الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

علّة حديث: «إنّ الله يقبلُ توبةَ العبد ما لم يُغرغِر» - حديثٌ بصري مرسل أسنده شاميّ! وفوائد أخرى.

علّة حديث: «إنّ الله يقبلُ توبةَ العبد ما لم يُغرغِر» - حديثٌ بصريٌّ مرسلٌ أسنده شاميّ! وفوائد تتعلق به.

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

· تخريج الحديث:

روى الترمذي في ((الجامع)) (5/547) من طريق عليّ بن عياش الحمصي وأبي عامر العَقدي. وابن ماجة في ((سننه)) (2/1420) من طريق الوليد بن مسلم. وأحمد في ((المسند)) (2/132) و (2/153) عن عليّ بن عياش وعصام بن خالد وسليمان بن داود. وأبو يعلى في ((مسنده)) (9/462) من طريق أبي داود سليمان بن داود. والحاكم في ((المستدرك)) (4/286) من طريق عاصم بن عليّ. وعليّ بن الجعد في ((مسنده)) (ص489)، ورواه من طريق ابن الجعد: أبو يعلى في ((مسنده)) (10/81)، وابن حبان في ((صحيحه)) (2/394)، وابن عَدي في ((الكامل)) (4/281). كلّهم عن عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)).

ووقع عند ابن ماجة ((عبدالله بن عَمرو)) وهو وهم، والصواب: ((عبدالله بن عمر ابن الخطاب)) (نبّه عليه المزي في تحفة الأشراف: 5/328، وابن كثير في تفسيره).

· من صحح الحديث:

قَالَ أَبُو عِيسَى: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

وقال ابن القطان في كتابه ((بيان الوهم والإيهام)): "هذا الحديث عندي يحتمل أن يقال فيه صحيح، إذ ليس في إسناده من تكلم فيه إلا عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان. فقال ابن معين: صالح الحديث، وقال أبو زرعة: لا بأس به، ووثقه أبو حاتم، وقال ابن حنبل: أحاديثه مناكير، وأظن أن الترمذي لم يصححه من أجله".

وصححه الشيخ الألباني في ((صحيح الترمذي)) رقم (2802)، وفي ((صحيح ابن ماجة)) رقم (4253)، وتبعه الدكتور بشار أثناء تحقيقه لكتاب الترمذي (5/507).

وحسّنه الشيخ شعيب الأرنؤوط أثناء تحقيقه لصحيح ابن حبان: (2/395)، وأثناء تحقيقه لسير النبلاء: (5/160)، وكذلك أثناء تحقيقه لمسند أحمد رقم (6160)، وحسنه كذلك الشيخ حسين سليم أسد أثناء تحقيقه لمسند أبي يعلى: (9/462).

· من ضعّف الحديث:

وقد ردّ الحافظ الناقد الإمام الذهبي كلام ابن القطان السابق وضعّف الحديث، وصلّح إسناده في موضع آخر من كتبه!!

قال في ((نقد الوهم والإيهام)) (ص122): "قلت: بل هو منكر! ضعفه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد، وقال مرة: ليس به بأس، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: يُكتب حديثه على ضعفه. قلت: ومكحول مدلِّس فأين الصحة منه".

وقال في ((سير أعلام النبلاء)) (5/160): "هذا حديثٌ عالٍ، صالحُ الإسناد". وذكر هذا الحديث في مناكير عبدالرحمن من ترجمته من ((الميزان)) (4/265) وقال: "حسنه الترمذي". وذكره ابن عدي في مناكيره أيضاً.

· الحكم على الحديث وبيان أصله:

قلت: هذا الحديث منكر! أخطأ فيه عبدالرحمن بن ثوبان، ولعل أصله من مراسيل الحسن البصري.

فقد أخرج ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (7/173) عن أبي خالد الأحمر، والطبري في ((تفسيره)) (4/302) من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر)).

وقد ذكر صاحب كتاب ((تخريج الأحاديث والآثار)) (1/294): "عن الحسن: إن إبليس قال حين أهبط إلى الأرض: وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده. فقال: وعزتي لا أغلق عنه باب التوبة ما لم يغرغر".

قال: "قلت: هذا رواه الثعلبي عن الحسن مرفوعاً لا موقوفاً، أخرجه عن المسيب ابن شريك عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أهبط إبليس إلى الأرض قال: وعزتك إلى آخره".

· تفصيل حال عبدالرحمن بن ثابت:

اختلف أهل النقد في حال عبدالرحمن بن ثابت، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه.

قال العباس بن محمد الدُّوري عن يحيى بن معين قال: "عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان: صالح".

وقال عبدالرحمن ابن أبي حاتم: سئل أبي عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان؟ فقال: "ثقة".

قال: وسئل أبو زرعة عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان؟ فقال: "شامي، لا بأس به".

وقال ابن حبان في ((الثقات)) (7/92): "عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي، يروي عن الحسن بن أبي الحسن وجماعة من التابعين. روى عنه الوليد بن مسلم وغسان بن الربيع".

وقال ابن عدي: "وكان رجلاً صالحاً، ويُكتب حديثه على ضعفه".

وقال محمد بن علي: سمعت أحمد بن حنبل، قيل له: عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان كيف هو؟ قال: "لم يكن بالقوي في الحديث".

وقال الأثرم: سمعت أبا عبدالله يقول: "ابن ثوبان أحاديثه مناكير".

وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى يقول: عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان: "ضعيف"، قلت: يكتب حديثه؟ قال: "نعم على ضعفه".

وقال عثمان بن سعيد: سألت يحيى عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان؟ فقال: "عبدالرحمن ضعيف، وأبوه ثقة".

وقال النسائي: "عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان: ليس بالقوي". وقال أيضاً: "ليس بثقة".

وقال يعقوب بن سفيان في ((المعرفة والتاريخ) (2/228): حدثنا العباس بن الوليد، عن أبيه قال: "لما كانت السنة التي تناثرت فيها الكواكب، خرجنا ليلاً إلى الصحراء مع الأوزاعي وأصحابنا، ومعنا عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، قال: فسلَّ سيفه، فقال: إنّ الله قد جد فجدوا! قال: فجعلوا يسبونه ويؤذونه وينسبونه إلى الضعف، قال: فقال الأوزاعي: إني أقول أحسن من قولكم: عبدالرحمن قد رُفع عنه القلم، أي أنه مجنون".

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص337): "صدوق يخطىء، ورُمي بالقدر، وتغير بأخرة".

قلت: كان فيه سلامة، وكان صالحاً، ولكنه في الحديث ليس بقويّ، فهو إلى الضعف أقرب، وقد تفرد برواية أحاديث عن أبيه عن مكحول، وغالبها مناكير، وكثير منها عند الطبراني في ((مسند الشاميين)).

وقد يكون ما حصل له أن هذا الحديث عنده عن الحسن البصري مرسلاً، وقد قال ابن حبان إنه يروي عن الحسن (-110هـ)، وعبدالرحمن ولد سنة (75هـ) ومات سنة (165هـ)، فعندما حدّث به أخطأ فيه، فدخل له إسناد في إسناد، فرواه هكذا.

وكان أبوه ثابت قد صحب نافعاً مولى ابن عمر، فلو كان هذا الحديث معروفاً عن ابن عمر لوجد عند نافع، فكيف يتفرد به هذا الشامي! وهذا معنى قول الإمام الناقد البصير صالح بن محمد المعروف بجزرة: "عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان: شامي دمشقي، صدوق إلا أن مذهبه مذهب القدر، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول مسندة، وحديث الشامي لَـيُضم إلى غيره يتعرف خطؤه من صوابه".

فهذا الحديث ليس عند أهل الشام، وهو من المنكرات التي قصدها الإمام أحمد لابن ثوبان عن أبيه عن مكحول، وقصد صالح جزرة أن هذه الأحاديث التي يسندها عن مكحول هي في أصلها مرسلة أو منقطعة من غير حديث الشاميين. وقد أصاب الذهبي في ردّه على ابن القطان في أن هذا الحديث منكر.

وقد رجّحت قول الذهبي هذا على قوله في ((السير)) مع أن كتاب ((السير)) من أواخر ما صنّف، وقد حرر فيه تحريراً كثيراً؛ لأن كتاب ((نقد بيان الوهم والإيهام)) فيه تحرير خاص لكتاب بعينه، فلا يمكن أن يكون ضعفه في نقده لكتاب ابن القطان ثم مشّى إسناده في ((السير)) مع كلامه الشديد في ابن ثوبان.

فالغالب تقديم كتاب ((السير)) على غيره ما لم تأت قرينة تصرف عن ذلك، ومن القرائن هنا أن كتاب ((السير)) قد أتمّه، وكتاب نقد بيان الوهم لم يتمه؛ فكأنه بدأ به بعد ((السير))، والله أعلم.

ثُم إن ظاهر كلام أهل العلم في الرجال أنهم إذا مشّوا حال راو، ثم جاء عن الواحد منهم أنه جرحه، فإن الجرح يُقدّم، والله أعلم.

وعلى كلّ حال فإنّ ابن ثوبان لا يحتج بحديثه إذا انفرد! وقد تفرد به هنا! بل قال العقيلي: "لا يُتابع عبدالرحمن إلا من هو دونه أو مثله".

فالحديث أصله مرسل عن الحسن. وقد ذكر ابن كثير في ((تفسيره)) (1/465) رواية الحسن المرسلة، ثُم قال: "هذا مرسلٌ حسنٌ عن الحسن البصري".

قلت: بل ضعيف؛ فقد ضعّف الأئمة النقاد مراسيل الحسن؛ لأن كان يأخذ عن كلّ أحد، وإلاشارة السابقة من كتاب تخريج الأحاديث والآثار توحي بأن أصله من الإسرائيليات، والله أعلم.

وقد رُوي أيضاً من قول الحسن:

رواه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (3/899) من طريق حَوْشب، عن الحسن في قوله {ثم يتوبون من قريب}، قال: "ما لم يُغرغر".

وقد روى عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان حديثاً آخر بلفظ قريب منه، عن أبيه عن مكحول عن عمر بن نعيم حدّثه عن أسامة بن سلمان: أن أبا ذر حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يقبل توبة عبده أو يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب. قالوا: يا رسول الله، وما الحجاب؟ قال: أن تموت النفس وهي مشركة)).

وقد رواه أحمد في ((المسند)) (5/174). ورواه الحاكم في ((المستدرك)) (4/286) وقال: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد ولم يُخرجاه".

وصححه ابن حبان (2/392) فرواه من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن أسامة بن سلمان، قال: حدثنا أبو ذر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.

ثم قال ابن حبان: "ذكر البيان بأن مكحولاً سمع هذا الخبر من عمر بن نعيم عن أسامة كما سمعه من أسامة سواء"، وساقه من طريق عمرو بن عثمان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن عمر بن نعيم: حدثهم عن أسامة بن سلمان: أن أبا ذر.

هكذا رواه الوليد بن مسلم لم يذكر في إسناده عمر بن نعيم! وقد خالفه جماعة فرووه عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن عمر بن نعيم عن أسامة بن سلمان منهم: علي بن الجعد وزيد بن الحباب وعلي بن عياش وعاصم بن علي والهيثم بن جميل البغدادي نزيل إنطاكية. (تاريخ دمشق: 8/87).

قال البزار في ((مسنده)) (9/444): "وهذا الكلام لا نعلمه يُروى إلا عن أبي ذر بهذا الإسناد".

فكيف يكون عند عبدالرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول حديثان في مسألة التوبة؟! وروايته عن أبيه عن مكحول منكرة، فلا يصح أيّ حديث منهما، وكلاهما منكر. والآيات في القرآن كثيرة في قبول توبة العبد مطلقاً، وهي مقبولة قبل طلوع الشمس من مغربها، فإن طلعت من مغربها فلا تقبل التوبة حينئذ.

وابن ثوبان يروي أيضاً عن الحسن بن الحرّ الكوفي الثقة (ت133هـ)، فقد يكون ابن حبان وَهِمَ في ذكره أنه يروي عن الحسن البصري! ولا مانع أن يروي عن كليهما، وليس بالضرورة أن ننفي روايته عن الحسن البصري لأن من صنّف في الرجال لم يذكروا في ترجمتهما ذلك! فهؤلاء لم يستوفوا جميع الروايات وكذلك لم يستوعبوا كلّ تلاميذ الشيوخ، وخاصة إمام كبير كالحسن البصري، فإن الرواة عنه بالمئات، ولعلهم لم يذكروا ابن ثوبان في الرواة عنه؛ لأنهم لم يقفوا على روايته عن الحسن، فيبقى ما ذكره ابن حبان له وجه، والله أعلم.

وجُبير بن نُفير لا يُعرف أنه سمع من ابن عمر! ولم يأت أنه روى عنه إلا في هذا الحديث!!

· حديث سقط من إسناده حرف "الواو"!

وقد روى الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (4/249) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير عن عبدالله بن عمر: ((أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين. قال: هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)).

قلت: هو عن جبير بن نفير عن عبدالله بن عمرو بن العاص، سقط منه (الواو). وهو حديث معروف ومشهور من حديثه، أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (3/1647) من طريق يحيى، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث: أن ابن معدان أخبره: أن جبير بن نفير أخبره: أن عبدالله بن عمرو بن العاص أخبره قال: ((رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)).

وروى ابن حبان في ((صحيحه)) (5/26) من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير: أن عبدالله بن عمر رأى فتى وهو يصلي قد أطال صلاته وأطنب فيها، فقال: من يعرف هذا؟ فقال رجل: أنا، فقال عبدالله: لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو عاتقه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه)).

والعلاء بن الحارث من أصحاب مكحول، وكان قد تغير واختلط، ولو صح الإسناد لما دلّ الحديث على أن جبير بن نفير حضر تلك الحادثة، وإنما يكون قد رُويت له فأخبر بها.

ورواه الطبراني في ((مسند الشاميين)) (1/279) من طريق عيسى بن يونس، عن ثور ابن يزيد، عن أبي منيب الجرشي قال: رأى ابن عمر فتى يصلي قد أطال الصلاة وأطنب، فذكره.

ورواه أبو نُعيم في ((حلية الأولياء)) (6/99) من طريق إسحاق بن راهويه، عن عيسى بن يونس، به.

قال أبو نُعيم: "غريب من حديث أبي المنيب وثور، لم نكتبه إلا من حديث عيسى بن يونس".

قلت: فلو صحت هذه الرواية لدلت على أن قصة ابن عمر والفتى هذه عند الشاميين وكانوا يرسلونها، والله أعلم.

وعلى كلّ الأحوال فإن حديث عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان منكرٌ! وقد صرّح صالح جزرة أنهم استنكروا له أحاديثاً رواها عن أبيه عن مكحول. وأبوه قد سمع من مكحول.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: "عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان كان فيه سلامة، وكان مجاب الدعوة، وليس به بأس، وكان أبوه وَصي مكحول، وكان عبدالرحمن على المظالم ببغداد ولاه ابن أبي جعفر - يعني المهدي".

· شواهد الحديث:

ولحديث ابن عمر في قبول توبة العبد ما لم يغرغر شواهد ضعيفة لا يتقوى بها الحديث؛ لأن الحديث الذي رواه ابن ثوبان معلول، وهذه الأحاديث الضعيفة لا تقوي المعلول.

ومنها:

1- روى الحاكم في ((المستدرك)) (4/286) من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن البيلماني، قال: سمعت رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تاب إلى الله قبل أن يموت بيوم قبل الله منه)). قال: فحدثت بذلك رجلاً آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سمعت ذلك؟ قلت: نعم. قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تاب إلى الله قبل أن يموت بنصف يوم قبل الله منه))، فحدثت بذلك رجلاً آخر فقال: أنت سمعت ذلك؟ قلت: نعم. قال: فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تاب إلى الله قبل أن يموت بضحوة قبل الله منه))، قال: فحدثت بذلك رجلاً آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت سمعت ذلك؟ قلت: نعم. قال: فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه)).

قال الحاكم: "هكذا رواه عبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم"، ثُم ساق الحديث عن عبدالرحمن بن البيلماني عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث.

ثُم ساقه من طريق المؤمل بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان الثوري، قال: كتبت إلى [محمد بن] عبدالرحمن بن البيلماني أسأله عن حديثٍ يحدّث به عن أبيه، فكتب إليّ: أن أباه حدثه أنه جلس إلى نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تاب إلى الله قبل موته بسنة تاب الله عليه))، فقال له آخر... الحديث بطوله.

قال الحاكم: "سفيان بن سعيد وإن كان أحفظ من الدراوردي وهشام بن سعد فإنه لم يذكر سماعه في هذا الحديث من ابن البيلماني ولا زيد بن أسلم، إنما ذكر إجازة ومكاتبة، فالقول فيه قول من قال: عن زيد بن أسلم عن ابن البيلماني عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شفى عبدالله بن نافع المدني فبيّن في روايته عن هشام بن سعد أن الصحابي عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم،ا وبصحة ذلك"، ثُم ساق رواية عبدالله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد ابن أسلم، عن عبدالرحمن بن البيلماني، قال: سمعت عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من تاب قبل موته بعام تيب عليه. حتى قال: بشهر، حتى قال: بجمعة، حتى قال: بيوم، حتى قال: بساعة، حتى قال: بفواق. فقلت: سبحان الله، أو لم يقل الله عز وجل {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} فقال عبدالله: إنما أحدثك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

· التعليق على ترجيح الحاكم!

قلت: ترجيح الحاكم بين هذه الروايات ليس في محله؛ لأن سفيان الثوري يرويه عن محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني عن أبيه، ورواية هشام بن سعد والدراوردي عن زيد بن أسلم عن عبدالرحمن.

ورواية عبدالله بن نافع التي سمى فيها الصحابي لا تصح؛ وعبدالله وإن كان صدوقاً إلا أن في حفظه شيء، وجعفر بن عون أوثق منه بكثير.

وقد رواه الإمام أحمد في ((مسنده)) (5/362) عن أسباط بن محمد القرشي، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن البيلماني، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: فهذه متابعة لجعفر، ولم يذكر أسباط فيها سماع عبدالرحمن من الصحابي، وهذا أشبه، وكأن هشام بن سعد كان يضطرب في هذه الرواية، وحديثه فيه لين، وقد ضعفه بعض الأئمة، فحديثه يكتب ولا يحتج به. وقد خالفه محمد بن مطرف أبو غسّان المدني الثقة الثبت.

رواه الإمام أحمد في ((المسند)) (3/425) عن حسين بن محمد المروذي، عن محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن البيلماني، قال: اجتمع أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، الحديث.

قلت: فتبيّن بهذا أن الحديث مرسل. وقد ضعّف الأئمة عبدالرحمن بن البيلماني، وقد أنكر صالح جزرة أن يكون سمع من أحد من الصحابة إلا سرق. وقد تتبعت بعض أحاديثه فما رأيت فيها إلا منكرات مرسلة، فكأنه كان لا يبالي عمّن أخذ.

قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (5/216): "عبدالرحمن بن البيلماني مولى عمر. سمع من ابن عمر. روى عنه سماك بن الفضل وزيد بن أسلم. سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه؟ فقال: هو لين".

وقال صالح جزرة: "حديثه منكر! ولا يعرف أنه سمع من أحد من الصحابة إلا من سرق". قال ابن حجر معقباً: "قلت: فعلى مطلق هذا يكون حديثه عن الصحابة المسمّين أولاً مرسلاً عند صالح" (تهذيب التهذيب: 6/135).

قلت: ذكروا أنه روى عن ابن عباس وابن عمر وعبدالله بن عمرو ومعاوية وعمرو بن أوس وعمرو بن عبسة وسرق، فعلى كلام صالح جزرة فتكون روايته عن هؤلاء مرسلة إلا روايته عن سرق، وهذا الذي أميل إليه.

وقال الدارقطني: "ضعيفٌ لا تقوم به حجة". وقال الأزدي: "منكر الحديث يروي عن ابن عمر بواطيل".

قلت: نعم، كثير مما يرويه فيه نكارة، ولكن حديثه عن ابن عمر إنما جاءت النكارة فيه من ابنه محمد.

قال ابن حبان في كتاب ((المجروحين)) (2/265): "كان ممن أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها، حدث عن أبيه بنسخة شبيهاً بمئتي حديث كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب". ثُم ساق له من هذه النسخة عن أبيه عن ابن عمر (12) حديثاً، كلها موضوعة.

وقد ذكر ابن حبان عبدالرحمن في ((الثقات)) (5/91) فقال: "عبدالرحمن بن البيلماني مولى عمر بن الخطاب، يروي عن ابن عمر. روى عنه زيد بن أسلم وسماك بن الفضل. وهو عبدالرحمن البيلماني من الأبناء، وكان ينـزل بحران. مات في أول ولاية الوليد بن عبدالملك. لا يجب أن يعتبر بشيء من حديثه إذا كان من رواية ابنه؛ لأن ابنه محمد بن عبدالرحمن يضع على أبيه العجائب".

قلت: إذا كانت العهدة في ما يرويه ابنه عنه على ابنه محمد، فعلى من العهدة فيما يرويه غير ابنه عنه، فإن ما يرويه غير ابنه عنه مناكير أيضاً، والأئمة على تضعيفه؛ وكما ذكرت كأنه كان لا يبالي عمن أخذ الحديث، فكان يروي المناكير، وكأن هذه المناكير أخذها من الضعفاء من أهل حرّان عندما نزلها، لأنها غير معروفة عند أهل المدينة، وهم أهل الحديث في ذلك الزمان، والله أعلم.

قال ابن حجر في ((التقريب)) (ص337): "عبدالرحمن بن البيلماني مولى عمر، مدني نزل حرّان. ضعيف".

2- روى الطبري في ((تفسيره)) (4/301) عن محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي أيوب بُشير بن كعب: أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)).

قلت: إن صحت هذه الرواية عن قتادة فتدلّ على أنه لم يدلسه؛ لأن قتادة يروي عن العلاء وعن بُشير، وبُشير بن كعب تابعي بصري ثقة، وقد أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث مرسل، وكأن هذا الحديث كان منتشراً بالبصرة، ولكن لم يسنده أحد، فيبقى ضعيفاً بسبب الإرسال.

· انتشار المراسيل في زمن مبكر!

وقد روى الإمام مسلم في ((مقدمة صحيحه)) (1/13) بإسناد صحيح إلى مجاهد قال: جاء بُشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدّث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس، ما لي لا أراك تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس: "إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركِب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف".

قلت: فهذا يدل على انتشار الأحاديث المرسلة في زمن مبكر، وكان من بين هذه الأحاديث ما لا يصح نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما حدا بابن عباس - رضي الله عنها- أن ينبه إلى إسناد هذه الأحاديث وعدم إرسالها؛ لانتشار الكذب وغيره، فابن عباس رفض أن يسمع لهذا التابعي لإرساله الحديث.

قال العلائي في ((جامع التحصيل)) (ص58): "فهذا ابن عباس رضي الله عنهما لم يقبل مراسيل بشير بن كعب، وهو من ثقات التابعين الجلة الذين لم يتكلم فيهم أحد".

قلت: وقد أحسن الإمام مسلم في وضع هذه الحكاية تحت عنوان: ((باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها)).

3- روى الطبري في ((تفسيره)) أيضاً (4/301) عن محمد بن بشار قال: حدثنا عبدالأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عبادة بن الصامت: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر مثله.

ورواه إسحاق بن راهوية في ((مسنده)) والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (2/154) عن طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن عبادة.

قلت: وهذا مرسلٌ أيضاً. فقتادة لم يسمع من عبادة، وهو مدلس، والعلاء الذي روى الحديث السابق يروي عن عبادة مرسل أيضاً.

وهذا الإسناد الذي ذكره ابن راهوية والقضاعي هو الإسناد نفسه للحديث السابق، فأخشى أن يكون معاذ بن هشام قد دخل له إسناد في إسناد؛ وهو صدوق وكان يغلط في الشيء بعد الشيء! وعلى كلّ حال فيبقى الحديث مرسلاً.

4- قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، قال: حدثنا عمران ابن عبدالرحيم، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم، قال: حدثنا عوف الأعرابي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر)) (ذكره ابن كثير في التفسير: 1/465).

ورواه أبو الشيخ في ((طبقات المحدثين بأصبهان)) (3/124) عن أبي صالح بن المهلب، عن الحسن بن عبدالرحمن، عن عثمان بن الهيثم، به.

· سلوك الجادة!

قلت: هذا حديث معلول، أخطأ فيه عثمان بن الهيثم وسلك فيه الجادة عن عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، فهذا الإسناد مشهور معروف وقد أخرج البخاري في ((صحيحه)) عن عثمان بهذا الإسناد عدة أحاديث.

وقد خالفه محمد بن أبي عدي وأبو خالد الأحمر، فروياه عن عوف عن الحسن مرسلاً –كما سبق ذكره- وهو المحفوظ.

قال الدارقطني: "عثمان صدوق كثير الخطأ".

وقال الساجي: "ذكر عند أحمد فأومأ إليه أنه ليس بثبت، ولم يُحدِّث عنه".

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (6/172) في ترجمة ((عثمان بن الهيثم)): "روى عنه أبي وسألته عنه؟ فقال: كان صدوقاً، غير أنه بأخرة كان يتلقن ما لقن".

قلت: فيحتمل أن بعضهم لقنه هذا الإسناد.

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص387): "ثقة تغير فصار يتلقن".

قلت: أخرج له البخاري بعض ما صح من حديثه. قال ابن حجر في ((هدي الساري)) (ص424): "له في البخاري حديث أبي هريرة في فضل آية الكرسي، ذكره في مواضع عنه مطولاً ومختصراً، وروى له حديثاً آخر عن محمد، وهو الذهلي عنه عن ابن جريج، وآخر في العلم صرح بسماعه منه، وهو متابعة".

· كلام بعض المعاصرين على الأحاديث!

هذا وقد تكلم محقق كتاب ((طبقات المحدثين بأصبهان)) عبدالغفور البلوشي على هذا الحديث فلم يحسن الكلام عليه، والله المستعان.

وقد قال الشيخ شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد أثناء تحقيقهما لمسند أحمد وهما يتكلمان على حديث رقم (21522) فضعفاه، قالا: "ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله بل توبة العبد ما لم يغرغر))"، ثُم ذكرا حديث ابن عمر وعبادة وبشير بن كعب، ثم قالا: "ولا يخلو إسناد واحد منها من مقال، لكن بمجموع طرقها يحسن الحديث باللفظ المذكور".

قلت: أنّى ذلك!! فهذه الطرق واهية، ولا تقوي بعضها البعض، والحديث الذي ضعفاه حديث حسن، ويغني عما قالا إن هذا الحديث يغني عنه كما بينته في موضع آخر، ولله الحمد والمنة.

· فائدة:

سُئِل الدّارقطني في ((العلل)) (13/150) عن حديث جُبير بن نُفير، عن ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليقبل توبة عبده ما لم يغرغر))؟

فقال: "يرويه [عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان. واختلف عنه]: فرواه موسى بن [داود، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول]، عن جبير بن نفير، عن ابن عمر.

والصحيح: عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول. كذلك رواه علي بن الجعد وغيره".

قلت: هكذا في العلل، وما بين المعقوفات بياض في الأصل كما ذكر المحقق، وأشار إلى هذا من كتاب ((المختارة)) (13/152)، وقال بأنه سقط منه: "عن أبيه"، وهو في المخطوط (ق/132/ب).

والذي في مطبوع المختارة: "قال الدارقطني: روي عن موسى بن داود عن عبدالرحمن ابن ثابت بن ثوبان عن مكحول عن جبير بن نفير عن ابن عمر. والصحيح: عبدالرحمن ابن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول. كذلك رواه علي بن الجعد وغيره".

قلت: لا شك أن هناك خلل في كلا النّصين! فالدارقطني أراد أن يبيّن الاختلاف على عبدالرحمن بن ثابت، وهو غير واضح من هذين النصين!

ثُمّ إن موسى بن داود (ت216 أو 217هـ)، لا يروي عن عبدالرحمن (ت165هـ)، وبينهما واسطة، وهو: الهيثم بن جميل الأنطاكي، وهذا الذي أراد الدارقطني بيانه.

وقد روى ابن عساكر في ((تاريخه)) (11/114) من طريق الهيثم بن جميل عن ابن ثوبان، عن مكحول، عن عبدالرحمن بن جبير، عن ابن عمر، مرفوعاً، فذكره.

قال ابن عساكر: "كذا جاء في هذه الرواية، وإنما يرويه مكحول عن جبير بن نفير عن ابن عمر".

قلت: فالظاهر أن الدارقطني أراد أن يبيّن مخالفة الهيثم بن جميل لغيره ممن رووه عن ابن ثوبان، ولهذا صحح رواية الجماعة.

وتصحيحه لهذا الإسناد لا يعني أنه يصحح الحديث – كما توهمه بعض الجهلة النكرات ممن قرأت لهم على بعض المنتديات على الشبكة العنكبوتية!!

فمنهج الدارقطني معروف في أنه يبين الاختلاف في الأسانيد على الرواة، ثم يرجح الأسانيد الصحيحة من تلك الاختلافات على الراوي أو الاختلافات من الرواة على شيخهم، وأما تصحيح الحديث أو عدمه، فذلك أمرٌ آخر.

والحمد لله أولاً وآخراً.

وكتب خالد الحايك.

7/5/1429هـ.

شاركنا تعليقك