الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

التعالُم المُفضي إلى الحقد والبغض!!

التعالُم المُفضي إلى الحقد والبغض!!

قد ابتلينا في هذا الزمان بكثير من المتعالمين الذين يظنون أنهم على شيء!! فإذا قرأ الواحد منهم شيئاً، وبحث في "الموسوعات" أُعجب بنفسه وأغراه الشيطان بذلك! فصار يتحذلق على الناس بخربشاته لبعض الأشياء التي لا تعدو في الميزان العلمي إلا هواءً!!

وينتفش الواحد منهم وينتفخ، فيخترع العناوين الكبيرة ويكأنه اكتشف اكتشافاً عظيماً لم يكتشفه أحد من قبله!!!

ثم تراه يتتبع غيره لسنوات فإن وقف على شيء فرد به عضلاته! وصار يُشنّع على الناس ظنّا منه أن ما ذهب إليه هو الصواب!!

فإلى الله المشتكى من متعالمي هذا الزمان!!

 

كتب أحد هؤلاء المتعالمين مقالة بعنوان: «جناية النقول على الأصول
أو: أهمية الرجوع إلى الأصول، وخطر الوثوق بالنقول».

وقال تحت هذا العنوان الكبير:

["جاء في كتاب "مصباح الأريب في تقريب الرواة الذين ليسوا في تقريب التهذيب" 3/172 ترجمة رقم (24525) ما يلي:

محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي (مجهول قاله الدارقطني) (لسان 6/322)." انتهى.

فيأتي المُقصِّر الراكن إلى الدّعة والرّاحة، ويقلّد صاحب هذا الكتاب؛ فيضعّف هذا الراوي، وينقل عن الدارقطني قوله فيه: "مجهول"، ويعزو ذلك - وثوقا بهذه الواسطة - إلى كتاب ابن حجر "لسان الميزان"!!

ولو نظر بنفسه في كتاب ابن حجر لأصبح يقلّب كفّيه على ما استروح إليه من نقل هذا المعاصر!!

ففي لسان الميزان لابن حجر 7 /304 [ط.أبي غدة] = 5 /259 [ط.الهندية] ما يلي:

"(ز) محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي عن عبدالله بن عمر بن عمران المديني، عَن أبيه، عَن مالك، عَن أبي الزناد عن الأعرج، عَن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: أكثر غرس الجنة العجوة وأم جرذان.

رواه الدارقطني في الغرائب، عَن أبي طالب الحافظ عن يحيى بن محمد بن خُشَيش المقرىء القيرواني عنه وقال: لا يثبت، ورواته مجهولون.

ثم ظهر لي أن محمد بن عبدالسلام ثقة معروف، وهو ابن سحنون فإن اسم سُحْنون: عبدالسلام بن سعيد، وسُحْنون لقبه، كما تقدم في ترجمته [3353] وابنه محمد من كبار العلماء بالمغرب." انتهى كلام ابن حجر.

قلتُ: فالدارقطني رحمه الله لم يقل ذلك فيه على التّعيين، كما أوهمه مؤلِّف هذا الكتاب!! إنما قال عن حديثٍ هو أحدُ رواته: "لا يثبت، ورواته مجهولون"، فأدخل ابنُ حجر هذا الراوي في كتابه لأنه لم يعرفه في الوهلة الأولى، واستأنس على صنيعه بما حكاه عن الدارقطني.. لكن الحافظ ابن حجر رحمه الله سرعان ما استدرك على نفسه، وعاد ليوّثق صاحب الترجمة؛ بعد أن تبيّن له أنه: محمّد بن سحنون بن عبدالسلام التنوخي الإمام العالم المشهور، ولسان حاله يقول إن الدارقطني لم يكن يعنيه بذلك الحكم العام.

والعجب من صاحب المصباح كيف تعامل مع مصدر هذه الترجمة!! لماذا لم يرفع رأسا بما سُطِّر في آخرها، فجنى بذلك على الإمامين الدارقطني وابن حجر أيما جناية!!"] انتهى.

قلت:

العنوان كبير ومهم، ولا بدّ من الرجوع للأصول ما أمكن، وعدم الركون إلى ما ينقله كثير من المعاصرين من باب التوثّق لأنه دخل هذا العلم من لا يُحسنه...

لكن تفخيم هذا المتعالم بما فعله صاحب كتاب «مصباح الأريب» ليس في محلّه!!

فهو إنما اعتمد على فهم الحافظ ابن حجر لكلام الدارقطني، وإلا فما أورده في «اللسان»، ودعنا من استدراك ابن حجر على نفسه في نهاية الكلام.

المهم هنا أن صاحب الكتاب نقل تجهيل هذا الراوي عن الدارقطني معتمداً على إيراد الحافظ له في كتابه... ولا يلزمه أن يورد استدراك الحافظ ابن حجر على نفسه بأنه عرفه وهو ابن سحنون؛ لأن الأمر متعلق بكلام الدارقطني - رحمه الله – حول تجهيله.

نعم، كان ينبغي له أن يورد استدراك ابن حجر في هذه الترجمة إلا أنه لا يُعاب على فعله هذا.

وكذا فعل أصحاب «موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني في رجال الحديث وعلله» (2/597) [الدكتور محمد مهدي المسلمي - أشرف منصور عبد الرحمن - عصام عبد الهادي محمود - أحمد عبدالرزاق عيد - أيمن إبراهيم الزاملي - محمود محمد خليل]، فإنهم ذكروا (3210): "محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي. قال ابن حجر: عن عبدالله بن عمران المديني، عن أبيه، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، رفعه «أكثر غرس الجنة العجوة وأم ودان»، رواه الدَّارَقُطْنِيّ في «الغرائب» عن أبي طالب الحافظ، عن يحيى بن محمد بن خشيش المقري القيرواني، عنه، وقال لا يثبت، ورواته مجهولون. «لسان الميزان» (7741)".

فذكروا «محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي» ولم يذكروا كلام الحافظ ابن حجر أنه هو ابن سحنون.

فالأمر هيّن.. وخاصة لمن تتبع روايات ابن خُشيش هذا!

وقد عرفت - بفضل الله - بعض رجال إسناده ممن أطلق الحافظ الدارقطني الجهالة فيهم، فهل نحتاج لأن نضخم الأمر كما فعل هذا المتعالم!!!

قال ابن حجر في «اللسان» (7/304) (7089) - (ز): "محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي عن عبدالله بن عمر بن عمران المديني، عَن أبيه، عَن مالك، عَن أبي الزناد عن الأعرج، عَن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: أكثر غرس الجنة العجوة وأم جرذان.

رواه الدارقطني في الغرائب، عَن أبي طالب الحافظ، عن يحيى بن محمد بن خشيش المقرىء القيرواني عنه، وقال: لا يثبت، ورواته مجهولون.

ثم ظهر لي أن محمد بن عبدالسلام ثقة معروف، وهو ابن سحنون، فإن اسم سحنون: عبدالسلام بن سعيد، وسحنون لقبه كما تقدم في ترجمته، وابنه محمد من كبار العلماء بالمغرب".

قلت: أصاب ابن حجر - رحمه الله - فهو: ابنُ سَحْنُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالسَّلاَمِ التَّنُوخِيُّ، فَقِيْهُ المَغْرِبِ، أَبُو عَبْدِاللهِ، ابنُ فَقِيْهِ المَغْرِبِ عَبْدِالسَّلاَمِ سَحْنُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ التَّنُوخِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ (ت 265هـ).

وفي كتاب ابن حجر زيادة في الإسناد لم يتنبّه لها المتعالم!

ففيه: «عن عبدالله بن عمر بن عمران المديني»! والصواب: «عن عبدالله بن عمران المديني»، ففيه زيادة «بن عمر» وهي خطأ.

ووالده «عمران» ذكره الرشيد العطار في كتابه «الرواة عن مالك»، فقال (ص: 319) (1316): "عمران بن أنس المدني. قال ابن عبدالبر: وقد ذكر عمران بن أنس أنه سأل مالكاً عن حديث أم سلمة هذا، فقال: ليس من حديثي. قال: فقلت لجلسائه قد رواه عنه شعبة، وحدّث به عنه، وهو يقول ليس من حديثي!! فقالوا لي: إنه إذا لم يأخذ بالحديث قال فيه: ليس من حديثي.

ثم قال ابن عبدالبر: إن ابن أنس هذا مدني في سن مالك بن أنس يكنى أبا أنس، وليس هو عمران بن أبي أنس أبو شعيب المدني، وعمران بن أبي أنس أوثق من ابن أنس فقف على ذلك.

وروى الدارقطني في الغرائب عن أبي طالب الحافظ، عن يحيى بن محمد بن خشيش المقرئ القيرواني، عن محمد بن عبدالسلام بن سعيد التنوخي، عن عبدالله بن عمران المديني، عن أبيه، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه «أكثر غرس الجنة العجوة»" انتهى.

قلت:

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/423): "عِمْرَانُ بنُ أَنَسٍ أَبُو أَنَسٍ المَكِّيُّ. قال ابنُ سَلامٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ: سَمِعَ عِمْرَانَ: عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَزْنَى الزِّنَا اسْتِطَالَةٌ فِي عِرْضِ المُسْلِمِ».

وخرّج له الترمذي حديثاً في «جامعه» (2/330) ثم ضعّفه، وقال: "سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - يعني البخاري - يَقُولُ: عِمْرَانُ بنُ أَنَسٍ المَكِّيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيثِ".

ثم قال: "وعِمْرَانُ بنُ أَبِي أَنَسٍ مِصْرِيٌّ أَقْدَمُ وَأَثْبَتُ مِن عِمْرَانَ بنِ أَنَسٍ المَكِّيِّ".

وقال ابن حبان في «الثقات» (7/240): "عمرَان بن أنس أَبُو أنس المكي: يرْوى عَن ابن أبي مليكَة، وعَطَاء. روى عَنهُ يحيى بن وَاضح أَبُو تُمَيْلة، ومُعَاوِيَة بن هِشَام. ومن قَالَ: عمرَان بن أبي أنس فقد وَهِمَ. يُخطىء".

وذكره الذهبي في «تاريخه» (4/168) في طبقة من مات بين سنة (151 - 160هـ).

وأما ابنه عبدالله فلم أعرف من هو، وهو مجهول الحال.

ويُحتمل أن يكون هو: «عبدالله بن عمران العابدي المخزوميّ المكي»، توفي سنة (245هـ).

ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/130) قال: "عبدالله بن عمران المعابدي المكي أبو القاسم. روى عن عبدالعزيز بن أبي حازم، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وعبدالله بن عبدالعزيز العمري، ويوسف بن الفيض، وعيسى بن يونس. سمع منه أبي بمكة، وروى عنه. سئل أبي عنه؟ فقال: صدوق".

وذكره ابن حبان في «الثقات» (8/363) وقال: "يخطىء ويُخَالف".

وأما يحيى بن خُشيش فليس بمجهول، وهو معروف، ولا أظن الدارقطني جهله.

ترجم له الخطيب البغدادي في «تاريخه» (16/327) فقال: "يحيى بن محمد بن خُشَيْش بن يحيى أبو زكريا الإفريقي. قدم بغداد، وحدث بِها عن: عبدالرحمن بن بشر بن يزيد، وداود بن يحيى، ويحيى بن عون بن يوسف الإفريقيين.

روى عنه: محمد بن عمر بن حفص النفيلي، وغيره.

وفي حديثه غرائب ومناكير".

ونقل عن ابن يونس المِصْرِيّ، قال: "يَحْيَى بن مُحَمَّد بن خشيش بن يَحْيَى من موالي أهل إفريقية، يُكْنَى أَبَا زكريا خَرَج إلى العراق، فكانت وفاتُه ببغداد بعد سنة ثَمانين ومائتين".

وهو آفة هذا الحديث! وهو يروي الموضوعات والمناكير التي لا تُعرف عن مالك إلا من طريقه! وكلها كذب على مالك، ولهذا يوردها من صنّف في الرواة عن مالك في كتبهم لبيان حالها!

وقد اتهمه أَبُو سعيد النقاش بِالوَضْعِ. [تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة: (1/128)].

قال الذهبي في «الميزان» (4/408): "أظنه مغربياً، صاحب مناكير. روى عن أهل القيروان. حدث عنه أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ.

فمن بلاياه: روى أبو طالب عنه: حدثنا أبو زرعة سليمان بن إبراهيم القيرواني، حدثنا عبدالرحمن بن أشرس، حدثنا مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعاماً وغيره ينظر إليه فلم يطعمه أصابه داء يُقال له: النفس».

قال مالك: "هو داء لا دواء له".

هذا كذب على مالك.

وقال أبو طالب: حدثنا يحيى، حدثنا أحمد بن يحيى القيرواني، حدثنا عنبسة بن خارجة، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر - مرفوعاً: «لعنت القدرية على لسان اثنين وسبعين نبيا، أولهم نوح»" انتهى.

قال سبط ابن العجمي في «الكشف الحثيث» (ص: 281): "فَظَاهر عبارَة الذَّهَبِيّ أَن المختلق ابن خشيش، والله أعلم".

وقال ابن حجر في «اللسان» (8/474) بعد أن ذكر كلام الذهبي: "وقد ضعفه الدارقطني، وضعّف شيخه وشيخ شيخه، فأورد الحديث الأول في الغرائب، عَن مُحَمد بن علي بن إسماعيل الأيلي، عن يحيى بن محمد بن خشيش به، وقال: هذا باطل عن مالك، وعن جعفر ومن دون مالك ضعفاء.

وقد تابع الأيلي أبو طالب بن نصر.

أخرجه الخطيب في غرائب مالك من طريقه وقال: غريب جداً.

وتقدم ليحيى حديث في ترجمة داود بن يحيى، وآخر في ترجمة سعيد بن مَعن، تفرد به ابن خشيش هذا وذكر الدارقطني أنه باطل. وتقدم له ذكر في ترجمة عبدالرحمن بن أشرس، وَغيره وفي ترجمة عبدالرحمن بن بشير بن يزيد".

وذكر الذهبي في «الميزان» (2/460): "عبدالله بن عثمان المعافري. عن مالك.

قال الخطيب: مجهول.

قلت: وخبره موضوع.

روى يحيى بن محمد بن خشيش، قال: حدثنا داود بن يحيى، حدثنا عبدالله بن عثمان المعافرى، حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تطهر الذي يعمل بعمل قوم لوط بسبعة أبحر ما لقي الله إلا نجسا».

فهذا مُفترى على مالك كما ترى".

وقال ابن حجر في «اللسان» (4/524) بعد أن ذكر كلام الذهبي: "وأظن هذا أخا لحاتم بن عثمان الذي استدركت ترجمته في حرف الحاء، أو هو هو بدليل رواية داود بن يحيى عنه، وإنما وقع السهو في اسمه، فالله أعلم.

وقد قال ابن يونس في تاريخه: روى عنه داود بن يحيى مناكير وأحسب الآفة من داود.

قلت: وقد تقدم في ترجمة داود أنه وضاع".

وذكر الذهبي في «الميزان» (2/159): "سعيد بن معن بن عيسى الأشجعي المدني، ولعل كنيته أبو القاسم.

لا يكاد يعرف، واتهمه بعضهم.

روى عن مالك بن أنس لكن الإسناد إليه مظلم.

فذكر علي بن محمد بن حاتم القومسي: حدثنا يحيى بن محمد بن خشيش الأموي، حَدَّثَنا يحيى بن عون السكري، حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا سعيد بن معن، حَدَّثَنا مالك عن نافع، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لما خلق الله عز وجل الجنة حفها بالريحان وحف الريحان بالحناء وإن المختضب بالحناء لتصلي عليه ملائكة السماء».

رواه الحسن بن يوسف الفحام أيضًا، عَنِ ابن خشيش فلعله الذي اختلقه". انتهى.

قال ابن حجر في «اللسان» (4/75) مُعقباً على قول الذهبي: "والضمير في قوله (لعله) لابن خشيش لا للحسن بن يوسف.

وقد أخرج الخطيب في الرواة عن مالك الحديث المذكور من طريق القومسي وقال: رواه الدارقطني عن أحمد بن إسحاق الأنباري عن الفحام.

قلت: راجعت «غرائب مالك» للدارقطني فوجدته أخرج الحديث عن الحسن بن رشيق، عَن عَلِيّ بن يعقوب بن سويد الوراق، وعن أحمد بن محمد بن إسحاق الياموري عن الحسن بن محمد بن يوسف الفحام كلاهما عن يحيى بن محمد بن خشيش.

قال: ورواه أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ، عَنِ ابن خشيش - ولم أسمعه منه - عن يحيى بن عون، حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا سعيد بن معن المدني به، وزاد في المتن: وإن الشيخ في بيته مثل النبي في أمته.

وقال: باطل ومن دون مالك ضعفاء.

قلت: وسيأتي في الكنى أبو القاسم المغربي عن مالك، وذكر هذا الحديث في ترجمته فلعلها كنيته، وأنا أظن أن سعيدا هذا هو ابن معن بن عيسى الأشجعي المدني، وأبوه ثقة مشهور، أحد من روى الموطأ عن مالك.

قال فيه أبو حاتم: كان أثبت أصحاب مالك.

قلت: وقد تقدمت ترجمة سعيد بن عيسى بن معن الأشجعي قريبا".

وذكر الذهبي في «الميزان» (2/550): "عبدالرحمن بن بشير الأزدي. عن أبيه بشير بن يزيد، عن مالك، عن نافع، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: «اصنع المعروف إلى كل أحد فإن لم تصب أهله كنت أنت أهله».

وعنه يحيى بن محمد.

إسناد مظلم وخبر باطل.

أطلق الدارقطني على رواته الضعف والجهالة". انتهى.

قال ابن حجر في «اللسان» (5/90): "وقال الدارقطني بعد أن أخرجه في الغرائب من طريق يحيى بن محمد بن خشيش عنه: وإسناده ضعيف ورجاله مجهولون.

وبه رفعه: «من مشى في حاجة أخيه المسلم فكأنما خدم الله عمره». وقال باطل ومن دون مالك مجهولون.

وأخرج الحديث الأول الخطيب من طريقه وقال: لا يصح عن مالك".

وذكر ابن حجر في «اللسان» (1/690): "أحمد بن يحيى بن مهران القيرواني. عن عنبسة بن خارجة. وعنه يحيى بن محمد بن خشيش.

ضعفه الدارقطني في غرائب مالك.

وذكر أيضاً في «اللسان» (6/238): "عنبسة بن خارجة الغافقي، يكنى أبا خارجة.

أخرج الدارقطني في «الغرائب» من وجهين عن يحيى بن محمد بن خشيش، عن أحمد بن يحيى بن مهران الدارمي - زاد في أحدهما: وسليمان بن عمران - قالا: أخبرنا أبو خارجة عنبسة بن خارجة الغافقي: حدثنا مالك، عن نافع، عَنِ ابن عمر رفعه: «لُعنت القدرية والمرجئة على لسان اثنين وسبعين نبيا أولهم نوح وآخرهم محمد».

وقال: هذا إسناد مغربي ورجاله مجهولون، وَلا يصح.

وأخرجه الخطيب من طريق أبي طالب أحمد بن نصر، عن يحيى بن محمد بن خشيش، عن أحمد بن يحيى بن مهران القيرواني، به.

قلت: ويحيى هالك.

وقال الخطيب: منكر بهذا الإسناد.

وقرأت في كتاب «رياضة النفوس» لأبي بكر عبدالله بن محمد المالكي: أن عنبسة هذا سمع مالكاً والليث، وأنه مات سنة عشر ومئتين، وله ست وثمانون سنة.

وقال أبو العرب: كان ثقة مأمونا وله سماع من مالك والثوري.

وقد ذكره أبو سعيد ابن يونس فقال: عنبسة بن خارجة الغافقي الإفريقي. يكنى أبا خارجة، يروي عن مالك بن أنس، وابن عيينة وهو رجل مشهور من أهل المغرب وكان يتكلم في الحدثان والملاحم.

ثم ساق بسنده، عَن مُحَمد بن سحنون قال: سألت بعض ولد ابن خارجة عن موته فقال: مات في ربيع الآخر سنة عشر ومئتين".

قلت: فهذا قد جهّله الدارقطني وعرفه ابن حجر مثل الذي اعترض عليه ذاك المتعالم.

وقد ذكر صاحب كتاب «مصباح الأريب في تقريب الرواة الذين ليسوا في تقريب التهذيب» (2/456): "عنبسة بن خارجة الغافقي (مجهول قاله الدارقطني) (لسان 5/370)".

فقد فات ذاك المتعالم أن يعترض عليه أيضاً في إيراده تجهيل الدارقطني له كذلك، وعدم نقله لكلام ابن حجر بأنه معروف!

والله المستعان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

شاركنا تعليقك