الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (18). قالَ الحافظُ العِجْليُّ في سَهْلِ بنِ حَسَّان ابن أَبِي خَدُّويه: «بَابةُ عليّ بن المَدِينِيّ»!

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (18).

قالَ الحافظُ العِجْليُّ في سَهْلِ بنِ حَسَّان ابن أَبِي خَدُّويه: «بَابةُ عليّ بن المَدِينِيّ»!

 

قال العجلي في كتاب «الثقات» [بترتيب نور الدين الهيثمي (ت807هـ)، تحقيق: عبدالعليم البستوي] (1/439) (690): "سهل بن حسان المعروف بابن أبي خدويه، بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ حسن الحديث، حسن العقل، بَابةُ علي بن المديني".

وزاد المحقق كما في ترتيب تقي الدين السبكي (ت756هـ) لكتاب العجلي في مواضع أخرى: (2/369): "واسم أبي خدويه سهل بن حسان، بصري ثِقَة، حسن الحَدِيث، حسن العقل، يُشابهُ علي بن المَدِينِيّ".

و(2/399) (2134): "أبو خدويه سهل بن حسان البصري، ثِقَةٌ حسن الحديث، حسن العقل، يُشابه علي بن المديني".

وفي طبعة قلعجي من «الثقات» (ص: 209) (631): "سهل بن حسان المعروف بابن أبي خدويه: بصري، ثقة، حسن الحديث، حسن العقل. قاله علي بن المديني".

وعند ابن قطلوبغا في «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» (5/154): "وقال العجلي: بصري ثقة، حسن الحديث، حسن العقل، بابَة علي بن المديني".

قلت: كذا جاء في هذه المطبوعات: «بابة»، و«يُشابه»، و«قاله»! ورسمها كلها متقاربة.

أما ما جاء في طبعة قلعجي: «قاله» فهو تحريف، ولا يصح، وهذا الذي قاله العجلي قوله هو لا قول ابن المديني.

وأما «بابة» و«يشابه» فهي متقاربة في المعنى، فبابته = أي: يُشابهه.

ولفظ «بابة» جاء في الأصل في ترتيب الهيثمي والسبكي وكذا عند ابن قطلوبغا، ولفظ «يشابه» جاء في زيادات السبكي على ترتيب الهيثمي، وكأنها محرّفة! والصواب الأول «بابة».

ومصطلح «بابة فلان»: أن فلاناً هذا من صِنف فلان ومرتبته، أي مثله، وغالباً ما يشتركان في الصفات نفسها، فهو يدلّ على القُرب، أو الشّبه والمثلية والنظير ونحوها.

وأكثر من استخدم هذا المصطلح هو أبو حاتم الرازي في المقارنة بين الرواة، في قربهم من بعضهم البعض في الثقة أو الضعف والمرتبة وغير ذلك، وقد فصّلت في ذلك في بحثي [«مصطلح «بابة فلان» عند أبي حاتم الرازي - معناه ودراسة مقارنة عليه» - منشور في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد (164) السنة (46) (1434هـ)].

والذي أراده العجلي من قوله في ابن أبي خدويه: «بَابةُ علي بن المديني» = أي مثله في فنّ العلل والكلام على الأسانيد والرجال.

ومما يدلّ على ذلك ما أورده العجلي نفسه من حكاية عن ابن أبي خدويه مع يزيد بن هارون الواسطي.

قال العجلي في ترجمة «يزيد بن هارون» (2/368) (2039): "يزِيد بن هَارُون: سُلَمي، يُكنى أَبَا خَالِد، واسطي شَامي، ثِقَة ثَبت فِي الحَدِيث، وكَانَ متعبداً متنسكاً حسن الصَّلَاة جداً، كَانَ قد عَمي يُصلّي الضُّحَى سِتّ عشرَة رَكْعَة بهَا من الجَوْدَة غير قَلِيل، وكَانَ متنسكاً عابداً. توفي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ.

لقي يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وروى عَنهُ نَحواً من مائَة حَدِيث وَسبعين حَدِيثاً، لقِيه بِالحيرَةِ، وكَانَ يحيى بن سعيد قَاضِياً على الحيرَة. وقَالَ أَبُو مُسلم: قلت لَهُ، من استقضاه؟ قَالَ: بعض بني أُميَّة، ثمَّ لقِيه يزِيد، وكَانَ جدّ يحيى من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وكَانَ يحيي رجلاً صَالحاً. قلت لَهُ: كم يحفظ؟ قَالَ: سِتّمائَة، سَبْعمِائة. قَالَ: وَقَالَ يزِيد يَوْمًا بِالبَصْرَةِ: حَدثنِي يحيى بن سعيد، فَقيل لَهُ: من يحيى بن سعيد؟ قالَ: الْأنْصَارِيّ ولَيْسَ بقطانكم هَذَا. وقَالَ يزِيد: مَا أحبّ أَن أحفظ القُرْآن حَتَّى لَا أخطىء فِيهِ شَيْئاً لئلا يدركني ما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الخَوَارِج: «يقرأون القُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية». وَكَانَ يَوْمًا عِنْده ابن أبي خدويه ونَظِيره [*] من أَصْحَاب الحَدِيث، فَحدّث بِحَدِيث، فَقَالَ لَهُ: ابن أبي خدويه: مَاذَا أحَاط بِهَذَا الحَدِيث من البلَاء! فلَان يُرْسل عَن فلَان، وَفُلَان لم يسمع من فلَان، وَفُلَان إِنَّمَا أَخذ هَذَا الحَدِيث مناولة! فَقَالَ لَهُ يزِيد: مَا سَمِعت هَذَا إِلَّا السَّاعَة. لم يكن يزِيد يعرف هَذَا الموضع. قَالَ: وَكَانَ يزِيد يُؤذن فَكَانَ يَقُول حَيّ على الفلح، فَقَالُوا لَهُ، فَقَالَ: جرى لساني على هذا.

[واسم أبي خدويه: سهل بن حسان، بصري ثِقَة حسن الحَدِيث، حسن العقل، يُشابه علي بن المَدِينِيّ"].

فهذه القصة التي ذكرها العجلي لابن أبي خدويه مع يزيد بن هارون تدلّ على أنه يشابه علي بن المديني ويماثله في فنّ العلل، والكلام على الأسانيد، وهذا واضح في بيان ابن خدويه علل الحديث الذي ذكره يزيد بن هارون هذا، فبيّن له أن الحديث قد جمع عدة علل: الإرسال، وعدم السماع، والمناولة!

وقوله: "وفُلَان إِنَّمَا أَخذ هذا الحَدِيث مناولة" في معرض نقده لذاك الحديث فيه دلالة على أنه كان لا يرى صحة المناولة، والله أعلم.

فالظاهر أنه كان من أهل النقد والتعليل مثل ابن المديني، بل كان ابن المديني يستفيد منه في هذا الفن ومعرفة الرّجال.

روى الخطيب في «تاريخه» (10/20) من طريق عبدالله بن علي ابن المديني، قال: سمعت أبي يقول: أَخْبَرَنِي سهل بن حسان، قال: "كان في حِجر أبي داود النخعي كتاب فيه مصنّف ابن أبي عروبة، وهو يُركّب عليه الأسانيد، يقول: حَدَّثَنَا خصيف، وحَدَّثَنَا حصين، وحدّث عن مشيخة حسبت مولده وموتهم فإذا موتهم قبل مولده، منهم مَعْبد بن خالد، ومهاجر أبو الحسن".

·       وهم للسبكي!

ما بين المعقوفتين [ ] في الحكاية السابقة هو من زيادات السبكي في ترتيب كتاب العجلي، وليست في ترتيب الهيثمي، ولم يذكرها العجلي في هذه الترجمة، بل ذكرها في ترجمة ابن أبي خدويه.

وقد أوردها السبكي هنا في ترجمة يزيد ليبين اسم ابن أبي خدويه، فكأنه سقطت منه لفظة [ابن] أبي خدويه، فقال: «واسم أبي خدويه..» فوهم في ذلك! ومشى على هذا الوهم فذكره في «الكنى»: «أبو خدويه» كما تقدّم! وأبو خدويه هو حسّان والد سهل.

·       كلمة: «ونظيره» هل هي محرّفة من اسم آخر، أم محرفة من كلمة أخرى؟!

وجاء أيضاً في النص السابق: ".. ونظيره من أصحاب الحديث".

قال البستوي محقق الكتاب في الحاشية: "كذا في س [يعني نسخة السبكي] أيضاً، وفي الأصل فوقه «كذا»، ولعله محرف من «أبو نصيرة» وهو من شيوخ يزيد بن هارون، واسمه: مسلم بن عبيد الواسطي، وله ترجمة في التهذيب في الكنى (12/256)".

قلت: ما جاء هنا: "ونظيره" تحريف! والصواب: "وبعض"، "عِنْده ابن أبي خدويه وبعض من أَصْحَاب الحَدِيث..."، والله أعلم.

وأبو نُصيرة، بالتصغير.

قال ابن ماكولا في «الإكمال»: "وأما نصيرة أوله نون مضمومة وبعدها صاد مهملة مفتوحة، فهو أبو نصيرة مسلم بن عبيد..".

قلت: يُحتمل أن يكون «أبو بَصيرة» بالباء، والله أعلم.

·       ترجمة ابن أبي خدويه:

ابن أبي خدويه من أقران عليّ بن المديني ورفاقه، وسمعا الحديث مع بعضهما.

روى الخطيب في «تاريخه» (3/301) من طريق عَلِيّ بن المَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ القَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ العَدَوِيُّ عَمْرُو بنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُنَيْدَةَ الْبَرَاءُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ وَالانَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ جَلَسَ».

وروى من طريق يعقوب بن شيبة، قال: قالَ لي علي بن المديني: "ما سمع هذا الحديث من روح غيري، وغير سهل بن أبي خدويه".

وبالكاد نجد رواية عن ابن أبي خدويه، ورُوي عنه بعض الأقوال عن بعض مشايخه، وهذه القلة بسبب تقدّم وفاته.

قال أبو حاتم: "وكان من الحفاظ، تقادم موته".

وقال البخاري: "ومات سهل بن حسان، وهو ابن أبي خدوية أَبو يحيى البصري سنة سبع ومِئَتين في شعبان".

فتقدّم وفاة سهل (207هـ) كانت سبباً في عدم انتشار حديثه وعلمه، بينما قرينه ابن المديني (ت234هـ) عاش بعده أكثر من (27) عاماً بثّ فيها حديثه وعلمه مع فقدان كثير من ذلك بسبب ما حصل له في فتنة خلق القرآن كما بينته في موضع آخر.

روى العقيلي عن أَحمد بن مُحَمد بن سُليمان الرازي، قال: سمعتُ أَزهَر بن جَميل يقول: "كُنا عِند يَحيَى بن سَعيد القَطان، وثَمّ سَهل بن حَسان بن أَبي خَدُّويَه، وابن المَديني، والشاذَكُوني، وسُليمان صاحِب البَصري، والقَواريري، وسُفيان الرأس، فَجاء عَبدالرَّحمَن بن مَهدي، فَسَلَّم على أَبي سَعيد، وجَلَس إِلَيه، فقال لَه يَحيَى: مالي أَراك خائِر النَّفسِ؟ قال: رَأَيت البارِحَة رُؤيا هالَتني، فقال: لا يَكُون إِلاَّ خَيرًا إِن شاء الله، فقال لَه عَلي بن المَدينيِّ: أَي شَيء رَأَيت يا أَبا سَعيد؟ قال: رَأَيت قَومًا مِن أَصحابِنا أُركِسُوا، قال: فقال عَلي: أَضغاث أَحلام، فقال لَه عَبدالرَّحمَن: اسكُت، فَوالله يا عَلي إِنَّك منهُم، فقال عَلي: إِن الله يقول: {ومَن نُعَمِّره نُنَكِّسه في الخَلقِ} فقال: لَيس هو والله بِذاكَ".

وروى زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعِنْدَهُ بُلْبُلٌ، وابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ أَبِي خدُّوَيْه، فَقَالَ عَلِيٌّ لِيَحْيَى: مَا تَقُوْلُ فِي طَارِقٍ وَابْنِ مُهَاجِرٍ؟ فَقَالَ: يَجرِيَانِ مَجْرَىً وَاحِداً.

فَقَالَ الشَّاذَكُوْنِيُّ: نَسْأَلُكَ عَمَّا لاَ تَدْرِي، وَتَكَلَّفُ لَنَا مَا لاَ تُحْسِنُ، حَدِيْثُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُهَاجِرٍ خَمْسُ مائَةٍ، عِنْدَكَ عَنْهُ مائَةٌ، وَحَدِيْثُ طَارِقٍ مائَةٌ، عِنْدَك مِنْهَا عَشْرَةٌ. فَأَقبَلَ بَعضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَقُلْنَا: هَذَا ذُلُّ.

فَقَالَ يَحْيَى: دَعُوهُ، فَإِنْ كَلَّمتُمُوهُ، لَمْ آمَنْ أَنْ يَقْرِفَنَا بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا".

وقال عبدان بن صالح الأنطاكي: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: جعل يحيى بن سعيد القطان لابن أبي خدويه، ولمحمد بن حاتم السمين، كل يوم، ثلاثين حديثاً.

وقال أبو عبيد الآجري: حدثنا أَبو داود، قال: حدثنا أحمد بن سنان، قال: حدثني سهل بن أبي خدويه، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سمعت سُفيان يقول: "حماد لم يكن بالحافظ، إِسماعيل بن أبي خالد أحبّ أصحاب الشعبي إِليّ".

وروى الخطيب في «تاريخه» (10/55) من طريق أَبي جَعْفَرٍ التَّمَّار، قالَ: سَمِعْتُ الشَّاذَكُونِيَّ، يَقُولُ: "دَخَلْتُ الكُوفَةَ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ دَخْلَةً أَكْتُبُ الْحَدِيثَ فَأَتَيْتُ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ فَكَتَبْتُ حَدِيثَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى البَصْرَةِ وَصِرْتُ فِي بَنَانِهِ لَقِيَنِي ابنُ أَبِي خَدُّوَيْهً، فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: حَدِيثَ مَنْ كَتَبْتَ؟ قُلْتُ: حَدِيثُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، قَالَ: أَفَكَتَبْتَ عِلْمَهُ كُلَّهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَذَهَبَ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَكَتَبْتَ عَنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشٍ فَحِيلٍ، كَانَ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ»؟، قُلْتُ: لا، قَالَ: فَأَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَكَ، أَيْشِ كُنْتَ تَعْمَلُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: فَوَضَعْتُ خَرْجِي عِنْدَ النَّرْسِيَيْنِ، وَرَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَتَيْتُ حَفْصًا، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الْبَصْرَةِ، قَالَ: لِمَ رَجَعْتَ؟ قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ أَبِي خَدَّوَيْهِ ذَاكَرَنِي عَنْكَ بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَحَدَّثَنِي وَرَجَعْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِالْكُوفَةِ حَاجَةٌ غَيْرُهَا".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/154): حدثنا علي - هو: ابن الحسن الهسنجاني، قال: سمعت الهروي - هو: إبراهيم بن عبدالله- يقول: "جاءني سهل بن أبي خدويه فقال: أخرج لي كتاب ابن عُليّة عن الجريري، فإن أصحابنا كتبوا إليّ من البصرة أن ليس أحد أثبت في الجريري من ابن علية".

ونقل بشار معروف هذا النص من كتاب ابن أبي حاتم أثناء تحقيقه لكتاب المزي «تهذيب الكمال» (3/24) حاشية (2) فأسقط منه: "نا علي"!!

قال: "قال عَبْدالرَّحْمَنِ بن أَبي حاتم: سمعت الهروي يقول: جاءني سهل بن أَبي خدوية، فقال... (الجرح والتعديل: 1/1/154)".

فالرواية عن ابن أبي خدويه نادرة، وما نُقل عنه من حكايات تدلّ على تقدمه في هذا العلم، وكان من الملازمين لمجلس يحيى القطان في البصرة، وموته المُبكّر كان سبباً في عدم انتشار علمه، ولهذا بالكاد نجد له ترجمة عند أهل الفن كما ينبغي أن تكون لمثله.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/103): "سهل بن حسان، وكنية حسان أبو خدويه، أبويحيى البَصْرِيّ، سَمِعَ سهل بن أسلم".

وتبعه مسلم فقال في «الكنى والأسماء» (2/909) (3699): "أبو يحيى سهل بن حسان بن أبي خدوية البصري: سمع سهل بن أسلم".

وقال ابن حبان في «الثقات» (8/291) (13507): "سهل بن حسان الَّذِي يُقَال لَهُ ابن أبي خدويه، كنيته أَبُو يحيى، من أهل البَصْرَة، يروي المقاطيع. روى عَنْهُ البصريون. مَاتَ سنة سبع وَمِائَتَيْنِ. واسم أبي خدويه: حسان".

قلت: قوله: "يروي المقاطيع" لا يحسن في ترجمة سهل هذا! وهو وإن كان ما وجدناه عنه بعض الحكايات التي تُعد من هذا الباب الذي ذكره ابن حبان إلا أننا لم نجد له رواية إلا نادرة بسبب تقدّم وفاته، وقد تقدّم أن ابن المديني قال في حديث إنه لم يسمعه من روح إلا هو وابن أبي خدويه، وكان ملازما لمجلس يحيى القطان وغيره، ولو طال به العُمر لروى ما عنده، على أنه لا شك أنه روى وسمع منه بعض أهل العلم لكن روايته لم تنتشر كذلك.

قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (4/197) (846): "سهل بن حسان، وهو سهل بن أبي خدويه، وكان من الحفاظ. تقادم موته. روى عنه: حاتم بن إسماعيل، ويحيى القطان، وعبدالرحمن بن مهدي. سمعت أبي يقول ذلك".

وقال: "روى عنه أحمد بن حنبل وغيره".

قلت: ومما روى عنه أحمد ما قاله عبدالله في «العلل» (1/272) (419): حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت سهل بن حسان بن أبي خدوية قَالَ: قَالَ أَبُو قلَابَة: "صديقاي من أهل البَصْرَة دباغ وحذاء".

قالَ أبي: "الحذاء: خَالِد، والدباغ: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب: خالد الحايك.

27 ربيع الأول 1441هـ.

 

شاركنا تعليقك