الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

تعقّب فيه نظر للشيخ حسين سليم أسد على ابن حجر!

تعقّب فيه نظر للشيخ حسين سليم أسد على ابن حجر!

 

بقلم: خالد الحايك.

 

عَرض الشيخ أسد أثناء تحقيقه لمسند أبي يعلى (9/199) لحديث أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبدالرحمن عن أبيه عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبدٍ قط إذا أصابه همٌّ وحَزن: اللهم إني عبدك، وابن عبدك...)) الحديث.

نقل الشيخ كلام الأئمة في ترجمة أبي سلمة الجهني ومنها ما قاله ابن حجر في ((اللسان)): "وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه، وأحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وتعقبه المؤلف –يعني الذهبي- بما ذكره هنا فقط –أي بقوله: لا يُدرى من هو-، والحقّ أنه مجهول الحال، وابن حبان يذكر أمثاله في الصحيح إذا كان ما رواه ليس بمنكر".

ثُم قال الشيخ أسد: ((نقول: إنّ دعوى الحافظ مردودة بأمرين: الأول: لأن البخاري قد احتج بيزيد بن رباح المدني، والوليد بن عبدالرحمن الجارودي، ومحمد بن الحكم المروزي، وليس لكل منهم إلا راوٍ واحد، والأخير منهم جهله أبو حاتم، ولم يوثقه غير ابن حبان. ولأن مسلماً أيضاً احتج بجابر بن إسماعيل، ولم يرو عنه غير ابن وهب، ولم يوثقه غير ابن حبان. وقال ابن الصلاح في المقدمة ص: (54): "قلت: قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد...". ومن هذا يتضح أن هذا المذهب لم يبتدعه، ولم ينفرد به ابن حبان، وإنما سبقه إليه أكثر من إمام من أئمة هذا الشأن.

والأمر الثاني: أن ابن حبان –وهو العَلَم في هذا المضمار- قد وضح شروطه، وبين أسلوبه في مقدمة صحيحه إذ قال: "وأما شرطنا في نقلة ما أودعنا كتابنا هذا من السنن فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:

الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.

والثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.

والثالث: العقل بما يحدث من الحديث.

والرابع: العلم بما يحيل من معاني ما يروي.

والخامس: المتعري خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس احتججنا بحديثه وبينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس، لم نحتج به. انظر مقدمة الصحيح: 1/139-140.

ثُم تحدث عن كل شرط من هذه الشروط وقال: "فمن صح عندي منهم بالبراهين الواضحة، وصحة الاعتبار على سبيل الدين أنه ثقة احتججت به، ولم أعرِّج على قول من قدح فيه، ومن صح عندي بالدلائل النيرة، والاعتبار الواضح على سبيل الدين أنه غير عدل لم أحتج به، وإن وثقه بعض أئمتنا".

وهذه الشروط الدقيقة تتطلب الجهد الكبير، واليقظة التامة، والإحاطة الواسعة - وقد التزم بها هذا الإمام الكبير ولم يخل إلا فيما لا يخلو فيه عالم، أو كتاب، من السهو والغلط، أو من اختلاف الرأي في الجرح والتعديل، والتوثيق والتضعيف، والتعليل والترجيح- لا مجال فيها لتوثيق مجهول، أو تضعيف ثقة، فإنه - أي أبو سلمة - أقل ما يقال فيه: إنه حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات)) انتهى كلام الشيخ.

قلت: على كلامه ملحوظات:

1- تعقبه لابن حجر مردود؛ لأن ابن حجر لم يتكلم على مسألة من لم يرو عنه إلا واحد! فكأن الشيخ يرى أن ابن حجر لا يقبل حديث هؤلاء، وهذا فيه نظر! فلا يخفى على ابن حجر ما استدركه الشيخ أسد عليه، فهو شارح لصحيح البخاري وعالم الرّجال.

والذي يتكلّم عليه ابن حجر هو أن ابن حبان يورد في ثقاته من لا يوجد فيهم جرح ولا تعديل، ويصحح حديثهم إذا لم يكن منكراً كما نص عليه في مقدمة الثقات، فأبو سلمة بهذا الاعتبار يُقبل حديثه عند ابن حبان، وردّ ذلك ابن حجر لأن حاله مجهولة، لا لأنه لم يرو عنه إلا واحد.

2- أما فيما يتعلق بالأمر الثاني فكلام طيب لو أن ابن حبان طبّقه حقيقة، فكم من مجهول لا يعرف خرّج له في صحيحه، وكم من حديث معلول مشى فيه على ظاهر الإسناد وصححه.

3- قوله إن أبا سلمة على أقل أحواله حسن الحديث غير صحيح، فهو مجهول ولا يعرف عنه شيء، وقد تفرد بحديث عن آل بيت مشهورين، فأين أهل الحديث في الكوفة عن هذا الحديث؟! وقاعدة ابن حبان في من لا يعرف فيهم جرح ولا تعديل قاعدة أصيلة، ولكنه أسرف فيها.

والخلاصة أن هذا الحديث ضعيف، وأبو سلمة مجهول لا تعرف حاله كما قال ابن حجر.

شاركنا تعليقك