الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

تحريفٌ وقع للدكتور بشار معروف في تحقيقه لـ ((تهذيب الكمال))! أدى إلى تغيير المعنى!

تحريفٌ للدكتور بشار معروف في تحقيقه لـ "تهذيب الكمال"! أدى إلى تغيير المعنى!

جاء في ((تهذيب الكمال)) (16/81) تحقيق: د. بشار معروف في ترجمة: "عبدالله بن محمد بن عَقيل": "وقال الحميدي عن سفيان: كان ابنُ عَقيل في حِفظه شيءٌ، فكرِهتُ أنْ ألقهُ".

هكذا ضبطه الدكتور بشار: "ألقهُ"!

ومعنى ذلك أن ابن عيينة كره لقاء ابن عقيل! وهذا غير صحيح! وهذا الكلام الذي ذكره ابن عيينة كان بعد أن سمع منه حديث الرُّبيع.

وصواب العبارة: "فكرهت أن أُلَقِّنَه"، من التلقين، أي خاف ابن عيينة أن يلقن ابن عقيل جزءاً من الحديث الذي جاء ليسمعه منه بعد أن كان سمعه من ابن عجلان.

وهذا النص جاء على الصواب في مسند الحميدي، والعجيب أن الدكتور بشار لم يُشر إليه، وأشار في الهامش إلى "الجرح والتعديل" (5/الترجمة 706)!!

وهو محرّف كذلك في مطبوع الجرح والتعديل! وفيه: قال عبدالرحمن - أي ابن أبي حاتم -: أخبرنا أبو زرعة، قال: أخبرنا الحميدي، قال: قال سفيان: "كان ابن عقيل في حفظه شيء، فكرهت أن القيه".

كذا في المطبوع: "القيه"!

وهو كذلك في مطبوع "تاريخ دمشق"!

قال ابن عساكر في ((تاريخه)) (32/262): أنبأنا أبو الحسين هبة الله وأبو عبدالله الخلال قالا: أنبأنا أبو القاسم بن مندة: أخبرنا أبو علي إجازة [ح]

قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة: أخبرنا علي بن محمد قالا: أنبأنا أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس: أنبأنا أبي قال: سمعت أبا معمر القطيعي يقول: كان ابن عيينة لا يحمد حفظ ابن عقيل.

قال: وأخبرنا أبو زرعة: حدثنا الحميدي قال: قال سفيان: "كان ابن عقيل في حفظه شيء فكرهت أن القيه".

وعند أبي بكر الحُميدي في  ((مسنده)) (1/163) رقم (342) قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: أرسلني علي بن الحسين إلى الرُّبيع بنت مُعوّذ بن عفراء أسألها عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتوضأ عندها فأتيتها فأخرجت إليَّ إناء يكون مُداً أو مداً وربع بمد بني هاشم، فقالت بهذا كنت أخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء فيبدأ فيغسل يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما الإناء، ثم يتمضمض ويستنثر ثلاثاً ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل يديه ثلاثاً ثلاثاً، ثم يمسح برأسه مقبلاً ومدبراً، ويغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً. قالت: وقد جاءني ابن عمتك فسألني عنه فأخبرته. فقال: ما علمنا في كتاب الله إلا غسلين ومسحتين -يعني ابن عباس.

قال أبو بكر: ووصف لنا سفيان المسح فوضع يديه على قرنيه ثم مسح بهما إلى جبهته ثم رفعهما ووضعهما على قرنيه من وسط رأسه ثم مسح إلى قفاه.

قال سفيان: "وكان ابن عجلان حدثناه أولاً عن ابن عقيل عن الرّبيع فزاد في المسح قال: ((ثم مسح من قرنيه على عارضيه حتى بلغ طرف لحيته))، فلما سألنا ابن عقيل عنه لم يصف لنا في المسح العارضين، وكان في حفظه شيء فكرهت أن أُلقنه".

وهو على الصواب أيضاً في ضعفاء العقيلي (2/299).

وفي مطبوع تاريخ ابن عساكر: (32/260): "فلما سألنا ابن عقيل عنه قص لنا في المسح وكان في حفظه شيء فكرهت أن القيه".

قلت: المشكلة ليست في تاريخ ابن عساكر ولا في كتاب ابن أبي حاتم، وإنما المشكلة في التحقيق، فالأصل فيهما: "ألقنه" بالنون بدل الياء.

وفي النسخة الخطية لتهذيب الكمال في دار الكتب المصرية رسم الحرف بعد القاف وقبل الهاء ولكن ليس عليه نقط لا فوقه ولا تحته، ومن هنا جاء في بعض النسخ: "القيه" ظناً أن هذا الحرف هو الياء، فذهب الدكتور بشار إلى أن ذلك بمعنى اللقاء فضبطه: "ألقه"! وهو خطأ! والصواب كما قدمته بالنون: "ألقنه" من التلقين. فخاف سفيان أن يلقنه ما سمعه من ابن عجلان في مسح العارضين؛ لأن حفظ ابن عقيل فيه شيء.

فرضي الله عنك يا سفيان ما أورعك، لو كان غيرك لربما لقّنوه.

وكتب: خالد الحايك

13 ذو الحجة 1431هـ.

 

شاركنا تعليقك