الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

أوهام لابن حبان والمزي والذهبي وابن حجر!

أوهام لابن حبان والمزي والذهبي وابن حجر!

بقلم: خالد الحايك.

 

· الراوي عن ابن حجيرة: أبو سُويد أم أبو سَويَّة؟ وتوهيم ابن حبان لمن كنّاه أبا سوية! وتسمية ابن حبان له (حُميد) وتسمية غيره له (عُبيد)!

روى ابن حبان في ((صحيحه)) (6/310) عن ابن أسلم، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث: أنّ أبا سُويدٍ حدّثه: أنه سمع ابن حُجَيرة يُخبِر عن عبدالله ابن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)).

قال ابن حبان: "أبو سويد: اسمه حميد بن سويد من أهل مصر، وقد وهم من قال أبو سوية".

وقال في ((الثقات)) (6/193): "حميد بن سويد أبو سويد من أهل مصر، يروي عن عبدالرحمن بن حجيرة، روى عنه عمرو بن الحارث المصري، ومن قال أبو سوية فقد وهم".

فتعقبه ابن حجر في ((النكت الظراف)) فقال: "والظاهر أنه هو الواهم، فقد ذكر أبو أحمد في الكنى هذا الرجل فيمن اسمه لم يُعرف، فقال: ((أبو سَوَّية))، ثم أخرج حديثه".

وقال ابن ماكولا في ((الإكمال)) (4/394): "وأما سوية بفتح السين وكسر الواو وتشديد الياء وآخره هاء فهو... وأبو سوية عُبيد بن سوية بن أبي سوية الأنصاري، مولاهم، كان فاضلاً، روى عنه حيوة ين شريح وعمرو بن الحارث وغيرهما".

وقال الذهبي في ((المقتنى في سرد الكنى)) (1/300): "أبو سوية: سمع ابن حجيرة، وعنه عمرو بن الحارث".

وقال في ((الكاشف)) (1/691): "عبيد بن سوية بن أبي سوية عن عبدالرحمن بن حجيرة، وعنه حيوة بن شريح وابن لهيعة".

وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (33/395): "أبو سوية المصري، اسمه عبيد بن سوية، روى عن عبدالرحمن بن حجيرة (د)، وغيره، روى عنه عمرو بن الحارث (د)، وغيره، روى له أبو داود، روى له حديث عبدالله بن عمرو بن العاص: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، رواه عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث، ووقع في بعض الروايات عنده: عن أبي سودة، وهو وهم، وقد نبهنا عليه في ترجمة سهيل بن خليفة، وقال أبو سعيد بن الأعرابي وأبو الحسن بن العبد وأبو بكر بن داسة وغير واحد عن أبي داود: أبو سوية، وهو الصواب، وكذلك رواه حميد بن زنجويه عن أحمد بن صالح، وكذلك رواه يونس بن عبدالأعلى عن ابن وهب، وقال أبو حاتم بن حبان: أبو سويد اسمه عبيد بن حميد، وقد غلط من قال أبو سوية، هكذا قال! وفي ذلك نظر، والله أعلم".

وقال ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (7/62): "عبيد بن سوية بن أبي سوية الأنصاري أبو سوية، ويقال: أبو سويد المصري، عن عبدالرحمن بن حجيرة وسبيعة الأسلمية مرسل، وعنه حيوة بن شريح وعمرو بن الحارث ويحيى بن أبي أسيد وابن لهيعة. قال ابن ماكولا: كان فاضلاً، وقال ابن يونس: يقال توفي سنة خمس وثلاثين ومائة. روى له أبو داود حديثاً واحداً ولم يسمه، ووقع في بعض النسخ عنده أبو سويد، والصواب أبو سوية، وكذا وقع في مسند حرملة رواية ابن المقرئ. قلت: ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث حرملة لكن وقع عنده أبو سويد، وقال: اسمه حميد بن سويد، ثقة مصري، ومن قال أبو سوية فقد وهم، كذا قال! وقد أخرجه ابن خزيمة من هذا الوجه فقال: عن سوية، وكذا أخرجه حميد بن زنجويه عن أحمد بن صالح عن ابن وهب وهو الصواب، وروى النسائي في الكنى من طريق يحيى بن أبي أسيد عن عبيد بن أبي سوية أنه سمع سبيعة الأسلمية أنها قالت: دخلت على عائشة فذكر الحديث في الحمام، ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال الدولابي: أبو سوية سمع سبيعة الأسلمية، وقال ابن حبان في الثقات: عبيد بن سويد أبو سويد، قال: ومن قال أبو سوية فقد وهم، وقال ابن يونس: كان رجلاً صالحاً وكان يفسر القرآن، وقال أبو عمير الكندي: كان فاضلاً ثم أسند أنه مات سنة 35". يعني ومائة.

وقال في ((التقريب)) (ص377): "عبيد بن سوية بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد التحتانية الأنصاري، أبو سوية ووقع عند ابن حبان أبو سويد بدال مصغر، والصواب الأول، صدوق من الثالثة، سمع سبيعة الأسلمية".

وقال أيضاً في الكنى (ص647): "أبو سويد أو أبو سودة بفتح أوله وكسر الواو وتشديد التحتانية، بصري، هو عبيد بن سوية، وقيل بن حميد، ومن قال فيه أبو سودة فقد وهم".

قلت: كأن الحافظ رحمه الله مضطرب في هذا! فإذا رجّح أنه أبا سوية، فكان ينبغي أن يقول بأن من سماه أبا سويد قد وهم أيضاً!

والصواب أنه أبو سَوية واسمه عبيد، ومن قال غير ذلك فقد تصحف عليه، تصحفت الكنية (أبو سوية) إلى (أبو سويد)، وتصحف اسمه (عبيد) إلى (حميد) لتشابه الرسم، والله أعلم.

وما وقع في التقريب أن أبا سويد الذي هو أبو سوية: بصري، خطأ! فإما أن يكون قد تصحف في النسخ أو هو وهم من الحافظ، فهو مصري، وقد نصّ الحافظ نفسه على ذلك.

قال في ((تهذيب التهذيب)) (4/230): "سهيل بن خليفة بن عبدة أبو سوية الفقيمي البصري، روى عن ابن عمر وقيس بن عاصم وعبدالرحمن بن حجيرة، وعنه ابنه عبدالملك وعمرو بن الحارث، روى له أبو داود، هكذا قال صاحب الكمال! ووهم، وإنما روى أبو داود لأبي سوية عبيد بن سوية، قلت وسيأتي، وذكر المؤلف هنا كلاماً حاصله أن أبا سوية اثنان أحدهما هذا سهيل وهو يروي عن قيس بن عاصم، وعنه ابنه عبدالملك وهو بصري بالباء، والثاني أبو سوية عبيد بن سوية بن أبي سوية، يروي عن عبدالرحمن بن حجيرة عن عبدالله بن عمرو بن العاص، روى عنه عمرو بن الحارث، وهو مصري بالميم، سيأتي، ولم يرويا جميعاً عن ابن عمر شيئاً، وذكر أن أبا حاتم ذكر أن سهيلاً روى عنه أيضاً عبدالسلام بن حرب، قال: وهو وهم. قلت: قد ذكر ذلك البخاري ويعقوب بن شيبة أيضاً، وقد ذكر ابن حبان في الثقات أن أبا سوية البصري يروي عن ابن عمر بن الخطاب، وزعم أن المصري يكنى أبا سويد بالدال لا أبا سوية، فالله أعلم، وأما ابن مندة وأبو نعيم فذكر أبا سوية سهيل بن خليفة في الصحابة، وقال أبو الفرج بن الجوزي: في صحبته نظر وهو كما قال، فإنهما لم يذكرا شيئاً يدلّ على ذلك".

· هل سمع أبو سوية هذا الحديث من عبدالرحمن بن حُجيرة؟!

الحديث رواه أبو داود في ((السنن)) (2/57) عن أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو: أنّ أبا سَوية حدّثه: أنه سمع ابن حُجَيرة يخبِر عن عبدالله ابن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)).

قال أبو داود: "ابنُ حجيرة الأصغر عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة".

وكذلك رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (2/400) من طريق أبي داود.

ورواه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (2/181) في (باب فضل قراءة ألف آية في ليلة)، قال ابن خزيمة: "إن صح الخبر فإني لا أعرف أبا سوية بعدالةٍ ولا جرح".

ثم ساقه عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، به.

والحديث صححه الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) رقم (642).

وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط أثناء تحقيقه لصحيح ابن حبان: "إسناده حسن. وابن حجيرة هو عبدالرحمن بن حجيرة المصري القاضي".

قلت: بل هو حديث لا يصح، والإسناد فيه انقطاع.

وابن حجيرة لم يسمّ في الرواية، لأن ابن حجيرة الذي في الإسناد هو عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة، وهو عند ابن حبان والمزي وابن حجر والألباني والأرنؤوط: عبدالرحمن بن حجيرة القاضي المصري والد عبدالله!

قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (17/54): "(م 4) عبدالرحمن بن حجيرة الخولاني، أبو عبدالله المصري قاضيها من بني يعلى بن مالك، وهو ابن حجيرة الأكبر والد عبدالله ابن عبدالرحمن بن حجيرة الأصغر، روى عن عبدالله بن عمرو بن العاص (د)، وعبدالله بن مسعود، وعقبة بن عامر الجهني (س)، وأبي ذر الغفاري (م)، وأبي هريرة (د ت سي ق)، روى عنه الحارث بن يزيد الحضرمي (م)... وابنه عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة (سي)، وأبو سوية عبيد بن سوية... قال أبو سعيد بن يونس: توفي في المحرم سنة ثلاث وثمانين".

وقال أيضاً (19/213): "(د) عبيد بن سوية ابن أبي سوية الأنصاري مولاهم أبو سوية، ويقال: أبو سويد المصري، روى عن عبدالرحمن بن حجيرة (د)، وسبيعة الأسلمية مرسل، روى عنه حيوة بن شريح، وعبدالله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث (د)، ويحيى بن أبي أسيد، قال أبو نصر ابن ماكولا: كان فاضلاً، وقال أبو سعيد بن يونس: يقال توفي سنة خمس وثلاثين ومئة، روى له أبو داود حديثاً واحداً"، ثم بيّن الاختلاف في اسم (أبي سوية) وأنه وقع في رواية الطبراني (أبا سويد) ورجّح أن الصواب: (أبا سوية).

وتبعه على ذلك ابن حجر في ((تهذيب التهذيب)) (6/145)، و (7/62).

وقال المزي أيضاً في ((تحفة الأشراف)) (6/356): "عبدالرحمن بن حجيرة الخولاني أبو عبدالله قاضي مصر عن عبدالله بن عمرو. حديث (من قام بعشر آيات...)). د في الصلاة عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث: أن أبا سوية حدّثه: أنه سمع ابن حجيرة به – ولم يسمّ ابن حجيرة. ووقع في رواية اللؤلؤي: (أن أبا سويد)، وفي باقي الروايات: (أن أبا سَويَّة) – وهو الصواب. وكذلك رواه حميد بن زنجوية، عن أحمد ابن صالح، وكذلك رواه حرملة بن يحيى ويونس بن عبدالأعلى، عن ابن وهب".

وتبعه ابن حجر في ((النكت الظراف))، ثم قال: "تنبيه: لما أخرج أبو داود الحديث قال بعده (ابن حجيرة الأصغر عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة) فقد يتوهم من يراه أنه يريد أنه اسم راوي هذا الحديث، وليس ذلك مراده، وإما معنى كلامه أن راوي الحديث هو عبدالرحمن بن حجيرة الأكبر، وابن أبي حجيرة يغلق أيضاً، ويراد به ولد هذا، واسمه عبدالله".

قلت: لا يوجد أدنى إشارة إلى أن أبا داود أراد هذا المعنى الذي ذكره ابن حجر، بل إن الذي حاول أن ينفيه ابن حجر هو المراد من قول أبي داود؛ فهو أراد أن يبين أن ابن حجيرة هذا هو الأصغر، مشيراً إلى الانقطاع بينه وبين عبدالله بن عمرو، فهو لم يسمع منه.

ولا أدري كيف فهِم ابن حجر هذا الفهم؟! بل إن من عادة أبي داود أنه يبين من المراد في الحديث إذا لم يسم في الرواية وخاصة إذا تعلّق بالحديث علّة.

ومما يُرجح ذلك أن أبا سوية الراوي عن ابن حجيرة توفي سنة (135هـ)، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يسمع من طبقة عبدالرحمن بن حجيرة الأكبر (ت 83هـ)، بل إن طبقة شيوخه هي طبقة عبدالله بن حجيرة الأصغر (توفي بعد 100هـ).

ولأن علم الطبقات في ذهن أبي داود قال بأن ابن حجيرة هذا هو الأصغر، وغاب ذلك عن الحافظ ابن حجر، فقال ما قال!

فعلم الطبقات قد رجّح أنه الأصغر فيكون كلام أبي داود هو لبيان أنه الأصغر، ولذلك فالحديث منقطعٌ لأن الأصغر لم يدرك عبدالله بن عمرو، وتنبه أخي القارئ إلى لفظ التحديث في الحديث: (يُخبر عن عبدالله بن عمرو)، فلو سمع منه لذكر ذلك، وهو يروي عنه بواسطة.

روى الإمام أحمد في ((مسنده)) (2/187) عن حسن، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا الحارث بن يزيد، عن سلمة بن أكسوم، قال: سمعت ابن حجيرة يسأل القاسم بن البَرْحي: كيف سمعت عبدالله بن عمرو بن العاصي يخبر؟ قال: سمعته يقول: (إن خصمين اختصما إلى عمرو بن العاصي فقضى بينهما، فسخط المقضي عليه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى القاضي فاجتهد فأصاب فله عشرة أجور، وإذا اجتهد فاخطأ كان له أجر أو أجران).

قلت: ولو كان الحديث عند عبدالرحمن بن حجيرة الأكبر لرواه عنه ابنه عبدالله الأصغر؟!

وعندما ترجم المتقدمون كالبخاري وابن أبي حاتم لعبدالرحمن بن حجيرة لم يذكروا أنه روى عن عبدالله بن عمرو بن العاص.

فالحديث منقطع لأن الراوي عن عبدالله بن عمرو هو ابن حجيرة الأصغر وهو عبدالله، ولم يدرك عبدالله بن عمرو، وقد وهم من قال بأن الراوي عن عبدالله هو الأكبر، والله أعلم.

وكأن عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة كان يروي المراسيل والمنقطعات، ويبدو أن انشغاله بالقضاء لم يمكّنه من العناية بالحديث على أصوله.

روى الطبري في ((تفسيره)) (25/9) عن يونس، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي سوية حدّثه، عن ابن حجيرة: أنه بلغه أن موسى قال: (يا رب خلقك الذين خلقتهم، جعلت منهم فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير، لوما أدخلتهم كلهم الجنة، قال: يا موسى، ارفع زرعك، فرفع، قال: قد رفعت، قال: ارفع، فرفع، فلم يترك شيئاً، قال: يا رب، قد رفعت، قال: ارفع، قال: قد رفعت إلا ما لا خير فيه، قال: كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إلا ما لا خير فيه).

· خطأ في كتاب المشاهير لابن حبان!

قال ابن حبان في ((مشاهير علماء الأمصار)) (ص119): "عبدالرحمن بن حجيرة الأكبر أبو عبدالله، من الثقات المتقنين، وهو الذي يقلب اسميهما خالد بن يزيد فيقول: عبدالرحمن بن عبدالله بن حجيرة عن أبيه، إنما هو عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة عن أبيه".

وقال (1/189): "عبدالله بن عبدالرحمن بن حجيرة الأكبر، من ثقات أهل مصر".

قلت: عبدالله هو الأصغر، فلعل هذا خطأ في النسخ، والله أعلم.

· هل سمع أبو سوية من سُبيعة الأسلمية؟!

قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (19/213): "عبيد بن سوية بن أبي سوية الأنصاري مولاهم أبو سوية، ويقال أبو سويد المصري، روى عن عبدالرحمن بن حجيرة (د)، وسبيعة الأسلمية مرسل".

وقال أيضاً (35/193): "سبيعة بنت الحارث الأسلمية، لها صحبة، وكانت تحت سعد بن خولة، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنها زفر ابن أوس بن الحدثان، وعبيد أبو سوية...".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (1/377): "عبيد بن سوية، بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد التحتانية، الأنصاري أبو سوية، ووقع عند ابن حبان: أبو سويد بدال مصغر، والصواب الأول، صدوق، من الثالثة، سمع سبيعة الأسلمية. د".

وقال في ((تهذيب التهذيب)) (7/62): "وروى النسائي في الكنى من طريق يحيى بن أبي أسيد عن عبيد بن أبي سوية أنه سمع سبيعة الأسلمية أنها قالت: دخلت على عائشة فذكر الحديث في الحمام، ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال الدولابي: أبو سوية: سمع سبيعة الأسلمية".

وقال الدولابي في ((الكنى والأسماء)) (2/624) [طبعة نظر الفاريابي]: "أبو سوية: سمع سبيعة، قالت: دخلت على عائشة".

قلت: جعل المزي رواية أبي سوية عن سبيعة مرسلة، وأثبتها الدولابي، وكذلك ابن حجر اعتماداً على السماع الذي جاء في الحديث الذي رواه الحاكم!!

وقد تعقّب مغلطاي في ((الإكمال)) (9/92) المزي، فقال: "وفي قول المزي: روى عن سبيعة الأسلمية، مرسل، نظر؛ لأن النسائي في كتاب الكنى صرّح بسماعه منها، فقال: أنبأنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا سعيد، قال: أنبأنا نافع، قال: حدثنا يحيى بن أبي أسيد، عن عبيد بن أبي سوية أنه سمع سبيعة الأسلمية تقول: دخلت على عائشة في نسوة من أهل الشام، فقالت: صواحب الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمام حرام على نساء أمتي).

وقال أبو بشر الدولابي في كتاب الكنى: أبو سوية سمع سبيعة قالت: دخلت على عائشة".

قلت: تعقّب مغلطاي للمزي فيه نظر! فأبو سوية لم يسمع من سبيعة ولم يدركها، ولهذا قال المزي بأن روايته عنها مرسلة على اعتبار أن أبا سوية يروي عن عبدالرحمن بن حجيرة التابعي، فعدّ ذلك مرسلاً.

وأما احتجاج مغلطاي بأن النسائي صرح بسماعه منها ففيه نظر أيضاً! فالنسائي إنما أتى بالرواية في الكنى لإثبات اسم أبي سوية، ومجيئ السماع فيها لا يعني أنه يصحح ذلك! وأما قول الدولابي فهو خطأ لا شك فيه اعتمد فيه على الرواية التي صرحت بالسماع.

والحديث رواه الحاكم في ((المستدرك)) (4/322) من طريق سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا نافع بن يزيد الكلاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي أسيد، عن عبيد بن أبي سوية: أنه سمع سبيعة الأسلمية تقول: دخل على عائشة نسوة من أهل الشام، فقالت عائشة: ممن أنتن؟ فقلن: من أهل حمص، فقالت: صواحب الحمامات؟ فقلن: نعم، قالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمام حرام على نساء أمتي)، فقالت امرأة منهنّ: فلي بنات أمشطهن بهذا الشراب؟ قالت: بأي الشراب؟ فقالت: الخمر، فقالت عائشة رضي الله عنها: أفكنت طيبة النفس أن تمتشطي بدم خنـزير؟ قالت: لا، قالت: فإنه مثله.

قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يخرجاه".

قلت: بل ليس بصحيح، وهو معضلٌ!! فبين عبيد بن سوية وسبيعة اثنان، والسماع الذي ذُكر في الرواية خطأ لا يصح!

والعجب من ابن حجر كيف احتج بهذه الرواية وأثبت سماعه منها مع أن بينهما طبقتان؟! فسبيعة صحابية، وأبو سوية من أتباع التابعين توفي (135هـ)، فكيف يسمع منها؟!

وأكبر ظني أن الخطأ في ذكر السماع من يحيى بن أبي أسيد هذا، وهو مصري ليس بمشهور الرواية، روى عنه جماعة، وهو مستور الحال، والحديث منكر.

وكتب: خالد الحايك.

26 رمضان 1429هـ.

شاركنا تعليقك