الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

ليسَ بعُشّكِ فادْرُجي..

ليسَ بعُشّكِ فادْرُجي..

بقلم: د. خالد الحايك.

 

كتب الأخ محمد الشرافي في عدد السبيل رقم (876) يوم الجمعة 15 أيار 2009م تحت عنوان: (ثلث كلمة... والثلث كثير) كلاماً دافع فيه عن تعقبي له في احتجاجه برواية باطلة أساء فيها إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولم يكتف بأن عرّض بالعبد الفقير في عنوانه الذي يحمل في طياته التهكم والاستهزاء، حتى شهد على نفسه بالتعصّب للرأي، ووضع أقوال أهل العلم في غير محلها.

قال الأخ الشرافي: "الحديث الذي اعتمدت عليه في مقالتي الموسومة بـ ((نزاع حدودي بين أبي بكر وربيعة!!)) أورده الشيخ الألباني - رحمه الله - في سلسلة الأحاديث الصحيحة، وعلق عليه بقوله: ((قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وإنما يخشى من عنعنة ابن فضالة، وقد صرح بالتحديث، ولذلك وثقه جماعة، وقال أبو زرعة: ((إذا قال (ثنا) فهو ثقة)).

وقد قرر في مقدمة كتابه تمام المنة أن إطلاق الصحة على الإسناد يقصد به استيفاء شروط الصحة جميعها، وعليع فلا فرق عنده بين إسناده صحيح أو حديث صحيح، قال رحمه الله: (قول بعض المحدثين في حديث ما: رجاله رجال الصحيح أو: رجاله ثقات أو نحو ذلك لا يساوي قوله: إسناده صحيح؛ فإن هذا يثبت وجود جميع شروط الصحة التي منها السلامة من العلل...".

قلت: الجواب عن هذا من عدة وجوه:

الأول: أن الشيخ الألباني قد أخطأ في تصحيحه، فإنه لم يقف على الحديث المرسل الذي يعلّ هذه الرواية التي ظاهرها الاتصال، وقد بينت ذلك في مقالتي الأولى، ولكن الباحث لا يفهم هذا العلم، وإلا لاكتفى بقوله: جزاك الله خيراً، فإن هذا العلم ليس تخصصي"! لا أن يعرّض وينافح ويجادل عن قصة منكرة باطلة! وكأن الذي دفعه لذلك أنه لا يريد أن يعترف أنه أساء إلى أبي بكر -رضي الله عنه-.

الثاني: الشيخ الألباني في كثير من تصحيحاته يسير على ظواهر الأسانيد، ولا ينظر إلى عللها، وهو نفسه قد رجع عن كثير من تصحيحاته بعد أن وقف على بعض عللها، وهذا الحديث بقي عنده صحيحاً لأنه لم يقف على علته.

الثالث: أن الشيخ الألباني ذكر الحديث في موضعين (3145) و (3258) ولم يحيل في الأول إلى الثاني ولا العكس! فها هو ذكر الحديث مرتين في موضعين متقاربين دون أن يتنبه لذلك، فهل يبعد أنه لم يقف على علة الحديث التي ذكرنا؟!

ثُم إن الشيخ ذكر في ((إرواء الغليل)) رقم (1654) حديثاً لعمران بن حصين في العتق من عدة طرق، ومنها قوله: "الثالثة: عن الحسن عنه به. أخرجه النسائي (278) والطحاوي وأحمد (4/428 و439 و440 و445) ورجاله ثقات لولا عنعنة الحسن البصري، وقد صرح بالتحديث في رواية لأحمد، لكنها من رواية المبارك عنه، والمبارك وهو ابن فضالة فيه ضعف من قبل حفظه".

قلت: فانظر كيف ضعّف المبارك هنا من قبل حفظه، ولم يلتفت إلى حفظه في الحديث السابق!

الرابع: قوله: إسناده صحيح يثبت وجود جميع شروط الصحة التي منها السلامة من العلل، فيه نظر! لأن الإسناد قد يكون صحيحاً في الظاهر، ولكن له علة خفية قد لا يقف عليها كثير من أهل العلم. فالإسناد الصحيح لا يلزم منه ما ذكر. وإن كان ذلك كذلك، فلم لم يقل: حديث صحيح، بدل من قوله: إسناده صحيح؟!

وأما القسم الثاني من مقالة الأخ الشرافي، فإنه نقل عن ابن تيمية منهج أهل السنة والجماعة في الصحابة وأنهم ليسو بمعصومين ويجوز عليهم الخطأ والزلل، وهذا مما لا ننازعه فيه أبداً، ونحن لا نغلو فيهم كما قد يفهم الباحث، وإنما هذا الذي نقله هنا لا علاقة له بموضوعنا في تصحيح هذه الرواية أو ردها!

فالباحث في مقالته الأولى يقول: "أيعقل أن الغني الثري ينازع الفقير في نخلة واحدة من أرض ليست من كسب أحدهما إنما هي هبة وعطية؟! أيتصور أن يحتد النِزاع على هذه النخلة ليصل إلى حد الشتيمة من الموصوف باللين والرقة...".

ثُمّ يعلل الباحث هذا التصرف بقوله: "هي والله طبائع التجار، يتصدق الرجل منهم بآلاف الدنانير ثم هو يساوم البائع على دينار ويجادل العامل على درهم! هو يظن أن رأس ماله عقله التجاري فلا يحب أن يغلبه عليه أحد...".

ثُمّ يؤكد ذلك بقوله: "يغفر الله لك يا أبا بكر ولكل تاجر مر على خطاك".

فانظر رحمك الله كيف يحلف الباحث بالله أن طبيعة أبي بكر التجارية هي التي دفعته ليقول ما قال! وما شأن التجارة وهذه القصة؟! وما شأن التجار وهذا الحديث؟!

أقول: يغفر الله لك يا شرافي ولكل باحث مر على خطاك! فاتق الله، ولا تكن كمن: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم}. قال ابن كثيرٍ رحمه الله: " أي إذا وعظ هذا في مقاله وفعاله، وقيل له اتق الله وانزع عن قولك وفعلك وارجع إلى الحق امتنع وأبى وأخذته الحمية والغضب بالإثم".

16/5/2009.

شاركنا تعليقك