الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

من منهج الألباني في التصحيح والتضعيف.

مِن منهج الألباني في التصحيح والتضعيف!

1- أحاديث صححها وضعفها الألباني في الوقت نفسه:

إنّ من أهم الانتقادات الموجهة إلى عمل الألباني في التصحيح والتضعيف هو ما نراه من تناقض في تصحيحه لكثير من الأحاديث وتضعيفها في الوقت نفسه! ومنها:

ما رواه أبو داود في ((سننه)) (4/282) عن هارون بن عبدالله ومحمد بن العلاء، قالا: أخبرنا أبو أسامة، عن مفضل بن يونس، عن الأوزاعي، عن أبي يسار القرشي، عن أبي هاشم، عن أبي هريرة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء! فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((ما بالُ هذا؟)). فقيل: يا رسول الله، يتشبه بالنساء، فأمر فنفي إلى النَقيع. فقالوا: يا رسول الله، ألا نقتله؟ فقال: ((إني نُهيت عن قتل المصلين)). قال أبو أسامة: "والنَقيع ناحية عن المدينة، وليس بالبَقيع".

قال الألباني في ((ضعيف الترغيب والترهيب)) رقم (1260): "منكر". وأورد جزءاً منه في ((صحيح الجامع)) رقم (2506)، وهو: ((إني نهيت عن قتل المصلين))، وعزاه لأبي داود عن أبي هريرة!!

قلت: كلّه منكر! فكيف يقتص منه جزءاً ويصححه؟! وقد سُئل الدارقطني عن هذا الحديث في ((العلل)) (11/230)؟ فقال: "يرويه الأوزاعي. واختلف عنه: فرواه مُفضل بن يونس عن الأوزاعي عن أبي يسار القرشي عن أبي هاشم عن أبي هريرة. وخالفه عيسى بن يونس، فرواه عن الأوزاعي عن بعض أصحابه: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم".

قال الدارقطني: "وأبو هاشم وأبو سيار مجهولان، ولا يثبت الحديث".

2- ومن منهجه أيضاً أنه يضعف حديثاً بإسناد، ثم يصحح حديثاً آخر بالإسناد نفسه:

روى أبو داود وابن ماجة وغيرهما عن شريك القاضي عن أبي اليقظان عن عدي ابن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي والوضوء عند كل صلاة.

قال أبو داود: "هو حديثٌ ضعيف".

قال الألباني: "صحيح". ((صحيح أبي داود)) رقم (286). و((صحيح ابن ماجة)) رقم (508).

وروى الترمذي وابن ماجة وغيرهما عن شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رفعه، قال: ((العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة والحيض والقيء والرعاف من الشيطان)).

قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب! لا نعرفه إلا من حديث شريك عن أبي اليقظان. قال: وسألت محمد بن إسماعيل عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده، قلت له: ما اسم جد عدي؟ قال: لا أدري، وذكر عن يحيى بن معين قال: اسمه دينار".

قال الألباني: "ضعيف". ((ضعيف الترمذي)) رقم (522). و ((ضعيف ابن ماجة)) رقم (204).

قلت: الحديثان رواهما شريك عن أبي اليقظان بهذا الإسناد، فإن صحح أحدهما فينبغي أن يصحح الآخر، والعكس! أما أن يصحح إسناداً ويضعف آخر، فلا.

والألباني في التصحيح والتضعيف ينظر إلى متن الحديث، ولا يهمه الإسناد، فصحح الأول لأنه معروف من طرق أخرى! وهذا لا يصلح على قواعد أئمة النقد.

3- ومن منهجه: أنه يضعّف بعض الأسانيد، ثُمّ يورد المتون التي رُويت بالأسانيد التي ضعفها في الكتب المفردة التي صنعها لبعض كتب السنن:

وهذه الطريقة غالبة على الألباني، وأمثلتها كثيرة جداً، ومنها:

ما ذكره في ((إرواء الغليل)) (3/408) حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً: ((لا ضرر ولا ضرار)).

قال الشيخ: "حديث عبادة يرويه موسى بن عقبة، حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عنه مرفوعاً به. أخرجه ابن ماجة (2340)...

قلت: وهذا سندٌ ضعيف، قال الحافظ في ((الدراية)) (ص373): "وفيه انقطاع. يعني بين إسحاق وعبادة كما يأتي، وفيه علّة أخرى، وهي جهالة حال إسحاق هذا، قال الحافظ في ((التقريب)): "مجهول الحال". وقال البوصيري في ((الزوائد)): "هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع". وقال في مكان آخر: "هذا إسناد ضعيف، لضعف إسحاق ابن يحيى بن الوليد، وأيضاً لم يدرك عبادة بن الصامت، قاله البخاري وابن حبان وابن عدي".

قلت: إسحاق لم يضعفه أحد. ولا وثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة. فالصواب أنه مجهول". انتهى كلام الشيخ.

وقد ذكر الألباني هذا الحديث في ((صحيح ابن ماجة)) رقم (1895).

قلت: لا يجوز أن يوضع هذا الحديث الذي روي بإسناد منكر في ((صحيح ابن ماجة))! ولو كان المتن صحيحاً! لأننا نتعامل مع طرق وأسانيد.

وهذا الحديث ليس بمحفوظ عن عبادة! ولم يأت عن عبادة إلا في هذا الإسناد! وهذا إسناد منكر. وهو إسناد لنسخة يرويها فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن إسحاق عن عبادة، وإسحاق لم يدرك عبادة! وإسحاق بن يحيى ليس بمجهول كما زعم، ولا مجهول الحال كما زعم ابن حجر! وهو ضعيف كما قال الدارقطني في ((السنن)) (4/202)، وذكره ابن عدي في الضعفاء (1/339). وقال الذهبي: "منكر الحديث" (ديوان الضعفاء والمتروكين: 1/77).

فأين كلام الألباني: إسحاق لم يضعفه أحد؟!!

وكتب: خالد الحايك.

1 ذو القعدة 1428هـ.

 

شاركنا تعليقك