الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

«إِعلام الأَنام» بسرقة كتاب «التجديد في الإسلام»!

سلسلة (الكوكب الدُّري المُتلالي الجامع لسرقات سليم الهلالي)(1).

«إِعلام الأَنام» بسرقة كتاب «التجديد في الإسلام»!

 

بقلم: خالد الحايك

 

بِسم الله الرّحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإننا نعيش في زمان قد انقلبت فيه الأمور، وعصف بأهله الفجور، وكَثُر فيه أصحاب الغرور، نسأل الله حسن الخاتمة إنه هو العزيز الغفور.

كان منهج أهل الحديث - رضي الله عنهم أجمعين- أنه إذا بُيِّن الخطأ لأحدهم فإنه يتراجع عن خطأه، فإن أصرَّ عليه ولم يرجع، هجره أهل العلم وتركوه؛ لأن هذا العلم دين، فإذا أصرّ المخطئ على خطأه؛ أضر بنفسه وبالمسلمين، وما أسهل الرجوع إلى الحقّ لو كانوا يعلمون.

وهؤلاء الذين نتحدث عنهم قلّ ما نجد من أمثالهم في هذه الأزمان، فكم من متشبع بما لم يعط إذا بيَّنتَ له الصواب؛ شغّب عليك وخلط الحق بالباطل، والله المستعان.

قبل عدة أيام عزمت على الكلام على حديث التجديد المشهور: ((إنّ الله يبعث على رأس كلّ سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها))، وكنت قد تكلمت عليه باقتضاب في بعض كتبي، وعزمت على بيان ضعفه بإسهاب، فوقع بين يدي كتاب لأبي أسامة سليم بن عيد الهلالي (فضيلة الشيخ – كما هو على غلافه -) بعنوان ((الطلع النضيد في فقه حديث التجديد وأنه من خصائص أهل السنة والتوحيد)) نشر: الدار الأثرية/عمان/الأردن، الطبعة الأولى، 1425هـ-2004م. والكتاب من الحجم الصغير، ويقع في (35) صفحة.

وبدأت بقراءة الكتاب، فأحسست أن ما أقرأه ليس لسليم؛ لأنني استكثرتُ عليه أن تكون هذه لغته! وكلما تقدمت في القراءة ازددت قناعة بذلك، فتركت الأمر حينئذ لانشغالي، وبعد ذلك هاتفت الأخ وائل البتيري - وهو من المتخصصين بكشف سرقات سليم الهلالي - وأخبرته بإحساسي أن هذا الكتاب ليس لسليم الهلالي، وقرأت له نصاً من الكتاب، فإذا به - وبعد أقل من ساعة - يتصل بي ويخبرني بأن هذا النص موجود في بحث قد نشرته ((مجلة البيان))، فراجعت البحث فإذا بسليم قد التهم ما نُشر في مجلة البيان بحروفه، ونسبه لنفسه!! مع تغيير في بعض العبارات ليدلّس على الناس!!

والمصيبة أن (سليم الهلالي) قد افتضح كثيراً في سرقاته منذ زمن بعيد؛ إلا أنه لم يتب إلى الله عز وجل ولم يترك السرقة!

والمصيبة الأكبر أنه ما زال من يطبّل له ويزمّر، ويصفّر له ويصفّق، ويضفي عليه الألقاب العلميّة التي لا يستحق عُشرها، ولا أقل من ذلك!

فالرجل عنده ((إدمان)) على سرقة الجهود العلمية، كما أن هناك أناساً مدمنين على شرب الخمور وأكل الرِّبا، وغير ذلك، فإلى متى سيظل (قلب سليم) (سقيماً غير سليم)؟!..

أما آن الآوان لك (يا سليم!) أن تراجع نفسك وتعلن توبتك أمام الملأ، وتعتذر عما فعلته من ضرر بالناس، وأنت السلفي الذي تدعو إلى الالتزام بمنهج السلف، فهل هذا هو منهج السلف؟ هل هذه هي العقيدة السليمة يا سليم؟ هل هذه دعوة الكتاب والسنّة؟

ومصيبة أخرى أنه كُتب على صفحة الكتاب الداخلية: "حقوق التأليف والنشر محفوظة للمؤلف، ولا يجوز طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه على أية هيئة أو بأية وسيلة إلا بعد مراجعة المؤلف"!

فأين حقوق من سرقت بحثه؟ فكلّ ما في الكتاب ليس لك، فكيف تحرّج على الناس ما أحللته لنفسك؟ وأيّ حقوق تقصد؟ هل تقصد حقوق مجلة البيان التي قامت بنشر الكتاب الذي التهمتَه التهامَ الشَّرِهين النَّهِمين، بله السارقين المحترفين؟!

وصدق صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((إنّ مما أدرك الناس من كلام النبوة: إن لم تستح فاصنع ما شئت)).

يا سليم! إن استمرارك بهذه الأفعال الشنيعة يدل على أنك لم تفقه هذا الحديث - وأنت كما يزعمون من كبار أهل الحديث- فإن لم تنته فلا حياء إذن، فاصنع ما شئت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

·       أصل الكتاب:

نشرت ((مجلة البيان)) في أعدادها (1-8) في افتتاحيات هذه الأعداد عناصر بحثٍ بعنوان: ((التجديد في الإسلام))، فإذا بسليم الهلالي ((يلتقم)) ثم ((يلتهم)) جزءاً كبيراً من هذا البحث ويضعه في كتابه ناسباً ذلك لنفسه، بل والتَهم أيضاً هوامش البحث، وعلامات الترقيم!!

وقد صدر البحث عن مجلة البيان في كتاب خاص، وكانت الطبعة الرابعة منه سنة (1422هـ- 2001م) باسم: ((التجديد في الإسلام)).

http://www.albayan-magazine.com/monthly-books/tjded/iindex.htm

وما هو موجود في الصفحات من (7-12) إنما هو تخريج الحديث، ونُقول سليم لكلام أهل العلم فيه، فلا حاجة للتعرض له.

وإنما سأتعرض لسرقته ما جاء في مجلة البيان وهذه السرقة تمثل الكتاب كلّه!! فأذكر أولاً كلام محرر مجلة البيان بخط غامق، ثم اتبعه بكلام سليم مع تمييز ما غيَّره أو أنقصه أو زاده بوضعه بين معقوفتين.

1- قال محرر مجلة البيان (ص23): "إن هذا الحديث العظيم إحدى البشائر التي وعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيها أمته، وإنه ليمنح المسلم المصدق بما جاء به الرسول - عليه الصلاة والسلام - طاقة من الأمل الأكيد بنصر الله لعباده المؤمنين، ويمنحه - فوق هذا - دفعة قوية للعمل والبذل والتضحية رجاء أن يكتب الله له حظاً من أجر المجدِّدين".

قال سليم (ص14): "إنّ هذا الحديث العظيم إحدى [المبشرات] التي [أخبر بها] الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، وإنه ليمنح المسلم المصدق بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم طاقة من الأمل الأكيد بنصر الله لعباده المؤمنين، ويمنحه قوة للعمل والبذل والتضحية، رجاء أن يكون له من [أمر التجديد نصيباً]".

 

2- قال محرر مجلة البيان (ص24-25): "وسنقف في هذه الفترة مع بعض المعاني التي نستلهمها من الحديث:

فأول ما يستوقف المتأمل قول الرسول- صلى الله عليه وسلم:«يبعث لهذه الأمة» إن هذا المبعوث لم يعد همه نفسه فحسب، بل تجاوز ذلك ليعيش «لهذه الأمة» وسواء كان المقصود أمة الدعوة-على ما رآه قوم- أو أمة الإجابة - على ما رآه آخرون-؛ فإن هذا المجدد تعدى نطاقه المحدد إلى الأفق الأوسع ليؤثر في مجريات الأمور والأحداث من حوله وليقود خطوات الأمة المسلمة في معركة الحياة، ومن ثم يحدث التوازن في مسيرة الحياة البشرية كلها، ويأخذ الإسلام دوره في الوجود. وهو بهذا مجدّد للأمة الإسلامية بإيقاظها، وإعادة ثقتها بدينها، وردها إلى المنهج الصحيح. وهو مجرد للبشرية كلها، البشرية المتلهفة إلى العدالة والإيمان.. المحتاجة إلى العقيدة أكثر من حاجتها إلى الطعام والشراب والهواء.

إن هذا المجدد ليس ممن يقنعون باليسير، ويرضون بالدون، فيكتفي أحدهم بحفظ نفسه ومن تحت يده - إن استطاع - ثم يترك أمر الناس للناس! بل قد تعظمت همته واشتدت عزيمته فصار لا يطيق صبراً على الفساد والانحراف، وأقلق قلبه تسلط الظالمين والمفسدين وتوجيههم للحياة وفق ما يريدون، فآلى على نفسه أن يزاحمهم ما استطاع، ويشق الطريق للأخيار حتى يأخذوا دورهم في الحياة من جديد.

إن الذين تتحرك في نفوسهم الآمال والتطلعات كثيرون، ولكنهم يتناقدون ويتساقطون واحداً بعد الآخر كما تقدمت بهم الطريق وازدادت التحديات وكثرت المتاعب. ومن أجل ذلك تميز فرد أو أفراد بأنهم المجددون؛ لأنهم صابروا العقبات وغالبوها حتى غلبوها؛ لأن همتهم كانت أعظم من تلك العقبات: كانت تجديد الدين لهذه الأمة، وإعطاء المسلمين دورهم القيادي بين الأمم، مع تحقيق معنى انتمائهم للإسلام. لذلك فهم يمارسون دورهم العالمي من خلال دورهم الإسلامي، ويمارسون دورهم الإسلامي من خلال فئتهم الخاصة التي هي النواة الأولى للإصلاح المرتقب".

قال سليم (ص14-17): "[وسنتناول بعض المعاني التي يقررها حديث التجديد].... وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبعث لهذه الأمة)): فيه أن هذا المبعوث لم يعد همه نفسه؛ فحسب، بل تجاوز ذلك ليعيش ((لهذه الأمة))، فإن هذا المجدد تعدى نطاق ذاته المحدود إلى الأفق الأرحب؛ ليؤثر في مجريات الأمور وواقع والأحداث من حوله، وليقود خطوات الأمة المسلمة في معركة الحياة، [نحو مراقي العزة والنصر]، ومن ثم يحدث التوازن في مسيرة الحياة البشرية كلها، ويأخذ الإسلام دوره في الوجود. فهو بهذا مجدّد للأمة الإسلامية بإيقاظها، وإعادة ثقتها بدينها، وردها إلى المنهج الصحيح. [و] هو مجرد للبشرية كلها: البشرية المتلهفة إلى العدالة [المتعطشة إلى] الإيمان، المحتاجة إلى [التوحيد والسنة] أكثر من حاجتها إلى الطعام والشراب والهواء.

إن المجدد ليس ممن يقنعون باليسير، [ويكتفون] بالدون، [فيرضى] أحدهم بحظ نفسه [وحفظها ومن يعول]-إن استطاع-، ثم يترك أمر الناس [فوضى لا سراة لهم (!)].

لقد تعاظمت همته، واشتدت عزيمته، [وقوي عوده]، فصار لا يطيق صبراً على الفساد والانحراف، وأقلق قلبه [الجور والظلم الذي ملأ الأرض طراً؛ فأبى إلا أن يشق الطريق، فكان كالنذير العريان؛ فإن الرائد لا يكذب أهله].

إن الذين تتحرك في نفوسهم الآمال والتطلعات كثيرون، ولكنهم يتناقصون ويتساقطون واحداً بعد الآخر كلما تقدمت بهم الطريق وازدادت التحديات وكثرت المتاعب؛ [فالقمم لا يرقاها إلا آحاد الناس (!)].

ومن أجل ذلك تميز فرد -أو أفراد- بأنهم المجددون؛ لأنهم صابروا العقبات [واصطبروا عليها]، وغالبوها حتى سلست بأيديهم أزمّة الأمور]؛ لأن همتهم أعظم من تلك العقبات: كانت تجديد الدين لهذه الأمة، [ليحتل] المسلمون دورهم القيادي [الريادي] بين الأمم.

لذلك فهم يمارسون دورهم [العالي] العالمي من خلال دورهم الإسلامي، ويمارسون دورهم الإسلامي من خلال الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية".

 

3- قال محرر مجلة البيان (ص25): "2- أما «البعث» المذكور أنه يكون على رأس المائة، فإن البعث هو الإثارة والإرسال، فيكون المعنى: (إن الله يقيض لهذه الأمة على رأس المائة مجدداً، أي: أنّ هذا المجدد يتصدى في رأس المائة لنفع الأنام، وينتصب لنشر الأحكام) [هامش: مقدمة فيض القدير للمناوي، 1/10].

فليست ولادته ولا وفاته على رأس المائة، بل تجديده؛ ولذلك استغرب الإمام المناوي فهم بعض العلماء أن المبعوث يكون موته علىرأس القرن وقال: (وموته على رأس القرن أخذ لا بعث) [هامش: مقدمة فيض القدير للمناوي: 1/12].

قال ابن الأثير: (وإنما المراد بالذكر: من انقضت المائة وهو حي، عالم مشهور مشار إليه) [هامش: جامع الأصول: 11/324)].

وقال الكرماني والطيبي مثل ذلك. [هامش: فيض القدير: 1/12].

وقال السيوطي في منظومته التي سماها: (تحفة المهتدين بأخبار المجدِّدين) [هامش: موجودة بكاملها في آخر رسالته التنبئة، موجودة في فيض القدير 2/282، وعون المعبود: 4/81]:

والشرط في ذلك أن تمضي المائة *** وهو على حياته بين الفئة

يشار بالعلم إلى مقامـــــــــــــــــه *** وينصر السنة في كلامــه

[هامش: التنبئة: ص18/ب]".

قال سليم (ص17-18): "3... أما «البعث» المذكور أنه يكون على رأس المائة، فإن الله يقيض لهذه الأمة على رأس المائة مجدداً، يتصدى ((لنفع الأنام، وينتصب لنشر الأحكام)) [هامش: مقدمة فيض القدير للمناوي، 1/10].

فليست ولادته ولا وفاته على رأس المائة، بل تجديده [ودعوته].

ولذلك استغرب الإمام المناوي فهم بعض [أهل العلم]: أن [المجدد] يكون موته على رأس القرن، [قائلاً]: ((وموته على رأس القرن أخذ لا بعث)) [هامش: المرجع السابق].

قال ابن الأثير: ((وإنما المراد بالذكر من انقضت المائة وهو حي عالم مشهور مشار إليه) [هامش: جامع الأصول: 11/324)].

وقال [مثله] الكرماني والطيبي. [هامش: فيض القدير: 1/12].

وقال السيوطي في منظومته التي سماها: (تحفة المهتدين بأخبار المجدِّدين) [هامش: موجودة في آخر رسالته التنبئة، وموجودة في فيض القدير 2/282، وعون المعبود: 4/81]:

والشرط في ذلك أن تمضي المائــة *** وهو على حياته بين الفئة

يشار بالعلم إلى مقامـــــــــــــــــــه *** وينصر السنة في كلامـه

[هامش: التنبئة: ق18/ب]".

 

4- قال محرر مجلة البيان (ص27): "3- أما المقصود بـ (الرأس) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((على رأس كل مائة سنة))؛ فقد قال بعضهم: يعني في أولها، وقال آخرون: بل في آخرها. [هامش: عون المعبود: 4/178-179)]...

وحين نعود إلى تحديد الأئمة للمجددين نجده محتملاً للوجهين، فهذا عمر بن عبدالعزيز الذي أطبقت عليه الأمة تولى سنة 99 هـ، وتوفي - رحمه الله - سنة 101هـ".

قال سليم (ص18): "4-... أما المقصود بـ (الرأس) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((على رأس كل مائة سنة))؛ فقد قال بعضهم: يعني في أولها، وقال آخرون: بل في آخرها. [هامش: عون المعبود: 4/178-179)].

وحين نعود إلى تحديد الأئمة للمجددين نجده محتملاً للوجهين، فهذا عمر بن عبدالعزيز الذي أطبقت عليه الأمة تولى سنة 99 هـ، وتوفي -رحمه الله- سنة 101هـ".

 

5- قال محرر مجلة البيان (ص30): "4- أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((من يجدِّد لها دينها)) فيثور حوله سؤال ذو أهمية كبيرة: هل المقصود بذلك فرد أو رجل كما صرحت به الروايات التي رويت عن الإمام أحمد وسفيان؟ أم إن المقصود ما هو أوسع من ذلك؟

فأما لفظ «مَنْ» فمما لا يخفى أنه يطلق على المفرد وعلى الجماعة -من حيث اللفظ-، ومن حيث المراد بها في الحديث قال بعضهم: المقصود بها فردٌ، وحملوا «مَنْ» في هذه الرواية على لفظ (رجل)، أو (عالم) في الروايات الأخرى التي سلف بيان شأنها. [هامش: انظر: توالي التأسيس: ص24/ب، وفيض القدير: 1/10، وفتح الباري: 13/295].

واختار هذا الرأي عدد من العلماء، ونسبه السيوطي إلى الجمهور فقال:

وكونه فرداً هو المشهور          قد نطق الحديث والجمهور

[هامش: التنبئة: ص18/ب]

ونسبه غيره إلى (العلماء) [هامش: بذل المجهود: 17/203].

واختار آخرون العموم، منهم: الحافظ ابن حجر، وابن الأثير، والذهبي، والمناوي، والعظيم آبادي، وغيرهم".

وقبل الدخول في محاولة الترجيح نرى التقديم بحديثين فيهما بشريان أخريان لهذه الأمة: أولهما: قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله))...

ثُم قال (ص35 فما بعدها): "تكون الفرقة الناجية المنصورة هي القائمة بأمر الله في خضم هذه النزاعات والاضطرابات... وليس من حقّ أحدٍ أن يتحكم فيدخل من شاء ضمن هذه الطائفة، وينفي من شاء وفق رغبته وهواه، بل يكون ذلك وفق ميزانٍ عدلٍ مقسط، وهو عرض حال المدَّعي على الصفات النظرية والعملية التي وصف السلف الصالح بها هذه الفئة وهي:

1- موافقة اعتقاداتها لما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في أبواب العقيدة كلها: من أسماء الله وصفاته، والإيمان، والقدر، إلى غير ذلك من أصول الاعتقاد. وأسعد الناس بذلك هم الذين يؤمنون بالنصوص إيماناً صادقاً دون أن يسلطوا عليها سهام التحريف والتأويل والإنكار والتضعيف...

2- اعتمادها في التفقه والاستنباط على الوحي المنزل، أو على ما أحال عليه الوحي المنزل من الأدلة كالإجماع الثابت، أو القياس الصحيح أو المصلحة الراجحة التي لا تعارض نصاً من النصوص. وأين من ذلك الذين نبذوا مفهومات النصوص، وتشبثوا بأقوال الأئمة وقدموها على الوحي المنزل... وليس يعنى هذا: نبذ أقوال أهل العلم المعتبرين ونشر الفوضى بين المسلمين، وفتح المجال للطلبة الصغار الذين لا يحسنون التلاوة...

3- ومن الخصائص المهمة لأهل السنة –أهل الحديث كما يعبر البخاري وابن المديني وأحمد-رحمهم الله-: الحرص على العمل بالشرع والتزام الأوامر والنواهي... إن المعرفة الصحيحة بالله التي يحرص عليها أهل السنة ليست هي المعرفة الذهنية الباردة، بل هي المعرفة القلبية الحية التي ينتج عنها الخوف والرجاء والمراقبة والامتثال.

ولذا كان الأئمة السابقون حين يذكرون أهل السنة يعتبرون من خصائصهم: المحافظة على المفروضات والسنن والمستحبات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الرحم وحب المساكين والإحسان إلى الجيران.

قال الإمام المحدث الشيخ أبو عثمان الصابوني المتوفي سنة 449هـ في رسالة (عقيدة السلف وأصحاب الحديث): (... ويرون المسارعة إلى أداء الصلوات، وإقامتها في أوائل الأوقات أفضل من تأخيرها إلى آخر الأوقات ويوجبون قراءة الفاتحة خلف الإمام، ويأمرون بإتمام الركوع والسجود حتماً واجباً، ويعدون إتمام الركوع والسجود بالطمأنينة فيهما، والارتفاع من الركوع والانتصاب منه والطمأنينة فيه وكذلك الارتفاع من السجود والجلوس بين السجدتين مطمئنين فيه من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها ويتواصون بقيام الليل للصلاة بعد المنام وبصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام والرحمة على الفقراء والمساكين والأيتام والاهتمام بأمور المسلمين، والتعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمصرف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبدار إلى فعل الخيرات أجمع ويتحابون في الدين ويتباغضون فيه... الخ). [هامش: ضمن الرسائل المنيرية: 1/131].

وإلى هذا وذاك فأهل الحديث والسنة يحرصون على جمع الصف ووحدة الكلمة داخل هذا الإطار، فهم ليسوا حزباً محدوداً ينفي من عداه بالهوى والتحكم، ولكنهم رايةٌ عقدية أثرية من انطبقت عليه صفاتها وخصائصها فهو من هذه الفئة أقرّ له الآخرون بذلك أم لم يقرّوا...

فهذه الفئة أو الطائفة الموعودة يستحيل أن يكون المجدّد من غيرها استحالة تامة؛ إذ هي القائمة بأمر الله، المتبعة لشرعه، السائرة على هدي نبيه حذو القذة بالقذة، ومن ثم فهي المجدّدة لهذا الدين حين كاد يَخلَقُ بغبرة الأهواء وظلمتها وهي الواقفة عند حدود الله حين تجارت الأهواء بأصحابها فلم يبق لهم من الدين إلا الانتساب، فكيف يكون التجديد عمل غيرها؟!

وقد يكون لهذه الطائفة رؤوس يمتازون بالموقف الصلب الثابت، والعلم الواسع، والعمل الدؤوب في بلدٍ واحدٍ، أو في بلدان متعدِّدة، فرداً أو أفراداً وهؤلاء من التجديد أوفى نصيب...".

قال سليم (ص19-22): "5-... أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((من يجدِّد لها دينها)).

[فهناك سؤال كبير خطير]: هل المقصود بذلك فرد أو إن المقصود ما هو أوسع من ذلك؟

فأما لفظ «مَنْ» فمما لا يخفى أنه يطلق على المفرد وعلى الجماعة -من حيث اللفظ-، ومن حيث المراد بها في الحديث على لفظ (عالم). [هامش: انظر:فتح الباري: 13/295، وفيض القدير: 1/10].

واختار هذا الرأي عدد من العلماء، ونسبه السيوطي إلى الجمهور فقال:

وكونه فرداً هو المشهور          قد نطق الحديث والجمهور

[هامش: التنبئة: ق18/ب]

ونسبه غيره إلى (العلماء) [هامش: بذل المجهود: 17/203].

واختار آخرون العموم؛ منهم: الحافظ ابن حجر، وابن الأثير، والذهبي، والمناوي، والعظيم آبادي، وغيرهم.

[وحديث الطائفة المنصورة يرجح الثاني، ولذلك؛ فأهم صفاتها:]

1- موافقة [عقيدتها] لما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في أبواب [التوحيد] كلها: من أسماء الله وصفاته، والإيمان، والقدر، إلى غير ذلك من أصول الاعتقاد. وأسعد الناس بذلك هم الذين يؤمنون بالنصوص [كتاباً وسنة] إيماناً صادقاً دون أن يسلطوا عليها سهام التحريف والتأويل والإنكار والتضعيف [نقيض معناه]!

2- اعتمادها في التفقه والاستنباط على الوحي المنـزل، أو على ما أحال عليه الوحي المنـزل من الأدلة؛ كالإجماع الثابت، أو القياس الصحيح، أو المصلحة الراجحة التي لا تعارض نصاً من النصوص. وأين من ذلك الذين نبذوا النصوص، وتشبثوا بأقوال الأئمة وقدموها على الوحي المنـزل؟!

وليس يعنى هذا: نبذ أقوال أهل العلم المعتبرين ونشر الفوضى بين المسلمين، وفتح المجال [لحدثاء الأسنان، وسفهاء الأحلام].

3- ومن الخصائص المهمة لأهل الحديث: الحرص على العمل بالشرع والتزام الأوامر والنواهي.

إن المعرفة الصحيحة بالله التي يحرص عليها أهل الحديث ليست هي المعرفة الذهنية، بل هي المعرفة القلبية التي ينتج عنها [الإخلاص]، والخوف، والرجاء، والمراقبة، [والانقياد].

ولذا كان الأئمة السابقون حين يذكرون [السلف أهل الحديث يعدون] من خصائصهم: المحافظة على المفروضات، والسنن، والمستحبات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الرحم، وحب المساكين، والإحسان إلى الجيران.

قال الإمام أبو عثمان الصابوني [هامش: (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) ضمن مجموعة الرسائل المنيرية (1/131)]: (... ويرون المسارعة إلى أداء الصلوات، وإقامتها في أوائل الأوقات أفضل من تأخيرها إلى آخر الأوقات، ويوجبون قراءة الفاتحة خلف الإمام، ويأمرون بإتمام الركوع والسجود حتماً واجباً، ويعدون إتمام الركوع والسجود بالطمأنينة فيهما، والارتفاع من الركوع والانتصاب منه والطمأنينة فيه، وكذلك الارتفاع من السجود والجلوس بين السجدتين مطمئنين فيه من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها، ويتواصون بقيام الليل للصلاة بعد المنام، وبصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والرحمة على الفقراء والمساكين والأيتام، والاهتمام بأمور المسلمين، والتعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمصرف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبدار إلى فعل الخيرات أجمع، ويتحابون في الدين ويتباغضون فيه...).

وإلى هذا وذاك فأهل الحديث والسنة يحرصون على جمع الصف ووحدة الكلمة، فهم ليسوا حزباً محدوداً ينفي من عداه بالهوى والتحكم؛ ولكنهم راية عقدية [سلفية]، من انطبقت عليه صفاتها وخصائصها؛ فهو من هذه الفئة، [فهم جماعة أفهام لا جماعة أبدان].

فهذه [الفرقة الناجية والطائفة المنصورة] يستحيل أن يكون المجدّد من غيرها استحالة تامة؛ إذ هي القائمة بأمر الله، المتبعة لشرعه، السائرة على هدي نبيه [شبراً بشبر، وذراعاً بذراع]، ومن ثم فهي المجدّدة لهذا الدين حين كاد [يختلط بـ] الأهواء وظلمتها، وهي الواقفة عند حدود الله حين [تجاوزت] الأهواء بأصحابها، فلم يبق لهم من الدين إلا الانتساب، فكيف يكون التجديد عمل غيرها؟!

وقد يكون لهذه الطائفة [علماء] يمتازون بالموقف الصلب الثابت، والعلم الواسع، والعمل الدؤوب في بلدٍ واحدٍ، أو في بلدان متعدِّدة، فرداً أو أفراداً وهؤلاء من التجديد أوفى نصيب...".

 

6- قال محرر مجلة البيان (45): تحت عنوان ((معنى التجديد)):

"والتجديد يعني جعل الشيء جديداً، فتجديد الدين يعني إعادة نضارته ورونقه وبهائه وإحياء ما اندرس من سننه ومعالمه، ونشره بين الناس.

وهذا اللفظ (التجديد) يؤكد أن التجديد الموعود لا بد أن يكون على حين فترة من العلماء، واضمحلال لشأن أهل الحق وحملة السنة، فيبعث الله هؤلاء المجدّدين ليعيدوا للناس الثقة بدينهم، ويعلموهم ما جهلوا من شأنه. وهكذا يبدو جلياً أن التجديد لا يعني بحال من الأحوال إضافة شيء جديدٍ إلى الدين، كما أنه لا يعني بحالٍ من الأحوال اقتطاع شيء منه ونبذه. فهذا وذاك ليسا في الحقيقة تجديداً، وإنما هو مسخٌ وتجريد".

ثُم قال (ص48): "فالتجديد المقصود المنشود ليس تغييراً في حقائق الدين الثابتة القطعية لتلائم أوضاع الناس وأهوائهم، ولكنه تغيير للمفهومات المترسبة في أذهان الناس عن الدين، ورسم للصورة الصحيحة الواضحة، ثم هو بعد ذلك تعديل لأوضاع الناس وسلوكهم حسبما يقتضيه هذا الدين.

إن أي حركة تستهدف تغيير معالم الدين تكون في حقيقتها هدماً له وقضاء عليه، وإن بدا أنها تدعو إليه، أو تحقق له بعض المكاسب الآنية.

ونلحظ في كلمتي (الأمة) و (دينها) أن الأصل فيهما العموم والشمول، فهذه الحركة التجديدية التي تقوم عبر التاريخ الإسلامي في كل وقت يضعف فيه الخير وينكمش، تستهدف إصلاح الأمة بكاملها في جميع أقطارها على كافة مستوياتها، فهي ليست حركة إقليمية محدودة تقف عند بلد معين لا تتعداه أهدافها وطموحاتها، وليست مقصورة على فئة معينة من الفئات التي تكوّن المجتمع؛ بل تخاطب الشاب والشيخ والعامل والموظف والقريب والبعيد والرجل والمرأة، تخاطب كل فئة على قدر ما تحتمله عقولها، وبالأسلوب الذي يناسبها، فالإسلام لم ينزل ليكون ديناً لفئة خاصة من العقلاء الأذكياء مثلاً! كلا، بل الإسلام إنقاذ للبشرية -كلها- من ظلمات الكفر بأنواعه في الدنيا، ومن ظلمات النار والسعير يوم القيامة".

قال سليم (ص23-24) تحت عنوان ((معنى التجديد)):

"والتجديد: يعني: جعل الشيء جديداً، فتجديد الدين: يعني إعادة نضارته، ورونقه، وبهائه، وإحياء ما اندرس من سننه ومعالمه، ونشره بين الناس.

ولفظ (التجديد) يؤكد أن التجديد الموعود لا بد أن يكون على حين فترة من العلماء؛ فيبعث الله هؤلاء المجدّدين؛ ليعيدوا للناس الثقة بدينهم، ويعلموهم ما جهلوا من شأنه، وهكذا يبدو جلياً أن التجديد لا يعني إضافة شيء جديدٍ إلى الدين، كما أنه لا يعني اقتطاع شيء منه ونبذه، فهذا وذاك ليسا في الحقيقة تجديداً، وإنما هو مسخٌ وتجريد!

فالتجديد المقصود المنشود ليس تغييراً في حقائق الدين الثابتة القطعية، ليلائم أوضاع الناس وأهوائهم؛ ولكنه تغيير للمفهومات المترسبة في أذهان الناس عن الدين، ورسم للصورة الصحيحة الواضحة، ثم هو بعد ذلك تعديل لأوضاع الناس وسلوكهم حسبما يقتضيه هذا الدين.

إن أي حركة تستهدف تغيير معالم الدين تكون في حقيقتها هدماً له، وقضاء عليه، وإن بدا أنها تدعو إليه، أو تحقق له بعض المكاسب الآنية.

ونلحظ في كلمتي (الأمة) و (دينها) أن الأصل فيهما العموم والشمول، فهذه الحركة التجديدية التي تقوم عبر التاريخ الإسلامي في كل وقت يضعف فيه الخير وينكمش، تستهدف إصلاح الأمة بكاملها في جميع أقطارها على كافة مستوياتها، فهي ليست حركة إقليمية محدودة تقف عند بلد معين لا تتعداه أهدافها وطموحاتها، وليست مقصورة على فئة معينة من الفئات التي تكوّن المجتمع؛ تخاطب كل فئة على قدر ما تحتمله عقولها، وبالأسلوب الذي يناسبها، فالإسلام لم ينـزل ليكون ديناً لفئة خاصة من العقلاء الأذكياء مثلاً! كلا، بل الإسلام إنقاذ للبشرية -كلها- من ظلمات الكفر [والبدع] بأنواعه في الدنيا، ومن ظلمات النار والسعير يوم القيامة".

 

7- قال محرر مجلة البيان (49) تحت عنوان ((مجالات التجديد)):

"وحين نلحظ بجوار ذلك الكلمة الأخرى: (من يجدد لها دينها) نجدها تفتح أمام الدعاة آفاقاً جديدة في طبيعة التجديد ونوعه.

إن هذا التجديد (للأمة) لا ينحصر في مجال واحد فحسب، بل يمتد امتداداً آخر ليشمل تجديد الدين كله: فيشمل:

أولاً: التجديد في مجال العقيدة:

وهيهات أن يكون التجديد يعني إضافة شيء آخر إلى العقيدة الربانية، كلا.. بل التجديد هو تخليص العقيدة من هذه الإضافات البشرية لتصبح نقية صافية ليس فيها أثر لصنع البشر وآرائهم وفلسفاتهم. ولتفهم بالبساطة والوضوح كما فهمها سلف هذه الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

فأول خطوة في مجال التجديد العقدي هو تنقية العقيدة الإسلامية من آثار علم الكلام ومن جميع ما علق بها.

ومن التجديد في مجال العقيدة ربط آثارها الواقعية بها، فلا يكفي أن يؤمن المرء بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله على مقتضى ما يدين به أهل السنة إيماناً عقلانياً جافاً، بل لابد من العمل على إحياء الآثار القلبية النابعة من صدق الإيمان.

لا بد أن تطرق المعاني الباطنة التي هي جزء لا يتجزأ من العقيدة والإيمان: عمل القلب، وعمل القلب هو الحب والبغض والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والإنابة والخشوع. ولقد غفل الناس عن هذه المعاني - حتى العلماء- إلا من رحم الله- فطال الأمد، وقست القلوب، وصار الحديث عن صحة القلب ومرضه وعلاجه، وعن المعاني الإيمانية القلبية وقفاً على الصوفية الذين أسرفوا وغلوا حتى عبدوا ذواتهم ومشايخهم، فضلوا وأضلوا كثيراً عن سواء السبيل. ولقد كان أئمة السلف نماذج حية في صدق اللجأ إلى الله، وعمق الصلة به، ويقظة الضمير وحساسيته من جراء ذلك، وأوفى الناس حظاً من ذلك صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم التابعون لهم بإحسان، ثم العلماء العاملون على مدار القرون. ومن يتأمل سيرهم وأحوالهم يجد ذلك الشيء العجيب الغريب.

إن من واجب الحركة التجديدية أن تولي هذه القضية عناية كبيرة، فهي الأثر العملي المباشر للتصديق بالعقيدة، ولذا نجد أن الله –تعالى- بعد ما أثنى على المؤمنين بتصديقهم بيوم الدين أتبع ذلك بذكر إشفاقهم من عذاب الله، فقال -سبحانه-: (والَّذِينَ يُصَدِّقُون بِيَوْمِ الدِّينِ* والَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ* إنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) [المعارج]".

قال سليم (ص24-26) تحت عنوان ((مجالات التجديد)):

"وحين نلحظ بجوار ذلك الكلمة الأخرى: (من يجدد لها دينها) نجدها تفتح أمام [العلماء] آفاقاً جديدة في [حقيقة] التجديد ونوعه.

إن هذا التجديد (للأمة) لا ينحصر في مجال واحد فحسب، بل يمتد امتداداً آخر؛ ليشمل تجديد الدين كله: فيشمل:

أولاً: التجديد في مجال العقيدة:

وهيهات أن يكون التجديد يعني إضافة شيء آخر إلى العقيدة الربانية! كلا؛ بل التجديد هو تخليص العقيدة من هذه الإضافات البشرية، لتصبح نقية صافية ليس فيها أثر لصنع البشر وآرائهم وفلسفاتهم، ولتفهم [باليسر] والوضوح [وعدم التكليف والتنطع التي] فهمها سلف هذه الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

فأول خطوة في مجال التجديد [في العقيدة] هو: [تصفية] العقيدة الإسلامية من آثار علم الكلام، ومن جميع ما علق بها.

ومن التجديد في مجال العقيدة: ربط آثارها الواقعية بها، فلا يكفي أن يؤمن المرء بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله على مقتضى ما يدين به [السلف] إيماناً [معرفياً] جافاً، بل لابد من العمل على إحياء الآثار القلبية؛ [لأن أعمال القلوب من أصل الإيمان]، وعمل القلب هو [الإخلاص]، والحب، والبغض، والخوف، والرجاء، والرغبة، والرهبة، والإنابة والخشوع.

ولقد غفل [كثير من] الناس عن هذه المعاني، فطال الأمد، وقست القلوب، وصار الحديث عن صحة القلب ومرضه وعلاجه، وعن المعاني الإيمانية القلبية وقفاً على الصوفية الذين أسرفوا وغلوا [وانحرفوا]؛ فضلوا، وأضلوا كثيراً عن سواء السبيل، ولقد كان أئمة السلف نماذج [حق] في صدق اللجأ إلى الله، وعمق الصلة به، وأوفى الناس حظاً من ذلك صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم التابعون لهم بإحسان، ثم العلماء العاملون على مدار القرون.

ومن يتأمل سيرهم و[يسبر] أحوالهم يجد [من] ذلك الشيء العجيب الغريب.

إن من واجب [المجدد] أن يولي هذه القضية عناية كبيرة، فهي الأثر العملي المباشر للعقيدة، ولذا نجد أن الله –تعالى- بعد ما أثنى على المؤمنين بتصديقهم بيوم الدين، أتبع ذلك بذكر إشفاقهم من عذاب الله، فقال -سبحانه-: (والَّذِينَ يُصَدِّقُون بِيَوْمِ الدِّينِ * والَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ)[المعارج]".

 

8- قال محرر مجلة البيان (ص53): "ثانياً: التجديد في مجال النظر والاستدلال:

ويشمل التجديد مجال النظر والاستدلال، وإحياء الحركة العلمية التي تهدف إلى دراسة القضايا الشرعية كلها دراسة مبنية على الدليل الشرعي الصحيح بعيداً عن عصبية المذاهب. فلسنا نعتقد أن الحق محصور في مذهب بعينه لا يخرج عنه بحال؛ ولذا فالبحث عن الحق هو ضالة المسلم المنشودة أنى وجده سعد به وقبله غير ناظر إلى هذه الحواجز المذهبية، ولضمان سير منهج التفقه والاستنباط سيراً سليماً بعيداً عن الانحراف أو الفوضى التشريعية؛ فلا بد من صياغة المنهج السليم للتفقه، من خلال استقراء طريقة السلف الصالح".

قال سليم (ص26-27): "ثانياً: التجديد في مجال النظر والاستدلال:

إن إحياء الحركة العلمية التي تهدف إلى دراسة القضايا الشرعية كلها دراسة مبنية على الدليل الشرعي الصحيح بعيداً عن عصبية المذاهب [وغضبية الأحزاب]، ولذا؛ فالبحث عن الحق هو ضالة المسلم المنشودة أنى وجده سعد به، وقبَلَهَ [وقَبَّلَه]، غير ناظر إلى هذه الحواجز المذهبية [الحزبية]، ولضمان سير منهج التفقه والاستنباط سيراً سليماً بعيداً عن الانحراف أو الفوضى التشريعية؛ فلا بد من صياغة المنهج السليم للتفقه، من خلال استقراء طريقة السلف الصالح".

 

9- قال محرر مجلة البيان (ص53): "ثالثاً: التجديد في السلوك الفردي والاجتماعي:

بالعمل على صناعة حياة المسلمين بتفصيلاتها صياغة إسلامية شرعية، والاستفادة من المعاني الوجدانية القلبية التي يفترض أنها بدأت تستيقظ في النفوس؛ بربط الأحكام التفصيلية بها.

إن الانحراف السلوكي في حياة المسلمين المؤمنين حقاً عن هذا الدين يرجع إلى أحد سببين:

1- إما الجهل بحكم الله ورسوله في هذه المسألة.

2- وإما ضعف الإيمان وضعف الإرادة بحيث تغلب الإنسان شهوته، أو تغلبه ظروفه فيقع في المحظور، فمعالجة الجهل هي بالتعليم والتفهيم، وربط الناس بالنصوص الشرعية ومعالجة الضعف الداخلي هي بمخاطبة القلوب والتأثير عليها".

قال سليم (ص27-28): "ثالثاً: التجديد في السلوك الفردي والجماعي:

[وذلك] بالعمل على صناعة حياة المسلمين صياغة إسلامية [سلفية] شرعية، والإفادة من المعاني الوجدانية القلبية التي يفترض أنها بدأت تستيقظ في النفوس؛ بربط الأحكام التفصيلية بها.

إن الانحراف السلوكي في حياة المسلمين المؤمنين حقاً عن هذا الدين يرجع إلى أحد سببين:

1- إما الجهل بحكم الله ورسوله في هذه المسألة.

2- وإما ضعف الإيمان وضعف الإرادة بحيث تغلب الإنسان شهوته، أو تغلبه ظروفه فيقع في المحظور، فمعالجة الجهل هي بالتعليم والتفهيم، وربط الناس بالنصوص الشرعية ومعالجة الضعف الداخلي هي بمخاطبة القلوب والتأثير عليها".

 

10- قال محرر مجلة البيان (ص55): "رابعاً: ويشمل التجديد فضح المناهج والاتجاهات والأوضاع والمبادئ والسبل المخالفة للإسلام:

ليحيا من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة. وقد كان من مهمة الأنبياء والمرسلين – عليهم صلوات الله وسلامه- كشف طريق الضلال لئلا يلتبس بطريق الحق، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فاتقوا الله وأطيعون* ولا تطيعوا أمر المسرفين* الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) [الشعراء: 150-152]. واستبانة سبيل المجرمين من مقاصد القرآن: (وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) [الأنعام: 55]".

قال سليم (ص28): " رابعاً: فضح المناهج والاتجاهات والأوضاع والمبادئ والسبل المخالفة للإسلام:

(ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة) [الأنفال: 42]، ولقد كان من مهمة الأنبياء والمرسلين – عليهم صلوات الله وسلامه- كشف طريق الضلال لئلا يلتبس بطريق الحق، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (فاتقوا الله وأطيعون* ولا تطيعوا أمر المسرفين* الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) [الشعراء: 150-152]. واستبانة سبيل المجرمين من مقاصد القرآن: (وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) [الأنعام: 55]".

 

11- قال محرر مجلة البيان (ص56) تحت عنوان: ((شروط المجدد)):

"نستطيع أن نصف المجدِّد بأنه يعيش في قمة عالية، وأمته تعيش في سفحٍ هابط وهو يعمل لانتشال هذه الأمة من سفحها لتحاول الصعود إلى القمة.

فهو مثل أعلى في صحة العلم ووفرته واتساعه، وفي صدق العمل وإخلاصه، رجل كهذا أقل ما يوصف به أنه (سالمٌ) من علل الأمة وأمراضها، ناج من الآفات والانحرافات التي تنخر فيها، (متحلِّ) بالصفات التي يدعو إليها... لذلك فنحن بحاجة إلى وضع بعض الضوابط والاحترازات المفيدة في هذا الباب.

لذلك فنحن بحاجة إليها -أيضاً - من ناحية علمية بحيث نستطيع - في واقعنا- تمييز الأصوات المحقة من الأصوات المبطلة، ولا يلتبس علينا هذا بذاك...

أ- فالتجديد مهمة (الفرقة الناجية)، وهم (أهل السنة والجماعة): والفرقة الناجية هي السائرة على نهج الرسل -عليهم الصلاة والسلام- في الاعتقاد وفي غيره...

إن التجديد لابدّ أن ينطلق من وضوح في الاعتقاد: في الإيمان، والأسماء والصفات، والولاء والبراء، والعبادة، والتشريع، بحيث يكون مذهب أهل السنة والجماعة في جميع ذلك هو المنطلق الأساسي للتجديد.

والدين عندنا ليس عاطفة هوجاء غامضة تقول: لا تفرقوا الصف، ولا تكفروا المسلمين!

الدين عندنا ليس تصفيقاً لكل من هتف باسم الإسلام، ولو كان يرفع راية الإسلام بيد، ويسعى للإجهاز عليه باليد الأخرى.

الدين عندنا وحي منزل مضبوط محفوظ يحتكم إليه في تقويم الناس، ومن اضطرب في يده هذا الميزان ضاع في التيه البعيد!

ومن الغريب أن أقواماً في زماننا عدّوا الشيعة الرافضة مجددين للإسلام، ولا ندري ما هذا الإسلام الذي جدَّدوا؟!

وأغرب من ذلك أن يُدخلهم عالم مشهور كابن الأثير في عداد المجددين، فيعدُّ أصحاب المذاهب الأربعة والإمامية! [هامش: جامع الأصول: 11/324].

وما أجمل ما ردّ عليه صاحب عون المعبود حيث قال: (ولا شبهة في أن عدهما من المجددين خطأ فاحش، وغلط بيّن، لأن علماء الشيعة وإن وصلوا إلى مرتبة الاجتهاد، وبلغوا أقصى المراتب من أنواع العلوم، واشتهروا غاية الاشتهار، لكنهم لا يستأهلون المجددية! كيف وهم يخربون الدين فكيف يجددونه؟ ويميتون السنن فكيف يحيونها؟ ويروجون البدع فكيف يمحونها؟ وليسوا إلا من الضالين المبطلين الجاهلين، وجلّ صناعتهم التحريف والانتحال والتأويل لا تجديد الدين، ولا إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة). [هامش: عون المعبود: 4/180]. وليست المسألة مقصورة على الرافضة فحسب، فالصوفية الذين اعتنقوا الفلسفات اليونانية، ومارسوا الطقوس الهندية الوثنية، وقتلوا روح الجهاد، لا يقلّون خطراً عنهم.

وأصحاب المدرسة الكلامية في أبواب الاعتقاد ممن عارضوا نصوص الكتاب والسنة بخيالات وشبهات عقلية فاسدة هم حجر عثرة في طريق التجديد.

وهذا المجدِّد الأول عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- يقول: (من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التحول) [هامش: شرح أصول الاعتقاد للالكائي: 1/128].

وهذا مجدد آخر وهو الشافعي - رحمه الله- يقول: (لأن يبتلي الله المرء بكل ذنب نهى الله عنه - ماعدا الشرك- خير له من الكلام) [هامش: شرح أصول الاعتقاد: 1/146]...

وهكذا يبقى التجديد محصوراً في أفراد الطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي سلمت من البدع المحدثة في الدين وخاصة البدع الاعتقادية.

ب- ولابدّ من العلم الشرعي الصحيح، بل اشترط بعضهم ((الاجتهاد)) كشرط أساسي للمجدد. [هامش: التنبئة: 17ب-18أ].

قال السيوطي:

بأنه في رأس كل مائة *** يبعث ربنا لهذي الأمة

مناً عليها -عالم يجددُ *** دين الهدى لأنه مجتهدُ

وقال ضمن الشروط:

يشار بالعلم إلى مقامـــه *** وينصر السنة في كلامــه

وأن يكون جامعاً لكل فن *** وأن يعم علمهُ أهل الزمن

[هامش: التنبئة 18ب]

واشتراط الاجتهاد ليس عليه دليل. أما كونه طويل الباع في العلوم، واسع الخطو في جميعها فهذا ضرورة للتجديد، لأن من مهمات التجديد إحياء العلم الشرعي، ونشر العمل بالسنة، وتعليم الناس دينهم، والذين يتصدون لذلك لابد أن يكونوا على جانب من العلم متين، إلى جانب معرفة أوضاع الحياة المدنية وما يناسبها.

ج- ومن لفظ "التجديد" يظهر جلياً أن المجدِّد صاحب إرادة فاعلة وثابة في التغيير: فهو ينطلق بالأمة من واقعها المرفوض المنحرف صُعُداً في طريق الصلاح والنجاح. أما أولئك الذين يرتضون الواقع السيء ويباركونه، ويرون أنه من أزهى عصور الأمة فهيهات أن يكونوا من التجديد في شيء.

ولذلك سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الفئة المتمسكة بـ (الطائفة المنصورة)، وفي هذا إشارة إلى أنها تجاهد في سبيل الله، وتناضل عن السنن، وتقارع المبتدعة الضالين فيعينها الله وينصرها، ولذلك فهي ((منصورة)).

وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله ((ظاهرين))، وفي بعض الألفاظ: ((لعدوهم قاهرين)) فهو ظاهر غلبة بالحجة والبرهان، وظهور قهرٍ للأعداء ومكابدة لهم.

وفي رواية ثالثة: ((لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلا ما يصيبهم من اللأواء)).

ومن مجموع هذه الروايات ندرك أن التجديد:

أولاً: إدراك واعٍ لحال هذه الأمة وما تعانيه.

ثانياً: إرادة عازمة على التغيير.

وثالثاً: إمضاء لهذه الإرادة وتحقيق عملي لها.

إن اللأواء والجهد لا يصيب إلا من جاهد، وطريق التجديد والإحياء ليس مفروشاً بالورود بل هو طريق البذل والمحاولة والعزم.

(والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69]" انتهى.

قال سليم (ص28-34) تحت عنوان: ((شروط المجدد)):

"المجدد يعمل لانتشال هذه الأمة من هوة سحيقة؛ لتحاول الصعود إلى القمة.

فهو مثل أعلى في صحة العلم [الشرعي] ووفرته واتساعه، وفي صدق العمل وإخلاصه، [ومعافى] من علل الأمة وأمراضها، ناج من الآفات والانحرافات التي تنخر فيها، متحلِّ بالصفات [والأخلاق] التي يدعو إليها.

ولذلك فنحن بحاجة إلى وضع بعض [القواعد والأصول] والضوابط المفيدة في هذا الباب.

[لـ] نستطيع في واقعنا تمييز [الدعوات] المحقة من [الدعوات] المبطلة، ولا يلتبس علينا هذا بذاك.

أ- فالتجديد مهمة (الفرقة الناجية [والطائفة المنصورة)، وهم: أهل الحديث]:

وهم السائرون على منهج الرسل -عليهم الصلاة والسلام- في الاعتقاد وفي غيره.

إن التجديد لابدّ أن ينطلق من وضوح في الاعتقاد: في الإيمان، والأسماء والصفات، والولاء والبراء، والعبادة، [والحكم]، بحيث يكون [منهج السلف الصالح] في جميع ذلك هو المنطلق [الرئيس] للتجديد.

والدين عندنا ليس عاطفة هوجاء [وحماسة] غامضة تقول: لا تفرقوا الصف(!)، [فالعاطفة إذاً حُرمت العلم؛ صارت عاصفة(!!)]

الدين عندنا ليس تصفيقاً لكل من هتف باسم الإسلام، ولو كان يرفع راية الإسلام بيد، ويسعى [لتدميره] باليد الأخرى.

الدين عندنا وحي منـزل مضبوط محفوظ، يحتكم إليه في [كل شيء]، ومن اضطرب هذا الميزان في يده؛ ضاع [على مفترق الطرق وتطرقت إليه مذاهب الفروق، وشرد في مفاوز التيه].

ومن الغريب [العجيب] أن قوماً عدّوا الروافض من المجددين للإسلام (!).

وأغرب من ذلك [كله] أن يُدخلهم ابن الأثير –رحمه الله- في عداد المجددين (!) [هامش: جامع الأصول: 11/324].

وما أجمل ما ردّ عليه العظيم آبادي، فقال: (ولا شبهة في أن عدهما من المجددين خطأ فاحش، وغلط بيّن، لأن علماء الشيعة وإن وصلوا إلى مرتبة الاجتهاد، وبلغوا أقصى المراتب من أنواع العلوم، واشتهروا غاية الاشتهار، لكنهم لا يستأهلون المجددية! كيف وهم يخربون الدين فكيف يجددونه؟ ويميتون السنن فكيف يحيونها؟ ويروجون البدع فكيف يمحونها؟ وليسوا إلا من الضالين المبطلين الجاهلين، وجلّ صناعتهم التحريف والانتحال والتأويل لا تجديد الدين، ولا إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة). [هامش: عون المعبود: 4/180].

وليست المسألة مقصورة على الرافضة فحسب.

فالصوفية الذين اعتنقوا الفلسفات اليونانية، ومارسوا الطقوس الهندية الوثنية، وقتلوا روح الجهاد: لا يقلّون خطراً عنهم.

وأصحاب [المناهج] الكلامية في أبواب الاعتقاد ممن عارضوا نصوص الكتاب والسنة بخيالات فاسدة  [وشبهات عقلية كاسدة]؛ هم حجر عثرة في طريق التجديد.

وهذا المجدِّد الأول عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- يقول: (من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التحول) [هامش: شرح أصول الاعتقاد للالكائي: 1/128].

وهذا المجدد الثاني محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- يقول: (لأن يبتلي الله المرء بكل ذنب نهى الله عنه -ماعدا الشرك- خير له من الكلام) [هامش: شرح أصول الاعتقاد: 1/146].

[والتكفيريون الجدد الذين يسعوا في الأرض فساداً وإفساداً، وسموه قتالاً وجهاداً، قنطرة لأعداء الإسلام ليجهزوا على كل انطلاقة جديدة سديدة (!)]

وهكذا يبقى التجديد محصوراً في الطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي سلمت من البدع المحدثة في الدين [حتى يقاتل آخرهم الدجال الذي يخرج في أعراض الخوارج (!)]

ب- ولابدّ من العلم الشرعي الصحيح والاجتهاد)) [هامش: التنبئة:ق17-18].

قال السيوطي:

سيبعث ربنا لـــــــهذي *** بأنه في رأس كل مائة

دين الهدى لأنه مجتهد *** مناً عليها عالم يجـــدد

وقال ضمن الشروط:

وينصر السنة في كلامـه *** يشار بالعلم إلى مقامـــــه

وأن يعم علمهُ أهل الزمن *** وأن يكون جامعاً لكل فن

[هامش: المرجع السابق: ق18]

وهذه [الأمور] ضرورة للتجديد؛ لأن من مهمات التجديد إحياء العلم الشرعي، ونشر العمل بالسنة، [وإماتة البدع]، وتعليم الناس دينهم، والذين يتصدون لذلك لابد أن يكونوا على جانب [عال] من العلم [الصحيح].

ج- ومن لفظ "التجديد" يظهر جلياً أن المجدِّد صاحب إرادة فاعلة، فهو ينطلق بالأمة من واقعها المرفوض المنحرف صُعُداً [إلى مراقي النجاح] وطرق الصلاح.

ولذلك سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الفئة المتمسكة بـ (الطائفة المنصورة)، فهي تناضل عن السنن، وتقارع المبتدعة الضالين فيعينها الله وينصرها، ولذلك فهي ((منصورة)).

وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله ((ظاهرين))، [وفي رواية]: ((لعدوهم قاهرين))؛ فهو ظهور غلبة بالحجة والبرهان، وظهور قهرٍ للأعداء ومكابدة لهم.

وفي رواية ثالثة: ((لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلا ما يصيبهم من اللأواء)).

ومن مجموع هذه الروايات ندرك أن التجديد:

أولاً: إدراك واعٍ لحال هذه الأمة وما تعانيه.

ثانياً: إرادة [فاعلة جازمة] على التغيير.

وثالثاً: إمضاء لهذه الإرادة وتحقيق عملي لها.

إن اللأواء والجهد لا يصيب إلا من جاهد، وطريق التجديد ليس مفروشاً بالورود، بل هو طريق [الصبر والاصطبار والمصابرة والمجاهدة].

(والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69]".

[(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) آل عمران: 200]".

انتهى كلام سليم المسروق.

وبعد، فهل هذا هو المنهج السلفي الذي يجدد به الدين، بسرقة كلام الآخرين، فعلى أهل العلم وطلبته أن يهجروه ولا يكلموه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكتاب سليم موجود على شبكة المنهاج الإسلامية

(www.almenhaj.net): "بقلم الشيخ سليم بن عيد الهلالي"!!

فقد تبيّن أنه ليس بقلم سليم، وإنما هو من نَسْخ سليم وسرقتة!!

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وكتب: خالد الحايك.

11/5/1429هـ.

شاركنا تعليقك