماء» (1/270) (479) من طريق مُحَمَّد بْن الْمُبَارَكِ الصُّورِيّ. وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (14/149) من طريق عبدالله بن عون الحراز، كلاهما عن إِسْمَاعِيل بْنِ عَيَّاشٍ.

كلهم (وهيب، ويحيى بن سليم، ومسلم بن خالد، وإسماعيل بن عياش) عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عن يَعْلَى بنِ مُرَّةَ.

وفي رواية عفّان: «وَقَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ».

قال أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (5/2803): "رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، وَفَضَلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَعْلَى نَحْوَهُ".

قلت: هكذا رواه ابن خثيم عن سعيد بن أبي راشد عن يعلى، ورواه معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن يعلى.

فالاختلاف بينهما في اسم من رواه عن يعلى.

·       رواية معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن يعلى بن مُرة:

ورواه البخاري في «الأدب المفرد» (ص: 133) (364).

والطبراني في «مسند الشاميين» (3/183) (2041)، و«المعجم الكبير» (3/32) (2586)، (22/273) (701) عن بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ.

كلاهما (البخاري، وبكر) عن أبي صالحٍ عَبْداللَّهِ بْن صَالِحٍ كاتب الليث، عن مُعَاوِيَة بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُعِينَا إِلَى طَعَامٍ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي الطَّرِيقِ، فذكر نحوه.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/414) (3536): "يَعْلَى بْنُ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ يَحْيَى: كُنْيَتُهُ أَبُو الْمَرَازِمِ.

قَالَ لَنَا أَبُو صَالِحٍ: حدثنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بن سعد، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُعِينَا لِطَعَامٍ، قَالَ: فَإِذَا الْحُسَيْنُ يَلْعَبُ فِي الطَّرِيقِ...

وَقَالَ عَفَّانُ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ يَعْلَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ".

يعني البخاري أن تسميته "راشد بن سعد" أصح من تسمية ابن خثيم له.

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وقال في موضع آخر: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وقال الهيثمي في «المجمع»: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ... وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ".

وقال البوصيري: "إسناد صحيح".

وذكره الألباني في «صحيحته» برقم (1227).

قلت: تبين أن ابن خثيم وهم في اسم الشيخ فسماه «سعيد بن أبي راشد»، وسماه معاوية بن صالح «راشد بن سعد»، وقد نبّه البخاري لهذا فيما سبق، ولم يترجم هو ولا ابن أبي حاتم له.

وقد ترجم لسعيد بن أبي راشد بعض أهل العلم بناء على رواية ابن خثيم.

قال ابن حبان في «الثقات» (4/290) (2956): "سَعِيد بْن أَبِي رَاشد: يَرْوِي عَن يعلى بْن مرّة العامري. رَوَى عَنهُ: عَبْدالله بْن عُثْمَان بْن خثيم".

وقال المزي في «تهذيب الكمال» (10/426) (2267): "سَعِيد بن أَبي راشد، ويُقال: ابْن راشد. رَوَى عَن: يَعْلَى بْن مرة الثَّقَفِيّ، وعن التنوخي النصراني، رسول قيصر، ويُقال: رسول هرقل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. رَوَى عَنه: عَبداللَّهِ بْن عثمان بْن خثيم. ذكره ابنُ حِبَّان في كتاب الثقات".

وقال الذهبي في «الميزان» (2/135): "سعيد بن راشد أو ابن أبي راشد. عن يعلى بن مرة. وعنه عبد الله بن عثمان بن خثيم وحده. وقد حسّن له الترمذي في الفضائل: حسين مني وأنا من حسين".

وقال ابن حجر في «التقريب» (ص: 235) (2301): سعيد ابن أبي راشد: مقبول من الثالثة".

فتعقبه صاحبا «تحرير تقريب التهذيب» (2/27) فقالا: "بل: مجهولٌ، تفرَّد بالرواية عنه عبدالله بن عثمان بن خُثَيْم، ولم يوثقه سوى ابن حبان".

قلت: لا يوجد شخص اسمه «سعيد بن أبي راشد» وإنما هو «رَاشِد بْن سَعْدٍ الْمَقْرَائِيّ الحمصيّ»، وهو مشهور، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، وابن سعد.

وقال أحمد: "لا بأس به".

وقال الدارقطني: "يعتبر به، لا بأس به".

وقال ابن حزم: "ضعيف".

وعليه فالحديث يرويه سعد بن راشد عن يعلى بن مرة، ويرويه عن سعد: ابن خثيم، ومعاوية بن صالح.

فيكون معاوية تابع ابن خثيم عليه، لكن أخطأ ابن خثيم في اسم شيخه، لكن لا ندري هل سمع ابن خثيم من سعد بن راشد هذا الحديث أم لا؟!! وهذا الحديث لا يُعرف من رواية معاوية بن أبي صالح الحمصي، ويتفرد بأحاديث منكرة لا يرويها أهل حمص، كتبها عنه أهل مصر لما كان قاضياً في الأندلس وكان في طريقه للحج.

على أن ما زاده ابن خثيم في حديثه: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ» تفرد بها ولم يتابعه عليها أحد.

وقد روى هذا الحديث عنه مَعمر بإسناد آخر، وكأن ابن خثيم كان يضطرب فيه!

رواه الحاكم في «المستدرك» (3/335) (5284) من طريق عبدالرزاق عن مَعْمَر، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حُسَيْنًا فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ».

وهذا يتفرد به ابن خثيم!

وقد فرّق الطبراني، وابن شاهين، والعسكري، وابن عبدالبر، وغيرهم بين «يعلى العامريّ» وبين «يعلى بن مرّة الثقفيّ»!

وجمع بينهما غير واحد من أهل العلم، وإنما اختلف في نسبه، ويؤيده أنّ الحديث واحد، وقد وقع في رواية ابن قانع والطّبراني فيه «يعلى بن مرّة»، وذكر أبو عمر ابن عبدالبر أنه اختلف في يعلى بن مرة، فقيل الثّقفيّ، وقيل العامريّ!

وليس هذا موضع تحرير ذلك.

الحديث السادس:

أخرج الترمذي في «جامعه» (6/208) (3926) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى البَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ".

رواه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (10/209) (218) من طريق قَاسِم بْنِ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّز عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْبَصْرِيِّ الْحَرَشِيِّ، بمثل رواية الترمذي.

ورواه البزار في «مسنده» (11/17) (4690)، و(11/295) (5095)، وابن خزيمة في «صحيحه» [كما في «إتحاف المهرة» (7415)] كلاهما عن بِشْر بن معاذ العقدي.

والطبراني في «المعجم الكبير» (10/267) (10624) عن مُحَمَّد بْنِ الْفَضْلِ السَّقَطِيّ، وابن حبان في «صحيحه» (9/23) (3709) عن الْحَسَن بْن سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيّ. كلاهما عن فُضَيْل بن الحسين أَبي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ. [ورواه الضياء في «المختارة» (10/208) (216) من طريق الطبراني].

كلاهما (بشر، وأبو كامل) عن فُضَيْل بْنِ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيّ.

ورواه الحاكم في «المستدرك» (1/661) (1787) من طريق أَبي نُعَيْمٍ، عن زُهَيْر بن معاوية. [ورواه البيهقي في «شعب الإيمان» (5/465) (3724) من طريق الحاكم].

كلاهما (فضيل، وزهير) عن ابن خثيم، به.

ولم يذكر زهير في روايته "وأبو الطفيل"!

قال البزار: "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ عَن أَبِي هُرَيرة وَغَيْرِهِ، ولاَ نَعْلَمُهُ يُروَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ أحسن مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ رَوَاهُ، عَن ابْنِ خُثَيم: عَن سَعِيد بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا الطُّفَيْلِ وَجَمَعَهُمَا بِشْرٌ عَنْ فُضَيْلٍ".

وقال في الموضع الآخر: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إلاَّ مِن وجهين: أحدهما: رواه طلحة بن عَمْرو، عَن عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرْنَا حَدِيثَ طَلْحَةَ لِضَعْفِ طَلْحَةَ وَذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبداللَّهِ بْنِ عُثمان، عَن سَعِيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ كَانَ هَذَا الإِسْنَادُ أَصَحَّ وَأَوْلَى أَنْ يُذْكَرَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَذَكَرْنَا كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ بِلَفْظِهِ".

وقال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

قلت: تفرد به ابن خثيم، وكان أحياناً يزيد فيه مع سعيد بن جبير "أبا الطفيل"!! وتصحيح الترمذي له فيه نظر شديد!!

الحديث السابع:

أخرج الترمذي في «جامعه» (6/222) (3942) قال: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا».

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/345) (33163).

وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/184) (1516) عن يَحْيَى بن خَلَفٍ.

كلاهما (ابن أبي شيبة، ويحيى بن خلف) عن عَبْدالْوَهَّابِ بن عبدالمجيد، به.

ووقع في رواية أخرى عند ابن أبي شيبة عن عبدالوهاب مرسلاً.

رواه في «مصنفه» (20/500) (38109) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، به.

وكذا رواه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/184) (1515) عن أَبي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.

ويظهر لي أنه سقط من إسناد ابن أبي شيبة هنا "عن جابر"؛ لأنه رواه عن عبدالوهاب في موضع آخر وفيه "عن جابر".

والغريب أن بعض من يشتغل بالتخريج كالمعلقين على مسند أحمد (23/51) يذكرون الرواية المرسلة عند ابن أبي شيبة ولا يلتفتون إلى الرواية المتصلة عن الراوي نفسه، وهي التي توافق رواية الترمذي، ورواية ابن أبي عاصم.

ورواه أحمد في «مسنده»، وابنه عبدالله في «زوائده على المسند» (23/50) (14702) عن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاحِ. وابن عدي في «الكامل» (2/136) من طريق محمد بن بكّار بن الريّان. كلاهما عن إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، به.

وفي رواية ابن عدي: عن عبدالرحمن بن سابط وحده، عن جابر!!

قال ابن عدي: "هذا الحديث ليس يرويه بإسناده غير إسماعيل بن زكريا. ولإسماعيل من الحديث صدر صالح، وهو حسن الحديث، يكتب حديثه".

قلت: إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا الخُلْقَانِيُّ مختلف فيه عند أهل العلم، وعلى أية حال فالمشكلة في هذا الحديث من ابن خثيم، ويبدو أنه كان يضطرب في إسناده، وقد تفرد به على كل الأحوال، وهو منكر!

فهذه الأحاديث السبعة التي أخرجها الترمذي لابن خثيم، وصحح بعضها، وحسّن بعضها، قد تفرد بها ابن خثيم، وفيها مناكير! ولا تصح.

وهذا يدلّ على تساهل الترمذي في تصحيح وتحسين أحاديث الضعفاء في كتابه!

·       تصحيح الحاكم لأحاديث عبدالله بن عثمان بن خُثيم! ودعواه أن بعضها على شرط مسلم!

وقد أخرج الحاكم في «مستدركه» عدة أحاديث لابن خثيم، مر بعضها معنا، وصححها، وادعى أن بعضها على شرط مسلم! بل صحح له بعض الأحاديث الموضوعة!!

ومنها: ما رواه (3/138) (4639) قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الشَّاشِيُّ الْقَفَّالُ - بِبُخَارَى وَأَنَا سَأَلْتُهُ -: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ الْهَارُونِ الْبَلَدِيُّ - بِبَلَدٍ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ-، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، قال: حدثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ».

وهذا وإن لم يحكم عليه الحاكم إلا أنه حديث موضوع! وقد صحح غيره بهذا الإسناد، وهو ما رواه (3/140) (4644) قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الشَّاشِيُّ - بِبُخَارَى-، قال: حدثنا النُّعْمَانُ بْنُ هَارُونَ الْبَلَدِيُّ، قال: حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، قال: حدثنا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ بَهْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِضَبْعِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: «هَذَا أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، قَاتِلُ الْفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ»، ثُمَّ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ.

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

فتعقّبه الذهبي في «تلخيصه» وقال: "بل، والله موضوع".

والخلاصة أن عبدالله بن عثمان بن خُثيم رجل صدوق في نفسه، ولا يحتج بما ينفرد به، وحديثه المرفوع غالبه مناكير!! ولهذا قال فيه ابن المديني: "منكر الحديث"، ولما نقل النسائي هذا عنه قال: "كأنه خُلق للحديث"، فأثنى عليه بهذا.

·       فوائد البحث:

1- سبب تخريج النسائي لحديث «ابن جريج عن ابن خثيم عن أبي الزبير عن جابر» لئلا يأتي أحد فيسقط منه هذا «ابن خُثيم» الضعيف، فيصبح الحديث: «عن ابن جريج عن أبي الزبير»، وذلك لأن ابن جُريج له رواية كثيرة عن أبي الزبير مُحَمَّد بْن مسلم المكي، عن جابر بن عبدالله، وبهذا يكون الإسناد متصلاً مقبولاً!

2- أثنى النسائي على قول ابن المديني في ابن خثيم: "منكر الحديث"، وقال: «كَأَنَّ عَلِيّ بن المَدِينِيِّ خُلِقَ لِلْحَدِيثِ»، وذلك لتقدمه في علم الرجال والعلل.

3- جاء في كتاب العقيلي في ترجمة «ابن خُثيم»: قول الفلاس: "وَكَانَ يَحْيَى وَعَبْدُالرَّحْمَنِ لَا يُحَدِّثَانِ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ"! وهو خطأ! والصواب: "وَكَانَ يَحْيَى وَعَبْدُالرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ"، ولفظ "لا"مقحمة في النص! وقد نقل النص عن الفلاس غير واحد من أهل العلم دونها، وهذه الزيادة ليست من العقيلي، وكأنها من الناسخ، والله أعلم.

4- وهم ابن رجب في «فتح الباري» في قوله عن «ابن خُثيم»: "ترك حديثه يَحْيَى القطان وابن مهدي"!! وقد اعتمد في ذلك على ما جاء عند العقيلي! والصواب: "لم يترك حديثه يحيى القطان وابن مهدي".

5- وهم مغلطاي في قوله "إن الفلاس روى عن عبدالرحمن بن مهدي عن ابن خثيم حديث الإثمد"! فعبدالرحمن لم يرو عنه حديث الإثمد، وإنما الفلاس قال لابن مهدي: حدث بشر بن المفضل عن ابن خثيم، فبشر بن المفضل من حدث بالحديث عن ابن خثيم لا عبدالرحمن بن مهدي.

6- اختلف أهل العلم في حال ابن خُثيم ما بين موثق له مطلقاً، وما بين مُضعّف له، وما بينهما من تمشية حاله دون الاحتجاج به مُطلقاً.

والذي أراه أنه من العلماء النسّاك الفقهاء، وهو صدوق في نفسه، لكنه ضعيف في الحديث، لا يُحتج بما انفرد به، وحديثه منكر! وكأنه لعنايته بالفقه والعبادة والتنسك أثّر ذلك على حديثه فدخل عليه الضعف فروى المناكير!

7- ما يرويه ابن خُثيم من آثار، وحكايات، أو أشياء رآها أو سألها، فهذا مما يُقبل منه، ما لم يخالفه من هو أوثق منه، وقد وقفت على ما يُقارب خمسين منها في كتب المصنفات.

8- علّق البخاري لابن خثيم متابعة واحدة في «صحيحه» ليبين الاختلاف عليه، وأنه اضطرب في حديثه، وهذا يُثبت ضعفه!

9- علّق البخاري رواية فقال: وَقَالَ القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهذه الرواية صرح ابن حجر في «فتح الباري» أنه لَمْ يقِفْ عَلَى طَرِيقِهِ مَوْصُولَةً، وبيّض لها في «التغليق».

وقد وجدت أن البزار قد وصلها في «مسنده» قال: حَدَّثنا مُقَدِّمُ بْنُ مُحَمد بْنِ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ، عَنْ عَبداللَّهِ بْنُ عُثمَان بْنِ خُثَيم، عَن عَطَاءٍ، عَن ابنِ عَباس.

10- علّق البخاري رواية: عَبْدالرَّحِيمِ الرَّازِيّ، عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

ووصلها الطبراني في «معجميه: الكبير والأوسط» وقال: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابنِ خُثَيْمٍ إِلَّا عَبْدُالرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ"!

وهذا وهم منه! فقد رواه أيضاً عن ابن خثيم: الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدِّمٍ.

11- علّق البخاري قولاً لعطاء بن أبي رباح في بعض تراجمه في أنه رخص في بيع الحاضر للباد، وإنما يرويه ابن خثيم عن عطاء، وهذا يدلّ على قبول ما يرويه ابن خثيم من فتاوى عن أصحابه ما لم يخالفه من هو أوثق منه.

12- أخرج مسلمٌ في «صحيحه» لابن خثيم حديثاً واحداً في الشواهد، وقد وهم فيه ابن خثيم، ولم يضبطه بسبب سوء حفظه! ولا ندري هل أخرجه مسلم لبيان علته لتأخيره له في آخر الباب، أم أنه صححه!

13- أخرج الترمذي لابن خثيم سبعة أحاديث: صحح بعضها، وحسّن البعض الآخر، وقد تفرد بها ابن خثيم، وهي منكرة لا تصح! وهذا يدلّ على تساهله - رحمه الله- في التصحيح والتحسين لبعض الرواة الضعفاء!

14- حديث: ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: «البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» منكر! ولا يصح من أي طريق، وقد ضعّف العقيلي الرواية في هذا الباب.

15- حديث: ابن خثيم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رِفَاعة: «إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلاَّ مَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَبَرَّ، وَصَدَقَ» لا يصح مرفوعاً، وشاهده من حديث عبدالرحمن بن شبل لا يصح أيضاً.

وأصله من قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، كان يخرج إلى السوق ويقول: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ السُّوقِ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْحَلِفِ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُزَجِّي السِّلْعَةَ، ويَمْحَقُ الْبَرَكَةَ، التَّاجِرُ فَاجِرٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَ الْحَقَّ، وَأَعْطَاهُ».

16- كان علي رضي الله عنه إذا أتى أَهْلَ السُّوقِ، وَفِيهِمْ نَاسٌ مِنَ الْفُرْسِ يَبِيعُونَ الثِّيَابَ، يَقُولُونَ: «قَدْ جَاءَ بوذشكم» - «آمذ بذرك اشكم». يعني: "جَاءَكُمْ عَظِيمُ البَطْنِ"، فيرد عليهم: "أَسْفَلَهُ طَعَامٌ - أو شحم-، وَأَعْلَاهُ عِلْمٌ".

وفي قاموس الفارسية: «آمد شكم بزركـَ». «آمد» بمعنى: جاء، و«بزرك»: عظیم، و«شكم»: بطن. وكانوا قديماً يقولون «اشكم» والآن يقولون: «شكم».

17- حديث: شقيق بن سلمة أَبي وَائِلٍ الكوفي، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّوقِ وَنَحْنُ نَبِيعُ الرَّقِيقَ بِالْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نُسَمِّي أَنْفُسَنَا السَّمَاسِرَةَ، فَسَمَّانَا بِاسْمٍ أَحْسَنَ مِمَّا سَمَّيْنَا أَنْفُسَنَا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ». حديث صحيح، رواه أصحاب السنن والمسانيد، ولم يُخرّجه البخاري ومسلم، وقد رواه جماعة كبيرة عن أبي وائل.

18- حديث: ابْن خُثَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ الكَذِبُ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالكَذِبُ فِي الحَرْبِ، وَالكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ»، حديث منكر! والصواب عن شهر مرسلاً.

والأحاديث المرفوعة في هذا الباب ليّنة، والصواب أنه من قول الإمام الزُّهْرِيِّ: «لَا يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ أَنَّهُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ، وَالْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فِي الْمَوَدَّةِ، وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الْحَرْبِ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ».

19- حديث: ابْن خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} يَعْنِي: «صِمَامًا وَاحِدًا»، حديث منكر! تفرد به ابن خثيم.

20- حديث ابْن خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ»، لا يصح!

وقد أخطأ ابن خثيم في قوله: "سعيد بن أبي راشد"! ورُوي عن معاوية بن صالح وسماه: "راشد بن سعد"، وصوّبه البخاري. ولا يُعرف أن ابن خثيم حدث عن راشد بن سعد!

وزاد ابن خثيم على رواية معاوية: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ»! وهذا منكر!

ومعاوية بن صالح ينفرد عن أهل الشام بأحاديث لا يرويها إلا هو! ولا يقبل تفرده بها!

21- فرّق الطبراني، وابن شاهين، والعسكري، وابن عبدالبر، وغيرهم بين الصحابي «يعلى العامريّ» وبين الصحابي «يعلى بن مرّة الثقفيّ»، وجمع بينهما غير واحد من أهل العلم، ويؤيده أنهما واحد أنّ الحديث المروي عنهما واحد، وإنما اختلف في نسبه.

22- حديث: ابْن خُثَيْمٍ، عن سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ»، حديث منكر تفرد به ابن خثيم!

23- حديث: ابْن خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا»، حديث منكر! وكان ابن خثيم يضطرب فيه!

24- أخرج الحاكم في «مستدركه» عدة أحاديث لابن خثيم، وصححها، وادعى أن بعضها على شرط مسلم! بل صحح له بعض الأحاديث الموضوعة! منها: حديث: «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِ الْبَابَ»! وحديث: «هَذَا أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، قَاتِلُ الْفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ»!!!

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

شاركنا تعليقك