الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (15). قَالَ حُسَيْن المُعَلِّمِ البصري: «لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ بُرَيْدَةَ... فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي، وحدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ».

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (15).

قَالَ حُسَيْن المُعَلِّمِ البصري: «لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ بُرَيْدَةَ، بَعَث إِليّ مَطَر الوَرَّاق: احْمِلِ الصَّحِيفَةَ والدَّوَاةَ وتَعَال، فَحَمَلْتُ الصَّحِيفَةَ والدَّاوَةَ فَأَتَيْنَاهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي، وحدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ».

قال ابن خزيمة في كتاب «التوحيد»: سَمِعْتُ الدَّارِمِيَّ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ يَقُولُ: حدثنا عَبْدُالصَّمَدِ بنُ عَبْدِالوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، قال: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ بُرَيْدَةَ، بَعَث إِليّ مَطَر الوَرَّاق: احْمِلِ الصَّحِيفَةَ والدَّوَاةَ وتَعَال، فَحَمَلْتُ الصَّحِيفَةَ والدَّاوَةَ فَأَتَيْنَاهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي وحدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ.

فَلَمَّا قَدِمَ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ بَعَث إِليَّ مَطَر الوَرَّاق: احْمِلِ الصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ، وَتَعَالَ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا كِتَابَ أَبِي سَلَّامٍ، فَقُلْنَا: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: فَمِنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَلَّامٍ؟ قَالَ: لَا، فَقُلْنَا: تُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ مِثْلَ هَذِهِ لَمْ تَسْمَعْهَا مِنَ الرَّجُلِ، وَلَا مِنْ رَجُلٍ سَمِعَهَا مِنْهُ، فَقَالَ: «أَتَرَى رَجُلًا جَاءَ بِصَحِيفَةٍ وَدَوَاةٍ كَتَبَ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذِهِ كَذِبًا؟».

هذَا مَعْنَى الحِكَايَةِ.

قالَ أَبُو بَكْرٍ ابن خزيمة: كَتَبَ عَنِّي مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ هَذِهِ الحِكَايَةَ.

 

قلت: يُفهم من ظاهر هذه الحكاية النفيسة:

أولاً: ثبوت سماع عبدالله بن بريدة من أبيه، ومن عبدالله بن مُغفل.

ثانياً: عد ثبوت سماع يحيى بن أبي كثير صحيفة أبي سلاّم منه ولا ممن سمع منه!

أما سماع عبدالله بن بُريدة من أبيه فقد اختلف فيه أهل العلم كما فصلته في بحثي «جَلاءُ الشَّك والرَّيْب حول سَماعِ عَبدالله وسُليمان من أَبيهما بُريدة بن الحُصَيْب».

وكان الإمام البخاري لم يذكر سماع عبدالله من أبيه في ترجمته من «التاريخ الكبير»! ثم أخرج له حديثاً واحداً عن أبيه في «صحيحه»!

وهو ما رواه عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سُوَيْدِ بنِ مَنْجُوفٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ - وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا وَقَدِ اغْتَسَلَ-، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قال: «لاَ تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذلك».

ومع أن هذه الرواية معنعنة إلا أنه ثبت سماع عبدالله لهذا الحديث من أبيه في طريق آخر، وهذا ما جعله يخرّجه في «صحيحه».

وذاك الطريق أخرجه أحمد في «مسنده» (38/65) (22967) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالجَلِيلِ، قالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا أَبُو مِجْلَزٍ، وَابْنَا بُرَيْدَةَ فَقَالَ: عَبْدُاللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي بُرَيْدَةُ قالَ: أَبْغَضْتُ عَلِيًّا بُغْضًا لَمْ أَبْغِضْهُ أَحَدًا قَطُّ. قَالَ: وَأَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحِبَّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا. قَالَ: فَبُعِثَ ذَاكَ الرَّجُلُ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ مَا أَصْحَبُهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا. قَالَ: فَأَصَبْنَا سَبْيًا. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْعَثْ إِلَيْنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْنَا عَلِيًّا، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ فَخَمَّسَ، وَقَسَمَ فَخَرَجَ رَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا الحَسَنِ مَا هَذَا؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي السَّبْيِ، فَإِنِّي قَسَمْتُ وَخَمَّسْتُ فَصَارَتْ فِي الْخُمُسِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ وَوَقَعْتُ بِهَا. قَالَ: فَكَتَبَ الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: ابْعَثْنِي فَبَعَثَنِي مُصَدِّقًا. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ الْكِتَابَ وَأَقُولُ: صَدَقَ. قَالَ: فَأَمْسَكَ يَدِي وَالْكِتَابَ وَقَالَ: "أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟" قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "فَلَا تَبْغَضْهُ، وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الخُمُسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ" قَالَ: فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ.

قال عَبْدُاللهِ: فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الحَدِيثِ غَيْرُ أَبِي بُرَيْدَةَ.

فهذه متابعة جيدة لعليّ بن سويد من عبدالجليل بن عطية القيسي البصري وهو صدوق ربما وهم، وقد ضبط هذا الحديث، وفيها النص القاطع على أن هذا الحديث سمعه عبدالله بن بريدة من أبيه.

لكن هذا الحديث لم يروه حسين المعلم، وحسين المعلم من أثبت الناس في عبدالله بن بريدة، والظاهر أنه لم يسمعه منه؛ لأن عبدالله حدث به في مناسبة كما جاء في رواية أحمد في حلقة أبي مجلز.

وقد سمع حسين المعلم من عبدالله بن بريدة أحاديث، وذكره في الحكاية آنفة الذكر في تحديثه عن أبيه وعن ابن مغفل إنما قصد بها سماعه منه عن أبيه حديثاً واحداً، وكذا سماعه منه عن أبيه عن عبدالله بن مغفل حديثاً واحداً.

وبالاستقراء لم نجد لحسين المعلم عن عبدالله بن بريدة عن أبيه إلا حديثاً واحدا، وليس له عن ابن بريدة عن ابن مغفل إلا حديثاً واحدا.

أما حديث حسين المعلم عن عبدالله بن بريدة عن أبيه:

فرواه الحديث رواه أبو داود في «سننه»، باب في أرزاق العمال، (2943)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2369)، والبزار في «مسنده» (4427) قالوا: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِالوَارِثِ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنَ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ».

ورواه البزار أيضاً عن بِشْر بن آدَمَ، عن أبي عاصم، به.

ورواه الحاكم في «المستدرك» (1/563) (1472) من طريق أَحْمَد بن حَيَّانَ بنِ مُلَاعِبٍ، عن أَبي عَاصِمٍ، به.

قال البزار: "وهذَا الحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَن بُرَيدة إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ولا نَعْلَمُ أَسْنَدَ الحُسَيْنُ المُعَلِّمُ عَنْ عَبداللَّهِ بْنِ بُرَيدة، عَن أَبيهِ، عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم غَيْرَ هَذَا الحديث".

وقال الحاكم: "هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ولَمْ يُخَرِّجَاهُ".

قال عَلِيٌّ بنُ المَدِينِيِّ فِي كتاب «الجرح والتعديل»: "لم يحمل حسين المعلم عَنِ ابنِ بُرَيْدَةَ، عَن أَبِيهِ، مرفوعا شيئاً إلا حرفاً واحدًا وكلها عن رجال أخر".

وقال أَبُو داود: "لم يرو حسين المعلم عن عَبداللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ عَن أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شيئاً".

قال المزي في «تهذيب الكمال» (6/374): "يعني: إنما يروي عن عَبداللَّهِ بن بريدة عن غير أبيه. ولعله أراد أن غالب روايته عنه كذلك، لا أنه لم يرو عنه عَن أبيه شيئاً البتة، فإنه قد روى في السنن حديثاً من روايته عن عَبداللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عَن أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا... الحديث".

وقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (2/338) بعد أن ذكر كلام أبي داود وابن المديني: "قلت: هذا يوافق قول أبي داود المتقدم إلا في هذا الحرف المستثنى، وكأنه الحديث الذي تعقب به المزي قول أبي داود بأن أبا داود روى في السنن من حديث حسين عن عبدالله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا... الحديث".

قلت: حديث حسين هذا هو الذي عناه ابن المديني بأنه لم يرو عن عبدالله بن بريدة عن أبيه مسنداً إلا هو، وتابعه على ذلك البزار.

وأما حديث حسين المعلم عن عبدالله بن بريدة عن عبدالله بن مغفل:

فرواه البخاري في «صحيحه» (1/117) (563) عن أَبي مَعْمَرٍ عَبْداللَّهِ بن عَمْرٍو، قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، عَنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ بُرَيْدَةَ، قالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ المُزَنِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمُ المَغْرِبِ» قالَ الأَعْرَابُ: وَتَقُولُ: هِيَ العِشَاءُ.

ولا يُعرف روى الحسين المعلم عن عبدالله بن بريدة عن ابن مُغفل إلا هذا الحديث.

وعليه فيكون معنى قول الحسين المُعلّم في الحكاية التي رواها ابن خزيمة: "فَأَتَيْنَاهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي وحدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ مُغَفَّلٍ": أيّ حدثه حديثا واحداً عن أبيه، وحديثاً واحداً عن عبدالله بن مُغفّل، وليس مراده أنه حدّث أحاديث كثيرة عنه عنهما كما قد يُفهم من ظاهر الكلام.

وفي الحكاية تصريح يحيى بن أبي كثير أنه لم يسمع صحيفة أبي سلاّم منه، ولا من زيد بن سلاّم حفيد أبي سلام.

قال أحمد بن محمد بن هانئ: قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: يحيى بن أبي كثير سمع من زيد بن سلام؟ فقال: "ما أشبهه". قلت له: إنهم يقولون سمعها من معاوية بن سلام! فقال: "لو سمعها من معاوية لذكر معاوية، هو يتبين في أبي سلام، يقول: حدّث أبو سلام، ويقول: عن زيد، أما أبو سلام فلم يسمع منه"، ثم أثنى أبو عبدالله على يحيى بن أبي كثير.

والمعروف أن يحيى بن أبي كثير أخذ الصحيفة من معاوية أخي زيد ولم يسمعها من معاوية، وكان يُحدّث منها ويدلِّس!!!

وفي تصريح ابن خزيمة أن مسلم بن الحجاج كتب هذه الحكاية عنه حجة على الإمام مسلم! إذ أنه أخرج عدة أحاديث في «صحيحه» من طريق يحيى بن أبي كثير، عَنْ زَيْدِ بنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ!!!

والذي يظهر لي أن مسلماً كتب هذه الحكاية عن ابن خزيمة بعد أن أتم «صحيحه» وحدّث به، وكان قد انتهى من «صحيحه» تقريباً سنة (250هـ).

ويبدو أنه سمع هذه الحكاية من ابن خزيمة قُبيل وفاته.

فابن خزيمة (ت 311هـ) ولد سنة (223هـ)، وأراد الخروج لقتيبة بن سعيد (ت 240هـ)، فلم يسمح له أبوه حتى استظهر القرآن، وصلى بالناس، ثم خَرَج إِلَى مَرْوَ، وسَمِع بِمَرْو الرُّوْذ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ - صَاحِبِ هُشَيْمٍ - فَنُعِيَ إِليه قُتَيْبَةُ.

والحكاية سمعها ابن خزيمة من أحمد بن سعيد الدارمي (ت 253هـ) وكان ولد بسرخس، ونشأ بنيسابور، وكان أكثر وقته في الرحلة لسماع الحديث.

وكتب الحديث بالبصرة مع علي ابن المديني، ثم خرج إِلَى نيسابور، وتولى قضاء سرخس، ثم انصرف إِلَى نيسابور إِلَى أن مات بها سنة ثلاث وخمسين ومئتين.

وابن خزيمة سَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه (ت 238هـ)، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ (ت 248هـ)، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُمَا؛ لِكَوْنِهِ كَتبَ عَنْهُمَا فِي صِغَرِه وَقَبلَ فَهمِهِ وَتَبَصُّرِه كما قال الإمام الذهبي.

وهذا يعني أنه كان عمره (15) سنة لما مات ابن راهويه، وكان ابن (25) سنة لما توفي ابن حُميد!

وقد حَدَّثَ الإمام البُخَارِيُّ (256هـ) فِي غَيْرِ (الصَّحِيْح) عن الإمام الحافظ ابن خزيمة.

قال الحَاكِمُ فِي «تاريخ نيسابور»: أَخْبرني مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَاصِلٍ الجُعْفِيُّ – بِبِيْكَنْدَ -، قال: حدثني أَبِي، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، قال: حدثني مُحَمَّدٌ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، قال: حدثني مَهْدِيٌّ - والِدُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ - قالَ: "كانَ عَبْدُالرَّحْمَنِ يَكُوْنُ عِنْدَ سُفْيَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، لاَ يَجِيْءُ إِلَى البَيْتِ، فَإِذَا جَاءنَا سَاعَةً، جَاءَ رَسُوْلُ سُفْيَانَ، فَيَذْهَبُ وَيَتْرُكُنَا".

قال الحَاكِمُ: "مُحَمَّدٌ": هُوَ ابنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ بِلاَ شَكٍّ، فَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ خُزَيْمَةَ بِالحِكَايَةِ.

قلت: محمد بن إسماعيل = هو الإمام البخاري، وهو يروي هذه الحكاية النفيسة عن ابن خزيمة كما بيّن الحاكم - رحمهم الله جميعاً -، ولم ينسبه الإمام البخاري، بل أهمل اسمه؛ لأنه أصغر منه!

وكان ابن خزيمة عمره (33) سنة لما توفي البخاري. وكان عمره (40) سنة لما توفي الإمام مسلم.

فقد لقي البخاري ومسلم ابن خزيمة عندما كان شابّاً لا يزال يطلب الحديث، وكان عنده بعض الفوائد والحكايات سمعاها منه، وهذا بعد تصنيفهما للصحيحين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

وكتب: خالد الحايك - عفا الله عنه -.

 

شاركنا تعليقك