الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (5). قول شَريك القاضي في حمّاد ابن أبي سُليمان: « كان به لَمم، وكنت أقول: لا أكتب عن المجانين».

سلسلة فهم أقوال أهل النَّقد (5).

قول شَريك القاضي في حمّاد ابن أبي سُليمان: « كان به لَمم، وكنت أقول: لا أكتب عن المجانين».

 

قيل لشَريك: لِمَ لَمْ تكثر عن حماد – وهو ابن أبي سليمان-؟ قال: "كنت أجاوزه إلى غيره، كان به لَمم، وكنت أقول: لا أكتب عن المجانين".

قلت: هذا من أسباب عدم إكثار بعض الرواة السماع من بعض الشيوخ إذا كان به مرض يؤثر على عقله كالصرع - وهو ضرب من الجنون - ونحوه.

وقد صرّح شَريك القاضي بأن حماداً كان يُصرع.

قال عباد بن يعقوب: سمعت شريكاً - وسأله إنسان يحمل العلم عن المجنون الذي يصرع؟ فقال: "رأيت حماد بن أبى سليمان وإنه يصرع وما بيني وبينه إلا كذا، وأشار عباد بيده، وقد حمل الناس عنه".

وقال عبدالرزاق عن معمر قال: "كان حماد بن أبي سليمان يُصرع وإذا أفاق توضأ".

قال الذهبي معقباً: "قلت: نعم؛ لأنه نوع من الإغماء، وهو أخو النوم فينقض الوضوء" [سير أعلام النبلاء: 5/235].

وروى جرير بن عبدالحميد عن مغيرة قال: "كان حماد يصيبه المس؛ فإذا أصابه شيء من ذلك ثم ذهب عنه عاد إلى الموضع الذي كان فيه".

وروى العقيلي من طريق مُؤَمَّل بن إِسماعيل، قال: حَدثنا حَماد بن زَيد، قال: حَدثنا مُحمد بن ذَكوان قال أَبي: ذُكِر عِند حَماد بن أَبي سُليمان: أَنَّ النَّبي عَليه السَّلامُ: أَعتَق اثنَين وأَبقَى أَربَعَةً، أَقرَع بَينَهُم، فقال حَمادٌ: "هذا رَأي الشَّيخ - يَعني الشَّيطانَ".

قال مُحمد بن ذَكوانَ: فَقلت له: إِن القَلَم رُفِع عن ثَلاثٍ: عن المَجنُون حَتَّى يُفيق، قال: فقال: ما أَرَدت إِلى هذا؟ قُلتُ: أَنت ما أَرَدت إِلى هذا، قال أَبي: كان حَماد تُصيبُه المُوتَةُ.

وذكر العجلي في «الثقات» قال: قال أبي: "وكانت به – أي حمّاد- موتة، وكان ربما حدثهم بالحديث فيعتريه ذلك، فإذا أفاق أخذ من حيث انتهى".

قال: قلت لأبي، وما الموتة؟ قال: "طرف من الجنون".

قلت: وهذا الذي كان يُصاب به حماد بن أبي سليمان كان يؤثر في سلوكه فيلبس ملابساً لا تليق فيستهزأ الناس به، ويعرضون عن سماعه!

قال حَمّاد بن زَيد: قدِم عَلَينا حَماد بن أَبي سُليمان البَصرَة، فخرَج وعَليه مِلحَفَة حَمراء, فَجعل صِبيان البَصرَة يَسخَرُون به، فقال لَه رَجُلٌ: ما تَقول في رَجُل وطِئ دَجاجَةً مَيتَةً, فَخَرَجَت مِن بَطنِها بَيضَةٌ؟ وقال آخَرُ: ما تَقول في رَجُل طَلَّق امرَأَتَه مِلأ سُكُرُّجَةَ؟!.

وقال عُبيد بن هِشام: حَدثنا أَبو المَليح، قال: قدِم علينا حَماد بن أَبي سُليمان، فَنَزَل واسِط الرِّقَّة، فَخَرَجت إِليه لأَسمع منهُ، قال: فإِذا عَليه مِلحَفَة مُعَصفَرَة حَمراء, وإِذا لحيَتُه قَد خَضَبَها بِالسَّواد، قال: فَرَجَعت ولَم أَسمَع منهُ.

شاركنا تعليقك