الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سقط من ترجمة "عَبَّاس الجَشْمِيّ" من مطبوع "التاريخ الكبير" للإمام البخاري!

سقط من ترجمة "عَبَّاس الجَشْمِيّ" من مطبوع "التاريخ الكبير" للإمام البخاري!

قال الإمام البخاري في "التاريخ الكبير" (7/4): "عَبَّاسٌ الْجَشْمِيُّ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ وَالْجَرِيرِيُّ. يَرْوِي عَنْ عُثْمَانَ، قَالَهُ مُعَاذُ بْن هِشَامٍ عَنْ أَبِيه عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ عَبْدالأَعْلَى عَنْ يَزِيدَ بْن زُرَيْعٍ عَنْ سعيد عن قتادة عن عباس بن عَبْدِاللَّهِ: أَنَّ عُثْمَانَ كَتَبَ فِي المُسَافِرِ". انتهى.

قلت: كذا في كلا الطبعتين لكتاب التاريخ الكبير، طبعة الإمام المعلمي اليماني، والطبعة التي بحواشي محمود الصعيدي!

وقد سقط من الترجمة بعض كلام الإمام البخاري المتعلّق بسماع صاحب الترجمة من أبي هريرة وحديثه عنه في سورة الملك!

قال مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" (7/224): "وفي تاريخ البخاري: عباس الجشمي يروي عن عثمان قاله معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة. وقال عبدالأعلى عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة بن عباس بن عبد الله: إن عثمان كتب في المسافر. وقال لي عمرو: ثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبارك شفعت لصاحبها". لم يذكر سماعاً من أبي هريرة".

فقد نقل مغلطاي من كتاب البخاري: "وقال لي عمرو: ثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبارك شفعت لصاحبها". لم يذكر سماعاً من أبي هريرة".

وهذا النصّ سقط من المطبوع، ويُحتمل أنه سقط من المخطوط الذي اعتمده المعلمي لما حقّقه.

والنص ثابت كما نقله مغلطاي، وكان رحمه الله من أوسع العلماء نقلاً عن المصادر الصحيحة.

وقد أكّد هذا النقل ثلاثة من الحفاظ: المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/407)، وابن الملقن في كتابه "البدر المنير" (3/562)، وتلميذه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/574)، حيث إن هذا الذي سقط من الترجمة يتعلق بالحديث الذي رواه عباس الجشمي عن أبي هريرة في سورة الملك.

والحديث رواه قَتَادَة، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، ثَلَاثُونَ آيَةً، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}».

روَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ»، وابن حبَان فِي «صَحِيحه»، والحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه عَلَى الصَّحِيحَيْنِ»، وغيرهم من طريق قتادة بِاللَّفْظِ المَذْكُور.

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ".

وقال البزار: "وَهَذَا الحديث لا نعلم يُروى عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلا بهذا الإسناد".

وقال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/574): "وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكبير بأن عباس الْجُشَمِيَّ لَا يُعْرَفُ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ".

وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (3/562): "هذا الحَدِيث صَحِيح.. قالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد. وَذكره البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه الْكَبِير» من رِوَايَة عَبَّاس الجُشَمي، عَن أبي هُرَيْرَة؛ كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَمن ذكر مَعَه، وَقَالَ: لم يذكر سَمَاعه من أبي هُرَيْرَة. قَالَ الْمُنْذِرِيّ: يُرِيد أَنَّ (عبَّاسًا) الجُشَمي رَوَى هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يذكر فِيهِ أَنه سَمعه مِنْهُ".

وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (1265): "حديث حسن، كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي".

وقال شعيب الأرنؤوط ورفاقه: "حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عباس الجشمي".

قلت: الحديث ضعيف، وعباس الجشمي لم يسمع من أبي هريرة كما قال الإمام البخاريّ، وروايته عن الصحابة فيها نظر!! فهو يروي عن مثل كعب الأحبار ونحوه من التابعين، وله بعض الأحاديث المرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مستور الحال، ولهذا ذكره ابن حبان في "ثقاته"؛ لأنه لم يجرّحه أحد.

ومثله لا يُقبل تفرده عن أبي هريرة مع وجود كبار أصحاب أبي هريرة الثقات. ولهذا نصّ البزار على أنه لا يُروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد.

وأما من صحح الحديث بالشواهد، فهذا على طريقة المتأخرين! ولا تصحّ! فهذه الشواهد واهية مثل بيت العنكبوت!!

ولا يصحّ في هذا الباب شيء.

وكتب: خالد الحايك.

 

شاركنا تعليقك