الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

تعليل النقّاد لحديث الثقة إذا تفرد به - حديث: «كلّ خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء».

تعليل النقّاد لحديث الثقة إذا تفرد به! حديث: «كلّ خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء»!

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

· إشارة البخاري إلى تضعيفه:

قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (7/229): "كُليب بن شهاب الجرمي. يُعدّ في الكوفيين. سمع علياً وعمر. روى عنه ابنه عاصم وإبراهيم بن مهاجر.

قال موسى: حدثنا عبدالواحد قال: حدثنا عاصم بن كليب قال: حدثنا أبي قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلّ خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء))".

قلت: من عادة البخاري أنه يورد في ترجمة الراوي أغرب ما روى أو أغرب ما رُوي عنه.

وإيراده لهذا الحديث هنا إشارة منه إلى تضعيفه، وأن كليباً لم يسمعه من أبي هريرة.

وهذا الحديث رواه ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) (5/339) عن يونس بن محمد. وإسحاق بن راهوية في ((مسنده)) (1/290) عن المخزومي. وأحمد في ((مسنده)) (2/302) و (2/343) عن عبدالرحمن بن مهدي وعفّان. وأبو داود في ((سننه)) (4/261) عن مسدد وموسى بن إسماعيل. وابن حبان في ((صحيحه)) (7/36) من طريق حبان بن هلال. كلّهم عن عبدالواحد بن زياد، قال: حدثنا عاصم بن كليب، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلّ خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء)).

ورواه الترمذي في ((جامعه)) (3/414) عن أبي هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد ابن فضيل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء)).

قال أبو عيسى: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ".

· نقل أحكام الترمذي من الأصول:

قلت: وهكذا نقل المزي في ((التحفة)) (10/299)، وجاء في مطبوع الترمذي: "حسن صحيح غريب"، وهكذا نقله الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (169)، وشعيب الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان (7/36)، وكلّ ذلك خطأ، والصواب ما أثبته المزي في التحفة.

· تصحيح الشيخ الألباني للحديث وكذلك الشيخ شعيب!

والحديث صححه الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) رقم (169). وقال الشيخ شعيب: "إسناده صحيح".

قلت: بل هو ضعيف كما أشار البخاري. وقد روى البيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/209) من طريق أبي الفضل أحمد بن سلمة قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبدالواحد بن زياد". فقلت له: حدثنا أبو هشام الرفاعي: حدثنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء))؟ فقال مسلم: "إنما تكلم يحيى بن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل".

قال البيهقي: "عبدالواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به".

· تفرد الثقة بحديث عن راوٍ مشهور وأصحابه كُثر!

قلت: كلا! فإنه تفرد بالحديث عن رجلٍ مشهور روى عنه أئمة الكوفة. فعاصم بن كليب روى عنه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وشعبة وأبو عوانة وغيرهم من الأئمة الثقات المشهورين، فلو كان الحديث عند عاصم لوجدناه عند بعض هؤلاء. ومن هنا جاء استغراب أهل النقد تفرد عبدالواحد بهذا الحديث، وإلى هذا يومئ تصرف البخاري، وكلام الإمام مسلم رحمهما الله.

· "أضعفنا طلباً وأكثرنا غرائب".. جرحٌ شديد!

وكذلك حديث أبي هشام الرفاعي غريب عن ابن فضيل! وقد تكلّم أهل العلم في أبي هشام بسبب غرائبه! وكان ابن نُمير - بلديه- يقول: "أضعفنا طلباً وأكثرنا غرائب".

قلت: وهذا جرحٌ شديد فيه، فلا يقبل تفرده أبداً.

ويبقى تفرد عبدالواحد بن زياد به، وهو وإن كان ثقة، إلا أن بعض أهل العلم تكلموا فيه. ولا يثبت حديثه هذا، فكأنه دخل له حديث في حديث، والله اعلم.

وكتب: خالد الحايك.

20 جمادى الأولى 1429هـ.

شاركنا تعليقك