الموقع الرسمي للشيخ الدكتور خالد الحايك

منهج البخاريّ في إثبات السماع في «التاريخ الكبير» (3).

منهج البخاريّ في إثبات السماع في «التاريخ الكبير» (3).

 

بقلم: أبي صهيب الحايك.

 

إذا أثبت الإمام البخاري السماع في الترجمة ولم نجد ما يخالف هذا من خلال تراجمه الأخرى فإن ذلك يعني أنه يرى ذلك السماع الوارد في الإسناد صحيحاً.

روى شيبة بن الأحنف الأوزاعي، قال: حدثنا أبو سلام الأسود، قال: حدثنا أبو صالح الأشعري، عن أبي عبدالله الأشعري، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ثم جلس في طائفة منهم، فدخل رجلٌ فقام يصلي، فجعل يركع وينقر في سجوده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أترون هذا؟ من مات على هذا، مات على غير ملة محمد. ينقر صلاته كما ينقر الغراب الدم، إنما مثل الذي يركع وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا التمرة والتمرتين، فماذا تغنيان عنه. فأسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار. أتموا الركوع والسجود)).

قال أبو صالح: فقلت لأبي عبدالله الأشعري: من حدّثك بهذا الحديث؟ فقال: "أمراء الأجناد: عمرو بن العاص وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة. كلّ هؤلاء سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم".

رواه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (1/332)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (2/426) من طريق صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن شيبة، به.

ورواه ابن ماجة في ((سننه)) (1/155) عن العباس بن عثمان وعثمان بن إسماعيل الدمشقيان، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا شيبة بن الأحنف، عن أبي سلام الأسود، عن أبي صالح الأشعري: حدثني أبو عبدالله الأشعري، عن خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص، كل هؤلاء سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتموا الوضوء ويل للأعقاب من النار)).

وقد اعتمد الإمام البخاري على هذا الحديث في الترجمة لهؤلاء الرواة:

قال في ((الكنى)) (ص48): "أبو عبدالله الأشعري. روى عنه أبو صالح الأشعري وإسماعيل بن عبيدالله. سمع خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان".

وتبعه على ذلك أبو حاتم. قال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (9/400): "أبو عبدالله الأشعري: سمع خالد بن الوليد ويزيد بن أبى سفيان وشرحبيل بن حسنة. روى عنه أبو صالح الأشعري وإسماعيل بن عبيدالله. سمعت أبي يقول ذلك".

وكذلك ابن حبان فذكره في ((الثقات)) (5/577) فقال: "أبو عبدالله الأشعري: يروي عن خالد بن الوليد وأمراء الأجناد. روى عنه أبو صالح الأشعري".

وقال الذهبي في ((المقتنى في سرد الكنى)) (1/362): "أبو عبدالله الأشعري: تابعي كبير. روى أبو سلام ممطور عن أبي صالح الأشعري عنه. ولحقه إسماعيل بن أبي المهاجر".

وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/242): "شيبة بن الأحنف الأوزاعي. يُعدّ في الشاميين. سمع أبا سلام الأسود. روى عنه الوليد بن مسلم".

وقال في ((التاريخ الكبير)) (4/247): "شرحبيل بن حسنة القرشي، وحسنة أمه من أهل اليمن، أخو عبدالرحمن بن حسنة. قال لي صفوان بن صالح أبو عبدالملك: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا شيبة بن الأحنف الأوزاعي: سمعت أبا سلام الأسود: حدثني أبو صالح الأشعري: أنه سمع أبا عبدالله الأشعري: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثم جلس في طائفة منهم ودخل رجل..."، وذكر الحديث.

وقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/336): "شيبة بن الأحنف أبو النضر الأوزاعي، شامي. روى عن أبي سلام الأسود. روى عنه هشام أبو عبدالله صاحب الصدقة والوليد بن مسلم. سمعت أبي يقول ذلك. حدثني أبي: سمعت دحيماً يقول: لم أسمع من الوليد بن مسلم من حديث شيبة ابن الأحنف شيئاً".

وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6/445) فقال: "شيبة بن الأحنف الأوزاعي من أهل الشام. يروي عن أبي سلام الأسود. روى عنه الوليد بن مسلم".

وقال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (23/245): "شيبة بن الأحنف أبو النضر الأوزاعي. روى عن أبي الإسلام الأسود وشعبة بن الحجاج. روى عنه الوليد بن مسلم وأبو عبدالله هشام صاحب الصدقة ومحمد بن شعيب بن شابور". ونقل عن عثمان بن سعيد الدارمي عن دحيم قال: "كان الوليد يروي عنه ما سمعت أحداً يعرفه!".

وذكره أبو زرعة الدمشقي في ذكر نفر ذوي أسنان وعلم.

وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص269): "مقبول من السابعة".

وقد يستغرب البعض هذا الحديث من جهة اجتماع أمراء الأجناد على روايته! فأقول: هذا لا يستغرب؛ لأن هؤلاء الأربعة الذين ذكروا في الحديث أرسلهم أبو بكر إلى الشام لملاقاة الروم، والحديث يتعلق بالصلاة، وهو مما يحرص عليه الأمراء والاعتناء به، فالحديث حسن، والله أعلم.

شاركنا تعليقك