الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سؤال عن «الآثار الواردة في تبليغ السلام لسيّد الأنام صلى الله عليه وسلم»!

سؤال عن «الآثار الواردة في تبليغ السلام لسيّد الأنام صلى الله عليه وسلم»!

سألني الأخ الحبيب، والتلميذ النجيب الذي له في القلب مكانة تفوق رائحة الطيب: أبو فاطمة القرشي الأريب عن الآثار الواردة في تبليغ السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي مشروعة أم لا؟!

فأجبته بأن هذا الفعل بدعة! والآثار الواردة في ذلك ضعيفة إما رواية أو استدلالاً!

أما ما رُوي عن جابر بن عبدالله في هذا، ففهمه خطأ إن صح!!

رَوى يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ المَاجِشُون مولى آل المنكدر، قال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بنِ عَبْدِاللَّهِ وَهُوَ يَمُوتُ، فَقُلْتُ لَهُ: «أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ».

رواه أحمد في «مسنده» (18/201) (11660)، وفي كتاب «الزهد» (ص:16) (78) عن أَبي إِبْرَاهِيمَ المُعَقِّب إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّدٍ - وكَانَ أَحَدَ الصَّالِحِينَ -.

وهو في «العلل» (3/202) (4871) يرويه عبدالله بن أحمد عن أَبي إِبْرَاهِيم المعقب واسْمه إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن جبلة وكَانَ ثِقَة.

ورواه أحمد أيضاً في «مسنده» (32/228) (19482) عن مُحَمَّد بن مُقَاتِلٍ المَرْوَزِيّ.

ورواه ابن أبي الدنيا في «كتاب المنامات» (ص: 88) (163) عن أَحْمَد بن حَاتِمٍ الطَّوِيل.

ورواه الطبري في «تهذيب الآثار - مسند عمر» (2/515) (740) عن عَلِيّ بن مُسْلِمٍ الطُّوسِيّ.

ورواه ابن عساكر في «تاريخه» (11/236) من طريق عليّ بن المديني.

كلهم عن يُوسُف المَاجِشُوني، به.

قلت: وهذا إسناد صحيح، وليس فيه أن جابراً هو من طلب من ابن المنكدر تبليغ السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره!

وإنما طلب ابن المنكدر من جابر - ورآه يموت – إذا مات والتقى بالنبيّ صلى الله عليه وسلم أن يبلغه سلامه.

على أن مغلطاي أشار إلى تعليل هذه الحكاية!

فلما ذكر المزي هذه القصة في ترجمة «جابر بن عبدالله» من كتابه «تهذيب الكمال» تعقّبه مغلطاي في «الإكمال» (3/132) فقال: "وفي قول المزي: [وقال يوسف بن الماجشون عن محمد بن المنكدر: دخلت على جابر بن عبدالله وهو يموت، فقلت: اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام] – نظر! لما ذكره أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة»: حدثنا سريج: حدثنا يوسف الماجشون، عن محمد بن المنكدر: أنه دخل مع جابر بن عبدالله على رجل يموت فقال - يعني جابراً -: أبلغ محمدا منا السلام. وكذا ذكره الإمام أحمد في كتاب «الزهد»".انتهى كلام الحافظ مغلطاي رحمه الله.

قلت: نعم رواه البغوي في «معجم الصحابة» (1/446) (286) عن سُريج بن يونس البغدادي المروزي، عن يوسف الماجشون، عن محمد بن المنكدر: أنه دخل مع جابر بن عبدالله على رجل يموت فقال: أبلغ محمدا منا السلام.

ففي هذه الرواية أن جابراً هو من طلب هذا من الرجل الذي يموت! لكن رواية الجماعة ترجح على رواية سُريج وإن كان ثقة، إلا إذا كان يوسف الماجشون يضطرب في ذكر هذه القصة! والله أعلم.

وإشارة مغلطاي أنه كذلك في «الزهد» لأحمد، ليس كذلك!! فقد وهم في ذلك! فالرواية التي في كتاب «الزهد» كالتي في «المسند» كما رواها الجماعة، وليست مثل رواية سريج!

وعلى أية حال فلا وجه لمن استدل بهذه القصة على جواز تبليغ السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند زيارة قبره.

وأما ما رُوي عن عمر بن عبدالعزيز فضعيف!

فروى البيهقي في «شُعب الإيمان» (6/54) (3869) قال: حَدَّثَنَا أبو محمد عَبْدُاللهِ بنُ يُوسُفَ الْأَصْفَهَانِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ فِرَاسٍ الفقيه أبو إسحاق - بِمَكَّةَ -، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ الرَّازِيُّ، قال: حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ يَحْيَى البصري، عَنْ حَاتِمِ بنِ وَرْدَانَ، قَالَ: "كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِالعَزِيزِ يُوَجِّهُ بِالبَرِيدِ قَاصِدًا إِلَى المَدِينَةِ لِيُقْرِئَ عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ".

قلت: محمد بن صالح الرازي لم أعرفه!

وحاتم بن وردان البصري (ت 184هـ) بينه وبين عمر بن عبدالعزيز (101هـ) مفاوز.

وروى البيهقي أيضاً في «شُعب الإيمان» (6/54) (3870) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بنُ أَبِي عَمْرٍو، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِاللهِ الصَّفَّارُ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي الدُّنْيَا، قال: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ حَاتِمٍ المَدَائِنِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ رَبَاحِ بنِ بَشِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي سَعِيدٍ المُهْرِيِّ، قَالَ: قَدِمَتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِالعَزِيزِ إِذْ كَانَ خَلِيفَةً بِالشَّامِ فَلَمَّا وَدَّعْتُهُ، قَالَ: "إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، إِذَا أَتَيْتَ المَدِينَةَ سَتَرَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ".

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ أَبِي فُدَيْكٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عَبْدُاللهِ بنُ جَعْفَرٍ، فَقَالَ: "أَخْبَرَنِي [به] فُلَانٌ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يبردُ إِلَيْهِ البَرِيدُ مِنَ الشَّامِ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف! وفيه مجاهيل!!

تفرد به مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، وهو صدوقٌ مَشْهُور، وقَالَ فيه ابن سعد: "لَيْسَ بِحجَّة".

قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/317): "رباح بن بشير، عَنْ يزيد بن أَبِي سَعِيد، روى عنهُ ابن أَبِي الفديك.

قَالَ بشر بن مرحوم: حدثنا ابن أَبِي الفديك، عَنْ رباح بن بشر أو بشير بن مُحرز، عَنْ يزيد". [الشك من أَبِي عَبْداللَّه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل].

قلت: رواه علي بن المديني، عن ابن أبي فديك، عن رباح بن بشير بن محرز، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري.

ذكره ابن عساكر في «تاريخه» (65/204)، ثم نقل قول البخاري، ثم قال: "والصواب رباح بن بشير".

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (3/490): "رباح بن بشير أو بشر. روى عن يزيد بن أبي سعيد. روى عنه ابن أبي فديك. سمعت أبي يقول: هو مجهول".

*تنبيه:

في المطبوع: «رباح بن بشير أبو بشر»! وهو خطأ، والصواب: «أو» لا «أبو»!

وقد نبّه المعلمي في تعليقه على الكتاب بهذا، وأنه جاء في الأصول التي اعتمدها: «أبو»، وصححه كما جاء عند البخاري بالشك «أو»؛ لأن أبا حاتم يتبع البخاري في تراجمه.

وعلّق المعلمي على هذه الترجمة عند البخاري بقوله: "سيأتي في السند: «عن رباح بن بشر أو بشير بن محرز»، وهذا يحتمل وجهين:

الأول: أن يكون الشك في اسم الأب فقط، فهذا الرجل: «رباح بن بشر بن محرز» أو «رباح بن بشير بن محرز».

الثاني: أن يكون الشك في اسم الراوي نفسه: «أرباح بن بشر» هو أم «بشير بن محرز»..؟!

والأول هو الظاهر، وقد مشى على ذلك ابن ماكولا، فقال: رباح بن بشر بن محرز... قال البخاري: قال لي بشر بن مرحوم...، ومشى عليه ابن أبي حاتم وابن حبان، ولكن وقع في النسخ تخليط، ففي نسخة كتاب ابن أبي حاتم: «رباح بن بشير أبو بشر»، وفي الثقات: «رباح بن بشير، وقيل: بشر»، والله أعلم" انتهى.

ثم علّق على قوله: «بشير بن محرز» فقال: "قد تقدم في باب بشير (1/2/102) ترجمة لبشير بن محرز، ولا يبعد أن يكون هو والد رباح هذا، والله أعلم" انتهى كلام الشيخ المعلمي رحمه الله.

قلت: الشك كان في اسم والد رباح، هل هو: «بشير» أم «بشر»، والصواب أنه: «بشير»، والوجه الثاني الذي ذكره المعلمي بعيد جداً، وإن كان رجّح الأول.

والعجيب أنه أشار إلى ترجمة «بشير بن محرز» ويحتمل أنه والد رباح! مع أنه جزم بأن ذاك هو «بشير بن مُحرّر» برائين مهملتين لا بالزاي!!

فقد أثبت ذلك في الترجمة «بشير بن محرر»، ثم قال في الحاشية: "وقع في الأصلين «محرز»، وعلى الكلمة في كوحك [كذا] ومحاولة إصلاح، والصواب «محرر» كما ضبطه عبدالغني في المؤتلف ص119، وغيره".

وقال ابن حبان في «الثقات» (8/242): "رَبَاح بن بشير، وَقيل: بشر. يروي عَن يزِيد بن أبي سعيد، روى عَنهُ ابن أبي فديك".

قلت: لا يُعرف رباح بن بشير بن محرز هذا إلا في رواية ابن أبي فديك، فهو مجهول، وإنما ذكره ابن حبان في «ثقاته» على قاعدته في ذكر من لم يجد فيه جرحاً!

وأما يزيد بن أبي سعيد الراوي عن عمر بن عبدالعزيز:

فقال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/339): "يزيد بن أَبِي سَعِيد: سَمِعَ عُمَر بن عَبْدالعزيز بالشام: إذا وردت المدينة فأقرئ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السلام. قَالَهُ إِسْحَاق عَنِ ابنِ أَبِي فديك عَنْ رباح".

قلت: هنا لا يثبت البخاري سماع من عمر بن عبدالعزيز، وإنما هو ينقل ما جاء في هذه الرواية، ولهذا قال بعده: قاله إسحاق... وهذه طريقته في اقتصاص جزء من الإسناد ليترجم به، ثم يذكر من رواه.

وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/270): "يزيد بن أبي سعيد: سمع عمر بن عبدالعزيز بالشام يقول: إذا قدمت المدينة فاقرئ النبي صلى الله عليه وسلم مني السلام.

روى عنه ابن أبي فديك عن رباح عنه. سمعت أبي يقول ذلك".

قلت: لم يخرج أبو حاتم عن كلام الإمام البخاري كعادته في غالب كلامه.

وقال ابن حبان في «الثقات» (9/272): "يزِيد بن أبي سعيد المهرِي من أهل مصر. يَرْوِي عَن عمر بن عبدالعَزِيز. روى عَنهُ رَبَاح بن بشير بن مُحرز".

قلت: لم يذكر البخاري ولا أبو حاتم أنه مصري! ولعل ابن حبان أخذ ذلك من ابن يونس!

فقد ترجم ابن عساكر ليزيد في «تاريخه» (65/205) ثم نقل قول البخاري وغيره، ثم ساق من طريق أبي عبدالله بن منده، قال: أخبرنا أبو سعيد بن يونس قال: "يزيد بن أبي سعيد المهري، يروي عن أبيه. روى عنه يزيد بن أبي حبيب".

فعدهما ابن عساكر واحداً، فقال: "يزيد بن أبي سعيد مولى المهري المديني: وفد على عمر بن عبدالعزيز وحكى عنه، وروى عن أبيه، روى عنه رباح بن بشير بن محرز، ويزيد بن أبي حبيب".

وعلى هذا مشى من بعده.

فذكر المزي في «تهذيب الكمال» (32/141): "يزيد بن أَبي سَعِيد المدني، مولى المهري. رَوَى عَن: عُمَر بن عبدالعزيز، وأبيه أَبِي سَعِيد مولى المهري (م د). رَوَى عَنه: رباح بن بشير بن محرز، ويزيد بن أَبي حبيب (م د). ذكره ابنُ حِبَّان في كتاب «الثقات». روى له مسلم، وأبو داود حديثاً واحداً".

وقال في ترجمة أبيه (33/359): "رَوَى عَنه: ابنه أَبُو السميط سَعِيد بن أَبي سَعِيد مولى المهري... وابنه يَزِيدَ بنِ أَبي سَعِيد مَوْلَى المهري (م د)".

وقال الذهبي في «تاريخه» (2/1198): "أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى المَهْرِيِّ: مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ... وَعَنْهُ: ابْنَاهُ سَعِيدٌ وَيَزِيدُ، وسَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، ويَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أبي إسحاق الحضرمي".

قلت: حديث يزيد رواه مسلم في «صحيحه» (3/1507) (1896) قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بنِ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى المَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى بَنِي لَحْيَانَ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ»، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الخَارِجِ».

وكذا رواه أحمد وابن حبان والحاكم - وأخطأ في استدراكه على مسلم – وغيرهم.

والحديث معروف أيضاً من حديث يَحْيَى بن أَبِي كَثِيرٍ، عن أَبي سَعِيدٍ، مَوْلَى المَهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ.

وقد أخرجه مسلم قبل حديث يزيد.

قلت: أخشى أن يكون «يزيد» هذا هو نفسه «سعيد» تحرّف في الأسانيد!!! فرسمهما متقارب جدا.

وسعيد هذا مشهور ترجم له البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما.

قال ابن حبان في «الثقات» (6/363): "سعيد بن أَبِي سَعِيد مولى الْمهرِي كنيته أَبُو السميط، يروي عَن أَبِيه وَإِسْحَاق مولى زَائِدَة. روى عَنهُ: أُسَامَة بن زيد، وحرملة بن عمرَان، وَلَيْسَ هَذَا بِسَعِيد بن أبي سعيد المَقْبُري ذَاك أدخلْنَاهُ فِي التَّابِعين وَهَذَا فِي أَتبَاع التَّابِعين".

فإن صحّ أن «يزيد بن أبي سعيد» هو «سعيد بن أبي سعيد» فيكون الذي يروي عنه رباح آخر.

وعلى فرض أنه «يزيد» غير «سعيد»، فلم يذكر أهل العلم أن هذا الذي يروي عنه رباح هو ذاك المصري، فالذي يترجّح لي أنهم اثنان على كل الأحوال.

ويكون هذا يروي عنه رباح بن بشير مجهول! والله أعلم.

وأما ما رُوي عن أبي الزّاهرية - وهو من التابعين -:

فقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب «المنامات» (ص: 87) (160) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: حدثني أَبُو اليَمَانِ - هو: الحكم بن نافع الحمصي -، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو - هو السكسكي -، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، قال: عَادَ عَبْدُالْأَعْلَى ابنَ عَدِيِّ بنِ أَبِي بِلَالٍ الخُزَاعِيَّ فَقَال لَهُ عَبْدُالْأَعْلَى: أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَانِيَ فَتُعْلِمَنِي ذَلِكَ. وكَانَتْ أُمُّ عَبْدِاللَّهِ أُخْتُ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ تَحْتَ ابنِ أَبِي بِلَالٍ فَرَأَتْهُ فِي مَنَامِهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ: "إِنَّ ابْنَتِي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَاحَقَتْنِي فَهَلْ تَعْرِفِينَ عَبْدَالْأَعْلَى وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عَلَى القَضَاءِ، فَقَالَتْ لا، قالَ: فَسَلِي عَنْهُ ثُمَّ أَخْبِرِيهِ أَنِّي قَدْ أَقْرَأْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ السَّلَامَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَأَخْبَرَتْ أَخَاهَا أَبَا الزَّاهِرِيَّةِ بِذَلِكَ، فَأَبْلَغَهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهَا عَبْدُالْأَعْلَى حَتَّى سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهَا فَبَكَى".

قلت: أبو الزاهرية حُدير بن كُريب، ورواية صفوان بن عمرو عنه نادرة جداً!!

ولو صح فهذا منام لا تُبنى عليه الأحكام والأفعال!

وكذلك ليس فيه ما نحن بصدده من تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة مسجده والمرور بقبره، وهذا من جنس الأثر الأول عن جابر بن عبدالله.

فلم يصح أيّ أثر في جواز تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم السلام عند زيارة مسجده والمرور بقبره الشريف، وهي بدعة!!!

وقول النووي في كتاب «الإيضاح في مناسك الحج والعمرة» (ص:453)، وفي «المجموع شرح المهذب» (8/274): "إنْ كانَ قَدْ أَوْصَاهُ أَحَدٌ بِالسَّلاَم عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلْيقُلْ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يا رسولَ الله مِنْ فُلاَن ابنِ فُلاَن، أَوْ فُلاَنُ ابنُ فُلاَنٍ يُسَلّمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ الله أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنَ العِبَارَاتِ"!

وقول الموصلي في «الاختيار لتعليل المختار» (1/176): "وَيُبَلِّغُهُ سَلَامَ مَنْ أَوْصَاهُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، يَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى رَبِّكِ فَاشْفَعْ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ مَا شَاءَ"!

فهذه الأقوال لا دليل عليها ألبتة!!

ومن جوّز هذا الفعل استند إلى مثل هذه الأخبار المنكرة!!! والله المستعان..

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حج بيته الكريم وزيارة مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم في سعة وخير وعافية.. آمين..

وكتب: خالد الحايك.

 

شاركنا تعليقك