الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

حديث «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ ولو بِشَطْرِ كَلِمَةٍ...» مُنكر!

حديث «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ ولو بِشَطْرِ كَلِمَةٍ...» مُنكر!

 

رُوي هذا الحديث من عدّة طرق: مرفوعاً ومرسلاً ومُعضلاً.

فرواه ابن ماجه في «سننه» قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ رَافِعٍ، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ ولو بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ».

ورواه أبو يعلى في «مسنده» (10/306) عن يحيى بن أيوب عن مروان بن معاوية، به.

وهذا الحديث تفرد برفعه يزيد بن زياد الشامي عن الزهري! وهو متروك الحديث، ينفرد عن الزهري بالمناكير!

قال البخاري: "يزيد بن زياد بن أبي زياد عن الزهري: منكر الحديث".

وقال أبو حاتم: "ذاهب الحديث".

وقال ابن نُمير: "يزيد بن زياد الدمشقي الذي روى عنه وكيع ليس بشيء"، قال: وسألت أبي عنه؟ فقال: "ضعيف الحديث كأن حديثه موضوع".

وقال النسائي: "يزيد بن زياد يروي عن الزهري: متروك الحديث".

وقد ذكره ابن عدي في الضعفاء، وأورد له هذا الحديث وآخر، ثم قال: "وهذان الحديثان يرويهما يزيد بن أبي زياد الشامي عن الزهري بأسانيدهما، ويرويهما عن يزيد مروان الفزاري، وجميعاً ليسا بمحفوظين، وليزيد غير هذين الحديثين، وكل رواياته مما لا يتابع عليه في مقدار ما يرويه".

وذكره أيضاً العقيلي في الضعفاء، وساق له هذا الحديث، ثم قال: "ولا يتابعه إلا من هو نحوه".

وسُئِل عنه أبا حاتم، فقال: "إنه باطلٌ موضوعٌ".

وأورده ابن الجوزي في «الموضوعات»، واعترض عليه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/14) بأنه قد بالغ في ذكره في الموضوعات، وقال بأنه تبع في ذلك أبا حاتم لحكمه عليه بالوضع.

وقد رُوِيَ عن الزُّهْرِيِّ مُعْضَلًا: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ في «السنن الكبرى» (8/22) من طَرِيقِ الفَرَجِ بن فَضَالَةَ، عن الضَّحَّاكِ، عن الزُّهْرِيِّ يَرْفَعُهُ قال: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله».

وفرج بن فضالة الشامي منكر الحديث متروك يقلب الأسانيد.

ورواه نُعيم بن حماد في كتاب «الفتن» (1/186) قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بنُ الْوَلِيدِ وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَحْوَصِ بنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الْأَنْصَارِيِّ الشّامي، عَنْ سَعِيدِ بنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه».

قلت: وهذا مرسل ضعيف، تفرد به الأحوص بن حكيم الحمصي ليس بشيء منكر الحديث!

وقد رَوَاهُ أبو نُعَيْمٍ في «الحلية» (5/74) من طرِيقِ حَكِيمِ بن نَافِعٍ، عن خَلَفِ بن حَوْشَبٍ، عن الْحَكَمِ بن عُتَيْبَةَ، عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ: سَمِعْت عُمَرَ، فَذَكَرَهُ.

وقال: "تفرَّدَ بِهِ حَكِيمٌ عن خَلَفٍ".

قلت: حكيم بن نافع الرقي ضعيف.

ضعفه ابن معين مرة ووثقه أخرى.

وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث منكر الحديث".

وقال ابن حبان: "كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يحتج به فيما يرويه منفرداً".

وقال الساجي: "عنده مناكير".

ورواه عمرو بن محمد بن الأعشم، عن يحيى بن سالم الأفطس، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن عمر الخطاب، به.

أورده ابن حبان في الضعفاء (2/74) في ترجمة ابن الأعشم، وقال: "شيخ يروي عن الثقات المناكير وعن الضعفاء الأشياء التي لا تعرف من حديثهم، ويضع أسامي للمحدثين، لا يجوز الاحتجاج به بحال". واتهم ابن الأعشم بوضعه، ثم قال: "حديث موضوع لا أصل له".

ورُوي من حديث ابن عباس وابن عمر، وأبي سعيد، ولا يصح منها شيء.

أما حديث ابن عباس: فرواه الطبراني في «المعجم الكبير» (11/79) برقم (11102) عن عليّ بن عبدالْعَزِيزِ، عن عبدالْغَفَّارِ بن عبداللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ، قال: حدثنا عبداللَّهِ بن خِرَاشٍ، عَنِ الْعَوَّامِ بن حَوْشَبٍ، عن مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عنهما قال: قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «من شَرِكَ في دَمٍ حَرَامٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جاء يوم الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بين عَيْنَيْهِ آيِسٌ من رَحْمَةِ اللَّهِ».

قلت: تفرد به عبدالله بن خراش وهو أخو العوام بن حوشب لأمه، وهو منكر الحديث ليس بشيء!

قال البخاري: "منكر الحديث".

وقال أبو حاتم: "منكر الحديث، ذاهب الحديث، ضعيف الحديث".

وقال أبو زرعة: "ليس بشيء ضعيف الحديث".

وأما حديث ابن عمر: فرواه البيهقي في «شعب الإيمان» (4/346) من طريق ابن عدي الحافظ، عن عبدالله بن موسى بن الصقر السكري، عن أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي، عن عبيدالله بن حفص بن شروان، قال: حدثنا سلمة بن العيار أبو مسلم الفزاري، عن الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر، نحوه.

قلت: عبيدالله بن حفص بن شروان مجهول لا يُعرف!

ورواه أبو نُعيم في «تاريخ أصبهان» (1/188) من طريق داود بن المحبر، عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، نحوه.

قلت: داود بن المحبر متروك ليس بثقة.

وأما حديث أبي سعيد الخدري: فرواه ابن الْجَوْزِيِّ في «الموضوعات» من طريق أَبي نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، قال: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ سَعْدٍ، قال: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّاقِدُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ أَبِي لَيْلَى، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قال: «يَجِيءُ الْقَاتِلُ يوم الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بين عَيْنَيْهِ آيِسٌ من رَحْمَةِ اللَّهِ».

وأَعَلَّهُ بِعَطِيَّةِ وَمُحَمَّدُ بن عُثْمَانَ بن أبي شَيْبَةَ، وتعقّبه ابن حجر فقال: "ومُحَمَّدٌ لا يَسْتَحِقُّ".

قلت: العهدة فيه على عطية العوفي وهو ضعيف جداً لا يحتج به، وكان يدلّس فيسمع من الكلبي الكذاب ويدلس اسمه ويكنيه "أبا سعيد" ليوهم أنه "أبو سعيد الخدري" الصحابي.

والخلاصة أن كلّ طرق هذا الحديث منكرة ولا أصل لها، والحديث أشبه بالوضع.

 

وكتب: خالد الحايك.

 

شاركنا تعليقك