الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

...سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (12). قال يحيى القطّان: «كانَ جَعفَر - هو: الصَّادق - إذا أخذت منه العفو، لم يكن به بأسٌ، وإذا حَملتَه حَمَلَ على نفسه». وقال يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: «رَوْحٌ

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (12).

قال يحيى القطّان: «كانَ جَعفَر - هو: الصَّادق - إذا أخذت منه العفو، لم يكن به بأسٌ، وإذا حَملتَه حَمَلَ على نفسه».

وقال يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: «رَوْحٌ - هو ابن عُبادة - كَانَ أَحَدَ مَنْ يَتَحَمَّلُ الحَمَالاَتِ».

هناك من ينظر إلى هذين النصّين عن الأئمة النّقاد فيظنّ أن معنى الحمل في الأول يُفسره الحمل في الثاني!! وهذا غلط! ففرق بين معنى النصين! فالأول فيه نوع ذمّ للرواية، والآخر لا علاقة له بالرواية!

فقول يعقوب بن شيبة في رَوحِ بنِ عُبادة هو مدح لشخصه وأنه كان يتكفّل بحمل الديات والغرامات الناشئة عما يحصل بين الناس والأقوام من مقاتل وحروب تُسفك فيها الدماء.

فيحمل - رحمه الله - الدّية إلى أهل من قُتل من باب الإصلاح بين الناس. ولهذا كانَت العَرَب تسمي «أَصْحَاب الحَمَالات» لحَقْن الدِّمَاء وإطفاء النائرة «سُعَاة»؛ لسعيهم فِي صَلَاح ذَات البَين.

روى وَكِيْعٌ قالَ: «دَخَلَ عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ الوَالِي عَلَى سُفْيَانَ الثوريّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَعْرضَ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا سُفْيَانُ نَحْنُ، واللهِ أَنفعُ لِلنَّاسِ مِنْكَ نَحْنُ أَصْحَابُ الدِّيَاتِ، وأَصْحَابُ الحمَالاَتِ...».

وأما كلام يحيى القطان في جعفر الصادق ففيه نوع جرح له في الرواية!

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/199): وقَالَ لِي عَبْدُاللَّهِ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ يحيى بن سَعِيد: «كَانَ جَعْفَر إذا أخذت منه العفو لم يكن به بأس، وإذا حملته حملَ على نفسه».

ومعنى كلام يحيى القطان أنك إذا أخذت الحديث من جعفر الصادق في حالة العفو = حالة الراحة التي لا تعب فيها ولا كُلفة، فيكون حديثه حينها لا بأس به، وإذا أخذته في الحالة التي تحمله عليها فحديثه فيه شيء.

بمعنى: إذا تركته يُحدّث من عنده من حفظه، فإنه يُقيم الحديث، وقلّما يُخطىء فيه، ولا يَغلط فيه إلا نادراً، وإذا قيل له: حدثكم فلان عن فلان؟ قال: نعم، فإذا قرأت عليه حديثاً مرسلاً فوصلته فلا يدري! وإذا رفعت موقوفاً فيمشي عليه، وإذا أخطأت في المتن فيمشي عليه أيضاً.

فالقراءة عليه والخطأ في الحديث وموافقته عليه هو تلقين له، وهذا يدلّ على أنه لم يكن يحفظ حديثه.

ولهذا كان بعض أئمة الحديث يهابون من تلقين بعض الرواة الذين لا يحفظون حديثهم جيداً، ويُحبّون تركهم يُحدّثون من تلقاء أنفسهم حتى يأتوا بالحديث على الصواب.

قال سفيان بن عُيينة - وجاء ليسمع حديثاً من عبدالله بن محمد بن عَقيل، وكان سيء الحفظ -: "وكان ابن عجلان حدثناه أولاً عن ابن عقيل عن الرّبيع فزاد في المسح قال: «ثم مسح من قرنيه على عارضيه حتى بلغ طرف لحيته»، فلما سألنا ابن عقيل عنه لم يصف لنا في المسح العارضين، وكان في حفظه شيء فكرهت أن أُلقنه".

·       وضع الإمام أحمد جعفر الصادق في مرتبة عبدالله بن عقيل ونحوه!

وقد وضع الإمام أحمد مرتبة جعفر في مرتبة ابن عقيل.

قال أبو داود في «سؤالاته» (152): سمعت أحمد، قال: "علي بن زيد، وجعفر بن محمد، وعاصم بن عبيدالله، وعبدالله بن محمد بن عقيل، ما أقربهم من السواء، ننقاد بهم".

فهؤلاء الأربعة [علي بن زيد بن جُدعان البصري وأصله حجازي (ت131هـ)، وجعفر الصادق المدني (ت148هـ)، وعاصم بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني (ت132هـ)، وعبدالله بن محمد بن عقيل ابن أبي طالب الهاشمي المدني (ت بعد 140هـ)] من بلد واحد، ومن الطبقة نفسها، وكلهم في حفظهم شيء!! وضعّفوا في الرواية بسبب ذلك، وإلا فهم من عِلية القوم.

وقول الإمام أحمد: "ننقاد بهم" يعني بذلك بعد أن بيّن ضعفهم في الرواية، أنهم قدوة لنا في الدّين حتى لا يُفهم غمزه لهم في دينهم ونحو ذلك، ومن ذلك أن هؤلاء الأربعة قرشيون أئمة في العلم وكان الإمام أحمد يعرف لقريش حقها ويجلهم.

فجعفر الصادق من سادات أهل البيت، ثقة، فاضل، إمام، لكن حفظه للحديث فيه شيء!

ويحيى القطان قد سمع منه وخَبُر حاله في الرواية، وكلامه عن ذلك نابع مما رآه، فلا يُرد قوله فيه كما فعل بعض العلماء بحجة أن الإمام جعفر الصادق ثقة!

نعم، لا أحد يماري في ثقته، لكن الكلام هو عن روايته. بل قال إِسْحَاقُ بْنُ حُكَيْمٍ: قَال يَحْيى القطان - وذكر جَعْفَر بْن مُحَمد - فقالَ: "ما كَانَ كذوبا".

وهؤلاء الأربعة الذين ذكرهم أحمد تكلّم فيهم ابن عيينة، وأنه لا يُعتمد عليهم.

ففي «كتاب» الساجي: "قال سفيان بن عيينة: أربعة من قريش لا نعتمد على حديثهم: ابن عقيل، وعاصم بن عبيدالله، وجعفر بن محمد، وعلي بن زيد بن جدعان". [إكمال تهذيب الكمال: (3/230)].

قال ابن عبدالبر في «التمهيد» (2/66) عن جعفر بن محمد: "وكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا عَاقِلًا حَكِيمًا وَرِعًا فَاضِلًا، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الجَعْفَرِيَّةُ وَتَدَّعِيهِ مِنَ الشعية الْإِمَامِيَّةُ وَتَكْذِبُ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ كَثِيرًا. وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِي الحِفْظِ، ذَكَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ".

والمتتبع لحديث جعفر لا يجده كثيراً، وكان قليل الرواية؛ لانشغاله بالعبادة، وربما هذا هو السبب الذي لم يكن يضبط روايته، فيأتيه بعض التلاميذ ويقرؤون عليه حديثه ويحملونه على الخطأ!

قال الذهبي في «السيِّر» (6/255): "ولَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ إِلاَّ عَنْ أَبِيْهِ". وقال: "جَعْفَرٌ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، مَا هُوَ فِي الثَّبْتِ كَشُعْبَةَ، وَهُوَ أَوْثَقُ مِنْ سُهَيْلٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ. وهُوَ فِي وَزْنِ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَنَحْوِه. وغَالِبُ رِوَايَاتِه عَنْ أَبِيْهِ مَرَاسِيْلُ".

وقد تتبعت رواياته، وما ذكره أهل العلل في كتبهم من حديثه فوجدت أن غالبه مرسل كما قال الإمام الذهبي، وما يوجد فيه من اختلافات من وصل لمرسل إنما هو مما نبّه عليه يحيى القطان في حمله على الخطأ!!

·       مثال للوهم في حديث جعفر!

سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (3/94) (301) عَنْ حَدِيثِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؛ أَنَّهُ قَضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ؟

فقالَ: "هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ الحُسَيْنُ بنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ رَدَّادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ.

وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ.

ورَوَاهُ عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ أَبُو زُكَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ الحُبَابِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَقَالُوا: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي بن أبي طالب.

ورَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ورَوَاهُ ابنُ جُرَيْجٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بن زيد الْعُمَرِيُّ، وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ أَبِي جعفر.

وَرَوَاهُ عَبْدُالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَالسَّرِيُّ بْنُ عَبْدِاللَّهِ السُّلَمِيُّ، وَعَبْدُ النُّورِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بن سنان، وَحُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ.

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بْنِ عَيَّاضٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ.

وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ، فَرَوَى عَنْهُ مُرْسَلًا أَيْضًا.

وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رُبَّمَا أَرْسَلَ هَذَا الحَدِيثَ، وَرُبَّمَا وَصَلَهُ عَنْ جَابِرٍ، لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الثِّقَاتِ حَفِظُوهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ.

والحُكْمُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ القَوْلُ قَوْلُهُمْ، لِأَنَّهُمْ زَادُوا وهُمْ ثِقَاتٌ، وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ" انتهى.

قلت:

حاصل الاختلاف على جعفر في هذا الحديث:

رواه جماعة عنه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ.

ورواه جماعة عنه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ علي بن أبي طالب.

ورواه جماعة عنه عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.

ورواه جماعة عنه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ.

وهذا ظاهر أنّ جعفر الصادق كان يضطرب فيه ولم يحفظه!! وهذا يُبيّن معنى قول القطان فيه.

ووصل جعفر للحديث عن جابر لا يُقبل كما رجحه الدارقطني على اعتبار أن من رواه عنه من الثقات! لأن الخلل في حفظه هو!

والمحفوظ هو الإرسال، وما رواه متصلا إنما حملوه عليه فحمل على نفسه!

·       مثال آخر!

وسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (13/327) (3200) عن حديث محمد بن علي، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يخطب قائما يوم الجمعة خطبتين يجلس بينهما»؟.

فَقَالَ: "يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ سُلَيْمَانَ بنِ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ.

وخالفه مالك بن أنس رواه عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، والمُرْسَلُ أَشْبَهُ".

قلت: سليمان ومالك من الثقات، والاختلاف من جعفر نفسه، ولم يضبط الحديث فاضطرب فيه!

·       كلام أحمد في جعفر اعتمد فيه على كلام القطان.

وكان الإمام أحمد ضعّف جعفر بن محمد معتمداً على كلام يحيى القطان، ولما في حديثه من اضطراب!

قال المروذي في «سؤالاته» (62): سألته - يعني أبا عبدالله - عن جعفر بن محمد؟ فقال: "قد روى عنه يحيى وليّنه".

وقال الميموني في «سؤالاته» (360): قال أبو عبدالله: "جعفر بن محمد: ضعيف الحديث، مضطرب.

وقال أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي: قلت لأبي عبدالله: من أثبت عندك: شعبة أو حفص بن غياث - يعني في جعفر بن محمد -؟ فقال: "ما فيهما إلا ثبت، وحفص أكثر رواية، والقليل من شعبة كثير". [التراجم الساقطة من كتاب إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (ص: 254)]

قلت: فالمسألة ليست فيمن روى عن جعفر، فكثير منهم من الأثبات، واختلافهم عليه بسبب اضطرابه وعدم ضبطه لحديثه!

·       ترك جعفر الصادق لبعض المتن إذا اعترض عليه!!

وسُئِلَ الدارقطني في «العلل» (3/89) (297) عَنْ حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى عَلَيْهِ، فَقَالَ مَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمَا فِي صَحِيفَتَهِ مِنْ هذا المُسَجَّى؟.

فقالَ: "هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ ابن عيينة عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ.

وخَالَفَهُ أَصْحَابُ جَعْفَرٍ، فَرَوَوْهُ عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا.

وأَغْرَبَ ابنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ.

فَأَمَّا فِي إِسْنَادِهِ فَإِنَّهُ وَصَلَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَلِيٍّ.

وَأَمَّا فِي مَتْنِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: «إِنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ».

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ: أَلَيْسَ يُقَالُ: لَا يُصَلَّى إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقالَ: هكذَا سَمِعْنَا، أَوْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ.

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ جَعْفَرٌ تَرَكَ هَذِهِ الكَلِمَةَ لَمَّا عَارَضَهُ سُفْيَانُ بِمَا عَارَضَهُ بِهِ فإن سماع ابن عُيَيْنَةَ مِنْ جَعْفَرٍ قَدِيمٌ.

وَقِيلَ: عَنِ الحَارِثِ بنِ عِمْرَانَ الجَعْفَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ.

ولا يَصِحُّ عَنِ الحَارِثِ.

والمَحْفُوظُ المُرْسَلُ، فَإِنْ كان ابن عُيَيْنَةَ حَفِظَهُ مُتَّصِلًا فَلَعَلَّ جَعْفَرًا وصَلَهُ مَرَّةً، واللَّهُ أَعْلَمُ".

قلت: يُحتمل أن ابن عيينة لم يضبط الحديث عندما حدّث به؛ لأن ابن سعد روى الحديث في «الطبقات الكبرى» (3/282) قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ - لَعَلَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ جَابِرٍ -: أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى فَقَالَ لَهُ كَلامًا حَسَنًا ثُمَّ قَالَ: «مَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ أَلْقَى الله بصحيفته أحب إلي من هذا المسجى بَيْنَكُمْ».

قال ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جابر بن عَبْدِاللَّهِ. ولَمْ يَشُكُّ.

وفي رواية أخرى ذكر سفيان كيف سمع هذا الحديث من جعفر الصادق.

أخرج أبو نُعيم الأصبهاني في «فضائل الخلفاء الراشدين» من طريق يَحْيَى بن الرَّبِيعِ، قال: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسُدَيْرٌ مَعَنَا جَالِسٌ لَمْ يَجْمَعْنِي وَسُدَيْرٌ قَبْلَهُ مَجْلِسٌ قَطُّ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِعُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى: «مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى». فَقَالَ سُدَيْرٌ: "صَحِيفَتُهُ خَيْرٌ مِنْ صَحِيفَتِهِ".

ورواه العقيلي في ترجمة «سُدَيْر الصَّيْرَفِيّ» - وكان رافضياً كذّابا - (2/179) عن محمد بن إسماعيل الترمذي، عن الحُمَيْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى عُمَرَ وَقَدْ سُجَّيَ بِثَوْبٍ، فَقَالَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَدَعَا لَهُ، فَمَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى».

قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: فَسَمِعْتُ سُدَيْرًا الصَّيْرَفِيَّ، وَكَانَ مَعَنَا يَقُولُ: فَوَاللَّهِ لَمَا فِي صَحِيفَتِهِ خَيْرٌ مِمَّا فِي صَحِيفَتِهِ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي جَعْفَرًا، فَرَفَعْتُ يَدِي أُرِيدُ أَنْ أَضْرِبَ بِهَا وَجْهَهُ، أَوْ قَالَ: فَمَهْ، قَالَ: فَأَمْسَكَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّهُ ضَالٌّ.

فلا أدري هل كان ابن عيينة يشك فيه أم لا بحسب رواية ابن سعد المتقدمة!

ورواية الحارث بن عمران لا تصح كما قال الدارقطني؛ لأن عمران هذا متروك الحديث.

وكما قال الدارقطني إن كان ابن عيينة حفظه عن جعفر فيكون الاضطراب من جعفر!

وما ذكره ابن عيينة في متن الحديث ثبت أنه من جعفر من خلال مراجعة ابن عيينة له، والظاهر أنه ترك التحديث بذلك كما قال الدارقطني؛ لأن كل من رواه عنه غير ابن عيينة لم يذكر الصلاة عليه!

وتركه لهذا الذي راجعه فيه سفيان يدلّ على أنه لم يكن متمكناً من حديثه! فربما ظنّ في نفسه أنه أخطأ فترك التحديث بها! والله أعلم.

·       إيراد الحاكم حديث سفيان المتصل في «مستدركه على الصحيحين»!

وقد روى الحاكم في «مستدركه» (3/100) (4523) حديث سفيان في باب «مَقْتَلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الِاخْتِصَارِ» من طريق عَبْداللَّهِ بْن عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قال: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ مُسَجًّى، فَقَالَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ» ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنْ هَذَا الْمُسَجَّى».

·       رواية يحيى القطان لهذا الحديث عن جعفر الصادق بالإرسال:

وقد روى يحيى القطان هذا الحديث عن جعفر الصادق.

أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (44/453) من طريق مُسدد، عن يحيى، عن جعفر بن محمد، قال: تالله لحدثني أبي: «أنّ عليا دخل على عمر وهو مسجى بثوبه، فأثنى عليه، وقال: ما أحد من أهل الأرض ألقى الله بما في صحيفته أحبّ إليّ من المسجى بثوبه».

قال يحيى: ثم ذكر جعفر أبا بكر وأثنى عليه، وقال: «ولدني مرتين».

قال ابن عساكر: "وروي هذا عن جعفر من غير ذكر أبيه، ولا جابر فيه".

وذكره في «المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية» (15/733) (3881) من «مسند مُسدد».

·       تفضيل يحيى القطان مُجالد على جعفر في الرواية!

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: حَدَّثَنا عَلِيُّ بنُ المديني: سئل يَحْيى بن سَعِيد عَن جَعْفَر بْن مُحَمد؟ فقَالَ: "فِي نفسي مِنْهُ شيءٌ"، فقلت: فمجالد؟ قال: "مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ".

وقال ابن أبي خيثمة: رأيت في كتاب عليّ: قلت ليَحْيَى: مُجَالِد بن سعيد وجعفر بن مُحَمَّد؟ قالَ: "مُجَالِد أحب إليَّ من جعفر".

فتعقبه الذهبي في «السير» (6/256) فقال: "قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ زَلقَاتِ يَحْيَى القَطَّانِ، بَلْ أَجْمَعَ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ عَلَى أَنَّ جَعْفَراً أَوْثَقُ مِنْ مُجَالِدٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ يَحْيَى".

وقال في «تاريخ الإسلام» (3/829): "قُلْتُ: لَمْ يُتَابِعِ الْقَطَّانُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّ جَعْفَرًا صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَمُجَالِدُ لَيْسَ بِعُمْدَةٍ".

قلت: ليس من زلقات يحيى، ولا يوجد إجماع على أن جعفراً أوثق من مجالد!!

نعم، احتج مسلم ببعض حديث جعفر لا كلّ حديثه كما سأبين فيما بعد إن شاء الله.

فيحيى روى عن جعفر وعن مجالد، وليس كل من روى عنه يحيى يعد ثقة أو مقبولا فقد روى عنهما وتكلّم فيهما.

وقوله "أحب" يعني يُقدّمه.. لكن فيم يُقدّمه؟ التقديم هنا في الرواية لا في الاحتجاج أو أنه أوثق؛ لأن مجالدا أصلا حاله سيئة!! وقد ضعفه القطان. فحالهما تقريبا سواء.

قال عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفلاس: سَمِعْتُ يَحْيَى، يَقُولُ: "لوْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَهَا لِي مُجَالِدًا كُلَّهَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ فَعَلْتَ".

قال أَبُو مُوسَى بنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ وَمَاتَتْ، وَعَاصِمٌ فِي حِجْرِ جَدَّتِهِ، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَفَضَّلَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَعَ جَدَّتِهِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى عُمَرَ، قَالَ: «هِيَ أَحْوَجُ».

·       تفسير كلام يحيى في جعفر ومجالد وأنهما إذا لُقنا تلقنا!

قال أبو موسى ابن المثنى - في حديث رواه يحيى عن مجالد -: فَقُلْتُ لِيَحْيَى: قَالَ: عَنْ مَسْرُوقٍ؟ فَقَالَ: قَالَ لِي: عَنْ مَسْرُوقٍ، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ حَمَلْتَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ كُلُّهَا عَنْ مَسْرُوقٍ، أَوْ كَلَامًا نَحْوَهُ لَفَعَلَ".

قلت: وقوله: "لو حملته.." هو كقوله في جعفر بن محمد المتقدم الذي نشرحه في هذا البحث، أي لو أردت تلقينه هذا لحمله وحدّث به.

وروى العقيلي عن زكريا الساجي، عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى، قال: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَالِدٍ.

قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى، يُضَعِّفُهُ فِي الحَدِيثِ. [الضعفاء الكبير للعقيلي (4/232)].

·       لم يُحدّث عبدالرحمن بن مهدي عن جعفر بشيء!

وفي «إكمال تهذيب الكمال» (3/228): قال أبو يحيى - هو: الساجي -: سمعت ابن المثنى يقول: "ما سمعت عبدالرحمن بن مهدي يحدث عن سفيان عن جعفر بشيء، ولا عن غيره عنه بشيء قط، وسمعت يحيى يحدّث عنه".

وقال: وسمعت بنداراً يقول: "خط عبدالرحمن بن مهدي على حديث نيف وثمانين شيخا روى عنهم الثوري منهم: جعفر بن محمد، وقال: جعفر بن محمد يقول مرة عن أبيه، ومرة عن آبائه".

وقال أبو يحيى: "وبلغني عن ابن معين أو ابن سعيد أنه قيل له: يقدم مجالدا على جعفر بن محمد؟ فقال: كان جعفر أوثق من مجالد، ومن أين كان له أحاديث جعفر بن محمد، حديث جعفر مستقيم صحيح إذا حدث عنه الثقات، وإذا حدث عنه حماد بن عيسى ومغيث كاتبه فلا".

قال أبو يحيى: "ومغيث وعلي بن أبي علي اللهبي ونظراؤهما إنما كان جعفر يؤتى من قبلهم".

قال أبو يحيى الساجي: "كان جعفر بن محمد صدوقا مأمونا إذا حدث عنه الثقات فحديثه مستقيم، وإذا حدث عنه من دونهم اضطرب حديثه".

قلت: قد بينت فيما سبق أن الثقات يختلفون عليه، والاضطراب منه.

وقال ابن أبي خيثمة: سَمِعْتُ يَحْيَى بْن مَعِيْن يقول: "مُجَالِد بْن سَعِيد ثقة".

وَسَمِعْتُه مرة أخرى يَقُولُ: "مُجَالِد بن سَعِيد ضَعِيْف واهي الْحَدِيْث".

قلت لَهُ: كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد يقول: لو أردتُ أن يرفع لي مُجَالِد بن سَعِيد حديثه كله لرفعه؟ قَالَ: نعم.

قلت: ولِمَ يزيد؟ قَالَ: لضعفه.

فيحيى قد ضعّف جعفر بن محمد، ومجالد بن سعيد بالعلة نفسها، وهي: أنهما إذا حملتهما على شيء = أي لقنتهما، حملا ما حملتهما.

وعليه فقول يحيى القطان فيه ناتج عن خبرة لحديثه، ولهذا قال أحمد لما سئل عنه: "ليّنه يحيى".

وكلاهما كانا يزيدان في الإسناد، فيوصلان المرسل! فجلّ الاختلاف على جعفر في حديثه في أنه يرفع المرسل! وكان مجالد كذلك.

قال عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ مُجَالِدٍ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، وَحَرَّكَ يَدَهُ وَلَكِنَّهُ يَزِيدُ فِي الْإِسْنَادِ.

·       لم لمْ يرو البخاري عن جعفر الصادق؟!

واكتفى البخاري بذكر كلام يحيى لما ترجم له في «التاريخ الكبير»، وإيراده لقول يحيى القطان في ترجمته يُبيّن لنا لمَ لمْ يُخرّج البخاري حديثه في «صحيحه»!!

فهو أخذ بكلام يحيى في جعفر؛ لأنه شيخه، وخبر حديثه، ولا شك أن البخاري اطلع على حديث أيضاً، فرأى الاختلاف فيه، فأعرض عنه، ولم يخرج له في «الصحيح»! وإن كان أخرج له في «الأدب المفرد» واعتمد أقواله في «خلق أفعال العباد» في أبواب المعتقد.

ولجعفر أحاديث مسندة معظمها عن أبيه عن جابر، وسيأتي الكلام على بعضها إن شاء الله.

هل صحّ أن يحيى القطان كان يُحدّث عن جعفر الصادق خوفاً من جيرانه النوفليين؟!

قال أبو يحيى زكريا الساجي: وقال يحيى بن سعيد: "لولا جيراني هؤلاء النوفليين أخافهم ما حدثت عنه" - يعني جعفر بن محمد. [إكمال تهذيب الكمال (3/228)].

قلت: لم يذكر زكريا الساجي من حدّثه بهذا عن القطان!! فإن صحّ عنه فيكون هذا هو سبب تحديث القطان عن جعفر = وهو خوفه من جيرانه النوفليين؛ لأنهم أقرباء جعفر!

على أني أستبعد ذلك عن يحيى القطان!! ولو أنه كان يخافهم لما تكلّم فيه وضعّفه بسبب حفظه!

·       رواية مالك عن جعفر! وقرنه بغيره من الرفعاء!

لكن روى ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/332) قال: سَمِعْتُ مصعب بن عبدالله الزبيريّ يقول: سمعت الدراوردي يقول: "لم يَرْوِ مالك عن جعفر بن مُحَمَّد حتى ظهرَ أمْرُ بني العَبَّاس".

قال: وسَمِعْتُ مصعب بن عبدالله يقول: "كان مالك لا يروي عن جعفر بن مُحَمَّد حتى يضمَّه إِلَى آخر من أولئك الرفعاء، ثم يجعله بعده".

قلت: لعل ما رُوي عن مالك أنه لم يرو عن جعفر حتى ظهر أمر بني العباس فيه تقوية لما نُقل عن يحيى القطان أنه كان يحدّث عن جعفر خوفاً من جيرانه النوفليين!

والمعروف أن دولة بني العباس قامت سنة (132هـ)، وهم أبناء عمّ جعفر - رحمه الله -، ومالك عاش تقريباً (30) سنة بعد موت جعفر بن محمد (80 – 148هـ)، ووُلد مالك سنة (93هـ).

فالظاهر أن مالكاً لم يكن يرتضي جعفر بن محمد، وكان يقرنه بغيره من الرفعاء، ويؤخر ذكره في الرواية! = يعني لا يعتمد على روايته، وإنما يذكرها للاستشهاد أو أنه كان يخشى من التصريح باسمه خوفا من بطش بني أمية كما كانوا يصـرحون باسم زياد بن أبي سفيان وبعد ذلك صاروا يسمونه زياد بن أبيه.

مع أنه قد جاء ما يفهم منه معارضة بني العباس لرواية الناس عن جعفر الصادق - رضي الله عنه-، فقد قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/25): "وهب بن وهب أبو البختري القرشي القاضي ببغداد... حدثني أبي قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال قلت لأبي: زعم أبو البختري أنه رآك عند جعفر بن محمد؟! فقال: ما رآني ولا رأيته. كتب الفضل بن الربيع إلى أبي فقال: لا تحدث عن جعفر بن محمد، فقلت لأبي هذا أبو البختري ببغداد يحدث عن جعفر بن محمد بالأعاجيب ولا يُنهى؟ فقال: يا بني أما مَنْ يكذب على جعفر بن محمد فلا يبالون به واما من يصدق على جعفر فلا يعجبهم" وهذا يبين أن الكذب على جعفر كان قديما في حياته.

ومما يؤيد أن الكذب على جعفر - رحمه الله - فشا في حياته وفي الحجاز أيضا - ولعله من أسباب قلة رواية مالك عنه - ما رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (5/203) بإسناد صحيح عن عَبْدالرَّزَّاقِ بن هَمَّامٍ، عن مَعْمَرٍ، قَالَ: "قَالَ لِي أَيُّوبُ وَنَحْنُ هَا هُنَا: اذْهَبْ بِنَا إِلَى جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يَنْفِرُوا مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ مَعْمَرٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ أَيُّوبَ حَتَّى أَتَيْنَا فُسْطَاطَهُ فَإِذَا عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ وَهُوَ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فَلَمَّا بَصُرَ بِأَيُّوبَ قَامَ، فَخَرَجَ مِنْ فُسْطَاطِهِ حَتَّى اعْتَنَقَ أَيُّوبَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَحَوَّلَهُ إِلَى فُسْطَاطٍ آخَرَ، قَالَ مَعْمَرٌ: كَرِهَ أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُمْ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِطَبَقٍ مِنْ تَمْرٍ فَجَعَلَ يُنَاوِلُ أَيُّوبَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا إِلَى هَؤُلَاءِ بِطَبَقٍ فَإِنَّا إِنْ بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ تَرَكُونَا وَإِلَّا شَنَّعُوا عَلَيْنَا، فَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ؟ قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ أَمَرْتَ النَّاسَ أَنْ لَا يَدْفَعُوا مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، خِلَافَ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا وَيَرْوُونَ عَنَّا مَا لَا نَقُولُ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ عِنْدَنَا عِلْمًا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ، وَاللهِ إنَّ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَعِلْمًا لَيْسَ عِنْدَنَا وَلَكِنْ لَنَا حَقٌّ وَقَرَابَةٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ مِنْ حَقِّهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ حَتَّى رَأَيْتُ الدَّمْعَ يَجْرِي مِنْ عَيْنِ أَيُّوبَ".

وقد ذكر يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (3/57) أحد الوضاعين اسمه «أبو داود النخعي» فقال: "أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو، قَدَرِيٌّ، رَجُلُ سُوءٍ، كَذَّابٍ كَانَ يُكَذِّبُ مُجَاوِبَهُ. قَالَ إِسْحَاقُ: أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ: إِيشْ تَعْرِفُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ وَمَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مِنَ الطُّهْرِ؟ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ حَدَّثَنِي يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو طُوَالَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُهُ عَشْـرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مِنَ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَكَانَ هو وأبو البختري يضعون الحديث".

·       سبب قلّة رواية جعفر بن محمد!

وذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قالَ: "اخْتَلَفْتُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ زَمَانًا وَمَا كُنْتُ أَرَاهُ إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: إِمَّا مُصَلٍّ، وَإِمَّا صَائِمٌ، وَإِمَّا يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَمَا رَأَيْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ، وَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ، وَلَقَدْ حَجَجْتُ مَعَهُ سَنَةً فَلَمَّا أَتَى الشَّجَرَةَ أَحْرَمَ فَكُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ كَادَ يُغْشَى عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا بُدَّ لَكَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيَنْبَسِطُ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ، إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَقُولَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَيَقُولُ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ".

قَالَ مَالِكٌ: "وَلَقَدْ أحرم جدّه علي ابن حُسَيْنٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَوْ قَالَهَا غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ مِنْ نَاقَتِهِ فَهُشِّمَ وَجْهُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ".

فقلت: قول مالك أنه اختلف له زماناً فلم يكن يراه إلا في عبادته - مصليا، أو صائماً، أو قارئا للقرآن - يُفسّر لنا قلة حديثه، وإنه فضّل العبادة على التفرغ لرواية الحديث ومراجعته، ولهذا كان يضطرب في حفظه!!

وقد روى له مالك في «موطئه» - كما في المطبوع - (14) حديثاً كلها عن أبيه، (10) منها مرسلة، و(4) أحاديث مسندة عن جابر مأخذوة من حديث الحج الطويل المعروف.

قال ابن عبدالبر في «التمهيد» (2/67): "لِمَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي المُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم تِسْعَةُ أَحَادِيثَ، مِنْهَا خَمْسَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَصْلُهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ الحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي الحَجِّ، وَالْأَرْبَعَةُ مُنْقَطِعَةٌ تَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِنْ وُجُوهٍ".

·       سبب اضطراب الحفظ عند جعفر الصادق!

ومن أسباب اضطراب حديث جعفر وعدم حفظه له أنه لم يسمع حديثه الذي يرويه كلّه، وإنما يروي كثيراً منه من النسخ التي وجدها عند آل بيته!

قَالَ ابن عدي: "ولجعفر بن مُحَمد حديث كبير عَن أبيه عن جابر، وعن أبيه عن آبائه، ونُسخًا لأهل البيت برواية جَعْفَر بن مُحَمد".

وروى ابن عدي في «الكامل» في ترجمة «جعفر الصادق» من طريق سَعِيد بن الحكم بن أَبِي مَرْيَمَ، عَن أَبِي بَكْرِ بنِ عياش أَنَّهُ قيل لَهُ: مَا لَك لم تسمع من جَعْفَر بْن مُحَمد وقد أدركته؟! فقالَ: "سألناه عَما يُحدّث به من الأحاديث، أشيئا سمعته؟ قالَ: لا، ولكنها رواية رويناها عَن آبائنا".

وقال بُندار محمّد بن بشّار: "خطّ عبدالرحمن بن مهدي على حديث نيف وثمانين شيخا روى عنهم الثوري منهم جعفر بن محمد، وقال: جعفر بن محمد يقول مرة: عن أبيه، ومرة: عن آبائه".

وقال ابن سعد في كتاب «الطبقات الكبير»: "كان كثير الحديث، ولا يُحتج به ويُستضعف. سئل مرة: سمعت هذه الأحاديث التي تروي عن أبيك منه؟ فقال: نعم. وسئل مرة أخرى عن مثل ذلك فقال: إنما وجدتها في كتبه". [إكمال تهذيب الكمال (3/229)].

قال ابن حجر متعقباً ابن سعد في «تهذيب التهذيب» (2/104): "قلت: يحتمل أن يكون الأولان وقعا عن أحاديث مختلفة فذكر فيما سمعه أنه سمعه، وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدلّ على تثبته".

قلت: تأويل ابن حجر في تكلّف !!

لا نشك أن جعفر بن محمد سمع من أبيه بعض الأحاديث، لكن كثير من حديثه إنما رواه من كتب أبيه، والكتب التي عندهم، وهذا هو سبب اضطرابه في حديث، فكأنه كان إذا سئل عن حديث ما، هل سمعته من أبيك: قال: نعم، ظنّاً منه أن هذا مما سمعه من أبيه، ثم يتبين له أن ذاك الحديث مما وجده في كتب أبيه، وكتب آبائه.

ويؤيده قول أبي بكر ابن عيّاش: "سألناه عَما يُحدّث به من الأحاديث، أشيئا سمعته؟ قالَ: لا، ولكنها رواية رويناها عَن آبائنا"، فهو يسأله عن هذه الأحاديث التي سمعها ابن عياش منه، فأخبر أنه لم يسمعها، وإنما رواها مما عنده من كتب آبائه.

ولعل الكثير من تلك الأحاديث في كتبهم مرسلة؛ لأنه يكثر من الحديث المرسل عن أبيه.

ومما يؤكد فكرة أنه لم يسمع كل حديثه عن أبيه من أبيه مباشرة ما رواه عبدالرزاق في «المصنف» (5858) عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَ عَنْ أَبِيكَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبِسُ لِكُلِّ عِيدَيْنِ بُرْدًا، فَقَالَ: لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي أَنَّهُ قَالَ: «لَبِسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ عَرَفَةَ حُلَّةً - أَوْ بُرْدًا -».

وقد رواه في موطن آخر (5331) فقال: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبِسُ فِي كُلِّ يَوْمِ عِيدٍ بُرْدًا لَهُ، مِنْ حِبَرَةٍ» فلم يذكر القصة السابقة.

وما بيّناه من حال جعفر بن محمد واضطرابه في الحفظ وغير ذلك، لا يُعارض توثيق الأئمة له، فهو ثقة - رضي الله عنه -، لكنه في الرواية كان فيه شيء!

قال ابن محرز: سمعت يحيى يقول: "جعفر بن محمد بن علي: مأمون ثقة صدوق".

وقال الدارمي: سَأَلت يحيى بن معِين عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحُسَيْن؟ فَقَالَ: "ثِقَة".

وقال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه" قلت للشافعي، كيف جعفر بن محمد عندك؟ قال: ثقة" - في مناظرة جرت بينهما.

وقال أبو حاتم: "جعفر بن محمد: ثقة لا يسأل عن مثله".

وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة - وسئل عن جعفر بن محمد عن أبيه، وسهيل بن أبي صالح عن أبيه، والعلاء عن أبيه، أيها أصح؟ قال: "لا يقرن جعفر إلى هؤلاء" - يريد جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى.

ولما ذكره ابن شاهين في «الثقات» قال: "قال عثمان بن أبي شيبة - وسئل عنه-: مثل جعفر يسئل عنه! وهو ثقة إذا روى عنه الثقات".

وقال النسائي في كتاب «الجرح والتعديل»: "ثقة".

وقال البيهقي من كتاب «معرفة السنن والآثار»: "وجعفر ممن عرفت حاله وثقته وشهرته بالعلم والدين".

وقال العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد في كتابه «التعريف بصحيح التاريخ»: "كان إمام هدى وعلما من أعلام الدّين، وكان أكثر كلامه حكم".

وقال ابن حبان في «الثقات» (6/131): "كَانَ من سَادَات أهل البَيْت فقها وعلما وفضلا... يُحْتَج بروايته مَا كَانَ من غير رِوَايَة أَوْلَاده عَنهُ لِأَن فِي حَدِيث وَلَده عَنهُ مَنَاكِير كَثِيرَة، وَإِنَّمَا مرض القَوْل فِيهِ من مرض من أَئِمَّتنَا لما رَأَوْا فِي حَدِيثه من رِوَايَة أَوْلَاده، وَقد اعْتبرت حَدِيثه من الثِّقَات عَنهُ مثل ابن جريج والثَّوْري وَمَالك وَشعْبَة وَابْن عُيَيْنَة ووهب بن خَالِد ودونهم فَرَأَيْت أَحَادِيث مُسْتَقِيمَة لَيْسَ فِيهَا شَيْء يُخَالف حَدِيث الْأَثْبَات، وَرَأَيْت فِي رِوَايَة وَلَده عَنهُ أَشْيَاء لَيْسَ من حَدِيثه، ولَا من حَدِيث أَبِيه، وَلَا من حَدِيث جده، وَمن الْمحَال أَن يلزق بِهِ مَا جنت يدا غَيره".

قلت: من مرّض القول فيه ليس بسبب ما يرويه أولاده عنه من مناكير!! بل بسبب اضطراب حفظه، وما يرويه عنه هؤلاء الثقات يروون ما سمعوه منه، وهو من كان يغلط في حديثه، فيوصل المرسل، ونحو ذلك.

·       إخبار يحيى القطان بأن جعفراً كان يحفظ حديث أبيه المسند في الحج.

قال ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (2/333): ورَأَيْتُ في كتاب عليٍّ - يعني: ابن المديني -: قَالَ يَحْيَى بن سعيد: "أملى عليَّ جعفر بن مُحَمَّد الحَدِيْث الطويل؛ يعني: حديث جابر في الحج".

وقال ابن أَبي مريم، عن يَحْيَى بن معين، قال: "كنت لا أسأل يَحْيَى بن سَعِيد عن حديثه، فقالَ لي: لم لا تسألني عن حديث جعفر بْن مُحَمَّد؟ قلت: لا أريده، فقالَ لي: إن كَانَ يحفظ فحديث أبيه المسند - يعني حديث جابر في الحج –".

قلت: وهذا يعني أن يحيى بن معين لم يكن يعتدّ بجعفر أيضاً مع أنه وثقه!!

قَالَ يَحْيى بن مَعِين: "وهو - أي: جعفر - ثقة. وخرج حفص بن غِيَاثٍ إِلَى عَبَّادَانَ، وَهو مَوْضِعُ رباطٍ فاجتمع إليه البصريون فقالوا لَهُ: لا تحدثنا عَن ثلاثة، أَشْعَث بنِ عَبدالمَلِكِ، وعَمْرو بنِ عُبَيد، وجَعْفَرِ بنِ مُحَمد! فقال: أما أشعث فهو لكم وأنا أتركه لكم، وأما عَمْرو بن عُبَيد فأنتم أعلم به، وأما جَعْفَر بن مُحَمد فلو كنتم بالكوفة لأَخَذَتْكُمُ النِّعَالُ المُطْرَقَةُ".

وفي رواية حُسَيْن الجعْفِيّ كما عند العجلي في «الثقات» عَن حَفْص بن غياث قَالَ: "أما جَعْفَر بن مُحَمَّد فَلم أكن لأدع الحَدِيث عَنهُ لِقَرَابَتِهِ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولفضله، وَأما أَشْعَث بن سوار فَهُوَ رجل منا من أهل الْكُوفَة فَلم أكن لأدع الحَدِيث عَنهُ، وَأما أَشْعَث بن عبدالملك فَهُوَ رجل من أهل البَصْرَة فَأَنا أَدَعهُ لكم".

وقال عباس الدوري «تاريخ ابن معين - رواية الدوري» (4/296): سَمِعت يحيى يَقُول: قَالَ لي يحيى بن سعيد، مَا لك لَا تسْأَل عَن حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد؟ فَقلت: مَا أصنع بهَا؟ فقالَ يحيى بن سعيد: "كَانَ يحفظ هَذِه الْأَحَادِيث الْأَسَانِيد".

قالَ يحيى - يعني: ابن معين -: "كَانَ جَعْفَر بن مُحَمَّد ثِقَة مَأْمُونا".

وروى ابن عدي في «الكامل» (2/359) من طريق القعنبي، عن سُلَيْمَان بن بلال، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ حَجَّ».

قالَ ابن عدي: "وهذا الحَدِيث حدث به عَن جَعْفَر جماعة من الأئمة، لم يرو هَذَا الحَدِيث عَنْهُ أطول مما رواه عَنْهُ حاتم بْن إسماعيل وبعده يَحْيى بن سَعِيد القطان. وروي عَن الثَّوْريّ عَن جَعْفَر وليس بالطويل، وحدث عَنْهُ مَالِك فِي الموطأ بأحرف من هَذَا الحَدِيث، وحدث عَنْهُ غيرهم مقدار عشرين نفسا أو أقل".

·       رواية يحيى القطان لحديث الحجّ عن جعفر الصادق:

وحديث الحج رواه يحيى بن سعيد القطان عن جعفر.

رواه أحمد في «مسنده» (22/325) (14440) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قالَ: «أَتَيْنَا جَابِرَ بنَ عَبْدِاللهِ وهُوَ فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَكَثَ بِالمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ هَذَا الْعَامَ، قَالَ: فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَفْعَلَ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ، نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟، قَالَ: اغْتَسِلِي، ثُمَّ اسْتَذْفِرِي بِثَوْبٍ، ثُمَّ أَهِلِّي، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، وَلَبَّى النَّاسُ، وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ، وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْمَعُ، فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي، وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَاكِبٍ، وَمَاشٍ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ شِمَالِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ جَابِرٌ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ، فَاسْتَلَمَ نَبِيُّ اللهِ الحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةً، وَمَشَى أَرْبَعَةً، حَتَّى إِذَا فَرَغَ، عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَرَأَ، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] - قَالَ أَبُو عَبْدِاللهِ يَعْنِي جَعْفَرًا: - فَقَرَأَ فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ، و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثُمَّ اسْتَلَمَ الحَجَرَ، وَخَرَجَ إِلَى الصَّفَا، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158]، ثُمَّ قَالَ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ، فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَصَدَقَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ "، ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا الكَلَامِ، ثُمَّ نَزَلَ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي، رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا، فَلَمَّا كَانَ السَّابِعُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، وَهُوَ فِي أَسْفَلِ الْمَرْوَةِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا، أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ، فَقَالَ: لِلْأَبَدِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَدِمَ بِهَدْيٍ وَسَاقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَدْيًا، فَإِذَا فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَدْ حَلَّتْ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَمَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ - قَالَ جَعْفَرٌ: قَالَ أَبِي: هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِرٌ - فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا أَسْتَفْتِي بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ، قُلْتُ: إِنَّ فَاطِمَةَ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، وَقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهِ أَبِي، قَالَ: صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، أَنَا أَمَرْتُهَا بِهِ، قَالَ جَابِرٌ: وَقَالَ لِعَلِيٍّ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: وَمَعِي الهَدْيُ، قَالَ: فَلَا تَحِلَّ، قَالَ: فَكَانَتْ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي أَتَى بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقَالَ: قَدْ وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».

وفي «مسائل أبي داود لأحمد» (682) قال: سمعت أحْمَد قال: فإذا قدمت - إن شاء اللَّه - مكة فإن يحيى بن سعيد حدثنا قال: أنبأنا جعفر بن محمد، فذكره.

ورواه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (4/93) (2126) عن أَبي خَيْثَمَةَ زهير بن حربٍ. وابن الجارود كما في «المنتقى» (465) عن عَبْداللَّهِ بن هَاشِمٍ، كلاهما عن يَحْيَى بن سَعِيدٍ، به، بطوله.

وروى كثير من أهل العلم في كتبهم أجزاءاً منه من طريق يحيى بن سعيد، منهم:

القاسم بن سلاّم في «الناسخ والمنسوخ» (330).

ومسلم في «صحيحه» (2/869) (1210) عن أَبي غَسَّانَ مُحَمَّد بن عَمْرٍو، عن جَرِير بن عَبْدِالحَمِيدِ.

وحفص بن عمر في «جزء قراءات النبي صلى الله عليه وسلم» (20) عن أَحْمَد بن إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيّ.

والدارمي في «مسنده» (2/1139) (1846) عن عُثْمَان بن مُحَمَّدٍ، عن جَرِير.

والفاكهي في «أخبار مكة» (1/449) (984)، و(4/218) (2551)، و(4/291) (2690)، و(4/297) (2709)، و(5/17) (2803)، عن عَبْداللهِ بن هَاشِمٍ الطُّوسِيّ.

وأبو داود في «سننه» (2/187) (1909) عن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ. و(4/31) (3969) عن نَصْر بن عَاصِمٍ.

والنسائي في «السنن الكبرى» (1/160) (219) عن مُحَمَّد بن قُدَامَةَ، عَنْ جَرِيرٍ.

و(1/182) (280) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى، ويَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ.

و(4/38) (3678)، (4/81) (3709)، (4/206) (4119) عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى أبي موسى الزَّمِن.

و(4/49) (3706)، (4/139) (3948)، (4/140) (3950)، (4/145) (3964)، (4/158) (3994)، (4/173) (4037)، (4/202) (4105) عن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيّ.

وابن خزيمة في «صحيحه» (4/161) (2594)، و(4/173) (2626)، و(4/228) (2754)، و(4/230) (2757)، و(4/254) (2815)، و(4/271) (2857) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ بُنْدَار.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (2/364) (3454) عن يُوسُف بن يعقوب القاضي، عن مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المقدمي.

وابن عدي في «الكامل» (2/360) عن مُحَمد بنُ جَعْفَرٍ الإِمَام، عن عُثْمَان بن أَبِي شيبة، عن جَرِير.

وأبو نُعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (3/302) (2793) عن أبيه، عن عبدان، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، عن جَرِير.

وعن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ بن حُبَيْش، عن مُحَمَّد بن هَارُونَ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، عن جَرِير.

وعن عَبْداللَّهِ بن مُوسَى الهَاشِمِيّ، عن عِيسَى بن سُلَيْمَانَ القُرَشِيّ، عن عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ. وعن أَبي مُحَمَّد ابن حَيَّانَ، عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، عن يُوسُف بن مُوسَى، كلاهما عن جَرِير.

وأبو نُعيم في «الحلية» (3/199) عن أبيه، عن صهبان بن أحمد، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير.

كلهم (أبو عُبيد القاسم بن سلام، وجرير بن عبدالحميد، وأَحْمَد بن إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيّ، وعبدالله بن هاشم الطوسي، ويَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيّ، ونصر بن عاصم الأنطاكي، وعَمْرو بن عَلِيٍّ الصيرفيّ، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى الزمن، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وبُندار) عن يحيى بن سعيد القطان.

قال أبو نُعيم الأصبهاني في «الحلية» (3/199): "هذا حديث صحيح ثابت. أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي غسان محمد بن عمرو عن جرير. ويحيى بن سعيد الأنصاري من تابعي أهل المدينة".

وقال في موضع آخر (9/224): "ثَابِتٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرٍ".

وروى مسلم أيضاً حديث الحج بطوله بزيادات في «صحيحه» (2/ 886) (1218) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ حَاتِم بنِ إِسْمَاعِيلَ المَدَنِيّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، فَسَأَلَ عَنِ القَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ، يَا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ، وَهُوَ أَعْمَى، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ، عَلَى الْمِشْجَبِ، فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ.

قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ - وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} و{َقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} [البقرة: 158] «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ: مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ، فَقَالَ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً»، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» مَرَّتَيْنِ «لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ» وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ، بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟» قَالَ قُلْتُ: اللهُمَّ، إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: «فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ» قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً، قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى البَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: «انْزِعُوا، بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ.

قال مسلم: وحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ: حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَتِ الْعَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ أَبُو سَيَّارَةَ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ، فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، لَمْ تَشُكَّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ مَنْزِلُهُ، ثَمَّ فَأَجَازَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ، حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ.

قلت: هذا الحديث رواه جماعة عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، منهم إسماعيل بن جعفر كما عند القاسم بن سلام في «الناسخ والمنسوخ» (30)، ووُهيب بن خالد كما عند أبي يعلى الموصلي في «مسنده» (2027)، وهو حديث جليل جامع.

·       المقارنة بين روايتي حاتم بن إسماعيل ويحيى القطان:

وهناك زيادات كبيرة في حديث حاتم بن إسماعيل على حديث يحيى القطان عن جعفر! وزيادة قليلة في حديث يحيى لا توجد في حديث حاتم!

فمما زاد فيه حاتم: "دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ، فَسَأَلَ عَنِ القَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ، يَا ابْنَ أَخِي، سَلْ عَمَّا شِئْتَ، فَسَأَلْتُهُ، وَهُوَ أَعْمَى، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ، عَلَى الْمِشْجَبِ، فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تسعاً".

"فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ".

"ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: «انْزِعُوا، بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ".

وهذا كلّه لا يوجد في حديث يحيى القطان عن جعفر!!

وزاد يحيى في حديثه عن جعفر: "قَدْ نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفَ بِالمُزْدَلِفَةِ، فَقَالَ: قَدْ وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ".

وهذه لا توجد عند حاتم بن إسماعيل!

لكن رُويت عن جعفر من طريق آخر:

رواه مسلم في «صحيحه» (2/893) (1218) قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».

فلا أدري هل كان جعفر بن محمد يختصر الحديث أحياناً، ويحدّث به مُطولاً أحياناً!!

وهل كان يضبط الحديث أم لا؟!!

ولعل هذا وما نقله البخاري عن يحيى القطان فيه وسبر البخاري لحديثه جعله يترك حديثه بالكلية، ولم يخرّج منه شيئاً !! والله أعلم.

·       هل أعلّ ابن المديني حديث الحج الطويل كما نقل عنه الباجي؟!

قال الباجي في ترجمة «حاتم بن إسماعيل» من كتابه «التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» (2/524): "قالَ عَليّ بن المَدِينِيّ: حَاتِم بن إِسْمَاعِيل روى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَحَادِيث مَرَاسِيل أسندها، مِنْهَا حَدِيث جَابر الحَدِيث الطَّوِيل: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَج، وحَدِيث يحيى بن سعيد عَن جَعْفَر إرساله أثبت".

ونقله أيضاً مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (3/270)، ويُحتمل أنه نقله من كتاب الباجي؛ لأنه أقدم منه، والله أعلم.

وبحسب ما نقله الباجي عن ابن المديني فإن حاتم بن إسماعيل روى حديث الحج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر فأسنده، وهو في الأصل مرسل دون ذكر "جابر" كما رواه يحيى القطان، وقال بأن الإرسال أثبت!!

لكن قد تقدّم أن يحيى القطان أسنده كما أسنده حاتم ولم يرسله!! رواه عن يحيى جماعة كبيرة وأسنده عنه، منهم: أحمد، وأَبو خَيْثَمَةَ، وعَبْداللَّهِ بن هَاشِمٍ الطوسي، وجَرِيرُ بنُ عَبْدِالحَمِيدِ، وأبو عُبيد القاسم بن سلام، وأَحْمَد بن إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيّ، ويَعْقُوب بن إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيّ، ونصر بن عاصم الأنطاكي، وعَمْرو بن عَلِيٍّ الصيرفيّ، ومُحَمَّد بن المُثَنَّى الزمن، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وبُندار.

وقد أسنده أيضاً عن جعفر: إسماعيل بن جعفر، ووهيب بن خالد، ولم يرسله أحد عن جعفر!!

فلا أدري هل أتقن الباجي النقل عن ابن المديني أم أن ابن المديني كانت عنده رواية ليحيى مرسلة! فعلل بها رواية حاتم المسندة!! فالله أعلم.

ويُحتمل أن مغلطاي لم ينقل ذلك من كتاب الباجي إذ مصادره واسعة، فربما كانت عنده نسخة من علل ابن المديني وفيها كلام ابن المديني هذا، فإن صحّ ذلك فلا يوافق ابن المديني على قوله هذا؛ لأن المحفوظ عن يحيى أنه أسند هذا الحديث كما أسنده حاتم ولم يرسله!

وإن صحّ أن ابن المديني علله بالإرسال! فيُحتمل أن هذا ما جعل البخاري لا يخرّجه في «صحيحه»، والله أعلم.

·       أحاديث أخرى رواها يحيى القطان عن جعفر الصادق:

ومما وجدته من الأحاديث التي رواها يحيى القطان عن جعفر بن محمد:

·       الحديث الأول: حديث أبي هريرة القراءة في الجمعة:

روى أحمد في «مسنده» (15/339) (9550) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدِاللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ - وكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيٍّ -، قَالَ: «كَانَ مَرْوَانُ يَسْتَخْلِفُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المَدِينَةِ، فَاسْتَخْلَفَهُ مَرَّةً فَصَلَّى الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا عَلِيٌّ، قَالَ: قَرَأَ بِهِمَا حِبِّي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وقد رواه عن جعفر جماعة غير يحيى، منهم: سليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، والدراوردي، وعبدالوهاب الثقفي، وابن جريج، وسفيان الثوري.

وخرّج مسلم في «صحيحه» (2/597) (877) حديث سُلَيْمَان بن بِلَالٍ، وعَبْدالعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ، كِلَاهُمَا عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِاللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، به.

وخرّج الترمذي في «جامعه» (1/652) (519) حديث حَاتِم بن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ.

وقال: "حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

كذا رواه جعفر بن محمد، عن أبيه، عبيدالله بن أبي رافع، عن أبي هريرة.

وخالفه الحكم بن عُتيبة الكوفي، فرواه عن محمد بن عليّ والد جعفر، عن أبي هريرة، ولم يذكر "عبيدالله بن أبي رافع"!

رواه أحمد في «مسنده» (16/79) (10036) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، وَبَهْزٌ، المَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، - قَالَ بَهْزٌ فِي حَدِيثِهِ: أَخْبَرَنِي الحَكَمُ -، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ عَلِيًّا، يَقْرَأُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا».

وقد سُئِلَ الدارقطني في «العلل» (9/30) (1625) عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ بالجُمُعَةِ والمُنَافِقِينَ؟

فقال: "يَرْوِيهِ عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَهُ عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَابْنُ الْهَادِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُالْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ...

ورَوَاهُ دَاوُدُ بنُ عِيسَى النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

ورَوَاهُ الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا أحدا.

والصحيح قول يحيى القطان ومن تَابَعَهُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ.

وقَالَ شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلٌ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ".

قلت: لا أدري هل ضبطه جعفر بن محمد عن أبيه أم لا!! فالله أعلم.

·       الحديث الثاني: حديث أم سلمة الأكل من كتف الشاة ثم الصلاة:

روى أحمد في «مسنده» (44/108) (26502) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفًا، فَجَاءَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً».

أخرجه النسائي في «سننه» (1/107) (182) عن مُحَمَّد بن المُثَنَّى.

وابن خزيمة في «صحيحه» (1/28) (44) عن بُنْدَار محمد بن بشار.

كلاهما عن يَحْيَى بن سَعِيد القطان، به.

وقد روى هذا الحديث غير واحد عن جعفر بهذا الإسناد، منهم: سليمان بن بلال، وحفص بن غياث، والسري بن عبدالله، وعليّ بن غراب، وحاتم بن إسماعيل في الراجح عنه.

كذا تفرد به جعفر بن محمد، عن أبيه، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.

وقال الدارقطني في «العلل» (3989): "يرويه جعفر بن محمد، واختلف عنه: فرواه حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن زينب، عن أم سلمة.

ووهم في قوله: عن الحسين، وإنما رواه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن زينب، عن أم سلمة.

كذلك رواه سليمان بن بلال، ويحيى القطان، وحفص بن غياث، والسري بن عبد الله، وعلي بن غراب.

ورواه أبو جعفر الرازي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن أم سلمة، ولم يذكر فيه زينب.

والصحيح قول من قال: عن علي بن حسين، عن زينب".

والحديث صحّ ابنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ عَرْقًا، أَوْ لَحْمًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً».

·       الحديث الثالث: حديث جابر في الغُسل من الجَنابة:

روى أحمد في «مسنده» (22/319) (14430) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قَال: قَالَ لِي جَابِرٌ، قَالَ: سَأَلَنِي ابنُ عَمِّكَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ عَنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ، فَقُلْتُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ بِيَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا»، فَقَالَ: إِنِّي كَثِيرُ الشَّعْرِ، فَقُلْتُ: «مَهْ يَا ابنَ أَخِي، كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ».

أخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (4/208) (2320) عن عُبَيْدِاللَّهِ بن عُمَرَ القَوَارِيرِيّ.

وابن خزيمة في «صحيحه» (1/121) (243) عن مُحَمَّد بنِ بَشَّارٍ.

وأبو العباس السراج في «حديثه» (3/58) (1861) عن عَبْدِاللَّهِ بن هَاشِمٍ.

وأبو نُعيم الأصبهاني في «مستخرجه» (1/374) (735) من طريق مُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ.

كلهم عن يحيى بنِ سَعِيدٍ القطان، به.

ورواه جماعة عن جعفر الصادق بهذا الإسناد، منهم: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، ووهيب بن خالد، وعبدالوهاب الثقفي، وحفص بن غياث.

ولفظ حديث ابن عيينة: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْرُفُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا مِنَ الْجَنَابَةِ. فَقَالَ حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ علي لجابر: إِنِّي كَثِيرُ شَعَرِ الرَّأْسِ وَلا يَكْفِينِي. فَقَالَ جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ شَعَرًا مِنْكَ وَأَطْيَبَ».

ولفظ حديث وُهَيْب: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ جُنُبًا، يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِنْ مَاءٍ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ شَعْرِي أَكْثَرُ مِنْ ذَاكَ، قَالَ: وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الْحَسَنِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، كَانَ شَعْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ».

ولفظ حديث عَبْدِالوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِنْ مَاءٍ. فَقَالَ لَهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ».

ولفظ حديث حَفْص بن غِيَاثٍ: «أَنَّ أُنَاسًا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَقَالُوا: إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ فَقَالَ: إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَحْفِنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ».

والحديث رُوي عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر من طريق آخر.

رواه البخاري في «صحيحه» (1/60) (252) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الغُسْلِ، فَقَالَ: «يَكْفِيكَ صَاعٌ»، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: «كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ» ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ.

ثم رواه أيضاً (255) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مِخْوَلِ بنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْرِغُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثًا».

وروى مسلم في «صحيحه» (1/259) (328) من طريق هُشَيْم، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ: «أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ أَرْضَنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ فَكَيْفَ بِالْغُسْلِ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُفْرِغُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا»

وروى عبدالرزاق في «مصنفه» (1/263) (1006) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ كَيْفَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: «أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا» قَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ، قَالَ جَابِرٌ: «شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ مِنْ شَعْرِكَ».

وروى أحمد في «مسنده» (23/266) (15021) من كريق ابْنِ إِسْحَاقَ، عن بَشِير بن أَبِي بَشِيرٍ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، يَسْأَلُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللهِ الْأَنْصَارِيَّ أَخَا بَنِي سَلِمَةَ عَنِ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِنَّ شَعْرَ رَأْسِي كَثِيرٌ، وَأَخْشَى أَنْ لَا تَغْسِلَهُ ثَلَاثُ غَرَفَاتٍ بِيَدَيَّ. فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ: رَأْسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ، وَأَطْيَبَ مِنْ رَأْسِكَ».

·       الحديث الرابع: حديث جابر التشهد في الخطبة:

روى أحمد في «مسنده» (22/320) (14431) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - قَالَ يَحْيَى: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ - وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ أَعْلَى بِهَا صَوْتَهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، ثُمَّ يَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وَأَوْمَأَ وَصَفَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ، والوُسْطَى».

أخرجه النسائي في «سننه» (3/58) (1311) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، عن يَحْيَى، به.

وقد رواه غير واحد عن جعفر، منهم: مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ، وعَبْدُالوَهَّابِ بنُ عَبْدِالمَجِيدِ الثقفي، وسُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، وسفيان الثوري، وأَنَس بنُ عِيَاضٍ، ومُحَمَّدُ بنُ مَنْصُورٍ الزَّعْفَرَانِيُّ.

ولفظ حديث عَبْدالوَهَّابِ بن عَبْدِالمَجِيدِ كما هو عند مسلم في «صحيحه»: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وعَلَيَّ».

ولفظ حديث سُفْيَان الثوري كما عند مسلم وغيره: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ، فَيَحْمَدُ اللهَ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَيَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ. مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِلْوَرَثَةِ، ومَنْ تَرَكَ ضَيَاعًا أَوْ دَيْنًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ، وَأَنَا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ».

قال أبو نُعيم في «الحلية» (3/189): "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَوَاهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ".

قلت: تفرد به جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.

وقال الدارقطني في «العلل» (13/323) (3195): "يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ واختلف عنه:

فرواه أبو أويس، وأبو ضمرة، وعبدالوهاب الثقفي، ويحيى بن سعيد، عن جعفر، عن جابر، وأرسله ابن عيينة، عن جعفر، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وهو صحيح عن جابر".

قلت: ابن عيينة قديم السماع من جعفر، فلعله كان يرسله قديما ثم وصله فيما بعد، والله أعلم.

·       الحديث الخامس: النهي عن الحصاد بالليل:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (5/567) (924)] قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قال: حدثنا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ - رَضِيَ الله عَنْهم -، قال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حصاد الليل وجذاذ اللَّيْلِ».

وقد رواه عن جعفر جماعة، منهم: عَبْدُالعَزِيزِ بنُ مُحَمَّدٍ الدراوردي، وسُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، وسُفْيَانُ الثوريّ، وشُعْبَةُ، وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وحفصُ بنُ غياثٍ، ومَعمر، ومروان بن معاوية الفزاري،

وفي رواية شعبة: "قَالَ جَعْفَرٌ: نَرَى إِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُهُ الْفُقَرَاءُ والمَسَاكِينُ".

وفي راية ابن عيينة: "فَقَالَ: حَتَّى يَكُونَ بِالنَّهَارِ، وَيَحْضُرَهُ الْمَسَاكِينُ".

وقد سُئِلَ عنه الدراقطني في «العلل» (3/104) (306)، فقال: "هو حديث يرويه جعفر بن محمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ.

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَكَّامٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ.

وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، عَنْ شُعْبَةَ وَابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ عَلِيًّا.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَابُ جَعْفَرٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُرْسَلًا.

وهُوَ الصَّوَابُ".

كذا ذكر الدارقطني رواية سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ.

لكن عند أبي داود في «المراسيل» مثل رواية الجماعة، ولم يذكر "عليا"!!

·       الحديث السادس: قسم النبيّ صلى الله عليه وسلم بين نسائه:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (8/129) (1579)] قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عن أبيه - رَضِيَ الله عَنْه – قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ إِلَى نِسَائِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَيَعْدِلُ بينهن فِي القَسْمِ».

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (2/178) قال: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يحمل في ثوب يطوف بِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ».

وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (7/478): "وأسنده ابن الجَوْزِيّ فِي كتاب «الوفا» من حَدِيث الحَارِث بن أبي أُسَامَة، حدثَنَا مُحَمَّد بن سعيد، حدثَنَا أنس بن عِيَاض، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحْمل فِي ثوبٍ، يطوف بِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَهُوَ مَرِيض، يُقَسِّم بَينهُنَّ».

وهَذَا إِسْنَاد كل رِجَاله ثِقَات، لكنه لَيْسَ بِمُتَّصِل".

قلت: كأنه لم يره عند ابن سعد في «الطبقات» وكذا ابن الجوزي فوجده عند الحارث بن أبي أسامة في «مسنده».

وذكره ابن حجر في «التلخيص الحبير» (3/294)، وقال: "ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ".

·       الحديث السابع: إهداء الخمر:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (8/611) (1802)] قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عن أبيه، قال: «أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُزَادَةً مِنْ خَمْرٍ فَأَمَرَ بِبَيْعِهَا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حرم بيعها فامر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوِكَائِهَا فَفُتِحَ».

لم أجده في أيّ كتاب آخر عن جعفر الصادق! وهو مرسل.

·       الحديث الثامن: حديث الشاهد واليمين:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (10/210) (2191)] قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِلْحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ: «أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ». قَالَ أَبِي: "وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ الله عَنْهُ قَضَى بِهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ".

ورواه علي بن محمد الحميري في «جزئه» (9) عن أَبي كُرَيْبٍ، عن ابن إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَضَى بِشَاهِدٍ، وَيَمِينِ الطَّالِبِ». وَقَضَى بِهِمَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ.

وهذا الحديث رواه جماعة كبيرة عن جعفر بمثل حديث يحيى القطان، مرسلاً.

ورواه عَبْدُالوَهَّابِ بنُ عَبْدِالمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ.

وخالف غيره فزاد فيه: "جابر بن عبدالله".

وقد أورد بعض الأئمة هذا الحديث في ترجمة «عبدالوهاب» على أنه قد أخطأ فيه على جعفر، فزاد في إسناده كما فعل العقيلي، فإنه قال بعد ذكره في ترجمته: "وَقَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَعَبْدُالعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا جَابِرًا".

وروى الترمذي في «جامعه» (3/21) (1345) رواية عبدالوهاب المتصلة، ثم ساق رواية إِسْمَاعِيل بن جَعْفَرٍ، عن جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، المرسلة، ثم قال: "وهَذَا أَصَحُّ. وَهَكَذَا رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلاً".

وهناك من قَبِل رواية عبدالوهاب؛ لأنه ثقة!

روى أصحاب الشَّافِعِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ يُنَاظِرُهُ قَالَ: "فَقُلْتُ لَهُ: رَوَى الثَّقَفِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ".

ولما روى عبدالله بن أحمد عن أبيه حديث عَبْدالوَهَّابِ الثَّقَفِيّ في «مسنده» (22/181) (14278)، قَالَ عبدالله: "كَانَ أَبِي قَدْ ضَرَبَ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ، قَالَ: وَلَمْ يُوَافِقْ أَحَدٌ الثَّقَفِيَّ عَلَى جَابِرٍ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَرَأَهُ عَلَيَّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ صَحَّ".

قلت: بل وافقه جماعة كما أشرت إليه قبل في ذكر بعض أوهام جعفر الصادق، والاضطراب في الحديث منه.

وقد تبين لي أن أكثر أوهامه في زيادة "جابر" في الأحاديث التي أصلها مرسل عن أبيه!!!

·       الحديث التاسع: حديث أتصلي الصبح أربعاً؟!

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (1/495) (927)] عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عن أبيه: «أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة، فخرج فإذا هو بابن القشب يصلي ركعتين، فقال: أتصلي الصبح أربعًا!».

ورواه سُفْيَان الثوري، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ  أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حِينَ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَمَرَّ بِابْنِ الْقَشِبِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ لِابْنِ القَشِبِ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا!».

ورواه حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه، قال: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأخذ بلال في الإقامة، فقام ابن بُحَيْنَة يصلي ركعتين، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم منكبه، وقال: يا ابن القشب، تصلي الصبح أربعا!».

ورواه حَمَّادُ بنُ عِيسَى، وحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ، كلاهما عن جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلاةِ الصُّبْحِ وَمَعَهُ بِلالٌ فَرَأَى ابْنَ بُحَيْنَةَ يُصَلِّي فَضَرَبَ مَنْكِبَهُ فَقَالَ يَا ابْنَ الْقِشْبِ أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا».

ورواه سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَمَرَّ بِي وَضَرَبَ مَنْكِبِيَّ، وقَالَ: تُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا!».

ورواه ابنُ جُرَيْجٍ، عن جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَابْنُ الْقِشْبِ يُصَلِّي، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْكِبَهُ وَقَالَ: يَا ابْنَ الْقِشْبِ تُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا، أَوْ مَرَّتَيْنِ!». الشك من ابن جُريج، وفي رواية الشك من مَخْلَد بن يَزِيدَ الراوي عن ابن جُريج.

وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (2/350) (425): سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليد بن مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَينة، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبدِاللهِ بنِ مالكٍ ابنِ بُحَيْنَةَ: «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ وابنُ القِشْبِ (4) يصلِّي - وَقَدْ أقيمَتِ الصَّلاة - فَقَالَ: يَا ابْنَ القِشْبِ، أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أرْبَعًا؟!».

قالَ أَبِي: "هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: جعفرٌ، عَنْ أَبِيهِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم... مُرسَلً، وَلَيْسَ لابْنِ بُحَيْنَةَ أصلٌ".

قلت: يقصد ليس لابن بحينة أصل في حديث محمد بن علي بن الحسين، وإلا فالحديث صحيح من حديثه، رواه البخاري من حديث حَفْص بن عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَثَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصُّبْحَ أَرْبَعًا، الصُّبْحَ أَرْبَعًا».

قلت: كأن أبا حاتم جعل العهدة في الحديث على الوليد بن مسلم؛ لأنه رجّح أن الصواب: عن جعفر، عن أبيه، مرسلاً!

لكن الوليد لم يُخطىء فيه على ابن عيينة؛ لأن سليمان بن بلال، وابن جريج روياه بمثل حديث الوليد عن ابن عيينة، عن جعفر!

 وهذا يدلّ على أن جعفر بن محمد كان يضطرب في هذا الحديث، فأحياناً يذكر: "عبدالله بن مالك ابن بُحينة" في إسناد الحديث، وأحياناً يرسله، فلعلّ هذا مما حُمل عليه بذكره لابن بُحينة في إسناده؛ لأن الحديث حديثه، والله أعلم.

·       الحديث العاشر: حديث الصلاة في الكعبة:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: (7/115) (1300)] قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قال: حدثني أبي، قال: سُئِلَ عَلِيُّ بن الحسين - رَضِيَ الله عَنْهما - عَنِ الصَّلَاةِ فِي الكَعْبَةِ، فَقَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي الحُسَيْنِ بن علي رَضِيَ الله عَنْهما فِي الكَعْبَةِ».

أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (3/369) (15019) عن يحيى بن سعيد، به.

وأخرجه الأزرقي في «أخبار مكة» (1/269) من طريق مُسْلِمِ بنِ خَالِدٍ الزنجي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الكَعْبَةِ بَيْنَ العَمُودَيْنِ».

ومسلم بن خالد فقيه، ضعيف في الحديث، فالله أعلم إذا ضبط هذه الرواية!

·       الحديث الحادي عشر: حديث المسابقة بين الخيل والإبل:

روى مُسَدَّدٌ في «مسنده» [كما في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: (5/342) (4808)] قَالَ: حدثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سبَّق بَيْنَ الخَيْلِ والْإِبِلِ».

وهو حديث مرسل، ولم أجده في أيّ كتاب آخر عن جعفر!

·       الحديث الثاني عشر: حديث تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم وتكفينه:

روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/448) (10888) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ القطّان، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قالَ: «لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُغَسِّلُوا النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْزِعُوهُ، فَسَمِعُوا نِدَاء مِنَ البَيْتِ: لَا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ».

رواه ابن سعد في «الطبقات» (2/211) من طريق مالك بن أنس، وسُلَيْمَان بن بِلالٍ، جميعاً عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ». قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ فِي حَدِيثِهِ: «حِينَ قُبِضَ».

ورواه مالك في «موطئه» بَلَغَهُ قَالَ: «لَمَّا كَانَ عِنْدَ غَسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ فَسَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ: لا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ! فَلَمْ يُنْزَعْ قَمِيصُهُ وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ».

·       الحديث الثالث عشر: حديث جزية المجوس:

روى أبو عُبيد القاسم بن سلام في «الأموال» (78) قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِالمَجُوسِ، وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ؟ فَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ».

وأخرجه مالك في «الموطأ» (1/278) (42).

وعَبْدُالرَّزَّاقِ في «المصنف» (6/68) (10025) عن ابن جُرَيْجٍ.

وابن أبي شيبة في «المصنف» (2/435) (10765) عن حاتم بن إسماعيل.

و(6/430) (32650) عن ابن إدريس.

و(32651) عن وكيع، عن سفيان، ومالك بن أنس.

وابن زنجويه في «الأموال» (1/136) (122) عن أَبي عَاصِمٍ الضحاك.

كلهم (مالك، وابن جريج، وحاتم، وابن إدريس، وسفيان، وأبو عاصم) عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، به.

ورواه البزار في «مسنده» (3/264) (1056) عن عَمْرو بن عَلِيٍّ، قَالَ: حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، قَالَ: حدثنا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِالْمَجُوسِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سُنُّوا بِهِمْ سَنَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ».

قال البزار: "وهذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَقُولُوا عَنْ جَدِّهِ، وَجَدُّهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالحَدِيثُ مُرْسَلٌ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا، قَالَ: عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، إِلَّا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيَّ عَنْ مَالِكٍ".

وقد سُئل عنه الدارقطني في «العلل» (4/299) (578)، فقال: "يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ:

فَرَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَلِيٍّ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِالمَجِيدِ الحَنَفِيِّ عَنْهُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ.

وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ لَمْ يَقُولُوا فِيهِ: عَنْ جَدِّهِ.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، وَعَبْدُاللَّهِ بنُ إِدْرِيسَ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ أَبُو عَاصِمٍ مِنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ غَيْرَهُ، وَعَبْدُالوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، والقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ. وهُوَ الصَّوَابُ".

وقال الخليلي في «الإرشاد» (1/317): "هَذَا مُرْسَلٌ، فَإِنَّ أَبَاهُ مُحَمَّدًا لَمْ يَلْقَ عَبْدَالرَّحْمَنِ".

وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (3/375): "وهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.

قَالَ الخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ عَنْ جَدِّهِ أَبُو عَلِيٍّ.

قُلْت: وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَلَيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عَبْدَالرَّحْمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي جَدِّهِ يَعُودُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَجَدُّهُ حُسَيْنٌ سَمِعَ مِنْهُمَا لَكِنْ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ مِنْ حُسَيْنٍ نَظَرٌ كَبِيرٌ".

·       الحديث الرابع عشر: حديث التسوية في العقيقة بين الغلام والجارية:

روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/115) (24251) قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «هُمَا سَوَاءٌ» - يعني: «يعقّ عن الغلام والجارية شاة شاة».

ورواه أيضاً عن ابن إدريس، عن يزيد، عن أبي جعفر، قال: «شاة شاة».

قلت: وهذا موقوف على أبي جعفر محمد بن عليّ.

·       الحديث الخامس عشر: حديث العقيقة في اليوم السابع:

روى ابن أبي الدنيا في كتاب «النفقة على العيال» (49) قال: حَدَّثَنِي الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَعُقُّ عَنْ كُلِّ وَلَدٍ لَهَا شَاةً وَتَحْلِقُ رَأْسَهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ فِضَّةً».

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/115) (24258) عن عبدة بن سليمان، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عبدالملك بن أعين، عن أبي جعفر، قال: «كانت فاطمة تعقّ عن ولدها يوم السابع وتسميه، وتختنه، وتحلق رأسه، وتصدق بوزنه ورقا».

قلت: وهذا مرسل.

·       الحديث السادس عشر: قضاء عليّ فيمن اشترى جارية فوجد فيها عَيْبَاً:

روى البيهقي في «السنن الكبرى» (5/526) (10745) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الفَقِيهُ، قال: أخبرنا أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُاللهِ بنُ يَعْقُوبَ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْقُوبَ، قال: حدثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، قال: حدثنا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا، قَالَ: «لزِمَتْهُ وَيَرُدُّ البَائِعُ مَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا رَدَّهَا».

قال البيهقي: "وكذلك رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وهُوَ مُرْسَلٌ. عَلِيُّ بنُ الْحُسَيْنِ لَمْ يُدْرِكْ جَدَّهُ عَلِيًّا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُسْلِمِ بنِ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ".

وقال في «معرفة السنن والآثار» (8/125): "وهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ وَبَيْنَ جَدِّهِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرُوِيَ مَوْصُولًا بِذِكْرِ أَبِيهِ فِيهِ، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرٍ مُرْسَلًا".

·       الحديث السابع عشر: نِصاب السرقة عند عليّ رضي الله عنه:

روى ابن عبدالبر في «الاستذكار» (7/533) من طريق مُحَمَّد بن بَشَّارٍ بُندار، عن يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ القطان، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ».

قال ابن عبدالبر: "هذا منقطع".

وذكر البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (12/391) (17125) أن أَصْحَابُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ رووه عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ:  «القَطْعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/476) (28107) عن وكيع، عن حمزة الزيات، عن الحكم، عن أبي جعفر، قال: «قيمة المِجن دينار الذي يقطع فيه اليد».

·       الحديث الثامن عشر: اجتماع العيد والجمعة على عهد عليّ رضي الله عنه:

قال ابن عبدالبر في «الاستذكار» (2/384): ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ فَخَطَبَهُمْ، وقَالَ: إِنَّ هَذَا يَوْمٌ اجْتَمَعَ فِيهِ عِيدَانِ وَنَحْنُ نُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا وَلَكُمْ رُخْصَةٌ، أَيُّهَا النَّاسُ: فَمَنْ شَاءَ جَاءَ، ومَنْ شاء قعد».

قال: وذكر علي بن المديني وابن أَبِي شَيْبَةَ جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى بِهِمُ العِيدَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا مُجْمِعُونَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَشْهَدَ فَلْيَشْهَدِ».

قلت: وهذا منقطعٌ أيضاً.

·       الأحاديث التي أخرجها مسلم لجعفر الصادق في «صحيحه»:

وقد خرّج الإمام مسلم لجعفر الصادق عدة أحاديث، وهي:

·       الحديث الأول: حديث الحج الطويل.

حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، وقد تقدم تخريجه والكلام عنه.

وخرّج مسلم منه أجزاء في بعض المواضع، منها:

قال في «صحيحه» (2/869) (1210): حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِالحَمِيدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، «فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ».

وقال في (2/893) (1218): حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».

قال: وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا».

وقال في (2/921) (1263): وحَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. [ح].

وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ».

قال: وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللهِ بنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ الثَّلَاثَةَ أَطْوَافٍ، مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ».

·       الحديث الثاني: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة.

حديث جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ، فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ».

وقد تقدم الكلام عليه في حديث يحيى عن جعفر في الحديث الأول، وبيّنت الاختلاف في إسناده! فلا أدري هل ضبطه جعفر أم لا!!

·       الحديث الثالث: حديث جابر في التشهد في الخطبة:

حديث جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ»، وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ».

وقد تقدم الكلام عليه في الحديث الرابع من أحاديث يحيى عن جعفر، وبينت الاختلاف في إسناده، وأن بعض الثقات رووه عن جعفر عن أبي مسنداً، وخالفهم ابن عيينة فرواه عن جعفر عن أبيه مرسلاً، وسماع ابن عيينة منه قديم.

·       الحديث الرابع: الغُسل من الجنابة:

حديث جَعْفَر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: إِنَّ شَعْرِي كَثِيرٌ. قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي «كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِكَ وَأَطْيَبَ».

تقدم الكلام عليه في حديث يحيى عن جعفر في الحديث الثالث، وبينت أنه محفوظ من حديث أبي جعفر عن جابر.

·       الحديث الخامس: حديث الصيام في السفر في رمضان:

قال مسلم في «صحيحه» (2/785) (1114): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَهَّابِ - يَعْنِي ابنَ عَبْدِالمَجِيدِ-، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: «أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ».

قال: وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ - يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ-، عَنْ جَعْفَرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ: «فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمِ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ العَصْرِ».

كذا أخرجه مسلم في الأصول! من حديث عبدالوهاب الثقفي، وعبدالعزيز الدراوردي، كلاهما عن جعفر الصادق.

وأخرجه الترمذي في «جامعه» (2/81) (710) عن قُتَيْبَة، عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ.

وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (4/98) (2129) عن إِسْحَاق، عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ.

وأخرجه الشافعي في «مسنده» (ص: 158) عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ الدراوردي، به.

قالَ الشَّافِعِيُّ: وفي حَدِيثِ الثِّقَةِ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ إِلَى مَكَّةَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَقَالَ: تَقَوُّوا لِعَدُوِّكُمْ. فَقِيلَ: إِنَّ النَّاسَ أَبَوْا أَنْ يُفْطِرُوا حِينَ صُمْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ، ثُمَّ سَاقَ الحَدِيثَ».

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (3/255) (2019) عن مُحَمَّد بن بَشَّارٍ بُنْدَار، عن عَبْدالوَهَّابِ بن عَبْدِالمَجِيدِ، به.

ورواه عن ابن خزيمة: ابن حبان في «صحيحه» (8/318) (3549)، و(8/319) (3551).

وأخرجه أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (3/400) (1880) عن عَبْداللَّهِ بن عُمَرَ بنِ أَبَانَ، عن عَبْدالوَهَّابِ بن عَبْدِالمَجِيدِ الثَّقَفِيّ، بنحوه، وزاد: «واجْتَمَعَ إِلَيْهِ المُشَاةُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَصَفُّوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: نَتَعَرَّضُ لِدَعَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اشْتَدَّ السَّفَرُ، وَطَالَتِ الشُّقَّةُ، فَقَالَ لَهُمُ: اسْتَعِينُوا بِالنَّسْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَنْكُمُ الْأَرْضَ وَتَخِفُّونَ لَهُ، قَالَ: فَفَعَلْنَا، فَخَفَفْنَا لَهُ».

ورواه عن أبي يعلى: ابن حبان في «صحيحه» (6/423) (2706).

وأخرجه الحميدي في «مسنده» (2/350) (1326) عن سُفْيَان بن عيينة.

وأبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/245) (1772) عن وُهَيْب بن خالد.

والنسائي في «السنن الكبرى» (3/147) (2583) عن مُحَمَّد بن عَبْدِاللهِ بنِ عَبْدِالحَكَمِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عن اللَّيْث، عَنِ ابنِ الهَادِ.

والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/65) (3229) عن مُحَمَّد بن خُزَيْمَةَ، وفَهْد، كلاهما عن عَبْداللهِ بن صَالِحٍ، عن اللَّيْث، عن ابن الهَادِ.

وابن خزيمة في «صحيحه» (3/255) (2019) عن الحُسَيْن بن عِيسَى البِسْطَامِيّ، عن أَنَس بن عِيَاضٍ.

وابن عبدالبر في «التمهيد» (9/68) من طريق عَبْدالوَاحِدِ بن غِيَاثٍ، عن عَبْدالعَزِيزِ بن المُخْتَارِ.

كلهم (سفيان، ووهيب، وابن الهاد، وأنس بن عياض، وعبدالعزيز بن المختار) عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، بمثل حديث عبدالوهاب والدراوردي.

ورواه أبو نُعيم الأصبهاني في «الطب النبوي» (2/455) (426) من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، قال: حَدَّثَنا أبي، عَن محمد بن إسحاق، عَن جعفر بن محمد، عَن أبيه، عَن جابر قال: «لما راح النبي صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم من كراع الغميم ركبانا ومشاة فصف المشاة للنبي صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم سماطا وقالوا: نتعرض لدعوة النبي صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم نرجوا بركتها فلما مر نبي الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم قالوا: يا رسول الله ثقل علينا المشي واشتد السفر فقال: اللهم أعطهم أجرهم وذخرهم ثم قال: لو استعنتم بالنسل لخفت أجسادهم وقطعتم الأرض فنسل المسلمون فخفت أجسادهم وقطعوا الأرض».

وهذا شاهد لما تقدم من رواية عَبْداللَّهِ بن عُمَرَ بنِ أَبَانَ، عن عَبْدالوَهَّابِ بن عَبْدِالمَجِيدِ الثَّقَفِيّ!

وهذا الحديث بهذه الألفاظ وبهذا الإسناد تفرد به جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر!!

وقد أخرج مسلم بعد هذا الحديث حديث شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ الحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا لَهُ؟» قَالُوا: رَجُلٌ صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ البِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ».

وقصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم صائما مع أصحابه في رمضان يوم الفتح صحيحه، إلا أن الروايات اختلفت في الموضع الذي أفطر فيه صلى الله عليه وسلم، وكلها قريبة من عُسفان.

و«كُرَاعَ الغَمِيم»: "هُو اسْمُ مَوْضِعٍ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ. والكُراع: جَانِبٌ مُسْتطيل مِنَ الحَرّة تَشْبِيهًا بالكُراع، وَهُوَ مَا دُونَ الرُّكْبة مِنَ السَّاقِ".

لكن ما جاء في استمرار بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم بالصيام وتسميته لهم بالعصاة لم يُذكر إلى في رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر.

والحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، وغيره من حديث ابنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ، أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ».

وفي رواية: «خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ المَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ، حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ - وهُوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وقُدَيْدٍ - أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا».

·       الحديث السادس: حديث بيان قيمة الدنيا:

قال مسلم في «صحيحه» (4/2272) (2957): حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِي ابنَ بِلَالٍ-، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ العَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ».

قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَهَّابِ - يَعْنِيَانِ الثَّقَفِيَّ-، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ: فَلَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ هَذَا السَّكَكُ بِهِ عَيْبًا.

ورواه أبو داود في «سننه» (1/134) (186) عن عبدالله بن مَسلَمة القعنبيّ، به.

ورواه الحسين المروزي في «زوائده على الزهد لابن المبارك» (1/349) (983) عن عَبْدالوَهَّابِ الثَّقَفِيّ، به.

ورواه أحمد في «مسنده» (23/194) (14930) عن عَفَّان، عن وُهَيْب بن خالد.

والبخاري في «الأدب المفرد» (962) عن عَبْدالعَزِيزِ بن عَبْدِاللَّهِ، عن الدَّرَاوَرْدِيّ.

كلاهما (وهيب، والدراوردي) عن جعفر بن محمد، به.

وقد تُوبع عليه جعفر، تابعه الحجاج بن أرطأة.

رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (7/86) (34391) عن أَبي خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ الحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَاةٍ مَيِّتَةٍ، فقَالَ: «لم تَرونَ ألقى هَذِهِ أَهْلُهَا؟» فقالوا: يا رسول الله، وهل ينتفعُونَ بِهَا وَقَدْ مَاتَتْ؟ فقَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا».

ورواه أبو بكر العنبري في «مجالسه» (7) عن عَبْدَان بن أَحْمَدَ الجَوَالِيقِيّ، عن أَبي بَكْرٍ، وعُثْمَان ابني أبي شيبة، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَر، به.

وحديث حجاج في متنه بعض الاختلاف عن حديث جعفر، وحجاج وإن كان ضعيفاً إلا أنه أحفظ من جعفر، والله أعلم.

·       الحديث السابع: حديث النهي عن قراءة القرآن في الركوع:

قال مسلم في «صحيحه» (1/349) (480): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ حَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي السُّجُودِ.

هذا أخرجه مسلم في المتابعات بعد أن روى حديث ابنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بنُ عَبْدِاللهِ بنُ حُنَيْنٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا».

وفي رواية زَيْد بن أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِاللهِ بنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ».

وقد بيّن مسلم الاختلاف في هذا الحديث وزيادة بعض الرواة "عن ابن عباس" بين "عبدالله بن حُنين" و"علي بن أبي طالب"!!

وحديث جعفر رواه السراج في «مسنده» (303) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (1/493) (1837) من طريق عبدالله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني النُّفَيْلِيّ.

كلاهما عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيلَ بإسناد مسلم، بلفظ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَقُولُ: نَهَاكُمْ - عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، وَعَنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ، وعَنْ لُبْسِ القِسِيِّ، وعَنْ لُبْسِ المُعَصْفَرِ». وَلَمْ يَذْكُرِ السُّجُودَ.

وأخرجه أبو نُعيم الأصبهاني في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (2/97) (1071) من طريق قُتَيْبَة، ويُوسُف بن سُلَيْمَانَ، وعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، ثلاثتهم عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيلَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ وَأَنَا رَاكِعٌ».

ورواه أبو عوانة أيضاً في الموضع السابق من طريق اللَّيْث بن سعد، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن إِبْرَاهِيمَ بنَ عَبْدالله بنِ حُنَيْنٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ يَقُولُ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، ولَبُوسِ القَسِّيِّ والمُعَصْفَرِ، وقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ». وَلَمْ يَذْكُرِ السُّجُودَ.

قلت: فالحديث محفوظ من عبدالله بن حُنين عن عليّ رضي الله عنه، لكن حديث ابن المنكدر تفرد به جعفر بن محمد عنه!

وقد ذكر السرّاج لما ساق الحديث أن جعفر بن محمد رواه أيضاً عن أبيه عن علي!

رواه في «مسنده» (303) عن قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ، قال: حدثَنَا حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلَ حَدِيثِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلا أَقُولُ: نَهَاكُمْ - عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ وَعَنْ لُبْسِ الْقِسِيِّ»، وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: «وَعَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ».

فإن صح أن جعفر بن محمد رواه عن أبيه عن علي، فيكون مرسلاً! فربما وهم جعفر فيه، والله أعلم.

وقد روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (5/194) (25142) عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم بخاتم من ذهب، فخرج على الناس فطفقوا ينظرون إليه، فوضع يده اليمنى على خنصره، ثم رجع إلى البيت فرمى به».

وهذا مرسل!

·       الحديث الثامن: حديث الصلاة في بيت أم هانئ يوم الفتح:

قال مسلم في «صحيحه» (1/498) (336): حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، قال: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ أَسَدٍ، قال: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِهَا عَامَ الفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي ثَوْبٍ، قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ».

أخرجه مسلم في المتابعات.

أخرجه أبو عوانة في «مستخرجه» (2/12) (2130) عن أَبي حَاتِمٍ الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن إِسْمَاعِيلَ، كلاهما عن مُعَلَّى بنِ أَسَدٍ، به.

قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري في انتخابه لـ «فوائد أبي القاسم الحرفي» (1): "صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِاللَّهِ جعفر بن محمد الصادق، ولا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرَ وُهَيْبِ بن خالد".

قلت: وقد تفرد به عن مُعلّى بن أسد عن وهيب!! وكلاهما ثقة لم يتكلم فيهما أحد!

فلا أدري هل روى جعفر هذا الحديث عن أبيه أم لا!! ولم يروه أحد من أصحابه! تفرد به وهيب!

والحديث مشهور ومعروف عن أَبي مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عن أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ.

رواه مالك في «موطئه» (1/152) (27) عَنْ مُوسَى بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى عَامَ الفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ».

وربما دخل لوهيب أم لمعلى حديث في حديث! لأن هناك اختلاف على جعفر في روايته عن أبيه، عن جابر، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنه صلى في ثوب واحد خالف بين طرفيه».

وقد سئل الدارقطني عنه في «العلل» (13/326) (3199)، فقال: "يَرْوِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَاهُ بندار وغيره، عن غندر، عن شعبة، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر فعله.

وكذلك رواه عبدالله الأسدي، وعلي بن غراب، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، موقوفا، وهو الصواب.

ورواه أبو مسعود أحمد بن الفرات، عن شبابة، عن شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في ثوب، ولم يتابع على رفعه، والمحفوظ أنه موقوف".

·       الحديث التاسع: حديث وقت صلاة الجمعة:

قال مسلم في «صحيحه» (2/588) (858): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، قال: حَدَّثَنَا حَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا»، قَالَ حَسَنٌ: فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ: فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ؟ قَالَ: «زَوَالَ الشَّمْسِ».

قال: وحَدَّثَنِي القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّاءَ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ [ح].

وحَدَّثَنِي عَبْدُاللهِ بنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانَ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بنَ عَبْدِاللهِ: مَتَى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ؟ قَالَ: «كَانَ يُصَلِّي، ثُمَّ نَذْهَبُ إِلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا». زَادَ عَبْدُاللهِ فِي حَدِيثِهِ: «حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ - يَعْنِي النَّوَاضِحَ».

وهو عند ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/445) (5137).

ورواه عن ابن أبي شيبة: أبو يعلى الموصلي في «مسنده» (3/434) (1924).

ورواه أحمد في «مسنده» (22/410) (14539) عن يَحْيَى بن آدَمَ، به.

والنسائي في «السنن الكبرى» (2/274) (1711) عن هَارُون بن عَبْدِاللهِ، عن يَحْيَى بن آدَمَ.

وابن حبان في «صحيحه» (4/380) (1513) من طريق الحَسَن بن عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ، عن يَحْيَى بن آدَمَ.

ورواه أحمد في «مسنده» (22/415) (14548) عن مُحَمَّد بن مَيْمُونٍ أَبي النَّضْرِ الزَّعْفَرَانِيّ، عن جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ، به.

فالحديث رواه جماعة (حسن بن عياش، وسليمان بن بلال، وأبو النضر الزعفراني) عن جعفر، عن أبيه، عن جابر.

وهو إسناد صحيح إن كان جعفر الصادق ضبطه عن أبيه!

·       الحديث العاشر: أسئلة نجدة الحروري لابن عباس:

قال مسلم في «صحيحه» (3/1444) (1812): حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ-، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بنِ هُرْمُزَ: أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ، عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: «لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ اليَتِيمِ؟ وَعَنِ الخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ، فَيُدَاوِينَ الجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ فَلَعَمْرِي، إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ، ضَعِيفُ العَطَاءِ مِنْهَا، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا، فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ».

قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ خِلَالٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَاتِمٍ: «وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ»، وَزَادَ إِسْحَاقُ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ حَاتِمٍ: «وَتُمَيِّزَ المُؤْمِنَ، فَتَقْتُلَ الكَافِرَ، وَتَدَعَ المُؤْمِنَ».

ورواه الشافعي في «مسنده» (ص: 207) عن عَبْدالعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ الدراوردي. وفي (ص: 319) عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل.

والترمذي في «جامعه» (3/178) (1556) عن قُتَيْبَة، عن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل.

وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/336) (6890) عن يونس بن عبدالأعلى، وابن وهب، عن أنس بن عِياض.

كلهم (الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، وأنس بن عياش) عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، به.

قال الترمذي: "وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

ورواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/537) (33652) عن عبدالرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، ومحمد بن علي، عن يزيد بن هرمز، قال: كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن النساء، وذكر نحوه.

ورواه الطبراني في «المعجم الكبير» (10/337) (10835) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِالْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالزُّهْرِيُّ [ح].

وحدثثنا الحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، قال: حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ لَفْظِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

قلت: الحديث محفوظ عن محمد بن علي عن يزيد بن هرمز، وقد توبع عليه.

روى مسلم بعده متابعة في «صحيحه» قال: وحَدَّثَنَا ابنُ أَبِي عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ، عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا؟ وَعَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ؟ وَعَنِ الْيَتِيمِ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْيُتْمُ؟ وَعَنْ ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ لِيَزِيدَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ، فَلَوْلَا أَنْ يَقَعَ فِي أُحْمُوقَةٍ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، اكْتُبْ: «إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَيْءٌ؟ وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلْهُمْ، وَأَنْتَ فَلَا تَقْتُلْهُمْ إِلَّا أَنْ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنَ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْيَتِيمِ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ؟ وَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ هُمْ؟ وَإِنَّا زَعَمْنَا أَنَّا هُمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا».

·       خلاصة = نتائج وفوائد:

وفي نهاية هذا البحث، يمكن تلخيص أهم الفوائد فيه، وهي:

1- قول يَعْقُوْب بن شَيْبَةَ في رَوح بن عُبادة: «كَانَ أَحَدَ مَنْ يَتَحَمَّلُ الحَمَالاَتِ» هو: مدح لشخصه وأنه كان يتكفّل بحمل الديات والغرامات الناشئة عما يحصل بين الناس والأقوام من مقاتل وحروب تُسفك فيها الدماء. فيحمل - رحمه الله - الدّية إلى أهل من قُتل من باب الإصلاح بين الناس. ولهذا كانَت العَرَب تسمي «أَصْحَاب الحَمَالات» لحَقْن الدِّمَاء وإطفاء النائرة «سُعَاة»؛ لسعيهم فِي صَلَاح ذَات البَين.

2- قول يحيى بن سَعِيد القطان في جعفر الصادق: «كَانَ إذا أخذت منه العفو لم يكن به بأس، وإذا حملته حملَ على نفسه» معناه: أنك إذا أخذت الحديث من جعفر الصادق في حالة العفو = حالة الراحة التي لا تعب فيها ولا كُلفة، فيكون حديثه حينها لا بأس به، وإذا أخذته في الحالة التي تحمله عليها فحديثه فيه شيء.

بمعنى: إذا تركته يُحدّث من عنده من حفظه، فإنه يُقيم الحديث، وقلّما يُخطىء فيه، ولا يَغلط فيه إلا نادراً، وإذا قيل له: حدثكم فلان عن فلان؟ قال: نعم، فإذا قرأت عليه حديثاً مرسلاً فوصلته فلا يدري! وإذا رفعت موقوفاً فيمشي عليه، وإذا أخطأت في المتن فيمشي عليه أيضاً.

فالقراءة عليه والخطأ في الحديث وموافقته عليه هو تلقين له، وهذا يدلّ على أنه لم يكن يحفظ حديثه.

3- تتبعت روايات جعفر الصادق وما ذكره أهل العلل في كتبهم من حديثه فوجدت أن غالبه مرسل كما قال الإمام الذهبي، وما يوجد فيه من اختلافات من وصل لمرسل إنما هو مما نبّه عليه يحيى القطان في حمله على الخطأ!!

4- اعتمد أحمد في كلامه في جعفر كلام يحيى القطان، والمسألة عندهم ليست فيمن روى عن جعفر، فكثير منهم من الأثبات، واختلافهم عليه بسبب اضطرابه وعدم ضبطه لحديثه!

5- كان جعفر الصادق إذا روجع في بعض المتن الذي يرويه يتراجع عنه!

6- سماع ابن عيينة من جعفر الصادق قديم، ولهذا تُعتمد روايته في كشف خطأ جعفر الصادق ووهمه بالمقارنة مع من حدّث عنه متأخرا من الثقات الأثبات.

7- اعتراض بعض أهل العلم على يحيى القطان في تفضيله لمجالد بن سعيد على جعفر الصادق اعتراض مردود! وأصاب يحيى في ذلك، فهو ممن لازم جعفر الصادق وعرفه، وخبر حاله.

وتفضيل يحيى لمجالد على جعفر لا يعني أنه يحتج به، لكن هو أفضل منه في الرواية مع أن حالهما واحد تقريباً، ولهذا قال يحيى في مجالد مثل ما قال في جعفر.

قال: "لَوْ حَمَلْتَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ كُلُّهَا عَنْ مَسْرُوقٍ، أَوْ كَلَامًا نَحْوَهُ لَفَعَلَ". وقوله: "لو حملته.." هو كقوله في جعفر بن محمد، أي لو أردت تلقينه هذا لحمله وحدّث به.

وكَانَ يَحْيَى القطان يقول أيضاً عن مجالد: "لو أردتُ أن يرفع لي مُجَالِد بن سَعِيد حديثه كله لرفعه، لضعفه".

فيحيى قد ضعّف جعفر بن محمد، ومجالد بن سعيد بالعلة نفسها، وهي: أنهما إذا حملتهما على شيء = أي لقنتهما، حملا ما حملتهما.

فقول يحيى القطان فيه ناتج عن خبرة لحديثه، ولهذا قال أحمد لما سئل عنه: "ليّنه يحيى".

وكلاهما - جعفر ومجالد - كانا يزيدان في الإسناد، فيوصلان المرسل! فجلّ الاختلاف على جعفر في حديثه في أنه يرفع المرسل! وكان مجالد كذلك.

8- لم يرو البخاري عن جعفر شيئا في «الصحيح»، واكتفى بذكر كلام يحيى لما ترجم له في «التاريخ الكبير»، وإيراده لقول يحيى القطان في ترجمته يُبيّن لنا لمَ لمْ يُخرّج البخاري حديثه في «صحيحه»!!

فهو أخذ بكلام يحيى في جعفر؛ لأنه شيخه، وخبر حديثه، ولا شك أن البخاري اطلع على حديث أيضاً، فرأى الاختلاف فيه، فأعرض عنه، ولم يخرج له في «الصحيح»! وإن كان أخرج له في «الأدب المفرد» واعتمد أقواله في «خلق أفعال العباد» في أبواب المعتقد.

ولجعفر أحاديث مسندة معظمها عن أبيه عن جابر، وأكثر أوهامه في زيادة "جابر" في الأحاديث التي أصلها مرسل عن أبيه!!

9- لم يكن الإمام مالك يرتضي جعفر بن محمد، وكان يقرنه بغيره من الرفعاء، ويؤخر ذكره في الرواية! = يعني لا يعتمد على روايته، وإنما يذكرها للاستشهاد، وربما كان يخشى من التصريح باسمه خوفا من بطش بني أمية كما كانوا يصـرحون باسم زياد بن أبي سفيان وبعد ذلك صاروا يسمونه زياد بن أبيه.

10- الكذب على جعفر الصادق فشا في حياته وفي الحجاز أيضا، ولعله من أسباب قلة رواية مالك عنه.

وقد روى له في «موطئه» - كما في المطبوع - (14) حديثاً كلها عن أبيه، (10) منها مرسلة، و(4) أحاديث مسندة عن جابر مأخذوة من حديث الحج الطويل المعروف.

11- سبب قلة رواية جعفر الصادق اشتغاله بالعبادة، فقد قال الإمام مالك أنه اختلف له زماناً فما رآه إلا مصليا، أو صائماً، أو قارئا للقرآن.

12- من الأسباب التي أدت إلى اضطراب الحفظ عند جعفر الصادق:

أولاً: تفرغه للعبادة على رواية الحديث ومراجعته، فإذا حدّث اتّكل على حفظه واضطرب فيه؛ لأنه لم يكن يتثبت من حفظه لما حفظه قديماً.

ثانياً: عدم سماعه لحديثه الذي يرويه كلّه، وإنما يروي كثيراً منه من النسخ التي وجدها عند آل بيته.

13- يُشبه أن تكون غالب الأحاديث التي في كتب آل بيته مرسلة؛ لأنه يكثر من الحديث المرسل عن أبيه.

14- اتفق أهل العلم على جلالة جعفر الصادق وثقته في نفسه إلا أنهم تكلموا في حفظه لحديثه واضطرابه فيه! وهذا لا يقدح في شخصه.

15- نصّ يحيى القطان على أن جعفر الصادق كان يحفظ حديث أبيه في الحج ويسنده عن جابر، وهو حديث صحيح أتقنه ورواه عنه جماعة.

وقد أخرجه مسلم في «صحيحه»، ولم يخرّجه البخاري وكأنه بسبب ما نُقل من تعليل ابن المديني له بالإرسال!

ولم يصح أنه مرسل، بل كلّ من رواه عن جعفر أسنده، وكذا رواية يحيى القطان عنه كما رواه عن يحيى جماعة، بخلاف ما نُقل عن ابن المديني أن رواية يحيى مرسلة!!

فقد رواه جماعة كبيرة من الحفاظ عن يحيى القطان مسنداً.

ولعل سبب ترك البخاري لهذا الحديث هو الزيادات التي رُويت عن جعفر في هذا الحديث! فهناك زيادات كبيرة في حديث حاتم بن إسماعيل على حديث يحيى القطان عن جعفر! وزيادة قليلة في حديث يحيى لا توجد في حديث حاتم! فربما لم يكن جعفر يضبط هذا الحديث! أو كان يختصره أحياناً!

16- كل ما وجدت ليحيى القطان عن جعفر الصادق (20) حديثاً، وغالبه مرسل عن أبيه! وما ليس بمرسل ففيه اختلاف في أسانيده!!

17- روى مسلم لجعفر الصادق في «صحيحه» (10) أحاديث، بعضها في الأصول، وبعضها في الشواهد.

تسعة منها عن أبيه، ومنها ستة أحاديث رواها جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِاللهِ:

- حديث الحج، وحديث الغسل من الجنابة: كلاهما محفوظ عنه، على وجود زيادات في متن حديث الحج بين أصحابه.

- حديث الصوم في السفر في رمضان، وحديث وقت الجمعة: تفرد بهما عن أبيه عن جابر!

- حديث التشهد: وفيه اختلاف، والأشبه أنه مرسل!

- حديث بيان قيمة الدنيا: توبع عليه لكن في متنه مخالفة لحديث حجاج بن أرطأة!

والأحاديث الأربعة الأخرى:

- حديث القراءة في الجمعة: رواه عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ: وفي إسناده اختلاف، ولا أدري هل ضبطه أم لا!

- حديث الصلاة في بيت أم هانئ في الفتح رواه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ.

وقد تفرد به معلى بن أسد عن وهيب عن جعفر! والحديث مشهور من طرق أخرى عن أبي مرة مولى عقيل.

وهناك اختلاف على جعفر في روايته عن أبيه، عن جابر، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنه صلى في ثوب واحد خالف بين طرفيه».

والصواب أنه عن أبيه عن جابر فعله.

- حديث سؤال نجدة لابن عباس عن أحاديث: رواه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بنِ هُرْمُزَ: أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابنِ عَبَّاسٍ.

وهو محفوظ صحيح عن أبي جعفر محمد بن علي.

- حديث النهي عن قراءة القرآن في الركوع رواه عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ.

وقد تفرد به عن ابن المنكدر إن كان ضبطه. وروي عنه عن أبيه عن علي مرسلاً.

فإن كان الصحيح أنه عن أبيه عن عليّ، فتكون هذه الأحاديث العشرة كلها عن أبيه، وهو الأقرب عندي، والله أعلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

وكتب: خالد الحايك

21 رجب 1439 هـ.

 

شاركنا تعليقك