الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

حديث جَابر بن عبدالله فِي الدُّعَاء يَوْم الأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْن فِي مَسْجِد الفَتْح.

حديث جَابر بن عبدالله فِي الدُّعَاء يَوْم الأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْن فِي مَسْجِد الفَتْح.

سألني بعض الإخوة عن حديث الدعاء يوم الأربعاء بين الصلاتين، وهل أصاب من صححه أو حسّنه من أهل العلم؟

فقلت:

هذا الحديث رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد والبزار في "مسنديهما" من طريق كَثِير بن زَيْدٍ المدنيّ، عَنْ عَبْداللهِ بن عَبْدالرَّحْمَنِ بن كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِاللَّهِ يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَسْجِدِ، مَسْجِدِ الفَتْحِ، يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غائِظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، إِلَّا عَرَفْتُ الْإِجَابَةَ.

ووقع عند البخاري: "عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ كَعْبٍ"! وكأنه سقط من إسناده: "عبدالله بن".

قال البَزَّارُ: "لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ".

وقال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات".

وقال الألباني: "حسن".

قلت:

تفرد به كثير بن زيد الأسلمي المدني، وهو حديث منكر!

وكثير هذا مشّاه بعض أهل العلم، والأكثر على تضعيفه، ومن كان هذا حاله فهو ممن يُكتب حديثه للاعتبار، ولا يُحتج بما انفرد به.

ولم يوثقه مطلقاً إلا ابن عمار الموصلي، قال: "كثير بن زيد ثقة".

وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقال الإمام أحمد: "ما أرى به بأس".

وقال ابن عدي بعد أن ذكر له أحاديث تفرد بها: "ولكثير بن زيد عن غير الوليد بن رباح أحاديث لم أذكرها، ولم أر بحديثه بأسا، وأرجو أنه لا بأس به".

وقول أحمد لا يعني أنه ثقة، فهو ممن يكتب حديثه للاعتبار.

وقول ابن عدي يعني أنه ممن لا يكذب، ويُكتب حديثه للاعتبار كذلك.

واختلف فيه قول ابن معين:

فقال ابن أَبي مَريَم: سمعتُ يحيى بن مَعين، قال: "كَثير بن زيد، ثقة".

وقال عبدالله الدَّورَقي: حدثنا يحيى بن مَعين، قال: "كَثير بن زيد الأَسلَمي، ليس به بأسٌ".

وقال المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابي، ومعاوية بن صالح، عن يحيى بن مَعين: "صالحٌ".

وقال ابن مُحرز عن يحيى: "ضعيف".

وقال عبدالله بن شُعَيب الصَّابُوني عن يحيى بن مَعين: "ليس بذاك القوي".

وقال ابن أبي خيثمة عن يحيى قال: "ليس بذلك القوي، وكان قال أولا: ليس بشيء".

قلت: الظاهر أن ابن معين وثقه ثم ضعفه، وحديثه يكتب للاعتبار، وهذا معنى قوله: "ليس به بأس"، و"صالح".

وقال يعقوب بن شيبة: "كثير بن زيد ليس بالساقط وإلى الضعف ما هو".

وقال علي بن المديني: "صالح، وليس بقوي".

وقال أبو حاتم الرازي: "صالح، ليس بالقوي، يكتب حديثه".

وقال أبو زرعة الرازي: "هو صدوق فيه لِين".

وقال النسائي: "ضعيف".

وأورد الذهبي في "الميزان" في ترجمته بعد أن نقل كلام بعض أهل العلم فيه حديث: هشام بن عبيدالله: حدثنا سليمان بن بلال: حدثنا كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة - مرفوعاً: "لا تتمنوا الموت، فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطيل الله عمر العبد ويرزقه الانابة".

وقال: "وقد رواه البزار في مسنده، عن عدة، عن العقدي: حدثنا كثير بن زيد: حدثنا الحارث بن أبي يزيد، عن جابر - مرفوعاً: لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد".

قال الذهبي: "فهذا مع نكارته له علة كما رأيت".

قلت: هذا من منكرات كثير بن زيد.

فكثير بن زيد ليس بالمتروك، وهو ضعيف ليس بالقوي، وحديثه يُكتب للمعرفة والاعتبار، فإذا انفرد بحديث لم تُقبل روايته!

وهو يروي المناكير وينفرد بها، وحديثه في دعاء الأربعاء منها، فلا يصلح أن يُحتج به أو يُحسّن.

وعبدالله بن عبدالرحمن بن مالك من أهل المدينة، وروايته قليلة، وقد روى عنه الزهري، ولو كان هذا الحديث عنده لوجدناه عند الزهري، فالزهري واسع الرواية.

والخلاصة أن حديث الدعاء يوم الأربعاء بين الصلاتين منكر! تفرد به كثير بن زيد الأسلمي، وهو ضعيف لا يُحتج به.

 

شاركنا تعليقك