الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

منهج البخاريّ في إثبات السماع في «التاريخ الكبير» (8).

منهج البخاريّ في إثبات السماع في «التاريخ الكبير» (8).

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

1- يذكر الإمام البخاري السماع في بعض التراجم ثم يأت بما ينقض ذلك، لنفي السماع المُدّعى في الإسناد.

ويكثر ذلك في تراجم الرواة المُتكلّم فيهم. ومن أمثلة ذلك:

قال في ((التاريخ الكبير)) (3/370): "زياد بن ميمون أبو عمارة البصري الثقفي صاحب الفاكهة: سمع أنساً. تركوه. قال علي بن نصر: أخبرنا بشر بن عمر: سألت زياد بن ميمون أبا عمارة عن حديثٍ رواه عن أنس؟ فقال: "ويحكم، احسبوا كنت يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً، قد رجعت عما كنت أحدث به عن أنس. لم أسمع من أنس شيئاً". كناه محمد بن يزيد الواسطي".

قلت: ذكر البخاري سماعه من أنس بحسب ما يدّعيه، ثم أتى بهذه القصة التي اعترف هو نفسه فيها بأنه لم يسمع من أنس.

2- قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/357): "طريف بن سلمان أبو عاتكة: سمع أنساً: طلب العلم فريضة. حدثنيه أحمد بن صباح: حدثنا حماد الحناط: سمع طريفاً".

قال أبو عبدالله: "منكر الحديث".

قلت: قول البخاري بأنه منكر الحديث نقض لذكر السماع الذي ادّعاه في هذا الحديث! فأنس لم يحدّث به قط.

والأمثلة على هذا كثيرة عند الإمام البخاري، فلا يظنن ظان أن البخاري يثبت مثل هذا السماع لمثل هؤلاء المتروكين والكذابين.

ثم وجدت بعض من لا يفقه كلام الإمام البخاري يعوّل على مثل هذا السماع!!!

ذكر محمود سعيد ممدوح في كتابه ((التعريف)) (6/316) حديث محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن مِكْنف، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّ أُحداً جبلٌ يحبنا ونحبه، وهو على تُرعة من ترع الجنة، وعَيرٌ على ترعة من ترع النار)).

ثم ردّ تضعيف الشيخ الألباني له في ((ضعيف ابن ماجة)) وفي ((الضعيفة)) (4/298).

ثم تعلّق محمود سعيد هذا بذكر عبدالله بن مكنف السماع من أنس، ثم نقل قول البخاري في ((التاريخ الكبير)) (5/193): "عبدالله بن مكنف: سمع أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحد جبل يحبنا ونحبه وهو على ترع من ترع الجنة وعير على ترع النار. قاله يوسف بن بهلول حدثناه عبدة عن محمد بن إسحاق. فيه نظر".

ثم قال: "وقوله: فيه نظر، يحتمل ابن مكنف، أو الحديث، أو الإسناد، وأرى –والله أعلم- أن الضمير يعود على أقرب مذكور، فأراد البخاري الإسناد، لأن محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع من عبدالله بن مكنف، وبينهما عبدالله بن أبي بكر بن حزم، وهذا محل نظر وتوقف البخاري. ويؤيده قول ابن حبان في ((المجروحين)) (2/6): ((عبدالله بن مكنف: شيخ يروي عن أنس بن مالك، روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار، لا أعلم له سماعاً من أنس، ولا لمحمد بن إسحاق عنه، وهذا منقطع من جهتين، لا يجوز الاحتجاج به)). فإذا كان ابن حبان لا يعلم راوياً عن الرجل فهذه صفة المجهولين، وهو معنى قوله ((لا يجوز الاحتجاج به))، بيد أنه قد سمع من أنس كما تقدم في سياق ابن ماجة..." إلخ كلام محمود سعيد.

قلت: أراد الإمام البخاري نفي السماع الوارد في الحديث، وأنه لم يسمعه من أنس، وعلى هذا بنى ابن حبان كلامه.

وقول محمود سعيد مردود جملة وتفصيلاً، وهمّه فقط هو تتبع الشيخ الألباني مهما كلّفه الأمر!!

وما هكذا تورد يا سعد الإبل.

15/6/2008م.

شاركنا تعليقك